الشك عادة أم مرض
أكاد أشك في نفسي لأني
أكاد أشك فيك وأنت مني
وما أنا بالمصدّق فيك قولاً
ولكني شقيت بحسن ظني
تعذب في لهيب الشك روحي
وتشقى بالظنون وبالتمني
الشك من الناحية اللغوية يعني الارتياب حول صدق وأمانة الاخرين
والشك من الظواهر الشائعة بين الناس وإن كان الكثير لا يفصحون عنها
و الشك في الفلسفة وسيلة من وسائل التفكير المنهجي فالشك يقود لليقين و اليقين قد يؤدي للشك..!
و لو أردنا الخوض في ماهية الشك من الناحية الفلسفية التنظيرية
لما كفتنا الصفحات و لذا نختصر في لب ما يهمنا باقتضاب ..
الشك نوعان
النوع الأول هو النوع العادي الذي يحتاج اليه الإنسان للحيطة والحذر من قدر الناس
والتحوط من الوقوع في المشاكل.
و علم النفس يرى أن الشك الطبيعي أسلوب عقلي صحي و جيد!!
أما النوع الثاني فهو الأكثر خطوره هو الشك المرضي أي أن ذلك النوع
يكون كالمرض الخبيث يتمكن من الشخص لا يتركه أبدا و لكنه في الوقت ذاته لا يكون مدمر تماما...!
والشخص الشكاك لا يستطيع التواصل مع الناس وذلك لريبته في كل الأمور
وتفكيره يقوده لفكرة أن الاخرين يريدون تدميره أو كل من حوله يخونه
و الشكاك بطبيعة الحال يعاني من أوهام اضطهادية يعتقد من خلالها
أن الآخرين يريدون إيذاءه وان هناك مكائد ومؤامرات تحاك ضده
وهذا الشك لا ينمو مع المرء منذ صغره ولا يشمل جميع الناس وجميع جوانب الحياة
بل يركز على فكرة معينة تصل إلى درجه الاعتقاد الجازم
وهذه الفكرة أو الاعتقاد يسيطر على المريض إلى درجة إنها تصبح شغله الشاغل
ويصبح همه دعمها بالادلة وجمع البراهين ورغم عدم وجود دليل كافي على هذا الاعتقاد
فانه لا يمكن لاي شخص إقناع المريض بأن هذا الاعتقاد غير صائب
وعادة ما يقوم المريض بالتصرف بناء على اعتقاده الخاطئ وذلك لتفكير داخلي ينبع منه
ويجعله يتصرف وفق ما يرى فيحذر الأصدقاء والمقربون منه سوى الزوجة أو الزوج
أو الأخت أو الأخ لا يأمن أحد مهما حاول أن يتقرب منه..
و من جهة أخرى كان الشك لتشعب الأفكار حوله مادة دسمة للادباء و المفكرين
كشكسبير الذي سطر فصلا رائعا قائما على بذرة الشك في مسرحيته الخالدة ماكبث..
و لا شك أن الشك كان البطل في قصص تاريخية كثيرة غيرت معالم الدول
و الحضارات حتى و كان الفيصل في أشهر قصص العشق و الغرام
و لم يخل حتى من نوادر المتقصين لحقيقة الوجود ..!