منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 علماء الحديث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:24 am

لقد منّ الله سبحانه وتعالى علينا بأن جعلنا خير أمة أُخرجت للناس، وأرسل إلينا أفضل رسول، وأنزل علينا أفضل كتاب، ولم يمُت رسولُ الله - صل الله عليه وسلم - إلا وقد بلغ الرسالة بلاغًا تامًا كاملاً على خير وجه، وقد حفظ الله تعالى للمسلمين دينَهم وسنةَ نبيهم؛ فأما القرآن فإنَّ الله تعالى تَولّى حِفظه بنفسه ولم يَكِلْ ذلك إلى أحد من خلقه، فقال سبحانه:{إِنّا نَحْنُ نَزّلنا الذِّكرَ وإِنّا لهُ لحافظون}، فظهر مِصداقُ ذلك مع طول العهد، وتوالي الأيام، وتعاقبِ الشهور والسنين، واتساعِ رُقعة الإسلام.


وأما السُّنَّةُ فإنَّ الله تعالى قد وفَّق لنقلها صحابةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فنقلوها إلى التابعين لهم بكل أمانة، والتابعون لم يألوا جهدًا في تبليغها إلى أتباعهم، ثم ما زال يأخذ اللاحق عن السابق حتى وصلت السنة إلينا. ولكن مع توالي العصور وتعاقب الدهور دعت الحاجةُ إلى ظهور أنواعٍ من العلوم المتعلقة بدراسة هذه الأسانيد عن رسول الله - صل الله عليه وسلم -، وكذلك المتون التي تُدلي بها تلك الأسانيد، وقد وَفَّق الله تعالى لهذه الدراسة حُفَّاظاً عارفين، وجهابذةً عالمين، وصيارفةً ناقدين، ينفون عن سنة الرسول الكريم تحريف الغالين، وانتحال المُبْطلين، وتأويل الجاهلين؛ فتفرغوا لها، وجابوا الأرض في طلبها، وأفنَوا أعمارَهم في تحصيلها، وأجهدوا ذهنهم في بيان عللها وأحوالها، وتمييزِ صحيحها من سقيمها، فجزاهم اللهُ عن الإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجزاءِ!


من أجل ذلك كان حقيقًا بمن جاء بعدهم أن يعرف لعلماء الحديث قدرهم، وينزلهم منزلتهم، ويتعرف على جملةٍ من أحوالهم، وأن يذب عنهم ويرد غيبتهم؛ برًا بهم واعترافًا بجميلهم .. 

فلولا الله ثم تضحياتهم ما وصل إلينا هذا الدين! وتأمل ما أسنده الإمام الخطيب البغدادي في كتابه (الكفاية في علم الرواية) عن الإمام أبي زرعة الرازي حيث قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندنا حقٌ والقرآنَ حقٌ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحابُ رسول الله - صل الله عليه وسلم -، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرحُ بهم أولَى، وهم زنادقة".




ثمرات دراسة أخبار أعلام المحدثين:
وفي مطالعة أخبار هؤلاء الأعلام وما بذلوه في خدمة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوائد عديدة، منها: الثقة بما في أيدينا من نصوص السنة، وأن أعلام الحديث قد نقدوها ونقدوا أسانيدها حتى صح لنا نسبتها لرسول الله - صل الله عليه وسلم - .. ومنها أن في أخبار القُدوات الكبار والمصلحين العظام من علماء الحديث مادةٌ للتجديد والبعث الجديد في حياة الأمة، ويستعان بها في إيقاظ هِمم المسلمين وإلهاب قلوبهم بجذوة الإيمان والحماسة للدين، قال تعالى: "لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب"، وقال الإمام أبو حنيفة: "الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إليَّ من كثير من الفقه؛ لأنها من آداب القوم وأخلاقهم"، وقال الجنيد رحمه الله تعالى: "الحكايات جندٌ من جنود الله يثبت الله بها قلوب أوليائه، فقيل له هل لهذا من شاهد؟ قال: شاهده قوله تعالى: {وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك}".
فما أعظم تلك الثمرات التي يجنيها المطالع في أخبار أعلام المحدثين! فإن النفس تتوق إلى محاكاة العظماء واقتفاء آثارهم والنسج على مِنوالهم، حتى يخرج إلينا جيلٌ حريصٌ على العودة بالأمة إلى ريادتها وسابق عهدها.








الإمام البخارى 


الإمام مسلم 


الإمام الترمذى


الإمام النسائى


الإمام ابن ماجة


الإمام الألبانى


الإمام عبدالرازق


الإمام ابن عبدالبر


الإمام الحافظ بن حجر العسقلانى


الإمام ابن الجوزى


الإمام أبو داوود


الإمام الدرامى


الإمام الدراقطنى


الإمام الحاكم 


الإمام النووى


الإمام البيهقى



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:25 am

الإمام البخاري نسبه ونشأته

علماء الحديث 102_image002هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه، أبو عبد الله البخاري الحافظ إمام أهل الحديث في زمانه. وُلِد البخاري (رحمه الله) في شوال سنةَ أربع وتسعين ومائة، ومات أبوه وهو صغير، فنشأ في حجر أمه، فألهمه الله حفظ الحديث وهو في المكتب، وقرأ الكتب المشهورة وهو ابن ست عشرة سنة، حتى قيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردًا.




شيوخ الإمام البخاري

سمع بمسقط رأسه بخارى من الجعفي المسندي، ومحمد بن سلام البيكندي، وجماعة ليسوا من كبار شيوخه، ثم رحل إلى بلخ، وسمع هناك من مكي بن إبراهيم وهو من كبار شيوخه، وسمع بمرو من عبدان بن عثمان، وعلي بن الحسن بن شقيق، وصدقة بن الفضل. وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى، وجماعة من العلماء، وبالري من إبراهيم بن موسى.
ثم رحل إلى مكة وسمع هناك من أبي عبد الرحمن المقرئ، وخلاد بن يحيى، وحسان بن حسان البصري، وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي، والحميدي. وسمع بالمدينة من عبد العزيز الأويسي، وأيوب بن سليمان بن بلال، وإسماعيل بن أبي أويس.
وأكمل رحلته في العالم الإسلامي آنذاك، فذهب إلى مصر ثم ذهب إلى الشام وسمع من أبي اليمان، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن عياش، وبشر بن شعيب، وقد سمع من أبي المغيرة عبد القدوس، وأحمد بن خالد الوهبي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبي مسهر، وآخرين.
تلامذة الإمام البخاري

روى عنه خلائق وأمم، وقد روى الخطيب البغدادي عن الفِرَبْرِيِّ أنه قال: "سمع الصحيح من البخاري معي نحو من سبعين ألفًا، لم يبقَ منهم أحد غيري". وقد روى عنه حماد بن شاكر، وإبراهيم بن معقل، وطاهر بن مخلد، وآخر من حدَّث عنه أبو طلحة منصور بن محمد بن علي البردي النسفي، وقد تُوفِّي النسفي هذا في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ووثَّقه الأمير أبو نصر بن ماكولا. وممن روى عن البخاريِّ مسلمٌ في غير الصحيح، وكان مسلم تتلمذ له ويعظمه، وروى عنه الترمذي في جامعه، والنسائي في سننه في قول بعضهم، وقد دخل بغداد ثماني مرات، وفي كلٍّ منها يجتمع بالإمام أحمد، فيحثه أحمد على المقام ببغداد، ويلومه على الإقامة بخراسان.


ملامح شخصية الإمام البخاري

تميَّز الإمام البخاري بصفات عذبة وشمائل كريمة، لا تتوافر إلا في العلماء المخلصين، وهذه الصفات هي التي صنعت الإمام البخاري.
1- الإقبال على العلم. قام البخاري بأداء فريضة الحج وعمره ثماني عشرة سنة، فأقام بمكة يطلب بها الحديث، ثم رحل بعد ذلك إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها، وكتب عن أكثر من ألف شيخ.
2- الجِدُّ في تحصيل العلم. وقد كان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه، فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطره، ثم يُطفئ سراجه، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبًا من عشرين مرة.
3- قوة الحفظ. وقد ذكروا أنه كان ينظر في الكتاب مرة واحدة، فيحفظه من نظرة واحدة، والأخبار عنه في ذلك كثيرة.
4- أمير المؤمنين في الحديث. دخل مرة إلى سمرقند فاجتمع بأربعمائة من علماء الحديث بها، فركَّبوا أسانيد، وأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وخلطوا الرجال في الأسانيد، وجعلوا متون الأحاديث على غير أسانيدها، ثم قرءوها على البخاري، فردَّ كل حديث إلى إسناده، وقوَّم تلك الأحاديث والأسانيد كلها، وما تعنتوا عليه فيها، ولم يقدروا أن يجدوا عليه سقطة في إسناد ولا متن، وكذلك صنع في بغداد.


من كرم البخاري وسماحته

كان لا يفارقه كيسه، وكان يتصدق بالكثير، فيأخذ بيده صاحبَ الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين، وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد.




من ورع الإمام البخاري

قال محمد بن إسماعيل البخاري: "ما وضعت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين".
وكان الحسين بن محمد السمرقندي يقول: "كان محمد بن إسماعيل مخصوصًا بثلاث خصال، مع ما كان فيه من الخصال المحمودة: كان قليل الكلام، وكان لا يطمع فيما عند الناس، وكان لا يشتغل بأمور الناس، كل شغله كان في العلم".
من كلمات البخاري

- "لا أعلم شيئًا يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة".
- "ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه".


مؤلفات البخاري

وقد صنَّف البخاري ما يزيد على عشرين مصنفًا، منها:

- الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صل الله عليه وسلم وسننه وأيامه، المعروف بـ(الجامع الصحيح).
- الأدب المفرد. وطُبع في الهند والأستانة والقاهرة طبعات متعددة.
- التاريخ الكبير. وهو كتاب كبير في التراجم، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد طبع في الهند سنة (1362هـ/ 1943م).
- التاريخ الصغير. وهو تاريخ مختصر للنبي صل الله عليه وسلم وأصحابه، ومن جاء بعدهم من الرواة إلى سنة (256هـ/ 870م)، وطبع الكتاب أولَ مرة بالهند سنة (1325هـ/ 1907م).
- خلق أفعال العباد. وطبع بالهند سنة (1306هـ/ 1888م).
- رفع اليدين في الصلاة. وطبع في الهند أولَ مرة سنة (1256هـ/ 1840م)، مع ترجمة له بالأوردية.
- الكُنى. وطبع بالهند سنة (1360هـ/ 1941م).
وله كتب مخطوطة لم تُطبع بعدُ، مثل: التاريخ الأوسط، والتفسير الكبير.


صحيح البخاري

هو أشهر كتب البخاري، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي قاطبةً. بذل فيه صاحبه جهدًا خارقًا، وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا، هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث. ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل، فيقول: "كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صل الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع (الجامع الصحيح)".
وعدد أحاديث الكتاب 7275 حديثًا، اختارها من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه؛ لأنه كان مدقِّقًا في قبول الرواية، واشترط شروطًا خاصة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصرًا لمن يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معًا، هذا إلى جانب الثقة والعدالة والضبط والإتقان والعلم والورع.
وكان البخاري لا يضع حديثًا في كتابه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين. وابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه، ولكن عاود النظر فيه مرة بعد أخرى، وتعهده بالمراجعة والتنقيح؛ ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي عليها الآن.
وقد استحسن شيوخ البخاري وأقرانه من المحدِّثين كتابه، بعد أن عرضه عليهم، وكان منهم جهابذة الحديث، مثل: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين؛ فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث، ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى.
وقد أقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح بالشرح والتعليق والدراسة، بل امتدت العناية به إلى العلماء من غير المسلمين؛ حيث دُرس وتُرجم، وكُتبت حوله عشرات الكتب.




ثناء العلماء على الإمام البخاري

قال أبو نعيم أحمد بن حماد: "هو فقيه هذه الأمة". وكذا قال يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومنهم من فضَّله في الفقه والحديث على الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقال قتيبة بن سعيد: "رحل إليَّ من شرق الأرض وغربها خلق، فما رحل إليَّ مثل محمد بن إسماعيل البخاري".
وقال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي: "محمد بن إسماعيل البخاري أفقهنا وأعلمنا وأغوصنا وأكثرنا طلبًا". وقال إسحاق بن راهويه: "هو أبصر مني". وقال أبو حاتم الرازي: "محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق".
وقد أثنى عليه علماء زمانه من شيوخه وأقرانه؛ قال الإمام أحمد: "ما أخرجت خراسان مثله". وقال علي بن المديني: "لم ير البخاري مثل نفسه". وقال إسحاق بن راهويه: "لو كان في زمن الحسن لاحتاج الناس إليه في الحديث ومعرفته وفقهه". وقال أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير: "ما رأينا مثله". وقال علي بن حجر: "لا أعلم مثله".
وفاة الإمام البخاري

كانت وفاته ليلة عيد الفطر سنةَ ستٍّ وخمسين ومائتين، وكان ليلة السبت عند صلاة العشاء، وصلى عليه يوم العيد بعد الظهر، وكُفِّن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة وفق ما أوصى به، وحينما دفن فاحت من قبره رائحة غالية أطيب من ريح المسك، ثم دام ذلك أيامًا، ثم جعلت ترى سواري بيض بحذاء قبره، وكان عمره يوم مات ثنتين وستين سنة. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.




المراجع

- البداية والنهاية، ابن كثير.
- الوافي في الوفيات، صلاح الدين الصفدي.
- سير أعلام النبلاء، الذهبي.
- تهذيب الكمال، ج1، ص516.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:26 am

الإمام مسلم اسمه ولقبه:

علماء الحديث 110_image002هو الإمام الحافظ المجوِّد الحُجَّة الصادق، أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري. وقُشَير قبيلة من العرب معروفة، ونيسابور مدينة مشهورة بخراسان من أحسن مدنها، وأجمعها للعلم والخير. وُلِد بنيسابور سنةَ 206هـ/ 821م.


الإمام مسلم .. الطفولة والنشأة

نشأ الإمام مسلم في بيت تقوى وصلاح وعلم، فقد كان والده حجاج بن مسلم القشيري أحد محبي العلم، وأحد من يعشقون حلقات العلماء، فتربى الإمام وترعرع في هذا الجوِّ الإيماني الرائع. وقد بدأ الإمام مسلم (رحمه الله) رحلته في طلب العلم مبكرًا، فلم يكن قد تجاوز الثانية عشرة من عمره حين بدأ في سماع الحديث؛ قال الذهبي: "وأول سماعه في سنة ثماني عشرة من يحيى بن يحيى التميمي، وحج في سنة عشرين وهو أمرد".


شيوخ الإمام مسلم

للإمام مسلم (رحمه الله) شيوخ كثيرون، بلغ عددهم مائتين وعشرين رجلاً، وقد سمع بمكة من عبد الله بن مسلمة القعنبي، فهو أكبر شيخ له، وسمع بالكوفة والعراق والحرمين ومصر.
ومن أبرز هؤلاء الأئمة: يحيى بن يحيى النيسابوري، وقتيبة بن سعيد، وسعيد بن منصور، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأبو كريب محمد بن العلاء، وأبو موسى محمد بن المثنى، وهناد بن السري، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وعبد الله الدَّارِمِي، وإسحاق الكوسج، وخلق سواهم.


تلاميذ الإمام مسلم

علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي، وهو أكبر منه، ومحمد بن عبد الوهاب الفرَّاء شيخه، ولكن ما أخرج عنه في (صحيحه)، والحسين بن محمد القباني، وأبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودي، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وصالح بن محمد جزرة، وأبو عيسى الترمذي في (جامعه)، وأحمد بن المبارك المُسْتَمْلِي، وعبد الله بن يحيى السرخسي القاضي، ونصر بن أحمد بن نصر الحافظ، وغيرهم كثير.


مؤلفات الإمام مسلم

للإمام مسلم (رحمه الله) مؤلفات كثيرة، منها ما وُجد، ومنها ما فُقد؛ ومن هذه المؤلفات:
- كتابه الصحيح، وهو أشهر كتبه.
- كتاب التمييز.
- كتاب العلل.
- كتاب الوُحْدَان.
- كتاب الأفراد.
- كتاب الأَقْران.
- كتاب سؤالاته أحمد بن حنبل.
- كتاب عمرو بن شعيب.
- كتاب الانتفاع بأُهُبِ السِّباع.
- كتاب مشايخ مالك.
- كتاب مشايخ الثوري.
- كتاب مشايخ شعبة.
- كتاب من ليس له إلا راوٍ واحد.
- كتاب المخضرمين.
- كتاب أولاد الصحابة.
- كتاب أوهام المحدثين.
- كتاب الطبقات.
- كتاب أفراد الشاميين.



منهج الإمام مسلم في الحديث

كتب الإمام مالك (رحمه الله) كتاب الموطأ، أودعه أصول الأحكام من الصحيح المتفق عليه، ورتبه على أبواب الفقه، ثم عُني الحفاظ بمعرفة طرق الأحاديث وأسانيده المختلفة، وربما يقع إسناد الحديث من طرق متعددة عن رواة مختلفين، وقد يقع الحديث أيضًا في أبواب متعددة باختلاف المعاني التي اشتمل عليها.
وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام المحدثين في عصره، فخرَّج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين، واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه، وكرَّر الأحاديث يسوقها في كل باب بمعنى ذلك الباب الذي تضمنه الحديث، فتكررت لذلك أحاديثه حتى يقال: إنه اشتمل على تسعة آلاف حديث ومائتين، منها ثلاثة آلاف متكررة، وفرَّق الطرق والأسانيد عليها مختلفة في كل باب.
ثم جاء الإمام مسلم بن الحجاج القشيري (رحمه الله)، فألَّف مسنده الصحيح، حذا فيه حذو البخاري في نقل المجمع عليه، وحذف المتكرر منها، وجمع الطرق والأسانيد، وبوَّبه على أبواب الفقه وتراجمه، ومع ذلك فلم يستوعب الصحيح كله، وقد استدرك الناس عليه وعلى البخاري في ذلك. قال الحسين بن محمد الماسرجسي: سمعت أبي يقول: سمعت مسلمًا يقول: "صنَّفت هذا - المسند الصحيح - من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة".
وقد استغرقت مدة تأليفه لهذا الكتاب خمسة عشر عامًا، قال أحمد بن سلمة: "كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة". وقد ألَّفه في بلده، كما ذكر ابن حجر في مقدمة فتح الباري حيث قال: "إن مسلمًا صنف كتابه في بلده، بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ، ويتحرى في السياق".




ثناء العلماء على الإمام مسلم

قال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول: "حُفَّاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدَّارِمِي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى".
ونقل أبو عبد الله الحاكم أن محمد بن عبد الوهاب الفراء قال: "كان مسلم بن الحجاج من علماء الناس، ومن أوعية العلم".
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: "ما تحت أديم السماء أصحُّ من كتاب مسلم في علم الحديث".
وقال عنه صاحب أبجد العلوم (صديق بن حسن القنوجي): "والإمام مسلم بن الحجاج القشيري البغدادي أحد الأئمة الحفاظ، وأعلم المحدثين، إمام خراسان في الحديث بعد البخاري".
وقال أحمد بن سلمة: "رأيتُ أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان (مسلمًا) في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما".


من كلمات الإمام مسلم الخالدة

- قوله للإمام البخاري: "دعني أُقبِّلْ رجليك يا أستاذ الأُسْتَاذِينَ، وسيِّد المحدثين، وطبيب الحديث في علله".


وفاة الإمام مسلم

عاش الإمام مسلم 55 سنة، وتُوفِّي ودفن في مدينة نيسابور سنةَ 261هـ/ 875م. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.


المراجع

- الذهبي: سير أعلام النبلاء.
- ابن حجر: تهذيب التهذيب.
- القنوجي: أبجد العلوم.
- عبد الرحمن السديس: التعريف بالإمام مسلم وكتابه الصحيح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:27 am

الإمام الترمذي مولده ونشأته

علماء الحديث 104_image002محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك. وقيل: محمد بن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن. وقيل: محمد بن عيسى بن سورة بن شداد بن عيسى السلميُّ الترمذيُّ الضرير. وقد وُلِد مطلع القرن الثالث الهجري في ذي الحجة سنةَ تسعٍ ومائتين من الهجرة، في قرية من قرى مدينة ترمذ تسمى (بُوغ)، بينها وبين ترمذ ستة فراسخ.
كان جَدُّه سورة مروزيًّا (نسبة إلى مرو)، ثم انتقل هذا الجد أيام الليث بن سيار إلى بوغ، أما السلمي فهو نسبة إلى بني سليم، قبيلة من غيلان.
وقد عاش الترمذي للحديث، ورحل إليه حيثما كان، فأخذ العلم وسمع من الخراسانيين والعراقيين والحجازيين, وهو تلميذ إمام المحدثين الإمامالبخاري, وتأثر به أشد التأثر، ولا سيما في فقه الحديث، وناظره، وناقشه.



