استياء من "الاستثمار" المصري في تدمير أنفاق غزة
أثارت تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، حول "استثمار" مصر مبالغ ضخمة
لإقامة سياج أمني لتدمير الأنفاق على الحدود مع قطاع غزة طوال الـ10 سنوات الأخيرة، استياء
واستغراب دبلوماسيين وسياسيين مصريين، رأوا أن تلك التصريحات لا تخدم مصلحة مصر وأمنها
القومي، ولا يجوز أن تخرج من المسؤول الأول في الدبلوماسية المصرية، بينما يصر الاحتلال على
البقاء في محور صلاح الدين (فيلادلفي)، بالمخالفة لكل المعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها مصر
مع إسرائيل، والتي تنص على عدم تواجد جيش الاحتلال في تلك المنطقة. ومن غير المعروف ما
إذا كان الوزير قد قصد معنى مصطلح إنفاق بدل الاستثمار، والمصطلحان مختلفان، لأن الاستثمار
يكون في العادة بهدف تحقيق ربح من المشروع المستثمر فيه، أكان الربح اقتصادياً أم سياسياً.
عبد الله الأشعل: لا يصح التكلم بهذه المواضيع التي تعتبر ذات طابع أمني
وقال عبد العاطي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الدنماركي لارس لوكا راسموسن، الاثنين
الماضي: "الكل يعلم أن مصر استثمرت الكثير وبمبالغ مالية ضخمة، على مدار السنوات العشر
الماضية، لإقامة سياج أمني على حدودنا، بالتأكيد لضمان التدمير الكامل لكل الأنفاق التي كانت
موجودة من الجانب الآخر من الحدود منذ الاحتلال الإسرائيلي، وهذه الأنفاق تعود أصولها إلى فترة
الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة". وأضاف: "مصر دمرت، لا أقول المئات، ولكن عدة آلاف من
الأنفاق، تماماً، وكما تعلم قمنا بنقل منازل وبعض القرى إلى مناطق أخرى لأنها كانت تستخدم
فتحاتٍ لهذه الأنفاق".
الأشعل: ليس حديثاً دبلوماسياً
المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، علق على تلك التصريحات،
قائلاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هذا ليس حديثاً دبلوماسياً ولا يليق بوجهة مصر
الدبلوماسية، ولا بمقام وزير الخارجية، الذي لا يصح أن يتكلم بهذه المواضيع التي تعتبر ذات طابع
أمني، وتعتبر من الأسرار لدى النظام المصري".
بدوره قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع،
لـ"العربي الجديد"، إن "الخروج على العلن والقول إننا استثمرنا في هدم الأنفاق لا يجوز أبدا"،
موضحاً أن مصر "حريصة جداً على ألا يتواجد صهيوني في مسافة الـ14 كيلومترا الموجودة على
الحدود مع قطاع غزة بعد 1967، وأن يكون التواجد عربياً، ولذلك فإن المفاوضات متوقفة بسبب
محور صلاح الدين، وليست فقط حماس هي الرافضة، ولكن مصر أيضاً ترفض ذلك".
عمار علي حسن: ما قاله عبد العاطي مُعلن وتعرفه إسرائيل جيداً
وتساءل ربيع: "لماذا نتبرع بأن نرضي الصهاينة؟ يجب أن يحصل العكس، أن نتركهم قلقين بحيث
إنهم يضطروا إلى مغادرة المحور. فإذا كانت مصر تخشى من تمسكهم باحتلاله، ولذلك تقول على
لسان وزير خارجيتها إنها هدمت الأنفاق منذ فترة، فهذا نوع من التقزيم في مكانة مصر أمام
الصهاينة".
إخلاء رفح لتدمير أنفاق غزة
من ناحيته قال أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور عمار علي حسن، لـ"العربي الجديد"، إن "
ما قاله وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مُعلن وتعرفه إسرائيل جيداً، فقد تم إخلاء رفح
المصرية من سكانها لتدمير الأنفاق الموجودة بين قطاع غزة ومصر"، مضيفاً أنه "مع إصرار
إسرائيل على اتهام مصر بأنها وراء كل هذه الأسلحة التي تملكها المقاومة، وساعدتها على إرهاق
جيش الاحتلال الإسرائيلي وتعجيزه عن تحقيق هدفه بالقضاء عليها، كان من المتوقع أن تؤكد
مصر أمام المجتمع الدولي خطأ السردية الإسرائيلية، خاصة أن تل أبيب تتخذها ذريعة للبقاء في
محور صلاح الدين. ولكن مع ذلك فهي للأسف لغة متراخية، تفتقد الاعتداد بالوطن والنفس".
واشنطن تفرج "دون شروط" عن مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس الخميس، أنها ستفرج دون شروط عن مساعدات عسكرية
لمصر بقيمة 1,3 مليار دولار، في الوقت الذي تنخرط فيه القاهرة وواشنطن في وساطات للتوصل
إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
والعام الماضي، اشترطت الولايات المتحدة للإفراج عن جزء من هذه المساعدات السنوية إحراز
تقدم في مجال احترام حقوق الإنسان في مصر، الدولة التي يُتهم رئيسها عبد الفتاح السيسي بقمع
المعارضة. ولكن هذا العام، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن مصر أحرزت "تقدما" في مجالات
معينة تتعلق بحقوق الإنسان. كما أشارت صراحة إلى المساعدة التي قدمتها القاهرة في التوسط بين
إسرائيل وحركة حماس بشأن الحرب على غزة.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن "هذا القرار مهم لتعزيز السلام الإقليمي ولمساهمات
مصر المحددة والمستمرة في أولويات الأمن القومي الأميركي، وخاصة لإتمام اتفاق وقف إطلاق
النار في غزة". كما أشار المتحدث نفسه أيضا إلى دور مصر في "تعزيز وقف إطلاق النار في
السودان"، حيث تدور حرب أهلية منذ أكثر من 16 شهرا.
وتنتقد واشنطن بانتظام سجل مصر في مجال حقوق الإنسان ووضعت شروطا على منح جزء من
مساعداتها العسكرية السنوية. والعام الماضي، علقت واشنطن مساعدات عسكرية لمصر بقيمة نحو
95 مليون دولار، على أساس مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان.
ومنذ عام 2022، أعاد الرئيس المصري السيسي إطلاق "حوار وطني" وأفرج عن مئات السجناء
السياسيين، لكن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف هذا العدد من
الأشخاص اعتقلوا في نفس الفترة، بحسب "فرانس برس". ولا تزال مصر، الحليف الرئيسي
للولايات المتحدة، تحتجز عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وكثير منهم يعيشون في ظروف
قاسية للغاية، وفقا لمنظمات غير حكومية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية: "بمصادقتها على استيفاء مصر الشروط، تقرَ الولايات
المتحدة بالخطوات التي اتخذتها مصر" في مجال حقوق الإنسان. وأشاد بمشروع قانون بشأن
الإصلاحات القضائية والإفراج عن أكثر من 950 سجيناً سياسياً منذ سبتمبر/أيلول 2023 من بين
خطوات أخرى، وفقا لـ"فرانس برس".