الرسول صل الله عليه وسلم هو:
محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلا
بن مرة , بن كعب , بن لؤى , بن غالب , بن فهر , بن مالك, بن النضر , بن كنانة
بن خزيمة , بن مد ركة , بن الياس , بن مضر , ابن نزار, بن معد , بن عدنان ,ابن
أد , بن أدد, بن اليسع, بن الهميسع , بن سلامان , بن نبت , بن حمل, بن قيذار, بن
اسماعيل, بن ابراهيم , بن تارح , بن ناحور , بن ساروغ , بن أرغو , بن فانغ, بن
عابر , بنشالخ , بن أرفخشذ, بن سام ,ابن نوح, بن لمك , بن متوشلخ , بن أخنوخ,
بن يارد , بن مهلا ييل, بن قينان , بن أنوش , بن شيث , ابن آ د م صفى الله
ولادة الرسول عليه الصلاة والسلام
والمشهور أنة ولد في فجر يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول عام الفيل ويرىالباحثون أن عام الفيل غير معروف على وجه التحديد هل كان في عام 522م أو 563م أو570 أو 571م فبحثوا عن تاريخ ثابت محقق يمكن على أساسه تحديد مولد الرسول صل الله عليه و سلم فوجدوا أن أول تاريخ تحقيقه هو تاريخ الهجرة في سنة 622م وعلىهذا يمكن التوفيق بين رأي المؤرخين و رأي الباحثين بأن رسول الله صل الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين التاسع ربيع الأول في العام الثالث والخمسين قبل هجرته.
رضاعة الرسول عليه الصلاة والسلام
وكانت عادة أشراف مكة أن يعهدوابأطفالهم إلى نساء البادية ليقمن على رضاعتهم , لأن البادية أصلح لنمو أجسامالأطفال وأبعد عن أمراض الحضر التي كثير ما تصيب أجسامهم فضلا عن إتقان اللغةالعربية وتعود النطق بالفصحى منذ نعومه أظفارهم.
وكان مقدار العناية والرعاية بالطفل يختلف من قبيلة لأخرى لذا حرص أشراف مكة على أنيكون أطفالهم عند أكثر هذه القبائل عناية , ورعاية وكانت أشهر قبيلة في هذا الأمرهي قبيلة بني سعد.
ولم تقف شهرة بنى سعد على أمر العناية والرعاية بالطفل فقط , بل حازت الشهرة في أنلغتها كانت عربية خالصة لم تشبها شائبة فضلا عما اشتهرت به من أخلاق كريمة طيبة لذا حرص عبد المطلب على أن يكون محمد في بني سعد فلما جاءت حليمة السعدية لتأخذه وأحست هذا الحرص طمعت في جزل العطاء فتمنعت في أخذه فلما أجزل لها أخذتهوكان رسول الله صل الله عليه و سلم يفخر برضاعته في بنى سعد فيقول : أنا أعربكمأنا قرشي واسترضعت في بنى سعد بن بكر.
ويذكر المؤرخون أن محمد عرض على جميع المرضعات اللاتي وفدن على مكة فأبينيأخذنه ليتمه وفقرة , وأنهن كن يطمعن في أبناء الأغنياء وأن حليمة ما عادت إليه الا لأنها لم تجد طفلا غيره وهذا غير صحيح فمحمد لم يكن فقيرا فهو في كفالة جدة عبدالمطلب سيد مكة وكبيرها, ومثله من يطمع في عطائه وقد ذكرت المصادر أن جيش أبرهه في حملته على الكعبة قدحاز مائتين من الإبل لعبد المطلبكما أنة فدى ابنة عبد الله بمائة من الإبل , وذبح مجموعة كبيرة منها في زواجه لايصد عنها إنسان ولا حيوان , ويذكر اليعقوبى أن عبد المطلب عند موته لف في حلتين من حلل اليمن قيمتها ألف مثقالمن الذهب فمن كان ذلك حاله أيعقل أن يكون فقيرا تترك المرضعات ولده ؟ ذلك فضلا عنإرضاع الأطفال في البادية عادة أشرف مكة وأغنيائها , أما الفقير فكانت كل أم ترضعطفلها.
