منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Empty
مُساهمةموضوع: التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية    التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Emptyالإثنين 09 سبتمبر 2024, 10:17 am

في محاولة لتفسير تلك التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية، وفهم مكانتها الدينية بالنسبة لإسرائيل، وكذلك التحولات في شكل السيطرة الأمنية عليها، نستضيف في هذا الملف باحثين مختصين في الشأن الإسرائيلي، لفهم كل تلك التحولات في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.


منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تعيش الضفة الغربية، إلى جانب التصعيد العسكري فيها، على وقع تهديدات إسرائيلية متواصلة بالضمّ، سواء من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أو من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لكن النقاش الإسرائيلي حول ضمّ الضفة لم يبدأ بالتأكيد منذ اندلاع الحرب على غزة، وإنما كان وليد سنوات طويلة من التفكير بإدارة أجساد الفلسطينيين في المناطق المحتلة، وهو ما ترافق مع اسئلة مقلقة في إسرائيل بشأن الصراع الديموغرافي وزيادة أعداد الفلسطينيين في المناطق التي تُسيطر عليها. في محاولة لفهم تلك العلاقة الشائكة بين مخططات الضمّ والصراع الديموغرافي في إسرائيل، يجري "العربي الجديد" هذا الحوار مع عز الدين أعرج، الباحث والصحافي الفلسطيني المهتم بالعنف الإحصائي وسياسات الإنجاب في سياق الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.


س: مع احتلال الضفة الغربية في عام 1967 وضم أراضٍ جديدة، نشأ تخوف داخل إسرائيل بشأن زيادة أعداد الفلسطينيين، وهو ما قد "يحول اليهود إلى أقلية" في المناطق التي تسيطر عليها. كيف تعاملت إسرائيل مع هذا التخوف في حينها؟
ج: مع أن القلق الديموغرافي الإسرائيلي من وجود أغلبية عربية قديم، وكان أحد دوافع تهجير مئات آلاف الفلسطينيين خلال النكبة، إلا أن حرب حزيران/ يونيو كانت لحظة حاسمة لنشوء ما يتم الاصطلاح عليه الآن بالمشكلة الديموغرافية في إسرائيل. إذ إن سيطرة الاحتلال على مساحات شاسعة من الأرض أعادت القلق من فكرة أن يصبح اليهود أقلية في ما بين النهر والبحر. وبالتالي، حسب هذا الخطاب، قد يكون على إسرائيل في حال وجود أغلبية فلسطينية أن تتخلى عن يهوديتها أو ديمقراطيتها، ولن يكون باستطاعتها أن تكون دولة يهودية ديمقراطية، حسب الادعاء السائد. فإذا سمحت للأغلبية غير اليهودية بالتصويت، ستخسر طابعها اليهودي، وإذا لم تسمح لهم، فستخسر طابعها الديمقراطي. لكن هذا التهديد يبقى جزءًا من الخطاب السياسي لا أكثر، أما على الأرض، فإن هذا القلق هو واقع بالفعل، حيث تسيطر إسرائيل على ملايين الفلسطينيين الذين لا يملكون حق التصويت، وهذا أحد أسباب توصيفها بدولة أبارتهايد.


عز الدين أعرج: قد يكون على إسرائيل في حال وجود أغلبية فلسطينية أن تتخلى عن يهوديتها أو ديمقراطيتها، ولن يكون باستطاعتها أن تكون دولة يهودية ديمقراطية، حسب الادعاء السائد


عودة إلى السؤال، فقد كانت هناك مقترحات عديدة للتعامل مع المشكلة الديموغرافية، من التهجير الجماعي كما قلت، إلى سياسات التضييق على الفلسطينيين ودفعهم للهجرة، وكذلك التحكم بمعدلات الخصوبة من خلال منع تعدد الزوجات، أو حملات تنظيم النسل، أو تشجيع النساء على التعليم، إلخ. وكلها سياسات قد تبدو عادية في سياق آخر، لكنها في السياق الفلسطيني محاولة للتدخل وإعادة تشكيل المشهد الديموغرافي. كما كانت هناك اقتراحات عديدة، مثل خطة ألون الشهيرة، التي تدعو إلى السيطرة على المناطق التي تضم سكانًا فلسطينيين أقل، والسماح ببؤر فلسطينية مكتظة بالسكان. وهناك أيضًا لاحقًا بعض القرارات السياسية الحاسمة التي ارتبطت بالمشكلة الديموغرافية، مثل قرار رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة، وهو ما أدى إلى استقطابات هائلة داخل مجتمع المستوطنين وأيضًا في المشهد السياسي الإسرائيلي، وتحديدًا داخل حزب الليكود.


س: خلال الأعوام الماضية، احتدم النقاش داخل إسرائيل بشأن ضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية، وكانت معظم الاقتراحات الإسرائيلية تتحدث حينها عن "ضم غير رسمي"، أي دون منح الفلسطينيين مواطنة داخل إسرائيل. هل هذه النقاشات كانت مرتبطة بالتخوف الديمغرافي ذاته؟
ج: الضمّ غير الرسمي هو قائم الآن بالفعل، وهذا ما يحدث على أرض الواقع؛ فإسرائيل تحتلّ كامل الأرض. الوصف الدقيق هو أن المطالبات كانت لضم قانوني أو رسمي. أي إنهاء مسألة الاستيطان واعتباره امتدادًا طبيعيًا للدولة، وإدارة السكان الفلسطينيين بشكل مباشر، دون منحهم حق التصويت. تتعدد المقترحات داخل الأحزاب اليمينية التي تدعو للضم بشأن مستقبل السكان الفلسطينيين. هناك بعض الأحزاب تتحدث عن أن منح حق التصويت غير ضروري لتكون إسرائيل ديمقراطية، وتستشهد مثلًا بنماذج مثل نموذج بورتوريكو حيث حكمتها الولايات المتحدة "الديمقراطية" لفترة طويلة بدون منح سكانها حق التصويت. هناك أحزاب أخرى تتحدث عن منح تدريجي للجنسية للفلسطينيين الذين يثبتون "ولاءهم" لإسرائيل، واستثناء الأغلبية منهم الذين يسهل تصنيفهم بأنهم معادون للدولة. لكن يمكن القول إنه لا يوجد تصور واضح بشأن مستقبل السكان الفلسطينيين في حالة الضم. غالبًا ما تستند هذه المطالبات بالضم إلى مثال غزة، حيث تقول إنّ الانفصال عن غزة لم يحقق أمنًا لإسرائيل، ولكن على العكس ساهم في صعود المقاومة المسلّحة الفلسطينية بشكل منظم أكثر.


لتقديم إجابة مباشرة عن سؤالك، فإن الدعوة إلى الضمّ الكامل لا ترتبط بالتخوفات الديموغرافية، ولكن الأوساط الإسرائيلية التي ترفض الضمّ تستخدم المشكلة الديموغرافية للتأكيد أن ضمّ الضفة الغربية لن يكون قرارًا حكيمًا بالمعنى الاستراتيجي. وهذا القلق كان عائقًا تاريخيًا أمام الضمّ الكامل للضفة.


س: جادلت في بحث لك أن زيادة الخصوبة عند الفلسطينيين لم تعد "مزعجة" عند الأوساط اليمينية في إسرائيل كما كانت سابقاً، هل من الممكن أن توضح لنا ما الذي كنت تقصده، ولماذا لم تعد مزعجة؟
ج: لم تعد مزعجة، بمعنى أنه لا يجب أن تكون عائقًا أمام الضمّ، بالنسبة إليهم. انتبهت أوساط إسرائيلية يمينية إلى أن الانسحاب من مستوطنات غزة كان مدفوعًا بقلق ديموغرافي، وكان بتشجيع من عالم الديموغرافيا الشهير والصديق الشخصي لشارون أرنون سوفير، وهو أحد المنظرين الأساسيين لمسألة الخطر الديموغرافي. وبالتالي فقد بدأت مجموعة يمينية يرأسها يورام إتنغر بنشر دراسات ترفض ما كان سوفير قد حذّر منه لسنوات. ادعت هذه المجموعة أنه لا يوجد خطر ديموغرافي حقيقي، وأن الأرقام التي تنشرها مؤسسة الإحصاء الفلسطينية مزيفة، وتزيد أكثر من مليون شخص، وهي الظاهرة التي أطلقت عليها اسم "فجوة المليون". لم يكن هذا النقاش علميًا، فمجموعة إتنغر لا علاقة علمية لها بالديموغرافيا، ولكن كانت لها أجندات سياسية واضحة، وهي أنه لا يجب أن نمنع مزيدًا من الضمّ بسبب القلق الديموغرافي، وأن القلق الحقيقي هو من تأسيس دولة فلسطينية، حيث ستسمح هذه الدولة بإعادة ملايين اللاجئين.


