منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً Empty
مُساهمةموضوع: حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً   حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً Emptyالثلاثاء 03 سبتمبر 2024, 1:11 pm

حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً


أسابيع قليلة وتدخل الحرب الإسرائيلية على غزّة عامها الثاني؛ إذا سارت الأمور على منوالها 


الحالي، ولم تُبذَل جهودٌ جادّةٌ بغية التوصل إلى توافقات معقولة، من الواضح أنّها بعيدة المنال رغم 


الهدنة الخاصّة بتقديم لقاحات شلل الأطفال، نتيجة عدم وجود رغبة لدى رئيس وزراء إسرائيل 


بنيامين نتنياهو، واختلاقه الأعذار بصورة مستمرّة، فهو يفاوض بناءً على خطّة واضحة المعالم 


والأغراض بالنسبة إليه؛ كما أنّه على دراية بوجود تغطية أميركية له، رغم تباين التقديرات 


والتصريحات، على عكس حركة حماس، التي تدرك أنّها لا تمتلك الدعم الدولي الذي تمتلكه 


إسرائيل، كما تدرك أنّ "محور المقاومة" بقيادة النظام الإيراني غير مستعدٍّ للدخول في حرب 


إقليمية، أو حتّى القيام بعمليات نوعية، كان من شأنها تخفيف الضغط، ولو بصورة نسبية، على 


غزّة.
هذا في حين أنّ الدول العربية بصورة عامة حدّدت مواقفها، وآثرت سياسة النأي بالنفس إلى هذا 


الحدّ أو ذاك. أما الدول العربية المأزومة أصلاً، فهي منشغلة بخلافاتها وصراعاتها البينية، التي 


تستنزف الموارد بأشكالها كلّها، وتساهم في إحداث مشكلات إضافية ترهق الدول والمجتمعات 


المعنية. ولكن الأمر الذي يقصم ظهر الفلسطينيين أكثر من غيره واقع الانقسام الداخلي البيني، 


والثقة شبه المعدومة بين القطبين الرئيسين، حركتي فتح وحماس، رغم الجمل الإنشائية المجاملة 


الخاوية عملياً من أيّ مضمون حقيقي التي نسمعها في المناسبات للاستهلاك المحلّي، ولا تلزم 


أصحابها بأيّ مسؤولية أو مساءلة أو محاسبة، رغم تقاسم الطرفَين المصير ذاته. ولعلّ الهجمات 


المُتكرّرة للقوات الإسرائيلية على الضفّة الغربية، وحملات الاعتقال التي ترتكبها هناك، تُؤكّدان 


المعاناة الفلسطينية المشتركة، التي تحتاج راهناً إلى الموقف الفلسطيني المُوحّد لمواجهة تحدّياتها 


أكثر من أيّ وقت مضى.


اللجنة العربية لمتابعة الأوضاع في غزّة اكتفت بلقاءات بروتوكولية، ولم تتمكّن من إحداث التغيير 


المنتظر في المواقف الغربية


ومن الواضح أنّ الموقف الأميركي، رغم تصريحات المسؤولين الأميركيين في أعلى المستويات، 


الداعية إلى وضع حدّ للحرب، وإطلاق سراح المُحتجَزين من الجانبَين، واعتماد حلّ الدولتَين، 


موقف غير ضاغط بما يكفي على إسرائيل، ولعلّ هذا ما يُفسِّر تأكيدات المسؤولين المعنيين أنفسهم 


بالتزامهم بحماية إسرائيل، وضمان أمنها في جميع الظروف، وهو الأمر الذي نتلمّسه في أرض 


الواقع إظهاراً للقوّة بشكل غير مسبوق، ويشمل ذلك حاملات الطائرات والبوارج القتالية، 


والصواريخ الاستراتيجية، وأحدث التقنيات العسكرية، إلى جانب الزيارات المكّوكيّة للمسؤولين 


السياسيين والعسكريين الأميركيين. وعلى الأكثر، لن تكون زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة 


للجيش الأميركي سي كيو براون آخر تلك الزيارات في هذا المجال.
واللافت أنّ الدول بصورة عامة، سواء التي أعلنت (وتعلن) وقوفها إلى جانب إسرائيل، أم التي 


تناصر القضية الفلسطينية، تكتفي بموقف المتفرّج المتابع، بينما تستمرّ معاناة الفلسطينيين في 


غزّة، وفي الضفّة الغربية، رغم الشعارات التعبوية الإعلامية التي يرفعها "محور المقاومة"، 


ورغم بعض العمليات غير المُؤثّرة التي تأتي في سياق عملية رفع العتب ليس إلّا، وهذا ما يُبيّن 


بوضوحٍ عدمَ وجود قرارٍ لدى النظام الإيراني بالدخول في حرب إقليمية مفتوحة، وهو الذي لا يمتلك 


