منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:47 am

إبراهيم ناجي شاعر مصري ولد في 31 ديسمبر عام 1898 م في حي شبرا في القاهرة ، وتوفي عام 1953 م ، عندما كان في الخامسة والخمسين من العمر. كان طبيبا و كان والده مثقفاً ، مما ساعده على النجاح في عالم الشعر والأدب .

تخرج ناجي في مدرسة الطب عام 1922, وعين حين تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات ، ثم في وزارة الصحة ، و بعدها عيّن مراقباً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف .

وقد عاش في بلدته -أول حياته- المنصورة وفيها رأى جمال الطبيعة وجمال نهر النيل فغلب على شعره -شأن شعراء مدرسة أبولو-الاتجاه العاطفى . وأصيب بمرض السكر في بداية شبابه فتألم كثيرا لذلك وتوفي عام 1953

وقد نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي و ابن الرومي و أبي نواس وغيرهم من فحول الشعر العربي ، كما نهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلي و بيرون وآخرين من رومانسيي الشعر الغربي

بدأ حياته الشعرية حوالي عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دي موسييه و توماس مور شعراً وينشرها في السياسة الأسبوعية ، وانضم إلى مدرسة أبولو عام 1932م التي أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة .

كان ناجي شاعراً يميل للرومانسية، أي الحب والوحدانية ، كما اشتهر بشعره الوجداني . وكان وكيلا لمدرسة أبولو الشعرية وترأس من بعدها رابطة الأدباء في الأربعينيات من القرن العشرين .

ترجم إبراهيم ناجي بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر ، وترجم عن الإنجليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي ، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة ، كما نشر دراسة عن شكسبير وكتب الكثير من الكتب الأدبية مثل "مدينة الأحلام" و "عالم الأسرة" . وقام بإصدار مجلة حكيم البيت . ومن أشهر قصائده قصيدة الأطلال التي تغنت بها المغنية أم كلثوم. و لقب بشاعر الأطلال .

واجه ناجي نقداً عنيفاً عند صدور ديوانه الأول ، من العقاد و طه حسين معاً ، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولو وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه ، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة حتى توفي في 24 من شهر مارس في عام 1953.

صدرت عن الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر صالح جودت ، و ناجي للدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية .

من دواوينه الشعرية:
وراء الغمام 1934 م .
ليالي القاهرة 1944 م .
في معبد الليل 1948 م .
الطائر الجريح 1953 م . وغيرها ...
كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن المجلس الأعلى للثقافة . 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:49 am

ملحمة الأطلال




يا فؤادي رحم اللهُ الهوى

كان صرحاً من خيال فهوى

يا رياحا ليس يهدا عصفها

نضب الزيتُ ومصباحي انطفا

*** ***

ليت شعري أين منه مهربي

أي يمضي هاربٌ من دمِهِ

آه يا قِبلة أقدامي إذا

شكتِ الأقدامُ أشواكَ الطريقْ

أنت روح في سمائي وأنا

لك أعلو فكأني محضُ روحُ

أنتِ حسن في ضحاه لم يَزَلْ

وأنا عنديَ أحزان الطَفَل

*** ***

ويراني الناسُ روحاً طائراً

والجوى يطحنني طحن الرحى؟

يا حياة اليائس المنفرد

يا يباباً ما به من أحدِ

واثقُ الخطوةِ يمشي ملكا

ظالمُ الحسنِ شهيُّ الكبرياءْ

وأنا حبٌّ وقلبٌ ودمٌ

وفراشٌ حائرٌ منك دنا

قد عرفنا صولةَ الجسمِ التي

تحكم الحيَّ وتطغي في دماه

يا لمنفيين ضلاّ في الوعورْ

دميا بالشوك فيها والصخورْ...

*** ***

أنتِ من أسدلها لا تدعي

انني أسدلت هذي الحُجُبا

قد حنت رأسي ولو كل القوى

تشتري عزة نفسي لم أبعها

وحنيني لك يكويْ أعظمي

والثواني جمرات في دمي

أيها الظالم بالله إلى كم

اسفح الدمعَ على موطئها

آه من قيدك أدمى معصمي

لمَ أبقيهِ وما أبقى عليّ

وهبِ الطائر عن عشك طارا

جفتِ الغدرانُ والثلجُ أعارا

لا رعى اللهُ مساءً قاسيا

قد أرانيْ كلَّ أحلامي سدى

كنت تدعوني طفلاً كلما

ثار حبي وتندتْ مقلي

*** ***

لي نحو اللهبِ الذاكي به

لَفتة العود إذا صار وقودا

نوّحتْ للذِكَرِ

وشكتْ للقمرِ

يقبسان النورَ من روحيْهما

كلما قد ضنتِ الدنيا بنورْ

أنت قد صيرت أمري عجبا

كثرتْ حوليَ أطيارُ الربى

حجبتْ تأبى لعيني ماربا

غير عينيك ولا مطلبا

ولكم صاح بي اليأسُ انتزعها

فيرد القدرُ الساخرُ: دعها

وليَ الويل إذا لبيتُها

ولي الويلُ إذا لم أتبعها

*** ***

لك ابطاءُ الدلالِ المنعمِ

وتجنيْ القادرِ المحتكمِ

وأنا مرتقبٌ في موضعي

مرهفُ السمعِ لوقعِ القدمِ

قدم تخطو وقلبي مشبه

موجة تخطو إلى شاطئها

رحمةٌ أنت فهل من رحمةٍ

لغريبِ الروحِ أو ظامئها

أعطني حريتي أطلقٌ يديّ

انني اعطيتُ ما استبقيتُ شيّ

ما احتفاظي بعهود لم تصنْها

والإم الأسر والدنيا لديْ

*** ***

هذه الدنيا قلوب جَمَدتْ

خبتِ الشعلةُ والجمرُ توارى

لا تسلْ واذكرْ عذابَ المصطليْ

وهو يذكيهِ فلا يقبسُ نارا

وأراني قلبَ من أعبدُهُ

ساخراً من مدمعي سخر العدا

صدئت روحك في غيابِها

وكذا الأرواح يعلوها الصدا

قد رأيتُ الكونَ قبراً ضيقا

خيّم اليأسُ عليهِ والسكوتْ

*** ***

كنت ترثي لي وتدري ألمي

لو رثى للدمع تمثال تموتْ

ولك الحق لقد عاش الهوى

فيّ طفلاً ونما لم يعقلِ

رمت الطفلَ فأدمتْ قلبهُ

وأصابتْ كبرياءَ الرجلِ

قلت للنفس وقد جزْنا الوصيدا

عجلي لا ينفعُ الحزمُ وئيدا

ودعي الهيكلَ شبتْ نارُهُ

تأكلُ الركَّعَ فيهِ والسجودا

لي نحو اللهبِ الذاكي به

لَفتة العود إذا صار وقودا

*** ***

لستُ أنسى ابداً

ساعة في العمرِ

نوّحتْ للذِكَرِ

وشكتْ للقمرِ

هاك ما قد صبت الريح

باذن الشاعر

يقبسان النورَ من روحيْهما

كلما قد ضنتِ الدنيا بنورْ

*** ***

أنت قد صيرت أمري عجبا

كثرتْ حوليَ أطيارُ الربى

فإذا قلت لقلبي ساعةً

قم نغردْ لسوى ليلى أبى

حجبتْ تأبى لعيني ماربا

غير عينيك ولا مطلبا

أنتِ من أسدلها لا تدعي

انني أسدلت هذي الحُجُبا

ولكم صاح بي اليأسُ انتزعها

فيرد القدرُ الساخرُ: دعها

يا لها من خطة عمياء لو

أنني أبصر شيئاً لم أطعها

وليَ الويل إذا لبيتُها

ولي الويلُ إذا لم أتبعها

قد حنت رأسي ولو كل القوى

تشتري عزة نفسي لم أبعها

*** ***

يا حبيباً زرتُ يوماً أيكَهُ

طائر الشوق أغنيْ ألمي

لك ابطاءُ الدلالِ المنعمِ

وتجنيْ القادرِ المحتكمِ

وحنيني لك يكويْ أعظمي

والثواني جمرات في دمي

وأنا مرتقبٌ في موضعي

مرهفُ السمعِ لوقعِ القدمِ

*** ***

قدم تخطو وقلبي مشبه

موجة تخطو إلى شاطئها

أيها الظالم بالله إلى كم

اسفح الدمعَ على موطئها

رحمةٌ أنت فهل من رحمةٍ

لغريبِ الروحِ أو ظامئها

يا شفاء الروح روحي تَشتكي

ظلمَ آسيها إلى بارئها...

أعطني حريتي أطلقٌ يديّ

انني اعطيتُ ما استبقيتُ شيّ

آه من قيدك أدمى معصمي

لمَ أبقيهِ وما أبقى عليّ

ما احتفاظي بعهود لم تصنْها

والإم الأسر والدنيا لديْ

ها أنا جفتْ دموعي فاعفُ عنها

انها قبلَك لم تبذلْ لحيْ

*** ***

وهبِ الطائر عن عشك طارا

جفتِ الغدرانُ والثلجُ أعارا

هذه الدنيا قلوب جَمَدتْ

خبتِ الشعلةُ والجمرُ توارى

وإذا ما قبس القلبِ غدا

من رمادٍ لا تسلْهُ كيف صارا

لا تسلْ واذكرْ عذابَ المصطليْ

وهو يذكيهِ فلا يقبسُ نارا

لا رعى اللهُ مساءً قاسيا

قد أرانيْ كلَّ أحلامي سدى

وأراني قلبَ من أعبدُهُ

ساخراً من مدمعي سخر العدا

ليت شعري أي أحداث جرت

أنزلت روحَك سجناً موصدا

صدئت روحك في غيابِها

وكذا الأرواح يعلوها الصدا

*** ***

قد رأيتُ الكونَ قبراً ضيقا

خيّم اليأسُ عليهِ والسكوتْ

ورأت عيني أكاذيبَ الهوى

واهياتٍ كخيوطِ العنكبوتْ

كنت ترثي لي وتدري ألمي

لو رثى للدمع تمثال تموتْ

كنت تدعوني طفلاً كلما

ثار حبي وتندتْ مقلي

ولك الحق لقد عاش الهوى

فيّ طفلاً ونما لم يعقلِ

ورأى الطعنة إذ صوبتها

فمشت مجنونة للمقتل

رمت الطفلَ فأدمتْ قلبهُ

وأصابتْ كبرياءَ الرجلِ

*** ***

قلت للنفس وقد جزْنا الوصيدا

عجلي لا ينفعُ الحزمُ وئيدا

ودعي الهيكلَ شبتْ نارُهُ

تأكلُ الركَّعَ فيهِ والسجودا

يتمنّى لي وفائي عودةً

والهوى المجروحُ يأبي أن نعودا

لي نحو اللهبِ الذاكي به

لَفتة العود إذا صار وقودا

*** ***

لستُ أنسى ابداً

ساعة في العمرِ

تحت ريحٍ صفقتْ

لارتقاصِ المطرِ

نوّحتْ للذِكَرِ

وشكتْ للقمرِ

وإذا ما طربتْ

عربدتْ في الشجرِ

هاك ما قد صبت الريح

باذن الشاعر

وهي تغري القلب اغراء

النصيح الفاجر

*** ***

أيها الشاعر تغفو

تذكرُ العهدَ وتصحو

وإذا ما التأم جرحٌ

جد بالتذكارِ جرحُ

فتعلمْ كيف تنسى

وتعلْم كيف تمحو

أو كل الحب في رأيِكَ

غفرانٌ وصفحٌ

هاك فانظرْ عددَ الرملِ

قلوبا ونساءْ

فتخيرْ ما تشاءْ

ذهب العمرُ هباءْ

ضل في الأرض الذي

ينشد أبناء السماءْ

أي روحانية تعصر

من طين وماءْ ...