عز الدين أعرج: هناك بعض الأحزاب تتحدث عن أن منح حق التصويت غير ضروري لتكون إسرائيل ديمقراطية، وتستشهد مثلًا بنماذج مثل نموذج بورتوريكو حيث حكمتها الولايات المتحدة "الديمقراطية" لفترة طويلة بدون منح سكانها حق التصويت


لا يزال النقاش عن السكان الفلسطينيين أساسيًا بالنسبة لليمين الإسرائيلي، حيث يسعى إلى طرد أكبر قدر ممكن منهم وتقليل الخصوبة. لكن ما تغير هو أن هذه الأوساط انقلبت على الخطاب التقليدي عن المشكلة الديموغرافية من أجل الدفع لصالح مزيد من الضمّ. لكن بشكل عام لا بد من التأكيد أن شكل الاصطفاف في إسرائيل يتغير، إذ إن المساعي التاريخية، حتى غير الصادقة، للحفاظ على دولة ديمقراطية ويهودية في الوقت نفسه، لم تعد قائمة أو مهمة. الأهم بالنسبة لهذه الأوساط الآن هو دولة يهودية، وهو ما تجلى بشكل واضح في قانون القومية عام 2018. لم تعد هذه الأوساط اليمينية الشعبوية مهتمة أصلًا بالأدائية الديمقراطية، بل وتباهى مسؤولون منها بأنهم فاشيون.


س: في ظل هذه المعطيات، يبدو أن وجود سلطة فلسطينية تدير الحياة اليومية قد يكون من القضايا المهمة بالنسبة للحسابات الديموغرافية الإسرائيلية، خصوصاً أن هذا يسهل عليها عدم منح مواطنة للفلسطينيين في حال ضم بعض المناطق. مع هذا يبدو أن إسرائيل تعزز دور الإدارة المدنية في مناطق "ج" وحتى جزء من مناطق "ب" على حساب دور السلطة الفلسطينية، كيف يمكن تفسير هذا التناقض برأيك؟
ج: حتى دور الإدارة المدنية غير واضح. على سبيل المثال، تمنحنا جلسات الكنيست التي ناقشت المسألة الديموغرافية في السنوات العشر الأخيرة فرصة للنظر إلى علاقة اليمين الإسرائيلي بالإدارة المدنية. في كثير من الأحيان، اتهم نواب اليمين الإدارة المدنية بالتوطؤ مع الفلسطينيين وتزوير الأرقام للحفاظ على دورها والحصول على تمويل. تكررت هذه التصريحات حتى أيامنا هذه. لكن على الأرض، أتفق معك في ما ذكرته. فدور الإدارة المدنية يزداد بشكل كبير، لدرجة يتخيل فيها المرء أنّ هناك عملية تمهيدية لضمّ كل الضفة الغربية. يمكن النظر على سبيل المثال إلى ما يطلق عليها الفلسطينيون في الضفة "الممغنطة"، وهي هوية بديلة فعليًا عن الهوية التي تصدر بشكل مشترك عن السلطة الفلسطينية وإسرائيل. ومع أنها غير إلزامية، فإنه في حال احتاج الفلسطيني من الضفة للحصول على أي تصريح أو القيام بأي إجراء بيروقراطي له علاقة بالإدارة المدنية، يتعيّن عليه أن يستصدر "ممغنطة". 


مستوطنة إفراتا على المشارف الجنوبية لمدينة بيت لحم، 27 يونيو 2020 (حازم بدر/فرانس برس)
تقارير عربية
مستوطنة جديدة في الضفة.. لتحقيق حلم "القدس الكبرى" ووأد دولة فلسطين
قناعتي الشخصية أنه لا توجد استراتيجية واضحة في إسرائيل متفق عليها بشأن السلطة الفلسطينية، حتى في أوساط اليمين. يجب علينا أن ندرك أن اليمين في إسرائيل ليس فئة واحدة. هناك اليمين المتطرف الذي يعادي السلطة بشكل واضح، ولا يميل إلى أخذ أي أبعاد استراتيجية في عين الاعتبار. لكن هناك الليكود، الذي وإن كان لا يقل تطرفًا، إلا أن له حسابات مرتبطة بالسلطة ومؤسسات الدولة، ويعرف أن هناك أهمية استراتيجية للدور الوظيفي الذي تقوم به السلطة. لكن بشكل عام، حتى شخص مثل (رئيس السلطة الفلسطينية) محمود عباس يتم النظر إليه في مدونات اليمين على أساس أنه إرهابي وتنشر صور له وهو يقود دبابات، أو يحمل أسلحة. أمر آخر، هو أن هناك مؤسسات في إسرائيل يمكن وصفها بأنها مؤسسات غير منتخبة، مثل المحكمة العليا. وعلى الرغم من دورها الواسع في ضم الأرض وتهجير الفلسطينيين، فإن ما تقوم يشبه المأسسة لهذا العنف المتطرف، وتخلق قنوات استراتيجية له. الآن على أجندة اليمين، كما تعرف، إنهاء دور المحكمة العليا، وهو السبب الأساسي في الأزمة التي ضربت إسرائيل قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وكادت أن تطيح بإدارة نتنياهو. 


بشكل عام، فإنني أرى أن إسرائيل الآن تمر في مرحلة دقيقة، من ناحية أن هناك صراعًا ليس فقط بين فئات في المجتمع على طابع الدولة، ولكنه صراع بين المؤسسات المنتخبة وغير المنتخبة (وهو صراع موجود في الشعبويات المعاصرة)، ولكن أيضًا بين العنف الذي تقوم به المؤسسات والعنف غير الممأسس. نحن الآن نتحدث عن عشرات آلاف الإسرائيليين "المدنيين" الذين يملكون حق حمل السلاح، بل ويوجهونه بشكل يومي ضد الفلسطينيين، ولا يواجهون أي عواقب قانونية. وبالتالي فحتى التعريف التقليدي للدولة بأنها جهاز يحتكر العنف، لم يعد صالحًا في إسرائيل، حيث إن احتكار العنف لم يعد مرتبطًا بالانتماء إلى مؤسسات الدولة، ولكن الانتماء العرقي، أي حقيقة أنك يهودي، والتقديرات الضبابية لمن يتعرض للخطر ويحتاج إلى حماية نفسه. بشكل عام، هناك دفع باتجاه الانفلات من سطوة المؤسسات وما يمكن تسميته قنواتها القانونية لممارسة العنف والضم، لصالح نوع آخر من العنف المنفلت من أي حسابات استراتيجية، أي لصالح ما يسميه الفلسطينيون "قطعان المستوطنين" بما تحمل هذه الدلالة من شعبوية وفوضى وانفلات. لم يعد الطابع المؤسساتي للعنف في إسرائيل قادرًا على استيعاب واحتواء الرغبة المتصاعدة بالضمّ، وهو في تقديري الشخصي أحد الأسباب الرئيسية للانقسامات الحالية في إسرائيل. 


س: لكن هل هذا يعني أننا متجهون بالكامل نحو الضمّ؟ 
ج: ليس بالضرورة، ما قلته لا يعني أن ما يريده المستوطنون سيتحقق بدون شروط في المرحلة المقبلة. هناك فئات في إسرائيل حتى لو لم تكن لها سلطة تشريعية أو نفوذ في صناديق الاقتراع، لا تزال تهمين على المؤسسات غير المنتخبة وعلى التعليم والصحافة. أقول هذا مع أن هناك صعودا مستمرا لليمين في هذه المستويات، ففي الإعلام هناك صحف يمينية مثل يسرائيل هيوم، وهناك تزايد في سلطة اليمين في الجامعات، وكذلك هناك الصراع على المحكمة العليا واختزال دورها. لكن بشكل عام، فإن الفئات المذكورة التي لها سلطة غير تشريعية لها حساباتها الاستراتيجية التي قد لا تسمح للوضع بالانفجار بالكامل. كان تأثيرها واضحا في الاحتجاجات الواسعة التي حصلت في إسرائيل قبل السابع من أكتوبر، وكذلك في الإضرابات التي وصلت إلى الجيش. 


عز الدين أعرج: الضم غير الرسمي هو قائم الآن بالفعل. إنه ما يحدث على الأرض، فإسرائيل تسيطر على كامل الأرض من النهر إلى البحر


لكن دعني أعود إلى السلطة الفلسطينية، وهو أحد الأسئلة الأساسية والملحة اليوم. عندما نقول الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية، فماذا نعني بالضبط؟ ولماذا يرتبط ذلك بالاصطفاف داخل النخب الأمنية في إسرائيل؟ لقد ساد اعتقاد طويل في إسرائيل منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بأنه لا بد من منح الفلسطينيين هامشًا مشروطًا وضئيلًا من الازدهار أو التنمية، الذي سيمكّن من استدامة الاحتلال والقدرة على ضبط ملايين الفلسطينيين لعقود طويلة. حدث هذا قبل أوسلو بعدّة أشكال، بما في ذلك عمل الفلسطينيين في إسرائيل، ومساعدة قطاعات اقتصادية وصحية فلسطينية، جنبًا إلى جنب مع استغلالها. شخصيًا، أفكر في الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية على أنّه إدارة لهذا الهامش المشروط من التنمية، الذي يمكن من خلاله استدامة الاحتلال. أي أن السلطة الفلسطينية تقوم من خلال الضرائب التي تحصل على نسبة منها، والريع الدولي من إدارة هذا الهامش، وخلق نوع من الاستقرار الذي لا يتعارض مع العنف والضم البطيئين. وبالتالي، في ظل وجود السلطة، بدلًا من ضم كامل للضفة الغربية، فإن الاستيطان يتوسع تدريجيًا، وتسيطر إسرائيل على مزيد من الأراضي الاستراتيجية، وتساهم في الوقت نفسه في شرذمة الأرض الفلسطينية. 


