وهي رسالة وفق كلام الله العلام ، وعلى نحو الكلام يجر الكلام ، لبيان إمامة وخلافة سادات الإسلام
وهي رسالة تبين هداة ديننا الإسلامي وإمامة نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، والذين أنعم الله عليهم ، وأمرنا بسلوك صراطهم المستقيم ؛ لكونهم الصادقين والشهداء على الأمة الإسلامية على طول الزمان إلى يوم القيامة ، وأن صراطهم المستقيم هو الذي نطلب من الله أن يهدينا إليه في اليوم عشر مرات ، وهي رسالة وفق كلام الله المجيد الذي يفسر بعضه بعض وتنطق آياته في بيان أمثالها
قال الله تعالى : { بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ } سورة الفاتحة.
تقديم : في اليوم عشر مرات نطلب الهداية لصراط نبينا وآله :
سورة الفاتحة ( الحمد ) من غرر سور القرآن المجيد ، ومن غرر آياتها ـ بعد التسمية والحمد والدعاء والإقرار بالعبودية ـ آية طلب الهداية للصراط المستقيم الذي أختص به وببيانه سادات الإسلام نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين :
وقد بين الله تعالى أن الصراط المستقيم قد سلكه واختص به ويهدي إليه الذين أنعم عليهم ، وقد بين أنهم منفي عنهم غضبه والطرد عن رحمته ، وليس في هداهم وتعاليمهم ومعارفهم ضلال ولا انحراف ، وأن في اعتقادهم وتعاليمهم وأقوالهم الحق والصدق ولا شبهة ولا شك ، وبالإضافة لهذا بين سبحانه أن المؤمنين المتقين يجب أن يكونوا معهم لأنهم هم الصادقون وهم شهداء يوم الجزاء على أعمال المؤمنين وصدق أيمانهم ، وبشهادتهم يرض الله أعمال المؤمنين إذا شهدوا أنهم قد تبعوهم وانهم غير منحرفون عنهم .
ولما كان لكل ملة وأمة وقوم قبل الإسلام هداة دين ومعلمي لتعاليم الله صادقون عن الله وفي بيان تعاليمه وهم شهداء على أممهم ، وهم المنعم عليهم باختيار الله لهم بأن يكونوا هداة للناس ولدينه ولتعاليمه الحقة ولبيان أحكامه ، وهم أنبياء الله وأوصيائهم في الأمم السابقة ، وهم الذين يسلكون بأقوامهم ومللهم الصراط المستقيم .
فلابد أن يكون في الأمة الإسلامية في كل زمانهم وعلى طول عصرهم الذي يستمر حتى قيام الساعة مختارون من الله ومصطفون من أحسن عباده منعم عليهم ، وهم أصحاب الصراط المستقيم الذين يهدون لحقيقة تعاليمه ومعارفه صادقون وشهداء على الناس يزكون أعمالهم في الدنيا والآخرة أو يخزوهم حسب أتباعهم لهم أو عدمه .
هذا وقد علّمنا الله في سورة الفاتحة الشريفة أن نطلب منه وندعوه في كل يوم عشر مرات في الصلاة كي يجعلنا نسلك سلوك الذين انعم عليهم ونسير على صراطهم المستقيم الذي هو هداهم لتعاليم الله ، ولابد أن يكون هؤلاء الهادين المهدين المنعم عليهم من الأمة الإسلامية لكون تعاليمها أرقا تعاليم الله وهداها أفضل هدى ، ومبلغيها ومعلميها أفضل مبلغين ومعلمين أختارهم الله لتوصيلها للناس ونشرها وتوضيحها وشرحها لهم بصدق ومن غير ضلال .
وأول النعم وهداة دين الله يحب أن يكونوا شرفاء الأمة الإسلامية وسادتهم ، ومطهرون ومنزهون قد مدحهم الله تعالى وبين فضلهم وعلو قدرهم ورفيع مقامهم ، لأن الله تعالى لا يقبل بعد الإسلام دين ، ولا بعد نبينا نبي ولا بعد تعليمه تعاليم ، ولابد أن يبين تعاليمه على طول الزمان بعد نبيه بيد الصادقون والمنعم عليهم المهتدون ، والهداة لصراطه المستقيم ، ولابد أن يكون لهم قيم عالية عند الله والمؤمنون وأحسن الناس ذاتاً وعلماً وعملاً .