شيوخ الإمام الترمذي

عاش أبو عيسى لتحصيل الحديث، وشد الرحال إليه أينما كان، واشترك الترمذي مع أقرانه الخمسة أصحاب الكتب المعتمدة، وهم الإمام البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه في تلقي العلم على يد تسعة شيوخ، وهم: محمد بن بشار بن بندار، ومحمد بن المثنى، وزياد بن يحيى الحساني، وعباس بن عبد العظيم العنبري، وأبو سعيد الأشح عبد الله بن سعيد الكندي، وعمرو بن علي القلانسي، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن معمر القيسي، ونصر بن علي الجهضمي.
ومن شيوخه أيضًا الذين أخذ عنهم العلم: الهيثم بن كليب الشاشي صاحب المسند، ومحمد بن محبوب المحبوبي راوي الجامع عنه، ومحمد بن المنذر بن شكر.



ملامح شخصية الإمام الترمذي وأخلاقه

1- كان الإمام الترمذي يحب العلم والارتحال إليه، ومجالسة العلماء، فجاب البلاد يجلس إلى العلماء، وينهل من علومهم المتنوعة.
2- قوة الحفظ.


مؤلفات الإمام الترمذي

1- الجامع للسنن.
2- العلل الصغرى. وهو من ضمن كتاب الجامع، فهو مدخل له وجزء منه، وبيان لمنهجه. وقد نهل العلماء والفقهاء من جامعه هذا، وذاعت شهرته به. وقد قال الترمذي عنه: "صنَّفت هذا المسند الصحيح وعرضته على علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته على علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبيٌّ ينطق".
3- كتاب الشمائل المحمدية.
وهذه الكتب السابقة هي التي وصلت إلينا، أما كتبه الأخرى فقد فُقدت، وإنما ورد ذكرها في المراجع، وهي:
1- الزهد.
2- كتاب العلل الكبرى.
3- كتاب التاريخ.
4- كتاب الأسماء والكنى.




الجامع ومنهج الإمام الترمذي المتميز

تميز جامع الترمذي بأنه وضع فيه مصنفه قواعد التحديث، وكانت في غاية الدقة، وقد جعلها تحت عنوان (كتاب العلل) بحيث أدرجت ضمن أبواب الجامع، وقد ذكر الترمذي في أول كتاب الجامع أن الذي حمله على تسطير هذا المنهج في الجامع من العناية بأقوال الفقهاء وقواعد التحديث وعلله، أنه رأى الحاجة إلى ذلك شديدة، ولأجل هذا الهدف أراد أن يسلك مسلك المتقدمين، وذلك بأن يزيد ما لم يسبقه إليه غيره ابتغاءَ ثواب الله عز وجل.
ومن مزايا الجامع وخصائصه الفريدة التي امتاز بها، أنه يحكم على درجة الحديث بالصحة والحسن والغرابة والضعف على حسب حالة الحديث؛ فيقول بعد إيراد الحديث: حسن صحيح، أو حسن صحيح غريب. وقد يقول: هذا حديث حسن غريب من حديث فلان. وهذا يعني أن الغرابة في الإسناد، وإن كان للحديث روايات أخرى ليست غريبة، فإذا لم ترد طرق أخرى يقول: غريب لا نعرفه من غير هذا الوجه. وإذا كان في الحديث علة بيَّنها، فنراه يقول: هذا الحديث مرسل؛ لأن فلانًا تابعي، فهو لم يروِ عن النبي صل الله عليه وسلم، أو أن فلانًا لم يروِ عن فلان، إذ لم يثبت له لُقِيًّا معه.



آراء العلماء في الإمام الترمذي

قال أبو يعلى الخليل بن عبد الله في كتابه علوم الحديث: "محمد بن عيسى بن سورة بن شداد الحافظ متفق عليه، له كتاب في السنن، وكتاب في الجرح والتعديل، روى عنه أبو محبوب والأَجِلاَّء، وهو مشهور بالأمانة والإمامة والعلم".
وقال ابن الأثير: "كان الترمذي إمامًا حافظًا، له تصانيف حسنة، منها الجامع الكبير، وهو أحسن الكتب". وقال الإمام الذهبي: "الحافظ العالم، صاحب الجامع، ثقة، مجمع عليه". وقال عنه ابن العماد الحنبلي: "كان مُبرَّزًا على الأقران، آية في الحفظ والإتقان". وقال عنه الإمام السمعاني: "إمام عصره بلا مدافعة".
وفاة الإمام الترمذي

تُوُفِّي الإمام الترمذي (رحمه الله) ببلدته (بُوغ) في رجب سنةَ 279هـ، بعد حياة حافلة بالعلم والعمل، وقد أصبح الترمذي ضريرًا في آخر عمره، بعد أن رحل وسمع وكتب وذاكر وناظر وصنَّف.
المراجع

- شذرات الذهب، ابن العماد، 2/ 174.
- البداية والنهاية، ابن كثير، ج11، ص75.
- الوافي في الوفيات، الصفدي، ج1، ص555.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:27 am

نسب الإمام النسائي ومولده

علماء الحديث 100_image002هو الإمام الحافظ الثبت، شيخ الإسلام، ناقد الحديث، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي، صاحب السنن. وُلد (بِنَسا) سنةَ مائتين وخمس عشرة.




شيوخ الإمام النسائي

من شيوخ الإمام النسائي إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، وسمع من قتيبة البَغْلاَنِيِّ المحدث.




من ملامح شخصيته وأخلاقه

1- كان يحب طلب العلم والترحال من أجل تحصيله؛ فقد جال البلاد واستوطن مصر، فحسده مشايخها، فخرج إلى الرَّمْلة في فلسطين.
2- كان يجتهد فى العبادة؛ قال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ: "سمعت مشايخنا بمصر يعترفون له بالتقدم والإمامة، ويصفون اجتهاده في العبادة بالليل والنهار، ومواظبته على الحج والجهاد". وقال غيره: "كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكان له أربع زوجات وسُرِّيَّتان، وكان كثير الجماع، حسن الوجه، مشرق اللون". قالوا: "وكان يقسم للإماء كما يقسم للحرائر".
3- وقد قيل عنه: إنه كان يُنسب إليه شيء من التشيع. قالوا: ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية، فقال: "أما يكفي معاوية أن يذهب رأسًا برأس حتى يُروى له فضائل؟!" فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في حِضْنَيْهِ (الحِضْنُ: ما دون الإبط إلى الكشح)، حتى أخرج من المسجد الجامع، فسار من عندهم إلى مكة فمات بها.




مكانة الإمام النسائي العلمية

كان الإمام النسائي من بحور العلم مع الفهم والإتقان والبصر ونقد الرجال وحسن التأليف، رحل في طلب العلم إلى خراسان والحجاز ومصر والعراق والجزيرة والشام والثغور، ثم استوطن مصر ورحل الحُفَّاظ إليه، ولم يبقَ له نظير في هذا الشأن. حدَّث عنه أبو بشر الدولابي، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو علي النيسابوري، وغيرهم كثير.
قال الحافظ ابن طاهر: "سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه، فقلت: قد ضعَّفه النسائي. فقال: يا بُني، إن لأبي عبد الرحمن شرطًا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم. قلت: صَدَق؛ فإنه ليَّن جماعة من رجال صحيحي البخاري ومسلم".
قال الحاكم: "كلام النسائي على فقه الحديث كثير، ومن نظر في سننه تحيَّر في حسن كلامه". وقال ابن الأثير في أول جامع الأصول: "كان شافعيًّا، له مناسك على مذهب الشافعي، وكان ورعًا متحريًا".



مؤلَّفات الإمام النسائي

ترك الإمام النسائي مجموعة من الكتب، منها:
1- كتاب السنن الكبرى في الحديث. وهو الذي عُرف به، وجاء في سير أعلام النبلاء.
2- كتاب المُجتبَى، وهو السنن الصغرى، من الكتب الستة في الحديث.
3- مسند علي.
4- وله كتاب التفسير في مجلد.
5- الضعفاء والمتروكون في رجال الحديث.




درجة أحاديث الإمام النسائي

يقول السيوطي في مقدمة شرحه لكتاب السنن للنسائي: "كتاب السنن أقل الكتب بعد الصحيحين حديثـًا ضعيفـًا، ورجلاً مجروحـًا".
وقد اشتهر النسائي بشدة تحريه في الحديث والرجال، وأن شرطه في التوثيق شديد. وقد سار في كتابه (المُجتبى) على طريقة دقيقة تجمع بين الفقه وفن الإسناد، فقد رتَّب الأحاديث على الأبواب، ووضع لها عناوين تبلغ أحيانًا منزلة بعيدة من الدقة، وجمع أسانيد الحديث الواحد في موطن واحد.



من شروح سنن الإمام النسائي

(زهر الرُّبى على المجتبى) لجلال الدين السيوطي المُتوفَّى سنة 911هـ، وهو بمنزلة تعليق لطيف، حلَّ فيه بعض ألفاظه، ولم يتعرض بشيء للأسانيد.
حاشية لأبي الحسن نور الدين بن عبد الهادي السِّندي، المتوفَّى سنة 1136هـ. ومن الشروح الحديثة: (ذخيرة العُقبى في شرح المجتبى) للشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة، وهو شرح مبسوط، بذل فيه المؤلف جهدًا مشكورًا في نقل الأقوال، وجمعها وترتيبها، وترجيح ما ترجح لديه منها، ويظهر فيه الاهتمام بتراجم الرجال، والعناية بالمسائل اللغوية والنحوية التي تفيد في فهم الحديث، وقد طبع الكتاب مؤخرًا في ثمانية وعشرين جزءًا.



ثناء العلماء على الإمام النسائي

قال ابن كثير فى البداية والنهاية: "أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي، صاحب السنن، الإمام في عصره، والمقدم على أضرابه وأشكاله وفضلاء دهره، رحل إلى الآفاق، واشتغل بسماع الحديث، والاجتماع بالأئمة الحذاق". وقال الإمام الذهبي: "هو أحفظ من مسلم".
وقال ابن عدي: سمعت منصورًا الفقيه، وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي يقولان: "أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين". وقال الحافظ أبو عبد الرحمن النيسابوري: "أبو عبد الرحمن النسائي الإمام في الحديث بلا مدافعة". وقال أبو الحسن الدارقطني: "أبو عبد الرحمن مُقدَّم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره".



وفاة الإمام النسائي

اختلف في مكان وزمان وفاته، فقيل: تُوفِّي بمكة سنة ثلاثٍ وثلاثمائة. وقيل: تُوفِّي بفلسطين سنة اثنتين وثلاثمائة.



المراجع

- البداية والنهاية لابن كثير.
- الوافي بالوفَيَات للصفدي.
- سير أعلام النبلاء للذهبي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:29 am

علماء الحديث T4AOY

نسب الإمام ابن ماجه وموطنه
هو الإمام الحافظ الكبير أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القَزْوِينِيُّ، وُلد بقزوين سنة تسعٍ ومائتين من الهجرة. قال ابن خَلِّكان: "ماجه بفتح الميم والجيم وبينهما ألف، وفي الآخر هاء ساكنة".

تربية الإمام ابن ماجه وحياته

نشأ ابن ماجه في جو علمي، ومن ثَمَّ شبَّ محبًّا للعلم الشرعي عمومًا، وعلم الحديث خصوصًا؛ فحفظ القرآن الكريم، وتردد على حلقات المحدثين التي امتلأت بها مساجد قزوين، حتى حصَّل قدرًا كبيرًا من الحديث.

وقد هاجر سنة ثلاثين ومائتين من الهجرة في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم، فرحل إلى خراسان، والبصرة والكوفة، وبغداد ودمشق، ومكة والمدينة، ومصر، وغيرها من الأمصار، متعرفًا على العديد من مدارس الحديث النبوي الشريف؛ إذ أتاحت له هذه الفرصة أن يلتقي بعدد من الشيوخ في كل قطر، وفي كل بلد ارتحل إليها.

شيوخ الإمام ابن ماجه
نظرًا لكثرة أسفاره ورحلاته، فكان له شيوخ في كل قطر وكل مصر ذهب إليه، فكان من شيوخه علي بن محمد الطنافسي الحافظ، وقد أكثر عنه، وإبراهيم بن المنذر الحزامي المُتوفَّى سنة ست وثلاثين ومائتين من الهجرة، وهو تلميذ البخاري، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وجبارة بن المغلس، وهو من قدماء شيوخه، وعبد الله بن معاوية، وهشام بن عمار، ومحمد بن رمح، وداود بن رشيد، وخلق كثير، وقد ذكرهم في سننه وتآليفه.

ثم بعد رحلة شاقة استغرقت أكثر من خمسة عشر عامًا عاد ابن ماجه إلى قزوين، واستقر بها، منصرفًا إلى التأليف والتصنيف، ورواية الحديث بعد أن طارت شهرته، وقصده الطلاب من كل مكان.

تلاميذة الإمام ابن ماجه
لم يكن ليقتصر النشاط العلمي لابن ماجه على التأليف فقط، بل تعداه إلى التعليم وإلقاء المحاضرات والدروس, وكان أشهر من روى عنه وتتلمذ على يده علي بن سعيد بن عبد الله الغداني، وإبراهيم بن دينار الجرشي الهمداني، وأحمد بن إبراهيم القزويني جَدّ الحافظ أبي يعلى الخليلي، وأبو الطيب أحمد بن روح المشعراني، وإسحاق بن محمد القزويني، وجعفر بن إدريس، ومحمد بن عيسى الصفار، وأبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني الحافظ، وغيرهم من مشاهير الرواة.

مؤلفات الإمام ابن ماجه
لم يخلد الزمان من كتبه غير كتابه (سنن ابن ماجه) أحد الصحاح الستة؛ فقد ضاعت مصنفاته مع ما ضاع من ذخائر تراثنا العظيم، فكان له تفسير للقرآن وصفه ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) بأنه "تفسير حافل"، وله أيضًا كتاب في التاريخ أرَّخ فيه من عصر الصحابة حتى عصره، وقال عنه ابن كثير بأنه "تاريخ كامل".

سنن ابن ماجه.. مكانته ومنهجه فيه
طبقت شهرة كتاب (سنن ابن ماجه) الآفاق، وبه عُرف ابن ماجه واشتهر، واحتل مكانته المعروفة بين كبار الحفاظ والمحدثين، وهو من أَجَلِّ كتبه وأعظمها وأبقاها على الزمان، وقد عُدَّ الكتاب رابع كتب السنن المعروفة، وهي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ومتمم للكتب الستة التي تشمل إلى ما سبق صحيح البخاري ومسلم، وهي المراجع الأصول للسنة النبوية الشريفة وينابيعها.

وكان منهج ابن ماجه في كتابه هذا هو أنه رتبه على كتب وأبواب، حيث يشتمل على مقدمة وسبعة وثلاثين كتابًا، وخمسمائة وألف باب، تضم أربعة آلاف وثلاثمائة وواحدًا وأربعين حديثًا، ومن هذه الأحاديث اثنان وثلاثة آلاف حديث اشترك معه في تخريجها أصحاب الكتب الخمسة، وانفرد هو بتخريج تسعة وعشرين وثلاثمائة وألف حديثٍ، وهي الزوائد على ما جاء في الكتب الخمسة، من بينها ثمانٍ وعشرون وأربعمائة حديثًا صحيح الإسناد، وتسعة عشر ومائة حديثًا حسن الإسناد، وهذا ما أشار إليه ابن حجر بقوله: "إنه انفرد بأحاديث كثيرة صحيحة".

وقد أحسن ابن ماجه وأجاد حينما بدأه بباب اتباع سنة رسول الله صل الله عليه وسلم، وساق فيه الأحاديث الدالة على حجية السنة، ووجوب اتباعها والعمل بها.

سنن ابن ماجه في ميزان النقد
قال الذهبي: "سنن أبى عبد الله كتاب حسن لولا ما كَدَّرَهُ بأحاديث واهية ليست بالكثيرة". وقال الحافظ ابن حجر: "كتابه في السنن جامع جيد، كثير الأبواب والغرائب، وفيه أحاديث ضعيفة جدًّا حتى بلغني أن السَّرِيَّ كان يقول: مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالبًا. وليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة، والله تعالى المستعان".

شروح سنن ابن ماجه
ولقيمة هذا الكتاب ومكانته، فقد أولاه كبار الحفاظ والمحدثين عناية خاصة، فراحوا يسهبون في شروحه ويضعون عليه من تعليقاتهم، ومن ذلك:

- (شرح سنن ابن ماجه) للحافظ علاء الدين مغلطاي، المُتوفَّى سنة اثنتين وستين وسبعمائة من الهجرة.

- (مصباح الزجاجة في شرح سنن ابن ماجه) للجلال الدين السيوطي، المتوفَّى سنة إحدى عشرة وتسعمائة من الهجرة.

- (شرح سنن ابن ماجه) للمحدث محمد بن عبد الهادي السِّندي، المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة وألف من الهجرة.

وقد أفرد زوائد السنن العلامة المحدث شهاب الدين أحمد بن زين الدين البوصيري في كتابٍ وخرَّجها، وتكلم على أسانيدها بما يليق بحالها من صحة وحسن وضعف.

آراء العلماء في الإمام ابن ماجه
نال ابن ماجه إعجاب معاصريه وثقتهم؛ إذ كان معدودًا في كبار الأئمة وفحول المحدثين، فقد قال عنه ابن خَلِّكان: "كان إمامًا في الحديث، عارفًا بعلومه وجميع ما يتعلق به". وقال الذهبي عنه: "كان ابن ماجه حافظًا، ناقدًا، صادقًا، واسع العلم".

وفاة الإمام ابن ماجه
بعد عمر حافل بالعطاء في الحديث النبوي الشريف درايةً وروايةً، دارسًا ومدرسًا ومؤلفًا، تُوفِّي ابن ماجه (رحمه الله) سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين من الهجرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:30 am

علماء الحديث OhTvF

نسب الإمام عبد الرزاق ومولده
عبد الرَّزَّاق بن همام بن نافع الصنعانيُّ الحميريُّ اليمنيُّ، الإمام العلاَّمة، المحقق المدقق الفهامة، العَلَم الراسخ، والطَّود الشامخ. وُلِد سنة ستٍّ وعشرين ومائة بعد الهجرة.

شيوخ الإمام عبد الرزاق
حدَّث عن هشام بن حسان، وعبيد الله بن عمر، وأخيه عبد الله، وابن جريج، ومعمر، فأكثر عنه، وحجاج بن أرطاة، وعبد الملك بن أبي سليمان، والمثنى بن الصباح، وعمر بن ذر، ومحمد بن راشد، وزكريا بن إسحاق، وعكرمة بن عمار، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وثور بن يزيد، وأيمن بن نابل، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وسفيان الثوري، وإسرائيل بن يونس، ومالك بن أنس، ووالده همام، وخلق سواهم.

تلامذة الإمام عبد الرزاق
حدَّث عنه شيخه سفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وأبو أسامة، وطائفة من أقرانه، وأحمد بن حنبل، وابن راهويه، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وإسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد، ويحيى بن جعفر البِيكَنْدِيُّ، ويحيى بن موسى خَتٌّ، والحسن بن أبي الربيع، وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن الأزهر، وسلمة بن شبيب، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وإبراهيم بن سويد الشبامي، والحسن بن عبد الأعلى البوسي، وإبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني، وأحمد بن صالح المصري، وحجاج بن الشاعر، ومحمد بن حماد الطهراني، ومُؤمِّل بن إهاب.

ملامح شخصية الإمام عبد الرزاق
كان (رحمه الله) من العُبَّاد الصالحين، والعلماء العارفين، عاش حياة عبادة وصلاح وزهد، وكان محبًّا للعلماء وطلاَّب العلم. عن سلمة بن شبيب قال: سمعت عبد الرزاق يقول: "أخزى الله سلعة لا تنفق إلا بعد الكبر والضعف، حتى إذا بلغ أحدهم مائة سنة، كتب عنه، فإما أن يقال: كذَّاب؛ فيبطلون علمه، وإما أن يقال: مبتدع؛ فيبطلون علمه، فما أقل من ينجو من ذلك!".

الرد على من يتهمون الإمام عبد الرزاق بالتشيع
اتُّهم عبد الرزاق بأن فيه بعض التشيع، وأنه يفضل عليًّا على الشيخين، وذكره أبو أحمد بن عدي في (كامله)، فقال: "نسبوه إلى التشيع، ولكن اعتقاده وكلامه يخالف هذا الزعم". قال سلمة بن شبيب: سمعت عبد الرزاق يقول: "والله ما انشرح صدري قَطُّ أن أفضل عليًّا على أبي بكر وعمر". وقال أحمد بن الأزهر: سمعت عبد الرزاق يقول: "أُفضِّل الشيخين بتفضيل عليٍّ إياهما على نفسه، ولو لم يفضلهما لم أفضلهما، كفى بي إزراءً أن أحبَّ عليًّا ثم أخالف قوله".

آراء العلماء في الإمام عبد الرزاق
قال أحمد بن صالح المصري: "قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحدًا أحسن حديثًا من عبد الرزاق؟ قال: لا". وقال أبو زرعة الدمشقي: "عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه، وكان يحفظ نحوًا من سبعة عشر ألف حديث". وقال يحيى بن معين: "لو ارتدَّ ما تركنا حديثه".

