4 دوافع وراء دعم الغرب العدوان على غزة الصامدة.. فتّش عن الاقتصاد
طبول الحرب الإقليمية يتردد صداها مرة أخرى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط على وقع دعم الغرب العدوان على غزة الصامدة. وفي خطوة تشير إلى خطورة الوضع في المنطقة، أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأسبوع الماضي نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بنشر مجموعة حاملة الطائرات أبراهام لينكولن في المنطقة إلى جانب الغواصة الأميركية يو إس إس جورجيا. وأمس، ألغت الخطوط الجوية الأميركية رسمياً جميع رحلاتها من إسرائيل وإليها حتى إبريل 2025 وفق هيئة البث الإسرائيلية. كما وافقت إدارة جو بايدن يوم الثلاثاء على مبيعات أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل. ويأتي هذا التصعيد تحسباً لانتقام إيراني محتمل رداً على اغتيال إسرائيل زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران.
وليست أميركا وحدها التي تدعم العدوان على غزة الأبيّة، حيث يلاحظ أن معظم الدول الغربية قدمت دعماً غير مشروط لإسرائيل في أعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبتها خلال الأشهر العشرة الماضية في القطاع. ووفق بيانات مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في نهاية مايو/ أيار الماضي، تلقت إسرائيل منذ تأسيسها، حوالي 310 مليارات دولار (معدلة بحسب التضخم) من إجمالي المساعدات الاقتصادية والعسكرية. كما قدمت الولايات المتحدة حزم مساعدات خارجية كبيرة للدول التي وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل مثل مصر والأردن.
ولا تدعم الدول الغربية الحكومة الإسرائيلية في العدوان على غزة اقتصادياً وسياسياً فحسب، بل عسكرياً أيضاً. فمن ناحية، تقوم تلك الحكومات بتزويد إسرائيل بالأسلحة لمواصلة هجمات الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. ومن ثم هي متورطة تورطاً مباشراً في الحرب غير المتكافئة في فلسطين. ورغم أن لدى الكيان المحتل أقوى الجيوش في المنطقة كما تردد، يحظى كذلك بدعم عدد من أقوى جيوش العالم ليبيد مجموعة صغيرة من حركات المقاومة التي تطالب بحقها في العيش بسلام في أراضيها.
ولاحظ خبراء، أن هذا دعم العدوان على غزة يأتي رغم أن معظم الدول غير الغربية وقسم كبير من شعوب تلك الدول يعارضون السياسات المؤيدة لإسرائيل التي تنتهجها حكوماتهم العنصرية والمتطرفة، وهو ما يثير العديد من الأسئلة التي يجب طرحها، وهي لماذا تقدم الحكومات الغربية الدعم غير المشروط لنظام الفصل العنصري في إسرائيل على حساب الإضرار بمصالحها الوطنية وتتحرك تلقائياً ضد شعوبها؟
وفق محللين ومراقبين، فإن هنالك عوامل أساسية وراء دعم النخب الغربية الحاكمة العدوان على غزة والجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال يومياً في القطاع. وهذه العوامل هي أولاً: المصالح الاقتصادية والمالية والجيوسياسية في الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. لقد كشفت عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من حملة توعية واسعة، أن إسرائيل في ما يخص الدول الغربية عبارة عن مشروع "استعمار استيطاني" لتحقيق أربعة أهداف رئيسية، وهي: الهيمنة على موارد المنطقة، والتحكم في موقعها الجغرافي الاستراتيجي للتجارة العالمية، والتحكم في النفط والبترودولار، وما يتبع ذلك من منافع في أسواق المال والتجارة المصرفية.
على صعيد الموقع الجغرافي، توجد في منطقة الشرق الأوسط ثلاثة ممرات مائية رئيسية، وهي قناة السويس وباب المندب على البحر الأحمر وخليج هرمز. في هذا الشأن يقول الاقتصادي الأميركي مايكل هيدسونز، أستاذ الاقتصاد بجامعة ميزوري بولاية كنساس والخبير السابق في وول ستريت، "سيكون من الصعب المبالغة في تقدير مدى أهمية قناة السويس في مصر. فهي تربط التجارة العابرة من غرب آسيا إلى أوروبا، ومن البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط. وتمر عبر القناة حوالي 30% من جميع حاويات الشحن في العالم، ويمثل ذلك حوالي 12% من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع".
