يوم الشلل الكبير للمعارضة والجيش الاسرائيلي
لم يتجاوز عدد المتظاهرين في يوم الشلل الكبير الذي اعلنت عنه المعارضة الاسرائيلية وذوي الاسرى لدى المقاومة 2000 متظاهر، في حين لم تتمكن المجموعات الصغيرة المتناثرة هنا وهناك في شوراع المدن الفلسطينية المحتلة عام 48 من إحداث شلل ولو كان صغيرا في الحياة العامة للكيان، فيوم الشلل الكبير كشف عن عجز وشلل أكبر في المعارضة الاسرائيلية عالية الصوت وكثيرة الصخب.
فأقصى ما قام به المتظاهرون هو التجمع أمام منازل عدد من الوزراء ونواب الليكود في الكنيست وعددهم (18) وزيرا ونائبا، ومن ثم التوجه الى مقر (الهستدروت - نقابة العمال) واستجداؤه المشاركة في التظاهرات لممارسة الضغوط على نتنياهو ليمضي قدما بصفقة تبادل الاسرى أو إسقاط حكومته.
حجم التظاهرات والتفاعل الحقيقي للشارع على الارض جاءت ضعيفة، مقدمة مؤشرات قوية لنتنياهو للمضي قدما في نهجه، افشبكة الامان الخاصة بنتنياهو لا زالت قوية وفعالة ممتدة داخل المجتمع اليميني.
نتائج الشلل الكبير على الارض معاكسة لنتائج استطلاعات الرأي التي أكد فيها 67% من المستطلعين على ضرورة القبول بصفقة تبادل الاسرى ووقف إطلاق النار، فما جرى في الشارع اليوم من حراك فضيحة لمراكز البحوث والصحف ومجتمع الاستطلاعات، فالجمهور الاسرائيلي اليميني متمسك بنتنياهو وقيادته للحرب، وهي نتائج يتوقع ان نجد انعكاسا لها في الانتخابات الرئاسية الامريكية قريبا بعودة ترمب واطلاق تسونامي من الفوضى في العالم الذي تعب من تحولات وتقلبات واضطرابات السياسة الامريكية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار.
المؤشرات على الارض رغم صخب المعارضة بزعامة لابيد ودعوتها لاستقالة الحكومة، ورغم كثرة التصريحات من المسؤولين والقادة السابقين، ورغم الخلاف داخل الكابينت المصغر بين نتنياهو ووزير دفاعه غالانت الذي بات مهددا بفقدان مقعده، ورغم رسائل الجيش القوية الداعية لوقف الحرب والقبول بصفقة لاطلاق سراح الاسرى، فإن حراك الشارع الضعيف وتماسك ائتلاف نتنياهو تقدم مؤشرات على ان نتنياهو هو المسيطر، وانه قادر على تعطيل الصفقة، بل والدفع نحو حرب أوسع مع لبنان وفي الاقليم.
يوم الشلل الكبير عنوان مضخم لمعارضة ضعيفة ومشلولة سياسيا، فنتنياهو لا زال الطرف القوي في المعادلة ولا زال في جعبته الكثير، فهو الضامن المستقبلي لتدفق المساعدات عبر الكونغرس الجمهوري والرئيس المقبل دونالد ترمب، وفرص نتنياهو لليوم التالي واعدة اكثر من اي وقت مضى، وهو الحصان الرابح في نظر الكثير من الصهيانة.
المعارضة وقيادات الجيش فقدت مصداقيتها وثقة الجمهور فيها بعد السابع من اكتوبر وبعد 10 اشهر من الحرب ومن الادارة الناجحة لنتنياهو للمشهد السياسي عبر حكومة الطوارئ المنحلة، فالثقة بنتنياهو تعززت بعد ان واجه بايدن واحرجه بتشريع للكونغرس الامريكي يضمن دوام تدفق الاسلحة للكيان، والأهم قدرته على تمرير كل المشاريع والاجراءات التي تسمح بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية عبر تسويق وهم الانتصار.
ختاما.. مواطنو الكيان متعلقون بالوهم وصورة النصر التي يقدمها نتنياهو في سلوكه وخطاباته ووعوده، فهي المسكن والمخدر الذي ادمن عليه الجمهور الصهيوني ولم يعد قادر على تركه، فالحقيقة ما يقوله نتنياهو لا ما تراه قيادة الجيش وقادة فرقه في قطاع غزة وشمال فلسطين والضفة الغربية، ومفادها ان الكيان مقبل على حرب استنزاف طويلة لم يعهد لها مثيل، تدور رحاها في كل مكان من ارض فلسطين وجوارها، فقيادة الجيش مشلولة كشلل المعارضة، فلم تعد قادرة على استعادة ثقة الجمهور او السيطرة على المتطرفين من الجنود الذين يبثون صورا من ارض المعركة، تبرز انجازاتهم واحلامهم باسرائيل الكبرى، في دعاية تدعم رواية نتنياهو، لا رواية الناطق باسم الجيش هغاري.