*** ***

أيها الريح أجلْ لكنما

هي حبي وتعلاتي ويأسي

هي في الغيبِ لقلبي خلقتْ

أشرقتْ لي قبل أن تشرقَ شمسِ

وعلى موعدها أطبقتُ عيني

وعلى تذكارها وسدتُ رأسي

جنّتِ الريحُ ونادته

شياطين الظلام..

أختاماً كيف يحلولك

في البدء الختام

*** ***

يا جريحا اسلمَ الجرحَ

حبيبا نكأهْ

هو لا يبكي إذا الناعي

بهذا نبأهْ

أيها الجبار هل تصرع

من أَجل امرأهْ..

*** ***

يا لها من صيحةٍ ما بعثت

عنده غير أليمِ الذكرِ

ارقت في جنبه فاستيقظت

كبقايا خنجر منكسرِ

لمع النهرُ وناداه له

فمضى منحدراً للنهرِ

ناضبُ الزادِ وما من سفرِ

دون زادٍ غير هذا السفرِ

*** ***

يا حبيبي كل شيء بقضاءْ

ما بأيدينا خُلِقْنا تعساءْ

ربما تجمعُنا أقدارُنا

ذات يومٍ بعدما عزّ اللقاءْ

فاذا أنكر خلٌّ خلَّه

وتلاقينا لقاءَ الغرباءْ

ومضى كلٌّ إلى غايتِهِ

لا تقلْ شيئاً! وقل لي الحظ شاءْ

*** ***

يا مغني الخلد ضيعت العمرْ

في أناشيد تغنّى للبشرْ

ليس في الأحياءِ من يسمعنا

مالنا لسنا نغني للحجرْ

للجمارات التي ليستْ تعي

والرميمات البوالي في الحفرْ

غنّها سوف تراها انتفضتْ

ترحم الشادي وتبكي للوترْ

يا نداء كلما أرسلتُهُ

رد مقهوراً وبالحظَّ ارتطم

وهتافاً من أغاريد المنى

عاد لي وهو نواحٌ وندمْ

رب تمثالٍ جمالٍ وسنا

لاح لي والعيش شجو وظلمْ

ارتمى اللحنُ عليهِ جاثياً

ليس يدريْ أنه حسنٌ أصمْ

*** ***

هدأ الليلُ ولا قلب له

أيها الساهر يدري حيرتكْ

أيها الشاعر خذ قيثارتكّ

غنِّ أشجانك واسكبْ دمعتَكْ

رب لحن رقص النجُم له

وغزا السحب وبالنجم فتكْ

غنّهِ حتى نرى سترَ الدجى

طلع الفجرُ عليه فانهتكْ

وإذا ما زهرات ذعرت

ورأيت الرعبَ يغشى قلبها

فترفقْ واتئدْ واعزفْ لها

من رقيقِ اللحنِ وامسحْ رعبَها

ربما نامتْ على مهدِ الأسى

وبكتْ مستصرخاتٍ ربها

أيها الشاعر كم من زهرةٍ

عوقبتْ لم تدرِ يوماً ذنبَها

*** ***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:50 am

آمال كاذبة


لا البراء زار ولا خيالك عادا
ما أكذب الآمال والميعادا
عجباً لحبك يا بخيلة كيف يخلق
من جوانح عابد حُسادا
إني لأهتف حين أفترش المدى
وأرى الجحيم لجانبي مِهادا
آها على الرأس الجميل سلا وأغفى
مطمئنا لا يحس سهادا
فرشت له الأحلام واحتفل الهدوء
يد ومد له الجمال وسادا
يا حبها ما أنت ما هذا الذي
جمع الغريب وألَّف الاضدادا
كم أشرئب إلى سماك بناظري
مستلهماً بك قوةً وعمادا
ولكم أبيتُ على السآمة طاويا
في خاطري شبحاً لها عوادا
فأراك تعبث بي كطفل في السماء
يصرف الأقدار كيف أرادا
ولقد أقول هوى كما بدأ انتهى
فإذا الهوى وافى النهاية عادا
مات الرجاءُ مع المساءِ وإنما
كان المماتُ لحبنا ميلاداَ
ماذا صنعت بناظر لا ينثني
متطلعاً متلفتاً مرتادا
وأنا غريب في الرخام كأنني
آمال اجفان حرمن رقادا
ولقد ترى عيني الجموعَ فما ترى
دنيا تموج ولا تحس عبادا
فإذا رأيتك كنت أنت الناس والأ
عمار الآباد والآمادا
وأراك كل الزهر كل الروض أنت
لديَّ كلُّ خميلةٍ تتهادى 














أحلام سوداء


رُبَّ ليلٍ قد صفا الأفق بهِ
وبما قد أبدعَ اللهُ ازدهرْ
وسرى فيه نسيمُ عَبِقٌ
فكان الليلَ بُسْتَانٌ عَطِرْ
قلتُ يا رب لمن جمَّلته
ولمن هذي الثريات الغررْ..؟
فعرا الأفقَ قَتامٌ وبَدَتْ
سحبٌ تحبو إلى وجهِ القمرْ
كلما تقرب تمتد لهُ
كأكفٍّ شرهاتٍ تنتظر
صحت بالبدر: تنبَّهْ للنذرْ
ادركِ الهالةَ حفت بالخطرْ
لا تبحْ مائدة النور لهم
لا تبحْها لسوادٍ معتكرْ
قهقه الرعدُ ودوَّى ساخراً
فكأنَّ الرعدَ عربيدٌ سكرْ
قمتُ مذعوراً وهمت قبضتي ...
ثم مدت، ثم ردت من خَوَرْ
لهف القلب على الحسن إذا
قهقه الغربانُ والذِّئبُ سخرْ
تحتمي الوردةُ بالشوكِ فإن
كثر القطافُ لم تغنِ الابرْ
آهِ من غصنٍ غنيٍّ بالجنى
ومِن الطامع في ذاك التمرْ
آه من شك ومن حب ومن
هاجساتٍ وظنونٍ وحذرْ
كست الأفقَ سواداً لم يكن
غيرَ غيمٍ جاثمٍ فوق الفكرْ
طالما قلت لقلبي كلما
أنَّ في جنبي أنينَ المحتضرْ
إن تكن خانتْ وعقَّت حبَّنا
فأضِفْها للجراحاتِ الأخرْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:51 am

أين غد


يا قاسيَ البعدِ كيف تبتعدُ
إني غريبُ الفؤادِ منفردُ
إن خانني اليوم فيك قلت غداً
وأين مني ومن لقاكَ غدُ؟
إن غداً هوَّةٌ لناظرها
تكاد فيها الظنونُ ترتعدُ
أُطلُّ في عمقها أُسائلها
أفيك أخفى خاليه الأبدُ؟
يا لامسِ الجرحِ ما الذي صنعتْ
به شفاهٌ رحيمةٌ ويدُ؟
ملء ضلوعي لظىً وأعجبه
أني بهذا اللهبِ أبتردُ
يا تاركي حيث كان مجلُسنا
وحيث غنّاك قلبيَ الغردُ
أرنو إلى الناسِ في جموعهمُ
أشقتهمُ الحادثاتُ أم سعِدوا
تفرقوا أم همُ بها احتشدوا
وغوَّروا في الوهادِ أم صعدوا؟
إني غريبٌ تعال يا سكني
فليس لي في زحامهم أحدُ!








أَصوات الوحدة


يا وحدتي جئت كي أنسَى وهائنذا
ما زلتُ أسمعُ أصداءً وأصواتا
مهما تصاممتُ عنها فهي هاتفةٌ
يا أيها الهاربُ المسكينُ هيهاتا!
جَرَّتْ عليَّ الأماني مِنْ مجاهلِها
وجمَّعَتْ ذِكَراً قد كُنَّ أشتانا
ما أَسْخَفَ الوحدةَ الكبرى وأضيعهَا
إذا الهواتف قد أرجعن ما فاتا
بَعثن ما كان مطويّاً بمرقدهِ
ولم يزَلْنَ إلى أن هبَّ ما ماتا
تلفَّتَ القلبُ مطعوناً لوحدته
وأين وحدته؟ باتتْ كما باتا!
حتى إذا لم يجدْ ريّاً ولا شبعاً
أفضى إلى الأمل المعطوب فاقتاتا








أُغنية في هيكل الحب


كم تجرّعنا هوانا
ولقينا في هوانا
وبلونا نار حب
لَم نذقْ فيها أمانا
وإِذا حلَّ الهوى هيهات
تدري كيف كانا
فإِذا ما ملك الأنفس
أصلاها عونا
فهو نصلٌ مستقرٌّ
ولهيب لا يداني !
يا حبيبي هدأ الليل
ولم يسهر سوانا
لا الدجى ضمَّد جرحينا
ولا الصبح شفانا
لا الهوى رقّ على الشاكي
ولا قاسيه لانا
قد غدونا غرضِ الرامي
كما شاء رمانا
وافِنيْ بالله نطرقْ
هيكل الحب كلانا
ساعة نبكي على الكأس
ونشكو من سقانا!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:52 am

أنــوار




طابت بكِ الأيامُ وافرحتاهْ

أنتِ الأمانيْ والغنى والحياهْ

فليذهبِ الليلُ غفرنا لهُ

ما دام هذا الصبح عقبى دجاهْ

يا من غَفَتْ والفجرُ من دارِها

شعشعَ في الآفاق أبهى سناهْ

قد طرق الباب فتىً متعبُ

طال به السير وكلَّت خطاهْ

نقَّل في الأيام أقدامَهُ

يبغي خيالاً ماثلاً في مناهْ

عندك قد حطّ رحال المنى

وفي حمى حسنِك ألقى عصاهْ

كم هدأ الليلُ وران الكرى

إلا أخا سهدٍ يغنِّي شجاهْ

ناداك من أقصى الربى فاسمعيْ

لمن على طول اللياليْ نداهْ

نادى أليفاً نام عن شجوهِ

عذبٌ تجنيه عزيزٌ جناهْ

أحبَّكِ الحبُّ وغنّى بهِ

غفَّ الأمانيْ والهوى والشفاهْ

وإنما الحبُّ حديثُ العلى

أنشودة الخلدِ ونحنُ الرواهْ..






















أطلال




يا من بِواديهِ حَطَطْتُ الرحالْ

ورحَّبتْ بي وارفاتُ الظلالْ

بسطتََ كالآباد عمر المنى

لطامع في لحظاتٍ قِلالْ

*** ***

أمهلْ فؤادي ساعةً ريثما

أخلعُ عن قلبي سرابَ الضلالْ

خليعةُ الطبعِ على كُثبها

عربدةُ الريحِ وكفرُ الرمالْ

خلعتُ إيماني على شكِّها

وبدَّدتْه السارياتُ الثِّقالْ

نادتنيَ الصحراءُ وهْي التي

آدَتْ جحيمي في السنين الطوالْ

تُريد سرِّي إن سرِّي هنا

في مُغلقٍ أسرارُه لا تنالْ

خليعةُ الطبعِ على كُثبها

عربدةُ الريحِ وكفرُ الرمالْ

قالت بهذا الصمت ما لم يُقلْ

وقلت بالزفْرات ما لا يُقالْ

هيهات للقلب صلاة بها

ولا عليها معبد وابتهالْ

خلعتُ إيماني على شكِّها

وبدَّدتْه السارياتُ الثِّقالْ

نادتنيَ الصحراءُ وهْي التي

آدَتْ جحيمي في السنين الطوالْ

تُريد سرِّي إن سرِّي هنا

في مُغلقٍ أسرارُه لا تنالْ

قالت بهذا الصمت ما لم يُقلْ

وقلت بالزفْرات ما لا يُقالْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:53 am

إلى روح الشاعر




موقفٌ حانَ فاغتنِمْ

وتخير مِن الكلمْ

كلَّ لفظٍ أورقَّ مِن

ضحكةِ الزهر للدِّيمْ

مستَمَدٍّ من الرُّبى

مُستعارٍ من الَنّسمْ

اجمعِ الآنَ طاقةً

غضَّةَ النور تبتسمْ

أُهدِها روحَ شاعرٍ

خالدٍ بالذي نَظمْ

قلمي! ما الذي لديكَ

من الخيرِ يا قلمْ؟!

