ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: كيف تكون صديقاً لأبنائك؟ السبت 16 فبراير 2013, 8:59 am | |
|
كثيرة هي المشاغل والهموم التي تلاحق أرباب الأسر وتطاردهم باستمرار، ولعل أبرزها البحث عن الرزق و «لقمة العيش» باعتبارها مسؤولية اجتماعية واجبة عليهم، وفي المقابل قد يعاني العديد من الأبناء في هذه الحلقة من افتقاد الصداقة الحقيقية مع أقرانهم خصوصاً في مرحلة المراهقة وما يعتريها من تغيرات نفسية وجسمانية تنعكس على تصرفاتهم وسلوكياتهم مع الآخرين، لاسيما عندما تكون مبنيةً على المصالح والمنافع المتبادلة فقط وليس على المودة وحسن المعاشرة، مما يتطلب من الآباء مراعاة شعور أبنائهم وفلذات أكبادهم ومحاولة بناء علاقة صداقة في تلك المرحلة الحرجة، وتقليص الفجوة العمرية، ومحاولة الخروج من عباءة سلطة الأب واصدار الأوامر المتكررة، وترك مساحة من الحرية لهم للنقاش وإبداء آرائهم ومشاكلهم وهمومهم، الأمر الذي يسهم باحتواء الأبناء، ويعزز العلاقة فيما بينهم مما يحقق بالنهاية الهدف الأسمى وهي «الأسرة السعيدة».
الإبتعاد عن الاوامر وعن مدى تقدير مشاعر الآباء لأبنائهم بينت فدوى سليم ربة منزل، أن مراعاة مشاعر الأبناء منذ طفولتهم مروراً بالمرحلة الصعبة «المراهقة» و ما يشوبها من تغيرات نفسية وجسمانية تنعكس على شخصيته وطبيعة تعامله مع والديه ومع الآخرين أيضاً، منوهةً إلى انه في هذه المرحلة لا يجب التعامل مع الأبناء بأسلوب النصح والإلزام والأمر لأنه يكون متقلب المزاج، حاد الطباع وغير متقبل لسلطة الأب باستمرار، متمنيةً تغيير العادات السلوكية الموروثة لدى الآباء ومحاولة الخروج في نزهة أو حضور فيلم سينمائي أو غير ذلك من الحلول المؤثرة التي قد تغير مزاجية الأبناء وتجعلهم أكثر ادراكاً للقرابة الروحية ما بينه وما بين أبيه، وبالتالي تتحقق رويداً رويداً الصداقة فيما بينهم.
مساحة من الحرية حسام عبداللطيف موظف قطاع خاص، أكد أن هناك مفاتيح بسيطة لفهم شخصية الأبناء لاسيما مع تقدم أعمارهم، مبيناً ان ابرزها ترك مساحة من الحرية خصوصاً في اختيار ما يريدونه في الملبس والمأكل وغير ذلك، والإهتمام بالنقاش الذي يطرحه الأبناء وعدم تسفيه أحاديثه، مضيفاً ان تشجعيه على الاعمال الخيرة والحسنة وتحفيزه عليها تنشطه اجتماعياً وتجعله يشعر بقيمته معنوياً، علاوة على ضرورة اشراكه بالمتطلبات المنزلية حتى لو كانت بسيطة، موضحاً أن تلك المفاتيح تعتبر مداخل لشخصية الابناء واكتسابهم من خلال بناء علاقة صداقة متينة وقوية تسهم في تحقيق المودة والحب بين الطرفين.
سعة صدر الشاب محمد المدني أكد أن طبيعة العلاقة التي تربطه مع والده علاقة صداقة قوية وحقيقية، مبيناً أنه بالرغم من عدم وجود أخ «يلفي اليه» على حد تعبيره، إلا ان التعويض كان مع والده الذي يعتبره الصديق في معظم الاوقات، مؤكداً أنه علاوة على تأمين الحاجات الأساسية له من «مأكل وملبس ومشرب ومسكن» إلا ان سعة صدر والده منفنتحة دائماً لسماع قضاياه ومشاكله وهمومه في المدرسة ومحاولة ايجاد الحلول المناسبة لها بعيداً عن العصبية أو «النرفزة»، كما أنه يتابع مباريات الدوري الإسباني بإستمرار بهدف خلق جو عائلي وتشجعيه على حضورها داخل المنزل، لافتاً إلى ان كل هذه المشاعر والمودة الكبيرة التي تربطه بأبيه دفعته للتعلق به ومرافقته في كل مشوار ومناقشته في جميع تفاصيل حياته وما يعتريها من قضايا ومشاكل و»مطبات حياتية».
