الدويري: كمين القسام بتل الهوى نوعي ومفاجئ ويعكس تطور المقاومة
وصف الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري الكمين الذي نفذته كتائب القسام، الجناح العسكري
لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في تل الهوى بأنه نوعي ومفاجئ، ويعكس قوة منظومة الاستطلاع لدى
المقاومة.
وبثت كتائب عز الدين القسام، اليوم الأربعاء، مشاهد قالت إنها من كمين مركب نفذه مقاتلوها ضد قوات الجيش
الإسرائيلي قرب دوار الأمين محمد بحي تل الهوى جنوب مدينة غزة.
وقال الدويري -في تحليل للمشهد العسكري بغزة- إن هذا الكمين يأتي في نفس مستوى الكمائن التي نفذت سابقا
في بيت حانون (شمالي قطاع غزة) والمغازي (وسط القطاع) وتل السلطان (غربي رفح جنوبي القطاع)،
وجميعها أوقعت خسائر بجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن تنفيذ الكمين استغرق 4 ساعات -من الرابعة فجرا حتى الثامنة صباحا-، وتضمن 4 مراحل،
واستخدمت فيه 4 أنواع من الأسلحة، عبوة الشواظ ضد الآليات وعبوة ضد الأفراد، والصاروخ، وقذيفة
الياسين 105، وهي القدرات الموجودة لدى مقاتلي المقاومة.
وأشار إلى تطور أداء مقاتلي المقاومة في مواجهة قوات الاحتلال في مختلف مناطق غزة، فمثلا طريقة إدارة
المعركة في حي الزيتون اختلفت في المراحل الأربع التي اقتحمت فيها قوات الاحتلال المنطقة، وكذلك الأمر
بالنسبة لحي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
واعتبر أن تطوير طريقة أداء المعركة في جوانب عديدة هو سر استمرار كتائب عز الدين القسام في القتال لمدة
10 أشهر، رغم الحصار الإسرائيلي، مشيرا إلى أن المقاومة فعّلت غرفة العمليات المشتركة بين الفصائل
الفلسطينية، من أجل توحيد الجهد والاقتصاد بالقوة. وكان ذلك في اليوم الأول لمعركة خان يونس جنوبي قطاع
غزة قبل أشهر.
وفي تطوير الكمائن، أعاد الدويري التذكير بكلمة سابقة لـ أبو عبيدة -الناطق باسم كتائب القسام- قال فيها "
استفدنا من تجاربنا السابقة"، أي أن المقاومة طورت من أدائها الميداني بما يواكب التحديات المستجدة.
ومن جهة أخرى، قدم الخبير العسكري والإستراتيجي قراءة في المشهد الميداني في غزة، وقال، كافة مدن
القطاع الفلسطيني باستثناء رفح جنوبي القطاع دخلت في "المرحلة ج"، كما يسميها الاحتلال، وهو مطلب
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجيش الاحتلال تحديدا، لأنه يفتقد لقوات على الأرض.
وأشار في نفس السياق إلى أن الجيش الإسرائيلي يرغب في إنهاء معركة رفح والدخول ضمن "المرحلة ج"،
والتي يستخدم فيها جيش الاحتلال القصف بالطائرات والقصف المدفعي والصاروخي تحت ذرائع واهية.
لماذا يتمسك نتنياهو بالبقاء في محوري نتساريم وفيلادلفيا؟.. الدويري يجيب
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن سر تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو ببقاء قواته في محوري نتساريم وفيلادلفيا على الحدود بين مصر وغزة يعود لكون الرؤية الإسرائيلية
رسمت لهما وظائف مستقبلية.
فمحور فيلادلفيا يفصل غزة بالمطلق عن بيئتها العربية، بينما محور نتساريم -يضيف الدويري- يفصل شمال
قطاع غزة عن وسط وجنوب القطاع، ويتحكم في مجال عودة الغزيين إلى الشمال.
