شذرات من القول !!

شذرات من القول !!

حواجب الحقائق مثل حواجب العين تكشف وتحجب .. غير أن حواجب الحقائق هي في أكثر الأحوال متعمدة ومدبرة .. و (الحقيقة ) يقال عنها أنها مثل قطعة الفلينة التي لا بد أن تطفح فوق سح الماء في يوم من الأيام مهما طال مكوثها في الأعماق .. وتظل حقيقة مهما حاول البعض في تهجينها أو تعديل سيرتها أو تبديل معالمها .. ومنذ أعقاب الحرب العالمية الثانية تكالبت القوى العظمى ( كما يسمى ) في تزييف حقيقة دولة مغتصبة .. وعملت بكل ما تملك من نفوذ وقوة وسيطرة وهيمنة على العالم لترسيخ مفهوم جديد يجافي الحقيقة بأن هناك دولة شرعية يجب أن تكون ( حقيقة) .. ولكن هناك فعلاً دولة قوية ومسيطرة وعنيفة ومهيمنة ومدعومة بكل جبابرة الأرض ومع ذلك في النهاية فهي ليست ( حقيقة ) !! .. ولكن هي وهم قائم بقوة الفرضية القسرية .. جاثم فوق حق لأصحاب له .. والأعجب أن الفطرة التي تعارض الزيف حتى في أنفس أصحاب المخطط ترد منهم من وقت لآخر في شكل فلتان للألسن فيقولون ودون أن يشعروا بذلك : ( حق دولة .... في الوجود !! ) .. مع العلم أن هناك الآلاف من دول العالم التي تملك ذلك الحق في الوجود .. فهي موجودة من الأساس ولا تستلزم أحداً أن ينادي بحق تواجدها !! .. فلماذا ينادى بذلك الحق لتلك الدولة فقط !! .. فتلك إشارة واضحة بأن هناك تواجد جديد لدولة مغتصبة دون أن تكون لها جذور تاريخية تثبتها .. مثلها ومثل باقي دول العالم .. يريدون أن يوجدوا جذوراً وهمية لشجرة اصطناعية قائمة بأوراق وأغصان لها من البلاستيك .. شجرة مزيفة وسط آلاف الأشجار الحقيقية .. وتلك هي المعضلة التي لم يجدوا لها حلاً في عالم العقول التي تعودت الحقائق .. أي أن هناك محاولات مضنية ومتواصلة لترسيخ مفهوم من الوهم ليجعلوها حقيقة في يوم من الأيام .. فطلاء روث الأبقار بماء الذهب لا يجعلها ذهباً .. ومحاولة إقناع العالم بفرية أن السماء يمكن أن تمطر دولةً في بعض الأحيان هي محاولة خارج منطق العقول .. ولا يتبقى أمامهم إلا الاعتراف بتلك الحقيقة المرة التي لا يريدونها بأن تلك الدولة المزعومة قائمة فقط بقوة السلاح .. وهي دولة بنت أعشاشها فوق أشجار أهلها الذين أصبحوا في الخيام .. وتلك هي الإشارة التي نرمي إليها .. وحتى وإذا دامت تلك الدولة الزائفة لآلاف السنوات أو حتى نهاية العالم ففي النهاية هي دولة مزيفة وغير حقيقية .. فهي قامت على زيف ودامت على زيف وسوف تنتهي وهي على زيف .. بالرغم من محاولاتها المضنية في تزييف التاريخ وتشويه الحقائق الأثرية لمنطقة عريقة .. أو تحاول بشتى السبل أن توجد لها وجهاً مشرقاً بين دول العالم .. إلا أن ذلك الوجه هو فقط قناع مزيف تغطى وجهاً مثل وجه ( داريكولا ) مصاص الدماء الشهير .. أي أنه وجه مستعار ومسخ لا تنفع معه عمليات التجميل منذ قيام تلك النبتة الشيطانية في تلك البقعة المباركة وحتى تاريخ اليوم .. والقوي الظالمة تستطيع أن توجد دولة .. وتستطيع أن تغدر بأخرى .. ولكنها لا تستطيع أن تجعل الأوهام حقائقاً في يوم من الأيام .. بل تجد بين لحظة وأخرى الحقائق المرة وهي تطفح في السطح لتعكر مخططاتها .. ثم تشين سمعتها وتخرس مزاعمها .. ودولة أسست على الحق من أول يوم أحق بالاحترام وبالشأن مثل مسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن يقام فيه