قمْ فذكّر وناج قومَكَ

واخطُب وقل لهُمْ:

قل لأهل الغناءِ في كنف

المعهد الأَشمّ

ذلك الشاعرُ الذي

بات في خاطر الظُلمْ

هو منكم وفنُّهُ

علمَ الله فنكمْ

كان لجناً فصار ذكراً

كما يُذكَرُ الحُلمْ

انما الشعر مزهرٌ

قد حكى قصةَ الأممْ

وبأوتاره المنى

تتلاقى وتزدحمْ

هو نايٌ مُرجَّعٌ

لشجيٍّ وما كتمْ

هو قيثارةُ الزمان

ونجواه مِنْ قِدَمْ

هو أنشودة الحياةِ

وفيضٌ من النغمْ

أبها المعهد الذي

بلغ المجدَ واستتمّ

كلُّ لحنٍ مذكرٍ

أشعل القلب فاضطرمْ

نظمته يدُ الأسى

وقًعته يدُ السقمْ

وأناشيدكم وما

صاغه الفنُّ من عِظمْ

هي أنّاتُ أنفسٍ

بالمقادير ترتَطِمْ

وصباباتُ أعينٍ

يشهدُ الليل لَم تنمْ

وأغانيكمْ التي

هي في قمةِ القمَمْ

هي آهاتُ شاعر

عرف الحبَّ والألمْ!

ذلك الشاعرُ الذي

روحهُ الآن بينكمْ

لكأني أراه حَيّاً

وألقاهُ عن أمَمْ

وهو في ذروة الشباب

وفي خفةِ القَدَمْ

غاشياً كلَّ منتدىً

عاليَ الرأسِ محترمْ

كلما قال شعرَه

غمر السهلَ والعلمْ

دافقاً ليس ينتهي

أبداً سيلُه العرمْ

باذلاً للصديق والأ

هلِ كلّ الذي غِنَمْ

زوجه والبنون هُم

مجدهُ والرجاءُ هُمْ

درجوا في ذُرَا العلا

نوَّروا في رُبى النعمْ

نشأوا في حِمى العفافِ

وجلُّوا عن التُّهمْ

حين ظنوا بأنَّ ما

أمَّلوا في الزمانِ تمْ

إذ شكا الضعفَ سيد

البيتِ خارت به الهممْ

نام في حصنهِ الضَّنى

وعلى صدره جَثمْ

واذَا بالطيور قد

دخل الموتُ وكرهُمْ

شِبْهَ لصٍّ مخادعٍ

غشىَ البيت فالتهَمْ

وإذا الفاقةُ الجريئةُ

تَطْغَى وتَنْتَقِمْ

صنعتْ في رجائهمْ

فعلَة الذئبِ بالغنمْ

كأتونٍ مستعَّر

غاضبٍ ينثرُ الحُمَمَْ!

مَن رأى البؤسَ إن عدا!

مَنْ رأى الضنك إن هَجَمْ؟

مَن رأى العفةَ العريقةَ

بالدهر تصطدمْ؟!

أُمَّتي! ليس يُهزَمُ الفنُّ

في أمَّة الشَّمَمْ

أُمَّتي! ليس يخذلُ الجُودُ

في أمَّة الكرَمْ

أُمَّتي! أُمَّةُ العلا

وأبي الهول والهرَمْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:54 am

الليالي




(1)

قد أمَّكَ الهاربُ الطريدْ

فآوهِ أنتَ والظلامْ

يا حقبةَ الوهم والخيالْ

هلاَّ تمهلتِ للأبدْ؟!

أراحةٌ فيك للضمير

أم موعدٌ فيك من حبيبْ؟

ينفضُ عن عينه كراهُ

ويقبل الراقدُ المسجَّى!

عجبتُ للمرءِ كم يئنّ

ويستطيبُ الحياةَ مَرعَى

وعلم السمحَ أن يضنَّا

وثبَّت الجبنَ في الطباعْ!

طال بنا الصمتُ والجمودْ

لا البدر يوحي ولا الغديرْ

هربتُ من عالمٍ أضرَّا

وجئتُ عَلي لديكِ أحيا!

ملكَ في هاته العوالمْ

مهزلةَ الموت والحياةْ

هياكلٌ تعبرُ السنين

واحدةُ العيش والنظامْ

وواحد ذلك الطلاء

يسترُ خزياً من الطباعْ

بعينها كذبةُ الدموعْ

بعينها ضحكةُ الخداعْ

(3)

يا ويحه كيف قد أطاقْ

شكوى البرايا على السنينْ؟!

كالقلب إن ضاق واكتأبْ

تخفف الذكريات عنهُ

مبيدة حيثما استقرت

فان نبُحْ سمِّيت قريض!

لو يفهم النجمُ ما نقول!

أو يفهم الليلُ ما نُسرْ!

تطل من قاتمِ الحلك

بغيرك فهمٍ ولا ذكاءْ!

وكلّما جَدَّ لي أنينْ

تسخر بي أنَّةُ الرياحْ!

وحظ شعرٍ إذا أطاعْ

يا ليته عاش لا. يطيع

ولن ترى في الوجودِ مَنْ

يدري عذاب الذي تلاهْ!

يا أيها النهر بي حسدْ

لكل جارٍ عليك رفّ

ومن حبيب إلى حبيب

ترنو حناناً وتبتسمْ

يا نهرُ روّيتَ كل ظامي

فراح ريّان إن يذُقْ

يا نهر لي جذوة بجنبي

هادئة الجمرِ بالنهارْ

وقفت حرّان في إِزائكْ

فهل ترى منك مسعدُ؟

عالج لظاها فإن سكنْ

فرحمةٌ منك لا تحدْ

تريني الهاجر الشتيت

وقربه ليس لي ببالْ

تمر ذكرى وراء ذكرى

وكل ذكرى لها دموعْ

ماضٍ وكم فيه من عثارْ

ومن عذابٍ قد انقضى

يا من أرى الآن نصب عيني

خياَله عطَّر النسمْ

في ذمة الله ما أضعتمْ

إنَّا غفرنا لمن أساءْ

يخدعنا أنّه التأمْ

ولم يزل يحبىءُ الصديدا!

طال عذابي! وطال شكي

ومات قلبي، وما تأسَّى!

ما بالها أعين الفلك

منتثرات على الفضاءْ

تطل من قاتمِ الحلك

بغيرك فهمٍ ولا ذكاءْ!

ألا وفيُّ ألاَ معينْ

في مدلهمٍ بلا صباحْ؟!

وكلّما جَدَّ لي أنينْ

تسخر بي أنَّةُ الرياحْ!

هبنا شكونا بلا انقطاعْ

ما حظ شاكٍ بلا سميعْ

وحظ شعرٍ إذا أطاعْ

يا ليته عاش لا. يطيع

يضيعُ في لجةِ الزمنْ

مبدداً في الورى صداهْ

ولن ترى في الوجودِ مَنْ

يدري عذاب الذي تلاهْ!

(4)

يا أيها النهر بي حسدْ

لكل جارٍ عليك رفّ

أكُلُّ راجٍ كما يودّ

يروي ظماه ويرتشفْ

ومن حبيب إلى حبيب

ترنو حناناً وتبتسمْ

وكل غادٍ له نصيبْ

من ماِئك الباردِ الشبمْ

يا نهرُ روّيتَ كل ظامي

فراح ريّان إن يذُقْ

فكن رحيماً على أوامي

فلي فمٌ بات يحترقْ

يا نهر لي جذوة بجنبي

هادئة الجمرِ بالنهارْ

فإن دنا الليلُ برَّحَتْ بي

وساكن الليل كم آثارْ

وقفت حرّان في إِزائكْ

فهل ترى منك مسعدُ؟

وددتُ ألقي بها لماِئكْ

لعلها فيك تبردُ

عالج لظاها فإن سكنْ

فرحمةٌ منك لا تحدْ

وإن عصت نارُها فكنْ

قبراً لها آخر الأبدْ!

تريني الهاجر الشتيت

وقربه ليس لي ببالْ

وكلّما خلتني نسيتْ

مَرَّ أمامي له خيالْ

تمر ذكرى وراء ذكرى

وكل ذكرى لها دموعْ

وتعبر المشجياتُ تترى

من كل ماضٍ بلا رجوعْ

ماضٍ وكم فيه من عثارْ

ومن عذابٍ قد انقضى

كم قلت لا يرفع الستارْ

ولا ادكارٌ لما مضى!

يا من أرى الآن نصب عيني

خياَله عطَّر النسمْ

بالله ما تبتغيه مني

ولم تدع لي سوى الألَمْ

في ذمة الله ما أضعتمْ

إنَّا غفرنا لمن أساءْ

لا تحسبوا البرءَ قد أَلَمّ

فلم يزل جرحنا جديدا

يخدعنا أنّه التأمْ

ولم يزل يحبىءُ الصديدا!

يا أيها الليل جئتُ أبكي

وجئتُ أسلو وجئت أنسى

طال عذابي! وطال شكي

ومات قلبي، وما تأسَّى!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:55 am

الميت الحي




داوِ ناري والتياعيْ

وتمهَّلْ في وداعيْ

قفْ تأمل مغربَ العمر

وإخفاقَ الشعاعِ

واضياع الحزن والدمع

على العمر المضاعِ!

ما يهمّ الناس من نجم

على وشك الزماعِ

طال بي سُهدي وإِعيائي

وقد حان اضطجاعي

فصدور الغيد سيَّان

وأنياب السباعِ!

كم تمنيتُ وكم من

أملٍ مُرّ الخداع!

ساعة أغفر فيها

لك أجيال امتناع

ومتاعاً لعيوني

وشميمي وسماعي

دمعة الحزن التي

تسكبها فوق ذراعي!

فصدور الغيد سيَّان

وأنياب السباعِ!

آهِ لو تقضي الليالي

لشتيت باجتماع

كم تمنيتُ وكم من

أملٍ مُرّ الخداع!

وقفة أقرأ فيها

لك أشعار الوداع

ساعة أغفر فيها

لك أجيال امتناع

يا مناجتي وسرِّي

وخيالي وابتداعي

ومتاعاً لعيوني

وشميمي وسماعي

تبعث السلوى وتنسى

الموت مهتوك القناع:

دمعة الحزن التي

تسكبها فوق ذراعي!