وأشار الدويري -في تحليل للمشهد العسكري بغزة- إلى خلافات المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل
بشأن التعامل مع غزة، وقال إن الموقف العسكري وخاصة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي يرى
أن أي تفكير مستقبلي لحكم غزة عسكريا يحتاج إلى ما لايقل عن 50 ألف جندي.
وحول حديث رئيس الأركان عن إمكانية إبقاء السيطرة الإسرائيلية على محوري نتساريم وفيلادلفيا بدون وجود
عسكري فيها، ذكر الخبير العسكري والإستراتيجي أن هدفه هو إنشاء جدار فاصل فوق وتحت الأرض يكون
مزودا بمعدات وبإمكانيات.
غير أن الدويري أوضح أن فصل غزة عن غلاف غزة بجدار مزود بمجسات وكاميرات ورشاشات أوتوماتيكية
وغيرها من الوسائل قد فشل، وهذا ما يعني أن تطبيق نفس النظام سيفشل، خاصة أن جيش الاحتلال يعاني
نقصا في المعدات وفي الأفراد.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية "كان" أفادت بأن هناك خلافات واسعة بين نتنياهو وفريق التفاوض الإسرائيلي
بشأن بقاء الجيش في محور فيلادلفيا الذي أعلن جيش الاحتلال في 29 مايو/أيار الماضي، "إتمام سيطرته"
عليه، زاعما "اكتشاف أنفاق من غزة إلى أراضي سيناء" المصرية، وهو ما نفاه الجانب المصري.
ومن جهة أخرى، تطرق الخبير العسكري والإستراتيجي إلى التطورات الميدانية في قطاع غزة، وإلى القدرات
العسكرية للمقاومة الفلسطينية، على ضوء إعلان سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أنها
قصفت -برشقة صاروخية- سديروت ومستوطنات غلاف غزة.
وقال إن قدرات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- وسرايا القدس غير
معروفة لأي جهة بما في ذلك إسرائيل، مضيفا أن التقديرات حول صواريخ القسام متباينة، وهي في حدها
الأدنى من 10 آلاف إلى 12 ألفا، وفي حدها الأعلى 30 ألف صاروخ.
وكشف أن تقارير من داخل إسرائيل تحدثت قبل أسبوعين على أن كتائب القسام لا تزال تمتلك صواريخ تعتبر
بعيدة المدى تطال أواسط فلسطين المحتلة.
كيف فند الدويري مزاعم الاحتلال بقتل نصف مقاتلي القسام بغزة؟
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن تصريحات جيش الاحتلال الإسرائيلي حول تصفية
نصف عدد مقاتلي كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- لا تؤخذ على محمل
الجد والصدق.
وأوضح الدويري -خلال تحليله المشهد العسكري في غزة– أن الجيوش النظامية التي تتعرض إلى خسائر بنسبة
50% "تخرج عن الخدمة"، ولكن الوضع يختلف في الحروب غير المتناظرة إذ يبقى القتال مستمرا حتى لو
قتل 80% من عناصر التنظيمات، مع تراجع في الأداء القتالي.
وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري إن الواقع الميداني يؤكد عكس ذلك إذ تصاعد الأداء القتالي للمقاومة
الفلسطينية مستدلا بالكمائن الناجحة في معاركها الأخيرة بحيي الشجاعية وتل الهوى بمدينة غزة، ومخيم جباليا
شمالي القطاع.
واستند الدويري أيضا، إلى تصريحات أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام عندما أكد في كلمته الأخيرة (في
السابع من يوليو/تموز 2024) أنه جرى إعادة تأهيل الكتائب الـ24 في كافة مناطق القطاع بشريًّا وماديا.
وكان أبو عبيدة قد أكد في كلمته أن القدرات البشرية لكتائب القسام "بخير كبير"، كما أنها جندت آلاف
المقاتلين خلال الحرب، وعززت قدراتها الدفاعية، مؤكدا أن قدرة مقاتلي القسام على القتال والمواجهة باتت
أقوى أمام جرائم الاحتلال وإبادته.
