كيف التهمت إسرائيل غذاء أهالي غزة؟
تشكل المحاصيل الحقلية في غزة مادة غذائية مهمة للإنسان والحيوان؛ وعادة ما تكون حقول القطاع مع بداية
الصيف مليئة بالمحاصيل والفواكه الناضجة بجميع أنواعها وأشكالها.
ولكن بعد 9 أشهر من الحرب على غزة بات القطاع يعاني من كارثة إنسانية متفاقمة طالت الأراضي الزراعية
بما فيها من محاصيل وفيرة.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة بأن 96% من سكان قطاع غزة يعانون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد
وأن واحدا من كل 5 من السكان (في غزة) يتضور جوعا.
تضرر (60%) من الأراضي الزراعية في غزة، بسبب الهجمات الإسرائيلية على القطاع والتي كانت كافية
وضرورية لإطعام السكان الجياع في المنطقة.
وأدت الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ نحو 9 أشهر إلى تدمير كل ما فيه من شماله إلى جنوبه،
وأودت بحياة 37 ألفا و900 شهيد على الأقل وجرح 87 ألفا آخرين.
تدمير الأراضي الزراعية في غزة
شمال غزة
في بيت لاهيا، التي كانت تشتهر بالفراولة التي أطلق عليها السكان المحليون "الذهب الأحمر"، قامت الجرافات
الإسرائيلية والآلات الثقيلة بتدمير حقولها بشكل منهجي وتحويلها إلى أراض خالية.
قبل الحرب، كانت صناعة الفراولة في غزة توظف الآلاف من الناس. وعادة ما يبدأ البذر والغرس في
سبتمبر/أيلول، والحصاد من ديسمبر/كانون الأول حتى مارس/آذار.
وفي تحدٍّ للهجمات الإسرائيلية المستمرة، اكتشف المزارعون، ومنهم يوسف أبو ربيع، طرقا بديلة للزراعة بين
المباني التي تعرضت للقصف.
مدينة غزة
كانت الحدائق المزدهرة وأشجار الفاكهة في خلفيات المنازل تنتشر في مدينة غزة، حيث كان يعيش فيها حوالي
750 ألفا من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون، ما يعادل ثلث سكان القطاع قبل عدوان الاحتلال الإسرائيلي
على غزة.
الزيتون رمز الصمود
يرتبط المواطن الفلسطيني ارتباطا وثيقا بشجرة الزيتون، كونها ترمز إلى تجذره في أرضه، وإلى السلام
والأمن، وعند توقف القتال خلال الهدنة من 22 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 1 ديسمبر/كانون الأول، أسرع
المزارعون لحصاد زيتونهم واستخراج الزيت، حيث إنه المصدر الوحيد للعيش وكانوا حينها بأمسِّ الحاجة إليه.
ويعتبر الزيتون في فلسطين إحدى الركائز الاقتصادية ويشكل عنصرا من عناصر الأمن الغذائي للفلسطينيين،
كما يُستخدم زيت الزيتون في أشياء متعددة من الطعام إلى الصابون.
دير البلح
محافظة دير البلح أو الوسطى تضم مساحة كبرى من الأراضي الزراعية في غزة واسمها يعني "بيت التمور"،
وهي مشهورة بزراعة التمر والبرتقال والزيتون أيضا، ويبدأ حصاد التمر عادة في أواخر سبتمبر/أيلول ويستمر
حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
خان يونس
كانت مدينة خان يونس الواقعة جنوب القطاع، تنتج الجزء الأكبر من الحمضيات في غزة، بما في ذلك البرتقال
والغريب فروت، وبفضل تربتها الخصبة وطول فترة النهار مع اعتدال الطقس فيها، تتمتع المدينة بمناخ مثالي
بالإضافة إلى اتساع المساحات الخضراء -كونها ثاني أكبر محافظة في قطاع غزة- في القطاع البالغة مساحته
365 كيلومترا مربعا.
رفح
المنطقة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، ويبلغ عدد سكانها قبل الحرب حوالي 275 ألف نسمة، ويقع في
أقصى جنوب المحافظة معبر رفح البري وهو المعبر الحدودي بين قطاع غزة في فلسطين وشبه جزيرة سيناء
في مصر، وكان بمثابة رابط حيوي بين غزة وبقية العالم قبل أن تدمره القوات الإسرائيلية في مايو/أيار
الماضي.
وفي جنوب شرق رفح يوجد معبر (كرم أبو سالم) ويتم من خلاله شحن البضائع المزروعة والمنتجة في غزة
إلى الخارج.
فرضت إسرائيل حصارا بريا وجويا وبحريا على غزة منذ عام 2007، لكن المزارعين في القطاع ما زالوا
قادرين على بناء قطاع زراعي نابض بالحياة، قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير.
استطاع المزارعون بأبسط الإمكانيات تسيير الأمور ومواجهة نقص الغذاء، وذلك بسبب سيطرة الاحتلال على
الواردات والصادرات في غزة، حيث قرر المزارع محمد أبو زيادة في بيت لاهيا القيام بتجربة زراعة الذرة
الحمراء فهي لا تحتاج إلى أدوات زراعية ولا كميات كبيرة من المياه كباقي أصناف الذرة الأخرى وكان محمد
فخورا للغاية بمحصوله الأول.
الصادرات الزراعية لغزة قبل الحرب
رغم الحصار المستمر طورت غزة قطاعا زراعيا يحقق الاكتفاء الذاتي قبل الحرب الأخيرة، حيث صدّر مزارعو
غزة عام 2022، منتجات بلغت قيمتها 44.6 مليون دولار -وفقا لوزارة الزراعة الفلسطينية- حيث تم بيع
الغالبية العظمى من هذه المنتجات إلى الضفة الغربية المحتلة (79%) وبقيمة بلغت 35.4 مليون دولار، تليها
إسرائيل (19%) بقيمة 8.4 ملايين دولار، و661 ألفا و975 دولارا لدول مجلس التعاون الخليجي، و138 ألفا
و868 دولارا للأردن.
ومن حيث القيمة التجارية، كان ثلثها من الفراولة و(28%) من الطماطم و(15%) من الخيار، وشملت
الصادرات الأخرى مثل الباذنجان (9%) والفلفل الحلو (6%) والكوسا (3%) ، أما الفلفل الحار فكان (2.5%)
والبطاطس (1%) والبطاطا الحلوة (0.5%).
صيادو الأسماك في غزة يخاطرون بحياتهم
لعب صيادو غزة البالغ عددهم 4 آلاف دورا حاسما في الأمن الغذائي الفلسطيني، حيث قاموا بتزويد السكان
بالمأكولات البحرية التي يصطادونها ضمن الـ22 كيلومترا التي تسمح إسرائيل بالإبحار والصيد فيها، حيث
أنتجت غزة عام 2021، حوالي 4700 طن من الأسماك وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، لم يتمكن الصيادون من الوصول إلى البحر، بينما يخاطر آخرون بحياتهم لجلب
الطعام، مما يؤثر بشدة على قدرة غزة على توفير الغذاء وإطعام مواطنيها.
ميناء غزة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023
وتظهر صور الأقمار الصناعية أدناه الأضرار الجسيمة التي لحقت بميناء الصيد الرئيسي في قطاع غزة، حيث
دُمرت جميع القوارب، إلى جانب الأضرار الجسيمة التي لحقت على طول الطريق والرصيف الرئيسي.
تدمير الآبار والحظائر والمزارع في غزة
قامت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في فبراير/شباط، بتقييم الأضرار الزراعية والحيوانية
في جميع أنحاء غزة.
ووجدت المنظمة أضرارا كبيرة في الآبار والحظائر ومزارع الدجاج والأغنام، بالإضافة إلى ذلك، وبلغت مساحة
الأراضي الزراعية المتضررة في غزة 339 هكتارا من أصل 1277 بسبب العدوان الإسرائيلي.
تلف التربة في غزة سيستمر لسنوات طويلة
يقول خبراء إن المعدات العسكرية والقنابل ألحقت أضرارا بالتربة الخصبة في غزة وسيكون أثرها مستمرا
لسنوات عديدة.
وقال المستشار الزراعي سعد داغر للجزيرة "إن المواد المستخدمة في المتفجرات وقنابل الفوسفور في الحرب
على غزة، ستؤثر على الأرض والمياه على المدى الطويل".