وفي جنوب قناة السويس مباشرة، حيث يدخل البحر الأحمر إلى بحر العرب، هناك نقطة اختناق جيو استراتيجية حاسمة وهي مضيق باب المندب، قبالة سواحل اليمن. وهناك، يمر عبره أكثر من 6 ملايين برميل من النفط يومياً. وفق هيدسونز في تحليله بموقع " يورو آسيا" الصادر في 11 ديسمبر/كانون الأول 2023.
كما يوجد في المنطقة خليج هرمز الذي يعد طريقاً رئيسياً لنقل النفط والغاز الطبيعي المسال عالمياً. ولهذا السبب، أصبح مضيق هرمز، نقطة الاختناق البحرية الرئيسية التي تربط الخليج العربي بخليج عمان، موضع اهتمام مراقبي التجارة. ويعتبر المضيق بالغ الأهمية لنقل النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي المسال.
ويقول تحليل في مصرف "آي أن جي" الهولندي، نشر في 18 إبريل/نيسان الماضي، إن السعودية والعراق والإمارات والكويت وإيران وقطر أنتجت نحو 22.8 مليون برميل من النفط يومياً، ويتم نقل حوالي 20 مليون برميل منها يومياً عبر هذا الطريق. ويعادل ذلك 20% من الاستهلاك العالمي من النفط الخام والمنتجات المكررة.
أما العامل الثاني وراء دعم العدوان على غزة فهو النفط، حيث يرى محللون، أنه تاريخياً، حاولت الولايات المتحدة الهيمنة على هذه المنطقة من أجل الحفاظ على سيطرتها على إمدادات الطاقة، وضمان طرق التجارة العالمية التي يقوم عليها النظام الرأسمالي.
في هذا الشأن يقول البروفسور هيدسونز، إنه مع ضعف نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة في عالم متعدد الأقطاب بتزايد، أصبحت إسرائيل أكثر أهمية للولايات المتحدة في ممارسة الهيمنة في المنطقة. ويتابع، "يمكن للمرء أن يرى ذلك بوضوح في المناقشات حول أسعار النفط في أوبك، منظمة البلدان المصدرة للبترول، والتي تم توسيعها توسيعاً أساسياً لتنضم روسيا إلى أوبك وتصبح "أوبك+".
واليوم، تلعب السعودية وروسيا، العدو اللدود لواشنطن، دوراً رئيسياً في تحديد أسعار النفط العالمية. وهذا العامل يدفع الدول الغربية نحو المزيد من الدعم لحماية مصالحها النفطية عبر مساندة إسرائيل وتوطين هيمنتها على كامل المنطقة كما صرح بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه الشهير في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
ويقول البروفسور هيدسونز، "تاريخياً، كانت السعودية حليفاً مخلصاً للولايات المتحدة، لكن الرياض اتبعت بصورة متزايدة سياسة عدم انحياز في الآونة الأخيرة. والسبب وراء ذلك هو أن الصين أصبحت الآن أكبر شريك تجاري للرياض وأكبر مستورد للنفط العربي، في حين تضاءلت واردات الولايات المتحدة من النفط السعودي بسبب ما أحدثته ثورة النفط الصخري".
وبسبب التوسع الهائل في الإنتاج وطفرة النفط الصخري في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أنشأت الولايات المتحدة نفسها بوصفها واحدة من أكبر ثلاثة منتجين للنفط على وجه الأرض، مما قلل من حاجتها إلى النفط الخام من الخليج العربي. كما تعمل الصين، من خلال مبادرة الحزام والطريق، على إعادة مركز التجارة العالمية إلى آسيا والهيمنة على التجارة العالمية عبر توطيد علاقاتها بدول المنطقة. ولدى الصين تنسيق مع روسيا التي باتت جزءاً من منظمة أوبك.