المال اللازم لتمويلها، كما أنّه يفتقر إلى التقنيات والأسلحة المتطوّرة التي لا يستطيع من دونها 


مواجهة التكنولوجيا العسكرية التي تمتلكها إسرائيل، أو تحصل عليها باستمرار، بالإضافة إلى 


الضعف الإيراني في الجانب الاستخباراتي قياساً إلى الإمكانات الإسرائيلية الكبيرة في هذا المجال، 


بالإضافة إلى الحسابات السياسية، ومنها مسألة جمع النقاط لصرفها عند الجانب الغربي، الأميركي 


تحديداً، على طاولة المفاوضات، بغية الحصول على شروط أفضل في صفقات النووي، والدور 


الإقليمي، وتجاوز العقوبات، وغيرها من الصفقات العلنية والسرّية.
ورغم تشكيل لجنة عربية لمتابعة الأوضاع في غزّة، إلّا أنّ هذه اللجنة اكتفت بلقاءات بروتوكولية، 


إذا صحّ التعبير، ولم تتمكّن من ممارسة التأثير المطلوب، وإحداث التغيير المنتظر في المواقف 


الغربية، خاصّةً في الموقف الأميركي، وحتّى في الموقف الإسرائيلي. هذا مع العلم أنّ غالبية الدول 


العربية لها علاقات رسمية مُعلَنة في إطار اتفاقيات التطبيع، أو خارجها، كما أنّ لبعضها علاقات 


سرّية غير مُعلَنة، وذلك تحسّباً لردود الفعل الداخلية. ولكنّ هذه العلاقات، سواء العلنية أو السرّية، 


تظلّ علاقاتٍ ثنائيةً بين هذه الدول وإسرائيل، ولا ترتقي إلى مستوى التنسيق العام بين الدول 


العربية، الأمر الذي كان من شأنه أن يكون أكثر تأثيراً واحتراماً. وليس سرّاً في هذا المجال أنّ 


غالبية الدول العربية (إن لم نقل كلّها)، ومعها فلسطين، قد اعترفت في واقع الحال بإسرائيل من 


خلال القبول بالقرار الأممي 242، وبموجب الالتزام بمبادرة السلام العربية التي أقرّها مؤتمر القمّة 


العربية في بيروت عام 2002. ولكنّ الذي يحصل هو أنّه على الصعيد الرسمي العربي لا يتبلور 


موقفٌ جماعيٌّ ضاغطٌ، في المجال الدبلوماسي على الأقلّ، كان من المفترض أن يدفع باتجاه الحلّ، 


وعدم الاكتفاء بالمواقف الإعلامية التي لا تتجاوز حدود دائرة دغدغة المشاعر والمعاتبة واللوم، 


والاكتفاء بالتعبير عن الشفقة والتعاطف.
أمّا أن تستمرّ الدولُ العربيةُ، ولا سيّما المُؤثّرة منها، في موقفها الحالي، وتكتفي بترتيب أوراقها 


بصورةٍ ثنائيةٍ، سواء مع الأميركيين أو مع إسرائيل، فمؤدَّاه إعطاء فرصة العمر للنظام الإيراني 


عبر أذرعه، في كلٍّ من العراق وسورية ولبنان واليمن، ليأخذ دور المُتعهِّد المُستثمِر على مائدة 


المفاوضات العلنية والسرّية، وهي المفاوضات التي تجري راهنا على الأغلب في أكثر من مكان، 


ويبدو أنّ مختلف الأطراف المعنية بهذه المفاوضات هي في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية، وذلك 


نظراً للبون الشاسع بين سياسات وتوجّهات المُرشَّحَين بخصوص مختلف القضايا الساخنة في 


العالم، بدءاً من جنوب شرق آسيا، وصولاً إلى أميركا اللاتينية، مروراً بمنطقتنا بطبيعة الحال.
ورغم اتّخاذ بعض الخطوات التي أعطت انطباعاً إيجابياً على المستوى الإقليمي، من جهة تجاوز 


الخلافات، أو إرجائها على الأقلّ بغية الاستعداد لمواجهة التحدّيات القادمة، التي من الواضح أنّها 


ستشمل صياغة معادلات جديدة للمنطقة بتوافق بين الدول الكبرى المُؤثّرة، التي رسمت الحدود بين 


الدول المُستحدَثة في منطقتنا بعد الحرب العالمية الأولى، وهي القوى التي ما زالت مُؤثّرةً في 


إقليمنا وفي المستوى العالمي. ويبدو أنّ الروس لن يكونوا بعيدين، رغم حربهم على أوكرانيا 


وصراعهم مع الغرب هناك، عمّا يحصل، بل سيكون لهم دور متَّفق عليه مع الجانبَين الأميركي 


