[size=32]
العقاب.. هل يساهم في تحسين سلوك الابناء؟[/size]
وبخ فادي سليم «موظف» ابنه يزن طالب في المرحلة الاعدادية مع ضربه علقة كما نسميها من قاع الدست لتجاهله كلام والدته بالقيام بحل واجباته المدرسية، فيما لم يكترث يزن لكلام والدته وهو ما دفع والده لضربه على هذا التصرف وحتى يلتزم بما يطلب منه لاحقا دون أي تذمر، ومع ذلك تعرض يزن ايضا لعلقه اخرى من مدرسة في المدرسة لتجاهله حل واجباته المدرسية.
ونوه سليم الى ان بعض الأهل يتغاضون عن أخطاء أولادهم ويتركون لهم هامش الحرية مفتوحاً، بينما يلجأ آخرون الى العقاب البدني أو التأنيب النفسي وكاب لا أعارض فكرة العقاب، لكن بشرط اللجوء إلى النصح كمبدأ يجب اتباعه مع الأبناء من سن السادسة من خلال أمثلة توضيحية كعدم كسر الأشياء والاعتناء بالزهور ومحاكاة الأفعال وتجسيد المفاهيم المجردة، وفي سن الرابعة عشرة يكون العقاب بالنصح أيضاً، وإذا تكرر الخطأ يستعمل العقاب البدني، وإذا لم يرتدع الولد لاحقاً نبدأ مرحلة التحفيز بالمصروف أو المنع، ونربط المكافأة بالإجادة والأفعال الجيدة، والأخطاء بالعقاب كحرمانه من نزهة أو سفر ترويحي ثم الامتناع عن الحديث معه أو تجاهله لفترة، كذلك لا بد من أن يشعر الولد ببعض الألم إذا كرّر الأخطاء نفسها.
عامل النظام
نضال خليل «موظف» ورب اسرة لاربعة اطفال يقول أن سر النجاح بشكل عام هو النظام، وبالأخص تنظيم الوقت، وفي الحقيقة يبدأ تعليم الطفل النظام منذ سنواته الأولى، ففي البداية يقوم الطفل بالتوافق مع نظام الغذاء والخضوع لنظام الوجبات، وكذلك موعد الذهاب إلى النوم في ساعة محددة، وكل هذه الأمور تحقق سمة الدقة والتنظيم في حياة الطفل؛ فيعرف أن للأشياء حدودًا وقيودًا لا يمكن أن يتجاوزها؛ فالأكل والنوم واللعب وغيرها ليست مجالات مفتوحة أمامه كما يريد، بل يوجَّه إلى أن يأخذ منها كفايته دون تجاوز؛ وذلك حفاظًا على صحته وصحة الآخرين وراحته وراحة الآخرين.
اما حسن جابر «مرشد تربوي» فعلق على الامر بالقول أن المغريات التي بين أيدي أطفالنا لم تكن موجودة في زمننا عندما كنا أطفالاً أي اختلاف الزمن بين الاجيال، إذ كانت سعادتنا في التلفاز لا تتعدى ساعة أو نصف ساعة نرى فيها فيلما كرتونيا أو مسلسلا للأطفال على قناتنا المحلية، أما الآن فسياسة إلهاء الأطفال عن واجباتهم، وتوجيههم إعلاميا بشكل خاطئ موجودة في أغلب القنوات الفضائية، وإن في استخدام اللوم والتجريح ما يخلق عند الطالب اتجاهات سلبية قد يدوم أثرها إذا ما تكررت، وتكون عامل إحباط عنده ، وعلى تدني مستوى الإنجاز والتحصيل، وإن استخدام أسلوب النقد القاسي والمباشر أو التجريح والإهمال، ليس أسلوبا مناسبا لمعالجة المشاكل المدرسية والصفية عند الطلبة وبخاصة فيما يتعلق بالتحصيل الأكاديمي، فمثل هذا الأسلوب يضعف ثقة الطالب بنفسه، ويعمل على خلق صورة ضعيفة على الذات، والشعور بالإحباط والفشل، وبالتالي فهو لا يشجع الطالب على أن يفكر، أو يعمل على تقوية حافز التفكير عنده.
