بعد أحداث الجولان.. هل ينتصر حزب الله إذا اندلعت حرب مع إسرائيل؟
كاتب الموضوع
رسالة
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: بعد أحداث الجولان.. هل ينتصر حزب الله إذا اندلعت حرب مع إسرائيل؟ الأحد 28 يوليو 2024, 6:42 am
تتصاعد وتيرة الهجمات بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، ما يؤشر إلى أننا قد نكون على مرمى حجر من حرب فعلية
أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم السبت مقتل 10 أشخاص جراء سقوط صاروخ أطلق من لبنان بمنطقة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، كما تحدثت عن سقوط عشرات المصابين، وبينما نفى حزب الله مسؤوليته عن الهجوم، توعده الاحتلال برد قاس ودراماتيكي. وفي أول تعليقات رسمية على الهجوم، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري إن "ما حدث في مجدل شمس خطير جدا وسوف نرد بما يتوافق"، مضيفا " نجهز ردا ضد حزب الله". منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت الأمور على شفا الحرب، حيث شهدت الأشهر التسعة بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصى" ما يزيد على أربعة آلاف اشتباك بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي. تسببت الاشتباكات والمناوشات في قتل وإصابة العشرات على جانبي الحدود، كما أُجبر عشرات الآلاف من الإسرائيليين على النزوح من أماكن سكناهم في الأراضي المحتلة بسبب صواريخ حزب الله. وإلى اليوم، تتصاعد وتيرة الهجمات؛ مما يؤشر إلى تزايد احتمالية أن نكون على مرمى حجر من حرب فعلية. حرب التصريحات التي بدأت بالتزامن مع بدء الاشتباكات، ازدادت سخونتها لنصل إلى تهديدات مباشرة من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الذي قال إن الحكومة "تقترب من نقطة القرار" بشأن الحرب، ومن قبله حرض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على إحراق لبنان. يعد الجيش الإسرائيلي، نظرًا لعدته وعتاده ودعم أميركا له ماليا وتقنيا، أحد أقوى الجيوش في العالم. فهو من هذه الناحية، يتفوق قطعًا على حزب الله، لكن الأخير، من الناحية العسكرية، يعد بحسب خبراء عسكريين أحد أقوى القوات المسلحة غير النظامية في العالم. فما الذي يحدث إذا التقت قوتان بهذا الاختلاف والتفاوت في أرض المعركة؟ (الجزيرة)
حرب من نوع مختلف
قد تظن أن فارق العتاد وحده يكفي لتحديد المنتصر، لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك. حرب لبنان في عام 2006 كانت كفيلة بإظهار خطأ تلك الفكرة. ويمكن أن تلحظ ذلك في تحليل قدمه الخبير الأمني الإسرائيلي بواز جانور الذي أوضح أنه "في غضون 34 يومًا فقط من الحرب غير المتكافئة ضد إسرائيل، أظهر حزب الله مرونة تنظيمية، وقدرة على البقاء، واستخدام أشكال متعددة ومبتكرة من القوة النارية". بل ورأى بعض الخبراء في هذا النطاق، مثل باحث الدفاع الأميركي فرانك هوفمان، أن حزب الله أثبت أن الجهات غير النظامية قادرة على "دراسة وتفكيك نقاط الضعف في الجيوش ذات النمط الغربي واستنباط التدابير المضادة المناسبة". السبب في ذلك لم يكن تحديدًا القوة العسكرية، ولكن ما يصفه المتخصصون باعتباره نوعًا مختلفًا من الحروب يعد حزب الله أحد أفضل نماذج تطبيقه، وقد سُمِّيت هذه الحروب "الحروب الهجينة". لا تمتلك الحرب الهجينة تعريفًا عسكريًّا محددًا حتى الآن، ولا يزال ثمة جدل حول طبيعتها. لكن يمكن القول إنها إستراتيجية تمزج بين الحرب التقليدية والحرب غير النظامية، فتكون هناك قوات نظامية مسلحة تقليدية الطابع ذات تكتيكات ومعدات عسكرية قياسية، إلى جانب أسلحة مثل الدبابات والمدفعية والطائرات، إلى جانب تكتيكات الحرب غير النظامية، مثل استخدام وحدات أو خلايا صغيرة متنقلة وتكتيكات الكرّ والفرّ والكمائن وعمليات "تخريب" بنى العدو التحتية. إلى جانب ذلك تستخدم تكتيكات أخرى غير معهودة مثل هجمات القرصنة وحجب الخدمة وغيرها من أشكال "العدوان السيبراني" سلاحًا رئيسيًّا يهدف إلى تعطيل أو إتلاف البنية التحتية الرقمية للخصم، والدعاية المعلوماتية التي تؤثر في الرأي العام والروح المعنوية لدى الخصم، وتكتيكات للتأثير في عواطف ودوافع وسلوك الأفراد والجماعات والحكومات. (الجزيرة) في هذا السياق تأتي مجموعة من الخصائص التي تميز إدارة هذا النوع من الإستراتيجيات على مستوى العمليات والتكتيكات، منها مثلا الاستجابة المرنة والسريعة. فحينما تبدأ حملة قصف جوي لمنطقة ما، تتمكن القوات المدافعة (ولتكن حزب الله في هذه الحالة) من التخفيض السريع لحركات القوات على الأرض ومعدلات استخدام الهواتف المحمولة. ما سبق يمكن اعتباره نقطة قوة حزب الله جيشًا وجماعةً. إنها القدرة على التكيف. فهيكلية قواته تمكنه من التكيف بسرعة مع الظروف المتغيرة، واستخدام أشكال مختلفة من الحرب حسب الحاجة وليس طبقا لتشكيلات القوات النظامية، وفي نفس الوقت تظل هناك وحدات مدربة بشكل معتدل ومنضبط، تصل إلى حجم كتيبة، مع هيكل قيادة وسيطرة مركزية شبيه بهياكل الجيوش النظامية، وهو أمر ضروري لتنسيق إستراتيجية الحرب الهجينة.
سلاح مخصص
مؤخرا أعلنت جهات في جيش الاحتلال أنها تقوم بدراسة ضم مدفع "أم 61" إلى ترسانتها لمواجهة هجوم المسيّرات القادم من جنوبي لبنان، وهو مدفع دوار قوي ومتعدد الاستخدامات، وقد كان عنصرًا أساسيًّا في تسليح الطائرات العسكرية منذ طرحه، حيث يعمل باستخدام محرك كهربائي لتدوير الأنابيب؛ مما يسمح بمعدلات إطلاق نار عالية للغاية (تصل إلى 6 آلاف في الدقيقة). وأفادت وسائل الإعلام المحلية أن الجيش الإسرائيلي يقول إن السلاح سيوضع فوق ناقلات جند مدرعة منتشرة على طول الحدود الشمالية بشكل خاص. وضع الجيش الإسرائيلي أنظمة لكشف المسيّرات عبر الحدود لتحسين وقت الاستجابة ودقة الاعتراضات، وأنشأ الجيش وحدة مخصصة لاستهداف المسيّرات، ومع ذلك تمكنت المسيّرات القادمة من جنوبي لبنان من اختراق المجال الجوي الإسرائيلي أكثر من مرة؛ مما دفع الجيش إلى البحث عن حلول إضافية منها هذا المدفع. ويوضح ذلك أن إسرائيل، حتى مع عدم خوض معارك ضد حزب الله لا تزال تعاني من استخدام الحزب لواحدة من أهم أدوات هذا النوع من الحروب، حيث تتمكن المسيّرات من توفير قدرات لا مثيل لها للمراقبة والاستطلاع مع كفاءة تشغيلية عالية (الدقة والقدرة على البقاء أعلى منطقة ما لفترة طويلة نسبيا)؛ مما يسمح بجمع المعلومات الاستخبارية في الوقت الحقيقي دون المخاطرة بحياة البشر، وفي هذا النوع من الحروب تؤدي المعلومات الاستخباراتية دورًا حاسمًا. فالقوات غير النظامية لا تتحرك لبناء الكمائن (على سبيل المثال لا الحصر) إلا في سياق معلومات مؤكدة تمكّنها من العمل في نطاقات ضيقة حسب الطلب. مسيرة تابعة لحزب الله (غيتي)