ولما كان الذين أنعم عليهم في سورة الفاتحة والذين يهدون للصراط المستقيم ذكرهم مجمل في آيات سورة الحمد ، فلابد أن يكون تعالى قد بينهم وعرفهم للمؤمنين في كلامه المجيد الذي فيه تبيان كل شيء ، وذلك لكي لا ينخدع الذين يرغبون في تعاليمه بالضالين المضلين ومن يفسر ويعلم كلام الله برأيه واجتهاده .
وسترى في هذه الرسالة أن نبينا الأكرم وبعده آله الطيبين الطاهرين عليهم السلام ، وكل واحد منهم في زمانه هو الإمام والهادي لتعاليم الله وصاحب صراطه المستقيم وهو المنعم عليه للهداية والإمامة والخلافة وله القيم العالية والمقام الرفيع والشأن العظيم عند الله ورسوله والمؤمنون الحقيقيون .
وهنا نبين أن نبينا الأكرم محمد وأهل البيت عليه وعليهم الصلاة والسلام هم المختارون من قبل الله تعالى للإمامة والهداية لدينه ، وهم المصطفون من قبل الله والمنعم عليهم وهم الصديقون والشهداء ، وهم أصحاب الصراط المستقيم الذين نطلب من الله أن نسير وفق تعاليمهم لنصل لتعاليم الله الحقيقة التي لا ضلال فيها ولا انحراف ، ونحصل بها على رضا الله ونبتعد عن غضبه وانتقامه ، وكل تعليم مخالف لهم فهو ضلال ويوصل لغضب الله .
أما ما هو الدليل على أن المنعم عليهم هم أهل بيت النبي الأكرم وآله الأطهار دون غيرهم من المسلمين بعده ، وأنهم هم أصحاب الصراط المستقيم ، فهذا له شواهد كثيرة في القرآن الكريم تبين أن أهل البيت عليهم السلام هم الذين أنعم الله عليهم وهم أصحاب الصراط المستقيم كجدهم رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ، وبين يديك كلام بدون توقف وعنوان في رسالة شريفة دليلها كلام الله الذين يبين بعضه بعض من غير فصل بعنوان ، وهي رسالة على نحو :
الكلام يجر الكلام لبيان نعم الله على سادات الإسلام :
قال الله تعالى ليعلمنا يجب أن تذكروا في الصلاة سورة الفاتحة التي ضمنها : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }الفاتحة 6،7 ونحن بعد أن نتوجه له بالعبودية نستعين بالله ونسأله في كل يوم عشر مرات في الصلاة أن يهدينا لصراط الذين أنعم الله عليهم وغير المغضوب عليهم ولا الضالين ، وهذا ذكر مجمل لوجودهم !! فيا ترى مَن هم وهل بينهم الله سبحانه في القرآن المجيد ؟!!! .
نعم في زمان نبينا فهو وجوده الكريم ولكن الذكر من الضمير ( هم ) في ( عليهم ) يدل على أنهم هم مجموعة من الهداة لصراطه المستقيم ، فهل حقاً ما يقال هم النبي وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله عليهم أجمعين ؟ وإذا هم فما الدليل ؟ وإذا غيرهم فمن هم من المسلمين الأولين وهم مختلفون كل واحد له ما يفتي به مخالف لصاحبه ؟!!
وبعبارة أخرى : الحق سبحانه جاد في دينه ، ويريد الناس أن يصلوا لصراطه المستقيم وفق تعاليمه التي يبينها المنعم عليهم والصادقون ، وكل من يتخلف عنهم يكون ضال ومغضوب عليه ، فيا ترى مَن هم المنعم عليهم لنعرفهم بأنهم أصحاب الصراط المستقيم ؟
نبحث في القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة فمن نجده طاهر وصادق لا يكذب والله قد أنعم عليه ، فهو من أصحاب الصراط المستقيم الذي نطلب من الله أن نسير وفق هداهم وأمرنا الله بالالتحاق به ونسلك سبيله ونتمسك بقوله وفعله ونتبعه في معرفة تعاليم الله ومعارفه ونترك كل من يخالفه وضل عنه .
