ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75690 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الفرق بين الخداع والمكر الثلاثاء 18 مارس 2014, 8:28 pm | |
| الفرق بين الخداع والمكر أن المكر نوعين مكر سيء،ومكر حسن،يختلف المكر عن الخداع،والخداع عن المكر،فبرغم بعض التشابه وهو قصد السوء بين الفاعل والمفعول،إلا أن هناك اختلاف،فالخداع،إرادة الخادع فعل السوء والأذى بالمخدوع،في حين أن المخدوع يعلم بسوء طوية الخادع وعداءه ولكنه يخدع إذ أتاه السوء من حيث لم يحتسب،وينجح الخادع في خداعه اذا فجأ عدوه من حيث لم يكن محتاطاً ولا متهيئاً،والمكر،هو إرادة الماكر فعل السوء والأذى بالممكور به الذي لم يعلم بما يخبئه له الماكر،وهو آمن في نفسه من سوء يأتي من الماكر ولا يحتسب أذى أبداً، وينجح الماكر في مكره إذا فجأ الممكور به،ولكن المكر السيئ أشد خبثاً وانكى أثراً في الممكور به،لأنه لم يكن يتوقع حدوث السوء من الماكر،وهو اخف وطأة على المخدوع حيث انه كان ينتظر السوء،ولكنه أتاه من حيث لا يحتسب،ومن أمثلة المكر ومفاجأته للممكور به،امرأة العزيز حين أردن النسوة مكراً،سمعت به وعلمت فليس بينها وبينهم عداوة سابقة فمكرهن كان سيفجأها(فلما سمعت بمكرهن أرسلت إِليهن وأعتدت لهن متكأً وآتت كل واحدة منهن سكيناً وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش للَه ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم) يوسف،وإخوة يوسف عليه السلام،لم يكن يتوقع يوسف أن يصيبه منهم ما أصابه فأصبح فعلهم بحق أخيهم مكراً فقال تعالى(ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون)يوسف،وهنا فائدة هامة وجليلة نخرج بها لمن يسأل كيف يمكر الله وقد تعارفنا على أن المكر في أصله سيء،أن الماكر يحُيك مكره تجاه الممكور به الذي أمن من السوء ويظن الماكر أنه لا أحد يعلم بما يخبئه من سوء ، في حين أن الله جل وعلا،يحُيك له عمل سوء عليه جراء ما نوى اقترافه من سوء فأصبح عدم علم هذا الماكر بإرادة الله لعدم إيمانه أصلا (مكرا) من الله وإلا فالمؤمن يعلم أن الله يعد لمن نوى السوء بالصالحين سوءاً يحيق به فلا يعد في هذه الحالة مكراً بل عقاباً،فالتسمية اصطلاحية (المكر) أصبحت واقعة في حالة الكافر الماكر الذي يحيك مكره والله يحيك ردا على مكره قبل وقوعه ولكن عدم إيمان الكافر بقدرة الله جعلت من هذا العمل مكراً إلهياً،والمكر الرباني إنه حقيقة للمؤمنين بالله ليس مكراً ولكنه عقاب سماه الله مكراً لأنه في غفلة من الماكر،وأمن تام من أن يأتيه سوء من الله لأنه لا يؤمن بالله أصلاً،فحال الله مع الماكر،اصبح كحال الماكر مع الممكور به،ينسج العمل ولا يعلم الاّخر بما ينسج له فكان مكر الله جزاءاً من جنس عمله،يقول الله تعالى(ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون)النمل،وذلك الأسلوب الرباني تجاه الماكرين يبرره جل وعلا أجمل تبرير فالجزاء من جنس العمل(استكباراً في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت اللَه تبديلاً ولن تجد لسنت اللَه تحويلاً) فاطر،فهي سنة إلهية ثابتة أن المكر السيئ يحيق بالماكرين دوماً،المكر الذي تزول منه الجبال،يقول الحق جل وعلا(وقد مكروا مكرهم وعند اللَه مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال)إبراهيم،قد يسأل سائل عن قوله تعالى(ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون)النمل،فكيف يستقيم نهي الله لنبيه عن الضيق والحزن من مكر الكافرين في حين أن المكر لا يعرفه الممكور به،وهذه خصوصية لنبي الله صل الله عليه وسلم،فيخبره رب العالمين بما يمكر به الماكرون،وهم مستمرين في مكرهم آمنين من أن يعلم النبي صل الله عليه وسلم،أو ربه بما يبيتونه من سوء لأنهم كافرين بالله وبقدرته،ولكن المؤمنين لم يوصفوا بصفة المكر،لأن هذه الصفة ليست من صفات المؤمنين،وأن أكثر استعمال القرآن للمكر كان على جهة الذمِّ، وليس على جهة المدح،ومع أن المؤمنين لم يوصفوا بالمكر، إلاَّ أنه يجوز لهم أن يستخدموا المكر لصد عدوهم،من أجل حماية أنفسهم،ويوجد فرق بين مكر الله ومكر الأعداء، وذلك لأنَّ مكر الأعداء هو الاحتيال، ومكر الله هو رد للمكر بخذلانهم واستدراجهم لما يقوم به الماكرون،ثم إيقاعهم في الهلكة وهم لا يشعرون،ورد عن النبي،صل الله عليه وسلم،أنه قال في الدعاء (رب امكر لي،ولا تمكر علي)صحيح،رواه ابن ماجه،قال تعالى(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)هذه الآية في سياق ما ذكر الله سبحانه وتعالى،من مكيدة المشركين ومكرهم برسول الله،صل الله عليه وسلم،حينما تآمروا على قتله وترصدوا له ينتظرون خروجه،عليه الصلاة والسلام،فأخرجه الله من بينهم ولم يشعروا به،وذهب هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه واختبئ في الغار (في غار ثور)ثم إن الله سبحانه وتعالى،صرف أنظارهم حينما وصلوا إلى الغار،والنبي،صل الله عليه وسلم،مختبئ فيه هو وصاحبه،ووقفوا عليه ولم يروه،حتى إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه،قال للنبي صل الله عليه وسلم، يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا، فقال له النبي،صل الله عليه وسلم(يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) رواه الإمام البخاري في صحيحه،فأنزل الله جل وعلا(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم )سورة التوبة،هذا هو المكر الذي مكره الله جل وعلا لرسوله،صل الله عليه وسلم،بأن أخرجه من بين أعدائه،ولم يشعروا به مع حرصهم على قتله وإبادته،ثم إنهم خرجوا في طلبه،ووقفوا على المكان الذي هو فيه،ولم يروه،لأن الله صرفهم عنه كما قال تعالى(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر اللَه واللَه خير الماكرين)سورة الأنفال،وهذا المكر المضاف إلى الله جل وعلا والمسند إليه ليس كمكر المخلوقين،لأن مكر المخلوقين مذموم،وأما المكر المضاف إلى الله سبحانه وتعالى فإنه محمود،لأن مكر المخلوقين معناه الخداع والتضليل،وإيصال الأذى إلى من لا يستحقه،أما المكر من الله جل وعلا،فإنه محمود،لأنه إيصال للعقوبة لمن يستحقها فهو عدل ورحمة.
|
|