[rtl]أضف إلى ذلك أن المسيّرات تتوافق تماما مع سمات المرونة في هذا النوع من الحروب، حيث يمكن تخصيصها للعمل في نطاقات مختلفة من الهجوم للدفاع وبحمولات مختلفة، بما في ذلك أجهزة الاستشعار والكاميرات والأسلحة، وهذا التنوع يجعلها مناسبة لمجموعة واسعة من التطبيقات، إضافة إلى أنها فعالة من ناحية التكلفة بالمقارنة مع الطائرات المأهولة التقليدية، وهذا مهم في سياق فارق الموارد الهائل حينما نقارن حزب الله بجيش دولة الاحتلال، وبالتالي تزداد أولوية الاستثمار في أفضل سلاح ممكن للمعركة بأقل تكلفة.[/rtl]
[rtl]كل هذا ولم نتحدث عن التأثير النفسي للمسيّرات، فوجودها بالأعلى يترك انطباعًا مرعبًا في نفوس الجنود على الأرض، ويعدّ ذلك من النقاط التي يحرص عليها خائضو الحروب الهجينة، لإيجاد حالة من عدم اليقين والخوف المستمر.[/rtl]
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: بعد أحداث الجولان.. هل ينتصر حزب الله إذا اندلعت حرب مع إسرائيل؟ الأحد 28 يوليو 2024, 6:42 am
[rtl]وهذا مجرّد مثال لكيفية استثمار القوى الأضعف من حيث العتاد في أسلحة توفر لها ميزات إستراتيجية في الحرب الهجينة، ويجري ذلك على أشياء أخرى مثل الاستثمار في القذائف رخيصة الثمن المضادة للدبابات، فقد أطلق حزب الله في حرب لبنان عام 2006 أكثر من 1000 صاروخ مضاد للدبابات، وبسبب ذلك أصيبت العديد من الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية بأعطاب مختلفة.[/rtl]
[rtl]أسس ذلك لمرحلة جديدة من أشكال الصراع مع الدبابات في هذه المنطقة، ضد دولة الاحتلال التي تفوقت بشكل أساسي في معارك الدبابات. كان هذا هو الكورنيت، الصاروخ الروسيّ الموجه والمخصص للاستخدام ضد دبابات القتال الرئيسية الأثقل في ترسانة الحرب البرية المزودة بدروع تفاعلية متفجرة، هذه الإستراتيجية طورتها فيما بعد كتائب القسام بتطوير "الياسين 105" المحلي الصنع، الذي أوقف عددا كبيرا من آليات الاحتلال عن العمل، وقتل وأصاب من كانوا داخل تلك الآليات.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
جيش ليس بجيش
الأمر بالنسبة لحزب الله لا يقف عند حدود القدرات في المعارك غير النظامية. ففي عام 2006، كانت المفاجأة التي واجهتها دولة الاحتلال هي أن حزب الله كان مسلحًا بأدوات مثل الصواريخ الموجهة بدقة التي تستخدمها الدول عادة، كما استخدم مقاتلوه المسيّرات لجمع المعلومات الاستخبارية، وتواصلوا عبر الهواتف المحمولة المشفرة، وراقبوا تحركات القوات الإسرائيلية باستخدام معدات الرؤية الليلية الحرارية، وهذا ينقل جانبا من تكتيكاتهم العملياتية إلى مستوى الجيوش. منذ ذلك الحين، حاول حزب الله دعم ترسانته بأسلحة أكثر تعقيدًا تخدم "الجانب النظامي" في حربه الهجينة. في 6 يونيو/حزيران الحالي، أعلن حزب الله أنه أطلق صواريخ مضادة للطائرات على طائرات حربية إسرائيلية بشكل أجبرها على التراجع، ولا نمتلك تأكيدا على صحة هذا التصريح لكننا نعرف أن حزب الله يمتلك بالفعل صواريخ أرض جو من طراز صياد تتمتع بالقدرة على الاشتباك مع أهداف على مدى يصل إلى 100 كيلومتر وارتفاعات تصل إلى 30 كيلومترًا.