قضى محمد صل الله عليه و سلم في حضانة ورعاية (حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية(وزوجها (الحارث بن عبد العزى) أربع أو خمس سنوات ثم حدث ما جعلها تعجل بإرجاعه إلى أمه في مكة إذا أخبرها ابنها الصغير أن رجلين أخذا محمدا فشقا صدره واستخرجاقلبه وأخذا منه علقه سوداء ثم غسلا القلب وإعاداه إلى ما كان عليه , وقد اختلف المؤرخين في حقيقة شق الصدر هل هو حسي أم معنوي ؟ ولكن لعله يشير إلى الحصانات التي أضفاها الله على محمد صل الله عليه و سلم فحصنته ضد مساوئ الطبيعة الإنسانية ومفاتن الحياة الارضية.
أعمال الرسول صل الله عليه وسلم
1- اشتغاله صل الله عليه و سلم برعي الغنم
ولما شب محمد وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده , فاشتغل برعي الغنملأعمامه ولغيرهم مقابل أجر يأخذه منهم, ويذهب البعض إلى أن حرفة الرعي وقيادة الأغنام علمت الرسول صل الله عليه و سلمرعاية المسلمين و قيادة الأمة بعد بعثته وهذا ولا شك مبالغة كبيرة فان كثيرا غيره من الرعاة لم يصبحوا قوادا ولا ساسة كماأن الكثير من القواد والساسة لم يعرفوا عن حرفة الرعي شيئا , وهناك فرق كبير بينسياسة الحيوان والإنسان , لكن يمكن القول أن حرفة الرعي لما كانت تتم في الصحراءحيث الفضاء المتناهي والسماء الصافية والنجوم المتلألئة في الليل , والشمس المشرقةفي الصباح وهذا النظام البديع في حركة الكون استرعى كل ذلك انتباه محمد فأخذ يتأملويتفكر ويتدبر في الكون العجيب.
2-اشتغاله صل الله عليه و سلم بالتجارة
وزاول محمد مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة (وقيل في التاسعة) وانتهزفرصة خروج عمه أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه وفى الطريق قابلهما راهبمسيحي رأى في محمد علامات النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه.
وعلى الرغم من ذكر المؤرخين لقصة الراهب بحيرا إلا أنة لا يمكن تصديقها بسهولة, لأنمحمد صل الله عليه و سلم نفسه لم يكن يعرف أنه نبي إلا بعد أخبره جبريل بذلك فيالغار , وكل ما يعرفه رجال الدين اليهودي والمسيحي عن الرسالة المحمدية زمانها لاشخص صاحبها, وقد أفادت هذه الرحلة محمدا كثيرا, فعودته الصبر وتحمل المشاقة وفتحتعينية على أقوام ومجتمعات تختلف كثيرا عن قومه ومجتمعة , ومر في الطريق الذهابوالعودة على أطلال مدن عرف أنها ديار ثمود ومدين ووادي القرى وسمع عن أخبارهمالكثير .
لم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بأسواق مكة اوبالأسواق القريبة منها كسوق عكاظ ومجنه وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همهواكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة سعيدة وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيراوتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب.
تنقسم حياة رسول الله صلى اللهعليه وسلم بعد أنشرفه الله بالنبوة والرسالة إلى عهدين يمتاز أحدهما عن الآخـر تمـام الامتياز،وهما:
1 ـالعهد المكي، ثلاث عشرة سنة تقريبًا.
2 ـ العهد المدني، عشر سنواتكاملة.
ثم يشتمل كل من العهدين على عدة مراحل، لكلمرحلة منها خصائص تمتاز بها عن غيرها، يظهر ذلك جليًا بعد النظر الدقيق في الظروفالتي مرت بها الدعوة خلال العهدين.
ويمكن تقسيم العهد المكي إلى ثلاث مراحل:
1 ـمرحلة الدعوة السرية، ثلاث سنوات.
2 ـ مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة،من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى هجرته صل الله عليه وسلم إلى المدينة.
3 ـ مرحلة الدعوة خارج مكة وفشوها فيهم، منأواخر السنة العاشرة من النبوة.وقد شملت العهدالمدني وامتدت إلى آخر حياته صل الله عليه وسلم.
