في القرن الثامن ومدينة دمشق تتربع على عرش المدن ومنارة ومركز حضاري هام، قام العباسيون واتخذوا من مدينة بغداد عاصمة لهم، ودخلت جيوشهم العاصمة دمشق أهم حاضرة في ذلك الزمان لتقضي فيها على خصومهم من رجال بني أمية وذلك في نهايةالعصر الأموي، وفي زمن تضعضع وضعف السلطة العباسية، ارتبطت دمشق بالدولة الطولونية قبل أن ترتبط ب الفاطميين، وقد تعرضت في تلك الحقبة لغزوات القرامطة الذين احتلوها مرات عدة، مما أحدث فيها الكثير من الخراب والدمار، بعد الفاطميين، بسطالسلاجقة سلطتهم على دمشق وحكمها الأتابكة في شكل مستقل واستردت عرشها كمركز وعاصمة حضارية. قاوم معين الدين أنروحارب الصليبينالفرنجة وصد الحصار الذي فرضته قواتهم في منطقة داريا بالقرب من دمشق ودافع عن المدينة وحافظ على استقلاليتها، وجاء من بعده الملك نور الدين محمود زنكي واتخذ من دمشق عاصمة له وأصبحت دمشق عاصمة الأيوبيين ومنطلقهم لتحرير جميع البلاد الإسلامية. العصر المملوكي والعثماني
سوق الحميدية
كانت ولاية دمشق من أكبر ولايات السلطنة المملوكية وأهمها حيث عُرفت باسم "نيابة الشام"، وقد امتدت حدودها إلى الفرات والرستنشرقا وشمالا، والى البحر الأبيض المتوسط غربا، وإلى غزة والكركجنوبًا. في عهد السلطان الظاهر بيبرس والسلطان قلاوون، شهدت المدينة حركة عمرانية كبيرة، وشيد فيها عدد كبير من المساجد والمدارس. وقد انتهت تلك الحقبة مع دخول قوات تيمورلنك وما حملته من دمار للمدن الإسلامية ومنهم دمشق. إلا أن هذه الكارثة لم تمنع دمشق من النهوض من جديد فعادت حركة العمران والبناء والتشييد، وازدهر فيها النشاط الصناعي والتجاري والثقافي والعلمي، في زمن احتدم الصراع بين الفئات المتصارعة حول الحكم في العهد المملوكي الأخير. إثر الهزيمة التي مني بها المماليك في معركة مرج دابق عام 1516، تحولت سورية إلى جزء من إمبراطورية العثمانيين الشاسعة وغدت دمشق حاضرة من أكبر وأهم المدن في الدولة العثمانية وأهمها بعد أسطنبول. أولى الحكّام العثمانيون دمشق أهمية كبرى كأهم المدن في العالم الإسلامي وأطلقوا عليها اسم "شام شريف"، وحافظت المدينة على مركزها التجاري والصناعي والثقافي في الشرق، كما أنها كانت محطة تتوقف فيها قوافل الألوف من الحجّاج الذين كانوا ينطلقون منها إلى الديار المقدّسة. وقد حرص الولاة على ضمان الأمن في المدينة، وشيّدوا فيها صروحا جديدة، كما أنهم اهتموا بترميم الجوامع والحمّامات والأسواق القديمة والعناية بالمدينة. من أشهر المعالم التي تعود إلى تلك الحقبة التاريخية الطويلة، التكية السليمانية والجامع اللذان يحملان اسم السلطان سليم الأول، والتكية المعروفة بالسليمانية هي من تصميم المعماري سنان الذي ارتبط اسمه بتشييد صروح أسطنبولالشهيرة. وينتهي العهد الحضاري العثماني مع تعاظم "أهوال التغريب". وبالتوازي مع ازدهار دمشق تزدهر حلب التي تستقطب السفراء الغربيين لتغدو المدينة الثالثة في الإمبراطورية العثمانية بعد أسطنبول ودمشق. وقد شهدت حركة البناء في المدينة آخر تجلياتها الشرقية في القرن الثامن عشر عبر ما يُعرف بالبيوت الدمشقية المميزة، وأشهرها بيت خالد العظم، وبيت أحمد السباعي، وبيت النابلسي، وبيت القوتلي، وبيت دحدح، وبيت المعلم. وقد سحرت هذه البيوت الراقية الرحالة الذين تدفّقوا على المشرق، ومنهم الأسباني باديا الذي زار مدينة دمشق وشبهة بيوتها بالقصور لروعتها وتميزها. الانتداب الفرنسي
