المصحف بين ذراعين موشومين
سمير، روائي، 27 عامًا
"أظن أن بقاءنا في السيارة خيار معقول" قلت لسمير الذي وصل قبل أيام من ألمانيا وواعدني ساعة متأخرة من الليل في حي ’بي أوغلو’ بإسطنبول الذي نزل فيه عند بعض أصحابه. كان الشتاء قارسًا في الخارج، والخيار المتاح للجلوس أن نقصد إحدى الحانات الكثيرة في ذلك الحيّ.
"لا بأس، إذا كنت تستطيع أن تجري الحوار هنا، فلا إشكال لديّ، المهم أن تحصل على ما تريد، أنا جاهز" قال سمير بصوته الذي يميل إلى النعومة، وبتنقله بين الألمانية والتركية والعربية في الجمل التي ينطقها، بطلاقة مذهلة في كلٍّ منها.
"قابلت العديد من الشباب والفتيات، الموضوع الرئيسي في هذه الحوارات البحث عن التغير الفكري الذي تركه حادث السابع من أكتوبر، وأحب أن أعرف أثره فيك" قلتُ له وأنا أشير له إلى هاتفي بأني سأسجل حديثه، فلم يبدِ اعتراضًا.
"حسنًا، لم أعد أومن بالنضال السلمي" التفتُّ إليه وفتحتُ عينيّ دهشة، فاستدرك "دعني أعيد صياغة مقولتي، أنا لا أؤمن بفرديّة النضال السلمي، الكلام لا يستعيد الأوطان المسلوبة" بدا لي جوابه غريبًا من روائيّ لم أعرفه إلا بين الكلمات، وهو شاب غارقٌ في كتب الأدب الحديث، يقرأ بخمس لغات، وبشهيّة مفرطة.
"كيف تلقيت خبرَ السابع من أكتوبر؟" سألته وأنا أرجع كرسيّ السائق في سيارتي المستأجرة، وأستقبله بوجهي، بعد أن أوقفتُ السيارة بالقرب من رصيف فوق القرن الذهبي.
"لم تقرأ مقالي الذي كتبته في أول يوم من الحدث؟"
لا، للأسف.
"لقد كتبت مقالًا قلتُ فيه: لن تتحرر فلسطين إلا بمثل ما حدث اليوم!" قال هذا وهو يحاول أن يتخلص من معطفه الضخم ليعتدل في جلسته، ولتبدو الأوشام التي تنتثر على ذراعيه، وساعديه.
حسنًا، قبل الحديث عن التغيرات، دعنا نعود إلى نشأتك؟
"شو بدك بنشأتي، أنا لم أنشأ ببيئة مسلمة. أنا نشأت في بيئة يهودية" قال بنبرة غاضبة.
كيف هذا ألست من عائلة مسلمة؟
"بلى، لكن الإسلام ينتهي في مشهد صلاة والدي ووالدتي وصيامهم، ولا يتجاوز هذا. لم نتعلم دينًا في المدرسة، مدارس حيفا ما يعلمونا فيها الدين".
لم تتعلم الفرائض في المدرسة؟
"لم يدرسني أحد، جبرت على البعد من الشريعة، مدرستي كانت مدرسة كنسية" لم تخفت نبرة الغضب في صوته. "بعد الطوفان، التقيت بشيخ أفغاني وقور في ألمانيا، دعاني إلى مجلس تعلّم التجويد، وذهبت والتزمت في الحضور! مبادرة هذا الرجل أثّرت فيّ، أنا قابل للتعليم، لكني لم أحظ بفرصه! حين يراني الناس يظنونني ملحدًا أو شيئًا كهذا".
هل يزعجك وصف المثلية؟
لا يزعجني أن يمارس الناس حريتهم!
وإذا وصفتك بالشذوذ؟
دعني أجيبك بصراحة، أنا مؤمن بحرية الناس في تجاربهم الجنسيّة.
عودة إلى الشيخ الأفغاني ومجلسه ماذا علموك؟
"يعلموننا التجويد، ثم يفسرون القرآن بثلاث لغات، فارسية وألمانية وإنجليزية!