وهذا الموضوع يتكفل بيان هذا المطلب فأنظر وتدبر وسر على الصراط المستقيم ، ولا تتخلف فتكون من المغضوب عليهم والضالين من حيث تدري أو لا تدري .
قال الله تعالى في حق نبينا محمد صل الله عليه وآله وسلم :
{ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} المائدة15ـ 16
وهذا مسلم أن النبي الأكرم وهو نور يهدي بالقرآن المجيد من يتبعه سبل السلام ويخرجنا من الظلمات إلى النور بإذن الله ويهدينا الصرط المستقيم ، ولكن المشكلة الناقلين لأقوال الرسول الأعظم والمسفرون للقرآن والشارحون مختلفون في كثير من مسائله .
فأيهم صاحب الحق ومَن منهم يجب علينا أن نتبعه لمعرفة أحكام الله الحقيقة ، ومَن هو منهم داخل في الهداة بعد النبي الأكرم للصراط المستقيم ومنعم عليه بنص رسول الله والقرآن الكريم وبالشهادة على المؤمنين ويلتحق به الصديقون ، وهو يكون الخليفة الحقيقي للنبي الأكرم والمبين لأحكام الله بعده والإمام الذي يهدي للصراط المستقيم ، وهو صادق منفي عنه الكذب وطاهر بنص القرآن ، والسنة وهو المخصوص بهذه الكرامة ، والباقي يجب أن يكونوا تبع له ويجب عليهم أطاعته في أقواله وأفعاله .
وبعبارة أخرى : إن الله تعالى قد وصف المؤمنون بالإيمان و الإطاعة والأتباع للرسول مع الثبات إي مع إيمانهم الثابت بالطاعة له والتسليم ، قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا * وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوْ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}النساء65ـ68 .
فوصف المؤمنين التابعين للرسول الأكرم أن يسلموا للنبي من غير أي حرج وبالثبات التام قولاً و فعلاً و ظاهراً و باطناً على العبودية على أن لا يشذ منهم شاذ من هذه الجهة ، فإذا كانوا بهذه الصفة المنعم عليهم يهدوهم للصراط المستقيم لا أن يكون أصحابه ، و مع ذلك جعل الله هؤلاء المؤمنين المتصفون بالثبات والتسليم تبعا لهداة منعم عليهم ويكون المؤمنون رفقاء لأصحاب الصراط المستقيم و في صف دون وصفهم .
وذلك لأن الله تعالى قال بعد تلك الآيات لبيان مقام المنعم عليهم وعلو شأنهم ورفيع مقامهم ، وأن مَن يؤمن بالله ورسوله يكون ملحق بهم وتابع لهم ولهو نصيب مثل نصيبهم ، تدبر هذه الآية الكريمة ، فإن الله تعالى ذكر أن هنالك أنبياء وصديقون وشهداء وصالحين ، وعرفنا أن من يطع الله ورسوله مع الثبات على الإيمان والتسليم يلتحق بهم ويتنعم بسلوك سبيلهم ويكون رفيق لهم قال الله تعالى : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} النساء 69
لمكان قوله تعالى مع : { مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} ، وقوله تعالى : { وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} و لم يقل: فأولئك من الذين .
فأصحاب الصراط المستقيم أعلى قدرا و أرفع درجة و منزلة من هؤلاء الذين يطيعون الله والرسول وهم يعملون بالإسلام وبتعاليمه التي تفوق كل تعليم ، وهم المؤمنون الذين أخلصوا قلوبهم و أعمالهم من الضلال و الشرك و الظلم .
فالتدبر في هذه الآيات يوجب القطع بأن هؤلاء المؤمنين لكي يلحقوا بالمنعم عليهم و شأنهم هذا الشأن ، أن المنعم عليهم والصديقين والشهداء هم في مرتبة عالية ومقام رفيع مكرمون من الله .
ثم أن المنعم عليهم وأصحاب الصراط فيهم بقية بعد، لو تمت فيهم كانوا من الذين أنعم الله عليهم وكانوا أصحاب صراط مستقيم ، و ارتقوا من منزلة المصاحبة معهم إلى درجة الدخول فيهم و لعل لهم نوع من العلم بالله ، ذكره في قوله تعالى : { يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } المجادلة11 فمَن هم أهل العلم الذي رفع درجتهم وكل مطيع لله ورسوله يلحق بهم .