غني عن القول إن ما يسمى بالشرق الأوسط، أو غرب آسيا، لديه أكبر الاحتياطات في العالم من النفط والغاز، وتعتمد البنية التحتية الاقتصادية للعالم بالكامل اعتماداً كبيراً على الوقود الأحفوري. ورغم التوجه نحو مصادر الطاقة الجديدة لمكافحة تغير المناخ، لايزال الوقود الأحفوري يشكل أهمية بالغة للاقتصاد العالمي. وكان هدف واشنطن هو التأكد من قدرتها على الحفاظ على أسعار ثابتة للخامات البترولية في أسواق النفط العالمية.
ويلاحظ أن السياسة المعلنة للجيش الأميركي منذ التسعينيات، أي نهاية الحرب الباردة وإطاحة الاتحاد السوفييتي، تحاول إحكام سيطرتها على كل مناطق العالم. وجاء ذلك بوضوح في عام 1992 فيما يسمى بمبدأ وولفويتز، الذي أقر في مجلس الأمن القومي الأميركي في العام نفسه. والذي يقول إن هدف الولايات المتحدة منع أي قوة معادية من السيطرة على منطقة ذات أهمية بالغة لمصالحنا، ومن ثم تعزيز الحواجز أمام عودة ظهور تهديد عالمي لمصالح الولايات المتحدة وحلفائنا. وتشمل هذه المناطق أوروبا وشرق آسيا والشرق الأوسط والخليج العربي وأميركا اللاتينية.
وبحسب ذلك المبدأ فإن السيطرة غير الديمقراطية على موارد مثل هذه المنطقة الحيوية يمكن أن تولد تهديداً كبيراً لأمننا القومي. ومن ثم إن مشروع " الاستعمار الاستيطاني" الإسرائيلي في المنطقة العربية تنظر إليه واشنطن بوصفه قاعدة عسكرية لحماية مصالحها الحيوية في منطقة الشرق الوسط.
يمنح نظام البترودولار الولايات المتحدة درجة من النفوذ على الدول المصدرة للنفط، التي تعتمد على استقرار الدولار ولها مصلحة خاصة في الحفاظ على قوته. وتقول البروفسورة كارلا نوروف المحاضرة في جامعة تورنتو الكندية، إنه على الرغم من أن مصطلح البترودولار يعرف بأنه بيع النفط بالدولار ولكنه في الواقع يعني أكثر من ذلك بكثير، حيث يدعم البترودولار سعر صرف الدولار.
ووفق الأرقام يستهلك العالم حالياً حوالي 100 مليون برميل يومياً معظمها تباع بالدولار. وهذا يعني أن البنوك المركزية تحتاج إلى الحفاظ برصيد كبير من الدولارات لتسديد مشترياتها من النفط.
وتقول البروفسورة نورووف في تحليل بموقع " بروجكت سيندكت" في 5 يوليو/تموز الماضي، إن البترودولار تلعب دوراً أكبر من بيع النفط بالدولار، أو دعم سعر صرف الدولار، حيث إن فوائض الدول النفطية، وعلى رأسها دول أوبك يتم تدويرها عبر شراء السندات الأميركية، ومن ثم تمويل العجز التجاري الأميركي، وفق نوروف.
أما العامل الرابع وراء دعم العدوان على غزة المقاومة، فيكمن في أن إسرائيل تلعب دوراً مهماً في اضطراب المنطقة العربية، ومن ثم تمنعها من توطين الاستثمارات المالية، مما يعني هروب فوائض الطاقة إلى قنوات المال الغربية وتغذية البنوك والأسواق المالية الغربية بالسيولة.
ووفق تقرير بصحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" في عددها الصادر في 24 يوليو الماضي، بلغت الأصول الخاضعة لإدارة صناديق الثروة السيادية العالمية 7.94 تريليونات دولار اعتبارًا من 24 ديسمبر/كانون الأول 2020. وبلغ إجمالي البلدان التي لديها صناديق ثروة سيادية ممولة من صادرات النفط، 5.4 تريليونات دولار اعتباراً من عام 2020. وهذا يعني أن تريليونات الدولارات من السيولة العربية تتدفق على البنوك الغربية وأسواق المال في مراكز المال في أوروبا وأميركا من صناديق الثروة العربية. ومن ثم تُحدث هذه التدفقات الانتعاش في الاقتصادات الغربية وتخلق الرفاه للنخب الغربية على حساب تخلف المنطقة.