ويتكلمون أيضا عن القراءات، هناك قراءة اسمها الحفص، وقراءة اسمها الورش. هل كنتَ تعرف هذا؟
صدرت مني ضحكة لا إرادية لتصرفه في أسماء حفص وورش..
"لماذا تضحك؟" ثم شاركني الضحك وقال "غلط المعلومة؟ أنا هيك سمعت!".
هل أنت مؤمن؟
بالتأكيد، أنا مؤمن. بعد السابع من أكتوبر ازداد إيماني، صرت أمارس قراءة القرآن بشكل يومي.
والصلاة؟
لم أستطع أن أجعلها روتينًا يوميًّا!
ما فائدة الإيمان إذن؟
يشعرك بدرع رباني عندما تخرج في المظاهرات، يعطيك الإيمان حصانة ويلغي [مِن] أمامك الخوف من النهاية.
صرت أقرأ القرآن، وأشعر أنه جزء من هويتي، وأستفيد من تقنياته السرديّة.
وكمصدر للأحكام؟ سألته مستغربًا من مقاربته للقرآن.
"لم أقاربه بعد بهذه العقلية!".
والأدب الغربي؟ ألم تكن غارقًا فيه، وكان يسد لديك هذا المسد؟
لم يعد لديهم شيء ليعطوني، منافقون!
ألم يهتز إيمانك مع كل هذا الموت، والدمار في غزة، ألم ترَ أن الشرَّ ينتصر؟
"أبدًا، لقد فرضَ الله علينا الحياة وفي طيّها الخير والشر، هذه طبيعتها، وعلى الأخيار أن يساعدوا أنفسهم للتغلب على الشر!".
ماهي خططك القريبة؟ سألته وأنا أحرّك السيارة مشيرًا إلى نهاية الحوار.
"أريد أن أتزوج وأرزق بأطفال لأعلمهم: سين سلاح، ميم مقاومة"
من الإلحاد إلى الاستعداد للبس النقاب، وفاء، خطّاطة، 31 عامًا
"على موعدنا أستاذة وفاء؟"
بعثتُ الرسالة على الواتس أب، قبل العاشرة صباحًا بدقائق، تذكيرًا بالحوار الذي تأجّل مرتين.
"أعطني بضع دقائق، سأنتهي بعد قليل من إعداد الإفطار لعائلتي".
بعد دقائق أرسلت إليّ رابط المحادثة في تطبيق زوم.
لاحت لي بساتين الضفة من النافذة الكبيرة التي جلست وفاء أمامها، مرتديةً بُرنسًا أحمر، [في لسان العرب: البرنس كل ثوب رأسه منه ملتزق به دَرَّاعةً كان أو مِمْطَرًا أو جُبَّة] ومستعيضة بالقُبِّ عن غطاء الرأس.
حدثيني أولًا عن نشأتكِ، عرفتُ أنكِ درستِ الهندسة، ثم احترفت الخطّ العربي، وصرتِ تملكين متجرًا للوحاتك؟
"صحيح، سأختصر لك قصتي، نشأت في بيئة محافظة، وحين دخلت إلى الجامعة تغيّرت أكثر أفكاري".
كيف تغيّرت؟
"كان الإسلامُ عبئًا، في الجامعة كنا نستحي من ديننا تحت ضغط الأسئلة المستوردة، مثل انتشار الإسلام بالسيف. ليته انتشر بالسيف!" قالت بغضب، ثم واصلت:
"كنت أنفر من خطاب المتدينين، كل ما أسمعه منهم ’لا تفعلي! وإياكِ وكذا’ وهو خطاب لم يكن يناسبني".
كيف كان أداؤك للفرائض؟
"منذ دخلت الجامعة وعلى مدى سبع سنوات، لم أؤدِّ أيًّا من الفرائض، كنت ملحدةً أحيانًا".
كيف كنت ملحدة أحيانًا؟
"أسمع القرآن فلا أصدقه! كنتُ أسأل نفسي هل أنزل الله الكتاب، أم هو كلام رجل عبقري؟".
وما الإجابة التي وصلتِ إليها في ذلك الوقت؟
"لم أصل، اخترت اللامبالاة".
"كنت أكره سورة الأحزاب، ثم صارت أعظم سورة بالنسبة لي".