فتحصل : إن الصراط المستقيم أصحابه منعم عليهم بنعمة هي أرفع النعم قدرا ، يربو على نعمة الإيمان التام ، و هذا أيضا نعت من نعوت الصراط المستقيم وهم أيضاً شهداء وصديقون كما في الآية السابقة .
فيا ترى منهم أصحاب الصراط المستقيم والمنعم عليهم حقيقة من أولياء النعم وأصحاب الصراط المستقيم والصديقون والشهداء في الإسلام الذين نطلب من الله أن نسير على صراطهم المستقيم في اليوم عشر مرات .
وقطعاً لا نطلب النبيين في الأمم السابقة ، بل نطلب صراط المنعم عليهم في الأمة الإسلامية ويجب أن يكونوا هم الصديقين وهم الشهداء وهم الصالحين المقبول عملهم ، وهم الذين يهدون لدين الله الحق وصراطه المستقيم وهم غير ضالين ولا مضلين مطهرون لا يكذبون بنص القرآن والنبي ، وهم الذين تطمئن النفس لعلمهم ولعملهم لأنه لا ضلال فيه ، ويجب علينا الاقتداء بهم والسير وفق هديهم كما نسير على هدي رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ، في مقام رسول الله من غير نبوة بل بهم إمامة وهم بعده وهم أصحاب الصراط المستقيم الذين أنعم الله عليهم مثله .
والله رحمان رحيم ومن لطفه والجمال الذي في القرآن انه يفسر بعضه بعضاً ، وإليك آيات أخرى مثل تلك الآيات التي تأمر المؤمنين والمسلمين والناس كافة أن يكونوا مع أناس موجودين ضمن المسلمين ويعيشون معهم ، ويأمر الله الجميع بالكون معهم والالتحاق بهم والسير وفق هديهم وصراطهم على طول الزمان ، ويصفهم بأوصاف يجعل كل مسلم مؤمن بالله يتوق لمعرفتهم ويحب الكون معهم وسلوك سبيلهم ، بل يجب عليه البحث عنهم والسؤال عنهم لطلبهم وليسير وفق هداهم .
ومثله ما قال سبحانه في الفاتحة اسلكوا الصراط المستقيم للذين أنعمت قال الله تعالى مثلها : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة 119 فالله يأمر المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين ، ومثلها أن الله جعل شهداء على الأمة يشهدون عليهم كقوله تعالى : { وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} آل عمران 140
أن المراد بالصديقين هم الذين سرى الصدق في قولهم و فعلهم فيفعلون ما يقولون و يقولون ما يفعلون، و الشهداء هم شهداء الأعمال يوم القيامة دون الشهداء بمعنى المقتولين في سبيل الله ، فالذين آمنوا بالله و رسله ملحقون بالصديقين و الشهداء منزلون منزلتهم عند الله أي بحكم منه لهم أجرهم و نورهم.
والآن حان لك يا طيب أن تتعرف على الصديقين والشهداء علينا والذين أنعم الله عليهم ، ويجب علينا سلوك هديهم والسير على صراطهم المستقيم ونأخذ تعاليم القرآن المجيد وسنة النبي الأكرم منهم دون غيرهم ، وإليك أولاً وصف مهم من أوصافهم وهو أن الله تعالى شهد لهم أن لهم نعيم قد أعطاهم إياه على القطع والبت ولا على نحو الوعد والوعيد ، بل حقاً أنهم أصحاب نعيم ، بل وهم أصحاب ملك كبير أقرأ وأفرح بحبك لهم ، وأطمئن لسيرك وفق هداهم الذي هو هدى الله ورسوله قال الله تعالى
{ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ
{ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً وَسَعِيرًا}(4)
{ إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} الإنسان5ـ22
ومن المتفق عليه عند جميع المسلمين أن سورة الإنسان ( الدهر ) نازلة في حق أهل البيت وهم فاطمة بنت محمد وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام ، وذلك لنذر نذروه ثم أوفوا به ، وسماهم الله الأبرار ووصف مقامهم في كثير من الآيات في هذه السورة منها الصدق والنعيم والشهادة لهم بالنية والعمل الصالح والصدق بالوفاء بالعهد وكل ما يمكن أن يشهد لإنسان أنه هو المُـنّعم عند الله والصادق ، ويكفيك منها قوله تعالى قال الله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}الإنسان 20 ومن مقامهم هو (( النعيم والملك الكبير )) الذي أنعم الله به عليهم بالقطع والبت لا كالوعد والوعيد في باقي سور القرآن ، فإن الله تعالى في وعده للمؤمنين إذا ختمت أعمالهم بخير وعن أيمان ماتوا فلهم يوم القيامة نعيم في الجنة .