الجانب الآخر لهذا الدور الوظيفي، هو ما ما يمكن تسميته إدارة الأجساد غير المرغوب بها. خلال جائحة كورونا على سبيل المثال، توفي عامل مصري داخل إسرائيل، لم يكن للسلطة أي دور في دخوله، ولم يدخل حتى من خلال المعابر التي توجد السلطة عليها بشكل رمزي. وقتها، طلبت إسرائيل من السلطة التعامل مع الجثة، وهو ما استغربته الأخيرة. كان هذا مثالًا رمزيًا على تصور إسرائيل بخصوص السلطة الفلسطينية، أي إدارة الأجساد التي لا تريد إسرائيل إدارتها، بمعنى ما ملايين الفلسطينيين الذي يعيشون في نقاط مشرذمة في مناطق أ و ب حسب اتفاقية أوسلو. أما موضوع مناطق جيم فهذا موضوع منفصل بالنظر إلى أنه، رغم أن المنطقة تشكل أكثر من ستين بالمئة من الضفة الغربية، فإن عدد المستوطنين فيها أكبر من عدد الفلسطينيين. ولقد فهم المسؤولون في السلطة هذا الدور جيدًا، إلى درجة أنهم في أكثر من مرة هددوا إسرائيل بحل السلطة وترك إسرائيل تقوم بجمع القمامة، في إشارة إلى إدارة التفاصيل اليومية والمكلفة والمزعجة للسكان. 


عز الدين أعرج: حسابات "اليوم التالي" للحرب أعادت النقاش بشكل مختلف ولو لم يكن واضحًا عن مستقبل السلطة الفلسطينية وأي دور محتمل لها في قطاع غزة


الآن، عودة إلى الاصطفاف داخل إسرائيل. تعي الفئات التي ترفض الضم أهمية هذا الدور الوظيفي للسلطة. فمن ناحية، فإن هناك نخبًا أمنية تهدد بأن إلغاء هامش التنمية المشروط والضئيل هذا سيترك الوضع يذهب إلى الانفجار. من ناحية أخرى، فإنها تعي كلفة الإدارة المباشرة للفلسطينيين. وخلاصة الأمر، أنه لا وجود لتصور واضح أو واحد بشأن السلطة الفلسطينية، كما أنه لا وجود لتصور واضح بخصوص الضمّ.


س: هل تغير الوضع بعد السابع من أكتوبر؟
ج: نعم، لكن بطريقة غير واضحة أيضًا. من ناحية، فقد سمح حجم العنف في قطاع غزة لليمين الصهيوني الديني في الضفة الغربية بممارسة مزيد من العنف، كما تم الاستثمار في الخطاب العام المسعور بعد السابع من أكتوبر، والذي تركز حول الانتقام، من أجل تسليح مزيد من المستوطنين وتعزيز نفوذهم. لكن من ناحية أخرى، فإن هذا اليمين، وبشكل لا يخلو من المفارقة، يكتسب دوره الأكبر في العنف البطيء الذي يرفضه. أي أنه يمين قضى عقودًا من الاستفزاز وتشكيل البؤر الاستيطانية والعنف المتفرق، لكن بعيدًا عن الحرب الحقيقية. الحرب الشاملة القائمة الآن لها قطاعات مختلفة في إسرائيل، ونخب أخرى، تفكر بطريقة استراتيجية أكثر، حتى لو أنه صار من الصعب تفريق شعبويتها عن شعبوية بن غفير أو سموتريتش. وذلك قد يعيد بعض الحسابات.


إضافة إلى ذلك، فإن حسابات اليوم التالي أعادت النقاش بشكل مختلف ولو لم يكن واضحًا عن مستقبل السلطة الفلسطينية وأي دور محتمل لها في قطاع غزة. لكن تبقى الأمور غير واضحة.


نبذة عن عز الدين أعرج
باحث وصحافي فلسطيني، ورئيس تحرير موقع ألترا صوت، يركّز عمله البحثي على العنف الإحصائي وسياسات الإنجاب في سياق الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية    التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Emptyالإثنين 09 سبتمبر 2024, 10:18 am

حوارات حول مخططات إسرائيل في الضفة الغربية 1| عن توسيع سلطة الإدارة المدنية

تتسارع الأحداث بصورة لافتة في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وحتى قبلها بأشهر قليلة، في وقت يبدو فيه أن إسرائيل تخطط لضمّ أجزاء من المنطقة، ولو بصورة غير معلنة وغير رسمية، وهو ما يتضح بشكل جليّ في مخططات وزير المالية الإسرائيلي والوزير الثاني في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، الذي عمل على نقل صلاحيات قانونية كبيرة من سلطة جيش الاحتلال إلى سلطة الإدارة المدنية العاملة تحت أمرته في الضفة الغربية. ومع موافقة الحكومة الإسرائيلية على سحب صلاحيات الإنفاذ من السلطة الفلسطينية في بعض المناطق المصنفة بحسب اتفاقية أوسلو مناطقَ "ب" (في صحراء القدس)، يبدو أن الوضع الراهن، الذي تغير أصلاً بشكل كبير بعد الحرب على غزة، قد يتجه إلى مزيد من التصعيد والاستيطان وسيطرة المستوطنين، وربما الضمّ.

في محاولة لتفسير تلك التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية، وفهم مكانتها الدينية بالنسبة لإسرائيل، وكذا التحولات في شكل السيطرة الأمنية عليها، نستضيف في هذا الملف باحثين مختصين في الشأن الإسرائيلي، لفهم كل تلك التحولات في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.

 

يجري "العربي الجديد" هذا الحوار مع وليد حباس الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، في محاولة لفهم التطورات التي تجري في ملف الاستيطان في الضفة الغربية منذ بداية العام 2023، وبالتحديد في أعقاب بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. تشمل هذه التطورات إعلان إسرائيل نقل الصلاحيات الإدارية على المناطق "ج" من سلطة الجيش إلى سلطة مدنية مكونة من قادة الاستيطان التوراتيين، إضافة الى الدفع قدماً، وبشكل حثيث، باتجاه الضمّ القانوني وفرض السيادة الإسرائيلية على المناطق "ج"، وصولاً إلى نظام الحدود الذي تستخدمه إسرائيل لضبط المناطق التي تحتلها.

س: كيف نفهم إعلان الحكومة الإسرائيلية سحب صلاحيات الإنفاذ من السلطة الفلسطينية في مناطق "ب"؟  
ج: القرار الحكومي، الذي أكده أمر عسكري إسرائيلي وحوله إلى قرار نافذ، يشير إلى تمكين إسرائيل من فرض سلطة الهدم في المنطقة "ب"، وهو قرار يعتبر تصعيدًا كبيرًا في السيطرة الإسرائيلية على المناطق الخاضعة للإدارة الفلسطينية. وفقًا لاتفاقات أوسلو، وتحديدًا اتفاقيات "واي ريفير" للعام 1998، فإن المنطقة "ب" (وتشكل حوالي 22% من الضفة الغربية)، تخضع للإدارة المدنية الفلسطينية ولكنها تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية. والمنطقة "ب" تشكل أرخبيلا من المناطق المبعثرة في كل أنحاء الضفة الغربية، وواحدة من هذه المناطق هي صحراء القدس التي تعتبرها إسرائيل محمية طبيعية ومنعت الفلسطينيين من البناء عليها على الرغم من أنها صنفت أراضي "ب"- أي تحت الصلاحية الإدارية للفلسطينيين (يشمل التخطيط، والبناء، والترخيص). بموجب هذه السياسات الجديدة، وسعت السلطات الإسرائيلية ولايتها لتشمل هدم المباني الفلسطينية في المنطقة "ب". وتندرج هذه الخطوة في إطار ما تسميه إسرائيل مخاوف "الأمن القومي" ولكنها تهدف في المقام الأول إلى كبح التنمية الفلسطينية وترسيخ السيطرة الإسرائيلية على المناطق الاستراتيجية. 

لفهم خطوة الحكومة الإسرائيلية، يجب وضعها في سياق أوسع يرتبط بالتطورات الجارية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لا سيما في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة. يمكن النظر إلى هذه الخطوة باعتبارها جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة رسم حدود السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية. علاوة على ذلك، يمكن تفسير هذه الخطوة في ضوء العقيدة السياسية للحكومة الحالية، التي تتبنى رؤية أوسع للضم التدريجي لمناطق الضفة الغربية، من خلال إجراءات على الأرض تهدف إلى تقويض أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

س: ما هي أسباب وتداعيات إعلان نقل صلاحيات قانونية من الجيش الإسرائيلي إلى الإدارة المدنية في الضفة الغربية؟  
ج: إن نقل الصلاحيات القانونية من الجيش الإسرائيلي إلى الإدارة المدنية في الضفة الغربية هو تحول استراتيجي متجذر بعمق في جدول الأعمال الأوسع للحكومة الإسرائيلية الـ37 (تشكّلت برئاسة بنيامين نتنياهو في 29 كانون الأول 2022). يسعى هذا التحول في المقام الأول إلى "التطبيع مع" وإضفاء الطابع المدني على حكم المستوطنات الإسرائيلية، ودمج هذه المستوطنات بشكل كامل في جهاز الدولة الإسرائيلية. ومن خلال نقل السيطرة من السلطات العسكرية إلى السلطات المدنية، تهدف الحكومة الإسرائيلية إلى طمس الخطوط الفاصلة بين الأراضي المحتلة وإسرائيل ذات السيادة، والتحرك نحو سيادة فعلية على الضفة الغربية، لا سيما في المنطقة "ج". وقد تعزز نفوذ حركة المستوطنين داخل الحكومة الإسرائيلية بشكل كبير من خلال هذا النقل، حيث تسيطر شخصيات رئيسية مثل بتسلئيل سموتريتش الآن بشكل مباشر على السياسات التي تؤثر على مجتمعات المستوطنين. ويمثل هذا "انتصارًا" أيديولوجيًا كبيرًا للمستوطنين، الذين طالما دعوا إلى تقليص دور الجيش في حكمهم لصالح إدارة مدنية أكثر انسجامًا مع مصالحهم. 