والإسرائيلي بموجب تفاهمات أوباما بوتين، وهي التفاهمات التي فتحت المجال أمام دخول الجيش 


الروسي إلى سورية، بموافقة بشّار الأسد، وقبوله بالشروط الروسية، وبناء على الالتزامات التي 


قدّمها الجانب الإيراني في ذلك الحين، وفي مقدّمها تلك التي تناولت دور الأذرع الإيرانية في 


الميدان، بينما اكتفى الروس بالإسناد الجوي، تماماً كما فعل الأميركيون في منطقة شرق الفرات مع 


قوات حزب العمّال الكردستاني بأسمائها المختلفة، وهي القوات التي تعرف اليوم بقوات سوريا 


الديمقراطية (قسد).


لا قرار لدى إيران بدخول حرب إقليمية، ولا تمتلك التمويل اللازم لها، ولا التكنولوجيا العسكرية 


المتطوّرة لمواجهة إسرائيل


ومن الخطوات التي أعطت بعض الأمل، وظلّت مُجرَّد خطوات رسمية، ربّما ساهمت في تهدئة 


الأوضاع قليلاً، غير أنّها على صعيد الواقع لم تُؤدِّ إلى النتائج المأمولة، ولم تشارك في بلورة معالم 


موقف إقليمي متماسك كان من شأنه، في حال وجود النيّات السليمة والمراجعات الجادة، المساهمة 


في حلّ مشكلات المنطقة، وتوفير الفرص الواعدة للأجيال المُقبلة، ومن بين هذه الخطوات نذكر هنا 


(على سبيل المثال) التقارب السعودي الإيراني، والتركي السعودي، والتركي المصري؛ ولكنّها 


خطوات ظلّت محكومةً بمناخات عدم وجود ثقة متبادلة، وتناقض المشاريع المطروحة. والغريب 


اللافت، الذي كُتِب عنه كثيرٌ، غياب المشروع العربي، الأمر الذي فتح (ويفتح) المجالَ أمام القوى 


الإقليمية والدولية، التي ما زالت منتشية بماضيها الإمبراطوري، أو الراغبة في إنشاء إمبراطوريات 


غير تقليدية تنسجم مع مستوى التطور وطبيعة التحدّيات في عصر الذكاء الاصطناعي. وملاحظ أنّ 


أصحاب هذه المشاريع يتشاركون مساعيهم الرامية إلى التعامل مع الدول العربية بوصفها مُجرَّد 


ساحاتٍ أو ميادين تمكّنهم من التمدّد، والسيطرة بالتعاون مع القوى المحلّية، التي وصلت إلى حدّ 


التفاخر بالتبعية، بل والاستقواء بالمتبوع لتهديد الشريك في الوطن والمصير.
لن تقتصر نتائج الحرب الإسرائيلية على غزّة أو على فلسطين وحدها، بل ستشمل المنطقة بأسرها. 


ويبدو أنّ سياسة غضّ النظر الإسرائيلية تجاه التغلغل الإيراني في المنطقة، خصوصاً في سورية 


ولبنان، قد وصلت إلى حدودها المرسومة، بعدما تمكّن النظام الإيراني وأذرعه من خلخلة دول 


ومجتمعات المنطقة. أمّا بواعث هذا التحوّل في الموقف الإسرائيلي من الدور الوظيفي لإيران 


فتتمثّل في اعتبارات استراتيجية عديدة، منها الاعتبارات السكّانية والجيوسياسية والعسكرية؛ ومنها 


التحالفات والاصطفافات الإقليمية والدولية، والصراعات على الطرق التجارية، والتكنولوجيا 


المستقبلية، والثروات الجديدة، فهذه الأسباب كلّها، وربّما غيرها، تدفع بإسرائيل، ومعها الغرب 


بقيادة الولايات المتّحدة الأميركية، إلى إعادة النظر في الدور الإيراني الإقليمي بغية ضبطه، وإلزامه 


بقبول القواعد التي تنصّ عليها المعادلات الإقليمية الجديدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً Empty
مُساهمةموضوع: رد: حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً   حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً Emptyالثلاثاء 03 سبتمبر 2024, 1:12 pm

شهوة التوسّع والاستيطان الصهيوني من غزّة إلى التطبيع مع الخليج


الاستيطان والتوسّع يُجسّدان الدورة الدموية للصهيونية، إذا توقّفا انهار المشروع، كما يؤشّر تاريخ 


هذه الأيديولوجية منذ وُلدت في أواخر القرن التاسع عشر. إنهما يتّخذان أشكالاً يتسّع طيفها، من 


المباشرة الفجّة إلى المواربة الناعمة. السُذّج من المطبّعين العرب، من الخليج إلى المحيط، "


