الألم عند كبار السن

الدكتور احسان الشنطي
اخصائي علاج الألم والعمود الفقري

الألم من اكثر الشكاوى عند المسنين، و برغم أن تعبير المسنين عنه لا يختلف عن تعبير المرضى الأصغر سناً، ولكن في الكثير من الأحيان يكون تشخيصه
ومعالجته غير صحيحين. و قد يكون ذلك نابعا من افتراض المريض أن الألم الذي يشعر به ناتج عن التقدم في السن او كذلك من خوف الأطباء من ان علاج هذا الألم يمكن ان يسبب أعراض جانبية عند المريض المسن.
توجد بضع خطوات مهمة تساعد الطبيب على تشخيص أسباب الألم عند المسنين، ومن أهمها استبعاد وجود أي مرض خطير مثل مرض السرطان، واستبعاد وجود كسور في العظام، هشاشة العظام و تأكل المفاصل، و كذلك التأكد من تناول المريض لأدويته بالجرعة و التوقيت المناسبين، وجود مسببات نفسية مثل الأكتئاب أو القلق.
بالإضافة إلى هذه العوامل يجب أن يكون هناك تشخيص واضح للألم ومدته، التاريخ المرضي السابق والحالي للمريض، العلاج الذي يتبعهم المريض، وجود حساسية، بالإضافة الى اية معلومات عن طبيعة البيئة المحيطة بالمريض.
على الطبيب أن يقوم بإرشاد المريض لكي يقوم بإجراء تغييرات على أنشطته اليومية التي تتأثر سلباً بالألم، ومنها المشي، قوة الحركة، النوم، الشهية، ويجب
أن يحدد ما إذا كانت حالة المريض في خطر بسبب الاستخدام المفرط للعلاج أو القيام بسلوكيات غير صحيحة، مثل رفض استخدام أجهزة مساعدة كالكرسي المتحرك والعكاز أو محاولته قيادة السيارة وهو غير أهل لذلك. وعند بعض الأشخاص فإن الألم قد يؤدي إلى تغييرات واضحة في المزاج؛ ما قد يؤثر على تصرفاته.
على الطبيب تقييم الألم بمعايير موضوعية محسوسة و ملموسة. وعند كبار السن، هناك تغييرات فسيولوجية كثيرة في انشطة الدماغ والأعصاب التي يمكن أن تؤثر على طريقة التعبير عن الألم و التعامل معه، كذلك يواجهون مشاكل عصبية وتغييرات في مسارات الألم والدماغ.
وإن أكثر أعراض الألم شيوعا لدى المسنين تكون ناتجة عن هشاشة العظام والتي ممكن أن تكون مزمنة بنسبة 40% عند الأشخاص الذين يتجاوزون الثمانون. كذلك الاعتلال العصبي السكري، الالم العصبي، السرطان وتضييق العامود الفقري هذه التغييرات تجعل القابلية لعلاج الألم أقل عند كبار السن.
عادة لا يعالج الألم عند المسنين بالشكل الصحيح. و تشير التقديرات أن أقل من 50% من هذه الفئة لديهم سيطرة كافية على الامهم حتى و ان كانت لديهم وصفات طبية. لذا هناك عوامل عدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل علاج الألم عند المسنين وبخاصة عند استعمالهم لأدوية موصوفة لهم. وهذا يتضمن وجود ألم مزمن،
ووجود حالات طبية مرضية (خاصة الفشل الكلوي أو الكبدي)، استخدام أدوية اخرى مساعدة و قدرة المريض على تنظيم مواعيد أدويته.
هناك طرق للعلاج لاتعتمد على الأدوية مثل: الراحة، استخدام كمادات الثلج، الضغط بالكمادات الساخنة ورفع الاطراف. ومن المهم ايضا استخدام أجهزة مساعدة، بما في ذلك العكاز، تقويم العظام، جهاز المساعدة على المشي، والكرسي المتحرك. ومن الطرق الأخرى؛ التدليك الطبي، حركات تمديد و تليين العضلات، التمارين الرياضية، العلاج بالإبر وتحفيز العصب باستخدام الكهرباء. وبالنسبة للآلام المزمنة المتكررة، فإن الراحة مهمة جداً، إذ أنه من الممكن أن يقوم الأشخاص بنشاطات معينة (مثل رفع الأشياء) أو استخدام الات (مثل الكراسي) التي تساعد في زيادة الألم. فالكرسي المتحرك الغير المناسب أو صعب الحركة قد يشكل مصدر كبير من مصادر عدم راحة المسنين، وبالأخص عند الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية على المدى الطويل.
أما الطرق العلاجية الدوائية فهي متنوعة وتحتاج إلى معالجة حثيثة عند كبار السن، وبخاصةً عند وجود مشاكل طبية اخرى. بشكل عام، فإن المسكنات ومضادات الالتهاب هي من آوائل طرق علاج الأمراض المزمنة والحادة، ولكنها تحتاج إلى مراقبة و الحذر من حدوث فشل كلوي او كبدي اوالإفراط في الإستخدام هذه الادوية. وفي الدرجة الثانية تأتي الادوية التي ترخي العضلات، و مضادات الاكتئاب و مضادات الارتعاش. إن المسنين معرضين بصفة خاصة لخطر حدوث تغييرات في حالتهم العقلية وتأثر الجهاز العصبي بسبب الأدوية. وترتبط هذه التغييرات بزيادة خطرالإصابات مثل السقوط ، والانخفاض الكبير في النشاط الاعتيادي.
ومن أكبر المخاوف هي عدم قدرة المرضى المسنين على تقدير أهمية الدواء أو كمية الجرعة المأخوذة . و عدم قدرة الطبيب على الموازنة بين السيطرة على الألم
وتقديره للأعراض الجانبية التي يمكن أن تسببها تركيبة معينة من الأدوية. بالإضافة إلى ذلك فإن بعض الاضطرابات الجسدية مثل: المراق أو اضطراب الألم (المرتبط بحالة مرضية أو/و عوامل نفسية) يمكن أن يعالج بطرق أكثر فاعلية من المسكنات مثل: العلاج النفسي، مضادات الاكتئاب، تقنيات الاسترخاء و الدعم العائلي.
ان المرضى المسنين معرضين للألم بطريقة مشابهة لسائر المرضى إلا أن هناك عوامل متعددة مرتبطة بتقدم العمر يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ومنها تغييرات فسيولوجية تؤثر على الإحساس بالألم، طريقة حدوث الألم، عملية الأيض بالإضافة إلى الأمراض المصاحبة الطبية والنفسية، ضعف الادراك و وجود حاجة أكبر للتقييم النفسي والاجتماعي. و ينبغي ان يتوافر لهؤلاء المرضى الدعم الشامل واعطاؤهم المعلومات والانتباه للبيئة المحيطة بهم. و يجب أن يحتوي العلاج على
الأدوية والعلاجات الاخرى الغير دوائية ولكن يجب الانتباه للأعراض الجانبية للأدوية والتفاعل السلبي للأدوية.

الدكتور احسان الشنطي
اخصائي علاج الألم والعمود الفقري

www.facebook.com/drihsanshanti