بين حانة ومانة ضاعت لحانا
تزوج رجل بامرأتين إحداهما اسمها حانة والثانية اسمها مانة وكانت حانة صغيرة في السن عمرها لا يتجاوز العشرين بخلاف مانة التي كان يزيد عمرها على الخمسين والشيب لعب برأسها
فكان كلما دخل الى حجرة حانة تنظر الى لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء وتقول يصعب علي عندما أرى الشعر الشائب يلعب بهذه اللحية الجميلة وأنت مازلت شابا
فيذهب الرجل الى حجرة مانة فتمسك لحيته هي الأخرى وتنزع منها الشعر الأسود وهي تقول له يكدرني أن أرى شعرا اسود بلحيتك وأنت رجل كبير السن جليل القدر
ودام حال الرجل على هذا المنوال الى ان نظر في المرآة يوما فرأى بها نقصا عظيما فمسك لحيته بعنف وقال
بين حانة ومانة ضاعت لحانا ومن وقتها صارت مثلا
فإن غدا لناظره قريب
بيت الشعر لقراد بن أجدع الكلبي, ويقول فيه:
فإن يك صدر هذا اليوم ولى
فإن غدا لناظره قريب
وقصة المثل :
أن الملك النعمان بن المنذر خرج يوما يتصيد على فرسه اليحموم, فطارد حمار وحش وشذ عن رفاقه وأمطرت عليه السماء فطلب ملجأ, فجاء إلى بناء وجد فيه رجلا من طيء يقال له حنظلة ومعه امرأة له. فذبح الطائي له شاة وأعد له خبزا فأطعم النعمان ولم يكن يعرفه, فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال: يا أخا طيء اطلب ثوابك, أنا النعمان, قال الطائي: أفعل إن شاء الله. ثم مضى النعمان ولحق بالخيل إلى الحيرة, ومكث الطائي بعد ذلك زمانا حتى اصابته نكبة وجهد فقالت له امرأته: لو أتيت الملك لأحسن إليك. فذهب الطائي إلى الحيرة, فوافق مجيئة يوم بؤس النعمان, فلما رآه النعمان قال له: أفلا جئت غير هذا اليوم, والله لو سنح لي في هذا اليوم ابني لم أجد بدا من قتله. فاطلب حاجتك من بالدينا, وسل ما بدا لك فإنك مقتول قال: وما أصنع بالدينا بعد نفسي, وإن كان لابد فأجلني حتى أعود لأهلي فأوصي إليهم وأهيئ حالهم, ثم أعود إليك, قال النعمان: أقم لي كفيلا على ذلك.
فوثب إليه رجل من كلب يقال له قراد, فقال للنعمان: هو علي فضمنه إياه. ثم أمر النعمان للطائي بخمسمئة ناقة, فمضى بها الطائي إلى أهله وكان الأجل عاما, من يومه ذلك إلى مثل ذاك اليوم, فلما حال على الطائي الحول وبقي من الأجل يوم قال للنعمان لقراد: ما أراك إلا هالكا غدا فقال قراد:
فإن يك صدر هذا اليوم ولى
فإن غدا لناظره قريب
وبينما كان قراد يعد للقتل إذ ظهر لهم الطائي, قال له النعمان: ما الذي حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل?..
قال الطائي: الوفاء ثم عفاعنه النعمان..
وافق شنٌّ طبقة
كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم ,
يقال له”شن” فقال والله لأطوفنّ حتى اجد امرأة مثلي أتزوجها .
فبينما هو في بعض مسيره اذ وافقه رجل في الطريق فسأله شن : أين تريد ؟
فقال موضع كذا يريد القرية التي يقصدها شن فوافقه حتى اخذا في مسيرهما
فقال له شن :أتحملني أم أحملك ؟ فقال له الرجل: ياجاهل انا راكب
وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني ؟
فسكت عنه شن وسارا حتى اذا قربا من القرية شاهدا زرعاً في أوان حصاده
فقال شن :أترى هذا الزرع أكل أم لا ؟
فقال له الرجل :ياجاهل ترى نبتا مستحصدا فتقول أُكِل أم لا ؟
فسكت عنه شن حتى اذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن :
أترى صاحب هذا النعش حيا أو ميتا ؟ فقال له الرجل مارأيت أجهل منك
ترى جنازة تسأل عنها أميت صاحبها أم حي؟
فسكت عنه شن وأراد مفارقته
فأبى الرجل أن يتركه حتى يصير به إلى منزله فمضى معه فكان للرجل بنت يقال
لها “طبقة” فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته اياه
وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه فقالت ياأبت ماهذا بجاهل .
** أما قوله أتحملني ام احملك فأراد أتحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا
**. وأما قوله أترى هذا الزرع أكل ام لا فأراد هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا
** وأما قوله في الجنازة فأراد هل ترك عقبا يحيا بهم ذكره أم لا .
فخرج الرجل فقعد مع شن فحادثه ساعة ثم قال : أتحب ان افسر لك ما سألتني عنه ؟
قال نعم فسره . ققال شن: ماهذا من كلامك , فأخبرني عن صاحبه
قال ابنة لي فخطبها اليه فزوجه اياها وحملها الى أهله
فلما رأوها أنها تشبهه او تفوقه في الذكاء والدهاء قالوا :
وافق شن طبقة
مواعيد عرقوب
يضرب بها المثل في الكذب والخلف، وعرقوب رجل من «خيبر» أتاه أخوه يسأله فقال له عرقوب: إذا أطلعت تلك النخلة فلك طلعها، فلما أطلعت أتاه فقال له: دعها حتى تبلح -أي تصير بلحاً - فلما أبلحت أتاه فقال: دعها حتى تزهي، فلما ازهت قال: دعها حتى ترطب، فلما أرطبت قال: دعها حتى تُمتر، فلما أتمرت سرى إليها عرقوب من الليل فجدّها - أي قطفها- ولم يعط أخاه شيئاً، فسرت مواعيده مثلاً سائراً في الأمثال قال الشاعر:
وعدتَ وكان الخُلف منك سجية
مواعيد عرقوب أخاه يوسفا
زوبعـة في فنجـان
يقولون في الأمثال زوبعة في فنجان، ومعروف أن الزوبعة هي الرياح التي تدور حول نفسها، وترفع الأشياء عدة أمتار وتهوي بها وقد تقتلع الأشجار من جذورها.