وليد حباس: إدارة إسرائيل للحدود مع الضفة الغربية تتميز بالتعقيد والتناقض، حيث تُمثل هذه الحدود في الوقت ذاته حاجزًا ماديًا وأداة سياسية واقتصادية للتحكم في السكان الفلسطينيين

 

وعلاوة على ذلك، فإن هذا النقل هو أيضًا محاولة متعمدة للتحايل على القيود القانونية التي يفرضها القانون الدولي على الجيش الإسرائيلي كونه قوة احتلال. وبنقل هذه السلطات إلى هيئة مدنية، تنأى إسرائيل بنفسها عن المسؤوليات والقيود المرتبطة بالاحتلال العسكري بموجب القانون الدولي، لا سيما قواعد لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة. وتسمح هذه المناورة بقدر أكبر من المرونة في تنفيذ السياسات التي تفضل التوسع الاستيطاني وضم الأراضي المحتلة. 

إن تداعيات هذا النقل عميقة ومتعددة الأوجه. إن تآكل الرقابة العسكرية يقلل من الضوابط التي كانت موجودة سابقًا في ظل الحكم العسكري، لا سيما بالنظر إلى التدقيق الدولي الذي غالبًا ما كان يضغط على الجيش لممارسة ضبط النفس أمام الحشد التوراتي في التوسع على أراضي الضفة الغربية. ومن المتوقع أن تعمل الإدارة المدنية "الجديدة" (وقد أصبحت بالفعل "مدنية" في بداية العام 2023)، التي تخضع الآن لنفوذ المستوطنين، مع إيلاء قدر أقل من الاهتمام بالمعايير الدولية، ما يؤدي على الأرجح إلى التوسع الاستيطاني والمزيد من مصادرة الأراضي الفلسطينية. ومن المرجح أن يزداد النمط الموثق لعدم إنفاذ القوانين ضد أنشطة المستوطنين غير القانونية، إلى جانب الإنفاذ القاسي ضد الفلسطينيين، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات وإرهاب المستوطنين بسبب قوتهم السياسية وانعدام المساءلة. 

ويمثل هذا النقل أيضًا انحرافًا كبيرًا عن اتفاقات أوسلو، التي حددت مناطق محددة للسيطرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ومن خلال توسيع الولاية القضائية الإسرائيلية إلى المنطقة "ب"، حيث من المفترض أن تسيطر السلطة الفلسطينية إدارياً، تقوّض إسرائيل الاتفاقات التي شكّلت العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية منذ العام 1995 (توقيع اتفاق أوسلو 2). هذا التآكل في هياكل الحكم الفلسطيني ينهي كل احتمالات التوصل إلى حل الدولتين عن طريق التفاوض. وعلى الصعيد الدولي، من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى تفاقم العزلة السياسية لإسرائيل، لأنها تتجاهل علنا المعايير القانونية الدولية. ومن المرجح أن ينظر إلى نقل السلطات إلى إدارة مدنية تعطي الأولوية لمصالح المستوطنين على أنه عمل من أعمال الضم الفعلي، ما يدعو إلى مزيد من الإدانة الدولية ويحتمل أن يؤدي إلى تحديات قانونية في المحافل العالمية. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى توتر علاقات إسرائيل مع الحلفاء الرئيسيين الذين يدعمون عملية السلام التفاوضية. باختصار، إن نقل صلاحيات قانونية من الجيش الإسرائيلي إلى الإدارة المدنية هو خطوة محسوبة لتطبيع المستوطنات، وتعزيز سلطة المستوطنين، وتجنب القانون الدولي، لكنه يجلب معه مخاطر كبيرة من زيادة إرهاب المستوطنين والتحديات القانونية وانغلاق الآفاق السياسية أمام القيادة الفلسطينية. 

س: ما هي أبرز ملامح التحول في نمط الاستيطان في الضفة الغربية؟  
ج: شهدت الضفة الغربية تحولًا جذريًا في نمط الاستيطان خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد حرب غزة الأخيرة. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج عملية ممنهجة ومدعومة أيديولوجيًا من قبل الحكومة الإسرائيلية واللوبي الاستيطاني بهدف تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي في المنطقة. تمثلت أبرز ملامح هذا التحول في الانتقال من بناء مستوطنات صغيرة ومتفرقة إلى توسيع المستوطنات القائمة وشرعنة البؤر الاستيطانية التي كانت تعتبر غير قانونية حتى بموجب القانون الإسرائيلي. 

دمار في مخيم جنين، 6 أغسطس 2024 (عصام ريماوي/الأناضول)
تقارير عربية
مخيمات شمال الضفة الغربية... حرب وجودية في "غزة مصغرة"
منذ اتفاقيات أوسلو، شهدت الضفة الغربية أكبر عملية توسع استيطاني، حيث أُنشئت 26 بؤرة استيطانية جديدة في عام واحد فقط، كما صودِق على تحويل 15 بؤرة استيطانية إلى مستوطنة رسمية. هذا التوسع يعكس تغيرًا استراتيجيًا في طبيعة وأهداف المشروع الاستيطاني، حيث يسعى الآن إلى خلق تواصل جغرافي بين المستوطنات وربطها بالبنية التحتية الإسرائيلية. 

في هذا السياق، تولى المستوطنون أدوارًا جديدة ومسؤوليات أكبر ضمن البنية الحكومية الإسرائيلية، وخاصة في إدارة الضفة الغربية. تمثل هذا في تولي شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش، أحد قادة التيار الحردلي السفلي داخل الصهيونية الدينية، مسؤوليات داخل الإدارة المدنية التي أصبحت الآن تحت سيطرة مباشرة للمستوطنين. سموتريتش وأعوانه دفعوا نحو شرعنة العديد من البؤر الاستيطانية غير القانونية، وسعوا إلى زيادة الوجود الإسرائيلي من خلال مشاريع البنية التحتية الواسعة. ومن بين هذه المشاريع تخصيص 25% من ميزانية وزارة المواصلات لتطوير البنية التحتية الاستيطانية في الضفة الغربية. 

وليد حباس: شهدت الضفة الغربية تحولًا جذريًا في نمط الاستيطان خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد حرب غزة الأخيرة

أحد التطورات المهمة في هذا الإطار هو إنشاء "مديرية الاستيطان" التي أصبحت الهيئة الحكومية التي تدير جميع جوانب الحياة في المستوطنات بالضفة الغربية. يتولى قيادة المديرية يهودا إلياهو، وهو من سكان مستوطنة حرشة المتطرفة، وقد شغل سابقًا منصب مدير المجلس الإقليمي في منطقة بنيامين. جرى تخصيص 23 منصبًا إضافيًا لقوة العمل في المديرية، التي يبلغ عدد موظفيها الآن 200 شخص. هذه المديرية لا تعمل بمعزل عن الحكومة، بل هي جزء أساسي من وزارة الجيش، وتُعتبر بمثابة وزارة مستقلة تحت قيادة سموتريتش. 

التحول في نمط الاستيطان لا يعكس فقط توسعًا جغرافيًا، بل أيضًا إعادة هيكلة للمؤسسات الحكومية الإسرائيلية بما يخدم أهداف المشروع الاستيطاني. على سبيل المثال، نُقلت صلاحيات الإدارة المدنية التي كانت تحت إشراف الجيش الإسرائيلي إلى المديرية التي يديرها المستوطنون، ما يعني أن القرارات المتعلقة بالتخطيط والبناء الاستيطاني أصبحت الآن في أيدي المستوطنين بشكل كامل. عُيّن أيضًا نائب لرئيس الإدارة المدنية لشؤون الاستيطان، وهو هليل روت، الذي شغل سابقًا مناصب إدارية ومالية في المجلس الإقليمي لمستوطنات الضفة الغربية. 

هذه التحولات الكبيرة في بنية الإدارة والسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية تعزز من تآكل الخط الأخضر، الذي كان يفصل بين إسرائيل والضفة الغربية، وتؤدي إلى تكريس سيطرة إسرائيلية أعمق وأوسع على الأرض. الخطط الجديدة، التي تتضمن توسيع نطاق تطبيق القانون الإسرائيلي في المستوطنات، تتزامن مع تقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية، ما يعمق الأزمة ويزيد من تعقيد أي محاولات مستقبلية للتوصل إلى تسوية ضمن مفردات أوسلو. 

