عريس الغفلة.. !
قدمها لعائلته، على انها زوجة المستقبل، كان ذلك في ليلة زفاف شقيقه الاكبر، هي ادركت منذ ذاك اللقاء انها ليست موضع ترحيب، احست بذلك وقرأته في عيون افراد العائلة، وهم يسمعون بياناتها الشخصية التي قدمها بها: هي من بلد شقيق، تأشيرة الاقامة لمواطنيه تستدعي توفير متطلبات صعبة وكثيرة، يختزلها كلها عقد زواج، تعمل في مهنة ليست مقبولة لزوجة في اطار القيم التي ما تزال العائلة تتشبت بها، هي باختصار لا تنسجم مع مواصفات « زوجة ابن» لذا وضعت في اعتبارها البحث عن طريق آخر، غير الطريق المألوف لتصل الى عقد زواج تحقق به اهدافها، غير الحب والتضحية من اجل الزواج بمن تحب.
هو اسر لشقيقه انه مصمم على الزواج منها لانها: احبته بكل صدق، حبا خالصا لوجه الحب، حبا لم يجده عن الكثيرات ممن تعرف عليهن، وهي على استعداد لتضحي من اجله بكل ما تملك... لو كانت تملك شيئا... وعندما صارحه شقيقه بالمآخذ على مثل هذا الزواج كما يراها المجتمع والاهم العائلة لكها رفض هذه المأخذ جميعها لعدم اختصاص المعترضين في التدخل باختياره لشريكة حياته، واعلن انه سيبدأ التخطيط لاتمام هذا الزواج، وعندما نصحه شقيقه بعدم عرض الموضوع الان والتفكير فيه اكثر، لان ردة فعل الوالد ستكون الرفض بلا شك اجابه:
ان وافق «فبيها ونعمت».. والا فموافقة الوالد ليست من اركان عقد الزواج !
تشربت نواياه بالزواج، فاندلعت حرب الردع التي خاضها افراد العائلة جميعا، الام والاخت بأسلحة عاطفية ذخيرتها بكاء ودعوات ووعود بزواج افضل، والاب والاخ برصاصات الترهيب، ووعود الترغيب الى ان انتصفت ليلة لم يعد فيها الابن الى البيت، وانتهت جهود البحث عنه، الى اكتشاف انه والعروس كانا على قائمة المغادرين جوا الى بلد اخر، لم تطل الغيبة حتى عادا «عروس... وعريس « لم يكن «عريس الغفلة « بقادر على كلف حياة اسرة مستقلة فقبلهما بيت العائلة تحت ضغط الامر الواقع، الا ان هذا.. كما يبدو.. لم ينسجم مع مخطط « عروس زمانها» لذا لم تطل هذه الاقامة، وانتهت الى السقوط في شباك قروض بنكية لتاسييس بيت مستقل سيطرت عليه نزاعات متوالية بعد اكتشافات من كلا الطرفين، بينت عدم الانسجام الذي على الرغم منه كانت السنوات الخمس الاولى من الزواج قادرة على انجاب طفلين لتضاف اخطاء جديدة اكبر الى خطيئة البداية التي ولدت من رحم الجهل.
على نهج ان احتجتك ولبيت ما احتاج منك فانت حبيب القلب وقرة العين ووحيد زمانك وانا لا اقدر العيش بدونك، وان كان غير ذلك اندلع الخصام، لانك زوج بدون رجوله محكوم لامك واهلك... وانك.. سبب الخصامات الزوجية وهكذا الى ان كان يوم عاد فيه الزوج ليجد البيت خاليا من الطفلين ومن الزوجة، فجاء « فارعا دارعا « يبكي في حضن امه، هروب الزوجة وخطف الطفلين، الام ما قدرت على مشاركته الا بالبكاء اما الاخرون فقد بدأوا البحث عن وسيله لاستعادة الحفيدين.
من الطبيعي ان ينتج الفهم الخاطئ للحرية والرجوله، اخطاء كبيرة بعضها تمتد اثارة لتصل الى حياة اخرين، بعد ان تكون هذه الاخطاء قد هدمت حياة من ارتكبها، فقد كان بامكان «عريس الغفلة « هذا ان يسير عبر طريق اخر غير هذا الطريق ليصل الى بر امان، الا انه وبفهم خاطئ هدم حياة ثلاثة... اب وطفلين.
يبقى السؤال نطرحه على هذه الام الهاربه:
ما الذي كسبته مقابل هدم مستقبل طفلين بريئين ؟!