نعرف كذلك أن أجهزة الاستخبارات الأميركية أعلنت قبل عدة أشهر أن روسيا تنوي إرسال نظام دفاع جوي متقدم سمي "أس أيه- 22″ بشكل غير مباشر إلى حزب الله، وهو نظام دفاع جوي مضاد للطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات وصواريخ كروز والمسيّرات يمكنه العمل بشكل مستقل أو ضمن بطارية تصل إلى ست مركبات إطلاق. وباستخدام رادار مخصص، يستطيع نظام أس أيه- 22 تتبع ما يصل إلى 20 هدفًا تكتيكيًّا في آن واحد على مدى يتراوح بين 32 و36 كيلومترًا، وقد تم تجهيزه بما يصل إلى اثني عشر صاروخًا من طراز 57 أيه 6 بتوجيه لاسلكي ورأس حربي متشظٍّ، ومدفعين من فئة 30 ملم 2 أيه 38 أم؛ مما يسمح له بالاشتباك مع ما يصل إلى أربعة أهداف في وقت واحد. يعد " أس أيه 22″ نسخة أحدث من سابقيه مثل " أس أيه-8″ و" أس أيه-17″ اللذين يمتلكهما حزب الله بالفعل، وهي قدرات لا تمتلكها عادة الجهات غير النظامية، مصحوبةً بفرق من الجنود المدربة على التعامل معها وتشغيلها. ما ذكرناه حتى اللحظة لا يشمل ترسانة صواريخ حزب الله، حيث تشير عدد من التقديرات أنه يمتلك ما بين 120 و200 ألف صاروخ، تتنوع في مداها وقدراتها، لكن المهم في هذا السياق أن تلك الترسانة تشمل مئات الصواريخ الدقيقة ذات القدرة التدميرية العالية، التي يمكنها ضرب أهداف دقيقة في الداخل الإسرائيلي وبشكل خاص مراكز البنية التحتية العسكرية الأساسية، وهنا ستضطر دولة الاحتلال إلى تكريس منظومتها الدفاعية لحزب الله فقط إذا ما قامت الحرب.
ترسانة حزب الله الصاروخية
(الجزيرة) يعمل حزب الله حاليًّا على إضافة أنظمة توجيه إلى الصواريخ غير الموجهة التي يمتلك منها عشرات الآلاف من القطع، وهذا من أجل تحويلها إلى صواريخ دقيقة، ويمثل ذلك في حد ذاته نقلة متقدمة في ترسانة حزب الله، ويعزز من وضعه بوصفه قوة هجينة، تمتلك أساليب قتالية تنتمي إلى نطاق الحرب غير النظامية، وأسلحة دقيقة متقدمة مع هيكلة مركزية تضعه في جانب الحرب النظامية، وبتفعيل الجانبين معًا تنشأ الحرب الهجينة. في كتابه "عن الحرب" يقول كارل فون كلاوزفيتز إن "لكل عصر نوعًا خاصًّا به من الحرب، له شروطه المقيدة، وتصوراته المسبقة الخاصة". ويرى بعض المحللين أن الأمر لا يتوقف فقط عند حزب الله، حيث يبدو أن الإستراتيجية الهجينة قادمة لتصبح شكلا أساسيا من الحروب، إذ تجد مثلا أن دولا مثل روسيا أصبحت بالفعل تستخدم هذا النمط من الحرب. على مدى قرابة 20 سنة مثّل حزب الله نموذجًا في الحروب المرنة، ويُعتقد أنه أصبح الآن أكثر تطورا، وتمكنت قواته من بناء تكتيكات غير نظامية أدق. وهذا تحديدا ما يقلق الإسرائيليين، خاصة أنهم لم يحققوا أهدافهم المرجوة في غزة، فلا هم قضوا على المقاومة الفلسطينية أو أعادوا الأسرى، فما بالك بنزاع عسكري هجين، وفتح جبهة قتال ضارية أخرى؟
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: بعد أحداث الجولان.. هل ينتصر حزب الله إذا اندلعت حرب مع إسرائيل؟ الأحد 28 يوليو 2024, 6:47 am
أخطرها "إس إيه 22" .. لماذا تخشى إسرائيل القدرات العسكرية لحزب الله؟ في الأسابيع الأخيرة، تفاقم التصعيد المتبادل بين جيش الاحتلال وحزب الله، خاصة مع تزايد وتيرة العمليات التي يقوم بها الأخير، أما رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي فقد هدد مباشرة بالحرب بقوله "نحن نقترب من نقطة القرار"، وقد سبق ذلك تحريض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على إحراق لبنان. ومنذ بدء عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سيطر الفزع على سكان المستوطنات الحدودية الواقعة شمال دولة الاحتلال الإسرائيلي مع بدء صواريخ ومسيرات حزب الله اللبناني في التدفق إليهم. وقد تحولت أغلب المستوطنات الحدودية في شمال إسرائيل إلى مدن أشباح، مع قيام دولة الاحتلال تباعا بإخلاء عشرات المستوطنات والبلدات على الحدود اللبنانية. في الواقع، شهدت القدرات العسكرية التي يمتلكها "حزب الله" في لبنان تطورا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية، وصفه البعض بأنه يغير قواعد الصراع مع إسرائيل. وقد استخدم الحزب العديد من الأسلحة الجديدة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت في هجماته على إسرائيل، بما ينبئ بشكل مختلف للحرب بين الطرفين، والتي ما زالت في إطار التصعيد المنضبط.