وقد شهد العهد المكي أحداث كثيرة في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام أهمها:
1- عام الحزن وخروجه إلى الطائف ففي هذا العام وبعد انتهاء المقاطعة التي أضرت بأجسادهم بسبب الحصار وأصابهم الوهن والضعف خاصة الشيوخ والنساء, توفيه عمه أبو طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها وبعدها خرج الرسول علية الصلاة والسلام من مكة إلى الطائف وتبعد عنها 120 كم بعد أن اشتد أذى قريش له لان عمه كان الحامي له ومكث فيها عشرة أيام حيث أخذ يدعو أهلها إلى الإسلام وهم أهل قبيلة ثقيف الوثنيه وما كان منها إلى موقف زاد غمه وحزنه وكانوا لدعوته صما عميا فلم يستمع إليه منهم احد.
2- الإسراء والمعراج حيث كانت بمثابة مواساة لرسول الله من الله عز وجل بسبب من أصابه من هم وغم وترويح عما لاقاه في سبيل دعوته. وهي من معجزات رسول الله
قوله تعالىسُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىبِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى) صدق الله العظيم
الإسراء: هو انتقال الرسول صل الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس.
المعراج : هو صعدوه علية الصلاة والسلام من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى
3- بيعة العقبة الأولى :
فى موسم الحج التالى وفد على مكة اثنا عشر رجلا من مسلمى يثرب عشرة من الخزرج و اثنان من الأوس, تقابلوا مع رسول الله عند العقبة و بايعوه بيعة عرفت فى التاريخ الإسلامي ببيعة العقبة الألى أو الصغرى بايعوه على أن لا يشركوا بالله شيئا و لايسرقوا, و لا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يلأتوا ببهتان يفترونه بين أيدهم وأرجلهم و لا يعصوه فى معروف, فقال لهم الرسول:ان وفيتم فلكم الجنة, و ان نقضتم, فأمركم الى الله عز و جل ان شاء عذب و ان شاء غفر, و عرفت هذه البيعة ببيعة النساءلأنها على نفس الشروط التى بايعت النساء عليها رسول الله بعد فتح مكة و أرسل الرسول صل الله عليه و سلم معهم مصعب ابن عمير ليقرئهم القرآن و يعلمهمأمور دينهم, فكان أول سفير لرسول الله صل الله عليه و سلم, و نجح مصعب فى نشرالدعوة الإسلامية و دخل أهل يثرب فى دين الله أفواجا, و لم يمر عام على مصعب بها, ولم يبق دار من دورها الا و فيها رجال مسلمون و نساء مسلمات, بل دخلت قبائل بأكملهارجالها و نسائها, صغارها و كبارها فى الإسلام دفعة واحدة
4- بيعة العقبة الثانية
فى موسم الحج التالى وفد مع حجاج يثرب ثلاثة و سبعون رجلا, و امرأتان منالمسلمين و معهم مصعب ليبايعوا رسول الله صل الله عليه و سلم و سر الرسول بأنتشارالإسلام بين أهل يثرب ووجد فيهم المنعة و النصرة و الحماية, و وجد المسلمون فى يثربالملجأ والملاذ والمأوى فتاقت نفوسهم وهفت اليها أفئدتهم و تمنوا ساعة الخلاص.
حيث تواعد الرسول و مسلمو يثرب اللقاء فى العقبة فى ليلة الثاني عشر من ذى الحجة على أن يكون سرا حتى لا تعلم قريش أو مشركوا يثرب به فيفسدوه, ولما حان الموعد بدأ المسلمون يتسللون تسلل القطا-وهو طائر معروف بالخفة و الحذر-الى مكان الاجتماع و خرج اليهم الرسول و معه عمه العباس وكان لا يزال مشركا و لكنه أراد أن يتثبت لابنأخيه
وفى الصباح علمت قريش بأمر البيعة و أن أهل يثرب قد بايعوا محمدا ليخرج اليهم و يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم و أولادهم, فوقع فى أيديهم و طاش صوابهم و خرجوا مسرعين الى منازل أهل يثرب يسألونهم:انا قد بلغنا أنكم قد جئتم الى صاحبنا هذا تستخرجوه من بين أظهرنا و تبايعوه على حربنا, وانا و الله ما من حي من العرب أبغض الينا أن تنشب الحرب بيننا و بينهم منكم, فسكت المسلمون و قام أهل يثرب يحلفون لهم ما كان من هذا من شئ, و ما علمناه, وعاد أهل يثرب الى بلدهم, و لكن قريشا تيقنت خبر البيعة فخرجوا عليهم يظفرون بأهل يثرب و لكنهم لم يدركوا منهم الا سعد بن عبادة فكتفوه و عادوا به الى مكة يضربونه و يجرونه من شعره و لم يخلصه من بين ايديهم الا مطعم بن عدى الذى أجاره فعاد الى يثرب
هكذا وتمت بيعة العقبة الثانية و أصبحت هجرة الرسول و المسلمين أمرا محققا, و لكنها مسألة وقت فقط
صفات الرسول عليه الصلاة والسلام
1- رجل الذوق والجمال
2- رجل النظافة والعناية بالبيئة :
من الأمور التي تميّزت بها حياة محمد (صل الله عليه وسلم ) ودينه عن باقي الديانات والنظريات هي التعاليم الصارمة التي سنّها لأتباعه , والتي تلزمهم الإهتمام الشديد بالنظافة والحفاظ على البيئة .
فمحمد الرسول (صل الله عليه وسلم ) شرع لأتباعه غسل أعضاء البدن التي تواجه التلوث وتباشر الأعمال مثل الوجه والفم والأنف واليدين والرجلين في اليوم الواحد خمس مرات أو أكثر, وأما غسل كامل البدن فينبغي على أتباع محمد أن يكثروا من ذلك ما استطاعوا . و حذر من تلويث الأماكن القريبة من الناس بالقاذورات. وشدد على أتباعه في ضرورة النظافة التامة الكاملة من فضلات الإنسان القذرة.وألزم أتباعه بوجوب تنظيف ملابسهم من النجاسات. وعلّم أتباعه مبدأ الحجر الصحي حيث أمرهم بعدم دخول الأرض التي دخلها الوباء وعدم الخروج منها إن كانوا بها , حفاظا على الصحة العامة للبشرية.
3- رجل الاخلاق الحميدة ورجل الحق والعدالة
4- رجل الدين والدوله
5- وفائه صل الله عليه وسلم وزوجا:
لم تعرف المرأة عشرة زوجية بالمعروف -كما تعنيه هذه العشرة من كمال لأحد من البشر- كما عرفته لرسول الله صل الله عليه وسلم، المبين للقرآن بحاله وقوله وأفعاله.
حيث " كان من أخلاقه صل الله عليه وسلم معهن أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه، حتى أنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها - في البرية في بعض سفراته يتودد إليها بذلك، قالت: " سابقني رسول الله فسبقته فلبثت حتى إذا أرهقني اللحم أي سمنت سابقني فسبقني فقال : هذه بتلك يشير إلى المرة الأولى"
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 377
وكان يجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صل الله عليه وسلم فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يؤنسهم بذلك صل الله عليه وسلم " قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى "
ولقد جعل النبي صل الله عليه وسلم معيار خيرية الرجال في حسن عشرة الزوجات فقال: "خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي"
يمكن تقسيم العهد المدني إلى ثلاث مراحل:
1 ـ مرحلة تأسيس المجتمع الإسلامي، وتمكين الدعوة الإسلامية، وقدأثيرت في هذه المرحلة القلاقل والفتن من الداخل، وزحف فيها الأعداء من الخارج؛ليستأصلوا أشفة المسلمين، ويقلعوا الدعوة من جذورها. وقد انتهت هذه المرحلة بتغلبالمسلمين وسيطرتهم على الموقف مع عقد صلح الحديبية في ذي القعدة سنة ست منالهجرة.
2 ـ مرحلة الصلح مع العدو الأكبر،والفراغ لدعوة ملوك الأرض إلى الإسلام، وللقضاء على أطراف المؤامرات. وقد انتهتهذه المرحلة بفتح مكة المكرمة في رمضان سنة ثمان من الهجرة.
3 ـ مرحلة استقبال الوفود، ودخول الناس في دين الله أفواجًا.وقد امتدت هذه المرحلة إلى وفاة الرسول صل الله عليه وسلم في ربيع الأول سنة إحدىعشرة من الهجرة.