مؤلفات الإمام عبد الرزاق
1- الجامع الكبير.
2- السنن.
3- تفسير القرآن.
4- المُصنَّف. وقد جاء المصنف في أحد وثلاثين بابًا، أولها كتاب الحيض، وآخرها كتاب البيوع، وهو في أحد عشر جزءًا.

وفاة الإمام عبد الرزاق
تُوُفِّي عبد الرَّزَّاق بن همام الصنعاني باليمن سنةَ إحدى عشرة ومائتين من الهجرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:31 am

علماء الحديث SRYii

أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَمَرِيّ الأندلسي، القرطبي المالكي، المعروف بابن عبد البر (368 هـ - 463هـ)، هو الإمام الفقيه المجتهد الحافظ ومحدث عصره، كان قاضيا ومؤرخا، صاحب التصانيف المهمة، من أشهر أصحابه الإمام علي بن حزم الأندلسي، وكان إماماً، ثقةً، متقناً، علامةً، متبحراً، وكان في أصول الديانة على مذهب أهل السنة والجماعة، وكان في بدايته ظاهريا، ثم تحول مالكيا مع ميل واضح إلى فقه الشافعي في مسائل.

ولادة ابن عبد البر ونشأته
ولد بـ قرطبة عام 368 هـ في شهر ربيع الآخر، وقيل: في جمادى الأولى، فاختلفت الروايات في الشهر عنه، ونشأ بها وتعلّم الفقه والحديث واللغة والتاريخ، ارتحل إلى بطليوس أيام سقوط الدولة الأموية بالأندلس، وعاش بها في كنف أمراء بني الأفطس، وولي قضاء أشبونة وشنترين في مدة المظفر بن الأفطس، أحد أمراء بني الأفطس، ثم تحوّل إلى شرق الأندلس، فنزل ببلنسية ودانية، وطلب العلم بعد سنة 390، وأدرك الكبار، وطال عمره، وعلا سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، ووثّق وضعّف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان، وفاته السماع من أبيه الإمام أبي محمد فإنه مات قديما في سنة 380 وكان فقيها عابدا متهجدا، وعاش أبوه خمسين سنة وكان قد تفقه على التجيبي وسمع من أحمد بن مطرف، وأبي عمر بن حزم المؤرخ.

بعض أقوال العلماء في ابن عبد البر
قال الحميدى:ابن عبد البر أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي. 

وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن محمد، وأحمد بن خالد الجباب. ثم قال أبو علي: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما، ولا متخلفا عنهما، وكان من النمر بن قاسط، طل وتقدم، ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه، ولزم أبا الوليد بن الفرضي، ودأب في طلب الحديث، وافتنّ به، وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم الأنساب والأخبار، جلا عن وطنه، فكان في الغرب مدة، ثم تحول إلى شرق الأندلس، فسكن دانية، وبلنسية، وشاطبة وبها توفي. وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة .

وقال أبو علي الغساني: ألّف أبو عمر في الموطأ كتبا مفيدة منها : كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" فرتبه على أسماء شيوخ مالك، على حروف المعجم، وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله، وهو سبعون جزءا.

وقال أبو القاسم بن بشكوال:ابن عبد البر إمام عصره، وواحد دهره، يكنى أبا عمر، روى بقرطبة عن خلف بن القاسم، وعبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وأبي محمد بن عبد المؤمن، وأبي محمد بن أسد، وجماعة يطول ذكرهم. وكتب إليه من المشرق السقطي، والحافظ عبد الغني، وابن سيبخت، وأحمد بن نصر الداودي، وأبو ذر الهروي، وأبو محمد بن النحاس.

وقال أبو علي بن سكرة:سمعت أبا الوليد الباجي يقول : لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث، وهو أحفظ أهل المغرب.

قال علي بن حزم الأندلسي:لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلاً، فكيف أحسن منه، ولصاحبنا أبي عمر ابن عبد البر كتب لا مثيل لها.

ظاهرية ابن عبد البر:
قال الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء:ابن عبد البر كان إماما ديّنا، ثقة، ثبتا، مُتقنا، علامة، مُتبحرا، صاحب سنة واتباع، وكان أولا أثريا ظاهريا فيما قيل، ثم تحوّل مالكيا مع ميل إلى فقه الشافعي في مسائل، ولا يُنكر له ذلك، فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة المُجتهدين.

وقال شيخ الذهبي أبى عبد الله بن أبي الفتح :كان أبو عمر أعلم مَن بالأندلس في السنن والآثار.. وكان في أول زمانه ظاهري المذهب مدة طويلة ثم رجع إلى القول بالقياس من غير تقليد أحد.

وقال جلال الدين السيوطي وكان أولا ظاهريا ثم صار مالكيا 

علاقة ابن عبد البر بابن حزم
قال الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء:إن أبا عمر بن عبد البر كان صديقًا لعلي بن حزم الأندلسي، وكان ينبسط إليه ويؤانسه، وأنه عنه أخذ ابن حزم فن الحديث.

وقال إسماعيل بن عمر بن كثير في كتابه البداية والنهاية وكان -أي علي بن حزم الأندلسي- مصاحباً للشيخ أبي عمر ابن عبد البر النمري، وكان مناوئاً للشيخ أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي.

وكان علي بن حزم الأندلسي يصفه بالصاحب، وروى ذلك كثيراً في كتبه كالإحكام في أصول الأحكام، والمحلى، والفصل في الملل والأهواء والنحل، فيقول: "كتاب كذا لصاحبنا أبي عمر".

ثم إن علي بن حزم الأندلسي يذكر ابن عبد البر في كتبه، ويضفي عليه صفة الإمامة والاجتهاد، وحسبك بأبي محمد مثنيًا، يقول في كتابه جوامع السيرة: "وممن أدركنا ممن جرى على سنن من تقدم ممن ذكرنا: مسعود بن سليمان بن مفلت أبو الخيار، ويوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري، فهؤلاء أهل الاجتهاد من أهل العناية".

وأشاد في رسالة فضل الأندلس به وبمصنفاته فقال: "ومنها كتاب التمهيد لصاحبنا أبي عمر يوسف ابن عبد البر، وهو كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلاً، فكيف أحسن منه، ولصاحبنا أبي عمر ابن عبد البر المذكور كتب لا مثيل لها".

ولقد توصل المستشرق الإسباني اسين بلاسيوس وكان راهبا من الرهبان انشغل بعلم ابن حزم وكتبه طرح في كتابه عن ابن حزم "إن ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم يبدو متأثرا بنهج ابن حزم وفكره". 
كما أن ابن عبد البر من فرط حبه في ابن حزم، كان يطالع كل جديد يكتبه ابن حزم، فلما كتب ابن حزم رسالته في الغناء الملهي أمُباح هو أم محظور؟ حُملتْ الرسالة إلى ابن عبد البر، فمكثتْ عنده شهرا، فنظرها، ثم قال: "نظرتها فلم أجد ما أزيد عليها ولا أنقص".

ويذكر المقري في كتابه نفح الطيب قصة طريفة اتفقت لابن عبد البر مع علي بن حزم الأندلسي، تدل على تغلغل الظاهرية في روح علي بن حزم الأندلسي وفكره وشعوره، كما تدل على نوع الصداقة التي كانت تجمعهما، قال : "مر ابن حزم يومًا هو وأبو عمر بن عبد البر صاحب الاستيعاب بسكة الحطَّابين من مدينة إشبيلية، فلقيهما شاب حسن الوجه، فقال أبو محمد ابن حزم: هذه صورة حسنة، فقال له أبو عمر ابن عبد البر: لم تر إلا الوجه، فلعل ما سترته الثياب ليس كذلك. فقال ابن حزم ارتجالاً:

وذي عذل فيمن سباني حسنُه يُطيل ملامي في الهـوى ويقولُ
أمن أجل وجه لاح لم تر غيره ولم تدر كيف الجسم أنت عليلُ
فقلت له أسرفت في اللوم فاتئد فعنديَ ردٌّ لو أشـاء طويـلُ
ألم تر أني ظاهــريُّ وأنـني على ما أرى حتى يقوم دليـلُ

وفاة ابن عبد البر
قال أبو داود المقرئ: مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر، سنة (463هـ) واستكمل خمسا وتسعين سنة وخمسة أيام.

مصنفات ابن عبد البر
ترك ابن عبد البر من تآليفه وتصنيفاته مكتبة زاخرة، فقد صنف رحمه الله في الفقه وأصوله وفي علوم القرآن والقراءات والحديث وعلومه والتراجم وعلم الرجال والتاريخ والسير والأنساب، وغيرها.

ومن هذه المؤلفات:
الأجوبة الموعبة في الأسئلة المستغربة، أخبار أئمة الأمصار، اختلاف أصحاب مالك بن أنس واختلاف رواياتهم عنه، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار، تجريد التمهيد في الموطأ من المعاني والأسانيد، الإشراف على ما في أصول فرائض المواريث من الإجماع والاختلاف، الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو بن العلاء بتوجيه ما اختلف فيه، الإنباه على قبائل الرواة، الاتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الإنصاف فيما في بسم الله من الخلاف، البستان في الأخدان، بهجة المَجالس وأنس المُجالس وشحذ الذاهن والهاجس، البيان عن تلاوة القرآن، التجريد والمدخل إلى علم القرءات بالتجويد، التقصي لما في الموطأ من حديث الرسول، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، جامع بيان العلم وفضله، جمهرة الأنساب، الدرر في اختصار المغازي والسير، رسالة في أدب المجالسة وحمد اللسان، شرح زهديات أبي العتاهية، الشواهد في إثبات خبر الواحد، العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم عن الحكماء والعلماء، القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم، الكافي في فقه أهل المدينة.

روابط بعض كتب ابن عبد البر:
- جامع بيان العلم وفضله
- الكافي في فقه أهل المدينة
- اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر
- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 
- اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:33 am

الشيخ الألباني



نعيش في هذه الصفحات مع بقية المحدثين ومحيي السنة وناصر الدين وجهبذ العصر، الذي نذر حياته دفاعًا عن السنة ومحاربا لأصحاب الأهواء والمبتدعة، لقد كانت حياته صورة صادقة لعلماء الحديث الذين هم جهابذة أزمانهم .. إنه الشيخ الإمام المحدث ناصر الدين الألباني.




نسب الشيخ الألباني
الإمام الكبير والعالم الرباني ومحدث العصر وجهبذ العلماء ومحيي السنة أبو عبد الرحمن ناصر الدين محمد بن نوح بن آدم بن نجاتي الألباني. المشهور بالشيخ ناصر الدين الألباني









نشأة الشيخ الألباني
ولد الشيخ الألباني رحمه الله في عام 1332هـ/1914م، في مدينة أشقودرة عاصمة ألبانيا يومئذ، ومن نعم الله تعالى عليه أن جعل نشأته في أحضان أسرة متواضعة متدينة يغلب عليها الديني العلمي، فقد تخرج والده الحاج نوح نجاتي الألباني في المعاهد الشرعية بعاصمة الخلافة العثمانية الأستانة التي تُعرف اليوم بإسطنبول، ورجع إلى بلاده في خدمة العلم وتعليم الناس ما تلقاه حتى صار من كبار مشايخ ألبانيا ومرجعا للمسلمين بها [1].





الألباني والهجرة إلى الشام
كأن أحمد زوغو الذي تولى حكم ألبانيا في الفترة من (1922-1924م) مغرما بالحياة الغربية والمدينة الأوروبية التي تعتمد على السفور والخلاعة والتحلل الأخلاقي، فبدأ أحمد زوغو ينحو بألبانيا المسلمة ناحية الغرب، واقتفى في ذلك أثر أتاتورك في تغريب تركيا عقب إلغاء الخلافة العثمانية1343هـ/ 1924م ففرض أحمد زوغو القوانين الوضعية على الشعب الألباني المسلم، وألزم المرأة المسلمة بنزع حجابها، وألزم الناس وخاصة الجيش بلباس القبعة والبنطلون، وساد في البلاد الطابع الغربي على الطابع العربي والإسلامي.



نظر والد الشيخ الألباني إلى هذه المستجدات التي تبعد عن الدين نظرة المتوجس الخائف على دينه ودين أهله وأبنائه، فأخذ قراره بالهجرة إلى بلاد الإسلام وما تهوى إليها الأفئدة، فهاجر بأهله إلى بلاد الشام وبالتحديد إلى دمشق، لما ورد في فيها من أحاديث شريفة فضلا عن معرفته بدمشق أثناء رحلته في الحج، وفي هذا الوقت بلغ الألباني التاسعة من عمره.








الألباني وطلب للعلم
لم يكن الشيخ الألباني عند هجرته إلى الشام يعرف من اللغة العربية شيئًا، فبدأ بدراسة اللغة العربية والتحق بجمعية الإسعاف الخيرية ولما أصاب المدرسة حريق التحق بمدرسة أخرى بسوق ساروجه بدمشق وهناك أكمل المرحلة الابتدائية وحصل عليها في أربع سنوات، ويبدو أن الله تعالى فطر الألباني رحمه الله على حب اللغة العربية فكان متفوقا على زملائه السوريين في اللغة العربية وغيرها.

وكان الألباني رحمه الله في مقتبل شبابه مغرما بالقراءة، إلا أن قراءته كانت عادية فكان يأخذ من الباعة قصص أرسين لوبين، اللص الأمريكي، عنترة بن شداد، وغيرها من القصص البوليسية والمثيرة [2].
تلك كانت حياة الألباني رحمه الله الأولى في القراءة وطلب العلم، ولكن الله عز وجل أراد للألباني شيئا آخر، كما قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" [3]، فنظرًا لسوء رأي والده في المدارس النظامية من الناحية الدينية، فقد قرر عدم إكمال ولده الألباني الدراسة، ووضع له برنامجا عمليا مركزا، قام من خلاله بتعليمه القرآن والتجويد والصرف، وفقه مذهبه الحنفي [4].
كما تلقى الألباني بعض العلوم الدينية والعربية على يد مجموعة من الشيوخ والعلماء من أصدقاء والده، مثل الشيخ محمد سعيد البرهاني، فقرأ الألباني عليه كتاب (مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح) في الفقه الحنفي، وبعض كتب النحو والبلاغة العصرية، فضلا عن حضوره دروس العلامة بهجت العطار مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق منهم عز الدين التنوخي رحمه الله إذ كانوا يقرءون كتاب الحماسة لأبي تمام [5].






مهنة الألباني

النجارة
أول ما امتهن الشيخ الألباني من المهن العملية مهنة النجارة، أخذها عن خاله وشخص سوري يدعى (أبي محمد)، وقد عمل بها سنتين، ثم لا حظ أنها مهنة تهد القوى وتشغل الوقت فلم ينجذب إليها.







تصليح الساعات
وكان عمل الألباني رحمه الله في النجارة يتعطل في الشتاء، فمر على والده في ذات يوم في دكانه وكان يعمل في تصليح الساعات، فاقترح عليه والده أن يمتهن مهنة إصلاح الساعات، فأخذ الشيخ الألباني رحمه الله عن والده مهنة إصلاح الساعات، فأجادها حتى أصبح من أصحاب الشهرة فيها، وأخذ يتكسب منها، وقد وفرت له هذه المهنة قوته وقوت أسرته، ووفرت له كذلك فراغا من الوقت ملأه رحمه الله بطلب العلم وتحصيله [6].







الألباني وطلب لعلم الحديث
توجه الألباني -رحمه الله- إلى علم الحديث وهو في العشرين من عمره، متأثرا بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا.





وأما عن صلته بالشيخ محمد رشيد رضا وبمجلة المنار، فيذكر الشيخ الألباني أنه كان مولعا بقراءة الروايات التاريخية، وفي ذات يوم لاحظ من بين الكتب المعروضة عند أحد الباعة جزءا من مجلة المنار، وقرأ فيها فصلا للشيخ رشيد رضا يتكلم فيه عن كتاب الإحياء للغزالي، ويشير إلى محاسنه ومآخذه وذكر أن للحافظ العراقي كتابا وضعه على الإحياء، خرّج فيه أحاديثه وميَّز صحيحها من ضعيفها، وهو كتاب (المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار).


وقد جذب كتاب المغني للحافظ العراقي الشيخ الألباني فسعى لاقتنائه، واستأجره من مكتبة الحلبي، وقد استهواه الكتاب فعمل الشيخ الألباني على نسخه، وتم له نسخ 2012 صفحة، وقد استعان بشتى المؤلفات اللغوية والبلاغة وغريب الحديث لتفهم النص إلى جانب تخريجه، وكان ذلك هو أول عمل حديثي قام به الشيخ الألباني، وهو بعدُ لم يتجاوز العشرين من عمره.
وكان ذلك العلم فاتحة خير كبير للشيخ الألباني، ولا زال الشيخ الألباني يعرف لمحمد رشيد رضا هذا الفضل ويشير في ذلك في مؤلفاته، وقد ازداد الألباني إقبالا على علم الحديث ودراسة السنة بشغف شديد، وذلك مع رد الفعل السلبي لأبيه، الذي لم يحبذ اشتغال ولده بالحديث وكان يقول له: (علم الحديث صنعة المفاليس) [7].







الألباني في المكتبة الظاهرية
المكتبة الظاهرية هي واحدة من أهم الخزائن العامة في دمشق، تحتوي على الآلاف من المحفوظات والمؤلفات والنوادر، وهي من نعم الله تعالى التي أنعمها على الشيخ الألباني -رحمه الله- في مقتبل عمره، فقد وجد فيها ما لا يستطيع شراءه من الكتب.

وقد أصبح علم الحديث شغل الألباني الشاغل حتى كان يغلق محله ويذهب إلى المكتبة الظاهرية ويبقى فيها اثنتي عشرة ساعة، لا يفتر عن المطالعة والتعليق والتحقيق إلا أثناء فترات الصلاة، ولجهوده هذه خصصت له إدارة المكتبة غرفة خاصة به يقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة [8]، وكانت معظم هذه الأبحاث التي يكتبها الألباني في محاربة البدع وتصحيح مفاهيم الناس عن الإسلام الصحيح وتصحيح الخلل والأخطاء الموجودة أمامه في البيئة التي يعيش فيها على ضوء الأحاديث التي يدرسها، خاصة أنه عاش في بيئة مليئة بالتعصب المذهبي، ومن أوائل ما ألفه الألباني في هذا الصدد كتابين: الأول: " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد"، وهو كتاب فقهي، والثاني: "الروض النضير في ترتيب و تخريج معجم الطبراني الصغير"، وهو كتاب حديثي، وقد ألفه الألباني وهو في 22 من عمره [9].






الألباني .. ابتلاءات ومحن
لم يقتصر نشاط الألباني رحمه الله على قراءة الكتب وكتابة التعليقات والحواشي وإنما تعدى ذلك إلى العمل والنشاط الدءوب في الدعوة إلى الله تعالى، وبدأت المناقشات بين الألباني والمشايخ وأئمة المساجد، ولقى الشيخ معارضة شديدة من بعض المشايخ الذين أنكروا عليه انصرافه إلى علم الحديث، وجعلوا يثيرون عليه العامة والغوغاء، ويشيعون عنه بأنه (وهابي ضال)، وهاجموه على المنابر، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وصل إلى حد أن منعوه من المساجد ومن إلقاء الدروس في دمشق وحلب واللاذقية وغيرها من مدن سوريا.





ووصل الأمر بهؤلاء الحاقدين على الشيخ إلى حد الوشاية به وقول الزور إلى الحكام فتعرض بذلك إلى الاعتقال ما يقارب ثمانية أشهر حيث اعتقل في قلعة دمشق عام 1967م، وهي القلعة التي سجن فيها ابن تيمية رحمه الله وأقام فيها الألباني صلاة الجماعة وصلاة الجمع، التي قيل إنها ما صليت من أيام ابن تيمية حتى سجن الألباني [10].






الألباني ورحلاته العلمية والدعوية
للشيخ الألباني سفرات ورحلات في داخل القطر السوري وخارجه، وقد زار معظم المدن السورية مثل: حلب، وإدلب، واللاذقية، وحماة، وحمص، والجزيرة، وغيرها.

كما قام برحـلات خارج القطر شملت الأردن ولبنان والكويت والإمارات وقطر والسعودية وفلسطين ومصر والمغرب وإسبانيا وغيرها.
وكان في كل هذه الرحلات يعقد الندوات، ويلقي الـدروس والمحاضرات، ويجيب عن الأسئلة والاستفسارات، ويصدر الفتاوى والأجـوبة مسموعة ومكتوبة ومسجلة على الأشرطة، كما يجيب عن الرسائل الواردة من أنحاء العالم، وكذا الاتصالات الهاتفية.
وقد وفقه الله تعالى للصلاة في المسجد الأقصى، كما انتُدب للتدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من بداية سنة 1381هـ/ 1961م إلى نهاية 1383هـ/1964م، كما حضر مؤتمر الطلبة المسلمين بغرناطة بإسبانيا سنة 1392هـ / 1972م مع الشيخ زهير الشاويش.
ولقد وفق الله الشيخ الألباني لإحياء كثير من السنن التي هجرها الناس ومنها: صلاة العيدين في المصلى، وليس في المساجد بالتعاون مع الإخوان المسلمين في منطقة الميدان بدمشق، ثم في بيروت، وبعد ذلك شاعت في البلاد سنة العقيقة للمولود وسنة قيام الليل في رمضان، بإحدى عشرة ركعة فقط، وسنة خطبة الحاجة واستهلال خطبة الجمعة، وسنة جلباب المرأة، والتحذير من بناء المساجد على القبور، والصلاة فيها، كما كان للشيخ الألباني الباع الطويل في توجيه كثير من الشباب للعناية ببحوث السنة وتطويع الأجهزة الحديثة والمبتكرات العلمية الجديدة لخدمة السنة النبوية الشريفة وتيسيرها للناس [11].