س: هل التحولات في شكل السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية مرتبطة بمتغيرات داخل الحكومة الإسرائيلية أم بمجريات حدثت على أرض الواقع؟  
ج: التحولات في شكل السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية مرتبطة بمجموعة من العوامل، منها المتغيرات الداخلية داخل الحكومة الإسرائيلية، وكذلك التطورات على أرض الواقع. من الناحية الداخلية، شهدت إسرائيل في السنوات الأخيرة صعود تيارات يمينية متطرفة تتبنى أيديولوجيات استيطانية توسعية، ما أدى إلى تغيير في السياسات الحكومية تجاه الضفة الغربية. هذه التيارات تسعى إلى تحويل السيطرة على الضفة الغربية من سيطرة عسكرية إلى سيطرة مدنية تديرها المجالس المحلية للمستوطنات والإدارة المدنية الجديدة.  

على أرض الواقع، تأتي هذه التحولات استجابةً لعدة عوامل، منها الضغط الدولي المتزايد على إسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني، وكذلك ردود الفعل الفلسطينية والمقاومة المتزايدة للاستيطان. ومع ذلك، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تُفضل تعزيز الاستيطان وتوسيع السيطرة على الضفة الغربية وسيلةً لمواجهة هذه الضغوط. بالتالي، يمكن القول إن هذه التحولات ناتجة عن تفاعل بين المتغيرات الداخلية والسياسات الاستيطانية المدفوعة بأيديولوجيات متطرفة، وبين التطورات الميدانية التي تشكل رد فعل للسياسات الإسرائيلية.  

س: هل تطمح إسرائيل إلى ضمّ الضفة الغربية؟ وما هي أشكال الضمّ المطروحة؟  
ج: تُظهر السياسات الإسرائيلية الأخيرة طموحًا واضحًا نحو ضم الضفة الغربية، وإن كان هذا الطموح يتم بشكل غير معلن ورسمي. منذ عقود، كانت فكرة ضم الضفة الغربية مطروحة على طاولة النقاش السياسي الإسرائيلي، لكنها اتخذت أشكالًا مختلفة حسب التغيرات السياسية في الداخل الإسرائيلي والضغوط الدولية. خلال السنوات الأخيرة، تصاعدت هذه الطموحات بشكل ملحوظ، خاصة مع وصول أحزاب يمينية متطرفة إلى السلطة.  

الضم غير الرسمي، أو الضم الزاحف، هو الشكل الأكثر قبولًا في إسرائيل حاليًا. يتضمن هذا الشكل من الضم إجراءات تدريجية لدمج المستوطنات في النظام الإسرائيلي من خلال توسيع البنية التحتية، وفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنين، ونقل صلاحيات من الجيش إلى الإدارة المدنية التي يديرها المستوطنون. هذه الإجراءات تهدف إلى تحويل المستوطنات إلى جزء لا يتجزأ من إسرائيل، ما يعقد أي محاولة لفصلها في المستقبل في إطار حل الدولتين.  

تُعد خطة الضم الرسمية التي طُرحت في سياق "صفقة القرن" عام 2020 إحدى المحاولات الأكثر وضوحًا لتجسيد هذه الطموحات، لكنها واجهت معارضة دولية ومحلية، ما أدى إلى تأجيلها. ومع ذلك، فإن السياسات الحالية للحكومة الإسرائيلية تُظهر نية لمواصلة الضم بشكل تدريجي، من دون الحاجة إلى إعلان رسمي، ما يتيح لها توسيع سيطرتها على الضفة الغربية من دون مواجهة ردود فعل دولية قوية.  

س: كيف تدير إسرائيل الحدود مع الضفة الغربية، وما تأثير الضم الرسمي على هذه الحدود؟  
ج: إدارة إسرائيل للحدود مع الضفة الغربية تتميز بالتعقيد والتناقض، حيث تُمثل هذه الحدود في الوقت ذاته حاجزًا ماديًا وأداة سياسية واقتصادية للتحكم في السكان الفلسطينيين. من الناحية الاقتصادية، تُحافظ إسرائيل على سيطرتها الكاملة على حركة البضائع والأشخاص بين الضفة الغربية وإسرائيل، ما يعزز من تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي. هذا الوضع يُمكّن إسرائيل من فرض شروطها الاقتصادية والسياسية على الفلسطينيين، ويحد من قدرتهم على تطوير اقتصاد مستقل.  

وليد حباس: الضم غير الرسمي، أو الضم الزاحف، هو الشكل الأكثر قبولًا في إسرائيل حاليًا

سياسيًا، تُستخدم الحدود وسيلةً لتأكيد السيادة الإسرائيلية على الأرض، مع الإبقاء على الوضع القانوني غير الواضح للضفة الغربية أرضاً محتلة. الحدود هنا ليست مجرد خط جغرافي، بل هي أيضًا أداة لإدارة السكان والتحكم في الموارد، تُستخدم لتحقيق أهداف سياسية تتعلق بتعزيز الاستيطان وتقويض أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية.  

في حال قررت إسرائيل تنفيذ ضم رسمي لمناطق من الضفة الغربية، من المرجح أن يتغير شكل هذه الحدود بشكل جذري. الضم الرسمي سيؤدي إلى دمج تلك المناطق بشكل كامل في إسرائيل، ما يعني أن الحدود الحالية ستتحول إلى "حدود داخلية" بين مناطق مختلفة من الدولة الإسرائيلية، مع استمرار سيطرة إسرائيل على ما تبقى من المناطق الفلسطينية. هذا التغيير سيعزز من واقع "الأبارتهايد" في الأراضي المحتلة، حيث ستُصبح المستوطنات الإسرائيلية جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل، في حين يُترك الفلسطينيون في جيوب معزولة من دون سيطرة فعلية على مواردهم أو أراضيهم.  

في الختام، يمكن القول إن إدارةَ إسرائيل الحدود مع الضفة الغربية والضمَّ التدريجي أو الرسمي لمناطق منها يُعدان جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الأرض، وتقويض أي فرصة لحل الدولتين. هذه الاستراتيجية تعتمد على مزيج من الوسائل العسكرية والقانونية والاقتصادية لتحقيق أهدافها، ما يُعقد الصراع ويزيد من صعوبة الوصول إلى تسوية عادلة.

نبذة عن وليد حباس
باحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، يركز عمله البحثي على منظومة الاحتلال في الضفة الغربية، مركبات المشروع الاستيطاني، والعلاقات الاقتصادية ما بين الضفة الغربية وإسرائيل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية    التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Emptyالإثنين 09 سبتمبر 2024, 10:19 am

حوارات حول مخططات إسرائيل في الضفة الغربية 2| الضمّ وقلق الديموغرافيا
تتسارع الأحداث بصورة ملفتة في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وحتى قبلها بأشهر قليلة، في وقت يبدو فيه أن إسرائيل تخطط لضمّ أجزاء من المنطقة، ولو بصورة غير معلنة وغير رسمية، وهو ما يتضح بشكل جليّ في مخططات وزير المالية الإسرائيلي والوزير الثاني في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، الذي عمل على نقل صلاحيات قانونية كبيرة من سلطة جيش الاحتلال إلى سلطة الإدارة المدنية العاملة تحت أمرته في الضفة الغربية. ومع موافقة الحكومة الإسرائيلية على سحب صلاحيات الإنفاذ من السلطة الفلسطينية في بعض المناطق المصنفة بحسب اتفاقية أوسلو بمناطق "ب" (في صحراء القدس)، يبدو أن الوضع الراهن، الذي تغير أصلاً بشكل كبير بعد الحرب على غزة، قد يتجه إلى مزيد من التصعيد والاستيطان وسيطرة المستوطنين، وربما الضمّ.

في محاولة لتفسير تلك التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية، وفهم مكانتها الدينية بالنسبة لإسرائيل، وكذلك التحولات في شكل السيطرة الأمنية عليها، نستضيف في هذا الملف باحثين مختصين في الشأن الإسرائيلي، لفهم كل تلك التحولات في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.

منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تعيش الضفة الغربية، إلى جانب التصعيد العسكري فيها، على وقع تهديدات إسرائيلية متواصلة بالضمّ، سواء من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أو من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لكن النقاش الإسرائيلي حول ضمّ الضفة لم يبدأ بالتأكيد منذ اندلاع الحرب على غزة، وإنما كان وليد سنوات طويلة من التفكير بإدارة أجساد الفلسطينيين في المناطق المحتلة، وهو ما ترافق مع اسئلة مقلقة في إسرائيل بشأن الصراع الديموغرافي وزيادة أعداد الفلسطينيين في المناطق التي تُسيطر عليها. في محاولة لفهم تلك العلاقة الشائكة بين مخططات الضمّ والصراع الديموغرافي في إسرائيل، يجري "العربي الجديد" هذا الحوار مع عز الدين أعرج، الباحث والصحافي الفلسطيني المهتم بالعنف الإحصائي وسياسات الإنجاب في سياق الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.