الثواب والعقاب
ويضيف جابر أؤيد فكرة الثواب والعقاب، لأنها فكرة أزلية موجودة في النفس البشرية، وثمة مدارس عدة هدفها تنشئة جيل متوازن يتحمل المسؤولية ويفهم الحياة، بينما التدليل والتغاضي عن الأخطاء سياسة غير مثمرة، وحتى علماء النفس في أميركا اليوم بدأوا العودة إلى سياسة التأديب والعقاب في المدارس بعد الانفلات الكبير الذي وقع فيه الأبناء وصل إلى حدّ ارتكابهم جرائم بشعة فاقت كل التوقعات، فالتراحم وروح الجماعة من أبرز سماتنا وحين نتمتع بهما يمكننا أن نطبق منهج العقاب لخدمة المجتمع.
ونوه جابر إذا أخطأ طالب في المدرسة نعاقبه بتنظيف فناء المدرسة أمام زملائه اما في المنزل فيتولى اهله المهمة، فهذا العقاب يشجعه على العمل العام وهو أفضل من العقاب البدني الذي يؤدي إلى تراكمات نفسية، فلو طبق مثال خدمة المجتمع على الصعد كافة لأتى بثمار كثيرة، إذ إن رقابة الزملاء والأصدقاء والجيران مجتمعة كفيلة بتقويم سلوك الطفل وضمان عدم تكراره أفعالاً مشينة أمام زملائه وبجعله يشعر بعواقب أخطائه.
الاعقاب أنواع
ولفت جابر ان العقاب انواع: هنالك عقاب بدني وهذا أسلوب له مضاعفات نفسية وتشويه في البناء النفسي له، وعقاب غير بدني مثل نظرة عدم الرضا وحركة الرفض بالأصابع واليدين أو تقطيب الوجه أو النهي والزجر بالكلام وأقوى الأساليب هو الإهمال وحجب الاهتمام عن غير المرغوب في السلوك وقد يصبح العقاب حرماناً من النقود أو عدم إعطاء الحلوى أو حجب اللعب لفترة.
واعتبر جابر إن الهدف من العقاب هو منع تكرار السلوك غير المرغوب فيه، وأن يتناسب العقاب من حيث الشدة والوسيلة مع نوع الخطأ ، أن يعرف الطالب المعاقب لماذا يعاقب، أن يقتنع الطالب بأنه قد ارتكب فعلا يستوجب العقاب، أن معاقبة التلميذ بالواجبات المدرسية يؤدي به إلى كراهية المدرس وقد ينتهي الأمر إلى زيادة الفوضى لا إلى القضاء عليها، وفي حالة اللجوء إلى العقاب يجب مراعاة الضوابط الآتية، التأكد من وقوع الخطأ ومن شخص الفاعل، عدم الضرب وقت الغضب، الحرص على عدم الحاق أذى بالطفل، تجنب المناطق الحساسة في الجسم كالوجه ، عدم إيقاع العقاب البدني أمام الناس لما في ذلك من جرح في الشعور مع الحرص على عدم تكرار العقاب البدني لمحاذيره الكثيرة، وعلى المربي أن يأخذ الأمور الآتية بعين الاعتبار قبل إيقاع العقاب ، أن العقاب البدني ضرره أكثر من نفعه، وأن النفع إذا حصل فإنه يكون آنيا قد يزول بغياب الشخص الذي يوقع العقاب، وأن العقاب قد يكون حافزا للوقوع في الخطأ، وإن الخوف من العقاب قد يدفع التلميذ للتفكير في أساليب تنجيه كالكذب والغش وغيرهم مع عدم التركيز على الجوانب السلبية للتلميذ دون الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الإيجابية .
وخلص جابر بالقول الى ان أساس تعليم النظام هو الحب المتبادل والاحترام، فطالب يطيع عندما يحب، ويعصي عندما يكره، وهكذا فإن النظام مرتبط إلى حد بعيد بالطاعة والمحبة، وهذا ما يظهر لدى كثير من الطلبة حين يهتمون بمادة دراسية أكثر من أخرى، وما ذاك إلا بسبب حبهم للمدرس أو للمدرسة، وبالتالي هم يطمحون لنيل رضا من يحبون، وقديمًا قيل «إن المحب لمن يحب مطيع». إذن من المهم إرشاد الشخص إلى النظام في أي مرحلة عمرية بطريق الرفق والحنان.