منظومة حزب الله
في عام 2021، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية تقريرا يشير إلى أن حزب الله نشر أنظمة دفاع جوي روسية الصنع قادرة على التصدي للضربات الجوية الإسرائيلية، وذلك في جنوب لبنان ومنطقة جبال القلمون شمال غرب دمشق والقريبة من منطقة البقاع اللبنانية، وهو ما عدّته العديد من التقارير تغيُّرا في مفهوم الدفاع الجوي لدى الحزب اللبناني. (الجزيرة) أثار هذا الأمر قلق مسؤولين إسرائيليين خوفا من أن تعوق أنظمة حزب الله الدفاعية حرية العمليات الجوية الإسرائيلية داخل الأجواء اللبنانية، وهو ما حدث بالفعل يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، إذ أعلن حزب الله عن إسقاط طائرة بدون طيار إسرائيلية كانت تحلق فوق الجنوب اللبناني، بصاروخ أرض-جو، في حادثة تُعد الأولى من نوعها التي يعلن فيها الحزب عن إسقاط طائرة مسيرة. تشمل منظومة حزب الله الدفاعية صواريخ أرض-جو تكتيكية قصيرة المدى تعمل على ارتفاعات منخفضة من طراز (SA8)، وهو نظام دفاع صاروخي متنقل يشمل مركبات كبيرة سداسية العجلات، ومنصات إطلاق محسنة بإمكانها حمل ستة صواريخ، كما أنه معزز بثلاثة أنظمة من الرادارات: نظام مراقبة من طراز (H-BAND) بيضاوي الشكل يصل مداه إلى 30 كيلومترا، ونظام رادار نبضي للتعقب من طراز (J-BAND) يبلغ أقصى نطاق تتبع له نحو 20 كيلومترا، ورادار التوجيه من طراز (I-BAND) الذي بإمكانه توجيه صاروخين إلى هدف واحد. نظام دفاع صاروخي طراز (SA8) متنقل يشمل مركبات كبيرة سداسية العجلات، ومنصات إطلاق محسنة بإمكانها حمل ستة صواريخ (غيتي) تضم المنظومة الدفاعية أيضا نظام الدفاع الجوي (SA17) المعزز بصواريخ أرض-جو متوسطة المدى، وهو نسخة مطورة من نظام الدفاع الجوي المحمول (Buk-M1)، وتحتوي على أربع قاذفات صواريخ، ورادارات لتحديد الأهداف، ورادار للتوجيه، ومحطة لإدارة المعركة، ومركبات إطلاق ذاتية الدفع. ويمكن للمنظومة الاشتباك مع مجموعة واسعة من الأهداف تحلق على ارتفاعات تتراوح بين 10-24 ألف متر، وبمدى أقصى يصل إلى 50 كيلومترا، ويمكنها الاشتباك مع ما يصل إلى 24 هدفا في وقت واحد ومن أي اتجاه. نظام الدفاع الجوي (SA17) المعزز بصواريخ أرض-جو متوسطة المدى، وهي نسخة مطورة من نظام الدفاع الجوي المحمول (Buk-M1) (شترستوك) هذا بخلاف نظام الدفاع الجوي قصير المدى (SA22) الذي صممته روسيا في التسعينيات خصوصا لحماية الأهداف العسكرية والإستراتيجية. بإمكان هذا النظام التعامل مع مجموعة واسعة من الأهداف الجوية، مثل الطائرات والصواريخ البالستية وصواريخ كروز والمسيرات، هذا النظام مزود بنحو 12 صاروخا اعتراضيا أرض-جو جاهزة للإطلاق، ومحرك يعمل على مرحلتين بالوقود الصلب، ويصل مداه إلى 20 كيلومترا كحد أقصى.