س: مع احتلال الضفة الغربية في عام 1967 وضم أراضٍ جديدة، نشأ تخوف داخل إسرائيل بشأن زيادة أعداد الفلسطينيين، وهو ما قد "يحول اليهود إلى أقلية" في المناطق التي تسيطر عليها. كيف تعاملت إسرائيل مع هذا التخوف في حينها؟
ج: مع أن القلق الديموغرافي الإسرائيلي من وجود أغلبية عربية قديم، وكان أحد دوافع تهجير مئات آلاف الفلسطينيين خلال النكبة، إلا أن حرب حزيران/ يونيو كانت لحظة حاسمة لنشوء ما يتم الاصطلاح عليه الآن بالمشكلة الديموغرافية في إسرائيل. إذ إن سيطرة الاحتلال على مساحات شاسعة من الأرض أعادت القلق من فكرة أن يصبح اليهود أقلية في ما بين النهر والبحر. وبالتالي، حسب هذا الخطاب، قد يكون على إسرائيل في حال وجود أغلبية فلسطينية أن تتخلى عن يهوديتها أو ديمقراطيتها، ولن يكون باستطاعتها أن تكون دولة يهودية ديمقراطية، حسب الادعاء السائد. فإذا سمحت للأغلبية غير اليهودية بالتصويت، ستخسر طابعها اليهودي، وإذا لم تسمح لهم، فستخسر طابعها الديمقراطي. لكن هذا التهديد يبقى جزءًا من الخطاب السياسي لا أكثر، أما على الأرض، فإن هذا القلق هو واقع بالفعل، حيث تسيطر إسرائيل على ملايين الفلسطينيين الذين لا يملكون حق التصويت، وهذا أحد أسباب توصيفها بدولة أبارتهايد.

عز الدين أعرج: قد يكون على إسرائيل في حال وجود أغلبية فلسطينية أن تتخلى عن يهوديتها أو ديمقراطيتها، ولن يكون باستطاعتها أن تكون دولة يهودية ديمقراطية، حسب الادعاء السائد

عودة إلى السؤال، فقد كانت هناك مقترحات عديدة للتعامل مع المشكلة الديموغرافية، من التهجير الجماعي كما قلت، إلى سياسات التضييق على الفلسطينيين ودفعهم للهجرة، وكذلك التحكم بمعدلات الخصوبة من خلال منع تعدد الزوجات، أو حملات تنظيم النسل، أو تشجيع النساء على التعليم، إلخ. وكلها سياسات قد تبدو عادية في سياق آخر، لكنها في السياق الفلسطيني محاولة للتدخل وإعادة تشكيل المشهد الديموغرافي. كما كانت هناك اقتراحات عديدة، مثل خطة ألون الشهيرة، التي تدعو إلى السيطرة على المناطق التي تضم سكانًا فلسطينيين أقل، والسماح ببؤر فلسطينية مكتظة بالسكان. وهناك أيضًا لاحقًا بعض القرارات السياسية الحاسمة التي ارتبطت بالمشكلة الديموغرافية، مثل قرار رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة، وهو ما أدى إلى استقطابات هائلة داخل مجتمع المستوطنين وأيضًا في المشهد السياسي الإسرائيلي، وتحديدًا داخل حزب الليكود.

س: خلال الأعوام الماضية، احتدم النقاش داخل إسرائيل بشأن ضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية، وكانت معظم الاقتراحات الإسرائيلية تتحدث حينها عن "ضم غير رسمي"، أي دون منح الفلسطينيين مواطنة داخل إسرائيل. هل هذه النقاشات كانت مرتبطة بالتخوف الديمغرافي ذاته؟
ج: الضمّ غير الرسمي هو قائم الآن بالفعل، وهذا ما يحدث على أرض الواقع؛ فإسرائيل تحتلّ كامل الأرض. الوصف الدقيق هو أن المطالبات كانت لضم قانوني أو رسمي. أي إنهاء مسألة الاستيطان واعتباره امتدادًا طبيعيًا للدولة، وإدارة السكان الفلسطينيين بشكل مباشر، دون منحهم حق التصويت. تتعدد المقترحات داخل الأحزاب اليمينية التي تدعو للضم بشأن مستقبل السكان الفلسطينيين. هناك بعض الأحزاب تتحدث عن أن منح حق التصويت غير ضروري لتكون إسرائيل ديمقراطية، وتستشهد مثلًا بنماذج مثل نموذج بورتوريكو حيث حكمتها الولايات المتحدة "الديمقراطية" لفترة طويلة بدون منح سكانها حق التصويت. هناك أحزاب أخرى تتحدث عن منح تدريجي للجنسية للفلسطينيين الذين يثبتون "ولاءهم" لإسرائيل، واستثناء الأغلبية منهم الذين يسهل تصنيفهم بأنهم معادون للدولة. لكن يمكن القول إنه لا يوجد تصور واضح بشأن مستقبل السكان الفلسطينيين في حالة الضم. غالبًا ما تستند هذه المطالبات بالضم إلى مثال غزة، حيث تقول إنّ الانفصال عن غزة لم يحقق أمنًا لإسرائيل، ولكن على العكس ساهم في صعود المقاومة المسلّحة الفلسطينية بشكل منظم أكثر.

لتقديم إجابة مباشرة عن سؤالك، فإن الدعوة إلى الضمّ الكامل لا ترتبط بالتخوفات الديموغرافية، ولكن الأوساط الإسرائيلية التي ترفض الضمّ تستخدم المشكلة الديموغرافية للتأكيد أن ضمّ الضفة الغربية لن يكون قرارًا حكيمًا بالمعنى الاستراتيجي. وهذا القلق كان عائقًا تاريخيًا أمام الضمّ الكامل للضفة.

س: جادلت في بحث لك أن زيادة الخصوبة عند الفلسطينيين لم تعد "مزعجة" عند الأوساط اليمينية في إسرائيل كما كانت سابقاً، هل من الممكن أن توضح لنا ما الذي كنت تقصده، ولماذا لم تعد مزعجة؟
ج: لم تعد مزعجة، بمعنى أنه لا يجب أن تكون عائقًا أمام الضمّ، بالنسبة إليهم. انتبهت أوساط إسرائيلية يمينية إلى أن الانسحاب من مستوطنات غزة كان مدفوعًا بقلق ديموغرافي، وكان بتشجيع من عالم الديموغرافيا الشهير والصديق الشخصي لشارون أرنون سوفير، وهو أحد المنظرين الأساسيين لمسألة الخطر الديموغرافي. وبالتالي فقد بدأت مجموعة يمينية يرأسها يورام إتنغر بنشر دراسات ترفض ما كان سوفير قد حذّر منه لسنوات. ادعت هذه المجموعة أنه لا يوجد خطر ديموغرافي حقيقي، وأن الأرقام التي تنشرها مؤسسة الإحصاء الفلسطينية مزيفة، وتزيد أكثر من مليون شخص، وهي الظاهرة التي أطلقت عليها اسم "فجوة المليون". لم يكن هذا النقاش علميًا، فمجموعة إتنغر لا علاقة علمية لها بالديموغرافيا، ولكن كانت لها أجندات سياسية واضحة، وهي أنه لا يجب أن نمنع مزيدًا من الضمّ بسبب القلق الديموغرافي، وأن القلق الحقيقي هو من تأسيس دولة فلسطينية، حيث ستسمح هذه الدولة بإعادة ملايين اللاجئين.

عز الدين أعرج: هناك بعض الأحزاب تتحدث عن أن منح حق التصويت غير ضروري لتكون إسرائيل ديمقراطية، وتستشهد مثلًا بنماذج مثل نموذج بورتوريكو حيث حكمتها الولايات المتحدة "الديمقراطية" لفترة طويلة بدون منح سكانها حق التصويت

لا يزال النقاش عن السكان الفلسطينيين أساسيًا بالنسبة لليمين الإسرائيلي، حيث يسعى إلى طرد أكبر قدر ممكن منهم وتقليل الخصوبة. لكن ما تغير هو أن هذه الأوساط انقلبت على الخطاب التقليدي عن المشكلة الديموغرافية من أجل الدفع لصالح مزيد من الضمّ. لكن بشكل عام لا بد من التأكيد أن شكل الاصطفاف في إسرائيل يتغير، إذ إن المساعي التاريخية، حتى غير الصادقة، للحفاظ على دولة ديمقراطية ويهودية في الوقت نفسه، لم تعد قائمة أو مهمة. الأهم بالنسبة لهذه الأوساط الآن هو دولة يهودية، وهو ما تجلى بشكل واضح في قانون القومية عام 2018. لم تعد هذه الأوساط اليمينية الشعبوية مهتمة أصلًا بالأدائية الديمقراطية، بل وتباهى مسؤولون منها بأنهم فاشيون.

س: في ظل هذه المعطيات، يبدو أن وجود سلطة فلسطينية تدير الحياة اليومية قد يكون من القضايا المهمة بالنسبة للحسابات الديموغرافية الإسرائيلية، خصوصاً أن هذا يسهل عليها عدم منح مواطنة للفلسطينيين في حال ضم بعض المناطق. مع هذا يبدو أن إسرائيل تعزز دور الإدارة المدنية في مناطق "ج" وحتى جزء من مناطق "ب" على حساب دور السلطة الفلسطينية، كيف يمكن تفسير هذا التناقض برأيك؟
ج: حتى دور الإدارة المدنية غير واضح. على سبيل المثال، تمنحنا جلسات الكنيست التي ناقشت المسألة الديموغرافية في السنوات العشر الأخيرة فرصة للنظر إلى علاقة اليمين الإسرائيلي بالإدارة المدنية. في كثير من الأحيان، اتهم نواب اليمين الإدارة المدنية بالتوطؤ مع الفلسطينيين وتزوير الأرقام للحفاظ على دورها والحصول على تمويل. تكررت هذه التصريحات حتى أيامنا هذه. لكن على الأرض، أتفق معك في ما ذكرته. فدور الإدارة المدنية يزداد بشكل كبير، لدرجة يتخيل فيها المرء أنّ هناك عملية تمهيدية لضمّ كل الضفة الغربية. يمكن النظر على سبيل المثال إلى ما يطلق عليها الفلسطينيون في الضفة "الممغنطة"، وهي هوية بديلة فعليًا عن الهوية التي تصدر بشكل مشترك عن السلطة الفلسطينية وإسرائيل. ومع أنها غير إلزامية، فإنه في حال احتاج الفلسطيني من الضفة للحصول على أي تصريح أو القيام بأي إجراء بيروقراطي له علاقة بالإدارة المدنية، يتعيّن عليه أن يستصدر "ممغنطة". 