الألباني وصلته بأهل العلم
التقى الشيخ الألباني بكثير من العلماء وطلبة العلم، الذين أخذ عنهم وأخذوا عنه، ومنهم:
مؤرخ حلب ومحدثها الشيخ راغب الطباخ الذي أجاز الألباني بمروياته يوم أجاز صاحبه الشيخ زهير الشاويش بوساطة الأستاذ محمد المبارك سنة 1946م [12].
كما التقى بالشيخ حامد الفقي رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية بمصر، والمحدث المحقق أحمد شاكر.
كما كان للشيخ صلة وثيقة بالشيخ ابن باز –رحمه الله، وكانت بينهما جلسات علمية نافعة مراسلات مفيدة.
كما التقى بالأديب الشيخ محب الدين الخطيب والمحدث الهندي حبيب الرحمن الأعظمي، والعلامة يوسف القرضاوي والشيخ محمد الغزاليوالدكتور أحمد العسال والدكتور عمر الأشقر والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وغيرهم كثير في بلاد الهند وتركيا والشام ومصر والمغرب العربي [13]. 



الألباني وخبرته العلمية ومكانته
لكثرة مؤلفاته العلمية الدقيقة في تحري السنة وتحري الحق وسمعته العلمية الكبيرة، صار الشيخ الألباني مرجعا في الحديث يأتيه العلماء والأساتذة وطلبة العلم من مختلف البلاد؛ ليستفيدوا من علمه، وقد انتشرت مؤلفاته انتشارا واسعا، حتى ترجم بعضها إلى لغات مختلفة.



ونظرا لهذه الخبرة العلمية الكبيرة أصبح الشيخ الألباني محل نظر وتقدير من المراكز العلمية العالمية في الشرق والغرب:
-فاختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955م.
-وطلبت منه الجامعة السلفية في بنارس "الهند" أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر.

-و اختير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من قبل الملك خالد بن عبد العزيز ملك السعودية من عام 1395هـ / 1975م إلى 1398هـ/1978م.
-واختارته إدارة البحوث العلمية و الإفتاء بالرياض للسفر إلى مصر و المغرب و بريطانيا للدعوة إلى عقيدة التوحيد والمنهج الإسلامي الحق.
-وغير ذلك من الأعمال العلمية والدعوية في أنحاء العالم الإسلامي [14].







الشيخ الألباني .. أخلاقه وصفاته
وقد لخصها الشيخ علي بن حسن الحلبي في نونيته عن مآثر الشيخ الألباني وآثاره ورثائه، فيقول:

أخلاقه في ذروة بتأدب *** من نور أحكام من القرآن
فتواضع في الشيخ خلق واضح*** لا يختفي إلا على العميان
والصبر منه شعاره ودثاره *** فتأدب وتجلد نوران
ورجوعه للحق نهج ظاهر *** في كتبه ومجالس الخلان
لا ليس يحقد أو يكن بقلبه *** غلا به يعلوك كالبركان
زد فوق هذا رقة رقراقة *** بالدمع تغرق منه ذي العينان [15]







الألباني .. عبادته
كان الألباني رحمه الله من أحرص الناس على أن تكون عبادته موافقة للسنة في صفتها وعددها ووقتها، فقد قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: "فالذي أعرفه من الشيخ من خلال اجتماعي به –وهو قليل- أنه حريص جدًا على العمل بالسنة، ومحاربة البدعة، سواء كانت في العقيدة أم في العمل".

فقد كان الألباني رحمه الله سريع التأثر والبكاء عند سماع آيات القرآن أو تلاوته، أو سماع الأحاديث النبوية التي فيها الوعد والوعيد.
وكان الألباني رحمه الله يحرص على صيام الاثنين والخميس صيفا وشتاء، إلا أن يكون مريضًا أو مسافرًا.
وكان إذا دخل يوم الجمعة لا يزال يصلي ركعتين ركعتين حتى يصعد الإمام المنبر.
وكان يحج ويعتمر كل عام ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وربما اعتمر في السنة الواحدة مرتين، وحجّ الألباني أكثر من ثلاثين حجة [16].




الألباني .. آثاره العلمية
ترك الشيخ الألباني رحمه الله ذخيرة علمية نفيسة جلها في خدمة كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صل الله عليه وسلم، وهي تزيد عن مائتي كتاب بين تأليف وتحقيق وتعليق وتخريج، ونذكر منها على سبيل المثال:

آداب الزفاف في السنة المطهرة، أحاديث الإسراء والمعراج، أحكام الجنائز، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، الأسئلة والأجوبة، صفة صلاة النبي صل الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها، صحيح وضعيف الجامع الصغير وزياداته، صحيح السيرة النبوية، صحيح وضعيف الترغيب والترهيب، جلباب المرأة المسلمة، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، منزلة السنة في الإسلام.










تلامذة الشيخ الألباني
تلاميذ الشيخ الألباني رحمه الله في العالم العربي والإسلامي، وسنذكر المشهورين منهم في عالمنا الآن، ومنهم:
عبد الرحمن الباني وزهير الشاويش وعصام العطار وهم من الرعيل الأول للإخوان المسلمين في سوريا.

الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق والدكتور عمر الأشقر ومحمود مهدي الإستانبولي والشيخ محمد عيد عباسي والشيخ محمد إبراهيم شقرة والشيخ مقبل بن هادي الوادعي والشيخ علي خشان والشيخ محمد جميل زينو، وحسين العوايشة، وعلي الحلبي، ومشهور حسن، ومحمد إبراهيم الشيباني، وحمدي السلفي [17].

الشيخ الألباني .. ثناء العلماء عليه
قال الشيخ محمد الغزالي في كتابه فقه السيرة عن الشيخ الألباني –رحمهما الله: "للرجل من رسوخ قدمه في السنّة ما يعطيه هذا الحق.. إني عظيم الحفاوة بهذا الاستبحار العلمي، وهو يمثل وجهة نظر محترمة في تمحيص القضايا الدينية، وشكر الله له جهده في المحافظة على تراث النبوّة، وهدانا جميعا سواء السبيل" [18].

وقال عنه الشيخ العلاَّمة عبد العزيز بن باز: «الألباني مجدد هذا العصر في علوم الحديث».
وقال عنه الشيخ محمد صالح العثيمين: «إن الألباني ذو علم جم في الحديث دراية ورواية وهو محدث العصر».
وقال العلاَّمة المحقق محب الدين الخطيب: «إن الألباني من دعاة السنة الذين وقفوا حياتهم على العمل لإحيائها».
وقال عنه الأديب العلامة علي الطنطاوي: «الشيخ ناصر الدين الألباني أعلم مني بعلوم الحديث، وأنا أحترمه لجده ونشاطه وكثرة تصانيفه التي يطبعها له أخي وولدي النابغة زهير الشاويش، وأنا أرجع إلى الشيخ ناصر في مسائل الحديث ولا أستنكف أن أسأله عنها معترفاً بفضله، وأنكر عليه إذا تفقه فخالف ما عليه الجمهور لأنه ليس بفقيه» [19].








الألباني والإخوان المسلمون
إنها لصورة قاتمة تلك التي يصورها البعض عن علاقة الشيخ الألباني بجماعة الإخوان المسلمين، صورة مليئة بالاتهامات والتضليل المتبادل بين الطرفين، والحقيقة غير ذلك على الإطلاق.

لقد كانت العلاقة بين الشيخ الألباني والإخوان المسلمين ملؤها الحب والتآزر والتلاحم، وهذا ما توضحه حقائق التاريخ، فمن بين تلك الحقائق أن الشيخ الألباني -رحمه الله- نال إجازة الحديث الشريف على يد الشيخ راغب الطباخ مؤرخ حلب ومحدثها يوم أجاز صاحبه الشيخ زهير الشاويش بوساطة الأستاذ محمد المبارك سنة 1946م [20]، والأستاذ المبارك من مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في سوريا.




كما أصدر الدكتور سعيد رمضان (مجلة المسلمون) بسوريا فترة من الزمن بإشراف الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين بسوريا، وكان من هدي المجلة أن أي سؤال في علم الحديث يحال مباشرة للشيخ الألباني، كما كان للشيخ الألباني بعض المقالات والتعقيبات في بابه الثابت بعنوان: (عودة إلى السنة) [21].


كما أرسل الإمام حسن البنا رحمه الله رسالة إلى الألباني يشجعه ويحثه على الاستمرار في منهجه العلمي السليم، ويقول الألباني: وللأسف هذه الرسالة قد ضاعت مني، وكانت هذه الرسالة بعد أن نشر الألباني في مجلة الإخوان المسلمين سنة 1947م، بعد التعليقات على مقالات الشيخ سيد سابق في فقه السنة التي كانت تنشر بمجلة "الإخوان المسلمون" [22].


وفي سؤال وجه للشيخ الألباني عن الإمام حسن البنا رحمه الله قال:" لو لم يكن للشيخ حسن البنا-رحمه الله- من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينمات ونحو ذلك والمقاهي، وكتّلهم وجمعهم على دعوة واحدة، ألا وهي دعوة الإسلام..لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلاً وشرفاً..هذا نقوله معتقدين، لا مرائين، ولا مداهنين".






مرض الشيخ الألباني
كان الألباني رحمه الله في الأيام الأخيرة من عمره يعاني من عدة أمراض وكان مع كل ذلك صابرا محتسبا، وقد نحل جسمه كثيرا، ومن تلك الأمراض التي عانى منها الألباني رحمه الله: فقر الدم والكبد وإحدى كليتيه.



ومع ذلك كان الألباني رحمه الله لا يهدأ عن البحث والمطالعة، وكانوا يسمعونه وهو نائم يقول: هات كتاب الجرح والتعديل، جزء كذا صفحة كذا، ويسمى غيره من الكتب، وذلك لشغفه –رحمه الله بالعلم نائما ويقظانا [23].




وفاة الشيخ الألباني
وبعد حياة حافلة بالعلم والعمل والدعوة والمرض والصبر توفي الشيخ الألباني رحمه الله في عصر يوم السبت 22 جمادى الآخرة 1420هـ/ 2 أكتوبر 1999م، وفي اليوم نفسه تم تجهيز جنازته والإسراع بها حسب ما أوصى به رحمه الله، وكان ذلك، فقد حملت جنازته من بيته إلى المقبرة، وصلى عليه تلميذه محمد إبراهيم شقرة، ودفن بعد صلاة العشاء [24].

فرحم الله الشيخ الألباني رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته على ما قدمه من خدمات جليلة في خدمة السنة النبوية المطهرة.
______________





[1] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص44، محمد صالح المنجد: أحداث مثيرة في حياة الشيخ العلامة الألباني ص8، عطية عودة: صفحات بيضاء من حياة الألباني ص19، عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان: الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر ص13.
[2] محمد صالح المنجد: أحداث مثيرة في حياة الشيخ العلامة الألباني ص9.
[3] الترمذي: السنن (2645)، قال الألباني: صحيح.
[4] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص45.
[5] عودة: صفحات بيضاء من حياة الألباني ص22، ص71- 72.
[6] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص48، محمد صالح المنجد: أحداث مثيرة في حياة الشيخ العلامة الألباني ص11، عطية عودة: صفحات بيضاء من حياة الألباني ص22- 23.
[7] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص46- 51، محمد صالح المنجد: أحداث مثيرة في حياة الشيخ العلامة الألباني ص10- 11، عطية عودة: صفحات بيضاء من حياة الألباني ص24 – 26.
[8] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص51- 52.
[9] عطية عودة: صفحات بيضاء من حياة الألباني ص29، محمد صالح المنجد: أحداث مثيرة في حياة الشيخ العلامة الألباني ص12.
[10] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص54- 56، محمد صالح المنجد: أحداث مثيرة في حياة الشيخ العلامة الألباني ص20- 21.
[11] عبد الله العقيل: أعلام الدعوة .. محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر.. وناصر السُّنَّة ص1063- 1064.
[12] عبد الله العقيل: أعلام الدعوة .. محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر.. وناصر السُّنَّة ص1062.
[13] انظر بالتفصيل محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص64- 73.
[14] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص75- 76.
[15] علي بن حسن الحلبي: المنظومة النونية في مآثر وآثار ورثاء محمد ناصر الدين الألباني ص14- 15.
[16] عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان: الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر ص88.
[17] انظر تفصيل ذلك محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص94- 106.
[18] محمد الغزالي: فقه السيرة ص11- 14.
[19] عبد الله العقيل: أعلام الدعوة .. محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر.. وناصر السُّنَّة ص1068.
[20] عبد الله العقيل: أعلام الدعوة .. محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر.. وناصر السُّنَّة ص1062.
[21] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص73.
[22] محمد إبراهيم الشيباني: حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ص68.
[23] عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان: الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر ص292، عطية عودة: صفحات بيضاء من حياة الألباني ص93- 94.
[24] عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان: الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر ص292، محمد صالح المنجد: أحداث مثيرة في حياة الشيخ العلامة الألباني ص46.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:36 am

علماء الحديث YsR7a


احتل الحافظ ابن حجر العسقلاني مكانة مرموقة في تاريخ الفكر الإسلامي، وتعد مؤلفاته واحدة من أمهات الكتب والموسوعات العلمية التي تقوم عليها المكتبة الإسلامية، وابن حجر واحد من علماء المسلمين الموسوعيين الذين كتبوا في علوم الإسلام المختلفة، فنبغوا ووصلوا فيها إلى القمة.

نسب ابن حجر العسقلاني
هو شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد [1] بن حجر الكناني العسقلاني [2] الشافعي المصري القاهري المولد والمنشأ والدار والوفاة. المعروف بالحافظ ابن حجر العسقلاني.

مولد ابن حجر العسقلاني
ولد ابن حجر –رحمه الله- في الثاني والعشرين من شعبان سنة 773 هـ [3]، في منزل كان يقع على شاطئ النيل، بالقرب من دار النحاس والجامع الجديد، وظل ابن حجر –رحمه الله في بيته هذا حتى انتقل منه في أواخر القرن الثامن الهجري إلى القاهرة، حيث تزوج بأم أولاده فسكن بقاعة جدها منكوتمر المجاورة لمدرسته المنكوتمرية داخل باب القنطرة، بالقرب من حارة بهاء الدين، واستمر بها حتى مات [4].

أسرة ابن حجر العسقلاني
نشأ ابن حجر في أسرة تشتغل بالعلم وتشجع عليه، فقد اشتغل أبوه بالعلم والفقه ومهر بالآداب، موصوفاً بالعقل والمعرفة والديانة والأمانة ومكارم الأخلاق ومحبة الصالحين والمبالغة في تعظيمهم، وأما أمه فهي من بيت عُرف بالتجارة والثراء والعلم، ولابن حجر أخت اسمها (ست الرَّكب)، قال عنها ابن حجر: "كانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء، وهي أمي بعد أمي"، ويذكر ابن حجر –رحمه الله- أن له أخًا من أبيه، قرأ الفقه والفضل،وعرض المنهاج، ثم أدركته الوفاة، فحزن عليه والده حزنا شديدا، وذكر ابن حجر –رحمه الله- أن والده حضر إلى الشيح يحيى الصنافيري، فبشَّره بأن الله تعالى سيخلف عليه غيره ويعمره، فكان مولد ابن حجر- رحمه الله- بعد ذلك بقليل. وذكر السخاوي أن الشيخ الصنافيري بشَّر والد ابن حجر –رحمه الله- بقوله: "يخرج من ظهرك عالمٌ يملأ الأرض علمًا" [5].

نشأة ابن حجر العسقلاني
نشأ ابن حجر العسقلاني –رحمه الله- في أسرة تحب العلم وتشجع عليه، وهذا قدر الله له أن يهيئ له جوًا علميًا وبيئة صالحة تأخذ بيده إلى العلم، حتى صار له شأن عظيم بين الناس، وشاء الله -تعالى- كذلك أن ينشأ ابن حجر- رحمه الله- يتيمًا أباً وأمًا، فحُرم من عطف أبيه وعلمه كما حرم من حنان أمه، إلا أنه –رحمه الله- تغلب على ظروفه وكافح في حياته حتى نال السؤدد بين الناس بالعلم والحديث.

نشأ ابن حجر –رحمه الله- مع يتمه في غاية العفة والصيانة والرياسة في كنف أحد أوصيائه زكي الدين الخروبيّ، وهو من كبار التجار في مصر، ولم يألُ الخروبي جهدًا في رعايته والعناية بتعليمه، فأدخله الكتاب بعد إكمال خمس سنين، وكان لدى ابن حجر ذكاء وسرعة حافظة بحيث إنه حفظ سورة مريم في يوم واحد [6].

وأكمل ابن حجر حفظه للقرآن على يد صدر الدين السَّفطي المقرئ، وهو ابن تسع سنين. واصطحب الزكي الخروبي ابن حجر معه في الحج عند مجاورته في مكة أواخر سنة 784هـ، وفي سنة 785 هـ أكمل ابن حجر اثنتي عشرة سنة، ومن حسن حظه أن يكون متواجدًا مع وصيه الخروبي في مكة، فصلى بالناس التراويح في تلك السنة إمامًا في الحرم المكي. ويمكن أن نستقرأ من هذه الأخبار بوادر نبوغ الحافظ ابن حجر المبكرة، والتي تتمثل في إتمامه القرآن صغيرا وإمامته للناس في الحرم المكي وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وهو سن ربما يعتري الأطفال فيه رهبة وخوفا، إلا أن نبوغ الطفل الصغير وذكائه وحسن تربيته ونشأته أهلته لأن يكون كذلك في غاية النباهة والثبات.

وبعد رجوع ابن حجر –رحمه الله- مع وصيه الخروبي من الحج سنة 786 هـ حفظ عمدة الأحكام للمقدسي وألفية العراقي في الحديث والحاوي الصغير للقزوينبي ومختصر ابن الحاجب في أصول الفقه ومنهج الأصول للبيضاوي، وتميَّز ببين أقرانه بقوة الحفظ، فكان يحفظ الصحيفة من الحاوي الصغير من مرتين الأولى تصحيحا والثانية قراءة في نفسه ثم يعرضها حفظا في الثالثة ، ويذكر السخاوي أن حفظ ابن حجر –رحمه الله- لم يكن على طريقة الأطفال في المدرسة، وإنما كان حفظه تأمُّلا على طريقة الأذكياء.

وظل ابن حجر في كنف وصيه يرعاه إلى أن مات الزكيّ الخروبي سنة 787هـ، وكان ابن حجر قد راهق، فلم تعرف له صبوة ولم تضبط له زلة.

وفي سنة 790 هـ أكمل ابن حجر –رحمه الله- السابعة عشرة من عمره، فقرأ القرآن تجويدا على الشهاب الخيوطي، وسمع صحيح البخاري على بعض المشايخ، كما سمع من علماء عصره البارزين واهتم بالأدب والتاريخ. وفي هذه الفترة انتقل ابن حجر –رحمه الله- إلى وصاية شمس الدين بن القطان المصري فحضر دروسه في الفقه والعربية والحساب، وفي سنة 793هـ نظر في فنون الأدب، ففاق أقرانه فيها، حتى أنه لا يكاد يسمع شعرا إلا ويستحضر من أين أخذ ناظمه وطارح الأدباء. ونظم الشعر والمدائح النبوية [7].

وتمثِّل سنة 793 هـ منعطفا ثقافيا في حياة ابن حجر –رحمه الله، فمن هذه الثقافة العامة الواسعة واجتهاده في الفنون التي بلغ فيها الغاية القصوى أحس بميل إلى التخصص فحبّب الله إليه علم الحديث النبوي، فأقبل عليه بكليته، ويذكر السخاوي أن ابن حجر –رحمه الله- لم يكثر في طلب الحديث إلا في سنة 796 هـ، وكتب بخط يده: "رفع الحجاب وفتح الباب وأقبل العزم المصمم على التحصيل ووفق للهداية إلى سواء السبيل" [8]. فكان أن تتلمذ على خيرة علماء عصره، ويذكر السيوطي أن ابن حجر –رحمه الله- لازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي عشر سنين، وبرع في الحديث وتقدم في جميع فنونه، وحكي أنه شرب ماء زمزم ليصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ، فبلغها وزاد عليها [9].