يطيشون" على سطح شعارات النمط الموارب والناعم من التوسّع، مثل التعايش الديني والتعاون 


التجاري، وغير ذلك. كلامٌ رخوٌ يبيعهم إياه حاخاماتٌ ورجالُ أعمالٍ و"فنّانون" يأتون باسمين إلى 


بلادنا في أيديهم جوازات سفر أميركية وغربية، وفي قلوبهم إسرائيل والصهيونية. المرحلة الأوّلية 


في نعومة الكلام التعايشي والمشروعات التعاونية "البريئة" تُؤسّس لمرحلة التوحّش والسيطرة 


اللاحقة. هذا ديدن الكولونيالية وتاريخها حيثما كانت، وأنّى تسرطنت. والصهيونية مشروع 


كولونيالي توسّعي في الجوهر، توسّعي كما عرّفها تيودور هرتزل (1904)، ونسخ عنه التعريف 


ذاته قادتها المتتابعون إلى زمننا هذا. وفي الوقت ذاته، هي مشروع طفيلي كولونيالي كما عَرَفَها 


العالم، إذ اعتاشت في كنف عفن المشروعات الاستعمارية الأوروبية الكبرى. في الزمن الحالي 


تتوسع نحو الجوار، ثم جوار الجوار، نحو الأردن، وسورية، ولبنان ومصر، ثم العراق والخليج، 


والسودان والمغرب العربي.


نعومة التسلّل الأولي، ثمّ خشونة السيطرة اللاحقة، هي درس التاريخ الذي لا يريد عرب التطبيع 


قراءته وهضمه. تجارب الاستعمار الأوروبي في أفريقيا غنيّة بدروس غنيّة وبشعة، منها درس "


النعومة أولاً، الاحتلال ثانياً"، يُكرّره أفارقة اليوم بمرارة ويصفعون بسببه، تخيّلاً، وجوه أجدادهم 


السُّذج. يقول الدرس ما يلي: مراحل الاستعمار والاحتلال الأبيض للقارّة السمراء شهدت ثلاث 


حِقَب. تأتي أولاً البعثات الدينية، يتبعها رجال الأعمال، ثم تجيء سفن الحرب. الدين و"البزنس" 


الناعمان يقومان بتهيئة الأرض وطمأنة أهل البلاد الأصليين إزاء الوافدين الأجانب. رجل الدين 


ورجل الأعمال يجلبان الإيمان البريء والتجارة النافعة، إلى جانب أدوية ومخترعات تخدم الناس 


وتساعدهم على التقدّم، تماماً كما وعود اليوم الإسرائيلية للدول المُطَبّعة بأنّها ستتبادل مع تلك الدول 


الخبرات والعلوم، بل ستتحالف معها ضد أعدائها (!) يقع كثير من الناس في شرك المرحلة الناعمة 


من التوسّع، ويصير بعضهم مدافعين عن المُستعمِر، يبسطون مرافعاتهم بحناجر قوية. هؤلاء همّ 


أرذل طبقة في أي مجتمع، سواء أكان تحالفهم مع المُستعمِر عن دراية أم عن غباء. من دونهم، 


وكما تشير الخبرة التاريخية في أغلب حالات الاستعمار والاحتلال، ما كان لغالبية تلك التجارب أن 


تنجح.


أضعفت الأنظمة العربية الرسمية كلّ أيديولوجيات الممانعة خشيةً على مواقعها، وتسبب هذا في 


سيطرة ثقافة فردية تافهة وهشّة يسهل التلاعب بها من الخارج


مع سيطرة الصهيونية الدينية على السياسة والمجتمع في إسرائيل، ضُخّت دفقاتٌ جديدةٌ في دورة 


الاستيطان والتوسّع الصهيوني. ما نراه الآن في الضفّة الغربية من سعار وفاشيّة لا تُوصف من 


المستوطنين ضدّ القرى الفلسطينية يؤشّر إلى الاندفاعة المجنونة لهذا الاستيطان. في سنوات ليست 


بعيدة، كان المستوطنون في الضفة الغربية يخشون على حياتهم ويُغلّف كثيراً منهم الشعور بالسرقة 


والخوف من أهل البلاد الأصليين. الآن، انقلب الحال في ظلّ العقود الطوال العجاف من "أوسلو" 


(1993)، وتزايد وتائر الاستيطان والمستوطنين، فتقترب أعدادهم من مليون مستوطن في الضفّة 


والقدس. هؤلاء المستوطنون الذين يسيطر ممثّلوهم على الحكومة والكنيست والتعليم، وكلّ 


المفاصل الحيوية في الدولة، تتسع شهيتهم إلى ما وراء "الحدود". يستخدمون خرائط توراتية 


تقول إنّ شرق نهر الأردن والجولان، وقسماً من لبنان (إلى نهر الليطاني)، هي أجزاء من "


إسرائيل الكبرى"، التي تمتدّ جنوباً لتضمّ شمال الجزيرة العربية وصولاً إلى المدينة المنوّرة ومكة. 


