واقع الحال في المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية
* أ. د. أمين المشاقبة
الأحد، 23 فبراير/شباط، 2014
تجري في المنطقة مفاوضات حول تسوية القضية الفلسطينية على أساس خطة كيري التي تشمل جملة من المبادئ العامة لتسوية النزاع الذي دام رسمياً أكثر من ستين عاماً، على أساس حل الدولتين، ولم تعلن رسمياً ما هي المبادئ العامة لهذه الخطة؟ والتي من المفترض أن يتم التوصل لتوقيع إطار هذه المبادئ في منتصف هذا العام.
إسرائيل وحكومة الليكود اليميني ترفض بشدة حق العودة وترفض أيضاً العودة لحدود الرابع من حزيران العام 1967، أو ما يسمى بالخط الأخضر، وترفض أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وتسعى إلى إعطاء الفلسطينيين ما يخرج عن الجدار العنصري العازل وما مساحته الفعلية ما يساوي 13% من أراضي الضفة الغربية مع صفقة تبادل للأراضي بحدود 5.5% إلى 6.5%، وعلى أن يكون القدس الشريف للديانات السماوية الثلاث مع حرية العبادة والدخول إلى الأماكن المقدسة والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ماهية هذه التسوية وإلى أين ستقود؟ نعم لا أحد ضد السلام واستقرار المنطقة ولكن ليس بالتنازل عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وليس بالاعتراف بيهودية الدولة «صافية العرق» التي تكون فقط للعنصر اليهودي، وفي ظل هذه الأوضاع فإن الحديث عن مبادئ الشرعية الدولية مفقود، فأين القرارات الدولية مثل القرار 242، والقرار الأممي رقم 194، والمبادرة العربية للسلام، ومبدأ الأرض مقابل السلام، فلا أحد من قبل الطرفين أو راعي العملية التفاوضية يذكر أو يتحد عن مثل هذه القرارات الأممية، أو المبادرة العربية أو غيرها، فهنا نتحدث عن خطة جديدة يتم بها التضحية والتنازل من كل الحقوق المشروعة، وربما هذا يكمن في حالة الضعف العربي والتمزق، وما يجري في العديد من المنظومة العربية من أحداث وصراعات ونزاعات كانت نتاجاً للربيع العربي، فالأمة في أضعف حالاتها وترك المفاوض الفلسطيني مكشوفاً دون إسناد عربي يضعف من قدرته على المناورة الدبلوماسية ويجعله أسيراً للشروط الإسرائيلية والضغوط الأمريكية، وبالتالي مزيداً من التنازلات عن الحقوق المشروعة. وقد استغلت إسرائيل حالة الضعف العربي ومجريات الربيع في تكثيف الاستيطان خصوصاً في القدس الشريف الذي بات يأوي ما يزيد عن 350 ألف مستوطن شكلواا طوقاً من المستعمرات حول محيط القدس الشرقية والغربية ومن كل الاتجاهات، وتؤمن إسرائيل دوماً بسياسة فرض الأمر الواقع على الأرض، ومن منطلق القوة تفرض شروطها على المفاوض الفلسطيني الذي لا يملك أياً من مقومات التفاوض، فهناك انشقاق فلسطيني متجذر بين القوى المسيطرة في غزة والأخرى في السلطة الوطنية فالضفة الغربية، جهة تدعو إلى المقاومة ومتخمة بالاتفاقات السرية مع دولة إسرائيل، وجهة أخرى مكشوفة ومستسلمة للأمر الواقع تدعو للسلام المجزوء الذي لا يعيد إلا النزر اليسير من الحقوق، ومن الناحية السياسية فإن التوقيت غير مناسب للتفاوض لأن الخاسر معروف مسبقاً.
وأمام هذا الوضع فإن الإدارة الأميركية تسعى لتسجيل موقف دبلوماسي يسجل للإدارة الديمقراطية بقيادة الرئيس باراك أوباما، وربما يحصل معها مثل ما حصل نفس الإدارة في نهاية عهد الرئيس كلينتون العام 1999، وتصل الأمور إلى طريق مسدود وعدم الوصول لاتفاق تاريخي يسجل في ملف الرئيس أوباما.
ان أريد لمثل هذه المفاوضات النجاح فلا بد من إسناد عربي من مراكز الثقل في النظام العربي المنهار والمشتت أمام الأوضاع الداخلية في كل دولة منه، لأنه في الواقع لم تعد القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي القضية المركزية الأولى إلا قولاً أو أقوالاً لا تجد على أرض الواقع لها من نصير أو مساند، وفي نفس السياق لا بد من العودة إلى المبادئ والقرارات الدولية مثل قرار 242، وقرار 194 وغيرهما من القرارات الدولية التي أخذت شرعية وقبولاً لحل هذا الصراع ومن دون ذلك سيبقى المفاوض الفلسطيني مكتوف الأيدي يتلقى الأمر وما عليه إلا الانصياع للإرادة الإسرائيلية التي تؤمن بالقوة وفرض الشوط التي يتناسب مع استراتيجيتها التي تستند إلى أمن إسرائيل وتفوقها في المنطقة ومحاولة إيجاد الحلول على حساب الآخرين.