لماذا؟
"كنت أكرهها للأحكام المتعلقة بالنساء فيها، ثم لما جاء الطوفان واتفق العالم على إبادتنا كانت هي أعظم نص لشرح حالتنا مع الأعداء والمنافقين، أصبح القرآن يتحدث إلينا! بعد الطوفان، حفظنا آيات سورة الإسراء، وآيات المنافقين وعلقناها في الدار، هل تصدق إذا قلت لك: صار لبس النقاب على قلبي زي العسل؟".
كيف حصل هذا التحوّل فجأة في تصوراتك؟
"لم يحصل فجأة، التغير الأكبر كان بعد الطوفان، ولكن قبله حصلت في حياتي أشياء هزّت نمط تفكيري. أولها أني رُزقت بولد، الإنجاب يصلك بسلسلة ممتدة عبر الزمن، يتوقف شعورك كفرد، وتشعر بمعنى الجماعة، أنا حلقة في سلسلة طويلة، ثم هزّني سؤال التربية؟ على أي قيم سأربي ابني؟ حينها سافرت إلى إسبانيا للسياحة، ورأيت وجهًا من حضارتنا المشرقة؛ نحن ابن صغير لأب ضخم، هكذا شعرت وأنا أتجول في غرناطة وقرطبة، عرفتُ أني سأربي ابني على قيم هذا الدين، الذي تركَ أثرًا خالدًا في القيم والتسامح".
هل ساهم الطوفان في تعزيز تلك القناعات؟
"صقلني الطوفان فكريًّا، صرتُ كافرة بكل شيء غربي، المواطنة العالمية والانفتاح أصنام عبدناها، وهدمها الطوفان، لا يسير العالم بالتفاهم، العالم يسير بالمركز والهامش، هكذا كان وهكذا سيبقى، الفارق بيننا وبينهم أننا حين كنّا مركزًا لم نلغِ الهوامش كما يفعلون هم، السابع من أكتوبر قدم نموذجًا على قدرة الهامش على مزاحمة المتن".
أليس هذا الحكم على حضارة كاملة مبالغًا فيه؟
"أبدًا، باطلٌ بُني على باطل هذا ملخص الحضارة الغربية. تاريخ الرجل الأبيض هو تاريخ تسلّطه! لا يمكن أن يلائم الإسلام الحضارة الغربية التي قامت على النهب والاستعمار والإبادة. الإسلام هو الحل، كنا نسخر من روجيه غارودي أيام الجامعة حين قرأنا كلامه عن الإسلام، لكني فهمت الآن، أن الإسلام فعلًا هو المنتج القابل للتصدير".
لماذا إذن لم تترجم هذه المعاني الكبرى إلى انتفاضة في الضفة؟
"نحن مصابون بالإحباط، لا وجود لأفق في الضفة ولا جدوى، أوسلو قتلتنا"، "لن تذكر اسمي، صح؟" قالت وفاء بخوف من أن تحاسب على كلامها.
نعم، يمكنني وضع اسم مستعار عند النشر.
"أوسلو هي نكبتنا، شغلونا، بطرق جمع المال، وسلطوا علينا البنوك، علمونا كيف نقترض لشراء سيارة أفضل، وكيف نعمل حفل زفاف أفخم، بعد عشرين سنة من العمل رأينا أنفسنا كأبناء للحضارة الغربية، منفصلين عن واقعنا. لأني قضيت كل حياتي في طول كرم، لم أرَ إسرائيل، لكني رأيتها هنا في السلطة!"
الهجرة من أميركا وليس إليها، نوال، مصممة أزياء، 38 عامًا
"بعد طلاقي، أصدرت المحكمة في الضفة الغربية حق الحضانة للوالد، أرعبتني فكرة فقد ابنتي، فركبت الطائرة وأخذتها إلى آخر العالم، إلى دالاس تكساس" قالت لي نوال من وراء الشاشة السوداء في تطبيق google meet، لم أتجاسر على طلب فتح الكاميرا للمقابلة، فالوقت الوحيد الذي استطعت الحصول عليه كان 11 ليلا.
من طول كرم إلى بلاد العم سام، هذه رحلة رهيبة، هل كانت القرار الأنسب لأم عزباء؟ قلتُ لها بحثًا عن دوافع قرارها.
