[size=18][size=18]
ما أبرز الإضرابات النقابية في تاريخ إسرائيل؟.. تعرف عليها
يسلط هذا التقرير الضوء على أبرز الإضرابات النقابية في تاريخ إسرائيل، ويرصد سلسلة من
الاحتجاجات العمالية التي شكلت معالم بارزة في مواقفها المعارضة للتوجه السياسي والاقتصادي
للحكومات.
وفي بداية هذا العام، نفذ اتحاد نقابات العمال الإسرائيلية (الهستدروت) في 14 يناير/كانون الثاني
2024 إضرابا شاملا لمدة 100 دقيقة، تزامنا مع مرور 100 يوم على بداية الحرب الأخيرة، في
خطوة رمزية للفت الانتباه إلى تداعيات الصراع على العمال والمجتمع الإسرائيلي.
وفي العام 2023، وتحديدا في 25 يوليو/تموز، نظمت نقابة الأطباء إضرابا تحذيريا لمدة ساعتين،
احتجاجا على قانون "حجة المعقولية" الذي أثار مخاوف في القطاع الصحي. وقبل ذلك بأسبوع في
17 يوليو/تموز من العام نفسه، نفذت نقابة الأطباء إضرابا تحذيريا لمدة ساعتين.
واحتجاجا على القانون نفسه أضربت السلطات المحلية في 15 مايو/أيار 2023، لمدة يوم واحد.
وشهد قطاع التعليم في عام 2007 أطول إضراب في تاريخه، حيث نفذت نقابة المعلمين إضرابا
استمر لمدة 64 يوما، مطالبة بتحسين ظروف العمل ورفع الأجور.
أما في عام 1987، فنظمت نقابة الصحفيين المقدسيين إضرابا استثنائيا استمر لمدة 52 يوما، مما
أدى إلى توقف محطات الإذاعة عن العمل لفترة طويلة، مسلطا الضوء على قضايا حرية الصحافة
وحقوق العاملين في القطاع الإعلامي.
وفي عام 1957، شهد قطاع النسيج ما عُرف بـ"الإضراب الكبير" في مصنع "آتا"، شارك فيه
1680 عاملا، واستمر 107 أيام، مسجلا واحدا من أطول الإضرابات في تاريخ دولة الاحتلال.
هذه السلسلة من الإضرابات تعكس تاريخا طويلا من الصراع بين النقابات والحكومات في إسرائيل،
وسعيها للتأثير على السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
خبراء: إضراب "الهستدروت" يعكس الانقسام حول الحرب ويزيد الضغط على نتنياهو
أجمع خبراء على أن دعوة "نقابة الهستدروت" إلى إضراب شامل، للضغط على حكومة الاحتلال
عقب مقتل 6 أسرى إسرائيليين في غزة، يعتبر تطورا مهما في موقف المجتمع الإسرائيلي تجاه
الحرب، مع تفكك الإجماع السابق.
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، إن هناك تحولا ملحوظا في موقف
المجتمع الإسرائيلي تجاه الحرب، وأضاف "أن الإجماع الذي كان حول هذه الحرب بدأ يتفكك،
وهناك انقسام عميق داخل المجتمع الإسرائيلي"، وأشار إلى أن هذا التحول قد يؤدي إلى "ظهور
الخلافات القديمة إلى السطح، مثل الانقسامات بين اليمين واليسار".
ونوه مصطفى -خلال برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- إلى الانقسام الكبير الذي بدأ يظهر داخل المجتمع
الإسرائيلي حول موقفه من هذه الحرب وأهدافها، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب وصولا إلى موعد الانتخابات الأميركية رغم فشله في حسم
جميع الملفات العالقة حوله مثل حرب غزة والجبهة الشمالية وملف الأسرى.
واتفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن أيوب، مع مصطفى في رأيه وقال "إن المجتمع
الإسرائيلي بدأ يدرك أن استمرار العدوان على غزة ليس له أي سند أخلاقي"، وأضاف أن إسرائيل
تمر بحالة غير مسبوقة من عدم اليقين، مشيرا إلى أن هذه الأزمة "أثبتت هشاشة بعض المكونات
الرئيسية التي قامت عليها الدولة والحركة الصهيونية".
تصريحات شعبوية
ويشرح مصطفى أهمية نقابة الهستدروت قائلا: "النقابة مسؤولة عن أغلب العاملين والموظفين
في القطاع العام الإسرائيلي، بما في ذلك الشركات الحكومية والمجالس المحلية والبلديات"،
وأضاف أن الإضراب الشامل يعني "شل الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كامل، بما في ذلك المواصلات
العامة والخدمات اليومية".
ولفت إلى أن تهديد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للعمال المضربين بخصم رواتبهم، لا يخرج
عن كونه تصريحا شعبويا، موضحا أنه حاول أن يبدو بطلا أمام ناخبيه ومضى أبعد من ذلك حينما
وصف رئيس نقابة الهستدروت بأنه داعم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويرى أيوب "أن إضراب النقابة التي تعتبر من الأعمدة التي قامت عليها الدولة الصهيونية قد يؤثر
على مسار المفاوضات"، مشيرا إلى أن "المقاومة لا تزال تمتلك ورقة قوية في المفاوضات، وهي
الأسرى الأحياء المتبقون".
ويشير مصطفى إلى أن "الإدارة الأميركية قد تجد في هذه الاحتجاجات فرصة متجددة لممارسة
مزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف أن قرار الحكومة الإسرائيلية بالبقاء في محور رفح قد يكون له أهداف سياسية
وأيديولوجية أكثر من كونها أمنية وعسكرية، وقال: " إن المؤسسة الأمنية والعسكرية تؤكد أن
إسرائيل لا تحتاج إلى السيطرة على هذه المنطقة للحفاظ على مصالحها الأمنية".
موقف المقاومة
وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن هناك عوامل متعددة قد تؤثر على مسار الأحداث في المستقبل
القريب، ويلخص مصطفى هذه العوامل في 3 نقاط رئيسية هي: الضغط المتزايد على الحكومة
الإسرائيلية بسبب قضية الأسرى، وتزايد الانتقادات داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، إضافة إلى
الضغوط الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بموقف المقاومة الفلسطينية، يرى أيوب أنها لا تزال تمتلك أوراق قوة في المفاوضات،
فمع خسارة 6 أسرى، إلا إن وجود أسرى أحياء لا يزال يشكل ورقة ضغط قوية، كما أن استمرار
العمليات في قطاع غزة والضفة الغربية يضع ضغوطا إضافية على الحكومة الإسرائيلية.
وعلى الصعيد الأميركي، يرى أيوب أن الإدارة الأميركية قد تجد نفسها في موقف صعب. فمن جهة،
هناك ضغوط داخلية عليها للحد من دعمها لإسرائيل، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، ومن
جهة أخرى، لا ترغب في ممارسة ضغوط قوية على إسرائيل بسبب حساباتها الداخلية.
ولفت أيوب إلى أن الوضع الحالي "غير قابل للاستمرار"، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية قد
تضطر إلى العودة إلى دور الوسيط وممارسة الضغوط بشكل دائم للتوصل إلى نوع من الاتفاق أو
وقف للحرب.