كثيرون سيقولون الآن إنّ هذا ضرب من الخيال والتخويف غير العقلاني، فقد تغيّر العالم، وما كان 


ممكناً بالأمس لم يعد وارداً اليوم. كثير من هذه المقولات، وربّما حرفياً، كرّرها فلسطينيون 


وعثمانيون كثر، قادة رسميون، وأبناء الناس العاديين، عندما كان بعضهم يحذّر من الأطماع 


الصهيونية في أوائل القرن العشرين في فلسطين والمنطقة. من هو المجنون الذي قد يقتنع بترّهات 


بعض اليهود التي تنادي بدولة يهودية في فلسطين في وقت كانت فيه الإمبراطورية العثمانية تحمي 


بلاد الشام وتسيطر عليها كلّها، وفيالق جيوشها تمتدّ إلى قلب أوروبا؟ مع ذلك، فإنّ تلك الترّهات 


حدثت وصارت هي الواقع، وكلّ من استخف بها ضرب رأسه بالحائط بعدما سقطت فلسطين في 


أيدي البريطانيين، وبدأ المشروع يتحقق على الأرض. سُذّج اليوم الذين يصفون كلّ تحذير من 


إسرائيل والصهيونية بأنّه ترّهات، سوف يشتمهم أحفادهم في المستقبل إن لم يصبّوا اللعنة عليهم.


الاستيطان والتوسّع كالنار التي لا تشبع، تأكل ذاتها إن لم تجدْ ما تأكله، لهذا نسمع الآن عن شهوة 


هذا الاستيطان للعودة إلى قطاع غزّة. أين ينتقل هذا التوسّع بعد السيطرة على الضفّة الغربية وإلى 


أين يتوجه؟ الجوار العربي كلّه مُهدد بالتوسّع التوراتي، اليوم وغداً من دون استثناء، وصولاً إلى 


الخليج؛ الهدف الغالي للتوسّع الصهيوني. في اللحظة الراهنة نقف في وجه أكثر تمثّلات الصهيونية 


وحشية وعنجهية واستعلاء، في وقت تسود فيه الرخاوة والضعف في المنطقة العربية، ومقادير لا 


يُستهان بها من الاستهبال والاستهانة بهذه التمثّلات، من الدار البيضاء إلى أبوظبي والرياض. 


أضعفت الأنظمة العربية الرسمية كلّ أيديولوجيات الممانعة: القومية واليسارية والإسلامية، خشيةً 


على مواقعها، وتسبب هذا الإضعاف الدائم في سيطرة ثقافة فردية تافهة وهشّة يسهل التلاعب بها 


من الخارج. ويأتي خطاب التطبيع واحداً من أوجه هذا التلاعب، والذي تديره من وراء الستار 


الأنظمة ذاتها لتكوين قاعدة شعبية لخياراتها الاستسلامية. تعتقد هذه الأنظمة، وببلاهة، أنّها تتشاطر 


على الآخرين عبر تجييش ذباب إلكتروني هدفه الحطّ من القضايا الكبرى، وفي مقدّمتها فلسطين، 


تحت لافتة المصلحة القُطْرِيّة لهذا البلد أو ذاك. ويتموضع التطبيع مع إسرائيل في قلب هذه 


المصلحة، وكأنّ هذه البلدان التي لا ينقصها مصادر قوّة لن تحافظ على ذاتها إلا من خلال التحاقها 


بالمشروع الصهيوني، وقبول قيادته الإقليمية.


أليس مريباً أن تتشكّل هيئات للحفاظ على "التراث اليهودي" في الجزيرة العربية التي أزيلت منها 


أماكن إسلامية بدعوى شبهة التوسّل بها وتقديسها؟


في البلدان المُستهدفة تطبيعياً، رجل الدين ورجل "البزنس" اليهودي هو الذي يقود الآن مرحلة 


التوسّع الناعم، تمهيداً للتوسّع الخشن القادم. الأول اخْتَرَعَ الديانة الإبراهيمية التي تبنتها بعض 


الأنظمة ببلادة تتغطّى بشعارات التسامح والتعايش، والثاني انطلق في مشروعات وشراكات لا 


تُحصى في البلدان العربية. سيستمرّ هذا التوسّع الناعم في السنوات المقبلة ويخلق مؤيّدين أغبياءَ 


له، وطبقات طفيلية منتفعة منه مادياً وتجارياً. وعندما تَصْلُبُ القواعدُ الناعمةُ يكون وقت طويل قد 


فات، ومفاصل أساسية سقطت في مصيدة التوسّع.