مستوطنة إفراتا على المشارف الجنوبية لمدينة بيت لحم، 27 يونيو 2020 (حازم بدر/فرانس برس)
تقارير عربية
مستوطنة جديدة في الضفة.. لتحقيق حلم "القدس الكبرى" ووأد دولة فلسطين
قناعتي الشخصية أنه لا توجد استراتيجية واضحة في إسرائيل متفق عليها بشأن السلطة الفلسطينية، حتى في أوساط اليمين. يجب علينا أن ندرك أن اليمين في إسرائيل ليس فئة واحدة. هناك اليمين المتطرف الذي يعادي السلطة بشكل واضح، ولا يميل إلى أخذ أي أبعاد استراتيجية في عين الاعتبار. لكن هناك الليكود، الذي وإن كان لا يقل تطرفًا، إلا أن له حسابات مرتبطة بالسلطة ومؤسسات الدولة، ويعرف أن هناك أهمية استراتيجية للدور الوظيفي الذي تقوم به السلطة. لكن بشكل عام، حتى شخص مثل (رئيس السلطة الفلسطينية) محمود عباس يتم النظر إليه في مدونات اليمين على أساس أنه إرهابي وتنشر صور له وهو يقود دبابات، أو يحمل أسلحة. أمر آخر، هو أن هناك مؤسسات في إسرائيل يمكن وصفها بأنها مؤسسات غير منتخبة، مثل المحكمة العليا. وعلى الرغم من دورها الواسع في ضم الأرض وتهجير الفلسطينيين، فإن ما تقوم يشبه المأسسة لهذا العنف المتطرف، وتخلق قنوات استراتيجية له. الآن على أجندة اليمين، كما تعرف، إنهاء دور المحكمة العليا، وهو السبب الأساسي في الأزمة التي ضربت إسرائيل قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وكادت أن تطيح بإدارة نتنياهو. 

بشكل عام، فإنني أرى أن إسرائيل الآن تمر في مرحلة دقيقة، من ناحية أن هناك صراعًا ليس فقط بين فئات في المجتمع على طابع الدولة، ولكنه صراع بين المؤسسات المنتخبة وغير المنتخبة (وهو صراع موجود في الشعبويات المعاصرة)، ولكن أيضًا بين العنف الذي تقوم به المؤسسات والعنف غير الممأسس. نحن الآن نتحدث عن عشرات آلاف الإسرائيليين "المدنيين" الذين يملكون حق حمل السلاح، بل ويوجهونه بشكل يومي ضد الفلسطينيين، ولا يواجهون أي عواقب قانونية. وبالتالي فحتى التعريف التقليدي للدولة بأنها جهاز يحتكر العنف، لم يعد صالحًا في إسرائيل، حيث إن احتكار العنف لم يعد مرتبطًا بالانتماء إلى مؤسسات الدولة، ولكن الانتماء العرقي، أي حقيقة أنك يهودي، والتقديرات الضبابية لمن يتعرض للخطر ويحتاج إلى حماية نفسه. بشكل عام، هناك دفع باتجاه الانفلات من سطوة المؤسسات وما يمكن تسميته قنواتها القانونية لممارسة العنف والضم، لصالح نوع آخر من العنف المنفلت من أي حسابات استراتيجية، أي لصالح ما يسميه الفلسطينيون "قطعان المستوطنين" بما تحمل هذه الدلالة من شعبوية وفوضى وانفلات. لم يعد الطابع المؤسساتي للعنف في إسرائيل قادرًا على استيعاب واحتواء الرغبة المتصاعدة بالضمّ، وهو في تقديري الشخصي أحد الأسباب الرئيسية للانقسامات الحالية في إسرائيل. 

س: لكن هل هذا يعني أننا متجهون بالكامل نحو الضمّ؟ 
ج: ليس بالضرورة، ما قلته لا يعني أن ما يريده المستوطنون سيتحقق بدون شروط في المرحلة المقبلة. هناك فئات في إسرائيل حتى لو لم تكن لها سلطة تشريعية أو نفوذ في صناديق الاقتراع، لا تزال تهمين على المؤسسات غير المنتخبة وعلى التعليم والصحافة. أقول هذا مع أن هناك صعودا مستمرا لليمين في هذه المستويات، ففي الإعلام هناك صحف يمينية مثل يسرائيل هيوم، وهناك تزايد في سلطة اليمين في الجامعات، وكذلك هناك الصراع على المحكمة العليا واختزال دورها. لكن بشكل عام، فإن الفئات المذكورة التي لها سلطة غير تشريعية لها حساباتها الاستراتيجية التي قد لا تسمح للوضع بالانفجار بالكامل. كان تأثيرها واضحا في الاحتجاجات الواسعة التي حصلت في إسرائيل قبل السابع من أكتوبر، وكذلك في الإضرابات التي وصلت إلى الجيش. 

عز الدين أعرج: الضم غير الرسمي هو قائم الآن بالفعل. إنه ما يحدث على الأرض، فإسرائيل تسيطر على كامل الأرض من النهر إلى البحر

لكن دعني أعود إلى السلطة الفلسطينية، وهو أحد الأسئلة الأساسية والملحة اليوم. عندما نقول الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية، فماذا نعني بالضبط؟ ولماذا يرتبط ذلك بالاصطفاف داخل النخب الأمنية في إسرائيل؟ لقد ساد اعتقاد طويل في إسرائيل منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بأنه لا بد من منح الفلسطينيين هامشًا مشروطًا وضئيلًا من الازدهار أو التنمية، الذي سيمكّن من استدامة الاحتلال والقدرة على ضبط ملايين الفلسطينيين لعقود طويلة. حدث هذا قبل أوسلو بعدّة أشكال، بما في ذلك عمل الفلسطينيين في إسرائيل، ومساعدة قطاعات اقتصادية وصحية فلسطينية، جنبًا إلى جنب مع استغلالها. شخصيًا، أفكر في الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية على أنّه إدارة لهذا الهامش المشروط من التنمية، الذي يمكن من خلاله استدامة الاحتلال. أي أن السلطة الفلسطينية تقوم من خلال الضرائب التي تحصل على نسبة منها، والريع الدولي من إدارة هذا الهامش، وخلق نوع من الاستقرار الذي لا يتعارض مع العنف والضم البطيئين. وبالتالي، في ظل وجود السلطة، بدلًا من ضم كامل للضفة الغربية، فإن الاستيطان يتوسع تدريجيًا، وتسيطر إسرائيل على مزيد من الأراضي الاستراتيجية، وتساهم في الوقت نفسه في شرذمة الأرض الفلسطينية. 

الجانب الآخر لهذا الدور الوظيفي، هو ما ما يمكن تسميته إدارة الأجساد غير المرغوب بها. خلال جائحة كورونا على سبيل المثال، توفي عامل مصري داخل إسرائيل، لم يكن للسلطة أي دور في دخوله، ولم يدخل حتى من خلال المعابر التي توجد السلطة عليها بشكل رمزي. وقتها، طلبت إسرائيل من السلطة التعامل مع الجثة، وهو ما استغربته الأخيرة. كان هذا مثالًا رمزيًا على تصور إسرائيل بخصوص السلطة الفلسطينية، أي إدارة الأجساد التي لا تريد إسرائيل إدارتها، بمعنى ما ملايين الفلسطينيين الذي يعيشون في نقاط مشرذمة في مناطق أ و ب حسب اتفاقية أوسلو. أما موضوع مناطق جيم فهذا موضوع منفصل بالنظر إلى أنه، رغم أن المنطقة تشكل أكثر من ستين بالمئة من الضفة الغربية، فإن عدد المستوطنين فيها أكبر من عدد الفلسطينيين. ولقد فهم المسؤولون في السلطة هذا الدور جيدًا، إلى درجة أنهم في أكثر من مرة هددوا إسرائيل بحل السلطة وترك إسرائيل تقوم بجمع القمامة، في إشارة إلى إدارة التفاصيل اليومية والمكلفة والمزعجة للسكان. 

عز الدين أعرج: حسابات "اليوم التالي" للحرب أعادت النقاش بشكل مختلف ولو لم يكن واضحًا عن مستقبل السلطة الفلسطينية وأي دور محتمل لها في قطاع غزة

الآن، عودة إلى الاصطفاف داخل إسرائيل. تعي الفئات التي ترفض الضم أهمية هذا الدور الوظيفي للسلطة. فمن ناحية، فإن هناك نخبًا أمنية تهدد بأن إلغاء هامش التنمية المشروط والضئيل هذا سيترك الوضع يذهب إلى الانفجار. من ناحية أخرى، فإنها تعي كلفة الإدارة المباشرة للفلسطينيين. وخلاصة الأمر، أنه لا وجود لتصور واضح أو واحد بشأن السلطة الفلسطينية، كما أنه لا وجود لتصور واضح بخصوص الضمّ.