إلى ابنتي ضوحيه




يا من طلبتِ الشعرَ هاك تحيّتي

وهواي يا روحي ويا ضوحيّتي

أيُرادُ تفصيلٌ لما عندي وكم

قلبٍ وموجز أمره في لفظة

لكن فنَّ الشعر وردُ أحبة

يُهدى فهاك قصيدتي بل وردتي

والشعر روضٌ يانعٌ وعبيرهُ

سارٍ إلينا من عبير الجنّةِ

وأراكِ روضة رقةٍ ومحاسنٍ

هل روضةٌ تهدي البيان لروضةِ؟

فإليك يا أغلي عزيزٍ يا ابنتي

وأحبَّ من تصبو إليه مهجتي

تذكار والدك المحبِّ وديعةً

فإذا ذكرت فهذه أمنيّتي

والحظُ مثل الرسم إن يوماً نأى

رسمي فللأثرِ العزيز تلفّتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:56 am

الميعاد


إن عُدتَ أو أخلفتَ لم تعدِ
أنا إِلف روحك آخر الأبدِ
ظمأٌ على ظمإِ على ظمإِ
ومواردٌ كثرٌ ولم أردِ
مرَّ الظلاُم وأنت لي شجنٌ
وأتى النهارُ وأنت في خلدي
لا يسمع البحرُ الغضوبُ إلى
شاكٍ ولا يصغي إلى أحدِ!
كم لاح لي حربُ الحياة على
أمواجهِ المجنونةِ الزبدِ
ورأيتُ طيفَ الضنك مرتسما
في عاصفِ الأنواءِ مطَّردِ
في الليل مدَّ رواقَه وثوى
كجوانحٍ طُويت على حسدِ
قبر مَباهجُه بلا عددٍ
لفتى متاعبُه بلا عددِ
مَن يومه يوم بلا أملٌ
وغدٌ بلا سلوى وبعد غدِ
لولاك والعهد الذي عقدتْ
بيني وبينك مهجتي ويدي
أضجعتُ جنبي جوفَ غيهبه
وأرحتُ فيه باليَ الجسدِ
يا مختلفَ الميعادِ عُدْ لترى
جزعَ الغريبِ وضيعةَ الرشدِ
وليالياً موصولةً سهراً
أبديةً حجريةَ الكبدِ
وطليحَ أسفارٍ وعلّته
قتالة لَم تشفَ في بلدِ!
يا شعر أيامي وأغنيتي
وغليل ظمآن الشفاه صدي!
يا ظالمي! عيناك كم وعدت
قلبي إذا شفتاك لَمِ تعدِ




الميعاد الضائع


يا من طواها الليلُ في بَيْدائه
روحاً مفزعة على ظلمائهِ
إن تظمئي ليَ كم ظمئت إليكِ
جمع الوفاءُ شقيةً وشقيا
أسفاً عليكِ وأنت روحٌ حائرٌ
والكونُ أسرارٌ يضيق بها الحجى
*** **
وكذا تمر بمثلكِ الأيامُ
مجهولةً وعذابُها مجهولُ
وكعادةِ الحظِّ الشقيِّ وعادتي
أقبلتُ بعد ذهاب نجمي الأوحدِ
وكأنما هذا الفضاء خطيئة
وكأن همسَ نسيمِه استغفارُ
وكأنه أحزانُ قومٍ ساروا
هذي مآتمهم وثم ظلالها
ران السواد على وجودِ الدورِ
وسرى إليّ نحيبُها والأدمعِ
وكعادةِ الحظِّ الشقيِّ وعادتي
أقبلتُ بعد ذهاب نجمي الأوحدِ
حملتْ لنا أملاً فلما ودَّعت
لم يبقَ بعد رحيلها للناظر
إلا خيال سعادة قد أقلعت
ووداع أحبابٍ ودمع مسافر
تتعاقبُ الأقدارُ وهي مسيئةٌ
كم عقنا ليلٌ وخان نهارُ
وكأنما هذا الفضاء خطيئة
وكأن همسَ نسيمِه استغفارُ
وكأنه أحزانُ قومٍ ساروا
هذي مآتمهم وثم ظلالها
عفتِ القصور وظلت الأسوار
كمناحة جمدت وذا تمثالها
ران السواد على وجودِ الدورِ
وسرى إليّ نحيبُها والأدمعِ
وكأنني في شاطئ مهجورِ
قد فارقتهُ سفينةٌ لا ترجعِ
حملتْ لنا أملاً فلما ودَّعت
لم يبقَ بعد رحيلها للناظر
إلا خيال سعادة قد أقلعت
ووداع أحبابٍ ودمع مسافر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:56 am

الأجنحة المحترقة




يا أمتي كم دموعٍ في مآقينا

نبكي شهيديك أم نبكي أمانينا؟!

يا أميت إن بكينا اليوم معذرةً

في الضعفِ بعضُ المآسي فوق أيدينا

واهاً على السرب مختالاً بموكبه

وللنسور على الأوكار غادينا

قالوا الضباب فلم يعبأ جبابرةٌ

لا يدركون العلا إلاّ مضحِّينا

والمانش يعجب منهم حينما طلعوا

على غوارِبِهِ الغيرى مطلِّينا

فاستقبلتهم فرنسا في بشاشتها

تجزي البسالة ورداً أو رياحينا

قالوا النسور فهبَّ القومُ وادَّكروا

نسراً لهم ملأَ الدنيا ميادينا

وهلل السِّين إذ هلَّت طلائعنا

طلائع المجد من أبناء وادينا

حان الأمانُ ووافَى السربُ فافتقدوا

نسرين ظنوهما قد أبطآ حينا

لكنه كان إبطاءَ الرَّدى فهما

لما دعا المجد قد خَفَّا ملبينا

فلبيكِ من شاء وليُشبعْ محاجرَهُ

ولينتحبْ ما يشاءُ الحزنَ باكينا

يبكي الحبيب وتبكي فقد واحدها

من لا ترى بعده دنيا ولا دينا

هُنيهة ثم يسلو الدمعَ ساكبُه

لا يدفعُ شيئاً من عوادينا

فكلما حلَّ رزءٌ صاحَ صائحُنا:

فداك يا مصر لا زلنا قرابينا

فداك يا مصر هذا النجم منطفئاً

والنسر محترقاً والليث مطعونا!










المساء




يا غلة المتلهفِ الصادي

يا آيتي وقصيدتي الكبرى

ماذا تركت لديَّ من زادِ

إلا استعادة هذه الذكرى

يا للمساء العبقري وما

أبقى على الأيام في خلدي

شفتاك شفا لوعةً وظما

وجمالك الجبار طوعُ يدي

نمشي وقد طال الطريقُ بنا

ونودُّ لو نمشي إلى الأبدِ

ونود لو خلتِ الحياة لنا

كطريقنا وغدتْ بلا أحدِ

نبني على أنقاض ماضينا

قصراً من الأوهام عملاقا

ونظل ننسج من أمانينا

وشيا من الأحلام براقا

وأظل أسقيها وتملأُ لي

من مورد خلف الظنون خفي

حتى إذا سكرت من الأملِ

وترنحت مالت على كتفي

حلفت بأني مغتد معها

حيث اغتدت وهواي في دمها

فمسحت بالقبلات أدمعَها

وطبعت ميثاقي على فمها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:57 am

المنصورة




باي معجزة في الحب نتفقُ

يا قلب لا يتلاقى الفجرُ والغسقُ

يا قلب انا لقينا اليومَ معجزةً

تكادُ في ظلماتِ الليل تأتلقُ

ظللتُ أسأل نفسي كيف تعشقها

بقيةٌ من بقايا العمرِ تحترقُ

وافيتُها وفلول النور دامية

تطفو وترسب أو تعلو فتعتلقُ

لم أدر حين تبدتْ لي إذا شفقي

ابصرته أو على المنصورة الشفقُ؟

يا من منحت الأماني البيض معذرة

اني بهذي الأماني البيض أختنقُ

أين الهدوء المرجى في جوانبها

اني رجعت وليلي كله أرقُ

أقبلتُ أنشد أمنا في هواك بها

فلم أنل وتولى قلبي الفرقُ

لا بالقلوب ولا الأرواح يا أملي

إنَّا بشيءٍ وراءَ الروحِ نعتنقُ

ويحي على كفكِ البيضاء إذ بسطتْ

عند السلام وويحي حين تنطبقُ

هل يسمع النيلُ إذ سرنا بجانبهِ

والموجُ مجتمعٌ فيه ومفترقُ

صوتاً تماوجَ في روحي فجاوبه

من جانب القلبِ موجٌ راح يصطفقُ

تظل تنهبُ اذني من أطايبه

كأنها من خفايا الغيبِ تسترقُ

يا جنة من جنان الله أعبدها

لن تبعدي ولدي السحر والعبقُ







المقعد الخالي




مٌّ أناخ فما انجلى

وخلا مكانُك - لا خلا!

ليل الحياة وكان ليلي

في الهواجِسِ أطولا

كم لحظةٍ في الصدر ناشبةٍ

كجزّارِ الكلا

كالرَّمْسِ فارغةٍ وإن

حفلت بإيجاشِ البلى

في إثر أخرى لم تكن

إلا كجرداءِ الفلا

يَرَّحْنَ بي من وحشةٍ

وقتلتهُن تململا

وجَنِنّ من قلقي عليك

وكيف لي أن أعقلا؟

قد رِشْنَ لي سهماً يحاول

من يقيني مقتلا

فتعرّض الماضي الجميلُ

بوجهِهِ متهللا

فلوى عناني فالتفتُّ

فلم أجد لي مَوئِلا

إلا دروع اليأسِ إنّ

اليأسَ أيسرَ محمِلا

يقتادني فأردُّهُ

عن خاطري وأقول لا!

يا هندَ إن يكُ قلبُك الوافي

تغيّرَ أو سلا

وحصدتُ آمالي فإنّ

الموتَ أرحمُ منجلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:58 am

الانتظار




لعينيكَ احتملنا ما حتملنا

وبالرحمانِ والذلِّ ارتضينا

وهان إِذا عطفتَ ولو خيالاً

وأين خيالك المعبود أينا؟!

تعالَ! فلم يعد في الحي سارٍ

وهوَّنت المنازلُ بعد وهنِ

وران على نوافذها ظلامٌ

وقد كانت تطلُّ كألف عينِ

تعالَ! فقد رأيتُ الكون يحنو

عليّ ويدرك الكرب الملمَّا

ويجلو لي النجومَ فأزدريها

وأغمض لا أريد سواك نجما!

ومنتظرٌ بأبصاري وسمعي

كما انتظرتكَ أيامي جميعا

وهل كان الهوى إلاَّ انتظاراً

شتائي فيك ينتظر الربيعا!

أرى الآباد تغمرني كبحرٍ

سحيقِ الغور مجهولِ القرار

ويأتمر الظلام عليَّ حتى

كأني هابط أعماق غارِ

وتصطخبُ العواطف ساخرات

وتطعنُني بأطرافِ الحرابِ

وتشفقُ بعدما تقسو فتمضي

لتقرع كل نافذةٍ وبابِ

فصحت بها إلى أن جف حلقي

فحين سكتُّ كلمني إِبائي

وأشعرني العذابُ بعمق جرحي

وأعمق منه جرح الكبرياءِ

ولمّا لَمْ تفزْ بلقاك عيني

لمحتك آتياً بضمير قلبي

فأسمعُ وقعَ أقدامٍ دوانٍ

وأنصتُ مصغياً لحفيفِ ثوبِ

وأخلقُ مثلما أهوى خيالاً

لناءٍ صار من قلبي قريبا

أمدُّ يديَّ في لهف إليه

أشاكيه بمحتسب الدموع

فيسبقني إلى لقياه قلبي

وُثوباً يبرُدُ في ضلوعي

فتصطخب العواطفُ ساخراتٍ

وتطعنُني بأطراف الحرابِ

وتشفق بعدما تقسو فتمضي

لتقرعَ كلَّ نافذةٍ وبابِ! 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:58 am

التذكار


معرّبة عن "الفرد دي موسيه"
بي نزوعً إِلى الدموعِ الهوامي
غير أني أخافُ من آلامي
أيهذا المكان! يا غالي الترب!
ومثوى عبادتي واحترامي!
أنت مثوى الذكرى ومدفنُها الغا
لي القصيُّ المجهولُ في الأيام
هذه خلوتي فلا تمنعوني
ما الذي تحذرون يا خلاني
انها عادتي التي كنت أعتادُ
وأهوى في سالفِ الأزمانِ
أخذتني لذِي الرحاب وقادت
قدمي في سبيلِ هذا المكان!
أنظروا هذه السفوحَ وهذا النبتَ
إذ قام مزهراً تيّاها!
لكأني ما زلتُ تسمع أذني
في صموتِ الرمالِ وقع خطاها
وكأن النجوى بكل ممرٍّ
طوقتني في سترهِ يمناها!
قد تراءى الصنوير النضر إذ أينع
في قاتمٍ من الألوانِ
وتراءَى ليَ المضيقُ البعيدُ
الغور يمتدُّ في رخيّ المجاني
موحشات لكنما كن آلا
في ومهد الهنيء من أزماني
أنا ما جئتَ ها هنا أذكر الأشجانَ
في موطنٍ عرفت فيه هنائي
ذلك الغاب رائع الحسن والصمت
مثال الجلال والكبرياءِ
وفؤادي عاتٍ كرائعِ هذا الغابِ
مستكبرٌ على البرحاءِ!
من يشأ أن يفيضَ يوماً بشكواه
فما هذا موضع الأحزان
قل لشاكٍ هلاَّ مضيت لتجثو
عند مثوى ميت من الخلان!
كل شيء حيٌّ هنا وباتُ القبرِ
ينمو في غيرِ هذا المكان!
طلع البدرُ يرتقي ذروةَ الأُفقِ
ويجتازُ حالكَ الأسدادِ
يا أمير الظلام إِنك تبدو
حائرَ الرأي، واضحَ التردادِ
ثم تمضي مجاوزاً حجبَ الليلِ
وترمي بنوِرك الوقَّادِ
كلّما شارف الثرى فيض نورٍ
مرسلٍ من جبيِنك الوضّاحِ
وإِذا الأرض قد تضوَّعَ منها
عن ثراها النديِّ عطرُ الصباحِ
استشرت عطرَ القديمِ من الحبِّ
دفين العبيرِ في الأرواح
أيهذا الوادي المجبب ما زرتك
حتى سألت عن أوصابي
إيْن راحت لواعجي أيْن آلامي
اللواتي أهزمنَنِي في الشباب
عاودتني طفولتي فيك حتى
خلتُ أني ما اجتزتُ يومَ عذاب!
يا خفاف السنين! يا صولة الدهرِ
قويّاً مثل الجبابرِ عاتي
كل ماضي صبابة قد أخذتن
فمن مدمعٍ ومن حسراتِ
ورحمتنَّ لي أزاهر ذكرى
علقتْ في ذبولها بالحياةِ
فسلام مني على الأيامِ
كيف آستْ في النازلاتِ الجسامِ
لم أكن أدرِي أن جرحاً بما كابدتُ
منه من فاتك الآلامِ
معقبٌ لذةً لنفسي واحساسَ
هناءٍ لديَّ بعد التئامِ
فليبْن عنيَ السخيفُ من الرأيِ
وتنأَى سفاسفُ الأقوالِ
وهمومٌ كواذبٌ كفنت أثْوابٌها
حُبَّ عاشقين ضآلِ
جعلوها مظاهراً لهواهم
والهوى الحقُّ ليس منهم ببالِ
ايه دانتي! أأنت ذاك الذي قال
قديماً عن ذكرياتِ الهناء:
انها إن مرَّت على ذاكريها
زمن الحزن فهي أشقى الشقاء!
أي بؤسي أملت عليك مرير القولِ
حقّاً أسأت للبأساءِ!
أو إنْ أقبل الدجى بعد ادبارِ
نهارٍ صافي الضياء قضيتَهْ
تنكرُ النورَ في الوجودِ فيغدو
محضَّ وهمٍ كأنه ما رأيتَهْ
ذلك القول وهو جدّ عجيب
أيها الخالد الأسى كيف قلتَهْ
قسماً بالطهورِ من لهب الحبِ
مضيئاً في القلب شبه المنارِ
ما عهِدْنا في قلبك الوافر الإيمـ
ـانِ هذا الظلال في الأفكارِ
لا أرى للهناءِ والله صدقاً
مثل صدقِ الهناءِ بالتذكارِ
أو إنْ أبصرَ الشقيُّ وميضاً
في رمادِ الهوى فقام إليهِ
باسطاً نحوَه يديهِ بلهفٍ
حارصاً أن يمرَّ من كفَّيهِ
وبه من إشعاعهِ أثرُ البرقِ
إذا مرّ خاطفاً ناظريه
أو إن غاصت روحهُ في عبابِ الذ
كريات التي طوتها السنينْ!
أو هذا السرور من ذِكرِ الماضي
تسميه بالعذابِ المبين!
ان تروى أدمعي فلا تزجروني
ودعوني اني أحب الدموعَا
لا تجفف ايديكمُ أدمعاً تنفعُ
قلباً لمّا يزلْ موجوعا
أدمعي سترٌ مسبلٌ فوق ماضٍ
قد تولى ما يستطيع رجوعا!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 10:59 am

البحيرة


من شاطئِ لشواطئٍ جددِ
يرمي بنا ليلٌ من الأبدِ
ما مَرّ منه مضى فلم يعدِ
هيهات مرسى يومِه لغدِ!
سنةٌ مضت! وختامُها حانا
والدهرُ فرّق شملَنا أبدا
ناجِ البحيرةَ وحدك الآنا
واجلسْ بهذا الصخرِ منفردا!
قل للبحيرةِ تذكرين وقد
سكن المساءُ ونحن باللجِّ
لا صوت يسمع في الدنى لأحدْ
الا صدى المجدافِ والموجِ
فاذا بصوتٍ غير معتادِ
هزّ السكونَ هتافهُ العذبُ
أصغى العبابُ ورجَّع الوادي
أصداءَه وتناجتِ السحبُ
يا. دهر في وفق ولا تدرِ:
ساعاته في هينة وقفى
حتى تتاح هناءةُ العمرِ
وتطول لذتُها لمقتطفِ
هلا التفتَّ لذلك الكونِ
وعلمت كم في الناس من باكي
يدعوك خذني والأسى المضنيْ
خلِّ الممتِّعِ وامضِ بالشاكي
هذا النعيم وهاته المحنُ
يتنافسان الدهر اقلاعا
فبأي عدلٍ أيها الزمنُ
تتشابهُ الحالان إسراعا
يا أيها الأبد السحيق أجبْ
وتكلمي يا هوة الماضي
ما تصنعان بأشهرٍ وحقبْ
ونعيم عمرٍ غير معتاض
ناج البحيرةَ والصخورِ وعُدْ
فاستحلِف الأغوارَ والغابا
قل! صُنْ ذكر غرامنا فلقدْ
صين الشبابُ عليك أحقابا
ولتبق يا هذي البحيرة في
حاليك ثائرة وهادئةً
في باسق للماء منعطفٍ
في رائعات الصخر نائتةً
في عابر النسماتِ مرتجفَا
في النجم فضض صفحةَ الماءِ
في الريح أنّ أنينه وهفا
في الغصن نفَّسَ حر أحشاءِ
في الجو معتبقاً بريّالِ
خطرت ملاعبة رقيق صبا
في كل هذا هاتفٌ باكي
سيقول يا أسفا لقد ذهبا!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:00 am

الى س




جئتُ أشكو لكِ روحي وجواها

وردت ظمأى وعادت بصدَاها

آه من عينكِ! ماذا صنعتْ

بغريبٍ مستجيرٍ بحماها؟!

نبعته تقتفي أحلامَهُ

كلّما أغفى أطلَّت فرآها

يا سقى اللهُ "لِليلى" أيكةً

وجزاها الخيرَ عنّا ورعاهَا

وغذاها من أمانينا ومِن

حبنا الشهدَ المصفى وصقاهَا

قرِّبي عينكِ مني قرّبي!

ظلليني واغمريني بصفاهَا!

وأريني هدأة البحرِ إذا انـ

ـبسط البحرُ جلالاً وتناهَى

وأريني لجةَ السحرِ التي

ضلَّ في أعماقها الفكرُ وتاهَا

ألمحُ اللؤلؤ في أغوارها

وأرى الطيبةَ تطفو في سناهَا

وأراها تُخبِّئُ الخلدَ لمن

باع دنياه وبالروح اشتراهَا!

نحن أرواحٌ حيارى افترقتْ

ثم عادت فتلاقت في شجَاهَا

سوف ينسى القلبُ إلاَّ ساعةً

مِنْ رضاً في وكرِك الحاني قضاهَا

هتف القلب وقد حدثتني

أيَ ماضٍ كشفت لي شفتاهَا

هَمَسَتْ في خاطري فاستيقظتْ

روحيَ الحيْرى وأصغت لنداهَا

فأنا إنْ لَمْ أَكُنْ توأمَها

فكأني كنت في الغيبِ أخاها

نحن أرواحٌ حيارَى ثملتْ

وانتشتْ سكرى على لحنِ أساهَا

قرِّبي روحَكِ مني قرِّبي!

ظلليني واغمريني برضاهَا!

وتعاليْ حدّثيني! حدّثي!

انت مرآة شجوني وَصَدَاهَا

فهبيني ساعة الصفو التي

تقسمُ الأيامُ ما فيها سواها

ثم أمضي لحياةٍ مرَّةٍ

صبْحُها عندي سواءٌ ومَساهَا!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:01 am

الجمال الضنين




قلْ للبخيل إِذا ما عزَّ مشرعهُ:

يا مانع الماء عني كيف تمنعهُ

غرَّ حسنك أن الخلدَ جدولُه

وأنّه من غريبِ السحرِ منبعهُ؟

با أيها الكوكب المحبوس في فلكٍ

مبددٌ مجده فيه مضيّعُه!

هيهاتَ يخلد حسنٌ لا يؤلهه

شعرٌ من النسق الأعلى ويرفعُه!

أنا شهيدك، والقلب الضحوك إِذا

أدميتَه، والمغنّي إِذ تقطّعُه

هل منك يوم رضىً ضنَّ الزمانُ به

أعيا خيالي وأضناني توقعُه؟!

كم بتُّ منتبهاً أصغي لخطوته

أراه في الوهم أحياناً وأسمعهُ!

وأنت في أُفق الأوهام طيف صبا

سما ودقَّ على الأفهام موضعهُ

كأنك النسمُ النشوانُ منطلقا

أظل كالنفس الحيرانِ أتبعهْ

تعالَ وادنُ بيوم لا تحسُّ به

أجسادَنا. في صفاء، لا نضيعهُ!

لكن أحسك تجري في صميم دمي

أنت الحياةُ، وأنت الكونُ أجمعُهُ!







الختــــام




عجباً لقلب هيض منكَ جناحُهُ

وجرى به نصلُ الندامةِ يذبحُ

ومضى الحِمامُ يدبُّ فيه فإن جرتْ

ذ**** طار إليك وهو مجنَّحُ

لهفي على الناقوس بين جوانحي

وعلى بقيةِ هيكلٍ لا تصلحُ

لا فرق بين أنينه ورنينهِ

وصداه في وادي المنيةِ أوضحُ

يا قلب! صهباء الهوى وبساطه

وكؤوسه المتجاوبات الصُّدَّحُ

وقفٌ على متنقلين على الهوى

يبغون من لذاته ما يسنحُ

متبدِّلين موائداً وأحبةً

ما خاب من حب فآخر يفلحُ

فالحبُّ آسيه وراء عليله

فيهم، وبلسمه على ما يجرحُ

يا قلبُ! ويح ثباتنا ماذا جنى

أترى شعاعاً في البقيةِ يُلمحُ!

يا أيها الحبُّ المقدَّسُ هيكلاً

ذاق الردى من عابديك مسبحُ

كثرت ضحاياه وطال قياُمه

وصيامه فمتى رضاءَك تمنحُ؟

يا دوحة الأرواح يُحمد عندها

فيءٌ ويعبد زهرُها المتفتحُ

أينال ظلَّك والرعايةَ عابثٌ

بجلالك البادي وآخر يمزحُ

ويبيت يحرمه قتيل صبابةٍ

قضّى الحياةَ إلى ظلالك يطمحُ

ليلى! حببتُكِ كالحياة وذقتُ في

ناديك كأساً بالأماني تطفحُ

فتكسرت قدح المنى ورجعتُ من

سقم الهوى وهزاله أترنحُ

نزل الستار على الرواية وانقضتْ

تلك الفصولُ وفُضَّ ذاك المسرحُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:01 am

الخريف


يا حبيبي غيمة في خاطري
وجفوني وعلى الأفق سحابهْ
غفر اللهُ لها ما صنعت
كلما شاكيتها تندى كآبهْ
صرخ القفرُ لها منتحِباً
وبكى مستعطفاً مما أصابهْ
فأصمّ الغيثُ عنهُ أذنَهُ
ما على الأيام لو كان أجابهْ
كثر الهجرُ على القلب فهل
من سلو أو بعاد يرتضيهِ
أنت فجرٌ من جمال وصبا
كل فجر طالع ذكَّرنيهِ
كيف جانبتك أبغي سلوةً
ثم ناجيتك في كل شبيهِ
أيها الساكن عيني ودمي
أين في الدنيا مكان لست فيهِ
*** ***
عندما أزمعَ ركب العمرِ
رحلةً نحو المغاني الأخرِ
ظهرت تجلوك كفُّ القدرِ
صورةً أروع ما في الصورِ
تتراءى في الشباب العطرِ
نفحةً تحمل طيبَ السحرِ
وقف العمرُ لها معتذراً
وثنى الركبُ عنانَ السفرِ
*** ***
عندما أقفرتِ الدنيا جميعاً
لحتَ لي تحمل عمراً وربيعا
إن يكن حلماً تولى مسرعاً
أجمل الأحلام ما ولى سريعا
إن يكنْ ما كان دَيْناً يقتضيْ
خلني أدفعه عنك دموعا
قد شريناه عزيزاً غالياً
إن تكن بعتَ فإني لن أبيعا
*** ***
يا ندامى الحب سُمار الهوى
سكبوا لي السهدَ في ذاك الشراب
ارقوني أجرع السقم وبي
صفرة الكأس وأوهام الحباب
كلما تقبل أيام المنى
تنجلي النعماءُ عن ذاك السراب
وترى أياميَ الحيرى على
عرسها الضاحك أحزان الضباب
*** ***
لم أقيدك بشيء في الهوى
أنت من حبي ومن وجدي طليقْ
الهوى الخالص قيد وحده
رب حر وهو في قيد وثيقْ
مزّقت كفيك أشواكُ الهوى
وأنا ضقت بأحجار الطريقْ
كم ظميٍ يرتوي
وغريق مستعين بغريقْ
*** ***
يا ليالي العمر ما سر الليالي
البطيئات المملات الطوالِ
مسرعات مبطئات ولها
خفة الموت وأثقال الجبالِ
كاسفات البال عرجاء المنى
عاثرات الحظ شوهاء الظلالِ
عجباً للعمر يمضي مسرعاً
للمنايا بسلحفاة الملال (؟!)
*** ***
يا قمارى الروض في أيك الهوى
جفّتِ الورضةُ من بعد النديمْ
حل بالأيك خريفٌ منكرٌ
وظلال قاتماتٌ وغيومْ
ماتت الروضةُ إلا طائفاً
من هوى حي على الذكرى يقومْ
فإذا أنكر ما حل بها
فر يبغي سربَه بين النجومٍْ
شاهت الدنيا وجوهاً ورؤىً
وتولاها سهومٌ ووجومْ
يا عذارى الحسن في ظل الصبا
كل حسن بعد ليلاي دميمْ
يا نعيم العيش في ظل الرضا
آه لو أعرف ما طعم النعيمْ
أنكر الجنةَ قلبٌ ضجرٌ
أبدي النار موصول الجحيمْ
*** ***
طالما موهتُ بالضحك فما
غيَّر التمويهُ رأياً لك فيا
كلما تنظر في عيني ترى
سريَ الغافي ومعناي الخفيا
وترى في عمق روحي زهرةً
قد سقاها الحزنُ دمعاً أبديا
ويراه الناسُ طلا وترى
أنت دمعاً غائماً في مقلتيا
*** ***
يا فؤادي ما ترى هذا الغروبْ
ما ترى فيه انهيار العمرِ؟
ما ترى فيه غريقاً ذا شحوبْ
ينلاشى في خضم القدرِ؟
ما تراها اتأدتْ قبل المغيبْ
ورمتْ من عرشها المنحدرِ
لفتةَ الحسرةِ للشط القريبْ
قبل أن تسقط خلف النهرِ...
يا فؤادي قاتل اللهُ الضجرْ
وعذابي بين حل وسفرْ
ما ترى قنطرةً من بعدها
راحة ترجى وبال يستقرْ
ذلك الجرح وما أفدحه
ما عليه لو إلى السلوى عبرْ
قد طواه اليوم في بردته
وأتى الليلُ عليه فانفجرْ
*** ***
مرَّ يومي فارغاً منك ومن
أملِ اللقيا فما أتعسَ يومي
أنت يومي، وغدي أنت، وما
من زمان مرّ بي لم تكُ همي!
آهِ كم أغدو صغيراً، حاجتي
لكَ كالطفل إلى رحمةِ أمِّ
ولكم أكبر بالحب إلى أن
أغتدي مستشرقاً آفاق نجمِ
أي سرٍّ فيك إني لست أدري
كل ما فيك من الأسرار يغري
*** ***
خطرٌ ينسابُ من مفتر ثغر
فتنة تعصف من لفتة نحرِ
قدر ينسج من خصلة شعر
زورق يسبحُ في موجةِ عطرِ
في عباب غامض التيار يجري
واصلاً ما بين عينيك وعمري
*** ***
ذات ليلٍ والدجى يغمرنا
أترى تذكر إذ جزنا المدينةْ؟
كلما روعت من نار شجٍ
حر ما يصلى تلمست جبينَهْ
بيدٍ شفافة مثل الندى الرطبِ
تعيد النار بردا وسكينه
أيها الآسي لناري هذه
ما الذي تصنع بالنار الدفينه؟
أخيالاً كان هذا كلُّهُ
ذلك الجسر الذي كنا عليه؟
والمصابيح التي في جانبيه
ذلك النيل وما في شاطئيه؟
وشعاع طوفت في مائه
وظلالٌ رسبت في ضفتيه
وحبيب وادع في ساعدي
ووعود نلتها من شفتيه؟
رب لحن قص في خاطرنا
قصةَ الحادي الذي غنّى سهادَهْ
وكأن الصمت منه واحدةٌ
هيأتْ من عشبِها الرطبِ وسادَهْ
ها أنا عدت إلى حيث التقينا
في مكان رفرفت فيه السعادَهْ
وبه قد رفرف الصمتُ علينا
إنَّ في صمت المحبين عبادَهْ
رفرف الصمتُ ولكن أقبلتْ
من أقاصي السهلِ أصداءً بعيدَهْ
تتهادى في عبابٍ ساحرٍ
مرسلٍ للشطِّ أمواجاً مديدَهْ
كم نداء خافت مبتعد
تشتهي أذنُ الهوى أن تستعيدَهْ
عاد منساباً إلى أعماقها
هامساً فيها بأصداءٍ جديدَهْ
*** ***
رفرف الصمتُ ولكن ها هنا
كل ما فيك من الحسنى يغني
آه كم من وتر نام على
صدر عودٍ نومَ غاف مطمئنِ
وبه شتى لحون من أسى
وحنينٍ وأنينٍ وتمني
رقد العاصفُ فيه وانطوتْ
مهجةُ العودِ على صمتٍ مرنِ...
*** ***
هذه الدنيا هجيرٌ كلُّها
أين في الرضاء ظل من ظلالكْ
ربما تزخر بالحسن وما
في الدمى مهما غلت سر جمالكْ
ربما تزخر بالنور وكم
من ضياء وهو من غيرك حالكْ
لو جرت في خاطري أقصى المنى
لتمنيتُ خيالاً من خيالك
*** ***
أنا إن ضاقت بي الدنيا أفئْ
لثوانٍ رحبةٍ قد وسعتنا
إنما الدنيا عبابٌ ضمنا
وشطوطٌ من حظوظٍ فرقتنا
ولقد أطفو عليه قلقاً
غارقاً في لحظة قد جمعتْنا
كلما تترى المعاني أجتلي
خلف معناها لأسرارِك معنى
*** ***
ما الذي صبك صباً في الفؤادْ
ما الذي إن أقصِه عنيَ عادْ
طاغياً يعصفُ عصفاً بالرشادْ
ظامئاً سيان قرِب وبعادْ
ساهر العينين موصول السهادْ
ما الذي يجري لهيباً في الرمادْ
ما الذي يخلقنا من عدم
ما الذي يجري حياةً في الجمادْ
*** ***
كم حبيب بعدت صهباؤه
وتبقت نفحةٌ من حببِهْ
في نسيجٍ خالدٍ رغم البلى
عبث الدهرُ وما يعبث بِهْ
ما الذي في خصلة من شعرهِ
ما الذي في خطه أو كُتبِهْ
ما الذي في اثرٍ خلَّفه
من أفانين الهوى أو عجبِهْ
ما الذي في مجلس يألفه
عقد الحبُّ عليه موعدَهْ
ربما يبكي أسى كرسيُّهُ
إن نأى عنه وتبكي المائدَهْ
ربما نحسبها هشتْ إذا
عائدٌ هش لها أو عائدَهْ
ربما نحسبها تسألنا
حين نمضي أفراق لعدَهْ؟
*** ***
كم أعدت لك ستراً في الخفاء
وتوارت عن عيون الرقباء
كم أعدت نفسها وانتظرت
واستوت موحشة تحت السماء؟
وهي لو تملك كفا صافحت
كفَّك الحلوةَ في كل مساء
وهي لو تملك جوداً بذلت
كل ما تملك كفٌّ من سخاء
*** ***
رب كرم مده الليل لنا
فتواثبنا له نبغي اقتطافَهْ
وعلى خيمته أسوده
عربي الجود شرقي الضيافَهْ
وجد العرس على بهجته
وسناه دون ورد فأضافَهْ
ثم وارت يدَه جنيةٌ
وطوته بأساطير الخرافَهْ...
*** ***
أرج يعبق في أنحائه
حملته نحو عرشينا الرياحْ
كل عطر في ثناياه سرى
كان سرّاً مضمراً فيه فباحْ
يا لها من حقبة كانت على
قِصَرٍ فيها كآماد فساحْ
نتمنى كلما طابت لنا
أن يظل الليل مجهول الصباحْ
*** ***
يا فؤادي العمر سفرٌ وانطوى
وتبقتْ صفحة قبل النوى
ما الذي يغريك بالدنيا سوى
ذلك الوجه، وذياك الهوى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:02 am

امير الكمان


آه من لحنٍ سماوي
عجيب النغماتِ
أيها الساحر لم تضرب
بقوس، بل عصاة
يا أبا الفن المصفى
هات ألحانك هات
في شطوط النيل، مهد الفن،
مهد المعجزات
"الصّبا" في ريح "لبنان"
رقيق النفحات
"وحجاز راقص أو
مات من "شط الفرات"
نحن أبناء المعالي
نحن أبناء الغزاة
غننا لحن أبينا الشرق،
واهتف بالحُماة
هاتِ لحنَ الشرق . . ما
أجدره بالعبرات
هو أرض المجد، أرض الخـ
ـلد من بدء الحياة
هات لحن الشرق هات ..
هاتِ لحن الشرق هاتِ
رُب لحن قدسيٍّ
من جنان الخلد آتِ
جعل الأرواح في هيـ
ـكله مزدحمات
حشدَ العالم كالعُبَّاد
قاموا للصلاة
جَمَعَ الناسَ على
الحبِّ وأدنى من شتات




الحــياة


جلستُ يوماً حين حلَّ المساءْ
وقد مضى يومي بلا مؤنسِ
وارحمتاه للقويِّ الصبورْ
يقضي الليالي في كفاحٍ سخيفْ
إن الجمالَ الساحرَ الفاتنا
يا ويحه حين تغير الغضون
يا ربِّ غفرانك إنا صِغارْ
ندبّ في الدنيا دبيبَ الغرورْ
ويعبثُ الدهرُ بحلو الجنَى
وتستر الصبغةُ إثمَ السنينْ!
وارحمتاه للقويِّ الصبورْ
يقضي الليالي في كفاحٍ سخيفْ
يا حسرتا مما يلاقي العبادْ
أَكُلُّ هذا في سبيل الحياهْ؟!
وانظر إلى هذا القويِّ الجسدْ
الباترِ العزم الشديد الكفاحْ!
أجبتُ: يا دنياي من تخدعين؟!
إِني امرؤٌ ضاق بهذا الخداعْ
وهذه السيارةُ العاتيهْ
وربُها الجبارُ كالبرقِ سارْ
وارحمتاه للقويِّ الصبورْ
يقضي الليالي في كفاحٍ سخيفْ
كم صِحتُ إذا أبصرتُ هذا الجهادْ
ومبسم الذلة فوق الجباهْ
يا حسرتا مما يلاقي العبادْ
أَكُلُّ هذا في سبيل الحياهْ؟!
وفي سبيل الزاد والمأكل
نملأ صدرَ الأرضِ إعوالا
*** ***
قد أقبل الليلُ فحيّ الجلد
في رجلَ يدأبُ منذ الصباحْ
أجبتُ: يا دنياي من تخدعين؟!
إِني امرؤٌ ضاق بهذا الخداعْ
إن الجمالَ الساحرَ الفاتنا
يا ويحه حين تغير الغضون
*** ***
ما هي الا شُعَلٌ فانيهْ
نصيبُها مثلُ شعاع النهارْ!
وارحمتاه للقويِّ الصبورْ
يقضي الليالي في كفاحٍ سخيفْ
وكيف لا أبكى لكدح الفقيرْ
أقصى مناه أن ينال الرغيفْ!
كم صِحتُ إذا أبصرتُ هذا الجهادْ
ومبسم الذلة فوق الجباهْ
يا حسرتا مما يلاقي العبادْ
أَكُلُّ هذا في سبيل الحياهْ؟!
وفي سبيل الزاد والمأكل
نملأ صدرَ الأرضِ إعوالا
كم يسخر النجمُ بنا مِن عل
وكم يرانا اللهُ أطفالا!
يا ربِّ غفرانك إنا صِغارْ
ندبّ في الدنيا دبيبَ الغرورْ
نسحب في الأرض ذيولَ الصغارْ
والشيبُ تأديبٌ لنا والقبورْ!
أجبتُ: يا دنياي من تخدعين؟!
إِني امرؤٌ ضاق بهذا الخداعْ
مزَّقتِ عن عيشي هنيّ السنين
لأنني مزقتُ عنكِ القناعْ!
إن الجمالَ الساحرَ الفاتنا
يا ويحه حين تغير الغضون
ويعبثُ الدهرُ بحلو الجنَى
وتستر الصبغةُ إثمَ السنينْ!
وهذه السيارةُ العاتيهْ
وربُها الجبارُ كالبرقِ سارْ
ما هي الا شُعَلٌ فانيهْ
نصيبُها مثلُ شعاع النهارْ!
وارحمتاه للقويِّ الصبورْ
يقضي الليالي في كفاحٍ سخيفْ
وكيف لا أبكى لكدح الفقيرْ
أقصى مناه أن ينال الرغيفْ!
كم صِحتُ إذا أبصرتُ هذا الجهادْ
ومبسم الذلة فوق الجباهْ
يا حسرتا مما يلاقي العبادْ
أَكُلُّ هذا في سبيل الحياهْ؟!
وفي سبيل الزاد والمأكل
نملأ صدرَ الأرضِ إعوالا
كم يسخر النجمُ بنا مِن عل
وكم يرانا اللهُ أطفالا!
يا ربِّ غفرانك إنا صِغارْ
ندبّ في الدنيا دبيبَ الغرورْ
نسحب في الأرض ذيولَ الصغارْ
والشيبُ تأديبٌ لنا والقبورْ!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:03 am

الحنــين


أمسي يعذبني ويضنيني
شوقٌ طغى طغيانَ مجنون
أين الشفاء ولمَ يعد بيدي
إلاَّ أضاليلٌ تداويني
أبغي الهدوء ولا هدوء وفي
صدري عبابٌ غير مأمون
يهتاج إن لَجَّ الحنين به
ويئن فيه أنينَ مطعون
ويطل يضرب في أضالعه
وكأنها قضبان مسجون
ويحَ الحنين وما يجرعني
من مُرِّره ويبيت يسقيني
ربيتُه طفلاً بذلتُ له
ما شاء من خفضٍ ومن لينِ
فاليوم لمّا اشتدّ ساعدُه
وربا كنوارِ البساتينِ
لَم يرضَ غير شبيبتي ودمي
زاداً يعيشُ به ويفنيني
كم ليلةٍ ليلاءَ لازمني
لا يرتضي خلاً له دوني
ألفي له همساً يخاطبني
وأرى له ظلاً يماشيني
متنفساً لهباً يهبُّ على
وجهي كأنفاسِ البراكينِ
ويضمُنا الليلُ العظيمُ وما
كالليلِ مأوى للمساكينِ








الراهبة الباكية


لمن العيون الغائرات خشوعا
لمن النواظر قد صفت ينبوعا
وتكللت بالطهر مؤتلقَ السنا
وجلت لنا معنى الجمال رفيعا
مهلاً فتاة الدير والحسن الذي
تصبو له مهجُ العبادِ جميعا
الحسنُ من حق الورى وحملتِه
مستخفيا متأبيا ممنوعا!
في الدير مثواه وفي جنح الدجى
يتحدر الحسنُ الشهيدُ دموعا
يا مؤنس الدنيا فديتك موحشاً
تهتاج وجداً أو تضيق ضلوعا
تتحرق الدنيا عليك وربما
أوقدت نفسك في الظلام شموعا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:04 am

الزورق يغرق والملاح يستصرخ




أَيْنَ شَطُّ الرَّجَـاءْ
يَا عُبَابَ الهُمُومْ
لَيْـلَتِـي أَنْـوَاءْ
وَنَهَارِي غُيُـومْ
* * * ***
أَعْوِلِـي يَا جِـرَاحْ
أَسْمِعِي الدَّيَّـانْ
لا يَهُـمُّ الرِّيَـاحْ
زَوْرَقٌ غَضْبَـانْ
* * * ***
البِلَـى وَالثُّقُـوبْ
فِي صَمِيمِ الشِّرَاعْ
وَالضَّنَى وَالشُّحُوبْ
وَخَيَالُ الـوَدَاعْ
* * * ***
إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ
قَهْقِهِي يَا رُعُودْ
الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ
وَالْهَوَى لَنْ يَعُودْ
* * * ***
الأَمَانِـي غُـرُورْ
فِي فَمِ البُرْكَـانْ
وَالدُّجَـى مَخْمُورْ
وَالرَّدَى سَكْـرَانْ
* * * ***
رَاحَـتِ الأَيَّـامْ
بِابْتِسَامِ الثُّغُـورْ
وَتَوَلَّـى الظَّـلامْ
فِي عِنَاقِ الصُّخُورْ
* * * ***
كَانَ رُؤْيَـا مَنَـامْ
طُيْفُكِ الْمَسْحُورْ
يَا ضِفَافِ السَّـلامْ
تَحْتَ عَرْشِ النُّورْ
* * * ***
إِطْحَنِـي يَا سِنِيـنْ
مَزِّقِـي يَا حِرَابْ
كُلُّ بَـرْقٍ يَبِيـنْج
وَمْضُـهُ كَذَّابْ
* * * ***
إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ
قَهْقِهِي يَا غُيُوبْ
الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ
وَالْهَوَى لَنْ يَؤُوبْ




الغريب


يا قاسيَ البعد كيف تبتعدُ
اني غريبُ الديارِ منفردُ
إن خانني اليومُ فيك قلت غداً،
وأين مني ومن لقاك غدُ
إنّ غداً هوةٌ لناظرها
تكاد فيها الظنون ترتعدُ
أطل في عمقِها أسائلها
أفيك أخفى خيالَهْ الأبدُ
ألامس الجرحَ ما الذي صنعتْ
به شفاهٌ رحيمةٌ ويدُ
ملء ضلوعي لظى واعجبُهُ
اني بهذا اللهبِ ابتردُ
يا تاركي حيث كان مجلسنا
وحيث غنَّاك قلبيَ الغرِدُ
أرنو إلى الناس في جموعِهم
أشقتهمُ الحادثاتُ أم سعدوا
تفرقوا أم بها احتشدوا
وغوَّروا هابطين أم صعدوا
اني غريبٌ تعال يا سكني
فليس لي في زحامِهم أحَدُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:04 am

العـائد


أجرْ غربتي أيها العائدُ
فقد ملّني الداءُ والعائدُ
أجرْ غربتي فبلادي الهموم
وليلٌ بطيء الخطى راكدُ
تقاسمني في نواك الديار
وأنتَ لي الوطن الواحدُ
محياك داري ومنك نهاري
إذا ضمك الصدرُ والساعدُ
أجرْ شفتي من عذاب الظما
أما أذن اللهُ أن ترحما!
أتمعن في الهجر حتى ترانا
بكينا دما واحترقنا فما؟
ولي رمقٌ صنتُهُ كي أراك
فاشفِقْ على رمقي ريثما
إذا طلب الحبُّ برهانَهُ
من الموت لبَّيتُ كي تعلما..
لياليّ مرت هباء عقيما
فهل تتوالى البواقي سدى؟
أسائل جرحيَ عمن جناهُ
وارنو فاستخبر العودا
فما اطلعوا اليوم بالبشريات
ولا عللوا بالتلاقي غدا...
فلما تنكرَ حتى المحب
تلفت أسألُ عنك العدا
*** ***
سلام على غائب عن عيوني
حملت حطامي إلى دارهِ
وقلت لقلبي تمهل بنا
وخبئ شقاءَك أو دارهِ
تناسَ الأسى ها هنا أو يقال
حملتَ الظلامَ لأنوارهِ...
أتغدو إلى عتبات النعيم
بلفحِ الجحيم وإعصاره!..