طبول الحرب الإقليمية يتردد صداها مرة أخرى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط على وقع دعم الغرب العدوان على غزة الصامدة. وفي خطوة تشير إلى خطورة الوضع في المنطقة، أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأسبوع الماضي نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بنشر مجموعة حاملة الطائرات أبراهام لينكولن في المنطقة إلى جانب الغواصة الأميركية يو إس إس جورجيا. وأمس، ألغت الخطوط الجوية الأميركية رسمياً جميع رحلاتها من إسرائيل وإليها حتى إبريل 2025 وفق هيئة البث الإسرائيلية. كما وافقت إدارة جو بايدن يوم الثلاثاء على مبيعات أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل. ويأتي هذا التصعيد تحسباً لانتقام إيراني محتمل رداً على اغتيال إسرائيل زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران.
وليست أميركا وحدها التي تدعم العدوان على غزة الأبيّة، حيث يلاحظ أن معظم الدول الغربية قدمت دعماً غير مشروط لإسرائيل في أعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبتها خلال الأشهر العشرة الماضية في القطاع. ووفق بيانات مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في نهاية مايو/ أيار الماضي، تلقت إسرائيل منذ تأسيسها، حوالي 310 مليارات دولار (معدلة بحسب التضخم) من إجمالي المساعدات الاقتصادية والعسكرية. كما قدمت الولايات المتحدة حزم مساعدات خارجية كبيرة للدول التي وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل مثل مصر والأردن.
ولا تدعم الدول الغربية الحكومة الإسرائيلية في العدوان على غزة اقتصادياً وسياسياً فحسب، بل عسكرياً أيضاً. فمن ناحية، تقوم تلك الحكومات بتزويد إسرائيل بالأسلحة لمواصلة هجمات الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. ومن ثم هي متورطة تورطاً مباشراً في الحرب غير المتكافئة في فلسطين. ورغم أن لدى الكيان المحتل أقوى الجيوش في المنطقة كما تردد، يحظى كذلك بدعم عدد من أقوى جيوش العالم ليبيد مجموعة صغيرة من حركات المقاومة التي تطالب بحقها في العيش بسلام في أراضيها.
ولاحظ خبراء، أن هذا دعم العدوان على غزة يأتي رغم أن معظم الدول غير الغربية وقسم كبير من شعوب تلك الدول يعارضون السياسات المؤيدة لإسرائيل التي تنتهجها حكوماتهم العنصرية والمتطرفة، وهو ما يثير العديد من الأسئلة التي يجب طرحها، وهي لماذا تقدم الحكومات الغربية الدعم غير المشروط لنظام الفصل العنصري في إسرائيل على حساب الإضرار بمصالحها الوطنية وتتحرك تلقائياً ضد شعوبها؟
وفق محللين ومراقبين، فإن هنالك عوامل أساسية وراء دعم النخب الغربية الحاكمة العدوان على غزة والجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال يومياً في القطاع. وهذه العوامل هي أولاً: المصالح الاقتصادية والمالية والجيوسياسية في الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. لقد كشفت عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من حملة توعية واسعة، أن إسرائيل في ما يخص الدول الغربية عبارة عن مشروع "استعمار استيطاني" لتحقيق أربعة أهداف رئيسية، وهي: الهيمنة على موارد المنطقة، والتحكم في موقعها الجغرافي الاستراتيجي للتجارة العالمية، والتحكم في النفط والبترودولار، وما يتبع ذلك من منافع في أسواق المال والتجارة المصرفية.
على صعيد الموقع الجغرافي، توجد في منطقة الشرق الأوسط ثلاثة ممرات مائية رئيسية، وهي قناة السويس وباب المندب على البحر الأحمر وخليج هرمز. في هذا الشأن يقول الاقتصادي الأميركي مايكل هيدسونز، أستاذ الاقتصاد بجامعة ميزوري بولاية كنساس والخبير السابق في وول ستريت، "سيكون من الصعب المبالغة في تقدير مدى أهمية قناة السويس في مصر. فهي تربط التجارة العابرة من غرب آسيا إلى أوروبا، ومن البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط. وتمر عبر القناة حوالي 30% من جميع حاويات الشحن في العالم، ويمثل ذلك حوالي 12% من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع".