وهكذا فإن ابن حجر العسقلاني –رحمه الله- لم يبلغ من العمر خمسة وعشرين سنة حتى جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد في عصره، في علوم القرآن والتفسير والفقه واللغة والأدب والتاريخ والحديث والنحو، وجمع بين علوم النقل والعقل، وأخذ عن عدد جمّ من المتخصصين في علوم المعارف كلها، ولا يتوفر ذلك إلا لشاب ذو همة عالية وعزيمة قوية ورغبة حقيقية في طلب العلم والانتفاع به، ولا نجد أبلغ تعبير عن هذه الدرجة من العلم والفقه من تلميذه السخاوي، حيث يقول واصفًا حال شيخه: "فجدّ بهمة وافرة وفكرة سليمة باهرة، في طلب العلوم منقولها ومعقولها، حتى بلغ الغاية القصوى، وصار كلامه مقبولا عند أرباب سائر الطوائف، لا يعدون مقالته لشدة ذكائه وقوة باعه، حتى كان حقيقًا بقول القائل:

وكان من العلوم بحيث يقضي *** له في كل علم بالجميع [10].

زواج ابن حجر العسقلاني وأولاده
تزوج الحافظ ابن حجر –رحمه الله- من أنُْس خاتون، وكانت تحدث بحضور زوجها، وقرأ عليها الفضلاء، وكانت تحتفل بذلك وتكرم الحاضرين. وكان ابن حجر يكن لها الاحترام الكبير.

كما أن ابن حجر –رحمه الله تسرَّى من جارية زوجته واسمها خاص ترك، ووطئها فأنجبت له ولده بدر الدين أبي المعالي محمد. كما تزوج ابن حجر –رحمه الله- من أرملة الزين أبي بكر الأمشاطي بعد وفاته سنة 834 هـ، ومن ليلى ابنة محمود بن طوعان الحلبية سنة 836 هـ.

أما أولاده فهم خمسة، أربع بنات وولد واحد ذكر، فأما البنات فهن من زوجته الأولى أُنس: زين خاتون، وفرحة وعالية، ورابعة وفاطمة، وأما الولد الذكر من سريته خاص ترك، وهو: أبو المعالي بدر الدين محمد [11].

رحلة ابن حجر العسقلاني في طلب العلم 
كان ابن حجر –رحمه الله- مع صغر سنه لا يألو جهدا في الرحلة إلى طلب العلم وتحصيله، مهما كلفه ذلك من بعدٍ عن أهله وأولاده وأصحابه، ومهما عانى من سفره من تعب ونصب. وقد عبَّر عن ذلك ابن حجر نفسه بقوله:

وإذا الديار تنكرت سافرت في *** طلب المعارف هاجرا لدياري
وإذا أقمت فمؤنسي كتبي، فلا *** أنفك في الحالين من أسفاري [12]

فكانت أول رحلته إلى قوص وهو في العشرين من عمره، وبالتحديد سنة 793 هـ، حيث حطت رحاله في قوص في صعيد مصر [13].

وفي أواخر سنة 793 هـ كانت لابن حجر –رحمه الله- رحلة إلى الإسكندرية، والتقى فيها ابن حجر بمجموعة من المحدثين والمسندين، منهم ابن الخراط، وابن شافع الأزدي، وابن الحسن التونسي، والشمس الجزري. وقد أورد ابن حجر ما لقيه من العلماء وما سمعه منهم وما وقع له من النظم والمراسلات وغير ذلك في كتاب سماه "الدرر المضيئة من فوائد إسكندرية" [14].

ثم كانت له رحلة إلى بلاد اليمن، وقد طاف ابن حجر –رحمه الله- معظم بلاد اليمن طلبا للعلم وملاقاة لعلمائها، ومنهم شيخ اللغويين في زمانه الفيروزآبادي، وقرأ عليه أشياء، وأعطاه النصف الثاني من تصنيفه "القاموس المحيط"، لتعذر وجود باقيه حينئذٍ، وأذن له مع المناولة في روايته عنه. ويذكر السخاوي أن ابن حجر –رحمه الله- كانت له رحلة ثانية إلى اليمن وذلك سنة 806هـ، بعد أن جاور بمكة، فلقي فيها كثير من العلماء، فحمل عنهم وحملوا عنه [15].

وكانت لابن حجر رحلة إلى الحجاز للحج والمجاورة، حيث الفرصة سانحة للاشتغال والمذاكرة على ما يصادفونه هناك من العلماء والشيوخ والمحدثين والمسندين، وكان آخر حجة حجها –رحمه الله- سنة 824هـ، وفيها نزل بالمدرسة الأفضلية، أنزله فيها قاضي مكة المحب بن ظهيرة. والتقى ابن حجر –رحمه الله- في منى ومكة والمدينة جمعا كبيرا من العلماء والمحدثين والقضاة والأعيان، فقرأ عليهم وقرءوا عليه، وأخذوا عنه بعض تصانيفه، وأجاز لهم بالرواية عنه [16].

ورحل ابن حجر –رحمه الله- إلى بلاد الشام في سنة 802هـ، وحثه على الرحلة إليها شيخه محمد بن محمد بن محمد الجزري، وصحبه فيها قرينه الزين شعبان، وسمع بسرياقوس وغزة ودمشق ونابلس وبيت المقدس والخليل والصالحية، وغيرها من بلاد الشام، والتقى هناك بعدد غفير من العلماء والمسندين، وفي رحلته لبيت المقدس يقول:

إلى البيت المقدس جئت أرجو *** جنان الخلد نزلا من كريم
قطعنا في مسافته عقابا *** وما بعد العقاب سوى النعيم

وفد برهن الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في رحلته إلى الشام على كفاءة نادرة تثير الدهشة، فلقد حصّل -مع قضاء أشغاله- ما بين قراءة وسماع من الكتب والمجلدات، منها: المعجم الكبير والأوسط للطبراني، والمعرفة لابن منده، والسنن للدارقطني، وصحيح ابن خزيمة وابن حبان، والاستيعاب لابن عبد البر وفضائل الأوقات للبيهقي ومكارم الأخلاق للخرايطي والطهور لأبي عبيد، ومسند أبي يعلى. وغير ذلك كثير [17].

شيوخ ابن حجر العسقلاني
قدّر للحافظ ابن حجر –رحمه الله- أن يجتمع له من العلماء والشيوخ والحفاظ ما لم يجتمع لأقران زمانه، وأدرك من الشيوخ جماعة كل واحد رأس في فنه الذي اشتهر به، "فالتنوخى في معرفَة القراءات، والعراقي في الحَدِيث، والبلقيني فِي سعة الحفظ وكثرة الاطلاع، وابن الملقن في كثرة التصانيف، والمجد الفيروزآبادي صاحب القاموس في حفظ اللغة، والعز بن جماعة في تفننه في علوم كثيرة، بحيث كان يقول: (أنا أقرأ في خمسة عشر علما لا يعرف علماء عصري أسماءها)" [18].

وقد بلغ عدد شيوخه بالسّماع وبالإجازة وبالإفادة على ما بيَّن بخطه نحو أربعمائة وخمسين نفسا، وإذا استثنينا الشيوخ الذين أجازوا عموما فقد ترجم في "المجمع المؤسس" لأكثر من ستمائة شيخ، وذكر بعضهم أن عدد شيوخه بلغ ستمائة نفس سوى من سمع منه من الأقران [19].

[color:95f8=rgb(139, 0, 0)]تلاميذ ابن حجر العسقلاني
ظل ابن حجر –رحمه الله- في تفرده حتى أجمع العلماء على أنه حافظ الإسلام وأمير المؤمنين في الحديث، الذي انتهت إليه معرفة الرجال واستحضارهم، ومعرفة علل الحديث، وغير ذلك، وصار هو المعوّل عليه في هذا الشأن في سائر الأقطار [20]، فأقبل عليه طلبة العلم ينهلون من علمه ونهره، ولقد سرد السخاوي في الجواهر والدرر أسماء جماعة كبيرة ممن أخذوا العلم على يد ابن حجر –رحمه الله- دراية ورواية، وقد بلغوا ستمائة وست وعشرين اسما، وكان يذكر ما قرأه أو ما سمعه التلميذ على الحافظ ابن حجر –رحمه الله [21].

وأبرز ما يلاحظ على هذه الأسماء التي أوردها السخاوي وغيره، أنهم جاءوا من بقاع شتى من العالم الإسلامي، فمنهم المكي والشيرازي والهروي والغرناطي والبغدادي، فضلا عن الشاميين والمصريين. كما يلاحظ أنهم من مختلف المذاهب الفقهية، فمنهم الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، علمًا بأنه الحافظ ابن حجر شافعيّ المذهب.

ويمكن أن نبرز أشهر من تتلمذ على يد الحافظ ابن حجر –رحمه الله- وشاع علمه في الآفاق، ومنهم:
ابن قاضي شهبة (ت 851 هـ)، صاحب طبقات الشافعية.
ابن فهد المكي (ت 871 هـ) صاحب لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ.
ابن تغري بردي (ت 874 هـ) صاحب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة والمنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي.
محمد الكافيجي الحنفي (ت 879 هـ)، صاحب المختصر في علم التاريخ، والتيسير في قواعد علم التفسير.
وأخيرا تلميذه الوفي النبيه شمس الدين السخاوي (ت 902 هـ)، صاحب الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، وكتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، والجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر [22].

وظائف ابن حجر
تصدر ابن حجر –رحمه الله- للإقراء والإملاء والتدريس والخطابة والقضاء، على هذا النحو:

أولًا: الإملاء 
شرع ابن حجر –رحمه الله- الإملاء في سنة 808 هـ، حيث أملى كتاب: ""الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع"، من حديثه عن شيوخه، في ستة عشر مجلسا بالشيخونية. وكان آخر مجلس أملاه سنة 850 هـ. بدار الحديث الكاملية، وجملة ما أملاه 1150 مجلسا، وبلغت عدد مجلدات ما أملاه عشرة مجلدات، أملاه من حفظه مهذبة محررة متقنة [23].

ثانيًا: التدريس 
اختص ابن حجر –رحمه الله- بالتدريس في أماكن متعددة كانت محلا لتداريس في علوم شرعية، منها: 
اشتغل بتدريس التفسير بالمدرسة الحسينية، والقبة المنصورية، وتدريس الحديث بالشيخونية، وقبة الخانقاة البيبرسية، والمدرسة الجمالية المستجدة، ودرّس الحديث كذلك بجامع ابن طولون سنة 833 هـ، والقبة المنصورية، ومشيخة الحديث بالمدرسة الزينية سنة 851 هـ.
وتدريس الفقه بالشيخونية والمدرسة الشرفية الفخرية ، والمؤيدية سنة 822 هـ، والمدرسة الخروبية البدرية بمصر، والمدرسة الصالحية المجاورة للإمام الشافعي سنة 846 هـ [24].

ثالثًا: الإفتاء والخطابة
ولي ابن حجر –رحمه الله- إفتاء دار العدل سنة 811 هـ، واستمرت هذه الوظيفة معه حتى مات، فكان إلى فتاويه النهاية في الإيجاز مع حصول الغرض، ولا سيما في المسائل التي لا نقل فيها. وكان يكتب في اليوم أكثر من ثلاثين فتيا، وكان يكتب فتاويه ويجب على الأسئلة حتى وهو على راحلته، دليل على تمكنه [25]. وأما الخطابة فقد تولى ابن حجر –رحمه الله- الخطابة بالجامع الأزهر سنة 819 هـ، عوضا عن خطيبه تاج الدين بن رزين، ثم تولى الخطابة بجامع عمرو بن العاص سنة 838هـ، وخطب بجامع القلعة بالسلطان، وخطب بـ الجامع الأموي بدمشق.

وكان لخطبه وقع في القلوب وتأثير بعيد المدى،جعل السخاوي يقول: "وأما خطبه فكان لها صدعا في القلوب، وتزداد وهو على المنبر في المهابة والنور.. ما لا أستطيع وصفه بحيث كنت إذا نظرت إليه وهو على المنبر يغلبني البكاء" [26].

[color:95f8=rgb(139, 0, 0)]رابعًا: القضاء
عرض على ابن حجر –رحمه الله- القضاء قبل انقضاء القرن، أي وله من العمر سبع وعشرون سنة، إلا أنه امتنع؛ لأنه حينئذ كان لا يؤثر على الاشتغال بالحديث شيئًا. وقد فوّض إليه الملك المؤيد القضاء بالشام مرارا فأبى وأصر على الامتناع [27]. بيد أن موقفه –رحمه الله- تغير نتيجة لإسناد بعض المهام المتعلقة بالقضاء إليه، وأيًا ما كان الأمر فقد تولى الحافظ ابن حجر –رحمه الله- القضاء نيابة، وثم ما لبث أن تولاه استقلالا في السابع والعشرين من المحرم سنة 827هـ ، وذلك بتفويض من الملك الأشرف برسباي [28].

فباشر ذلك الحافظ ابن حجر –رحمه الله- بنزاهة وعفة وتواضع زائد، واستجلاب لخاطر الصغير قبل الكبير، وتصميم في الأمور، وإحسان للفقراء والطلبة، لكن كان بنكدٍ وعنادٍ وتعب وكثرة مُعارض وقلة إنصاف. إلا أنه أحس بالندم بعد توليه القضاء؛ لأن أرباب الدولة لا يفرقون بين أولي الفضل وغيرهم، ويبالغون في اللوم حيث ردت إشاراتهم .. واحتياج القاصي إلى مداراة الكبير والصغير، بحيث لا يمكن مع ذلك القيام بكل ما يرومه على وجه العدل [29]. ولم تدم مدة ولايته الأولى هذه في القضاء، فقد صرف نفسه في ذي القعدة 827هـ، ويعلق ابن فهد المكي على ذلك فيقول: " ولو استمر على ذلك لكان خيرا له في دينه ودنياه" [30].

وعلى كلٍ فإن ابن حجر –رحمه الله- ظل يولّى ثم يُصرف في منصب قاضي القضاة، حتى صرف نفسه في السنة التي مات فيها، وذلك في يوم الاثنين الثامن من ربيع الآخرة سنة 852هـ [31].
تبيَّن لنا أنا الحافظ ابن حجر –رحمه الله- كان يقوم بدور إصلاحيّ كبير في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإصلاح ما أفسد في الحياة الاجتماعية والسياسية والعامة، كل ذلك يحمله شعور بالمسئولية عظيم، حتى أنه إذا رأى مع شخص وظيفة لا يستحقها اجتهد في استنزاله عنها، ويباشرها قليلا ثم يرغب عنها لمن يستحقها ممن يكون فقيرا [32].

[color:95f8=rgb(139, 0, 0)]جهود ابن حجر العلمية ومصنفاته
بدأ الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في التصنيف في السنة التي جدّ فيها في طلب الحديث النبوي وفنونه، أي في سنة 796 هـ، وظل يصنّف حتى قبيل وفاته –رحمه الله. قال السخاويّ: "انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك وكتبها الأكابر"، أما تصانيفه فكثيرة جليلة، منها:

فتح الباري شرح صحيح البخاري - وتهذيب التهذيب - وتقريب التهذيب - ولسان الميزان - الإصابة في تمييز الصحابة - وإتحاف المهرة بأطراف العشرة - والنكت على مقدمة بن الصلاح - وأمالي الأذكار المسمى: نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار- وتغليق التعليق - تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس - الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية- نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر- شرح نخبة الفكر: نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر - الإيثار بمعرفة رواة الآثار - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه - نزهة الألباب في الألقاب - إنباء الغمر بأنباء العمر - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة. رفع الإصر عن قضاة مصر - بلوغ المرام من أدلة الأحكام - المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس، وغيرها كثير [33].

[color:95f8=rgb(139, 0, 0)]صفات ابن حجر العسقلاني الخَلْقِيَّة
كان ابن حجر –رحمه الله- ربعة، أبيض اللون، كثّ اللحية، ووجه صبيح، للقصر أقرب، وفي الهامة نحيف، جيد الذكاء، فصبح اللسان، شجي الصوت، صحيح السمع والبصر، صغير الفم، قوي البنية، عالي الهمة، خفيف المشية، عظيم الحذق لمن ناظره أو حاضره، هذا مع سكون ووقار وأبهة وثبات، تاركا لما لا يعنيه، طارحا للتكلف، كثير الصمت إلا لضرورة، شديد الحياء [34].

[color:95f8=rgb(139, 0, 0)]أخلاق ابن حجر العسقلاني
تمتع ابن حجر العسقلاني –رحمه الله- بجملة من الصفات والأخلاق كانت مثالًا ونموذجا للعالم العامل، فكان محلّ قدوة لتلاميذه ومريديه، وقد وصفه ابن تغري بردي في المنهل الصافي،فقال:
"وكان ذا شيبة نيرة ووقار وأبهة، ومهابة، هذا مع ما احتوى عليه من العقل والحكمة والسكون والسياسة والدربة بالأحكام ومداراة الناس، قبل أن يخاطب الشخص بما يكره، بل كان يحسن لمن يسيء إِلَيْهِ ويتجاوز عمن قدر عليه" [35].
وقد أفرد له السخاوي بابًا كاملا ذكر فيه أخلاق شيخه، ونذكر منها:

1-[color:95f8=rgb(139, 0, 0)] الورع عند ابن حجر
فقد روي أن عياله أحضروا له شيئا فأكله واستطابه، وقبل تمام أكله، ألقى الله تعالى في خاطره السؤال عنه، فذكروا له جهة لا يحب الأكل منها، فاستدعى بتشط، وقال: أفعل كما فعل أبو بكر الصديق –رضي الله عنه، ثم استقاء ما في بطنه [36]. ولا شك أن الورع خير ما يتخلق به العلماء.

2- [color:95f8=rgb(139, 0, 0)]الحلم في حياة ابن حجر
فقد روي أن بعض الشعراء هجاه وبالغ في هجاه، فما احتمل محبيه وتلامذته ذلك، فأحضروا الشاعر وأرادوا أن ينالوه منه، وبلغ ابن حجر –رحمه الله- ذلك، فتغيظ عليهم، وأمر بصرفه مكرما، بل أنعم عليه بشيء من الدنيا [37].

3- تواضع ابن حجر مع معرفته لقدر نفسه 
فقد سئل –رحمه الله: هل رأيت مثل نفسك؟، فقال:قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32].
وسأله بعض أصحابه: أنت أحفظ أم الذهبي؟، فسكت –رحمه الله- تواضعا. 
وكان رحمه الله- لا يتكثَّر بعلومه ولا يتبجح بها، ولا يفتخر، ولا يباهي بمعارفه، بل كان يستحي من مدحه ويطرق، ولقد قال له بعض تلاميذه مرة: يا سيدي، إن لك بفتح الباري المنة على البخاري، فقال له: قصمت ظهري [38].

4- أدب ابن حجر مع العلماء 
وأما كثرة أدبه مع العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين، فمشهور بحيث كان إذا تعقّب النووي –رحمه الله- بشيء، يقول: وعجبت للشيخ مع سعة علمه كيف قال كذا، أو ما أشبه ذلك من العبارات [39].

5-[color:95f8=rgb(139, 0, 0)] عبادة ابن حجر
فقد كان الحافظ ابن حجر –رحمه الله- ملازما للتهجد وقيام الليل في مقامه وسفره، ولم يترك قيام الليل حتى مرضه الذي مات فيه، فكان يتّكأ على ولده. وأما صومه، فكان –رحمه الله- يصوم يوما ويفطر يوما، محافظا على أوقات الفضائل في الصيام. وأما قراءته للقرآن فكان –رحمه الله- مكثرا من قراءة القرآن لا سيما في حال ركوبه، وعقب صلاة الفجر بتدبر وتأن وسكون، إذا مرّ بآية رحمة سأل، أو عذاب تعوّذ. وأما عيادته للمرضى وشهود الجنائز، فكان حريصا على ذلك، لا سيما من يلوذ به، ومن لم يتيسر له عيادته منهم، تفقده بشيء من الدنيا. وأما اتباعه –رحمه الله- للسنة فهو شيء لا يُسأل عنه؛ لأنها عنه تؤخذ ومنه تُعرف، ويحرص بلسانه وقلمه على جذب الناس إليها، وتحذيرهم من مخالفتها، حتى كان يتأثر من تأخير الفطر وتقديم السحور [40]. ولعل ما ذكرناه من جملة عبادته –رحمه الله- ما دفع ابن تغري بردي أن يقول فيه: "وبالجملة فإنه أحد من أدركنا من الأفراد" [41].

6-[color:95f8=rgb(139, 0, 0)] الموضوعية والإنصاف في البحث
على الرغم من أن علوم ابن حجر –رحمه الله- كانت سلفية، وغالب قضايا وتصرفات مجتمعه كانت كذلك، فإنه قد انسلخ بفكره من بيئته وصار سباقا لعصره في التحرر، والتحرز عن التعصب والانقياد للإجماع الخاطئ، الذي كثيرا ما أهلك العلماء، فكان الحافظ ابن حجر –رحمه الله- ميالا للحق بل والمعاداة فيه، منصفا في البحث ولو على نفسه، لا يستنكف من سماع الفائدة ولو من صغار الناس أو آحاد الطلبة، بل يستحسنها ويأمر الحاضرين بسماعها [42].

