أفضل وصفة للقضاء على الحزن
، ليحاول أن يهب من حوله بعض المشاركة التي تزيد من بهجته في وقت الفرح وتعزيه وتخفف عنه وقت الألم
لا تبحث عن أسباب كبيرة لتزور جيرانك وأقربائك، اغتنم أي سبب أو لا سبب واذهب، فقد يكون في ذهابك إلى هناك فرصة للخروج من شرنقة الوحدة والحزن إلى رحابة البهجة في قلوب الآخرين
وليس هو المجتمع الذي يتناغم مع طباعنا ونفسياتنا، لذلك نتعب كثيرا حين نجد أنفسنا وحيدين، نحاول الخلاص بالسفر والتسكع في المراكز التجارية والجلوس في المقاهي، وتفريغ أحزاننا في الشراء والمزيد من الشراء، في حين أن وصفة الحكيم الصيني في متناولنا جميعا، وذلك بأن نطرق على باب أول جار لنا، ندخل بيته وعالمه ونتشارك معا المسرات والأوجاع
ليست سوى حبة خردل
تحكي أسطورة صينية أن سـيدة عاشت مع ابنها الوحيد في سعادة تامة، حتى جاء الموت ورحل الابن، فذهبت إلى حكيم القرية تطلب منه أن يخبرها عن وصفة ما لاستعادة ابنها مهما كانت أو صعبت تلك الوصفة، فقال لها الحكيم: أنت تطلبين وصفة أيا كانت صعوبتها، إذن أحضري لي حبة خردل واحدة، بشرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقا، هذا كل ما طلبه منها، وبكل همة أخذت السيـدة تدور على بيوت القرية باحثة عن حبة الخردل.
طرقت السيدة أول باب صادفها وسألت صاحبته إن كان بيتها قد عرف الحزن يوما، ففاجأها أن هذا البيت لم يعرف سوى الحزن، فزوجها قد توفى منذ سنة وترك لها أربعة من البنات والبنين، ولا مصدر لإعالتهم سوى بيع أثاث الدار الذي لم يتبقَ منه إلا القليل.
وكما هو متوقع، فقد تأثرت السيدة جدا وحاولت أن تخفف أحزان الشابة الصغيرة وكذلك فعلت مع أصحاب البيت التالي، والذي بعده وهكذا، فقد طافت السيدة من بيت إلى بيت تبحث عن حبة الخردل وطال بحثها، لكنها للأسف لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقا لكي تأخذ من أهله حبة الخردل.
ولأنها كانت طيبة القلب، فقد كانت تحاول مساعدة كل بيت تدخله، وبمرور الأيام أصبحت صديقة لكل بيت في القرية، ونسيت تماما أنها كانت تبحث في الأصل على حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن ذابت في مشاكل ومشاعر الآخرين ولم تدرك قط أن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن حتى ولو لم تجد حبة الخردل التي كانت تبحث عنها، فالوصفة قد أخذتها بالفعل يوم دخلت أول بيت من بيوت القرية
.
الحكاية ليست مجرد وصفة اجتماعية تقود للألفة بين الناس، إنما هي دعوة لكي يخرج كل واحد منا من أنانيته وعالمه الخاص، ليحاول أن يهب من حوله بعض المشاركة التي تزيد من بهجته في وقت الفرح وتعزيه وتخفف عنه وقت الألم، إن تلك السيدة التي ذهبت إلى الحكيم هي في نهاية الأمر تمثل أغلبنا، نحن الذين نكتفي بما لدينا وبمن لدينا، ونعتقد أن الحياة جزيرة صغيرة نمتلك العالم والسعادة بالاستغناء عن الآخرين، هذه الفردانية، أوجدت فينا مجتمعا ليس هو المجتمع الذي عاشه أهلنا،
وليس هو المجتمع الذي يتناغم مع طباعنا ونفسياتنا، لذلك نتعب كثيرا حين نجد أنفسنا وحيدين، نحاول الخلاص بالسفر والتسكع في المراكز التجارية والجلوس في المقاهي، وتفريغ أحزاننا في الشراء والمزيد من الشراء، في حين أن وصفة الحكيم الصيني في متناولنا جميعا، وذلك بأن نطرق على باب أول جار لنا، ندخل بيته وعالمه ونتشارك معا المسرات والأوجاع
.
لماذا يشكو الناس من الوحدة في بيوتهم اليوم؟ لماذا يضجرون من عدم زيارة الأهل والجيران؟ كل واحد منا يريد الآخر أن يزوره ولا يريد هو أن يبادر بالبحث عن حبة الخردل، إنها حبة متناهية الصغر والقيمة في ظاهرها هكذا أرادت الحكاية أن تقول، لا تبحث عن أسباب كبيرة لتزور جيرانك وأقربائك، اغتنم أي سبب أو لا سبب واذهب، فقد يكون في ذهابك إلى هناك فرصة للخروج من شرنقة الوحدة والحزن إلى رحابة البهجة في قلوب الآخرين