المهزلة الكبرى أنّ لا أحد يستفيد من دروس التاريخ الحديث المفتوحة على مصراعيها برسم 


الاستفادة. مرّة أخرى، في بدايات الاستيطان اليهودي في فلسطين كانت التجمعات اليهودية 


الأوروبية ناعمة وزراعية، بل تتعاون مع أهل البلاد الأصليين. لم يَرَ "التسامح والتعايش" 


العثمانيين في تلك التجمّعات كما رآهما أهل فلسطين، أي خطراً مستقبلياً. صارت لتلك التجمّعات 


أحياء يهودية وكُنس، ثمّ أنظمة مالية خاصة وبنوك وصناعات، كانت تبني ذاتها بهدوء. لم يكن في 


الأفق أيّ مؤشرات لمستقبل سياسي أو سيطرة يمكن أن تؤول إليها تلك التجمّعات. كلّ ما كانت تقوم 


به هو العمل الناعم والدؤوب وتهيئة الأرض انتظاراً لتغيّر ما في الجيوستراتيجيا يوفّر اللحظة التي 


يتم فيها الانقلاب والتحوّل نحو الوجه الخشن من المشروع. النسخة الحديثة لذلك الفصل المرير 


نراها الآن في المشروعات الدينية والثقافية اليهودية والمشتركة، التي تتأسّس في الخليج، خاصّة 


في الإمارات والسعودية والمغرب، وكذا في المشروعات التجارية والخبراتية التي تُسمّى مُتبادلة، 


فيما هي ذات اتجاه واحد. أليس من المريب حقّاً أن تتشكّل هيئات وجمعيات للحفاظ على "التراث 


والتاريخ اليهوديين" وأماكنهما في الجزيرة العربية؟ بما فيها حصون خبير وبني قريظة، في الوقت 


الذي أزيلت فيه عن وجه الأرض الأماكن الإسلامية بدعوى شبهة التوسّل بها وتقديسها؟ هذه 


صرخة تحذير أكثر منها تسجيل لإدانة قبل أن يفوت الأوان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً Empty
مُساهمةموضوع: رد: حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً   حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً Emptyالثلاثاء 03 سبتمبر 2024, 1:13 pm

المقاومة المسلّحة في الضفّة الآن: خطأ التوقيت... خطأ الوسيلة
خالد الحروب


الرأي قبل شجاعة الشجعان، هكذا تواتر قول العرب الحكيم. ولشجاعة شبّان جنين وطولكرم 


ونابلس وجنين وبلاطة وكلّ مخيّم وقرية ومدينة فلسطينية، نقف جميعاً إجلالاً واحتراماً، وننحني 


قبل ذلك وبعده خجلاً أمام كلّ شهيد يرتقي، ويُكتَب اسمُه في سجلّ خلود يزدحم يوماً إثر آخر. بيد أنّ 


المشهد العام تقول مُؤشّراته، جميعها تقريباً، إنّ الظرف القائم وتعقيداته لا تسمح باستمرار مقاومة 


هؤلاء الشجعان في الوقت الراهن والوسيلة المُتبنّاة. انقلبت أحوال كثيرة بعد السابع من أكتوبر 


(2023)، وبعد حرب الإبادة التي تقترب من إكمال عامها الأول، وعلينا جميعاً أن نتأمّل هذه 


الأحوال ونقرأها بتمعّن، وأنّ نعيد تقييم أشياءَ كثيرةٍ، بما فيها كيف نقاوم، ومتى وبأيّ وسيلة. لنقرأ 


بعض هذه التحوّلات الجذرية أولاً، ثمّ ندلف إلى خلاصة ما تستنتجه هذه السطور، وذلك كلّه من 


مربع الإيمان المطلق بحقّ شعبنا في المقاومة طولاً وعرضاً، طالما هذا الاحتلال المجرم رابض 


علينا. توقيت القول والنقد مهمّ، خاصّة حين تتوفّر مساحةٌ، ولو بسيطة، لاحتمالية تأثير الرأي 


والرأي العام على توجّه من بيده قرار هذا الفعل أو ذاك.


أولاً، في المشهد العام، في السنوات الماضية كنت أُنظّر لطلبتي في الجامعة في المساقات التي لها 


علاقة بالشرق الأوسط وفلسطين، قائلاً إنّ النكبة حصلت في غفلة من العالم، فلم يكن هناك إعلام 


مكثّف، يتابع الأحداث وينقلها مباشرةً، ولم يكن ثمّة وعي إنساني حقوقي يرفض جريمة سرقة بلد 


وطرد نصف شعبه. وكنتُ أستطرد وأقول إنّ عالم اليوم ووسائل الإعلام المباشر تغطي الأخبار في 


مدار الساعة، وتدير قرص الشمس والضوء على أيّ جريمة جمعية، الأمر الذي يُقلّل حجمها، 


ويُقلّص من زمنها. كشفت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة كم كنت مُخطئاً وساذجاً (وربّما غيري 


كثيرون)، بعد أن شاهدنا (ولا نزال نشاهد) ما يفوق الخيال من الإجرام الإسرائيلي الفاشي في 


مرأى ومسمع ومراقبة وعدم اهتمام العالم كلّه، بل ودعم القوى الكُبرى للمجرم ذاته.


