كيف تنجح كمائن المقاومة في الإيقاع بقوات الاحتلال كل مرة؟
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي إن نجاح الكمائن التي تنصبها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة يعتمد بشكل أساسي على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، التي تجمعها عن محاور تقدم القوات الإسرائيلية.
وأوضح الفلاحي أن هذا النهج يتطلب فهما عميقا لطبيعة المنطقة الجغرافية، وإمكانية توظيف الأرض، بحيث تتمكن فصائل المقاومة من استخدام ما لديها من قدرات ووسائل عسكرية بفعالية.
وأضاف أن المقاومة تعتمد على محاكاة الفرضيات المحتملة التي يمكن أن يسلكها الجيش الإسرائيلي لدخول هذه المناطق، مما يؤدي إلى تفخيخ المنازل والطرق على أساس تلك الفرضيات.
وأكد الخبير العسكري أن المعركة تبدأ في عقول القادة قبل أن تتحول إلى عمليات تدمير على الأرض، حيث تتم مهاجمة الخطط والترتيبات التي يضعها القائد الإسرائيلي، مما يساهم في هزيمته على الأرض.
وأشار الفلاحي إلى أن قلة الخبرة لدى القيادات الميدانية للجيش الإسرائيلي، إضافة إلى نقص المعلومات الاستخباراتية، والفارق الكبير في القدرات القتالية بين الجندي الإسرائيلي والمقاتل الفلسطيني، كانت أسبابا رئيسية في وقوع القوات الإسرائيلية في كمائن متكررة منذ بداية العملية العسكرية وحتى اليوم.
الخبرة التراكمية
وأضاف الخبير العسكري أن الخبرة التراكمية التي اكتسبتها فصائل المقاومة قد أكسبتهم حرفية كبيرة في العمليات العسكرية، في مقابل تغير التوجهات العسكرية الإسرائيلية خلال المعارك، حيث يتم تكليف قطاعات جديدة بمهام لم تعتد عليها، وهو ما يسهل عمل المقاومة في نصب الكمائن.
وضرب الفلاحي مثالا على ذلك باللواء الثامن مدرع الذي تم نقله من المنطقة الشمالية إلى مناطق جديدة عليه في القطاع، مما جعله يواجه صعوبات كبيرة بسبب عدم معرفته بتفاصيل الأرض.
وأوضح الفلاحي أن أحد أهم أسباب نجاح المقاومة هو عدم معرفة الاستخبارات الإسرائيلية الأماكن الحقيقية التي تتواجد فيها فصائل المقاومة، مما يعزز مرونة الحركة والانتقال للمقاومة.
وأشار إلى أن العمليات التي تقوم بها المقاومة تتسم باللامركزية، ما يتيح لها العمل في مناطق متعددة وتشكيل خطر على القوات الإسرائيلية، التي تعتمد على مركزية في العمليات تجعلها مقيدة بمناطق وتفاصيل معينة.
وأكد الفلاحي أن جمع المعلومات يتطلب معرفة جيدة بطبيعة الأرض وكيفية قتال العدو لقراءة أفكاره، ووضع فرضيات محتملة لسيناريوهات المعركة، مؤكدا نجاح فصائل المقاومة في توظيف هذه الفرضيات بشكل كبير، مما ساهم في نجاح الكمائن بشكل مستمر.
ويرى الخبير العسكري أن المقاومة نجحت في توظيف الأسلحة المتاحة لها بشكل فعال، وهو ما ساهم في تدمير الآليات الإسرائيلية رغم قدراتها الكبيرة، بينما يواجه جيش الاحتلال صعوبات كبيرة في التوغل بمناطق التوغل رغم إمكانياته وما يتوفر له من دعم واسع.
وختم الفلاحي بالقول إن المقاومة الفلسطينية نجحت في تكوين فرضيات صحيحة لسيناريوهات المعركة، ما مكنها من تطوير إمكانياتها وقدراتها بما يتلاءم مع مواجهة جيش الاحتلال، مؤكدا أن هذا النجاح يعكس الفهم العميق لطبيعة الصراع والقدرة على التكيف مع متغيرات الميدان.