فما معنى أن تكون في هذا الوعاء الصغير جداً حادثة كتلك الرياح القوية؟
يقولون في الجواب: إنه عند تقليب السكر بالملعقة في فنجان الشاي فإنك تحدث ما يشبه الزوبعة،ولكنها زوبعة صغيرة لا تشكل ذرة غير مرئية أمام زوبعة الطبيعة، كما أن وقت زوبعة الفنجان قصير.
والمقصود بالمثل: التقليل من شأن المشكلة التي نواجهها، فعندما نواجه مشكلة أو بلبلة فإننا نقول زوبعة في فنجان، أي إن المشكلة صغيرة وستنتهي بسرعة انتهاء زوبعة الفنجان.
(أبصر من زرقاء اليمامة)
زرقاء اليمامة هو لقب لفتاة عربية عاقلة جميلة كانت عيناها زرقاء اجمل ما فيها وكانت ترى الاشياء من مسافات بعيدة جداً فترى الشخص على مسيرة ثلاثة أيام والناس يعجبون من قوة نظرها وكانت بلادها تسمى اليمامة؛ فسميت زرقاء اليمامة.
صعدت الزرقاء يوما إلى القلعة ونظرت فرأت شيئا عجيبا.. رأت من بعيد شجرا يمشي ويتنقل من مكان الى اخر فنادت رئيس قومها واخبرته فعجب الناس وقالوا: "الشجر يمشي يا زرقاء! اعيدي النظر"
فأعادت النظر ثم قالت: "كما أراكم بجانبي أرى الشجر من بعيد يمشي"
فقال واحد من أهلها: "ربما جاء الى تلك البلاد سيل شديد فقلع الشجر من مكانه وحمله لذا تراه الزرقاء يسير" فأعادت النظر وقالت: "لا، بل أراه الأن أوضح ، أرى تحت الشجر رجالا سائرين وراكبين والشجر يسير معهم"
فلم يصدقها قومها وقالوا ان عيناها خدعتها .. لكن الحقيقة أن ما رأته زرقاء اليمامة كان صحيحا فقد استتر الأعداء بقطع الأشجار وحملها أمامهم لكي يتمكن من الاقتراب دون أن يشعر أحد- فلما وصل الأعداء إلى قومها أبادوهم وهدموا بنيانهم ، وقلعوا عين زرقاء اليمامة.
((العين بصيرة واليد قصيرة))
يروى أنّ الأصمعي قصد ذات يوم رجلاً بحاجة ،لعلمه بكرمه وطيب نفسه، فوجد على بابه حاجباً فمنعه من الدخول عليه، ثم قال والله يا أصمعي ما أوقفني على بابه لأمنع مثلك؛ ولكن لرقة حاله وقصور يده، فكتب الأصمعي رقعة فيها:
إذاكان الكريم له حجاب فما فضل الكريم على اللئيم
ثم قال للحاجب خذ هذه الرقعة وأوصلها إليه، فأخذها الحاجب ودخل عليه وسلمها إليه، فلما قرأها، كتب علىظهرها بيتاً من الشعر:
إذا كان الكريم قليل مال تحجب بالحجاب عن الغريم
وأمر الحاجب بإعادتها إليه مع صرة فيها خمسمائة دينار، فجاء بها وسلمها إليه فسر بها وقال في نفسه والله لأتحفن المأمون بهذا الخبر، فتوجه نحو مجلس المأمون وطلب الدخول فأذن له بالدخول، فسلم عليه وأذن له بالجلوس، فسأل المأمون الأصمعي من أين جئت يا أصمعي؟ قال: من عند رجل من أكرم الأحياء. قال: ومن هو؟
فدفع الأصمعي إليه الرقعة والصرة، فقال المأمون: هذا من بيت مالي، ولا بد لي من الرجل، فقال الأصمعي: إنّي أستحي أن أروعه، فقد أحسن إليّ، فأمر المأمون أحد رجاله بإحضارالرجل، فلما حضر الرجل بين يدي المأمون، قال له: أما أنت الذي بالأمس شكوت رقةالحال، فدفعنا لك هذه الصرة لتصلح بها حالك، فقصدك الأصمعي ببيت واحد من الشعرفدفعتها إليه؟!
قال نعم يا أمير المؤمنين والله ما كذبت فيما شكوت من رقة الحال،لكن استحيت من الله تعالى أن أعيد قاصدي، فقال المأمون لله أنت فما ولدت العرب أكرم منك، فبالغ في إكرامه وجعله من جملة ندمائه.
وقد ذهب قول الحاجب مثلاً وقد طورت العامة المثل فأصبح بصيغته الحالية (العين بصيرة واليد قصيرة )وصار يضرب في الشخص الكريم النفس بطبعه،ولكنه لضعف حاله قد تعذر عليه العطاء والكرم.