عام 1946 استقلت سوريا بشكل كامل عن فرنسا وشهدت المدينة انطلاقا وازدهارًا وتوسعًا عمرانيًا كبيرًا منذ ذلك الحين خصوصًا بعد النكبة والنكسة وهجرة ونزوح مئات الألوف من السوريين من الجولان والفلسطينيين من فلسطين، وتضاعفت مساحة المدينة وامتدت في جميع الاتجاهات. أحياء المدينة ومعالمها
سوق الصالحية أحد أشهر أسواق دمشق
تضم دمشق العديد من الأحياء العريقة والتاريخية القديمة والأحياء الحديثة. أهم أحياء دمشق هي: دمشق القديمة وتضم العديد من الأحياء القديمة التي تتواجد داخل أسوار المدينة القديمة بمبانيها وشوارعها وحاراتها وكنائسها وجوامعها ومدارسها التاريخية وقلعتها وأسواقها الشهيرة. تتميز شوارع أو حارات دمشق القديمة بأنها ضيقة ذات بيوت متقاربة وشوارع مرصوفة بالحجارة في عدد من أقسامها وتشعر وأنت تسير في إحداها وكأنك دخلت إلى التاريخ فهذا جامع أو مسجد قديم وهذه كنيسة أثرية أو دار للحكم وهذا حمام دمشقي أو خان أثري أو دار لأحد مشاهير التاريخ أو مقام لصحابي جليل أو ملك أو قائد أو حاكم أو عالم أو فقيه أو مدرسة تاريخية تعود لعصور قديمة أو حوانيت داخل سوق أثري أو بوابات وأعمدة رومانية أو بقايا معبد قديم فعلا أنت داخل التاريخ. في دمشق أسواق شهيرة ومن أشهر أسواق الشرق وشوارع أثرية تاريخية وقد ذكر أحدها في العهد الجديد (الكتاب المقدس) تحت اسم "الشارع المستقيم"، حيث عاش القديس بولس الدمشقي بولص الرسول الذي انطلق من دمشق مبشرا بالديانة المسيحية في أوروبا. ويتميز البيت الدمشقي (أو البيت العربي كما يدعى في سوريا) بغرف موزعة في طابقين تحيط بفسحة مكشوفة مزينة بالأزهار والورود والنباتات والبحرة ونوافير المياه ويعد قصر العظم من أهم الأمثلة على البيت الدمشقي. معالم دمشق
مدينة دمشق كأقدم مدينة وعاصمة في العالمتحوى الكثير من الآثار والمعالم الهامة يذكر منها:-
كنيسة الفرنسيسكان
أضرحة وقبور عدد كبير من مشاهير التاريخ
مدرسة وجامع وضريح النورية
مدرسة وجامع وضريح الطاووسية
مدرسة وجامع وضريح فروخ شاه
مدرسة وجامع وضريح المرادي
مسجد وضريح السنجقدار
مسجد وضريح السلحدار
مدرسة وجامع وضريح الماردنية
مصطبة الشيخ سعد الدين الجِبَاوي
مجمع بدر الدين
كنيسة الصليب
كنيسة العازريةالحسني
الزاوية السعدية بالميدان
الصناعة والتجارة
كانت دمشق طوال تاريخها الطويل مركزًا تجاريًا وصناعيا هامًا في المنطقة. فهي منذ القدم شهيرة بصناعاتها المتميزة ومهارة صناعها فهي مركز صناعي هام ومن الصناعات التراثية: مثل صناعة الأقمشة وخاصة صناعة قماش البروكار المعروف عالميا باسم دمشق (الداماسكو) والأصواف والجلود. وصناعات النحاس والأرابيسك، وصناعة الحلي والمصدفات وصناعة الحرير والأصواف والأقمشة المطرزة. وكذلك صناعة الحلويات الدمشقية الشهيرة والفواكه المجففة التي اشتهرت بها دمشق في العالم اجمع وكذلك (الحلويات الدمشقية) أو الحلويات الشرقية السورية. كما اشتهرت دمشق في الماضي ب صناعة السيوف التي عرفت بجودتها وحدتها وتفردت بما يعرف بـ السيف الدمشقي وقد حير المعدن الذي تصنع منه هذه السيوف العلماء وسمي بالمعدن الأسطوري. وكذلك الصناعات الدمشقية الأصيلة مثل المصنوعات اليدوية والمجوهرات والحلي التقليدية والأثاث الخشبي والمعدني والأواني النحاسية والموزاييك والكثير من الصناعات التقليدية والمتطورة.
دمشق الحديثة
دمشق تتسلق جبل قاسيون. منظر تجاه حي الشيخ محي الدين.