بعد تنفيذ عملية الاغتيال أو الاعتقال يتم الاتصال بالعملاء الجدد لتهنئتهم ومكافأتهم من قبل ضابط الشاباك ما يخلق لديهم شعورًا زائفًا بالإنجاز والتورط
تشكل العملية الاستخباراتية للمخابرات الصهيونية نموذجًا معقدًا يهدف إلى استدراج الأفراد الأكثر عرضة للاستغلال نحو فخّ العمالة. ومن خلال هذا الأسلوب الوضيع، يتم استدراج هؤلاء الأفراد وتوريطهم دون إدراكهم الخطر، أو الشعور بتورّطهم في أنشطة تجسّسية.
هذا النّهج المخابراتي المتبع باحترافية ودقة عالية يسعى إلى تأسيس شبكة واسعة من العملاء لتغطّي جميع المناطق المستهدفة، ما يمكِّن المخابرات من تحصيل المعلومات، وتحقيق مجموعة كبيرة ومتنوّعة من الأهداف.
خبرة العملاء القدامى، من خلال معرفتهم بسياق وآلية العمل الاستخباراتي مع الشاباك، لها دور محوري وهام في تدريب واستدراج العملاء الجدد؛ فتجنيد العملاء لا يكون عشوائيًا، بل يخضع لعملية تحليل واختيار دقيقين، اعتمادًا على محددات عدة، مثل الحاجة إلى التصاريح للعلاج أو العمل، أو المساعدات المالية والضعف النفسي، أو حتى الضغوط الاجتماعية التي تجعل منهم أهدافًا سهلة لتجنيدهم، كتقديم الوعود بحياة أفضل، واللعب على وتر العواطف الإنسانية، مثل الانتماء أو الرغبة في الحصول على القبول الاجتماعي.
هذه الطرق المعقدة والمتبعة لإيقاعهم في فخ العمالة مصمَّمة بدقة وخبث، بحيث يصعب اكتشافها بسهولة، لذلك تتطلب من الفرد وعيًا كبيرًا وحذرًا شديدًا لتجنب الوقوع في مثل هذه الفخاخ. فالوعي واليقظة في التعامل مع المشبوهين والمتلونين وأصحاب السوابق في بعض التنظيمات السياسية، التي تحولت من العمل المقاوم إلى التنسيق الأمني، سلاح قوي لمواجهة أساليب المخابرات الصهيونية الماكرة، وبالتالي حماية النفس من التورط في مثل هذه الأنشطة الشيطانية، التي تبدأ بمتعة الإغراء بالمال والنساء، وتنتهي بقتل المتورط بتهمة التخابر مع الاحتلال.
تتعدد الأسباب التي تدفع الشباب نحو العمالة، مثل الضغوط الاقتصادية، ويشكل الطموح لتحسين مستوى الحياة أهم سبب للجوء الفرد إلى وحل العمالة، وكذلك تأثير الظروف الاجتماعية والعائلية على نفسية الشاب
أساليب المخابرات الصهيونية في استدراج العملاء
︎ التنوع في شبكات العملاء
تعتمد المخابرات الصهيونية في عملها على توظيف عشرات العملاء، حيث يعمل العديد منهم دون معرفة بعضهم بعضًا في منطقة واحدة لتحقيق هدفٍ واحد، هذا التنوع والتوزيع الممنهجان للعملاء يساهمان في تقليل المخاطر التي قد تواجه القوات الخاصة الصهيونية أثناء تنفيذ مهامها، ويُعززان من قدرتها على التحرك بأريحية وأمان داخل المكان المستهدف. براعة الشاباك تكمن في كيفية تشغيلهم، ما يُصعِّب على المقاومة كشف نشاطات الشبكة التي تزيد من فاعلية استمرار تدفق المعلومات.
︎ كيفية استقدام العملاء الجدد تدريجيًّا لإيقاعهم في فخ العمالة
مثلًا: اتخذت قوات الاحتلال قرارًا باغتيال أو اعتقال مقاوم بارز، بناءً على معلومات استخباراتية تم الحصول عليها سابقًا من خلال العملاء القدامى، أي أن المعلومات التي تم جمعها عن الهدف كانت معروفة مسبقًا لدى الشاباك، لكنها استخدمت العملاء الجدد كوسيلة لإيهامهم بأهمية دورهم في العملية المخطط لها، وبأنهم تورطوا فعليًّا في العملية. وفي إطار إستراتيجيتها الخبيثة، تقوم بدعوة العملاء الجدد لجمع المعلومات حول الهدف، وتكليف كل عميل منهم بمهمة بسيطة ومحددة، لا تتطابق مع مهمة الآخر، من خلال متابعة الجدول الزمني للهدف مثل:
تتبع تحركات الهدف وتوقيتات خروجه وعودته إلى المنزل.
تحديد الطابق وغرفة النوم التي يقطن فيها الهدف.
مراقبة عادات وسلوكيات الهدف اليومية.
رصد تفاصيل سيارة الهدف مثل الرقم واللون.
تتبع احتمال تواجد أهداف أخرى غير معلومة مسبقًا لدى المخابرات.. وهكذا.
︎ خداع العملاء الجدد بأنهم شركاء، لتعزيز شعورهم بالتورط
بعد تنفيذ عملية الاغتيال أو الاعتقال، يتم الاتصال بالعملاء الجدد لتهنئتهم ومكافأتهم من قبل ضابط الشاباك، ما يخلق لديهم شعورًا زائفًا بالإنجاز والتورط، فيتولد لدى كل عميل شعور بالمسؤولية عما حدث.
هذه الطريقة الماكرة تظهر فاعلية متقنة لإغراقهم في دوامة التخابر، إلا أنها تثير أيضًا مخاوف داخلية بين العملاء من احتمالية انكشافهم، فيبدأ الخوف بالتسرب إلى نفوسهم، ما يجعلهم يستسلمون لضغط المخابرات، ويقبلون المزيد من المهام في محاولة للحفاظ على سلامتهم ومكانتهم وسمعة عائلاتهم، وبالتالي يغرقون أكثر فأكثر في وحل العمالة، ظنًا منهم بأنهم السبب وراء نجاحات المخابرات في المهام البسيطة التي أوكلت إليهم، وشكل تأثيرها ضربة قوية وقاصمة للمقاومة.
الأسباب التي تدفع الشباب للوقوع في مستنقع العمالة
تتعدد الأسباب التي تدفع الشباب نحو العمالة، مثل الضغوط الاقتصادية، ويشكل الطموح لتحسين مستوى الحياة أهم سبب للجوء الفرد إلى وحل العمالة، وكذلك تأثير الظروف الاجتماعية والعائلية على نفسية الشاب، كالإهانة والتقليل من شأنه من قبل والديه، والاستمرار بالمقارنة بين مسار حياته ومسار حياة أبناء خالاته وعمومته وأقرانه، والإشارة إلى أنه فاشل لا ينفع لشيء إلا التسكع ومشاهدة المباريات والنوم.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه كثير من الشباب خطر الابتزاز النفسي، مثل التهديد بنشر فيديوهات غير لائقة، ما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة تتعلق بالانغماس في العمالة.
تجنب تحميل تطبيق "المنسق" على جوالك؛ التطبيق عبارة عن أداة من أدوات الاحتلال التجسسية، يستخدم لسرقة بيانات جوالك دون أن تدري
الإجراءات الاحترازية قبل وبعد الوقوع في وحل العمالة، وكيفية التخلص من ابتزاز الشاباك، ونصائح لتجنب الوقوع وكيفية التعامل:
الانتباه من العروض الوظيفية التي تبدو مغرية بشكل غير عادي، أو الشروط المفروضة التي تتعارض مع القيم الوطنية.
الانتباه إلى أي ضغط أو إكراه من قبل جهات معينة، مثل تنظيم سياسي كان يقاوم سابقًا والآن أصبح أداة من أدوات الاحتلال.
تجنب تحميل تطبيق "المنسق" على جوالك؛ التطبيق عبارة عن أداة من أدوات الاحتلال التجسسية، يستخدم لسرقة بيانات جوالك دون أن تدري.
تجنب تقديم معلومات شخصية قد تُستخدم ضدك.
تجنب الاستجابة للابتزاز والضغوط.
التأكد من عدم مشاركة معلومات دقيقة عن نفسك عبر الإنترنت، والتحقق من مصادر المعلومات التي تتلقاها.
تجنب الانخراط مع الأشخاص الذين يظهرون سلوكيات مشبوهة.
توثيق أي شكل من أشكال الابتزاز يعتبر خطوة حيوية.. قم بتجميع الأدلة، بما في ذلك الرسائل والاتصالات.
الإبلاغ عن الابتزاز للجهات المختصة، التابعة فقط لأمن المقاومة، يساعد في حماية نفسك وحماية الآخرين من المصير نفسه.
وأخيرًا، إذا كنت معرّضًا للابتزاز والتهديد بنشر فيديو لك غير لائق وخادش للحياء، لا تتردد في اتخاذ موقف قوي، لا تخجل ولا تخَف.. أن تكون ذا أخلاق سيئة أهون من أن تكون عميلًا.
ذنب سوء الخلق يُنسى، لكن ذنب العمالة لا يُنسى ولا يغتفر، فهو كالوشم لا يزول، ووصمة عار على جبينك أنت وعائلتك، لذا عليك التفكير جيدًا بوالديك وزوجتك وأبنائك قبل الغرق في مستنقع العمالة.