فوجئت إسرائيل نفسها بمدى لامبالاة العالم وعجزه عن فعل شيء جدّي وحقيقي يوقف إبادتها في 


قطاع غزّة. اكتشفت أنّ بإمكانها أن تبيد الفلسطينيين وتنكّبهم نكبةً ثانيةً والعالم كلّه يتفرّج. ما أُطلق 


عليه "محور المقاومة" حساباته مُعقَّدة ومُتردّدة، وأولوياته تُحدّدها مصلحة دولته الأكثر أهمّية، 


إيران، وليس مصلحة فلسطين. قرارات كلامية من مجلس الأمن لا فعل لها يُوقف المذبحة. إدانات 


من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية تدوس عليها إسرائيل. تصريحات وتنديدات 


لفظية لا أوّل لها ولا آخر، لم تقدّم أو تُؤخّر أو تُخفّف من حجم الإبادة. مظاهرات مليونية طافت 


عواصم ومدنا عديدة في العالم، ورفعت اسم فلسطين وقضيتها إلى قلب السماء، لكنّها لم تغيّر شيئاً 


في الأرض. ماذا فعلت وتفعل إسرائيل إزاء هذا الاكتشاف المُذهل، أي عجز العالم عن إيقاف 


المذبحة الفلسطينية اليومية؟... لم تتوقّف عند خططها العسكرية المباشرة الرامية إلى تدمير قطاع 


غزّة وناسه والمقاومة فيه، لكنّها، واستغلالاً للعجز العالمي المفاجئ، استدعت خططاً قديمةً جديدةً 


كانت مركونة على رفّ الأهداف الاستراتيجية برسم انتظار اللحظة المواتية، وفي رأسها تدمير 


الوجود الفلسطيني البشري في فلسطين، والتهجير القسري أو الطوعي، وتدمير أيّ شكل لأيّ كيانية 


فلسطينية مهما كانت هشّةً وعاجزةً. مجموع هذه الأهداف يعمل في تذرية الشعب الفلسطيني 


وتحويله من "شعبٍ" إلى "أفرادٍ"، وإلى تجمّعات سكّانية معزولة بعضها عن بعض، مُستنزَفة 


بالخلاص الفردي، ولا هدفَ وطنيا يجمعها.


الوحدة الوطنية والقيادية هي الدرس المرير والسهل، لكن العميق والعصي على التطبيق، الذي 


علينا جميعاً استيعابه وتشرّبه


الإبادة في غزّة وسكوت العالم عنها، بما فيه تخاذل أقرب المُقرَّبين لفلسطين وللفلسطينيين من 


أنظمة عربية وإسلامية، أغرى (ويُغري) إسرائيل باستثمار اللحظة التاريخية التي قد لا تتكرّر، 


ونسخ ما قامت به في قطاع غزّة إلى الضفّة الغربية؛ تدمير البشر والوجود الجمعي الفلسطيني، 


أوجد بيئة طاردة تدفع الى الهجرة الطوعية، وقد تتطوّر الأمور تهجيراً قسرياً فعلياً، جزئياً أو 


تدريجياً، ونهباً أكثرَ للأرض وتعميقَ الاستيطان، وتغيير الحدود الجغرافية والديموغرافية للضفّة 


الغربية، وتدمير أيّ شكل للوطنية الجمعية الفلسطينية. تجد إسرائيل في المقاومة المسلّحة الفردية 


والمجموعاتية الذريعة المطلوبة لتسريع تنفيذ ما تحلم به. صحيح أنّ إسرائيل لم تكن يوماً في حاجة 


إلى ذرائع لتنفيذ سياساتها التوحّشية والعدوانية والاستيطانية. وصحيح أنّه سواء قاوم الفلسطينيون 


أو ساوموا سوف تحاول مواصلة تنفيذ ما تريد. ولكن الحال في هذا الوقت، المُتّصف بسعار فاشي 


يميني إسرائيلي غير مسبوق، أن عدم توفير الذرائع للفلسطينيين يهيئ هامشاً ولو ضئيلاً للعمل 


السياسي، ولتركيز الدعم الشعبي العالمي لفلسطين، ولتقديم مساحات يمكن أن يشتغل فيها هذا 


الدعم. هذه الهوامش التي بالإمكان توسيعها يُخشى أن تضيع في غبار الرصاص المقاوم (على 


بطولته ونظافته) وما يترتّب عليه من حروب واجتياحات إسرائيلية.