سلوكيات منبوذة وابدى سعيد خلف رب أسرة، استياءه من تصرفات بعض أولياء الامور التي يتبعونها مع أبنائهم وفلذات أكبادهم، مبيناً أن هناك من يربي أولاده على سياسة الإفراط أو التفريط، فمثلا يربي أحدهم ولده على الجبن، وذلك بكثرة تخويفه من «الغول أو الشبح» أو أمثالها، أو يقوم آخرون بتربية ولده على التهور، بل والاعتداء على الآخرين بدعوى أن تلك هي الشجاعة، والأمر على عكس ذلك، مضيفاً أن هذا الأسلوب التربوي لا يخلق علاقة وطيدة بين الاب وابنه بل يبني علاقة عكسية وسلبية بين الآباء والأبناء، متمنياً تغيير بعض التصرفات السيئة التي يعتقد الآباء انهم من خلالها يصلون لقلوب أبنائهم وعقولهم.
غياب القواسم المشتركة
الخبير الإجتماعي والتربوي الدكتور عودة عبد الجواد ابو سنينة قال: ان قوام العلاقات بين الأفراد هو الصدق في التعامل، والصداقة ضرورية للانسان مثل الماء والهواء والغذاء، معرفاً إياها بأنها علاقة اجتماعية بين شخصين او اكثر تقوم على المودة والتعاون بينهم و تتميز بثلاث خصائص، الاعتمادية المتبادلة من خلال التأثير في المشاعر، والميل الى المشاركة في النشاطات، وقدرة كل طرف من اطراف العلاقة على استثارة انفعالات قوية في الطرف الاخر، لافتاً إلى أن هناك افتقاد بمعنى الصداقة بين الآباء والأبناء، مؤكداً ان الاسس التي تقوم عليها الصداقة يجب ان تقوم على مشاعر الحب والجاذبية المتبادلة بين شخصين و الدوام النسبي، والاستقرار، والتقارب في العمر والتماثل في سمات الشخصية والقدرات والاهتمامات والظروف الاجتماعية، مضيفاً أن فارق العمر هو السبب في عدم وجود الصداقة وعدم وجود اهتمامات مشتركة، ورغبات و كل هذه العوامل تؤدي الى عدم وجود هذا النمط من الصداقة، وفي بعض الاحيان يحاول الاباء ايجاد قواسم مشتركة مع ابنائهم من خلال تغليب العاطفة و بعض السمات الشخصية و الظروف العائلية كل ذلك لا يكفي ولذلك السواد الاعظم من الابناء لا يرغبون في ان يكون الاباء مشاركين لهم في مشاعرهم و اهتمامتهم و حاجياتهم.
تقليص الفجوة العمرية
وعن الوسائل و الطرق التربوية التي يمكن من خلالها تقريب العلاقة بين الاب والابن أوضح ابو سنينة ان اهم شيء في هذه العلاقة هو ان يعرف الأب حاجات ابنه النمائية و بخاصة في مرحلة «الطفولة او المراهقة» من اجل تقليص الفجوة العمرية بين الاب و ابنه بهدف التعايش بالمشاعر و الاحاسيس و العواطف بحيث نقترب من النواحي العاطفية والوجدانية بحيث لا يشعر ابناؤنا و بناتنا بأننا في وادٍ وهم في وادٍ آخر ولا مانع من المشاركة في اهتماماتهم و العابهم و نشاطاتهم بحيث نكون قريبين منهم الى درجة كبيرة وان نخرج عن اطار العلاقة الرسمية كأب و أم، ملحماً أن هذه الانشطة التي تبادل ابناؤنا بها تقربنا منهم كثيرا و ممكن الاب او الام ان تشاورهم في بعض القضايا كما تعامل صديقاتها او الاب مع اصدقاء وهنا يكون المجال لتقبل المشاعر، مشيراً أن هذه السلوكيات ليست صعبة و بهذا براي ليس او مستحيلة لاننا اذا لم نسمع منهم ونصغي الى مشاعرهم وهمومهم وحاجياتهم فهناك خارج البيت ما يسمع لهم و لا يكون بخبرتنا وتجاربنا. |
|