قتل الأسير دلالة وعبرة
لأن الحفاظ على حياة الأسير في هذا الزمان من سدّ الذريعة ، ولأن المقاومة أسرت عدوها لتحرر أبناءها ، كانت
عملية قتل أسير الصهاينة حدثا غير عادي ، ينذر بفقدان حراس المقاومة على أسرى العدو اتزانهم لهول ما
يرون في الميدان من قتل وتنكيل بآبائهم وأمهاتهم وأبنائهم وأحبابهم ، فإذا انفلت الأمر كانت العاقبة على الجميع
وخيمة ، طرف يفقد أسراه وطرف يضيع فرصة إنقاذ أحبابه من جحيم سجون الجزارين الصهاينة . ولقد جاء
بيان أبي عبيدة ليدلّ على أن الحدث غير عادي بدلالة “تشكيل لجنة لمعرفة التفاصيل” .
هذه الحادثة يمكن ألا تتوقف عند موت أسير واحد لأن أسيرتين أخريين قد أصيبتا إصابات خطيرة في حادث
منفصل ربما يلحقان بصاحبهما كذلك ، وأرجو أن يتنبه عدونا الأحمق إلى أن ما يجره عليه حمقه وحقده من
تبعات لن تكون خسارته فيها أقل من خسارتنا على كل حال .
– أما خسارة الصهاينة فعلى صعيدين : الحكومة الدموية ستفقد السيطرة على شارعها ، وبعد موت كل أسير
سيزيد التهاب الغضب ويتسارع نبض المغضَبين ، أما قطعان من يسمون شعبا إسرائيليا فسيؤدي انفلاتهم إلى
تفكير معمق بعده بمصيرهم ومدى المصلحة المتحققة من هذا التغول الذي بدأوا يحسون بأثره السلبي على
نواحي حياتهم كلها ، وهذا سيحوّلهم إلى بركان يحرق الأخضر واليابس ، ومن أهم اليابس الذي سيحترق
شخص النتن الذي يراهن على صلابة موقفه من العدوان ويأبى أن يفكر فيما بعده .
– وأما خسارتنا فإن آلاف المسحوقين في سجون الصهاينة ينتظرون بثبات وصبر ذلك اليوم الذي حلموا به منذ
السابع من أكتوبر يوم سمعوا خبر أسر عدد ليس يسيرا من أفراد العدو الصهيوني ، وإن تناقص عدد أسرى
العدو ينذر بتناقص عدد يفادوْن بهم من إخواننا ، ثم إن مجتمع النفاق الدولي سيجد بعض ضالته في هذه
الأحداث ليفرط في تحميل المقاومة مسؤولية الحفاظ على أرواح المحتجزين ورميها بتهمة تعمد التخلص منهم
إمعانا بالانتقام من يهود لما يفعلونه بأسرانا ومواطنينا في طول فلسطين وعرضها .
وعلى أي حال فإن جرائم الصهاينة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني منذ بدء الطوفان تعزّ على الحصر ، ويأتي في
سياقها زعمهم عدم قيام المقاومة بواجبها تجاه الأسرى ، وإن هذه الجرائم لن تُلجَم إلا بإرادة أبناء الأمة
وجماهير المسلمين ، أما الأنظمة العربية والإقليمية والدولية فقد ثبت تآمرها على دماء شعب فلسطين كل
فلسطين ، ومن أمارات هذا التآمر عدم إنجاز أي فعل على الأرض يردع هذا المعتدي اللئيم ، بل يتعدى الأمر إلى
لوم المقاومة بدل إدانة المعتدي وكسر ظهره في المحافل الدولية التي تُتّهم هي الأخرى بالمتاجرة بأرواح شهدائنا
.
في المشهد قَتَلة هم أمريكا و”إسرائيل” ، ومتفرجون بل “كمبارس” داعمون هم بعض بني جلدتنا ، ومذبوحون
هم أمهاتنا وآباؤنا وإخواننا ، ومؤازرون مفترضون قطعوا نفَس المنتظرين انتقامهم لما يحدث كل لحظة حتى
بات لا بهاء لهذا الانتقام ولو جاء ، لأنه يوشك أن ينسى من ينزل عليه العقاب – إن نزل- مبررات نزوله وأسباب
استحقاقه .
سأظل أكرر أن الشعوب وحدها تستطيع أن ترغم العدو المتغطرس على الخضوع لإرادتها ، الشعوب وحدها بما
تجترح من وسائل ستقلل الضغط على المقاومة وستلغي أثر أي تآمر من الملأ على دماء شهدائنا ، ونحن ننتظر
أن يقوم قادة الفكر في الأمة برعاية التصرف بحزم لا شك أنه سيزعج المحتل وأولياءه ، وهو كذلك سيكسر
رتابة الأحداث ويثير غبار الغضب المشتعل ليحرق النتن وسياسته الفاشية في حربه الوجودية على كل مسلم
يعنيه أن يسأل عن مصير المسجد الأقصى في المدى المنظور إن أسلمت الأمة رقبتها -لا سمح الله- لعدوها دون
أن تُحرِّك سكون موت الأنظمة وشخوصها .
أبو عبيدة: مجندان مكلفان بحراسة أسرى العدو قتلا أسيرا وأصابا أسيرتين
أعلن الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة أن مجندين مكلفين بحراسة أسرى إسرائيليين قاما
في حادثتين منفصلتين بقتل أسير إسرائيلي وإصابة أسيرتين بجراح خطيرة، موضحا أن هناك محاولات تجري
لإنقاذ حياتهما.
وحمّل أبو عبيدة حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية عن المجازر الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة وما يترتب
عليها من ردات الفعل التي تؤثر على أرواح الأسرى، مشيرا إلى تشكيل لجنة لمعرفة تفاصيل ما حدث، وقال إنه
سيعلن عن نتائجها لاحقا.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يوجد أي دليل استخباراتي يؤكد أو يدحض مزاعم حركة المقاومة
الإسلامية (حماس) بشأن مقتل وإصابة أسرى.
وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه يواصل فحص مصداقية البيان الذي أصدرته حماس، موضحا أنه سينشر
المعلومات عندما تتوفر لديه.
وشهد قطاع غزة فجر السبت الماضي واحدة من أكبر المجازر في الأسابيع الأخيرة، حيث استهدفت قوات
الاحتلال الإسرائيلي في غارة جوية مصلى لمدرسة "التابعين" بمنطقة حي الدرج، راح ضحيتها أكثر من 100
شهيد وعشرات المصابين والمفقودين، كانوا يصلون الفجر.
وتسود حالة من التوتر العلاقات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وقادة المنظومة الأمنية
الإسرائيلية، على خلفية التوصل لصفقة لإنهاء الحرب وتبادل أسرى، حيث ما زال نتنياهو يتعنت ويضع المزيد
من الشروط التي يعتبرها المستوى الأمني "مُعيقة".
إبادة جماعية
وانتقدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز
تصاعد "التمويل الأميركي للإبادة الجماعية الإسرائيلية" في غزة.
وقالت ألبانيز تعليقا على مذبحة مدرسة التابعين، إن ذلك التمويل "يتصاعد" مع استخدام تل أبيب قنابل أكثر فتكا
تسببت بتقطيع الجثث إلى "درجة أصبح من المستحيل التعرف عليها".
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول حربا مدمرة على غزة خلّفت نحو 132 ألفا بين شهيد
وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر
محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.