عندما يكون مشروع عمرك فردياً يتعلق بتحقيق مكاسب شخصية، يمكن لك أن تختصر كل هذه المراحل في شخصك: أنت صاحب الفكرة، وأنت المخطط لها، وأنت المنفذ..
تقرر أن تكون طبيباً ناجحاً، فتكرس حياتك للدرس والتحصيل، وتطوي مرحلة تلو الأخرى من مراحل عمرك وأنت تسعى لتحقيق هذا الهدف.. إلى أن تصل إلى هذا الهدف.
هذا المشروع فردي، يكفي أن يقوم به "شخص واحد" يقوم هو بالأدوار كلِّها..لكن عندما يكون المشروع أكبر من ذلك، عندما يتعلق بما هو أكبر من وظيفة أو منصب أو مكانة اجتماعية.. لا أتحدث هنا عن "مشاريع" نهضة الأمة فحسب.. بل حتى عن مشاريع النجاح المادي، في مثل هذا المشروع كلما كبرت قليلاً، خضعت لقانون المراحل وتكاملها، وصار لا بد من تقسيم في الأدوار..
صاحب الاختراع ليس بالضرورة قادراً على تسويقه، أو على إدارة عملية تحويله إلى سلعة تصل إلى كل الناس.. بل سيحتاج إلى تمويل، وإلى مخطط ومعلن مروج، وإلى خبير تسويق مدرك لاحتياجات السوق.. وإلى منفذين في كل حلقة من حلقات الإنتاج يتفننون في الإتقان ، وإلى مدير "منفِّذ" يشرف على كل ذلك.. (بعض المخترعين، مثل أديسون كان قادراً على أن يكون المخترع والاستراتيجي والمدير في الوقت ذاته، لكن مخترعين آخرين كُثُر، بل هم الغالبية من المخترعين، لم يكونوا قادرين على ذلك.. وكان لا بد لاختراعاتهم من أن تجد مؤسسة تحتويها وتوصلها إلى هدفها، أو أن تضيع تماماً)..
كلما كبر المشروع خارج نطاق الفرد والشخص، وكلما كفَّ عن أن يكون الفرد هو محور هذا المشروع، صار لا بد من هذا التقسيم... لا بد من هذا التوزيع، لا بد من الذاريات، والحاملات، والجاريات..
من "سيرة خليفة قادم"