س: هل تغير الوضع بعد السابع من أكتوبر؟
ج: نعم، لكن بطريقة غير واضحة أيضًا. من ناحية، فقد سمح حجم العنف في قطاع غزة لليمين الصهيوني الديني في الضفة الغربية بممارسة مزيد من العنف، كما تم الاستثمار في الخطاب العام المسعور بعد السابع من أكتوبر، والذي تركز حول الانتقام، من أجل تسليح مزيد من المستوطنين وتعزيز نفوذهم. لكن من ناحية أخرى، فإن هذا اليمين، وبشكل لا يخلو من المفارقة، يكتسب دوره الأكبر في العنف البطيء الذي يرفضه. أي أنه يمين قضى عقودًا من الاستفزاز وتشكيل البؤر الاستيطانية والعنف المتفرق، لكن بعيدًا عن الحرب الحقيقية. الحرب الشاملة القائمة الآن لها قطاعات مختلفة في إسرائيل، ونخب أخرى، تفكر بطريقة استراتيجية أكثر، حتى لو أنه صار من الصعب تفريق شعبويتها عن شعبوية بن غفير أو سموتريتش. وذلك قد يعيد بعض الحسابات.

إضافة إلى ذلك، فإن حسابات اليوم التالي أعادت النقاش بشكل مختلف ولو لم يكن واضحًا عن مستقبل السلطة الفلسطينية وأي دور محتمل لها في قطاع غزة. لكن تبقى الأمور غير واضحة.

نبذة عن عز الدين أعرج
باحث وصحافي فلسطيني، ورئيس تحرير موقع ألترا صوت، يركّز عمله البحثي على العنف الإحصائي وسياسات الإنجاب في سياق الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Empty
مُساهمةموضوع: رد: التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية    التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية   Emptyالثلاثاء 01 أكتوبر 2024, 9:34 am

الحرب الصامتة.. إسرائيل تواصل ابتلاع الضفة تزامنا مع الحرب على غزة


تواجه مدن الضفة الغربية وقراها اعتداءات وعمليات عسكرية لا تقل ضراوة عن تلك التي يتعرض لها قطاع غزة حيث تحول الاحتلال من “الردع” إلى “الحسم والتحييد” أي تصفيتهم، وفقا لفيلم عرضه برنامج “للقصة بقية”.
وينقل برنامج "للقصة بقية" الذي يمكنكم مشاهدته على هذا الرابط على منصة 360، عن سياسيين وخبراء يرون أن ما يجري في الضفة حاليا ليس سوى تكرار لما فعله ديفيد بن غوريون الذي اعتمد على العصابات اليهودية في قتل السكان والاستيلاء على أراضيهم.
ومع إصرار حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة على المضي قدما في خططها الرامية إلى ابتلاع مزيد من الأراضي، يجد فلسطينيو الضفة أنفسهم يقتلون على يد عصابات كتلك التي كانت ذراع الاحتلال في نكبة 1948، كما يوضح الفيلم الذي عرضه "للقصة بقية".
وفي خضم الصمت الدولي الذي يصل إلى حد التواطؤ، يواجه سكان الضفة حربا صامتة تتمثل في طرد مزيد منهم من قراهم لضمها إلى المستوطنات التي شرعت إسرائيل في توسيعها بشكل أكبر.
وتفاقمت التوترات في الضفة الغربية منذ مطلع العام الماضي، بعد أن شهد عام 2022 أعلى معدلات سقوط للشهداء منذ الانتفاضة الثانية (سبتمبر/أيلول 2000)، حتى قالت الأمم المتحدة إنه من أكثر الأعوام دموية في تاريخ الفلسطينيين.




تحولات في الفعل ورد الفعل



ووفقا للفيلم الوثائقي الذي عرضه "للقصة بقية" فإن سلطات الاحتلال تحولت من "الردع" إلى "التحييد" (القتل)، في تعاملها مع الفلسطينيين في الضفة فضلا عن أنها سرَّعت خطوات الضم والاستيطان، ومنحت المستوطنين ضوءا أخضر لخوض حرب بالوكالة عن الجيش والشرطة.
ويشير الفيلم أيضا إلى أن هذا التحول في التعامل الإسرائيلي، ترتب عليه أيضا تحول في عمل المقاومة التي انتقلت من نمط العمل الفردي، إلى ما يشبه التشكيلات العسكرية المنظمة.
وبين هذا التحول وذاك، يتجلّى دور التنسيق الأمني الذي تمارسه السلطة الفلسطينية مع الاحتلال بموجب اتفاقية أوسلو، والذي يقول عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية (فتح) عباس زكي، إنه لم يعد موجودا بالمعنى الذي يفسره البعض.
في المقابل، يقول نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة إنه من غير المعقول إن يخوض الفلسطينيون هذه الحرب بينما هناك من ينسق مع الاحتلال أمنيا بأي شكل من الأشكال.
وبينما لا تتوقف الولايات المتحدة والدول الغربية عن إبداء قلقها أو رفضها لما يحدث في الضفة وما قد يترتب عليه من مخاطر أمنية على المنطقة كلها، يتوعد وزيرا المالية والأمن القومي المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير -دون مواربة- بتحويل الضفة إلى غزة أخرى.
وبعد عام من الحرب الدائرة في قطاع غزة، يبدو واضحا أن الفلسطينيين لم يعد أمامهم خيار سوى خيار المواجهة بعدما توقف العرب حتى عن الشجب والتنديد الذي يترحم البعض عليه، بعد أن استخدم الاحتلال المقاتلات والطائرات المسيّرة والدبابات في قصف مدن الضفة ومخيماتها التي تعج بالمدنيين.


ومع أحاديث مسؤولين إسرائيليين عن ضرورة إخلاء بعض مناطق الضفة من سكانها لفترة من أجل العمليات العسكرية، تبدو إسرائيل عازمة على تهجير الناس ومحو المخيمات تحديدا من على وجه الأرض كونها الشاهد الذي لا يموت على وجود احتلال غير قانوني لهذه الأرض.








العودة لأسلوب العصابات



يقول عضو اللجنة المركزية لفتح عباس زكي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول تكرار ما فعله ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، الذي قال "لقد انتصرنا بالرعب" عندما اعتمدنا على عصابات الهاغاناه والشتيرن والأرغون في قتل الفلسطينيين وسلب أراضيهم.
ويرى زكي أن نتنياهو يحاول أن يكون بن غوريون عصره كونه يستخدم 3 عصابات أيضا هي: لهافا (الموت للعرب) وشباب التلال وتدفيع الثمن، وغيرها.
وتعيش الضفة تحت حكم عسكري صارم منذ احتلالها سنة 1967، ورغم تقسيمها إلى 3 مناطق بموجب اتفاقية أوسلو فإن القبضة العسكرية الإسرائيلية لم تنفك عنها لحظة واحدة بشكل أو بآخر، ولم تكن السلطة الفلسطينية أكثر من محاولة لتجميل وضع لا يمكن تجميله.
يقول نائب رئيس مركز السياسات الدولية في واشنطن ماثيو داس إن الضفة شهدت واحدا من أشد الأعوام عنفا خلال 2022، مشيرا إلى أن المستوطنين لم يعودوا مدعومين من الحكومة كما كانوا وإنما أصبحوا هم الحكومة.
ويرى داس أن الهدف الواضح الذي لا لبس فيه لهذه الحكومة هو السيطرة على كافة الأراضي التي احتلتها إسرائيل سنة 1967.
وبالتزامن مع الحرب على قطاع غزة، كثف جيش الاحتلال اقتحاماته لمدن الضفة فارتفع عدد الشهداء لأكثر من 700 بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومنتصف سبتمبر/أيلول الماضي 2024، وبلغ عدد الأسرى 9900 وفق إحصائيات المؤسسات الفلسطينية.
وكشفت صحيفة "هآرتس" أن رؤية الحكومة الإسرائيلية التي وصفتها بالكارثية هي تحويل الضفة الغربية إلى غزة حيث أعادت إحكام السيطرة العسكرية على المنطقة (ب) التي كانت تتشارك حكمها مع السلطة الفلسطينية مما جعل 80% من الضفة واقعا تحت الحكم العسكري.
وسبق أن تم تسريب تصريحات لسموتريتش في أحد الاجتماعات يتحدث فيه عن خططه لضم الضفة والتي أظهر التسريب تأييد نتنياهو لها، وهي تتبنى خطوات لجعل الضم أمرا واقعا. كما سبق أن رفع رئيس الوزراء خريطة لإسرائيل لا تظهر فيها الضفة الغربية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
التحولات في السياسات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مستقبل الضفة الغربية
»  أبرز العمليات العسكرية الإسرائيلية على الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية
» ما خيارات الضفة سياسيا تجاه غزة؟
» الضفة الغربية
»  النقطة الحرجة في الضفة الغربية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: احداث ما بعد النكبة-
انتقل الى: