في الذكرى 29 لـ«وثيقة الاستقلال»
الفلسطينيون يستذكرون خطاب عرفات…
ومطالبات بإتمام المصالحة لتجسيد حلم الدولة
أشرف الهور:
Nov 15, 2017
غزة ـ «القدس العربي»: يصادف اليوم الذكرى الـ 29 لوثيقة الاستقلال الفلسطيني، وإعلان الرئيس الفلسطيني الراحل
ياسر عرفات خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في عام 1988، قيام «دولة فلسطين»، لتكون بداية
تحرك سياسي فلسطيني قاد في مرحلة لاحقة إلى قيام السلطة الفلسطينية، ومن ثم الحصول على اعتراف أممي بدولة
فلسطينية بصفة «مراقب» في الأمم المتحدة، في سبيل الحصول على تجسيد حلم الدولة على حدود عام 1967.
ويستذكر الفلسطينيون في هذا اليوم الرئيس عرفات، وهو يلقي في جلسة للمجلس الوطني التي احتضنتها العاصمة
الجزائرية، خطابه الشهير وذاك الإعلان «إن المجلس الوطني يعلن باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة
فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف».
وجاء في الخطاب «على أرض الرسالات السماوية إلى البشر، على أرض فلسطين ولد الشعب العربي الفلسطيني، نما
وتطور وأبدع وجوده الإنساني عبر علاقة عضوية، لا انفصام فيها ولا انقطاع، بين الشعب والأرض والتاريخ».
وقال أيضا «وإذ تعلن دولة فلسطين أنها دولة محبة للسلام ملتزمة بمبادئ التعايش السلمي، فإنها ستعمل مع جميع الدول
والشعوب من أجل تحقيق سلام دائم قائم على العدل واحترام الحقوق، تتفتح في ظله طاقات البشر على البناء، ويجري فيه
التنافس على إبداع الحياة وعدم الخوف من الغد، فالغد لا يحمل غير الأمان لمن عدلوا أو ثابوا إلى العدل».
وشمل الخطاب وقتها عروج الرئيس الراحل الذي صادفت ذكرى وفاته الـ 13 قبل أيام، على المأساة التي لحقت بالشعب
الفلسطيني، جراء الاحتلال الإسرائيلي الذي سلب الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين، وإلى نضال الشعب الفلسطيني
للحصول على الحرية والاستقلال. وأكد أن «دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا، فيها يطورون هويتهم الوطنية
والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، تصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية».
وجاء أيضا في الخطاب الذي مثل «وثيقة الاستقلال» أن «دولة فلسطين دولة عربية هي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية،
من تراثها وحضارتها، ومن طموحها الحاضر إلى تحقيق أهدافها في التحرر والتطور والديمقراطية والوحدة».
وأعلن الرئيس الراحل ان دولة فلسطين تلتزم بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها
كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته.
ويحيي الشعب الفلسطيني هذه الذكرى في هذا العام في ظل تحركات سياسية تقودها الإدارة الأمريكية، لإعادة إطلاق مبادرة
سياسية تقود لمفاوضات سلام جديدة، بعد توقف دام لأكثر من ثلاث سنوات، حيث يعمل الجانب الفلسطيني حاليا، بعد حصوله
على عضوية العديد من المؤسسات الدولية، على تجسيد قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة تحظى باعتراف دولي كامل، على
حدود 67 تكون القدس الشرقية عاصمة لها، رغم الاعتراض الأمريكي والإسرائيلي لهذه التحركات التي يقودها الرئيس
محمود عباس، في مسعى منه لتجاوز «الفيتو» الأمريكي، الذي استخدم في وقت سابق لوقف تحقيق الحلم الفلسطيني.
وتأكيدا على قدسية التاريخ الذي يتمسك به الفلسطينيون كونه يمثل «يوم الاستقلال»، تقرر أن يكون هذا اليوم يوم إجازة
رسمية، حسب إعلان الحكومة الفلسطينية، حيث وضع هذا التاريخ رسميا على أجندة الإجازات الرسمية للفلسطينيين. وفي
هذه المناسبة دعا المجلس الوطني الفلسطيني إلى سرعة تنفيذ ملفات المصالحة الفلسطينية، وحشد الطاقات الوطنية لاستكمال
وتجسيد الاستقلال الوطني على الأرض الفلسطينية.
وأكد في بيان له أن الشعب الفلسطيني «لن يخضع ولن يقبل بحلول تنتقص من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته».
وقال إن هذه المناسبة الوطنية صنعتها تضحيات الشعب الفلسطيني البطل بـ «شهدائه وجرحاه وأسراه، وصولا إلى الإنجاز
الوطني الذي أسس لمرحلة جديدة من مراحل النضال الفلسطيني الذي فتح الباب واسعاً للاعتراف العالمي بدولة فلسطين».
واستذكر المجلس الوطني تضحيات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، من معركة الكرامة، مرورا بالعمليات الفدائية
داخل الوطن المحتل، إلى الصمود الأسطوري في لبنان عام 1982، وما تلاها من انتفاضة أطفال الحجارة، وعودة القيادة
إلى فلسطين، وهبة النفق، إلى انتفاضة الأقصى، واستشهاد القائد أبو عمار، والحروب العدوانية الثلاث على قطاع غزة.
كذلك أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين، الدكتور زكريا الأغا، رفض
المنظمة للحلول الانتقالية بما يسمى الدولة «ذات الحدود المؤقتة والدولة بنظامين أو الحكم الذاتي الموسع الذي يكرس
الاحتلال الإسرائيلي». وأكد أن منظمة التحرير الفلسطينية «لن تقبل إلا بدولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع
من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية وفي المقدمة منها قرارا مجلس الأمن 242
و338». وأشار إلى أن إعلان الاستقلال جاء كثمرة من ثمرات النضال الوطني الفلسطيني و»شكل نقطة تحول كبرى
في مسيرة الثورة الفلسطينية» ومسار التاريخ في المنطقة لما مثله من اعتراف 105 دولة بهذا الاستقلال». وشدد على
أن منظمة التحرير «ماضية في مسيرة العهد والقسم للشهداء مسيرة الشهيد الرئيس ياسر عرفات، مسيرة نضال شعبنا
المشروع في العودة وتقرير المصير، مسيرة تحرير الأسرى ومواجهة الاستيطان وتهويد القدس»، ودعا جميع القوى
لاستنهاض الطاقات، والإسراع في إتمام خطوات المصالحة والالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية.
وطالب الأغا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على حكومة الاحتلال لـ «وقف عدوانها وتصعيدها العسكري
والاستيطاني وجرائمها البشعة ضد شعبنا، وإنهاء احتلالها بكافة أشكاله العسكرية والاستيطانية للأراضي الفلسطينية».
من جهتها استذكرت وزارة الإعلام هذه الذكرى السنوية باعتبارها «وثيقة أسست لحرية شعبنا وأرضنا، واستطاعت انتزاع
اعتراف العالم بحقنا الراسخ في الدولة كاملة السيادة، وفق قرارات الشرعية الدولية». وأكدت أن إعلان الرئيس الشهيد
الراحل المؤسس ياسر عرفات لوثيقة الاستقلال، كانت «أولى الخطوات العملية لانتزاع حقوقنا المشروعة، ولتصفية احتلال
ممتد منذ الألفية الماضية، ويُمعن في تحدي إرادة العالم». وقالت إن الخامس عشر من تشرين الثاني، يرتبط بمهندس
الوثيقة الراحل محمود درويش، وبالجمهورية الجزائرية الشقيقة التي احتضنت شعلة الحرية الأولى، كما شددت على إصرار
الشعب الفلسطيني وحرص قيادته على المضي نحو الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. ودعت أبناء الشعب الفلسطيني
والمؤسسات ووسائل الإعلام الوطنية لمنح هذه الذكرى «الحيز اللائق»، مؤكدة أنها تمثل «دستورنا للحرية المنشودة،
ووثيقة لخلاصنا من الاحتلال وكل عوالقه».
وفي هذه الذكرى أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن إعلان الاستقلال كان استجابة للتطورات الذاتية والموضوعية
التي فرضتها الانتفاضة آنذاك، على طريق استمرار النضال بكافة أشكاله السياسية والشعبية والعسكرية للوصول إلى تحقيق
هذا الإعلان وتطبيقه واقعاً على أرض فلسطين، وأنه لم يكن بالنسبة لها يمثل تصريحا لأي جهة لـ «توظيفه في سياق
برنامجها الخاص، القائم على التفاوض مع العدو، وشق مسار لها في نهج التسوية المستمرة فصولها». وأشارت إلى أن
هذه الذكرى تمثل مطلبا للقيادة بأن تكف عن «سياسة استجداء الحقوق ورهنها بما ستنتجه المفاوضات الثنائية بالرعاية
الأمريكية»، مؤكدة «سقوط كل الأوهام التي بنيت عليه» .
وطالبت الفصائل والقوى التي تستعد لعقد اجتماعها القادم في مصر لـ «تكريس جهدها الرئيسي لبحث سبل وآليات إنهاء
الانقسام ونتائجه، وصولًا لإنجاز وحدة وطنية تعددية شاملة، تمهد لبناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وبالأخص منها منظمة
التحرير، على أساس برنامج وطني تحرري وحدوي».