اليوم التالي لحرب غزة
يفشل الصهاينة في محاولة توقع ما بعد الحرب على غزة، وهم مشغولون بالحرب وليس لهم طاقة بها، فكيف يطيقون الإحاطة بما بعدها ؟
ما بعد غزة تُرتّب له كل الجهات التي يسرّها أن ينجلي (البَعد) عن الخلاص من بعبع المقاومة، هذه الجهات التي تحاول أن تضيق الأرض بما رحبت على كوادر حماس قبل الطوفان وبعده، تخشى إن تمكنت المقاومة من كسب المنازلة أن تُدَفّعها ثمن لؤمها ومكرها فاتورة باهظة التكاليف، وهو ما يفسر اشتعال هذه الحرب العالمية المركزة، فلا العرب ولا العجم لهم طاقة بالبديل عن الحياة المغمسة بالعبودية التي توزع كوبوناتها على الشعوب مع الهواء الذي تتنفسه في كل صعيد.
لا خيار إذن أمام المقاومة سوى خيار النصر والتمكين، لأن البديل هو رجوع البشرية إلى عصور ستر العورات بوَرق التوت الذي لم يعد يصلح لستر عورة ولا للوقاية من برد شتاء ولا من حرّ صيف.
وإرهاصات النصر واضحة، نصرٌ بتوقيع مَن تجاوزوا حدود غلاف غزة في أكتوبر، ونصر متكرر مع طلوع فجر كل يوم بعدها وغروب شمس كل يوم.
ترى ماذا يتوقع من اليهود ووكلائهم والمتصالحين مع خياراتهم إزاء هذا الواقع المؤرق لهم جميعا غير السعي بكل طاقاتهم لإطالة أمد الحرب برغم خسارتهم البشرية والمادية، بما في هذه الإطالة من رهان على إرهاق المقاومة وتأليب الشارع الغزي عليها لارتفاع فاتورة الصمود نقصا في الأنفس والثمرات وإنهاء لمظاهر الطمأنينة في كل بقاع غزة حتى لم يعد المواطن قادرا على تحسس رأسه للتأكد من أنه ما يزال على قيد الحياة !!
وإذا ثبت لكل عاقل أن المقاومة غير مخيرة في نتيجة طوفانها، فإن العقل يقضي أن اليوم التالي لحرب غزة هو لهذه الجماهير المستفَزَّة المغلوبة على أمرها، لا لما قدمته هي في هذا الطوفان، فهو قليل مهما كثر، لكن لأن من يدافع عن مستقبلها حدد وجهته وخطّط طريقه وعرف أن الفرق بين القوة والضعف هو كالفرق بين الحياة والموت.
اليوم التالي للحرب هو لنا نحن الضاغطين على زناد صبرنا الممارسين حياة هي معنى من معاني الموت الزؤام، وإن لم يكن ذلك اليوم التالي قريبا غالبا، فهو ليس اليوم الذي يتحقق فيه وقف إطلاق النار، ولا اليوم الذي يلي تبادل الأسرى، ولا يوم يعلن النتن أنه موافق على وقف النار بأي ثمن. اليوم التالي لحرب غزة هو اليوم الذي ينكشف فيه العملاء ويفلس فيه الأدعياء ويُفضَح فيه تجار التصريحات البراقة ويُعلَم فيه من هو المحرض الحقيقي من تحت الطاولة على استمرار الحرب وتواصُل التخطيط لقطع شأفة المقاومة من جذورها، ويوم يحين هذا يكون اليوم التالي محكوما بميزان الحقيقة التي تحصُد كل خيال، ومنضبطاً بمقاييس النصر والهزيمة التي هي من سنن الكون التي لا تتخلف، وعليه فالنصيحة لكل من يأتي على ذكر اليوم التالي لحرب غزة من خصومنا أن يوفر “هرجه” إلى أن يرى أمام عينيه الحقيقة بلا رتوش.