وفي جنوب قناة السويس مباشرة، حيث يدخل البحر الأحمر إلى بحر العرب، هناك نقطة اختناق جيو استراتيجية حاسمة وهي مضيق باب المندب، قبالة سواحل اليمن. وهناك، يمر عبره أكثر من 6 ملايين برميل من النفط يومياً. وفق هيدسونز في تحليله بموقع " يورو آسيا" الصادر في 11 ديسمبر/كانون الأول 2023.
كما يوجد في المنطقة خليج هرمز الذي يعد طريقاً رئيسياً لنقل النفط والغاز الطبيعي المسال عالمياً. ولهذا السبب، أصبح مضيق هرمز، نقطة الاختناق البحرية الرئيسية التي تربط الخليج العربي بخليج عمان، موضع اهتمام مراقبي التجارة. ويعتبر المضيق بالغ الأهمية لنقل النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي المسال.
ويقول تحليل في مصرف "آي أن جي" الهولندي، نشر في 18 إبريل/نيسان الماضي، إن السعودية والعراق والإمارات والكويت وإيران وقطر أنتجت نحو 22.8 مليون برميل من النفط يومياً، ويتم نقل حوالي 20 مليون برميل منها يومياً عبر هذا الطريق. ويعادل ذلك 20% من الاستهلاك العالمي من النفط الخام والمنتجات المكررة.
أما العامل الثاني وراء دعم العدوان على غزة فهو النفط، حيث يرى محللون، أنه تاريخياً، حاولت الولايات المتحدة الهيمنة على هذه المنطقة من أجل الحفاظ على سيطرتها على إمدادات الطاقة، وضمان طرق التجارة العالمية التي يقوم عليها النظام الرأسمالي.
في هذا الشأن يقول البروفسور هيدسونز، إنه مع ضعف نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة في عالم متعدد الأقطاب بتزايد، أصبحت إسرائيل أكثر أهمية للولايات المتحدة في ممارسة الهيمنة في المنطقة. ويتابع، "يمكن للمرء أن يرى ذلك بوضوح في المناقشات حول أسعار النفط في أوبك، منظمة البلدان المصدرة للبترول، والتي تم توسيعها توسيعاً أساسياً لتنضم روسيا إلى أوبك وتصبح "أوبك+".
واليوم، تلعب السعودية وروسيا، العدو اللدود لواشنطن، دوراً رئيسياً في تحديد أسعار النفط العالمية. وهذا العامل يدفع الدول الغربية نحو المزيد من الدعم لحماية مصالحها النفطية عبر مساندة إسرائيل وتوطين هيمنتها على كامل المنطقة كما صرح بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه الشهير في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
ويقول البروفسور هيدسونز، "تاريخياً، كانت السعودية حليفاً مخلصاً للولايات المتحدة، لكن الرياض اتبعت بصورة متزايدة سياسة عدم انحياز في الآونة الأخيرة. والسبب وراء ذلك هو أن الصين أصبحت الآن أكبر شريك تجاري للرياض وأكبر مستورد للنفط العربي، في حين تضاءلت واردات الولايات المتحدة من النفط السعودي بسبب ما أحدثته ثورة النفط الصخري".
وبسبب التوسع الهائل في الإنتاج وطفرة النفط الصخري في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أنشأت الولايات المتحدة نفسها بوصفها واحدة من أكبر ثلاثة منتجين للنفط على وجه الأرض، مما قلل من حاجتها إلى النفط الخام من الخليج العربي. كما تعمل الصين، من خلال مبادرة الحزام والطريق، على إعادة مركز التجارة العالمية إلى آسيا والهيمنة على التجارة العالمية عبر توطيد علاقاتها بدول المنطقة. ولدى الصين تنسيق مع روسيا التي باتت جزءاً من منظمة أوبك.
غني عن القول إن ما يسمى بالشرق الأوسط، أو غرب آسيا، لديه أكبر الاحتياطات في العالم من النفط والغاز، وتعتمد البنية التحتية الاقتصادية للعالم بالكامل اعتماداً كبيراً على الوقود الأحفوري. ورغم التوجه نحو مصادر الطاقة الجديدة لمكافحة تغير المناخ، لايزال الوقود الأحفوري يشكل أهمية بالغة للاقتصاد العالمي. وكان هدف واشنطن هو التأكد من قدرتها على الحفاظ على أسعار ثابتة للخامات البترولية في أسواق النفط العالمية.
ويلاحظ أن السياسة المعلنة للجيش الأميركي منذ التسعينيات، أي نهاية الحرب الباردة وإطاحة الاتحاد السوفييتي، تحاول إحكام سيطرتها على كل مناطق العالم. وجاء ذلك بوضوح في عام 1992 فيما يسمى بمبدأ وولفويتز، الذي أقر في مجلس الأمن القومي الأميركي في العام نفسه. والذي يقول إن هدف الولايات المتحدة منع أي قوة معادية من السيطرة على منطقة ذات أهمية بالغة لمصالحنا، ومن ثم تعزيز الحواجز أمام عودة ظهور تهديد عالمي لمصالح الولايات المتحدة وحلفائنا. وتشمل هذه المناطق أوروبا وشرق آسيا والشرق الأوسط والخليج العربي وأميركا اللاتينية.
وبحسب ذلك المبدأ فإن السيطرة غير الديمقراطية على موارد مثل هذه المنطقة الحيوية يمكن أن تولد تهديداً كبيراً لأمننا القومي. ومن ثم إن مشروع " الاستعمار الاستيطاني" الإسرائيلي في المنطقة العربية تنظر إليه واشنطن بوصفه قاعدة عسكرية لحماية مصالحها الحيوية في منطقة الشرق الوسط.
يمنح نظام البترودولار الولايات المتحدة درجة من النفوذ على الدول المصدرة للنفط، التي تعتمد على استقرار الدولار ولها مصلحة خاصة في الحفاظ على قوته. وتقول البروفسورة كارلا نوروف المحاضرة في جامعة تورنتو الكندية، إنه على الرغم من أن مصطلح البترودولار يعرف بأنه بيع النفط بالدولار ولكنه في الواقع يعني أكثر من ذلك بكثير، حيث يدعم البترودولار سعر صرف الدولار.
ووفق الأرقام يستهلك العالم حالياً حوالي 100 مليون برميل يومياً معظمها تباع بالدولار. وهذا يعني أن البنوك المركزية تحتاج إلى الحفاظ برصيد كبير من الدولارات لتسديد مشترياتها من النفط.
وتقول البروفسورة نورووف في تحليل بموقع " بروجكت سيندكت" في 5 يوليو/تموز الماضي، إن البترودولار تلعب دوراً أكبر من بيع النفط بالدولار، أو دعم سعر صرف الدولار، حيث إن فوائض الدول النفطية، وعلى رأسها دول أوبك يتم تدويرها عبر شراء السندات الأميركية، ومن ثم تمويل العجز التجاري الأميركي، وفق نوروف.
أما العامل الرابع وراء دعم العدوان على غزة المقاومة، فيكمن في أن إسرائيل تلعب دوراً مهماً في اضطراب المنطقة العربية، ومن ثم تمنعها من توطين الاستثمارات المالية، مما يعني هروب فوائض الطاقة إلى قنوات المال الغربية وتغذية البنوك والأسواق المالية الغربية بالسيولة.
ووفق تقرير بصحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" في عددها الصادر في 24 يوليو الماضي، بلغت الأصول الخاضعة لإدارة صناديق الثروة السيادية العالمية 7.94 تريليونات دولار اعتبارًا من 24 ديسمبر/كانون الأول 2020. وبلغ إجمالي البلدان التي لديها صناديق ثروة سيادية ممولة من صادرات النفط، 5.4 تريليونات دولار اعتباراً من عام 2020. وهذا يعني أن تريليونات الدولارات من السيولة العربية تتدفق على البنوك الغربية وأسواق المال في مراكز المال في أوروبا وأميركا من صناديق الثروة العربية. ومن ثم تُحدث هذه التدفقات الانتعاش في الاقتصادات الغربية وتخلق الرفاه للنخب الغربية على حساب تخلف المنطقة.