"كانت أمريكا البرج البعيد الذي أحب أن أصل إليه لأطل منه على العالم، كنت أدعو الله لأذهب إليها، وفي 2016 تحقق لي هذا الحلم، وإن لم يكن بأفضل سيناريو تخيلته".
ماذا كنت تعملين في طول كرم؟
"تخصصي نظم البرمجيات الإدارية، ولكني عملتُ في تجارة الملابس النسائية، كان من المفترض أن أفتتح محلي الجديد في 2016 لكن قرار المحكمة أرعبني فسافرت ولم أنتظر الافتتاح".
كيف بدت لك بلاد العم سام؟ وهل تأثرت فكريًّا بعد وصولك بنمط العيش؟
"بعد أسابيع من الوحدة، ثارت في نفسي بعض الأسئلة، هؤلاء جميعهم على خطأ ونحن على صواب؟ كانت المعاملة الحسنة فاتنة لي ولم أعتد عليها، اصطدمت بسيارة سيدة، كنتُ أنا المخطئة، نزلت السائقة ومشت نحوي، وأول ما فتحت النافذة بادرتني بالاطمئنان عليّ وعلى ابنتي، كانت لطيفة جدًّا".
هل فكرتِ في خلع الحجاب بتأثير تلك الأسئلة؟
"أبدًا، الحجاب كان هويتي، لم أفكر في خلعه، المرأة المسلمة "بوث" دعوة متنقل، لا تستطيع أن تحدد هوية الرجل ودينه من لباسه.."
فهمتُ من صديقتنا سلوى أنك ارتبط برجل أمريكي، كيف تعرفتِ عليه؟
بعد ضحكة قصيرة وكأن أحداث القصة عبرت بذهنها مرةً واحدة قالت: "زواجي من جستن قصة غريبة، كان يسكن معي في نفس المجمّع السكني، بعد فترة من وصولي ثارت لي مشكلة الأوراق الرسميّة لإقامتي بالولايات المتحدة، وكنتُ أسأله عن بعض المعاملات، تحمّس كثيرًا لمساعدتي، كان رجلًا نبيلًا ومثقفًا. حين ساءت الأمور بالحلول التقليديّة، عرض عليّ الزواج" سكتت قليلًا وأكملت توقعًا لاعتراض ما "لم تكن مقايضة، كان يقول لي سأساعدك حتى لو لم تقبلي الزواج مني..".
وكيف كان موقف أهلك؟
"لم يكونوا على علم، ولن يتحمسوا للأمر إذا علموا، على أية حال، أعلن جستن إسلامه وتزوجنا". طوت نوال فضولي باختصارها للإجابة فعلمت أنه ينبغي الانتقال إلى سؤال تالٍ.
حسنًا، أصبحتِ زوجة مواطن وانحلّت عقدة بقائك، ما الذي صارت إليه أمور تجارتك؟
"افتتحت موقعًا لبيع الملابس، عمل جستن معي ونمى معه العمل، قررنا الخروج من تكساس، وانتقلنا لأهله في ولاية يوتا، صار موقعي للملابس يقدر بمليون دولار اشترينا دارين وأجرناهما".
عودة إلى العالم الثالث، كيف استقبلت خبر السابع من أكتوبر؟
"اتصل أقاربي وقالوا لي حماس دخلت، لم أفهم في البداية، وحين استوضحت الأمر وفهمت، لم أفرح قلت في نفسي: معذبونا سيزيدون عذابنا! ثم لما رأيت فرحة أهلي، فرحت لفرحتهم".
وكيف استقبله أهل جستن؟
"بعد السابع تغير الناس عليّ، تساقطت الأقنعة، شعرت أني أعيش وسط مستوطنين، خافوا منا وخفنا منهم! تغيّر عليّ أهل جستن، زوج أخته الذي يسكن في هوليوود أصبح يرسل لي تهديدات، وفي إحدى المرات أرسل لي صورًا للمعتقلين، وكتب لي ’هل فيهم أحدٌ من أهلك؟’ انشقت العائلة".
هل أسرته يهودية؟
"ليسوا يهودًا لكنهم مسيحيون صهاينة. كنت أحبهم، لماذا لا تصدقوني وأنا منكم؟ وتصدقون الأخبار المفبركة؟".