حرب المسيرات
في يومي 6 و9 يناير/كانون الثاني الجاري، نجح حزب الله في تنفيذ هجومين بطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية، الأول استهدف قاعدة مراقبة حركة المرور التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في جبل ميرون، والثاني استهدف مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي في مدينة صفد. الأمر الذي أرجعه البعض إلى أخطاء تكتيكية جسيمة من قِبَل منظومة الدفاع الإسرائيلية، في حين تساءل البعض الآخر عما إذا كانت المسيرات قد ساعدت حزب الله في قلب موازين المعادلة مع إسرائيل. وفقا لتقديرات "مركز ألما للأبحاث" الإسرائيلي لعام 2021، يمتلك حزب الله ما يزيد على 2000 من الطائرات المسيرة متعددة المهام في حين لا توجد أرقام رسمية من الحزب، وهي الطائرات التي استُخدمت في أكثر من مناسبة خلال الجولة الحالية من الاشتباك، فقد أعلن الأمين العام للحزب حسن نصر الله أن الطائرات المسيرة الهجومية الانتحارية استُخدمت لأول مرة في الحرب الأخيرة، كما رصدت تقارير الجيش الإسرائيلي نحو 19 حادثا لطائرات بدون طيار انطلقت من جنوب لبنان وشكلت تهديدا لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. تشمل ترسانة حزب الله من المسيرات طائرات متعددة الأحجام، لها قدرات استطلاعية وهجومية، أهمها الطائرتان "مرصاد 1" و"مرصاد 2″، وهي نسخ مستوحاة من الطائرات الإيرانية "مهاجر 2" و"مهاجر 4″، ويصل مداها من 50 إلى 150 كيلومترا، كما أنها مزودة بكاميرتين أو ثلاث كاميرات من أجل المهام الاستطلاعية. "مرصاد 1" هي طائرة بدون طيار لحزب الله (مواقع التواصل-ويكيبيديا) وتأتي بعد ذلك المسيرة "أيوب"، المسماة نسبة إلى حسين أيوب، أحد أهم العقول العسكرية للحزب في مجال التصنيع العسكري، ويتراوح مدى المسيرة ما بين 1700-2400 كيلومتر، ويمكنها حمل ما يصل إلى ثماني قنابل دقيقة التوجيه، بحسب بعض التقديرات. ويلي ذلك الطائرة "أبابيل"، وهي طائرة هجومية انتحارية يصل مداها إلى 150 كيلومترا، وبإمكانها حمل ما يصل إلى 45 كيلوغراما من المتفجرات. ثم تأتي المسيرة "حسان"، التي جالت في الأراضي الفلسطينية المحتلة فبراير/شباط 2022، وذلك لمدة 40 دقيقة إبان مهمة استطلاعية بعمق 70 كيلومترا، وعادت بعدها إلى قواعدها سالمة.
ترسانة صواريخ "حزب الله"
وفقا للعديد من التقديرات، يُعد حزب الله اللبناني الجهة غير الحكومية الأكثر تسليحا في العالم، وهو يعمل على تحديث وتوسيع مخزونه من الصواريخ باستمرار. ويمتلك الحزب ترسانة ضخمة من الصواريخ، لا نعرف حجمها بالتحديد، لكن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن القدرة الصاروخية لحزب الله تزيد على 150 ألف صاروخ. في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلن حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، عن إدخال صاروخ جديد من طراز "بركان 2" إلى ساحة المعركة، إذ استهدف الحزب بأربعة صواريخ "بركان" مركز قيادة الفرقة 91 لجيش الاحتلال الإسرائيلي في ثكنة برانيت. ووفقا لتصريحات نصر الله، فإن بإمكان "بركان" حمل رؤوس حربية تزن ما بين 300-500 كيلوغرام من المتفجرات.