وفاة ابن حجر العسقلاني رحمه الله 
بدأ المرض بالحافظ ابن حجر –رحمه الله- في ذي القعدة سنة 852هـ، ومع مرضه –رحمه الله- إلا أنه كان يواصل أعماله ويحضر مجالس الإملاء، يعلِّم الناس أحكام دينهم وأمور دنياهم، وفي يوم الثلاثاء الخامس عشر من ذي القعدة حضر مجلس الإملاء وقد زاد عليه الإرهاق والتعب، فتغيّر مزاجه وضعفت حركته، إلا أنه –رحمه الله- ما ترك صلاة جمعة ولا جماعة، ولكن مع مرور الأيام اشتد مرضه حتى ما استطاع أن يؤدي صلاة عيد الأضحى، إلا أنه صلى الجمعة التي تليه، ثم توجه إلى زوجته الحلبية، فاستعطف خاطرها في انقطاعها عنها، واسترضاها. وكان –رحمه الله- قد استشعر بالوفاة، فكان يقول: "اللهم حرمتني عافيتك، فلا تحرمني عفوك".

وقد تردد الأطباء عليه، وهرع الناس والقضاة والعلماء والصالحون أفواجا أفواجا لعيادته، واستغاثوا مبتهلين إلى الله تعالى في طلب عافيته. وقد طال مرضه –رحمه الله- شهرا، إلى أن كانت ليلة السبت الثامن عشر من ذي الحجة سنة 852 هـ، وبعد العشاء بساعة جلس حوله بعض أصحابه يقرءون (يس) مرة، ثم أعيدت إلى قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]، حتى فارقت الروح إلى بارئها.

وترك وصيته التي نقل السّخاوي نصها، عن سبطه يوسف بن شاهين، ومما ورد فيها أنه أوصى لطلبة الحديث النبوي والمواظبين على حضور مجالس الإملاء بجزء من تركته [43].
وكانت هذه ساعة عظيمة وأمرا مهولا، ودفن من الغد وصلى عليه بمصلاة بكتمر المؤمني بالرميلة، ومشى أعيان الناس من بيته داخل باب القنطرة إلى القرافة حيث دفن، وحضر السلطان الملك الظاهر جقمق الصلاة عليه، ومشى الخليفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان، والقضاة، والعلماء، والأمراء، والأعيان بل غالب الناس في جنازته حَتَّى قيل أنه قُدّر من مشى في الجنازة بأكثر من خمسين ألفًا. وكان لموته يوم عظيم على المسلمين، حتى على أهل الذمة. وقيل صلى عليه الخليفة العباسي، وقيل صلى عليه قاضي القضاة علم الدين البلقيني. وأقيمت صلاة الغائب عليه في جميع أنحاء العالم الإسلامي، في مكة وبيت المقدس وحلب والخليل، وغيرها من بلاد المسلمين [44].

فرحم الله الحافظ شيخ الإسلام أبا الفضل شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، وجزاه الله خيرا على ما قدم للإسلام والمسلمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:39 am

ابن الجوزي - الواعظ المربي


علماء الحديث WLSAe


نسب ابن الجوزي
هو الإمام العالم الزاهد الحافظ المؤرخ الواعظ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادى بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي، المعروف بأبي الفرج ابن الجوزي.

والجوزي نسبة إلى شجرة جوز كانت في داره بواسط ولم يكن بواسط جوزة غيره[1]، وقيل غير ذلك[2].

نشأة ابن الجوزي
ولد ابن الجوزي –رحمه الله- بدرب حبيب في بغداد سنة 511هـ/ 1117م [3]، واختلف كذلك في تاريخ مولده[4]. وعلى هذا فإن ابن الجوزي ولد بغداد في فترة سيطرة السلاجقة على الخلافة العباسية، وبالتحديد في خلافة المستظهر بالله العباسي (من محرم 487هـ حتى ربيع آخر 512هـ)، وهي فترة عرفت بالاضطرابات السياسية والعسكرية عانت منها الخلافة سنينا.

وقد نشأ ابن الجوزي في أحضان أسرة غنية ميسورة الحال فقد كان أهله يعملون في تجارة النحاس، ولهذا كان ابن الجوزي يكتب اسمه أحيانا: بـ (عبد الرحمن الصفار)، أو ابن جوزي الصفار[5].

توفي والد عبد الرحمن بن الجوزي وعمره ثلاث سنوات، فكفلته أمه وعمته، فأحسنتا رعايته وتربته والاعتناء به؛ ولما ترعرع ووجدت عمته فيه من النباهة والذكاء، أرسلته إلى مسجد أبي الفضل ابن ناصر (محمد بن ناصر الحافظ) وهو خاله، فلزم الشيخ ابن ناصر الحافظ وقرأ عليه وسمع عليه الحديث، وقد قيل: إن أول سماعه سنة 516هـ، أي كان لابن الجوزي من العمر نحو 5 سنوات تقريبا.[6]

حياة ابن الجوزي الأولى في طلب العلم
كانت للتنشئة الحسنة لابن الجوزي على يد أمه وعمته وشيخه ابن ناصر الحافظ أثر كبير في تكوين حياته العلمية الأولى وزرع حب العلم في قلبه، كما كان الغنى والثراء وكثرة التجارة والأموال التي تركها والده أثر كبير في تفرغ ابن الجوزي للعلم وعدم الانشغال بغيره، لذا شرع عبد الرحمن بن الجوزي في طلب العلم وهو صغير، وهذا ما جعله فريدا في عصره وبين أقرانه.

ومع ما كان يتمتع به ابن الجوزي من الغنى والثراء اللذين يغريان أي شاب أن يتمتع ويتلذذ بهما ما يشاء وخاصة مع انتشار الغناء في بغداد وتعدد وسائل اللهو إلا الصبي ما كان ينظر إلى كل هذا، بل نراه –رحمه الله- يجاهد نفسه لترويضها على القليل من متاع الدنيا، بل نشأ –رحمه الله- يتيما على العفاف والصلاح[7].

وكان ابن الجوزي في صغره وطفولته لا يحب مخالطة الناس خوفا من ضياع الوقت في الهفوات، فيقول ابن كثير: "وَكَانَ وهو صبي دَيِّنًا مَجْمُوعًا عَلَى نَفْسِهِ لَا يُخَالِطُ أَحَدًا ولا يأكل ما فِيهِ شُبْهَةٌ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا للجمعة، وكان لا يلعب مع الصبيان[8]".

لقد روّض ابن الجوزي –رحمه الله- نفسه منذ صغره على حب العلم وطلبه وتعلمه، فلم يعد ينشغل بغيره ولا يهدر همته إلا عليه، فنراه يقول عن نفسه: "إنني رجل حبب إلي العلم من زمن الطفولة، فتشاغلت به، ثم لم يحبب إلي فن واحد منه، بل فنونه كلها، ثم لا تقتصر همتي في فن على بعضه، بل أروم استقصاءه، والزمان لا يسع، والعمر أضيق، والشوق يقوى، والعجز يظهر، فيبقى وقوف بغض المطلوبات حسرات[9]".

والأكثر من ذلك أن ابن الجوزي –رحمه الله- كان يعرض نفسه للشدائد طلبا للعلم، فلم تكن حياته العلمية الأولى سهلة ميسورة بل كانت مليئة بالمتاعب والصعاب، ولكن الفتى حبب إليه العلم فأصبحت الشدائد في طلب العلم ملذات، فنراه يقول عن نفسه: " ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل، لأجل ما أطلب وأرجو، كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة، فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى (نسبة إلى الأمير عيسى بن علي)، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة، شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم[10]"، وهذا ما لا يتوفر إلا في عظماء الرجال.

شيوخ ابن الجوزي
ذكر ابن الجوزي –رحمه الله- شيوخه في كتاب خاص سماه (مشيخة ابن الجوزي)، وقد عدّ فيه أبو الفرج ابن الجوزي –رحمه الله- 86 شيخا وثلاث نسوة.

وقد تتلمذ ابن الجوزي على يد جملة من المشايخ والعلماء هم خيرة علماء عصره، وما ذلك إلا بحسن اختيار مشايخه ومن يأخذ عنه، فمع صغر سنه في طلب العلم إلا أنه تمتع بحسن بصيرته جعلته يميز بين العلماء فنراه يقول: " حملني شيخنا ابن ناصر إلى الأشياخ في الصغر وأسمعني العوالي، وأثبت سماعاتي كلّها بخطّه، وأخذ لي إجازات منهم، فلما فهمت الطلب كنت ألازم من الشيوخ أعلمهم وأوثر من أرباب النقل أفهمهم، فكانت همتي تجويد العُدد لا تكثير العَدد[11]".

وذكر ابن رجب الحنبلي والصفدي جملة من مشايخه في ترجمتهما له[12].

من أشهر شيوخ ابن الجوزي
1- أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ (467 /550 هـ): وهو خاله، وقد اعتنى به وأسمعه الحديث، وقد قيل: إن أول سماعاته سنة 516هـ، "وَكَانَ -ابن ناصر- حَافِظًا ضَابِطًا مُكْثِرًا من السُّنَّةِ كَثِيرَ الذِّكْرِ، سَرِيعَ الدَّمْعَةِ[13]"، ويرجع الفضل له بعد الله تعالي إلى ما وصل إليه ابن الجوزي من العلم، يقول ابن الجوزي: "حملني شيخنا ابن ناصر إلى الأشياخ في الصغر، وأسمعني العوالي، وأثبت سماعاتي كلها بخطه، وأخذ لي إجازات منهم[14]".

2- أبو الحسن عليّ بن عبد الواحد الدينوري: عدّه ابن الجوزي الشيخ (5)، وأخذ عنه الفقه والخلاف والجدل والأصول[15]، وكان يسكن باب البصرة من غربي بغداد. وتوفي في جمادى الآخرة سنة 521ه[16].

3- أبو منصور الجواليقي (465- 540هـ): عدّه ابن الجوزي الشيخ (41)، وهو اللغوي الأديب، قال عنه ابن الجوزي: " انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمُ اللُّغَةِ.. وَكَانَ غَزِيرَ الْعَقْلِ مُتَوَاضِعًا، طَوِيلَ الصَّمْتِ، لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا بَعْدَ التَّفْكِيرِ الطَّوِيلِ وَالْيَقِينِ[17]"، أخذ عنه ابن الجوزي الأدب واللغة.

تلاميذ ابن الجوزي
تتلمذ على يدي ابن الجوزي –رحمه الله- جملة من التلاميذ حملوا شعلة العلم في ربوع الدني[18].

ومن أشهر تلاميذه
1- سبط ابن الجوزي: شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي التّركي البغدادي الحنفي، سبط[19] الإمام عبد الرحمن بن الجوزي (581- 654هـ)، ولد ببغداد ومات بدمشق، وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها واعظا وحيدا فِي الْوَعْظ عَلامَة فِي التَّارِيخ وَالسير. صنف مجموعة من الكتب، منها: مرآة الزمان في التاريخ، وشرح الجامع الكبير[20].

2- الحافظ عبد الغني المقدسي: أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد الجمّاعيلي المقدسي الدمشقي (541- 600هـ)، ولد بجمّاعيل بنابلس وتوفي بمصر، كَانَ أَوْحَدَ زَمَانِهِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَالْحِفْظِ، من مصنفاته: الكمال في أسماء الرجال، والأحكام الكبرى والصغرى[21].
ابن الجوزي .. العالم الموسوعي
كان ابن الجوزي –رحمه الله- عالم موسوعي كبير، يقول ابن كثير: "برز في علوم كثيرة، وانفرد بها عن غيره، وَجَمَعَ الْمُصَنَّفَاتِ الْكِبَارَ وَالصِّغَارَ نَحَوًا مِنْ 300 مصنف، وكتب بيده نحوا من 200 مُجَلَّدَةٍ ... وَلَهُ فِي الْعُلُومِ كُلِّهَا الْيَدُ الطُّولَى، والمشاركات في سائر أنواعها مِنَ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّارِيخِ وَالْحِسَابِ وَالنَّظَرِ فِي النجوم والطب والفقه وغير ذلك من اللغة والنحو[22]".

ويقول ابن رجب الحنبلي: "ولم يترك فنا من الفنون إلا وله فيه مصنف[23]"، وقال أيضا: "وله في كل علم مشاركة، لكنه كان في التفسير من الأعيان، وفي الحديث من الحفاظ، وفي التاريخ من المتوسعين، ولديه فقه كافٍ[24]".

أعمال ابن الجوزي ووظائفه
تنوعت أعمال ابن الجوزي –رحمه الله- بين الوعظ والتدريس والتأليف والخطابة:

لخطابة
قال ابن كثير –رحمه الله- في ترجمته له: "وَلَهُ مَقَامَاتٌ وَخُطَبٌ[25]".

لوعظ
وهو ما غلب على ابن الجوزي-رحمه الله- حتى كان أستاذا فريدا في الوعظ، وبلغ في صناعة الوعظ شهرة عمّت الآفاق[26]، وقد شهد مجلسه الرحالة الشهير ابن جبير، وأطنب في الكلام عنه في رحلته[27].

لتدريس
قال ابن رجب الحنبلي: "ودرّس بعدة مدارس، وبنى لنفسه مدرسة بدرب دينار، ووقف عليها كتبه[28]".

لتأليف

ومن أعجب ما قيل في ذلك ما قاله ابن خلكان في ترجمته لابن الجوزي، يقول: "وبالجملة فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطه شيئاً كثيراً، والناس يغالون في ذلك حتى يقولوا: إنه جمعت الكراريس التي كتبها وحسبت مدة عمره وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خص كل يوم تسع كراريس، وهذا شيء عظيم لا يكاد يقبله العقل. ويقال إنه جمعت براية أقلامه التي كتب بها حديث رسول الله صل الله عليه وسلم فحصل منها شيء كثير، وأوصى أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته، ففعل ذلك، فكفت وفضل منه[29]".

مجالس وعظ ابن الجوزي
ما ذكر ابن الجوزي إلا وذكر معه الوعظ، وما ذكر الوعظ إلا وذكر معه ابن الجوزي، فهما متلازمان دائما، فما ترجم له مؤرخ إلا وذكر معه كلمة (الواعظ)، وما بلغ عالم في فن الوعظ بمثل ما بلغه ابن الجوزي –رحمه الله، حتى قال ابن كثير: "وَتَفْرَّدَ بِفَنِّ الْوَعْظِ الَّذِي لَمْ يُسْبَقْ إليه ولا يلحق شأوه فيه وفي طريقته وشكله، وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وَحَلَاوَةِ تَرْصِيعِهِ وَنُفُوذِ وَعْظِهِ وَغَوْصِهِ عَلَى الْمَعَانِي الْبَدِيعَةِ، وَتَقْرِيبِهِ الْأَشْيَاءَ الْغَرِيبَةَ فِيمَا يُشَاهَدُ مِنَ الأمور الحسية، بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك، بحيث يجمع المعاني الكثيرة في الكلمة اليسيرة[30]".

وقال ابن خلكان: "كان علاّمة عصره وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ[31]".

وقد بدأت ملكات الوعظ عند ابن الجوزي –رحمه الله- من الصغر، فبدأ التصنيف والوعظ وهو صغير جدا، وذلك بعد وفاة شيخه ابن الزاغوني سنة 527هـ، أي كان يبلغ من العمر 16 أو 17 عاما، وقد أخذ عنه الوعظ والفقه بل وخلف أستاذه ودرّس في حلقته مع صغر سنه في جامع المنصور[32].

وأما عن زمان ومكان مجالس وعظ ابن الجوزي –رحمه الله- فقد ذكرها ابن جبير الأندلسي في رحلته فهو بإزاء دار ابن الجوزي –رحمه الله- بالجانب الشرقي على شاطئ نهر دجلة بجوار قصور الخلافة ببغداد وبمقربة من باب البصيلة آخر أبواب الجانب الشرقي، وهو يجلس به كل يوم سبت[33].

وعن وصف مجالس وعظ ابن الجوزي يقول سبطه أبو المظفر: "أقل ما كان يحضر مجلسه عشرة آلاف، وربما حضر عنده مائة ألف، وأوقع الله له في القلوب القبول والهيبة. وكان زاهدا في الدنيا، متقللا منها، وسمعته يقول على المنبر في آخر عمره: كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلدة، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألف يهودي ونصراني[34]".

وقد قدّم الرحالة المسلم ابن جبير وصفا عجيبا لمجالس ابن الجوزي –رحمه الله- في رحلته الشهيرة فيُرجع إليه[35].

وكان ابن الجوزي –رحمه الله- إذا وعظ اختلس القلوب وتشققت النفوس دون الجيوب[36]، ولرقة ما يسمع وخشوع ما يقال قال ابن الجوزي في تاريخه: "وقد تاب على يدي أكثر من مائة ألف وقطعت أكثر من عشرين ألف طائلة ولم ير لواعظ قط مثل مجلسي جمع الخليفة والوزير وصاحب المخزن وكبار العلماء[37]".

ولم تقتصر مجالس وعظ ابن الجوزي على مدرسته وداره بل تعدت إلى جوامع بغداد ومدارسها، وكان الناس يزاحمون مجالسه من شدة الحضور، ومن تلك الأماكن مدرسته بدرب دينار، وهي التي بناها أبو الفرج ابن الجوزي ودرس بها سنة 570هـ، وقد درَّس في أول يوم تدريسه بها أربعة عشر درسا من فنون العلم[38]، ومن أماكن وعظه كذلك –رحمه الله- باب بدر[39] وجامع القصر وجامع المنصور وغيرها كثير.

ولم تكن مجالس وعظ ابن الجوزي مقتصرة على الرقائق وفقط بل كانت مليئة بفنون العلوم، ومنها تفسير القرآن الكريم، وقد انتهى ابن الجوزي –رحمه الله من تفسير القرآن الكريم في يوم السبت سابع عشر جمادى الأولى سنة 570ه[40].

ولسعة شهرة مجالس ابن الجوزي في التدريس والوعظ تعلقت به دار الخلافة، حتى كان الخليفة ووزراؤه وأعيان الخلافة والفقهاء يحضرون مجالس وعظ ابن الجوزي في دار الخلافة نفسها، وقد روي أن أمير المؤمنين المستضيء بأمر الله (من ربيع الآخر 566هـ حتى ذي القعدة 575هـ) سمع ابن الجوزي ينشد تحت داره:

ستنقلك المنايا عن ديارك ... وَيُبْدِلُكَ الردى دارا بدارك

وتترك ما عنيت به زمانا ... وتنقل من غناك إلى افتقارك

فدود القبر في عينيك يرعى ... وترعى عين غيرك في ديارك

فجعل المستضيء يمشي في قصره ويقول: أي والله: وترعى عين غيرك في ديارك ويكررها ويبكي حتى الليل[41].

فلله در ابن الجوزي –رحمه الله-، فكم من قلوب خشعت وكم من نفوس رجعت وكم من عيون دمعت من خشية الله، وليس ذلك كله إلا بفضل الله ومنِّه عليه.

خلاق ابن الجوزي وصفاته
قال الموفق عبد اللطيف[42]: "كان ابن الجوزي لطيف الصورة، حلو الشمائل، رخيم النغمة، موزون الحركات والنغمات، لذيذ المفاكهة[43]".

وقد تمتع ابن الجوزي –رحمه الله- بجملة من الأخلاق والصفات التي لا تتوفر إلا في أفراد الرجال، ونذكر منها:

حب العزلة طلبا للعلم
وذلك طلبا للعلم ورغبة في تحصيل المزيد منه على نحو ما ذكرناه في نشأته –رحمه الله، وفي هذا يقول ابن كثير: "وَكَانَ وهو صبي دَيِّنًا مَجْمُوعًا عَلَى نَفْسِهِ لَا يُخَالِطُ أَحَدًا ولا يأكل ما فِيهِ شُبْهَةٌ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا للجمعة، وكان لا يلعب مع الصبيان[44]".

الثقة في النفس
وهي وإن كانت زائدة ويراها غيري ذما إلا أنني أراه مدحا، فقد رأى ابن كثير –رحمه الله- هذه الثقة الزائدة لدى ابن الجوزي –رحمه الله- عجبا وترفعا في النفس، يقول: "وَقَدْ كَانَ فِيهِ بَهَاءٌ وَتَرَفُّعٌ فِي نَفْسِهِ وإعجاب وسمو بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَقَامِهِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي كلامه فِي نَثْرِهِ وَنَظْمِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

مَا زِلْتُ أُدْرِكُ مَا غَلَا بَلْ مَا عَلَا ... وَأَكَابِدُ النَّهْجَ الْعَسِيرَ الْأَطْوَلَا

تَجْرِي بِيَ الْآمَالُ في حلباته ... جرى السعيد مدى ما أملا

أفضى بى التوفيق فيه إلى الّذي ... أعيا سِوَايَ تَوَصُّلًا وَتَغَلْغُلَا

لَوْ كَانَ هَذَا الْعِلْمُ شخصا ناطقا ... وسألته هل زار مثلي؟ قال: لا[45]".