ثانياً في التوقيت والوسيلة، وهنا يمكن القول إنّ ما كان بإمكان الضفّة أن تقوم به توقيتاً ووسيلةً قد 


فاته القطار عملياً. كان من الممكن (وإنْ من غير نتائجَ أكيدةٍ) أن تهبّ الضفّة وتنتفض في أوائل 


الحرب نصرة لغزّة، الأمر الذي كان سيربك الحسابات الإسرائيلية ويعقّدها، ذلك شريطة أن تكون 


تلك الهبّة والانتفاضة المُفترَضة شعبيةَ الطابع غير مسلّحة، على غرار الانتفاضة الأولى. لربّما 


كانت تلك النافذة الزمنية الأكثر أهمّية من ناحية التوقيت، والشكل المقاومي الأكثر فاعلية من ناحية 


الوسيلة، القادر على إيجاد نمط الإسناد المُؤثّر في معادلة الحرب على غزّة. لكن تلك الفرصة مرّت 


وأغلقت النافذة المُؤقّتة، ولم يقع الإسناد المرجو من ناحية شكل المقاومة. ما يحدث حالياً من بسالة 


يقوم بها شباب الخلايا العسكرية لا يُؤثّر في المعادلة الكبيرة، ولا في ميزان القوى، توقيتاً أو 


أسلوباً، يُقدّم شهداءَ كُثراً، لكنّه يُوفّر ذرائعَ أكثرَ لعدو اكتشف حرّيةً مطلقةً ليقوم بأقصى ما يمكن أن 


يقوم به من جرائم.


"البقاء مُقاومة". وهذا البقاء هو المُستهدف الآن، وعلينا أن ننطلق من هذا الهدف في كلّ ما يمكن 


أن نقوم به


ثالثاً، في المشهد الفلسطيني، والذي ما زال أسير سياق الانقسام الذي يتحكّم فينا سياسةً وقيادةً 


وفعلاً متشظياً. أسهم هذا السياق في تسهيل جريمة الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة وفي إطالة 


زمنها، ووفّر لإسرائيل مساحاتٍ وفجواتٍ اشتغلت فيها وعملت على توسيعها. لا نستطيع مواجهة 


إسرائيل في جبهة أخرى، وهذه المرّة في الضفّة الغربية الأضعف عسكرياً من قطاع غزّة بما لا 


يُقارَن، ونحن مُكبّلون في سياق انقسامي مُدمّر. الوحدة الوطنية والقيادية هي الدرس المرير 


والسهل، لكن العميق والعصي على التطبيق، الذي علينا جميعاً استيعابه وتشرّبه.


منذ سنوات الاستعمار البريطاني، كان الانقسام الفلسطيني (بين الحسينيين والنشاشيبيين مثلاً) هو 


الطابور الخامس الذي يخدم العدو. ما ينجزه طرفٌ فلسطيني، حتّى لو كان محدوداً، يدمّره الطرف 


الآخر في وحل التنافس السياسي الأعمى، والمستفيد في الحالات كلّها هو العدو. شواهد هذا لا 


تُحصَى في سنوات الانقسام الحديث التي رأيناها منذ 2007. الغريب والمُدهش في مسألة وعي 


الوحدة أنّ الجميع مُقتنع بها نظرياً، ومركزيتها مُترسّخة في الوجدان الجمعي والقناعة الفردية. 


هناك ثقافة عميقة وتاريخ وتجربة طويلة تقوم حول إجلال عناد العصي التي تمتنع عن التكسر إذا 


اجتمعت، لكن عند التطبيق يُصاب الجميع بالشلل، فيطحنهم العدو فُرادَى.


والخلاصة أنّ أيّ مقاومة في الضفّة الغربية لن تحقّق ما تريده، وما نريده، من دون أن تقوم على 


مربّع الوحدة، وتُقودها بوصلة قيادية متوافق عليها. في أكثر من مقاربة كتابية أو حوارية في 


السنوات الماضية، جادلتُ بأنّه في ظرف تكون فيه موازين القوى مُنحرَفةً بشكل كبير ضدّنا فإنّ "


البقاء مُقاومة". هذا البقاء هو المُستهدف الآن، وعلينا أن ننطلق من هذا الهدف في كلّ ما يمكن 


أن نقوم به. المقاومة المسلّحة المُتعجّلة، التي تقودها النيّاتُ الطيّبةُ، والشجاعةُ الفريدةُ، لكن تغيب 


عنها الاستراتيجية الأوسع، التي تضع "البقاء" والصمود في عين الهدف الذي يقصده العدو.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
حرب غزّة ومآلاتها المحتملة إقليمياً
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث عسكريه-
انتقل الى: