«ضانا».. سحر الطبيعة المتواري بين الوديان العميقة
حمية ضانا تأسست عام 1989 وتعد أكبر محمية طبيعية في الأردن في محافظة الطفيلة ويأتي بعدها محميات مختلفة مثل الشومري والأزرق وعجلون وغيرها، وتتجاوز مساحة محمية ضانا 300 كم2 من المناظر الخلابة والتضاريس المتعرجة التي تواجه حفرة الانهدام. تمتد المحمية على سفوح عدد من الجبال من منطقة القادسية التي ترتفع أكثر من 1500 متر عن سطح البحر وتنخفض إلى سهول صحراء وادي عربة. تتخلل جبال المحمية بعض الوديان التي تتميز بطبيعتها الخلابة، وتتنوع التركيبة الجيولوجية ما بين الحجر الجيري والجرانيت.
محمية ضانا هي المحمية الوحيدة في الأردن التي تحتوي الأقاليم الحيوية الجغرافية الأربعة: إقليم البحر الأبيض المتوسط، ،الإقليم الإيراني الطوراني، إقليم الصحراء العربية، والإقليم السوداني. ولذلك فهي أكثر المناطق تنوعاً في الأردن من ناحية الأنظمة البيئية والأنماط النباتية مثل نمط العرعر ونمط البلوط دائم الخضرة ونمط نبت الكثبان الرملية ونمط النبت السوداني وغيرها العديد. كما تتميز بأنها موئل ما تبقى من غابات السرو الطبيعية المعمرة، وفيها العديد من الحيوانات النادرة أيضا.
تنوع بيئي
تحتضن محمية ضانا أكثر من 800 نوع نباتي، ثلاثة من هذه الأنواع لا يمكن إيجادها في أي مكان في العالم سوى محمية ضانا كما أن أسماء هذه النباتات باللغة اللاتينية تشتمل على كلمة ضانا.
تتميز محمية ضانا بتنوع فريد وكبير في الحياة البرية بما فيها أنواع نادرة من النباتات والحيوانات. فهي موطن للعديد من أنواع الطيور والثديات المهددة عالميا، مثل النعار السوري، والعويسق، الثعلب الأفغاني، والماعز الجبلي. وتعتبر المحمية من أفضل الأماكن في العالم والتي تدعم تواجد النعار السوري، كما تدعم وجود وتكاثر صقر العويسق.
ويمكن للزائر لمحمية ضانا ممارسة العديد من الأنشطة مثل الاسترخاء ومراقبة النجوم ليلا ومشاهدة المناظر الطبيعية، وزيارة المقابر النبطية وركوب الدراجات الجبلية والمشي، ومشاهدة بئر الرومان، والهرولة على الصخور التي تمتد لعدة كيلو مترات.
مخاطر على طبيعة المكان
وقد تعرضت هذه المنطقة كباقي المناطق الطبيعية في الأردن لأضرار متعددة من أبرزها تدهور الغطاء النباتي حيث كانت المنطقة مغطاة بالغابات الكثيفة من الأشجار عريضة الأوراق والصنوبريات ولعل الدليل هو وجود وبقاء اشجار السرو الطبيعي والتي قدرت أعمارها بحوالي 3000 سنة بالإضافة الى الأنواع الأخرى التي تم قطعها وتحطيبها ورعيها مما أدى إلى انجراف التربة وتعريتها واختلال التوازن الطبيعي في هذه المنطقة ونتيجة لذلك نضبت مياه الينابيع وجفت بسبب سوء الإستغلال .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أدى إلى القضاء على الثروة البرية الحيوانية في المنطقة التي كانت تتواجد فيها أعداد كبيرة من حيوان البدن الجميل والغزلان الجبلية والنمر المرقط والذئب والثعلب، بالإضافة إلى أنواع متعددة من الطيور إلا أن هذه الثروة أخذت تتناقص بشكل مستمر حيث لم ينجو إلا القليل منها كالبدن والغزال الجبلي ويقال بأن النمر المرقط ما زال موجوداً في هذه المنطقة.
ومن بين الأضرار التي تعرضت لها منطقة ضانا كذلك هجرة سكان قرية ضانا القديمة نتيجة لقلة مصادر الرزق وعدم توفر فرص العمل مما دفعهم للرحيل الى المدن والقرى المجاورة طلباً للرزق تاركين وراءهم القرية الأردنية ذات الطراز المعماري القديم ولم يبق بها سوى عدد قليل من كبار السن والأطفال.
من أهم أهداف انشاء المحمية هو حماية المجموعات النباتية والتي تتمثل في الغطاء الأخضر من النباتات النادرة والفريدة من نوعها كالسرو الطبيعي المعمر وأشجار البلوط والعرعر والبطم وغيرها من الأشجار، كذلك حماية المجموعات الحيوانية المهددة بالانقراض مثل النمر المرقط والبدن والغزال الجبلي والوبر والمحافظة عليها في هذه المحمية كموطن آمن للعديد من الحيوانات البرية .
وتهدف المحمية الى تنشيط الحركة السياحية وتشجيع السياحة المنظمة وذلك لما تتمتع به من جمال طبيعي ومناظر خلابة إضافة الى موقعها المميز حيث تقع على الطريق السياحي لمدينة البتراء الأثرية وقلعة الشوبك وثغر الأردن الباسم مدينة العقبة مما يساعد سكان المنطقة على كسب رزقهم .
قرية ضانا
كانت القرية مأهولة لفترة طويلة بالسكان منذ أكثر من 500 عام، وكان يقطنها قرابة 300 عائلة. إلا أنهم هجروها في نهاية الستينيات من القرن الفائت بحثًا عن حياة أفضل، حيث أسسوا قرية جديدة هي القادسية الواقعة بالقرب من ضانا على الطريق العام بين الشوبك والطفيلة. بقيت منازل القرية مهجورة قرابة نصف قرن حتى قامت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة وبدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بترميم مبانيها ابتداء من عام 2011، حيث كلّف المشروع قرابة 2 مليون دولار أمريكي، والذي استمر حتى عام 2015. حيث تم استملاك المباني المهجورة وتحويلها إلى غرف فندقية وبازارات شرقية ومطاعم ومقاهي إنترنت، لتضم اليوم أكثر من 120 غرفة فندقية وعدد من المرافق السياحية. ولا تزال القرية تشهد عدد من المشاريع التنموية بسبب أهميتها السياحية.
يزور ضانا سنويا آلاف السواح اضافة الى عشاق التصوير الفوتوغرافي من أردنيين وأجانب، وتقام فيها مخيمات ابداعية مختلفة نظرا لهدوء المكان وصفاء أجوائة ونقاء هوائه وهدوئه التام.