ألم تكن تتغير مواقفهم حين انكشف لهم زيف كثير من الأخبار؟
"أبدًا، بعد النقاش، يتضح أن الأمر كراهية للإسلام وليس لفلسطين. نزعوا الإنسانية عن العرب، لم يكونوا يتأثرون بصور قتلانا، فقط كانوا يبكون بحرقة على تلفيقات الإعلام، يبكون على شيء لم يحصل!"
هذا كان الجو في البيت، فكيف كان خارجه؟
"صرت أشعر بالقلق، بعد أن تهجم رجل هائج عليّ وأخذ يصيح ’أنتم إرهابيون’ يوتا ولاية صهيونية! بدت لي هشاشة أمريكا، لقد أصيبوا بالجنون، طردوا أشخاصًا من أعمالهم بسبب نصرتهم لغزة في منشوراتهم، ماتت حرية الرأي". بدا صوتها متعبًا من تذكر تلك الأحداث. ثم استأنفت "عدت إلى الإيمان، لم ينقذني شيء سواه، وعشت حياة تقشف قاسية".
لماذا التقشّف؟
"مشاركة لأهلي وإحساسًا بهم أولًا، ثم لأن أموالي تذهب لاقتصاد يدعم إبادتنا، شعرتُ بالاختناق، أمريكا جزء من الحرب علينا، قررنا المغادرة، لا يستحقون دولارًا واحدًا منا".
ماذا تقصدين؟
أقصد أن معيشتنا هناك تترجم إلى مبالغ لصالحهم؛ الضرائب، الشراء، الأكل، الإيجار، كل شيء، قررنا ألا نكون جزءًا من المنظومة".
إلى أين قررتم الانتقال؟
"ذهبنا إلى دبي، لكنها لم تناسبنا. ثم انتقلنا إلى إسطنبول نحن فيها الآن، ولكن إسطنبول صعبة، ومسألة الإقامة فيها متعسّرة. لا أدري أين سأذهب، أريد أن يستخدمنا الله. أريد مكانًا أربي فيه ابنائي على قيم إسلامية، أريدهم متشبعين بديننا. كنت محجمة عن الولادة، الآن أريد أن أنجب ولدًا بعد ولد!".
هل تأثرت تجارتك؟
كأن شيئًا لمع في ذهنها فلم تبادر بجواب السؤال، بل قالت:
"لماذا لهم وزن وليس لدينا وزن؟ ما الذي ينبغي أن نعمله للأمة؟ لقد طفا سؤال الأمة في ذهني، أول شيء فكرت به مسألة الولاء التجاري، لابد أن يفيد بعضنا بعضًا، هم يدعمون بعضهم، حتى لو كانت سلعته أقل جودة، لا بد من أن نوالي بعضًا تجاريًّا والجودة ستأتي لاحقًا، ليش ’محدّش’ عمل لنا حساب، لازم نعمل مشاريعنا، برجر، وأحذية ، كنا معتمدين عليهم، فاتحين لهم بيوتهم. آن الأوان أن نتحمل مسؤوليتنا كأمة".
كنتُ سألتُكِ عن تجارتكِ هل تأثرت؟
"عفوًا، كنا نفكر بالتقاعد المبكر من العقارات التي اشتريناها، الآن نفكر بالاستمرار في العمل، وربما بالاستقرار في مصر.
تأثرت تجارتي، لكن ليس مهمًّا، كانت تجارتي تقوم على شركة داعمة، استبدلتها مباشرة".
لقد تغيّرت حياتك كثيرًا خلال عشر سنوات!
"إلى ما تغيّر بعد غزّة يا خسارة!"
"إلى أي مدى بلغ هذا التغيير، هل هو تغير عميقٌ أم مازال في طور الانفعال بالحدث والمعاناة؟ هل صار قناعةً راسخة أم أنه مسكنٌ للآلام والقلق الروحي؟"، سألني محرري ونحن نضع اللمسات الأخيرة على المادة.
لم نجد جوابًا بعد. لكن الشريحة التي قابلتها وبقيت على تواصل مع بعضها مازالت تمارس تديّنها الذي عادت إليه.