الكرك: يا خريف يا خروف..

الكرك: يا خريف يا خروف..

الجفاف يضرب الكرك
[2/23/2014

عمون - محمد الخوالدة - ثمة لعبة مارسها أطفال الكرك قديماً وكانوا اثناء ممارستها يرددون عبارة "يا خريف يا خروف اطلع سلم ع الضيوف".

هذه اللعبة ترتبط مباشرة بفصل الربيع حيث ينمو نبات الشومر البلدي، وسنأتي على تفاصيل اللعبة عند الحديث عن النباتات الربيعية التي يرى الكثير من مواطني الكرك انهم سيفتقدونها في ظل تضاؤل الامال بموسم ربيعي مناسب لهذا العام.

يعتقد مواطنون في الكرك ان فصل الربيع لن يزور هذا العام الكثير من مناطق المملكة ومنها محافظة الكرك التي يبدو انها وكما يرون الاكثر تضررا من تدني الموسم المطري اذ لم تشهد المحافظة تساقطا كافيا للامطار حتى الآن باستثناء الثلوج التي هطلت في المحافظة في شهر كانون اول الماضي وبعدها لم تشهد المحافظة اية هطولات مطرية تذكر، حالة يصفها المواطنون بغير المألوفة على المدى المنظور من السنوات الماضية وان كان الناس في المحافظة منقسمين ما بين يائس من الحالة وآخر يؤمن بأن "الخير بيد الكريم".

على اية حال بمثل هذا الوقت من الموسم الشتوي يكثر تنزه النسوة في الايام المشمسة في الحقول الواقعة على اطراف مدينة الكرك وعلى جنبات الطرق القروية بحثا عن بعض النباتات الربيعية التي ترتبط كثافة نموها بمدى جودة الموسم المطري حيث ( الفيته والخرفيش والمرار والدرهيمة والجلبانة والشومر البلدي والميرمية التي تسمى في الكرك باسم "قبة عبدالسيد" والجعدة) وغيرها من نباتات ربيعية تعرفها اكثر النساء الكركيات..

ولمن لا يعرف عن تلك النباتات شيئا ينبغي توضيح ان الفيتة نبات قصير الطول وله ازهار صفراء اذ يتم طهوه وتناوله كوجبة غذائية خاصة في نهاية مدة الصيام للعشائر المسيحية حيث يقترب حلول عيد الفصح المجيد، وتكون طبخة الفيتة اشهى مذاقا ان داخل طعمها شيء من المرورة، اما الخرفيش فنبات شوكي يجري ازالة اوراقه الشوكية ثم تقشير جذع النبتة واكله وهو شهي المذاق نيئاً، اما المرار (بضم الميم وتشديد الراء الاولى) فنبات قصير يؤكل نيئاً ايضا ويداخل طعمه شيء من المرورة التي تعطيه نكهة محببة، الدريهمة نبات قامته شديدة القصر ويتفرع من النبتة سيقان صغيرة تنمو عليها حبيبات مستديرة الشكل وتؤكل تلك الحبيبات فور قطاف النبتة.

اما الجلبانة فنبتة تزهر باوراق صغيرة لونها احمر ضارب الى الصفرة حيث تؤكل اوراقها ان قطفت مبكرا وان تأخر قطافها تحولت الازهار الى اكياس تحمل بداخلها بذوراً يخالط طعمها شيء من الحلاوة، ويرتبط بالجلبانه مايسمى بـ"القرون" وهي نبتة مشابهة لنبتة الجلبانة لكن الاكياس المتشكلة اطول وفيها عدد اكبر من الحبيبات، اما الجعدة فهي نبات يتكون من سيقان صغيرة واوراق صغيرة حيث تقطف الاوراق والسيقان وتجفف لغليها بالماء ومن ثم شرب هذا الماء للاستطباب من آلام البطن وخاصة الناتجة عن البرد، فيما يمكن ان تقطف الاوراق وتجفف وتطحن ومن ثم تناولها سفوفا للغاية ذاتها، اما قبة عبد السيد او الميرمية فيتم كما هو معروف للجميع تجفيف النبات وغليه وهو مفيد لامراض الحلق والبلعوم ومهدئ للاعصاب.

واخير وليس آخرا نبات الشومر البلدي يشبه بمذاقه الشومر الذي يباع في الاسواق حاليا على شكل رؤوس لكن مذاق الشومر البلدي الذي تؤكل سيقانه نيئة اشهى، والحديث عن الشومر البلدي يستدعي الحديث عن لعبة قديمة كان يمارسها الاطفال مفادها ان الطفل يمسك بساق نبتة الشومر ان كانت مكتنزة أي فيها اكثر من طبقة فيقوم الطفل بفرك الساق بين يديه الاثنتين قائلا "ياخريف ياخروف اطلع سلم ع الضيوف" اذ بنتيجة الفرك يخرج ساق قصير من داخل الساق المكتنز الذي يتم فركه ويكون طريا للغاية فيأكله الطفل.

وبخلاف النباتات الربيعية التي ذكرناها هناك "الحويرنة" و"الكرفس" وهما نبتتان ينموان على ضفاف السيول دائمة الجريان واكثر ما تكون ايناعا في فصل الربيع، الحويرنة مرة المذاق وتؤكل نيئة مع الخبز واللبن الرائب او لبن "الغبيب" الناتج عن حليب الاغنام بعد ترويبه لعمل الجميد والسمن البلدي، اما الكرفس فحلو المذاق ويؤكل نيئا ايضا.

اتينا في هذا التقرير على النباتات الاكثر تداولا ومعرفة بين الناس في منطقة الكرك حتى الان، فيما هناك نباتات اخرى مثل الضبح (بضم الضاد وتشديد الباء) والشحوم (بتشديد الشين والحاء)، فالضبح نبات يؤكل نيئا فيما الشحوم نبتة يتشكل لها رأس صغير في جوف التربة كما هو الحال لنبات البصل الاخضر ويستدل عليها من ورقتها المخروطية بوجود خط ابيض ينصفها، ويؤكل رأس نبتة الشحوم بعد شيّه بالنار.
- See more at: http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=183995#sthash.NAcZBlrW.dpuf