وفي هذه السورة وكل الآيات التي سنذكرها في حق أهل البيت عليهم السلام سترى أن الله قد شرفهم بالنعيم وبما أعطاهم على نحو القطع والبت لا على نحو الوعد كما يذكره من المقام لمن يؤمن به ويموت عن أيمان ، وذلك لأنه سبحانه علم صدقهم وإخلاصهم وصفاء نيتهم وحسن عملهم وصلاحه وصدق اعتقادهم وقولهم .
ولذا ترى في الآية السابقة قد ذكر الله على نحو العظمة لنعيم أهل البيت وبصورة تدل على الإعجاب وأسلوب التقدير لهم والتبجيل لكبر ملكهم وأوصاف جميلة نسأل الله أن يلحقنا بهم ويسلك بنا سبيلهم وصراطهم المستقيم .
أهل البيت ثم يبين مقامهم حيث أول آيات السورة هو قوله سبحانه : { إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} الإنسان 3، فكل من يريد هداية السبيل وفق الصراط المستقيم ويكون شاكر حقيقي لله ونعمه ، فلابد أن يتبع الذين أنعم الله عليهم في هذه السورة ، فتدبرها تعرف أن أهل البيت هم المنعم عليهم بنعمة كبيرة دون غيرهم ، وكل من ضل عنهم وتركهم ضل وكفر نعمت الله .
ومن اللطف في هذه السورة أولها يبين الله تعالى أن الإنسان عليه أن يختار طريق
ومن الشواهد الأخرى على أن أهل البيت اختصوا بالنعمة والصراط المستقيم أمر سبحانه بحبهم ومودتهم بنحو أخر من الأمر الذي فيه ترغيب وحث على الحب والود والإتباع ، حتى أن المؤمن المنصف يرغب به عن شوق ، بل ويسعى له بكل جهده ليمتثل أمر الله هذا الذي فيه الخير الكثير ، ثم أتباعهم والسير وفق هديهم ، لأن الود والحب لا يكون حقيقي إذا لم يكون عن اتباع والسير في طريق المحبوب وصراطه ، وهذا الأمر بالمودة نعمة من نعم الله على أهل البيت ويرشد الله به عباده للمنعم عليهم وأصحاب صراطه المستقيم أنظر الآية الآتية وتدبرها تعرف أن الحق لهم وفيهم ومعهم قال تعالى :
{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} الشورى 23 في هذه الآية الكريمة يبين سبحانه أن المودة للقربى واتباعهم حسنة يزيدها الله تعالى ، وكل من سار على طريقهم وصراطهم المستقيم واخذ كل تعاليمه منهم دون غيرهم يكون قد أقترب من الذين أنعم الله عليهم ، ولذا أمر الله تعالى بالاقتراف من ودهم .
ومعنى الاقتراف هو الأخذ بكثرة وعن محبة وشوق واعتقاد وإيمان بفضل المأخوذ وحسن فائدته وبركته ، وهو المرتبة العالية من الحب ، والحب الحقيقي هو الميل إلى الجمال و الانجذاب نحو المحبوب ، والمودة هي قمة الحب مع الانجذاب لأهل البيت وحبهم وإتباعهم امتثال لأمر الله تعالى لما أنعم عليهم وجعلهم أصحاب الصراط المستقيم .
هذا ثم الله تعالى يتابع في الآية الكريمة فيقول بعد البشرى للمؤمنين والذين يعملون الصالحات وبما أمرهم به من مودة قربى الرسول وأهل بيته عليهم السلام ، أن مودتهم وحبهم بجب أن يكون على نحو الاقتراف أي عن حب وشوق واعتقاد بشرفهم وفضلهم، حتى يضاعف الله الحسنة للمؤمنين ويزيدها في قوله في نفس الآية { وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا } .
ثم الله تعالى يختم الآية السابقة بقوله { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} فيبين لمن يسلك لهذا الصراط المستقيم الذي لأهل البيت عليهم السلام بود أن الله غفور شكور ، يعني أن الله يغفر لهم ، وهذا معناه أن يسامحهم عن كل ما فات من الغفلة منهم وهذا غاية كل مؤمن أن يسامحه الله ويغفر ذنوبه .
والألطف والأجمل في هذه الآية الكريمة أن المودة لأهل البيت عليهم السلام فضلاً عن زيادة الحسنات وغفران الذنوب أن الله يشكره ، وهذا المقام يطمع به كل مؤمن ، ويسعى له كل محب لله ورسوله ويرغب بخير الدنيا والآخرة يود ويحب أن الله يشكره ، الله يشكره حيث قال تعالى في أخر الآية الكريمة كتعليل لهذا الفعل الجميل والاقتراف لمودة لأهل البيت فضلاً عن الثواب الجزيل المزاد أن الله غفور شكور .
ومن المعلوم أن الأسماء الحسنى في آخر الآيات هي معللة لما قبلها وسبب وعلة لمضمون الآيات الكريمة ، وبهذا يكون قد بين الله المحبة لأهل البيت المنعم عليهم من جميع جوانبها والشكر والحمد والثناء بكل أبعاده وهذا نعيم أصحاب الصراط المستقيم ، وعلى المؤمن سلوكه بالاقتراف منه بالأخذ بكثرة وعن حب ومودة ويسير وفق هديهم بثبات من غير تردد وانحراف .
وهذا النعيم لأهل البيت عليهم السلام تفصيل المجمل في سورة الحمد ، فبين سبحانه أنه انعم على أهل البيت وجعل تعاليمه عندهم وأمر الله المؤمنين بمحبتهم وودهم واتباعهم ، وجعل شكره وحمده بالاقتراب منهم والسير على صراطهم وأخذ تعاليمه منهم وهذه الآية الكريمة فيها شاهد قوي على أنهم هم الصديقون الذي أمر الله أن نكون معهم وهم أصحاب النعيم والشهداء ، طبعاً ولا يراد بقرابة النبي قريش لأنهم كانوا أغلبهم في مكة عند نزول الآية ولم يؤمنوا ولا يعقل بالأمر بمودتهم ، ولا غير أهل البيت تصدق عليه لأنه لا شاهد له غيرهم أن يكون له هذا المقام الرفيع الذي عرفت بعض خصائصه .
فالمؤمنون لما حمدوا الله واستعانوا به على الحقيقة ، وفقهم لمراده وعلمهم صراطه وجعلهم يسيرون عليه وأعطاهم الحسنات وغفر لهم وشكر سعيهم ، وهذا مقام رفيع لمحبي أهل البيت عليهم السلام وهداية عظمى للمؤمنين لا شيء بعدها ، فهي رضا الله والجنة وسعادة الدنيا والآخرة وهو مقام الكون مع الشهداء والصديقين وحسن مع أولائك رفيقا.
ثم التأمل الكافي الآيات التي ستراها هنا والروايات المتواترة التي ستراها في الفصول الآتية الواردة من طرق الفريقين عن النبي (صل الله عليه وآله وسلم) المتضمنة لإرجاع الناس في فهم كتاب الله وتعلم ناسخه ومنسوخه ومجمله ومبينه ومطلقه ومقيده ونصه ومتشابهه وكل ما يشكل فهم أو يختلف فهمه بينهم ، بما في ذلك من أصول معارف الدين و فروعها ، فما نذكره هنا من الآيات الكثيرة في حقهم والمبينة لرفيع مقامهم وعلو قدرهم والروايات في حق أهل البيت (عليهم السلام) كحديث الثقلين و حديث السفينة و غيرهما لا يدع ريبا في أن إيجاب مودتهم و جعلها أجرا للرسالة إنما كان ذريعة إلى إرجاع الناس إليهم فيما كان لهم من المرجعية العلمية والهداية الدينية للصراط المستقيم ولذا قال تعالى في مكان آخر :
{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} سبأ 47 فهذه الآية تبين إن اتباع أهل البيت عليهم السلام فائدته لنا ونفعه عائد إلينا ، حيث الأجر الذي سأله الله تعالى منا هو لنا وخيره عائد إلينا ، وقد عرفت حسنات مزاده وغفران ذنوب وشكر من الله ولا مقام أفضل من هذا ولا سبيل أحسن منه ولا صراط أقوم منه ولا نعمة أعظم منها لنا ولهداة ديننا نبينا محمد ووصيه علي ابن أبي طالب وابنه الحسن والحسين والمعصومين من أولاد الحسين ولا أقرب منهم وقد بينهم الله تعالى في قوله تعالى :