تشمل ترسانة حزب الله الصاروخية أيضا مئات الصواريخ الدقيقة ذات القدرة التدميرية العالية، بإمكانها الوصول إلى العمق الإسرائيلي وضرب الأهداف بدقة شديدة وهامش خطأ أقل، الأمر الذي أثار مخاوف المسؤولين الإسرائيليين في حال توسعت الحرب لتشمل جبهة جنوب لبنان، إذ ستضطر إسرائيل حينها إلى تحويل منظومتها الدفاعية بالكامل لحماية مؤسساتها العسكرية الحساسة. يمتلك الحزب أيضا منصة "ثأر الله" المزدوجة للصواريخ الموجهة، وهي منظومة مضادة للدروع أعلن عنها الحزب في أغسطس/آب عام 2023، وتتميز بقدرتها العالية على إصابة الأهداف بدقة، ومؤلفة من منصتَيْ إطلاق مخصصة لصواريخ "الكورنيت". أضف إلى ذلك صواريخ أرض-أرض غير الموجهة، التي تطورت بشكل كبير بعد آخر حرب خاضها حزب الله مع دولة الاحتلال عام 2006، ومنها على سبيل المثال لا الحصر صواريخ "كاتيوشا"، وهي صواريخ روسية الأصل، يصل مداها إلى 40 كيلومترا، وبإمكانها حمل رأس حربي يزن 20 كيلوغراما، وصواريخ "فجر 5″، مداها 75 كيلومترا، مع رأس حربي يزن 90 كيلوغراما، وصواريخ "زلزال" التي يبدأ مداها من 160 كيلومترا ويصل إلى 210 كم وبإمكانها حمل رأس حربي يزن 600 كيلوغرام من المتفجرات. وصواريخ "سكود" التي يصل مداها إلى 700 كيلومتر، ورأس حربي يصل إلى 800 كيلوغرام من المواد شديدة الانفجار. (الجزيرة)
مخاوف إسرائيلية
في تقرير نشره موقع "واللا" العبري يوم 5 يناير/كانون الثاني الجاري، صرح المسؤولون في جناح العمليات بالجيش الإسرائيلي بأن تهديدات حزب الله الأخيرة تستند إلى أساس قوي، خاصة بعدما تمكن الحزب من تطوير قدراته بطريقة متسارعة طوال العقد الماضي، ويزعم مسؤولو الجيش الإسرائيلي أن إيران تمكنت من تهريب أنظمة تكنولوجية وأسلحة متقدمة إلى الحزب منذ بداية الحرب. كما أشارت وكالة "رويترز" الإخبارية في تقرير نُشر 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى أن حزب الله يكرس جهوده لإضافة أنظمة توجيه إلى الصواريخ غير الموجهة، وهذا من أجل تحويلها إلى صواريخ دقيقة، وتعزيز قدرتها على الضرب المباشر لأهداف إستراتيجية مثل المقرات والقواعد العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك الحزب مخزونا من الصواريخ المضادة للطائرات، بما في ذلك الصواريخ المحمولة على الكتف، التي يستخدمها في استهداف الطائرات والمروحيات على ارتفاعات منخفضة. كما أن مسيراته بإمكانها أن تُشكِّل تهديدا إستراتيجيا لإسرائيل، خاصة أنها رخيصة التكلفة ويمكن إنتاجها بكميات كبيرة، وفي حال قيام أسراب من هذه المسيرات بمهاجمة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية فإنها قد تؤدي إلى استنزاف نظام "القبة الحديدية" وتحييده. كل هذا بخلاف ما يمتلكه الحزب من قدرات "سيبرانية"، وهو ما عزز قدراته على تعطيل أنظمة الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS). كما بات بإمكان حزب الله القيام بهجمات سيبرانية متطورة على شبكة الإنترنت واستهداف البنى التحتية الحساسة. إلى جانب هذا كله، هناك شبكة ضخمة من الأنفاق التابعة لحزب الله التي تربط قرى الجنوب اللبناني ببعضها على غرار أنفاق حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، التي يصعب تدميرها من خلال الضربات الجوية، وفقا للتقرير، مما يجعل القضاء على حزب الله أمرا صعبا لا يمكن القيام به إلا من خلال مناورات برية واسعة النطاق. لكن رغم هذه الترسانة الصاروخية الضخمة والجاهزية العسكرية التي لدى حزب الله، فإنه حتى الآن يستخدمها في إطار الردع فقط، إذ يدير الحزب الاشتباكات الحدودية والمعارك بدقة شديدة، دون المخاطرة بتوسيع رقعة الحرب إلى الجبهة اللبنانية. هذا من ناحية الحزب، إلا أن الطرف الآخر من المعادلة، قد يكون له رأي آخر.
بعد أحداث الجولان.. هل ينتصر حزب الله إذا اندلعت حرب مع إسرائيل؟