وفاة النبيّ محمد صل الله عليه وسلم
قال الله تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40)}[سورة الأحزاب].
أفضل العباد قد مات ولا بد لكل واحد منا أن يموت فقد قال الله تعالى مخاطبا نبيه المصطفى في الكتاب: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)}[سورة الزمر] أي إنك ستموت وهم سيموتون.
بداية مرض الرسول عليه الصلاة والسلام:
ابتدأ برسول الله صل الله عليه وسلم صداع في بيت عائشة، قالت: دخل عليّ رسول الله صل الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه، فقلت: "وارأساه" قال: "بل أنا وارأساه"، ثمّ اشتد أمره في بيت ميمونة، واستأذن نساءه أن يمرّض في بيت عائشة فأذن له، وكانت مدة علته اثني عشر يوما وقيل أربعة عشر.
فعن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صل الله عليه وسلم؟ فقالت: بلى، ثقل رسول الله صل الله عليه وسلم، فقال: أصلى الناس؟ فقلت: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله.
فقال ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا، فاغتسل ثم ذهب لينؤ (أي لينهض) فأغمي عليه ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله لصلاة العشاء، فأرسل رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أبي بكر يصلي بالناس وكان أبو بكر رجلا رقيقا، فقال: يا عمر صلّ بالناس.
فقال: أنت أحق بذلك. فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام.
ثم إن رسول الله صل الله عليه وسلم وجد خفة (أي خف عنه المرض) فخرج بين رجلين، أحدهما العباس، لصلاة الظهر فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر (أي ليرجع عن الإمامة في الصلاة بوجود رسول الله صل الله عليه وسلم) فأومأ إليه أن لا تتأخر، وأمرهما فأجلساه إلى جنبه فجعل أبو بكر يصلي قائما ورسول الله صل الله عليه وسلم يصلي قاعدا. رواه البخاري ومسلم والنسائي.
موت الرسول وغسله صل الله عليه وسلم:
عن أنس رضي الله عنه قال: لمّا ثقل رسول الله صل الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه.
فقال لها: ليس على أبيك كرب بعد اليوم.
فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربّا دعاه، يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، فلما دفن قالت فاطمة: "يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صل الله عليه وسلم التراب". رواه البخاري.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما أجمع القوم لغسل رسول الله صل الله عليه وسلم وليس في البيت إلا أهله: عمه العباس، وعلي بن أبي طالب، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وأسامة ابن زيد، وصالح مولاه، فلما اجمعوا على غسله نادى من وراء الباب أوس بن خولى الأنصاري، وكان بدريا، علي بن أبي طالب فقال: يا علي ناشدتك الله حظنا من رسول الله صل الله عليه وسلم فقال له علي عليه السلام: ادخل، فدخل فحضر غسل رسول الله صل الله عليه وسلم ولم يل من غسله شيئا فقال فأسنده علي إلى صدره وعليه قميصه، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي وكان أسامة وصالح يصبان الماء، وجعل علي يغسله.
ولم ير من رسول الله صل الله عليه وسلم شىء مما يرى من الميت وهو يقول: بأبي وأمي ما أطيبك حيّا وميتا.رواه أحمد بن حنبل.
دفن خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام:
وعن ابن جريج قال: أخبرني أبي أن أصحاب محمد صل الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبر النبي صل الله عليه وسلم؟ حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: "لم يقبر نبي إلا حيث يموت". فأخروا فراشه وحفروا له تحت فراشه". رواه أحمد بن حنبل.
وروي أنه صل الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا، وكفّن بثلاثة أثواب بيض، ووضع على سريره على شفير القبر، ثم دخل الناس إرسالا يصلون عليه فوجا فوجا، لا يؤمهم أحد، ثم دفن صل الله عليه وسلم ونزل في حفرته العباس، وعلي، والفضل، وقثم، وشقران، ودفن في اللحد، وبني عليه في لحده اللبّن، ثم أهالوا عليه التراب، وجعل قبره عليه الصلاة والسلام مسطحا، ورشّ عليه الماء رشا.