وما ذكره ابن كثير –رحمه الله- أراه صفة مدح ما لم تختلط بعجب ممقوت أو تكبر على الآخرين، وهو ما نحسبه غير موجود في ابن الجوزي –رحمه الله.

لبديهة والذكاء
فمن أحسن ما يحكى عنه –في هذا المقام- أنه وقع النزاع ببغداد بين أهل السنة والشيعة في المفاضلة بين أبي بكر وعلي -رضي الله عنهما-، فرضي الكل بما يجيب به أبو الفرج ابن الجوزي، فأقاما شخصاً سأله عن ذلك وهو على الكرسي في مجلس وعظه، فقال ابن الجوزي: أفضلهما من كانت ابنته تحته، ونزل في الحال حتى لا يراجع في ذلك، فقالت السنة: هو أبو بكر –رضي الله عنه؛ لأن ابنته عائشة -رضي الله عنها- تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت الشيعة: هو علي –رضي الله عنه؛ لأن فاطمة ابنة رسول الله صل الله عليه وسلم[46].

"]الشجاعة
فكان لا يخاف في الله تعالى لومة لائم، وكان ابن الجوزي –يقول الحق ولو فيه رقبته، وكان –رحمه الله- لا يبخل على الأمراء والخلفاء بمواعظه ونصائحه، فقد روي أنه قال لأحد الأمراء: يا أمير اذكر عند القدرة عدل الله فيك، وعند العقوبة قدرة الله عليك، ولا تشف غيظك بسقم دينك[47].

وكان الخلفاء والأمراء يواظبون على حضور مجالس وعظ ابن الجوزي، فالتفت مرة وهو وعظه إلى الخليفة العباسي المستضيء وقال له: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ تَكَلَّمْتُ خِفْتُ مِنْكَ، وَإِنْ سَكْتُّ خِفْتُ عَلَيْكَ، وَإِنَّ قَوْلَ القائل لك اتّق الله خير لك من قوله لكم إنكم أهل بيت مغفور لكم، كان عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إِذَا بَلَغَنِي عَنْ عامل لي أنه ظلم فَلَمْ أُغَيِّرْهُ فَأَنَا الظَّالِمُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَكَانَ يُوسُفُ لَا يَشْبَعُ فِي زَمَنِ الْقَحْطِ حتى لا ينسى الجائع، وَكَانَ عُمْرُ يَضْرِبُ بَطْنَهُ عَامَ الرَّمَادَةِ وَيَقُولُ قرقرا ولا تقرقرا، والله لا ذاق عمر سَمْنًا وَلَا سَمِينًا حَتَّى يُخْصِبَ النَّاسُ. قَالَ فبكى المستضيء وتصدق بمال كثير، وَأَطْلَقَ الْمَحَابِيسَ وَكَسَا خَلْقًا مِنَ الْفُقَرَاءِ[48].

محاربته البدع والرافضة

فقد كان زمانه –رحمه الله- زمان فتن وبدع وبُعد عن الله تعالى، إلا أن الله تعالى قيض للأمة ابن الجوزي –رحمه الله- فكان لأصحاب البدع بالمرصاد، يقول عن نفسه –رحمه الله: "وظهر أقوام يتكلمون بالبدع ويتعصبون في المذاهب، فأعانني الله سبحانه وتعالى عليهم. وكانت كلمتنا هي العلي[49]".

وأما عن الشيعة الرافضة فقد وقف لهم ولأكاذيبهم بالمرصاد، وكانوا قد كثروا وقويت شوكتهم في زمان الخليفة المستضيء، يقول ابن الجوزي فكتب صاحب المخزن إلى الخليفة: "إن لم تُقَوَِّ يدَ ابن الجوزي لم يطق دفع البدع". فكتب الخليفة بتقوية يدي، فأخبرت الناس ذلك على المنبر، وقلت: "إن أمير المؤمنين، قد بلغه كثرة الرفض، وقد خرج توقيعه بتقوية يدي في إزالة البدع، فمن سمعتموه من العوام ينتقص الصحابة فأخبروني حتى أنقض داره، وأخلده الحبس، فإن كان من الوعاظ حفرته إلى المثال، فانكف الناس[50]".

عبادة ابن الجوزي وزهده
يقول ابن رجب الحنبلي: "وكان رحمه الله مع هذه الفضائل والعلوم الواسعة ذا أوراد وتأله، وله نصيب من الأذواق الصحيحة، وحظ من شرب حلاوة المناجاة. وقد أشار هو إلى ذلك. ولا ريب أن كلامه في الوعظ والمعارف ليس بكلام ناقل أجنبي مجرد عن الذوق، بل كلام مشارك فيه[51]".

وقد ذكر ابن القادسي في تاريخه: "أن الشيخ كان يقوم الليل ويصوم النهار، وله معاملات، ويزور الصالحين إذا جن الليل، ولا يكاد يفتر إذا جن الليل، ولا يكاد يفتر عن ذكر الله، وله في كل يوم وليلة ختمة يختم فيها القرآن .. ورأى رب العزة في منامه ثلاث مرات[52]".

ثار ابن الجوزي العلمية
ترك ابن الجوزي -رحمه الله- جملة من المصنفات والمؤلفات العلمية التي ما نال الزمان بمثلها، حتى قال ابن كثير: " وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ فِي ذَلِكَ مَا يَضِيقُ هذا المكان عَنْ تِعْدَادِهَا، وَحَصْرِ أَفْرَادِهَ[53]".

وقال ابن الجوزي: "أول ما صنفت وألفت ولي من العمر 13 سنة[54]".

ونذكر منها:
1- كتاب المغني في التفسير. 2- زاد المسير في علم التفسير. 3- تيسير البيان في تفسير القرآن. 4- تذكرة الأريب في تفسير الغريب. 5- الوجوه والنظائر. 6- النَّاسِخ والمنسوخ. 7- جَامع المسانيد. 8- فنون الأفنان في عيون علوم القرآن. 9- تذكرة المنتبه في عيون المشتبه. 10- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية. 11- المسلسلات. 12- مناقب أحمد بن حنبل. 13- صفوة الصفوة. 14- تلقيح فهوم أهل الأثر. 15- تلبيس إبليس. 16- ذم الهوى. 17- صيد الخاطر. 18- الموضوعات. 19- الثبات عند الممات. 20- التبصرة. 21- غريب الحديث. 22- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم. 23- بستان الواعظين ورياض السامعين.

مما أخذ على ابن الجوزي
لا يبلغ الكمال أحد إلا الله تعالى، وليس هناك مخلوق معصوم من الخطأ والزلل إلا المعصوم صل الله عليه وسلم، وابن الجوزي –رحمه الله- مع ما وصل إليه من العلم فقد أخذ العلماء عليه جملة من المآخذ، ومنها:

كثرة أغلاطه في تصانيفه
وعذره في هذا واضح، وهو أنه كان مكثرا من التصانيف، فيصنف الكتاب ولا يعتبره، بل يشتغل بغيره. وربما كتب في الوقت الواحد من تصانيف عديدة. ولولا ذلك لم يجتمع له هذه المصنفات الكثيرة، ولهذا نقل عنه أنه قَالَ: أنا مُرتب، ولست بمصنف[55].
ميله إلى التأويل في بعض كلامه
وقد اشتد نكير العلماء عليه في ذلك، ولا ريب أن كلامه في ذلك مضطرب مختلف، وهو وإن كان مطلعا على الأحاديث والآثار في هذا الباب، فلم يكن خبيرا بحل شبهة المتكلمين، وبيان فِسادها، وابن الجوزي في هذا تابعا لشيخه أبي الوفاء بن عقيل، وكان ابن عقيل بارعا في الكلام، ولم يكن تام الخبرة بالحديث والآثار. فلهذا يضطرب في هذا الباب، وتتلون فيه آراؤه. وأبو الفرج تابع له في هذا التلون[56].

وأما ما يثبت ميل ابن الجوزي –رحمه الله- إلى التأويل ما وجد من ثنايا كتبه حيث ألّف كتابًا مستقلاً يناقش هذا الموضوع باسم (دفع شبه التشبيه) وهو مطبوع أورد فيه بعض آيات قرآنية، وستين حديثًا ورد فيها الكلام عن ذات الله وصفاته صل الله عليه وسلم، كالوجه، واليد، والنفس، والساق، والاستواء، فيؤوّلها بما يحتمل التأويل بخلاف ما ذهب إليه السلف من إمرارها كما وردت بدون تأويل ولا تشبيه، ولا تعطيل[57].

وعن هذا قال موفق الدين المقدسي: كان ابن الجوزي إمام أهل عصره في الوعظ ... وكان حافظا للحديث، وصنف فيه، إلا أننا لم نرض تصانيفه في السنة، ولا طريقته فيه[58].

وأقول: إنا ما أخذه العلماء الثقات على ابن الجوزي –رحمه الله- يتيه في بحار حسناته وما قدمه للأمة الإسلامية.. وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه.

محنة ابن الجوزي
كان ابن الجوزي –رحمه الله- كما ذكرنا شجاعا في الحق لا يخاف في الله لومة لائم، ومن كانت هذه صفاه فلا ريب أنه سيتعرض للمحن والشدائد والابتلاءات، وهذا مصير العلماء العاملين المجاهدين.

امتحن ابن الجوزي –رحمه الله- في آخر عمره وذلك سنة 590هـ، وكانت محنته –رحمه الله- مع الشيعة الرافضة، وقصة محنته كما في كتب السير وملخصها: أن الوزير ابن يونس الحنبلي كان في ولايته قد عقد مجلسا للركن عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلي (الجيلاني)، وأحرقت كتبه، وكان فيها من الزندقة وعبادة النجوم ورأى الأوائل شيء كثير، وذلك بمحضر من ابن الجوزي وغيره من العلماء، وانتزع الوزير ابن يونس منه مدرسة جده عبد القادر الجيلاني، وسلمها إلى ابن الجوزي، فلما ولي الوزارة ابن القصاب - وكان رافضيا خبيثا - سعى في القبض على ابن يونس، وتتبع أصحابه، فقال له الركن عبد السلام بن عبد الوهاب: أين أنت عن ابن الجوزي؟ فإنه ناصبي ومن أولاد أَبي بكر الصديق، فهو من أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدي، وأحرقت كتبي بمشورته. فكتب ابن القصاب إلى الخليفة الناصر (575 ـ 622هـ) وكان الناصر له ميل إلى الشيعة ولم يكن - له ميل إلى الشيخ أبي الفرج، بل قد قيل: إنه كان يقصد أذاه، فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، فجاء إلى دار الشيخ وشتمه، وأغلظ عليه وختم على كتبه وداره، وشتت عياله.

فلما كان في أول الليل حمل في سفينة وليس معه إلا عدوه الركن، وعلى الشيخ ابن الجوزي غلالة بلا سراويل، وعلى رأسه تخفيفة، فأحدر إلى واسط. وكان ناظرها شيعيا. فقال له الركن: مكني من عدوي لأرميه في المطمورة (السجن)، فزبره (فمنعه)، فقال الناظر الشيعي: يا زنديق، أرميه بقولك!، هات خط الخليفة، والله لو كان من أهل مذهبي لبذلت روحي ومالي في خدمته.

قال ابن القادسي: وأفردت للشيخ دار بدرب الديوان، وأفرد له من يخدمه، وبقي الشيخ محبوسا بواسط في داره، وأقام بها خمس سنين يخدم نفسه بنفسه، ويغسل ثوبه ويطبخ، ويستقي الماء من البئر، ولا يتمكن من خروج إلى حمام ولا غيره وقد قارب الثمانين.

وبقي على ذلك من سنة 590هـ إلى سنة 595هـ، فأفرج عنه، وقدم إلى بغداد وخرج خلق كثير يوم دخوله لتلقيه، وفرح به أهل بغداد فرحا زائدا، ونودي له بالجلوس يوم السبت .. ولم يزل الشيخ على عادته الأولى في الوعظ، ونشر العلم وكتابته إلى أن مات[59].

وفاة ابن الجوزي
بعد هذه الرحلة الطويلة من حياة أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي وقد بلغ من العمر قرابة التسعين عاما يمرض ابن الجوزي ويبقى في فراشه خمسة أيام ثم ينتقل إلى جوار ربه في وقت طيب وفي ليلة طيبة وفي شهر طيب، بين العشاءين في ليلة الجمعة 12 رمضان 597هـ وله من العمر 86 عاما، فاجتمعت جموع غفيرة جدا من أهل بغداد في تشييعه، وغلقت الأسواق، وحملت جنازته على رؤوس الناس إلى مقبرة باب حرب، وكان يوما مشهودا لم يصل إلى حفرته عند قبر الإمام أحمد إلى وقت صلاة الجمعة، وقيل أنه أفطر خلق كثير من شد الحر والزحام، وما وصل إلى حفرته من الكفن إلا القليل، ونزل في الحفرة والمؤذن يقول: الله أكبر، ودفن إلى جوار قبر الإمام أحمد.

وَقَدْ أَوْصَى أَنْ يُكْتَبَ عَلَى قَبْرِهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ:

يَا كَثِيرَ الْعَفْوِ لمن ... كثرت الذنوب لديه

جاءك المذنب يرجو الصفح ... عن جرم يديه

أنا ضيف وجزاء ... الضيف إحسان إليه

وحزن الناس عليه حزنا شديدا، وبكوا عليه بكاء كثيرا، وباتوا عند قبره طول شهر رمضان يختمون الختمات بالقناديل والشموع والجماعات.

ورئيت لَهُ منامات كثيرة حسنة رضي الله عنه، منها أن المحدث أحمد بن سلمان الحربي رأى ابن الجوزي –رحمه الله- في تلك الليلة على منبر من ياقوت مُرصَّع بالجوهر، والملائكة جلوس بين يديه، والحق تعالى حاضر يسمع كلامه[60].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:42 am

الإمام أبو داود


علماء الحديث KtXog


نسب الإمام أبي داود وموطنه
هو الإمام الثبت، أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السِّجِسْتَانِيُّ، أحد حفاظ الحديث وعلمه وعلله، صاحب السنن. وُلِد بسجستان سنة اثنتين ومائتين من الهجرة، وهو والد أبي بكر عبد الله بن أبي داود، من أكابر الحفاظ ببغداد، وكان عالمًا متفقًا عليه، وله كتاب (المصابيح).

تربية الإمام أبي داود وأخلاقه
نشأ الإمام أبو داود (رحمه الله) محبًّا للعلم شغوفًا به، وكان همه منذ نعومة أظافره طلب حديث رسول الله صل الله عليه وسلم وتدوينه، وقد بدت عليه أمارات النجابة منذ صباه.

ولكونه من تلامذة الإمام البخاري فقد كان له تأثير خاص فيه؛ إذ إنه أفاد منه أيَّمَا إفادة، وقد سلك في العلم سبيله، وفوق ذلك فكان يشبه الإمام أحمد بن حنبل في هَدْيه ودَلِّه وسمته. وقد قال عنه ابن خلكان: "كان في الدرجة العالية من النسك والصلاح".

شيوخ الإمام أبي داود
كغيره من علماء عصره وكسنة متبعة بين علماء الحديث، فقد طوف أبو داود البلاد، وارتحل إلى أمصار الحضارة الإسلامية في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم، ولقي خلال هذه الرحلات عددًا كبيرًا من كبار الحفاظ والمحدثين، فكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين، وسمع أبا عُمَر الضرير، ومسلم بن إبراهيم، وأحمد بن حنبل، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن رجاء، وأبا الوليد الطيالسي، وأحمد بن يونس، وأبا جعفر النفيلي، وأبا توبة الحلبي، وسليمان بن حرب، وخلقًا كثيرًا بالحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة والثغر وخراسان.

تلامذة الإمام أبي داود
حين وهب أبو داود حياته لعلم الحديث كان له تلاميذ كثيرون، يتعلمون منه ويروون عنه، وكان أشهر من روى عنه وتتلمذ على يده الإمام الترمذي، والإمام النسائي، وابنه الإمام أبو بكر بن أبي داود، وأبو عوانة، وأبو بشر الدولابي، وعلي بن الحسن بن العبد، وأبو أسامة محمد بن عبد الملك، وأبو سعيد بن الأعرابي، وأبو علي اللؤلُئِيُّ، وأبو بكر بن داسَةَ، وأبو سالم محمد بن سعيد الجلودي، وأبو عمرو أحمد بن علي، وغيرهم.

ؤلفات الإمام أبي داود
كان أبو داود (رحمه الله) من المكثرين في التأليف، وخصوصًا في فنون علم الحديث روايةً ودرايةً؛ فمن مؤلفاته: دلائل النبوة، وكتاب التفرد في السنن، وكتاب المراسيل، وكتاب المسائل التي سئل عنها الإمام أحمد، وله أيضًا ناسخ القرآن ومنسوخه. وذكر الزركلي في الأعلام أن له كتاب الزهد، وقد رمز له بحرف (خ) دليل على أنه مخطوط، وذكر أنه في خزانة القرويين برقم (80/ 133) وبخط أندلسي، وذكر أيضًا أن له (البعث)، وقال إنه رسالة، ورمز له كذلك بما يشير أنه مخطوط، وأيضًا (تسمية الأخوة)، وقال إنها رسالة، ورمز لها كذلك بما يشير أنها مخطوط.

سنن أبي داود.. مكانته ومنهجه فيه
إضافةً إلى التآليف السابقة فإن الذي ذاع صيت أبي داود وزاده شهرة هو كتابه العظيم المعروف بسنن أبي داود، وهو كتاب يأتي في المرتبة بعد صحيح البخاري وصحيح مسلم في الشهرة والمكانة، وقد عُدَّ أول كتب السنن المعروفة، وهي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وقد بلغت أحاديث هذا الكتاب ثمانمائة وأربعة آلاف حديث، صنفه وانتقاه من أصل خمسمائة ألف حديث؛ ولذا يُعَد الكتاب من مظانِّ الحديث الحسن. وقد رتب أبو داود كتابه على كتب وأبواب، فشمل خمسة وثلاثين كتابًا، وواحدًا وسبعين وثمانمائة وألف (1871) باب.

وفي (السنن) لم يقتصر أبو داود على الصحيح، بل خَرَّج فيه الصحيح والحسن والضعيف، وقد وضح منهجه فيه فقال: "ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه". وقال: "وما كان فيه وهن شديد بيَّنته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض".

وقد جمع أبو داود كتابه هذا قديمًا، وحين فرغ منه عرضه على الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله) فاستجاده واستحسنه، والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ (الصحاح) عليها وعلى سنن الترمذي، لا سيما (سنن أبي داود). وفي مكانة هذا الكتاب فقد أبلغ زكريا الساجي حين قال: "كتاب الله أصل الإسلام، وسنن أبي داود عهد الإسلام".

شروح السنن
وقد أقبل العلماء على كتاب سنن أبي داود بالشرح والتعليق والدراسة، فمن هذه الشروح ما يلي:

- (معالم السنن) لأبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي، المتوفَّى سنة ثمانٍِ وثمانين وثلاثمائة من الهجرة.

- (مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود) للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفَّى سنة إحدى عشرة وتسعمائة من الهجرة.

- (فتح الودود على سنن أبي داود) لأبي الحسن نور الدين بن عبد الهادي السِّندي، المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة وألف من الهجرة.

- (عون المعبود في شرح سنن أبي داود) لمحمد شمس الحق عظيم آبادي.

ثناء العلماء على أبي داود
حاز أبو داود على إعجاب معاصريه وثقتهم، وقد عدَّه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في (طبقات الفقهاء) من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل، وقال عنه إبراهيم الحربي لما صنف كتاب (السنن): "أُلِين لأبي داود الحديث، كما ألين لداود الحديد". وكذلك قال محمد بن إسحاق الصاغاني.

وقريب من ذلك أيضًا عبر الحافظ موسى بن هارون فقال: "خلق أبو داود في الدنيا للحديث، وفي الآخرة للجنة، ما رأيت أفضل منه". وأبلغ منه ما ذكره الحاكم أبو عبد الله يوم أن قال: "أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة".

وفاة أبي داود
بعد فتنة الزنج في البصرة التمس منه أخو الخليفة أن يقيم بها لتعمر بالعلم، وقد أجاب طلبه وظل بها حتى وافته المنية، ورحل (رحمه الله تعالى) عن دار الدنيا يوم الجمعة، سادس عشر من شوال، سنة خمس وسبعين ومائتين، وصلى عليه عباس بن عبد الواحد الهاشمي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:44 am

علماء الحديث Gb6yq

الإمام الدارمي اسمه ونسبه
هو الحافظ أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد التميمي، الدَّارِمي، السِّجِسْتانِيُّ. ولد في مدينة هراة بخراسان سنةَ 200هـ/ 815م.

شيوخ الإمام الدارمي
أبو اليمان، ويحيى بن صالح الوحاظي، وسعيد بن أبي مريم، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الغفار بن داود الحراني، وسليمان بن حرب، وأبو سلمة التبوذكي، ونعيم بن حماد، وعبد الله بن صالح، كاتب الليث، ومحمد بن كثير، ومسدد بن مسرهد، وأبو توبة الحلبي، وعبد الله بن رجاء الغداني، وأبو جعفر النفيلي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وفروة بن المغراء، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى الحماني، وسهل بن بكار، وأبو الربيع الزهراني، ومحمد بن المنهال، والهيثم بن خارجة، وخلق كثير بالحرمين، والشام، ومصر، والعراق، والجزيرة، وبلاد العجم.