{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} آل عمران 61 وهذه آية المباهلة صريحة في أن أهل البيت هم النبي محمد وابنيه الحسن والحسين وابنته فاطمة وزوجها الذي هو نفس النبي الأكرم علي بن أبي طالب عليه السلام باتفاق المسلمين حيث هم الذين جعلهم الله تعالى خلاصة المؤمنين ونفى عنهم الكذب في آخر الآية الكريمة ولو كان يعلم منهم الكذب أو سيكذبون في المستقبل لما باهل بهم ، والله أمر نبيه أن يباهل بهم وجعل الله اللعنة على من يكذب وهذا شاهد صدق على أنهم هم الصديقون وأصحاب الصراط المستقيم المصطفين الذين اختارهم الله واجتباهم من بين جميع المسلمين وجاء بهؤلاء الخمسة المنعم عليهم بكرامة الله ليباهل القوم بهم.
فالكاذب غيرهم وكل معاند لهم ومفارق لصراطهم المستقيم وهو ضال ومغضوب عليه ، وهم عليهم السلام منعم عليهم بهذا المقام الكبير وهم واتباعهم لهم الهدى وهم مهتدون للصراط المستقيم ، وهذا ما نطلبه من الله في اليوم عشر مرات أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم وهم الصادقون الذين أمر الله بالكون معهم .
ونفي الكذب عن أهل البيت عليهم السلام كما عرفت في آخر سورة المباهلة السابقة الذكر ، وهذا هو في الحقيقة مقام نعيم من الله تعالى لهم ويشهد لهذا أن الله سبحانه طهرهم بآية ذكرها تعالى في القرآن المجيد بقوله تعالى :
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب 33 وهذه الآية تبين أن النبي وأهل بيته الكرام الذين عرفتهم والذين هم النبي الأكرم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام والذين دلت عليهم آية المباهلة بل نفس آية التطهير الكريمة .
واللطيف في سورة الأحزاب التي فيها آية التطهير والجميل من بيانها أن الله عندما عاتب نساء النبي الأكرم إذ قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [size=32]*****
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} الأحزاب28ـ34 .
تدبر هذه الآيات الكريمة وأنظر كيف عاتب الله نساء النبي وقرعهن بأسلوب عجيب ويأمرهن بالقيام بالواجبات ويبين لهن أنكن لستن كباقي النساء فإنكن نساء النبي ، وفي أول الآيات بين أنهن لا يجوز لهن أن يطمعن في الزواج من أحد وإذا أردن الزواج فخيرهن بالطلاق ليخرجن من عهدت النبي الأكرم .
وهذه الآيات عندما نزلت سورة الأحزاب وبين الله عتابه لنساء النبي فيها كملت السورة على هذا النحو وختمت بما بينه في باقي السورة .
ثم لما نزلت الآيات الكريم لتطهير أهل البيت استجابتاً لدعاء النبي في حق أصحاب الكساء وهم آهل بيته المكرمون بكرامة التطهير أمر النبي وضع كلمات التطهير التي نزلت بعد ذلك والتي هي قوله تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} في مكان النجوم التي وضعناها إشارة لما سنذكره لا من باب التصرف في القرآن والعياذ بالله .
وقد أمر النبي أن توضع هذه الكلمات الطاهر في موضع النجوم التي قد أشرنا لها في وسط الآيات السابقة ، وذلك لكي يعرف المؤمنون مقام نساء النبي ومقام أهل البيت ، وذلك لأننا نعرف أن الآيات السابقة نزلت قبل فترة ليس فيها تطهير ، ثم وفق حديث الكساء والذي جمع الله النبي الأكرم أهل بيته الحسن والحسين وعلي وابنته فاطمة عليهم الصلاة والسلام تحت الكساء ودعا الله أن يطهرهم نزلت آية التطهير وأمر النبي المسلمين أن يضعوها مع الآيات السابقة .[/size]