ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75477 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: موجات العنصرية في أوروبا الأحد 01 سبتمبر 2024, 6:00 pm | |
| رغم جهود المؤسسات الرسمية في تبني برامج ومناهج لإدارة عملية الاندماج فإنها لم تتمكن من سد الفجوة الحقيقية بين الجيل الأول من المهاجرين وأبنائهم أيمثل "ترند تالاهون" صرخة احتجاج، أم تصعيدًا سلبيًا في سلوكيات الشباب؟لرؤية الصورة بشكل أعمق وأوضح نحتاج أن نُعيد النظر في حال الاندماج في المجتمعات الغربية، فهي تعاني منذ بداية الهجرة الاقتصادية -ابتداءً من الجيلَين: الأول والثاني- وما فيها من تحديات معقدة في عملية الاندماج.تُظهر دراسة حالات الاندماج الاجتماعي في المجتمعات الأوروبية أن العديد من أبناء هؤلاء المهاجرين، الذين جاؤوا من خلفيات مختلقة؛ سعيًا لتحسين حياتهم، واجهوا صدمة ثقافية في انتقالهم من المجتمعات المغلقة التي جاؤوا منها إلى المجتمعات الجديدة المنفتحة، لكنها معقدة في رحلة اكتشاف وتكوين الذات.في ألمانيا، كان الأتراك في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، كما الجزائريون والمغاربة في فرنسا، وفي بلجيكا وهولندا، يعانون من القضايا ذاتها.. واجه هؤلاء الشباب ضغوط اجتماعية واقتصادية شديدة، ما دفعهم إلى العزلة عن المجتمع الجديد، وأحيانًا إلى الانخراط في سلوكيات مثل تعاطي المخدرات أو الانضمام إلى عصابات منظمة، ومنهم من انصهر في المجتمع الجديد كمحاولة منه لينتسب إليه.ولم تقف هذه التأثيرات بصورتها النمطية، بل بدأت تتشكل فِكَر جديدة في التعبير عن الرفض أو الانعزالية بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، التي سهّلت وصول الفكرة إلى جمهور أوسع عبر مشهد ثقافي جديد، مثل "الراب" الذي يعبر عن مشاعر الغضب والقلق. - اقتباس :
تتبنى "تالاهون" أفكارًا تعكس التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها هؤلاء الشباب؛ ويتمحور المحتوى حول تعزيز الهوية الفردية، والتمرد على المعايير الاجتماعية، والتعبير عن الإحباط والغضب تجاه المجتمع ظاهرة "تالاهون": النشأة، الأفكار، الهيكلة، والانتشار- كيف يعكس "ترند تالاهون" تحديات الاندماج الاجتماعي؟
انتشرت ظاهرة "تالاهون" كاستجابة للتحديات الاجتماعية والثقافية التي يواجهها الشباب من خلفيات مهاجرة في ألمانيا. ويُشتق اسم "تالاهون" من العبارة العربية "Ta’al La’hon" (تعال هنا). وتميزت هذه الظاهرة بالتعبير عن كيفية تعامل الشباب مع الشعور بالرفض -رُبما غير المُباشر- والضغوط التي يعيشونها في المجتمع الداخلي ضمن العائلة، وفي المجتمع الخارجي في المدرسة أو في الشارع أو في المجتمع، من خلال الصراع المتمثل في الهُوية.تتبنى "تالاهون" أفكارًا تعكس التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها هؤلاء الشباب؛ ويتمحور المحتوى حول تعزيز الهوية الفردية، والتمرد على المعايير الاجتماعية، والتعبير عن الإحباط والغضب تجاه المجتمع.يتناول هذا الاتجاه قضايا مثل الإقصاء الاجتماعي، والتهميش، وصراعات الهوية، ما يعكس مشاعر العزلة وعدم القبول التي أفرزت هذه السلوكيات، التي قد تكون استفزازية رُبما كردة فعل أو وسيلة تعكس احتجاجاتهم واحتياجاتهم بالطرق والوسائل التي أصبحت متاحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.الهيكلة والتصميمتتمثل الهيكلة الأساسية لظاهرة "تالاهون" في استخدام الوسائط الرقمية لتوصيل الرسائل. يتم تصميم المحتوى بشكل يبرز الاستفزاز والتحدي، ويعتمد على العناصر التالية:- الموسيقى والفيديوهات: تستخدم الأغاني والراب لتعزيز الرسائل والهوية، الأغاني مثالها "TA3AL LAHON" التي أطلقها الفنان حسن، هي جزء من هذا الاتجاه.
- الرموز والأيقونات: يتم استخدام الرموز البصرية والأيقونات التي تعبر عن التمرد والانفصال عن المجتمع السائد.
- اللغة والمصطلحات: تحتوي الرسائل على لغة متمردة ومصطلحات تعبر عن تحديات وتناقضات الحياة اليومية.. (تعال هنا، سأعطيك طعنة، أنا الرئيس).
- اقتباس :
"ترند تالاهون" يعكس مشاكل أعمق في عملية الاندماج.. يتبنى بعض الشباب سلوكيات وتصرفات تهدف إلى جذب الانتباه وإثبات الذات من خلال مظاهر معينة وسلوكيات عدوانية؛ وتعكس هذه الظاهرة الحاجة لفهم أسبابها وتأثيرها على المجتمع بشكل أفضل الانتشار والأدواتبدأت "تالاهون" تنتشر بشكل كبير على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تيك توك وإنستغرام. أدوات الانتشار الرئيسية تشمل:- الوسائط الاجتماعية: تعد المنصات مثل "تيك توك وإنستغرام" القنوات الرئيسية لنشر الفيديوهات والمحتويات التي تعكس ثقافة "تالاهون". يتم استخدام هذه المنصات لنشر مقاطع الفيديو التي تعرض سلوكيات استفزازية، أغانيَ، وتحديات.
- التفاعل مع المتابعين: التفاعل مع الجمهور له دور هام في تعزيز الانتشار. من خلال التعليقات والإعجابات والمشاركة يتم تعزيز الوصول إلى جمهور أوسع.
من أين يأتي "ترند تالاهون"؟ترند "تالاهون" يعكس تعبيرًا من اللغة العربية "Ta’al La’hon" أي (تعال هنا!). بدأ هذا الترند مع حسن من مدينة هاغن الألمانية، وهو مغني راب كردي سوري في أوائل العشرينيات من عمره، يعيش في ألمانيا منذ عشر سنوات ويعمل في مطعم عائلته. في عام 2022، أطلق حسن أغنيته "TA3AL LAHON"، وفي فبراير/شباط 2024، أطلق جزءًا مكملًا منها. أغنية "تالاهون" الأصلية انتشرت بشكل واسع، خاصةً مقطعًا منها هو "Tala’ hon, ich geb dir ein Stich, ich bin der Patron" (تعال هنا، سأعطيك طعنة، أنا الرئيس) حسب "WDR1".الإشكالية والظاهرة"ترند تالاهون" يعكس مشاكل أعمق في عملية الاندماج.. يتبنى بعض الشباب سلوكيات وتصرفات تهدف إلى جذب الانتباه وإثبات الذات من خلال مظاهر معينة وسلوكيات عدوانية؛ وتعكس هذه الظاهرة الحاجة لفهم أسبابها وتأثيرها على المجتمع بشكل أفضل. - اقتباس :
العديد من المؤسسات التعليمية لم تنجح في تقديم الدعم الكافي للشباب من خلفيات متنوعة، ما جعلهم يشعرون بالانفصال عن المجتمع. وبدلًا من توفير بيئة تعليمية شاملة، تُرك هؤلاء الشباب بدون إشراف أو توجيه كافٍ أسباب الظاهرة وتأثيرها- عدم نجاح المؤسسات التعليمية
ما دور المؤسسات في عملية الاندماج الإيجابي؟ هذه الظواهر والسلوكيات تُشير إلى عدم نجاح المؤسسات الاجتماعية في توفير بيئة شاملة وداعمة، ما يستدعي اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة قضايا الاندماج، وتقديم الدعم الكافي للشباب؛ لضمان تحقيق تكامل إيجابي ومستدام في المجتمع؛ فنحن نتحدث عن شباب هاجروا بأعمار تتراوح ما بين 8 إلى 10 سنوات، ودرسوا في أوروبا.. وعندما نشاهد هذه الصورة بهذا الشكل، فهذا بكل تأكيد يعكس ضعف برامج الاندماج.فرغم جهود المؤسسات الرسمية في تبني برامج ومناهج لإدارة عملية الاندماج، فإنها لم تتمكن من سد الفجوة الحقيقية بين الجيل الأول من المهاجرين وأبنائهم، إضافة إلى التحديات التي تواجهها مؤسسات التعليم والعمل في التعامل مع هذه القضايا. وقد تركزت الجهود على توفير الدعم وتعليم المهارات، ولكن النتائج لم تكن كما هو مأمول، ما ساهم في تعميق شعور الانفصال لدى الشباب.وهذه دلالة بأنَّ هُناك ضعفًا في برامج الاندماج من ناحية تعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع الجديد، وتمكين روابط التواصل بين مكونات المجتمع.العديد من المؤسسات التعليمية لم تنجح في تقديم الدعم الكافي للشباب من خلفيات متنوعة، ما جعلهم يشعرون بالانفصال عن المجتمع. وبدلًا من توفير بيئة تعليمية شاملة، تُرك هؤلاء الشباب بدون إشراف أو توجيه كافٍ..- الفراغ الاجتماعي والبحث عن الوجود
عندما يشعر الشباب بالفراغ وعدم الانتماء، قد يلجؤون إلى طرق غير إيجابية لتعزيز وجودهم.. ترند "تالاهون" هو وسيلة لجذب الانتباه وإثبات الهوية، ولكنها غالبًا ما تؤدي إلى تعزيز الصور النمطية السلبية والتمييز العنصري.يعزز انتشار "ترند تالاهون" الصور النمطية السلبية ويغذي العنصرية ضد الشباب من أصول عربية. هذه الصور النمطية تؤدي إلى تهميشهم، وتزيد من صعوبة اندماجهم في المجتمع. - اقتباس :
بعض الشركات أظهرت تمييزًا في عمليات التوظيف، حيث رفضت توظيف هؤلاء الشباب بناءً على الافتراضات المسبقة المتعلقة بسلوكهم بناءً على ما يُروج في وسائل الإعلام الاجتماعية المؤثرات العنصرية المرتبطة بـ"الترند"يشير العديد من الشباب من أصول عربية إلى أنهم تعرضوا لاعتداءات لفظية في المدارس والأماكن العامة بسبب انتشار ترند "تالاهون". على سبيل المثال، أبلغت عائلة شاب سوري في برلين أن ابنهم تعرض لمضايقات من زملائه في المدرسة، حيث كان يُطلق عليه الشتائم المرتبطة بالصور النمطية السلبية التي عززها هذا الترند.في بعض الحالات، تطورت المضايقات اللفظية إلى اعتداءات جسدية. في مدينة هامبورغ، تعرض شاب من أصول عربية لهجوم جسدي من مجموعة من الشباب الذين كانوا يرددون شعارات مرتبطة بترند "تالاهون"، ما أدى إلى إصابته بجروح.أثرت الصور النمطية السلبية الناتجة عن "تالاهون" على فرص التوظيف للشباب من أصول عربية. بعض الشركات أظهرت تمييزًا في عمليات التوظيف، حيث رفضت توظيف هؤلاء الشباب بناءً على الافتراضات المسبقة المتعلقة بسلوكهم بناءً على ما يُروج في وسائل الإعلام الاجتماعية.أهمية استيعاب الشباب وتقديم العونمن الضروري أن ندرك أن هؤلاء الشباب هم جزء من المجتمع الألماني، حتى وإن كانوا قد وصلوا إلى البلاد حديثًا. من الضروري تقديم الدعم المناسب عبر مؤسسات، مثل: المدارس، والندوات، ومراكز الرعاية، لتوفير بيئة تساعدهم على التكيف والاندماج بشكل إيجابي. عبر برامج التعليم والتدريب يمكن توجيههم نحو فرص أفضل وزيادة شعورهم بالانتماء..تؤدي وسائل الإعلام الاجتماعي دورًا مهمًا في تعزيز بعض السلوكيات، وتوفر منصات مثل تيك توك مساحة للتعبير عن المشاعر السلبية، خاصة في ظل غياب إشراف اجتماعي ورعاية أسرية كافية. - اقتباس :
يجب أن تؤدي الأسر والمجتمع دورًا فعالًا في تقديم الدعم والتوجيه للشباب، مع تعزيز التعاون بين المدارس والأسر لتوفير بيئة مستدامة ومشجعة كيفية استيعاب وضبط الظاهرةلمعالجة ظاهرة "تالاهون" وضبطها قبل أن تتحول إلى مشكلة مجتمعية تؤثر في تفشي العنصرية وسلوكيات التطرف، يجب اتخاذ خطوات فعالة وشاملة تشمل:- تعزيز برامج التعليم والتدريب: تحسين جودة التعليم، وتوفير برامج تدريبية تستهدف الشباب من خلفيات متنوعة لتعزيز مهاراتهم وشعورهم بالانتماء.
- توفير الدعم النفسي والاجتماعي: تقديم دعم نفسي واجتماعي من خلال مراكز متخصصة تقدم المشورة والتوجيه، بالإضافة إلى برامج للدعم العاطفي.
- مراقبة وسائل الإعلام الاجتماعي: تعزيز الرقابة على المحتويات التي تُنشر على وسائل الإعلام الاجتماعي، مع تشجيع تقديم محتوى إيجابي يعزز قيم التسامح والاحترام.
- تفعيل دور الأسر والمجتمع: يجب أن تؤدي الأسر والمجتمع دورًا فعالًا في تقديم الدعم والتوجيه للشباب، مع تعزيز التعاون بين المدارس والأسر لتوفير بيئة مستدامة ومشجعة.
يتضح أن ظاهرة "تالاهون" ليست مجرد ترند عابر، بل تعكس تحديات عميقة في عملية الاندماج الاجتماعي، وتؤثر بشكل كبير على المجتمع. إن تأثير هذه الظاهرة يُبرز الحاجة الماسة إلى تكامل الجهود بين المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني. حيث يجب على المؤسسات الرسمية أن تأخذ على عاتقها مسؤولية كبيرة في تقديم الدعم الكافي من خلال تحسين برامج التعليم والتدريب، بينما تمارس منظمات المجتمع المدني دورًا حيويًّا في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتعزيز الحوار المجتمعي. ومن الضروري أن تتكامل الجهود بين هذين القطاعين؛ لتعزيز الشعور بالانتماء لدى الشباب، وتحقيق تكامل إيجابي ومستدام. |
|