تلامذة الإمام الدارمي
أبو عمرو: أحمد بن محمد الحيري، ومحمد بن إبراهيم الصرام، ومؤمل بن الحسين، وأحمد بن محمد بن الأزهر، ومحمد بن يوسف الهروي، وأبو إسحاق بن ياسين، ومحمد بن إسحاق الهروي، وأحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، وأبو النضر محمد بن محمد الطوسي الفقيه، وحامد الرفاء، وأحمد بن محمد العنبري، وأبو الفضل يعقوب القراب، وخلق كثير من أهل هراة، وأهل نيسابور.

مؤلفات الإمام الدارمي
- المسند الكبير.
- الرد على الجهمية.
- كتاب في الرد على بشر المريسي.

من كلمات الإمام الدارمي الخالدة
- "من لم يجمع حديث شعبة، وسفيان، ومالك، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، فهو مفلس في الحديث" يريد أنه ما بلغ درجة الحُفَّاظ.

ثناء العلماء على الإمام الدارمي
قال عنه الذهبي: "فاق أهل زمانه، وكان لهجًا بالسنة، بصيرًا بالمناظرة". وقال أبو حامد الأعمشِيُّ: "ما رأيت في المحدثين مثل محمد بن يحيى، وعثمان بن سعيد، ويعقوب الفسوي". وقال أبو الفضل الجارودي: "كان عثمان بن سعيد إمامًا يُقتدى به في حياته، وبعد مماته". وقال الحسن بن صاحب الشاشي: سألت أبا داود السجستاني عن عثمان بن سعيد، فقال: "منه تعلمنا الحديث".

وفاة الإمام الدارمي
عاش الإمام الدَّارِمي ثمانين سنة، وتُوفِّي (رحمه الله) سنةَ 280هـ/ 894م. رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:46 am

علماء الحديث A1NBo

اسم الإمام الدارقطني ونسبه
أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الدَّارقطنيُّ. والدارقطني نسبة إلى دار القطن، وهي محلَّة ببغداد. وُلِد الدارقطني سنة ست وثلاثمائة.

حب الإمام الدارقطني للعلم وسعة علمه
كان الدارقطني رحمه الله يحب العلماء والإقبال عليهم وملازمتهم، ومن هؤلاء العلماء أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح الهمداني السَّبيعي الحلبي، وكان حافظًا متقنًا، سمع وروى عنه الدَّارقطني، وكان وجيهًا عند سيف الدولة، وكان يزوره في داره. وكان الحافظ أبو محمد هذا قد طاف الدنيا وهو عسر الرواية، وكان الدارقطني يجلس بين يديه كجلوس الصبيِّ بين يدي معلِّمه هيبةً له؛ وقال: قدم علينا حلب الوزير جعفر بن الفضل، فتلقاه الناس وكنت فيهم، فعرف أني من أصحاب الحديث، فقال: أتعرف حديثًا فيه إسناد أربعة من الصحابة كل واحدٍ عن صاحبه؟ فقلت: نعم، حديث السَّايب بن يزيد، عن حويطب بن عبد العزَّى، عن عبد الله بن السَّعدي، عن عمر بن الخطاب في العمالة. فعرف صحة قولي فأكرمني.

شيوخ الإمام الدارقطني وتلاميذه
سمع الدارقطني من أبي القاسم البغوي، وخلقٍ كثير ببغداد والكوفة والبصرة وواسط. وأخذ العلم عن الدَّارقطني محمدُ بن الحسن الشيباني، وصعصعة بن سلام، وأبو معاوية الضرير، وغيرهم.

آراء العلماء في الإمام الدارقطني
قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: "لم يرَ الدارقطني مثل نفسه". وقال ابن الجوزي: "وقد اجتمع له مع معرفة الحديث العلمُ بالقراءات والنحو والفقه والشعر مع الإمامة والعداله وصحة العقيدة". وقال ابن كثير: "الحافظ الكبير أستاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا، سمع الكثير وجمع وصنَّف وألَّف وأجاد وأفاد، وأحسن النظر والتعليل والانتقاد والاعتقاد، وكان فريدَ عصره، ونسيجَ وَحْدِهِ، وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل والجرح والتعديل، وحسن التصنيف والتأليف واتساع الرواية والاطِّلاع التام في الدراية".

وقال عبد الغني بن سعيد الضرير: "لم يتكلم على الأحاديث مثل علي بن المديني في زمانه، وموسى بن هارون في زمانه، والدارقطني في زمانه". وقال أبو عبد الرحمن السلمي فيما نقله عنه الحاكم: "شهدت بالله إن شيخنا الدارقطني لم يخلف على أديم الأرض مثله في معرفة حديث رسول الله ، وكذلك الصحابة وأتباعهم".

مؤلفات الإمام الدارقطني
ومن مؤلَّفات الإمام الدارقطني الكثيرة النافعة:

1- كتاب السنن.
2- العلل الواردة في الأحاديث النبوية.
3- المُجتبى من السنن المأثورة.
4- المختلف والمؤتلف في أسماء الرجال.
5- كتاب الأفراد.
6- سؤالات الحاكم. وهو كتاب عمدة في الجرح والتعديل.

وفاة الإمام الدارقطني
تُوفِّي الدارقطني سنةَ خمسٍ وثمانين وثلاثمائة، بعد حياة حافلة بالجِدِّ والحرص على تلقي العلوم ونشرها، وله من العمر سبع وسبعون سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:49 am

 الإمام الحاكم


علماء الحديث QadWh


نسب الإمام الحاكم وقبيلته
هو محمد بن عبد الله بن حمدون (أو حمدويه) ابن نعيم بن الحكم الضبي النيسابوري، أبو عبد الله، الشهير بالحاكم النيسابوري، والمعروف بابن البَيِّع.

وُلِد بنيسابور سنةَ إحدى وعشرين وثلاثمائة من الهجرة، ورحل إلى العراق سنة 341هـ، وحجَّ، وجال في بلاد خراسان وما وراء النهر. وفي سنة 359 هـ وَلِي قضاء نيسابور، ولُقِّبَ بالحاكم لتولِّيه القضاء مرة بعد مرة، ثم اعتزل منصبه ليتفرغ للعلم والتصنيف. وقد تولى السفارة بين ملوك بني بويه والسامانيين، فأحسن السفارة.

شيوخ الإمام الحاكم
أول سماعه سنةَ ثلاثين وثلاثمائة، سمع الكثير، وطاف الآفاق، وصنَّف الكتب الكبار والصغار، وأخذ عن نحو ألفي شخص، ومن مشايخه الدَّارقُطْنِيُّ، وابن أبي الفوارس، وغيرهما.

مؤلفات الإمام الحاكم
صنَّف كتبًا كثيرةً، منها:

تاريخ نيسابور.

- المستدرك على الصحيحين. وهو الكتاب الذي جمع فيه الأحاديث التي استدركها على الصحيحين مما فاتهما على شرطه, وهو أشهر المستدركات.

-[الإكليل.

- المدخل إلى علم الصحيح.

- تراجم الشيوخ.

- فضائل الشافعي.

وأفضل من صنَّف الصحابة هو الحاكم النيسابوري، فهو يرى أن الصحابة ينقسمون إلى اثنتي عشرة درجة:

1- قوم تقدم إسلامهم بمكة، كالخلفاء الأربعة.

2- الصحابة الذين أسلموا قبل تشاور أهل مكة في دار الندوة.

3- مهاجرة الحبشة.

4- أصحاب العَقَبة الأولى.

5- أصحاب العَقَبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار.

6- أول المهاجرين الذين وصلوا إلى النبي صل الله عليه وسلم بقباء قبل أن يدخل المدينة.

7- أهل بدر.

8- الذين هاجروا بين بدر والحُديبية.

9- أهل بيعة الرضوان في الحُديبية.

10- من هاجر بين الحُديبية وفتح مكة، كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص.

11- مُسْلِمَة الفتح الذين أسلموا بعد فتح مكة.

12- صبيان وأطفال رأوا النبي صل الله عليه وسلم يوم الفتح وفي حجة الوداع، وغيرهما. 

آراء العلماء في الإمام الحاكم

قال عنه الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: "وكان من أهل العلم والحفظ والحديث... وقد كان من أهل الدين والأمانة والصيانة والضبط والتجرد والورع". 

وفاة الإمام الحاكم
تُوُفِّي رحمه الله في نيسابور سنةَ 405 هـ/ 1014م، عن أربعٍ وثمانين سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:50 am

الإمام النووي


علماء الحديث 5rLZz


نسب الإمام النووي ونشأته
هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، نسبة إلى نَوَى، وهي قرية من قرى حَوْران في سورية. وهو صاحب أشهر ثلاثة كتب لا يكاد بيت مسلم يخلو منها، وهي: الأربعون النووية، والأذكار، ورياض الصالحين.

ولد الإمام النووي (رحمه الله) في محرم عام 631هـ في قرية نَوَى من أبوين صالحين، ولما بلغ العاشرة من عمره بدأ في حفظ القرآن وقراءة الفقه على بعض أهل العلم هناك. وصادف أن مرَّ بتلك القرية الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، فرأى الصبيانَ يُكرِهونه على اللعب، وهو يهربُ منهم ويبكي لإِكراههم، ويقرأ القرآن، فذهب إلى والده ونصحَه أن يفرِّغه لطلب العلم، فاستجاب له. وفي سنة 649هـ قَدِمَ مع أبيه إلى دمشق لاستكمال تحصيله العلمي في مدرسة دار الحديث، وسكنَ المدرسة الرَّواحِيَّة، وهي ملاصقة للمسجد الأموي. وفي عام 651هـ حجَّ مع أبيه، ثم رجع إلى دمشق، وهناك أكبَّ على علمائها ينهل منهم.

أخلاق الإمام النووي وصفاته
أجمعَ أصحابُ كتب التراجم أن الإمام النووي كان رأسًا في الزهد، وقدوة في الورع، وعديم النظير في مناصحة الحكام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن أهمِّ صفاته الزهد والورع، فيُروى أنه سُئلَ: لِمَ لمْ تتزوَّج؟ فقال: "نَسيتُ"؛ وذلك لاشتغاله العظيم بتحصيل العلم ونشره.

وفي حياة الإمام النووي أمثلة كثيرة تدلُّ على ورعٍ شديد، فكان لا يقبل من أحدٍ هديةً ولا عطيَّةً، وكان لا يقبل إلا من والديه وأقاربه، فكانت أُمُّه ترسل إليه القميص ونحوه ليلبسه، وكان أبوه يُرسل إليه ما يأكله، وكان ينام في غرفته التي سكن فيها يوم نزل دمشق في المدرسة الرَّواحية، ولم يكن يبتغي وراء ذلك شيئًا.

وكان الإمام النووي لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة بعد العشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، وكان لا يشرب الماء المُبرَّد.

شيوخ الإمام النووي
سمع أبا الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، ومحمد بن أحمد المقدسي، وهو أجلُّ شيوخه، وأبا إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر، وأبا العباس أحمد بن عبد الدائم، وأبا البقاء خالد النابلسي، وأبا محمد عبد العزيز بن عبد الله محمد بن عبد المحسن الأنصاري، والضياء بن تمام الحيصي، والحافظ أبا الفضل محمد بن محمد البكري، وأبا الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد خطيب دمشق، وأبا محمد عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري، وأبا زكريا يحيى بن الفتح الصيرفي الحراني، وأبا إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فاضل الواسطي، وغيرهم.

مؤلفات الإمام النووي
صنَّف الإمام النووي (رحمه الله) كتبًا في الحديث والفقه عمَّ النفع بها، وانتشر في أقطار الأرض ذكرها؛ منها: المنهاج في الفقه، وشرح مسلم، ومنها المبهمات، ورياض الصالحين، والأذكار، وكتاب الأربعين، والتيسير في مختصر الإرشاد في علوم الحديث. ومنها الإرشاد، ومنها التحرير في ألفاظ التنبيه، والعمدة في صحيح التنبيه، والإيضاح في المناسك، والإيجاز في المناسك، ومنها التبيان في آداب حملة القرآن ومختصره، ومنها مسألة الغنيمة، وكتاب القيام، ومنها كتاب الفتاوى، ومنها الروضة في مختصر شرح الرافعي، وقطعة في شرح التنبيه، وقطعة في شرح البخاري، وقطعة يسيرة في شرح سنن أبي داود، وقطعة في الإسناد على حديث الأعمال والنيات، وقطعة في الأحكام، وقطعة كبيرة في التهذيب للأسماء واللغات، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، ومنها قطعة في التحقيق في الفقه إلى باب صلاة المسافر، ومسودات كثيرة.

آراء العلماء في الإمام النووي
قال عنه الإمام الذهبي: "الشيخ الإمام القدوة، الحافظ الزاهد، العابد الفقيه، المجتهد الرباني، شيخ الإسلام، حسنة الأنام". وقال الإمام ابن كثير: "الشيخ الإمام، العلامة الحافظ، الفقيه النبيل، محرر المذهب ومذهبه، وضابطه ومرتبه، أحد العباد والعلماء الزهاد، كان على جانب كبير من العلم والعمل والزهد والتقشف، والاقتصاد في العيش والصبر على خشونته، والتورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه ولا قبله بدهر طويل". وقال في حقِّه الإمام العلامة محمد بن علاَّن الصديقي: "شيخ الإسلام، علم الأئمة الأعلام، أوحد العلماء العاملين، والأولياء الصالحين، عين المحققين، وملاذ الفقهاء والمحدثين، وشيخ الحفاظ، وإمام الحفاظ، وإمام أرباب الضبط المتقنين".

وفاة الإمام النووي
تُوُفِّي الإمام النووي (رحمه الله) بِنَوَى في 24 من رجب سنةَ 676هـ، ولما بلغ نعيه إلى دمشق ارتجَّت هي وما حولها بالبكاء، وتأسَّف عليه المسلمون أسفًا شديدًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علماء الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء الحديث   علماء الحديث Emptyالجمعة 25 أكتوبر 2013, 1:51 am

الإمام البيهقي


علماء الحديث YtaN3


مولد الإمام البيهقي
هو أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الخرساني. وُلِد الإمام البيهقي بخُسْرَوْجِرد - وهي قرية من قرى بيهق بنيسابور - في شهر شعبان عام 384هـ، فقد كانت نيسابور تزخر بحركة علمية واسعة، وقد فتحت أيام الخليفة عثمان بن عفان .

طفولة الإمام البيهقي
نشأ الإمام البيهقي نشأة علمية مبكرة في نيسابور، وقد ساهمت هذه النشأة العلمية المبكرة في تكوين البيهقي وإنضاجه، وتزامن معها تلمذته على كبار رجال عصره من المحدثين والفقهاء، الذين كانت تمتلأ بهم نيسابور.

رحلات الإمام البيهقي في طلب العلوم
اتخذ الإمام البيهقي مدينة بيهق منطلقًا لرحلاته العلمية الواسعة في المدن المتاخمة لها أولاً، وهذه الرحلات هي التي ساهمت في تكوينه العلمي، وأثرت حصيلته من المادة العلمية والفقهية، وعلى رأسها المرويات الحديثية.

وهذه هي المدن والبلاد التي رحل إليها البيهقي (رحمه الله) لطلب العلم:

1- نيسابور. 2- أستراباذ. 3- أسد آباد. 4- أسفرايين. 5-خراسان. 6- الدامغان. 7- الطابران. 8- طوس. 9- قرمين. 10-مهرجان. 11- نوقان. 12 - همدان. 13- بغداد. 14- الكوفة. 15- شط العرب. 16- الري. 17- مكة المكرمة. 18 - المدينة المنورة. 19- عودته إلى بلده بيهق.

آراء العلماء في الإمام البيهقي
لقد تبوأ الإمام البيهقي قبل وفاته بعشرين عامًا مكانة علمية مرموقة، فكان يعتبر إمام المحدثين، ورأس الحفاظ في ذلك الوقت. وصفه الإمام الجويني قائلاً: "ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه مِنَّة إلا أبا بكر البيهقي، فإن المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه". وقد وصفه الإمام عبد الغافر الفارسي في تاريخه: "واحد زمانه في الحفظ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط".

وقال الإمام السبكي: "فقد كان الإمام البيهقي (رحمه الله) عالمًا عاملاً، ذا سعة وإحاطة بالعلوم الشرعية؛ فإنه أنفق شطر عمره في جمعها وتحصيلها، وأنفق الشطر الآخر منه في تنظيمها وتصنيفها، فأخرج للناس هذه المصنفات الجليلة، والتي بلغت الخمسين مصنفًا في فنون لم يسبق إليها".

شيوخ البيهقي
لقد كان شيوخ البيهقي من الكثرة بمكان، ويرجع ذلك إلى تبكير الإمام البيهقي في طلب العلم، وقيامه بالتطواف على العلماء، وهو في الخامسة عشرة من عمره؛ وقد تحدث السبكي عن شيوخ البيهقي، فقال: "أكثر من مائة شيخ".

ومن شيوخ البيهقي:

1- أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405هـ).
2- أبو الفتح المروزي الشافعي.
3- عبد القاهر البغدادي.
4- أبو سعيد بن الفضل الصيرفي.

وهناك الكثير من الشيوخ الذين نهل منهم البيهقي، وأخذ منهم، واستفاد من صحبتهم.

تلامذة الإمام البيهقي
لا شك أن تكوين الرجال لا يقل أهمية عن تأليف التصانيف، وتسويد الصحف، وتلاميذ البيهقي امتداد لعلمه ومنهجه، وأثر بارز من آثاره العلمية، والإمام البيهقي بما تبوأ من المكانة الجليلة في الحديث، والفقه، والأصول، والعقائد صار قبلة للطلاب، وهدفًا لرحلاتهم، واهتماماتهم؛ ليظفروا بالسماع منه، والتلقي عنه، فإن البيهقي (رحمه الله) كان محدث زمانه، وشيخ السنة في وقته، وأوحد زمانه في الحفظ والإتقان. وقد عمَّر البيهقي طويلاً، مما مكن عددًا كبيرًا من طلاب العلم وأهله للاستفادة منه.

ومن تلامذة الإمام البيهقي:

1- الإمام أبو عبد الله الفراوي النيسابوري الشافعي (ت 530هـ).

2- الإمام أبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي ثم النيسابوري.

صفات البيهقي
كان الإمام البيهقي على سيرة العلماء الربانيين، يتصف بالزهد والتقلل من الدنيا والقنوع باليسير، كثير العبادة والورع، قانتًا لله. كما كان يتصف بما وصف به أهل نيسابور عمومًا من أنهم كانوا أهل رئاسة، وسياسة، وحسن ملكة، ووضع الأشياء في مواضعها؛ وهي صفات جليلة تتصل بنضج العقل، وصفاء القريحة، وقوة الفكر والتدبير.

مؤلفات البيهقي
1- (السنن الكبرى): وهو من أعظم مؤلفات البيهقي، والذي احتل مكانة مرموقة بين المصنفات في الحديث الشريف، فقد أقبل العديد من العلماء الكبار على سماع هذا الكتاب وإسماعه لأهل العلم، وقد أثنى العلماء عليه، وقد جعله ابن الصلاح (ت 643هـ) سادس الكتب الستة في القيمة والأهمية بعد البخاري، ومسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وكتاب الترمذي. وقال الإمام السبكي (ت 771هـ) مشيدًا بسنن البيهقي: "أما السنن الكبير فما صنف في علم الحديث مثله تهذيبًا، وترتيبًا، وجودةً".

أما باقي مؤلفات الإمام البيهقي فهي كثيرة وعظيمة المنافع، منها:

1- أحكام القرآن. وقد جمع البيهقي فيه أقوال الشافعي في بيان آيات الأحكام.
2- أحاديث الشافعي.
3- الألف مسألة.
4- بيان خطأ من أخطأ على الشافعي.
5- تخريج أحاديث الأم (كتاب الأم للشافعي).
6- معالم السنن.
7- معرفة السنن والآثار.
8- العقائد.
9- إثبات عذاب القبر.
10- القراءة خلف الإمام.
11- فضائل الصحابة.

وغير ذلك من المؤلفات العديدة، والكثيرة.

وفاة البيهقي
وبعد حياة حافلة بالتطواف والطلب في جمع العلم وتحصيله، والهمة في بثِّه وتعليمه، والاعتكاف على تدوينه وتصنيفه، أصاب البيهقي المرض في رحلته الأخيرة إلى نيسابور، وحضرته المنية، فتُوفِّي في العاشر من جمادى الأولى سنة 458هـ، وله من العمر أربع وسبعون سنة، فغسلوه وكفنوه، وعملوا له تابوتًا، ثم نقلوه إلى مدينة بيهق. رحم الله البيهقي رحمة واسعة، ورافق نبيه في أعالي الجنان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
علماء الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: