افراحنا تنتهي مآتم فمن يوقف القتل؟
<< الأحد، 22 يونيو / يونيه/حزيران، 2014
د. مهند مبيضين
ترد الرسائل من الناس، في كثير من الموضوعات، بعضها شخصي ولكن نسبة منها تطلب التصدي لظواهر عامة ومشكلات اجتماعية وقانونية وأخلاقية واقتصادية وتعليمية، وقد كتب السيد هيثم عكروش رسالة فيسبوكية، يطلب فيها من الكتاب تبني الحديث عن موضوع اطلاق العيارات النارية في الأعراس؟ ويسأل:» هل من سبيل الى ذلك؟! وهل الحل عند الحكومة؟ ولماذا لا تأخذ الحكومة موقفاً صارماً من هذا الأمر؟ وهل يناسب الأمن الناعم مع هذه المسألة الخطيرة والتي أعتقد أنها بعيدة عن مسألة الاصلاح السياسي!».
وفي النظر إلى مجمل الأخبار المتصلة بأحداث القتل والإصابات جراء اطلاق العيارات النارية في الأفراح، وخاصة ونحن ندخل فصل الصيف بافراحه ومناسباته وتخريج الطلبة، فإننا للأسف نرى كل يوم انتهاكا للقانون ومخالفة صريحة لقواعد الإنضباط التي يطلبها الناس.
ولا نقول أن الناس باتوا يفرحون بمن يأتي ويمتشق بندقيته أومسدسه، لكن المهم التذكير بأن المسألة تتعلق بحمل السلاح أولاً ولأي سبب وفي أي ظرف، وقد مرّ بنا أحداثاً مخزية في الجامعات والبرلمان وغيرها.
والمتطوعون كثر في إطلاق العيارات النارية في أفراح العائلات وحفلات التخرج الجامعي، وهم إذ يظنون أنهم منتدبون لإظهار البهجة على طريقتهم،إلا أنهم لا يعون أنهم يخرجون الذوق ويخرقون القانون.
أما القول بأن الحل بيد الدولة، لأنها التي تحتكر القوة أو العنف بالمعنى المعاصر لفكرة الدولة، فهو صحيح، لكن الدولة لا تستطيع أن تقيم مخفرا أو دورية عند كل عرس أو لمرافقة مواكب التخرج، فالإحساس بالقانون يكون نابع من مبدأ المواطنة ومبدأ العدالة ومبادئ الأخلاق، والشعور بالطابع المدني والتحضر المبني على إظهار البهجة بأساليب متحضرة وراقية.
والدولة ليست وحدها من يملك الحل، بل الحل بيد الأهل وأصحاب المناسبات، الذين عليهم يكون العبء بإلزام الضيوف بالقيم الحضارية، وعدم تعكير صفو الاحتفالات والأفراح بمظاهر اطلاق العيارات النارية التي لا تضيف أي بهجة.
قبل أيام عرض التلفزيون الاردني تقريرا عن حالات متعددة من الإضرار بالعباد وبخاصة الأطفال، نتيجة لارتداد العيارات النارية من السماء، وهي عيارات مرتدة لا تعرف الرحمة ولا تميز بين طفل وشيخ وشاب، وقد أظهر التقرير حالات لأطفال كلّ ذنبهم أنهم كانوا يمارسون طفولتهم البريئة باللعب في باحات دورهم؟
نعم تحتاج المسألة لمبادرة وطنية عامة، وضخ إعلامي متكرر، وحملات توعية تصل لكل فرح، وتذكر بالضحايا ورحمة الناس والتقوى في البهجة كي لا تتحول إلى دماء ومآتم.
وتحتاج الجهود إلى صرامة أمنية ورفض تكفيل مطلقي العيارات النارية وتطبيق القانون من قبل الامن العام وبشدة، كي لا تكون الجهود حرثا في البحر الناري الذي ما زال يحصد الإصابات والأرواح في كل عام وبلا سبب إلا لأن شاباً متطوعاً بمظاهر الرجولة أكثر من غيره، أراد أن يبدو زعيماً أو أكثر فرحاً من العريس أو الخريج نفسه.