كما استدل الخبير الإستراتيجي بما صرح به الاحتلال سابقا عندما زعم اعتقال مئات المقاتلين الفلسطينيين من
مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار الماضي، وتبين -لاحقا- أن معظمهم مدنيون ومن بينهم صحفيون.
ومع ذلك، أقر بوجود شهداء في صفوف القسام وفصائل المقاومة بعدما ألقى الاحتلال -كحد أدنى- 80 ألف طن
على قطاع غزة منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأمس الثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي إن تقديراته تشير إلى أن حركة حماس لا تزال قادرة على قصف تل أبيب
والقدس، زاعما أنه "قتل واعتقل نحو 14 ألفا من عناصرها منذ بدء الحرب".
الدويري: عمليات المقاومة بغزة يصعب تكرارها وأسلحتها فاعلة ضد الآليات
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن أسلحة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة فعالة جدا
ضد الآليات العسكرية الإسرائيلية بعدما تم توظيف الهندسة العكسية لتصنيع أسلحة ظاهرها متواضع ولكن
تأثيرها فاعل.
وأوضح الدويري -خلال تحليله المشهد العسكري في غزة- أن المقاومة وظفت الإمكانيات المتاحة لتصنيع
الأسلحة المضادة للدروع والأفراد والتحصينات، رغم أنه لا يمكن مقارنتها بالنسخة الأصلية.
وبين أنه لا يمكن مقارنة قذيفة "الياسين 105" بـ"آر بي جي 7″، وكذلك قذائف التاندوم و"تي بي جي"،
وصولا إلى قناصة الغول القسامية والعبوات الناسفة بمختلف مسمياتها (شواظ، رعدية، تلفزيونية.. إلخ).
وأكد أنه "لو لم تكن أسلحة المقاومة فعالة لما شاهدنا هذه الفيديوهات، ولما شاهدنا أيضا سحب الآليات
المدمرة والمعطوبة وتكدسها"، مستحضرا تقارير أشارت إلى تدمير وإعطاب ما يقارب 1500 آلية إسرائيلية
قوامها دبابات "ميركافا" ثم جرافات "دي 9" ثم ناقلات الجند بمختلف أنواعها.
وبشأن اللقطات التي تكررت خلال الحرب بوضع مقاومين عبوات ناسفة تحت دبابات إسرائيلية من مسافة
صفر، قال الدويري إنه يصعب أن تتكرر هذه المشاهد في الحروب كخروج المقاتل من المنزل ووضع العبوة
تحت الآلية ثم تجهيز وسيلة الإشعال فالانسحاب راكضا.
وأشار إلى أن الاحتلال يحيط بالمقاومين من كافة الاتجاهات، كما أن السماء ملبدة بطائرات الرصد والاستطلاع
الإسرائيلية والأميركية والبريطانية والغربية مما يزيد تعقيد المشهد على المقاتلين.
وخلص إلى أن المقاومة تحقق أهدافها لأنها قدمت الشهادة على النصر، مستدلا بكلام رئيس الوزراء
الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين عندما تساءل قائلا "ماذا يمكن أن نعمل مع شخص يتقدم إليك طالبا الموت؟".
وفي الأيام الأخيرة، كثفت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- بث مشاهد
استهداف مقاتليها لآليات الاحتلال في مختلف محاور التوغل في القطاع، وتنوعت بين ضرب دبابات بقذائف
مضادة للدروع وتفجير أخرى بعبوات ناسفة، ونصب كمائن ناجحة.
كما شملت العمليات استهداف قوات راجلة إسرائيلية بقذائف مضادة للتحصينات، إضافة إلى عمليات القنص
والاشتباك المباشر، والإغارة على مقار قيادة لعمليات الاحتلال بمناطق مختلفة.