""مقابل امتيازات أمنية"..
إحاطة سرية تكشف معالم الاتفاق النووي الأميركي السعودي المرتقب
ذكرت وكالة "بلومبيرغ"، أن مسؤولي مجلس الأمن القومي الأميركي أطلعوا أعضاء الكونغرس على اتفاق طال انتظاره لتقاسم التكنولوجيا النووية مع السعودية والذي يمكن أن يسمح للشركات الأميركية ببناء مفاعلات في المملكة، بناء على ما قاله عدد من المشرعين للوكالة.
ونقلت الوكالة عن السيناتور جيف ميركلي، وهو ديمقراطي من ولاية أوريغون يعمل في اللجنة، قوله، إن أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ تلقوا إحاطة سرية حول ملامح الصفقة يوم الثلاثاء.
وقال مسؤول أميركي كبير، في مايو الماضي، إن الاتفاق اكتمل بشكل أساسي بعد سنوات من المفاوضات.
وأضاف، أن الاتفاق السعودي يتضمن عناصر تتعلق بعدم الانتشار النووي، وتمت صياغته بمدخلات من وزارات الدفاع ووزارة الطاقة ووزارة الخارجية.
ووفقا للوكالة، في حين أن مثل هذه الاتفاقية يمكن أن تعزز شركة وستنغهاوس إلكتريك وغيرها من الشركات النووية الأميركية، إلا أنها أثارت قلق خبراء منع الانتشار النووي وبعض أعضاء الكونغرس من أنها قد تسمح للسعوديين بتخصيب اليورانيوم المستهلك، وتحويله إلى مواد يمكن استخدامها في صنع الأسلحة.
وكتب السيناتور الديمقراطي، إدوارد ماركي، في رسالة، في مايو الماضي، إلى الرئيس الأميركي، جو بايدن: "أخشى أنه لا يمكن الوثوق بالسعودية، وهي دولة ذات سجل فظيع في مجال حقوق الإنسان، لاستخدام برنامجها للطاقة النووية المدنية للأغراض السلمية فقط، وستقوم بدلاً من ذلك بتخصيب اليورانيوم والسعي لتطوير أسلحة نووية".
وأشارت الوكالة إلى أن اتفاقيات تقاسم التكنولوجيا النووية السابقة مع دول مثل اليابان كانت تمنع صراحة تخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم المستنفد.
ولم يستجب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي لطلب الوكالة للتعليق.
وقال هنري سوكولسكي، المدير التنفيذي لمركز تعليم سياسة منع الانتشار النووي، للوكالة إنه بمجرد التوصل إلى اتفاق، سيكون أمام الكونغرس 90 يومًا تشريعيًا لتمرير قانون ضد الفيتو يرفض الاتفاق، أو يضيف شروطًا عليه قبل أن يدخل الإجراء حيز التنفيذ تلقائيًا.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، في 9 يونيو، نقلا عن مسؤولين أميركيين وسعوديين، أن إدارة بايدن على وشك وضع اللمسات النهائية على معاهدة مع السعودية، تلتزم واشنطن بموجبها بالمساعدة في الدفاع عن المملكة، في إطار صفقة تهدف إلى الدفع بعلاقات دبلوماسية بين الرياض وإسرائيل.
والاتفاق المحتمل، الذي ظل محل مراسلات على نطاق واسع بين مسؤولين أميركيين ومسؤولين آخرين لأسابيع، يأتي ضمن حزمة أوسع ستتضمن إبرام اتفاق نووي مدني بين واشنطن والرياض، واتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الحرب في غزة، حيث فشلت جهود وقف إطلاق النار المستمرة منذ شهور في إحلال السلام.
وستتطلب الموافقة على هذه المعاهدة، التي قالت وول ستريت جورنال إنها ستحمل اسم اتفاقية التحالف الاستراتيجي، تصويت أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ الأميركي لصالحها، وهو أمر سيكون من الصعب تحقيقه ما لم ينص الاتفاق على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وسعوديين قولهم، إن مسودة المعاهدة صيغت بشكل فضفاض على غرار الاتفاقية الأمنية المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان.
وذكرت الصحيفة، أن مسودة المعاهدة تنص على منح واشنطن إمكانية استخدام الأراضي السعودية، والمجال الجوي للمملكة من أجل حماية المصالح الأميركية وشركائها في المنطقة، مقابل التزام الولايات المتحدة بالمساعدة في الدفاع عن السعودية في حالة تعرضها لهجوم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم، إن المعاهدة تهدف أيضا إلى توثيق الروابط بين الرياض وواشنطن، من خلال منع الصين من بناء قواعد في المملكة، أو مواصلة التعاون الأمني مع الرياض.
ولم يرد البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأميركية ولا السفارة السعودية في واشنطن على طلبات للتعليق حتى الآن.
ويمثل الضغط الدبلوماسي من أجل إبرام اتفاق دفاعي مع الرياض تحولا ملحوظا للرئيس بايدن، الذي تعهد عندما كان مرشحا بمعاملة السعودية باعتبارها منبوذة وجعلها تدفع ثمن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، الذي كان مقيما في الولايات المتحدة.
وجاء في تقرير الصحيفة، أن "بايدن الآن على أعتاب تقديم التزام رسمي بحماية المملكة، والتي ترسم مسارًا طموحًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بينما لا تزال تقمع المعارضة".
الصحيفة نقلت عن المفاوض الأميركي السابق، آرون ديفيد ميلر، قوله "ستكون هذه هي المرة الأولى التي تبرم فيها الولايات المتحدة اتفاقية دفاع مشترك تكون لها قوة القانون منذ مراجعة المعاهدة الأميركية اليابانية عام 1960، والمرة الأولى التي تبرم فيها مثل هذه الاتفاقية مع دولة استبدادية".
ومن شأن هذا التحالف الأمني، أن يرفع مكانة المملكة الإقليمية ويرسخ الدور العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، في ظل اهتزازها بعد هجوم 7 أكتوبر الذي قادته حماس ضد إسرائيل، والحرب الإسرائيلية على غزة.
ومن شأن الصفقة أيضًا، أن تدعم أمن السعودية، في حين تخاطر بزيادة التوترات مع إيران، التي تتنافس معها على التفوق الإقليمي وتعمل على تعميق علاقاتها مع روسيا.
يذكر أن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قال الشهر الماضي إن أمن إسرائيل على المدى الطويل يعتمد على تكاملها الإقليمي وعلاقاتها الطبيعية مع الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.
وقال للصحفيين: "يجب ألا نفوت فرصة تاريخية لتحقيق رؤية إسرائيل آمنة، محاطة بشركاء إقليميين أقوياء، وتشكل جبهة قوية لردع العدوان ودعم الاستقرار الإقليمي.. نحن نتابع هذه الرؤية كل يوم".