العـــــودة


هذه الكعبةُ كنّا طائفيها
والمصلّين صباحاً ومساءَ
دار أحلامي وحبي لقيتنا
في جمود مثلما تلقى الجديد
رفرف القلبُ بجنبي كالذبيحْ
وأنا أهتف : ياقلب اتَّئِـدْ
لمَ عُدْنَا؟أولَمْ نَطو الغَرَامْ
وفَرَغْنَا مِن حنينٍ وألَم
أيها الوكر إذًا طارَ الأليفْ
لا يَرَى الآخرُ معنىً للسماءْ
والبلى ! أبصِرتُه رأيَ العيانْ
ويداه تنسجان العنكبوتْ
وطني أنتَ ولكني طريدْ
أبديُّ النفي في عالَمِ بؤسي !
والبلى ! أبصِرتُه رأيَ العيانْ
ويداه تنسجان العنكبوتْ
ركني الحانَي ومغنايَ الشفيقْ
وظلالُ الخلدِ للعاني الطليحْ
كلما أرسلتُ عيني تنظرُ
وثبَ الدمعُ إلى عيني وغامَا
فإذا عدتُ فللنجوى أعودْ
ثم أمضي بعدما أفرِغُ كأسي !
وأناخَ الليلُ فيه وجثَم
وجرَت أشباحُه في بهوهِ
صحتُ! يا ويحك تبدو في مكانْ
كل شىء فيه حيٌّ لا يموت !
وأنا أسمع أقدامَ الزمنْ
وخُطى الوحدةِ فوق الدرج
وأنا أسمع أقدامَ الزمنْ
وخُطى الوحدةِ فوق الدرج
ركني الحانَي ومغنايَ الشفيقْ
وظلالُ الخلدِ للعاني الطليحْ
موطنُ الحسنِ ثوى فيه السأمْ
وسرت أنفاسُه في جوَّهِ
علم اللهُ لقد طال الطريقْ
وأنا جئتك كيما أستريح
وعلى بابِك ألقي جَعبتي
كغريبٍ آبَ من وادي المحنْ
وأناخَ الليلُ فيه وجثَم
وجرَت أشباحُه في بهوهِ
افيك كف اللهُ عني غربتي
ورسا رحلي على أرضِ الوطن !
وطني أنتَ ولكني طريدْ
أبديُّ النفي في عالَمِ بؤسي !
فإذا عدتُ فللنجوى أعودْ
ثم أمضي بعدما أفرِغُ كأسي !
والبلى ! أبصِرتُه رأيَ العيانْ
ويداه تنسجان العنكبوتْ
صحتُ! يا ويحك تبدو في مكانْ
كل شىء فيه حيٌّ لا يموت !
كل شىء فيه من سرورٍ وحَزَنْ
والليالْي من بهيجٍ وشجى
وأنا أسمع أقدامَ الزمنْ
وخُطى الوحدةِ فوق الدرج
ركني الحانَي ومغنايَ الشفيقْ
وظلالُ الخلدِ للعاني الطليحْ
علم اللهُ لقد طال الطريقْ
وأنا جئتك كيما أستريح
وعلى بابِك ألقي جَعبتي
كغريبٍ آبَ من وادي المحنْ
افيك كف اللهُ عني غربتي
ورسا رحلي على أرضِ الوطن !
وطني أنتَ ولكني طريدْ
أبديُّ النفي في عالَمِ بؤسي !
فإذا عدتُ فللنجوى أعودْ
ثم أمضي بعدما أفرِغُ كأسي !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:05 am

الـمــآب


(رفيق من رفاق الصِّبا، رآه الناظم
عليلا محمولاً بعد غربة طويلة)
خاطبتُ عنك فما تركتُ مخاطباً
وسألتُ حتى لم أدْع مسؤولا
صدأُ الحوادثِ بدّل الاشراقَ في
فكري وكدّر خاطري المصقولا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا
وتتابعُ الأنواءِ في أفَق الصّبا
لم يُبقِ لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحةٌ
مدت لنا ظلَ الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا!
ويثور بي حُبي فإنْ لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا
وتتابعُ الأنواءِ في أفَق الصّبا
لم يُبقِ لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحةٌ
مدت لنا ظلَ الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا!
ويثور بي حُبي فإنْ لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
ويثور بي حُبي فإنْ لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
وتتابعُ الأنواءِ في أفَق الصّبا
لم يُبقِ لي صحواً أراه جميلا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحةٌ
مدت لنا ظلَ الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا!
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا!
ويثور بي حُبي فإنْ لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
ويثور بي حُبي فإنْ لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحةٌ
مدت لنا ظلَ الوفاء ظليلا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا!
ويثور بي حُبي فإنْ لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا


الفراشة


أجلْ! يعلم الحبُّ أني لظاهُ
وتدري الفراشة أنِّي اللهبْ
وبين ذراعيَّ سرُّ الحياةِ
وفي ناظريَّ بريقُ الشُّهُبْ
وشتّان بين السنا والظلا
مِ لعابدةٍ للسنا عن كثبْ!
يلوح لها شبحٌ لِلعذاب
ويبدو لها الأبدُ المقتربْ
فراشة روحي تعاليْ وُثوباً
ستلقين قلباً إليكِ يثبْ
وفي صدرها لهفة للعناقِ
وفي قلبها جنةُ المغتربْ
يلوح لها شبحٌ لِلعذاب
ويبدو لها الأبدُ المقتربْ
كأن اللظى قدَحٌ من سلافٍ
لها فوقه وثباتُ الحببْ
فراشة روحي تعاليْ وُثوباً
ستلقين قلباً إليكِ يثبْ
إذا ما امتزجنا احترقْنا معاً
ونلنا الخلود بهذا العطَبْ!!








الشــكوى


بي ما تحسّ وفي فؤادكِ ما بي
فتَعال نبكِ أيا نجيَّ شبابي
أنكرت بي ناري عشية لاَمَسَتْ
شفاتي مِنْكَ أناملَ العنابِ
وسألتَ ما صمتي وما اطراقتي
وعَلاَم ظلَّت حيرة المرتابِ
أقبِلْ لأقسمَ في حياتي مرةً
ان الذي أُسقاه ليس بصابِ
مَنْ أنتَ؟! من أيِّ العوالم ساخرٌ
مستأثرٌ بأعنة الألبابِ؟
ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ
فانٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟
دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها
من ليل آثامٍ لصبح متابِ
يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه
الساحر النور الطهور رحابِ
قدمتُ قرباني إِليك بقية
من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ
حدَّثتُ نفسي إِذ رأيْتُكَ بادياً
وأطَلْتَ تسآلي بغير جوابِ
ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ
فإنٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟
ما يصنع الأبرارُ بالأرض التي
ساوت من الأبرار والأوشابِ؟
دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها
من ليل آثامٍ لصبح متابِ
تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي
عند التراب رخيصةً كترابِ!
يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه
الساحر النور الطهور رحابِ
لا صدقَ إلاَّ في لهيبك وحده
وجلالُه الباقي على الأحقابِ
قدمتُ قرباني إِليك بقية
من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ
وَأَذبْتُ جوهَرَهَا فدَاءَ نَوَاظِر
قُدْسِيَّةٍ، عُلويّةِ المحرابِ!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:06 am

الـغــد


**
أنا في بُعْدِكَ مفقودُ الهُدَى
ضائعٌ أعْشُو إلى نورٍ كريمِ
لا تقُلْ لي في غدٍ موعدُنا
فالغدُ الموعُودُ ناءٍ كالنجومِ!
عَبَرَتْ بي نَشوةٌ مِن فَرَحٍ
فَرَقَصْنَا أنا والقلبُ سُكَارَى
سنَذمُّ النورَ حتى يَتَلاشى
ونذمُّ الليلَ حتى يتوارَى!
فركبنا الوهمَ نبغي دارَها
وطوينا الدهرَ والعالَم طَيَّا
ولقينا الحسنَ غَضّاً والصِّبَا
وتملَّيْنَا الجلالَ الأبدِيَّا
أتراها خدعةً حاقت بنا؟!
أتراها ظِنةً مما ظَنَنَا؟
إذِنَ اللهُ به بعد النوى
فثوينا واسترحنا وأمِنّا!
أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى!
اعف عن لهفةِ روحي وأواري
غير أني كلّما امتدت يدي
لعناقٍ جِفتُ أن تؤذيكَ ناري!
ملكت قلبي ولُبي رهبةٌ
عصفت بالقلب واللُّبِّ جميعَا
وحبيسٍ من عتاب في فمي
قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا!
واختفتْ تلك الرُّؤَى عن ناظري
وطواها الغيبُ في سِحْريِّ بُرْدِ
وإِذا بي غارقٌ في محنَتي
وبلائي، أقطعُ الأيامَ وَحْدٍي
ودَع الصدق لمن ينشده
الحجى خمصيَ فاغمرْ بالضلالِ
يا جِنانَ الخًلْدِ قَدَّمْتُ اعتذاري
إِذ يَطوف الخلدَ سقمى ودَماري
خلِّني بالشوقِ أستدني غداً
فغداً عندي كآبادٍ طوالِ!
أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى!
اعف عن لهفةِ روحي وأواري
أشتهي ضَمَّكَ حتى أشتفي
فكأني ظامىءٌ آخذ ثاري!
غير أني كلّما امتدت يدي
لعناقٍ جِفتُ أن تؤذيكَ ناري!
أيها النورُ سًَلاماً وخشوعاً
أيها المعْبَدُ. صَمْتاً ورُكُوعَا
ملكت قلبي ولُبي رهبةٌ
عصفت بالقلب واللُّبِّ جميعَا
رُبَّ قول كنتُ قد أعددتُه
لكَ إِذ ألقاك يأبى أن يطيعَا
وحبيسٍ من عتاب في فمي
قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا!
لذعتني دمعة تلفح خدي
نبهتني من ضلالٍ ليس يُجْدِي
واختفتْ تلك الرُّؤَى عن ناظري
وطواها الغيبُ في سِحْريِّ بُرْدِ
وتَلَفَّتُّ فلا أنت ولا
جنةُ الخلد ولا أطيافُ سَعْدِ
وإِذا بي غارقٌ في محنَتي
وبلائي، أقطعُ الأيامَ وَحْدٍي
هاتِ قيثاري ودَعْني للخيالِ
واسقني الوهْمَ! وعَلِّلْ بالمحالِ!
ودَع الصدق لمن ينشده
الحجى خمصيَ فاغمرْ بالضلالِ
وخُذ الأنوار عنّي، ربما
أجدَ الرحمةَ في جوفِ الليالي
خلِّني بالشوقِ أستدني غداً
فغداً عندي كآبادٍ طوالِ!




الفراق


يا ساعة الحسرات والعبرات
أعصفت أم عصف الهوى بحياتي
ما مهربي ملأ الجحيم مسالكي
وطغى على سُبُلي وسد جهاتي
من أي حصن قد نزعت كوامنا
من أدمعي استعصمن خلف ثباتي
حطمت من جبروتهن فقلن لي
أزف الفراق فقلت ويحك هاتي
أأموت ظمآناًوثغرك جدولي
وأبيت أشرب لهفتي وولوعي
جفت على شفتي الحياة وحلمها
وخيالها من ذلك الينبوع
قد هدني جزعي عليك وادعي
أني غداة البين غير جزوع
وأريد أشبع ناظري فأنثني
كي أستبينك من خلال دموعي
هان الردى لو أن قلبك دار
أأموت مغترباً وصدرك داري
يامن رفعت بناء نفسي شاهقاً
متهلل الجنبات بالأنوار
اليوم لي روح كظل شاحب
في هيكل متخاذل الأسوار
لو في الضلوع أجلت عينك أبصرت
منهارة تبكي على منهار
لا تسألي عن ليل أمس وخطبه
وخذي جوابك من شقي واجم
طالت مسافته علي كأنها
أبد غليظ القلب ليس براحم
وكأنني طفل بها وخواطري
أرجوحة في لجها المتلاطم
عانيتها والليل لعنة كافر
وطويتها والصبح دمعة نادم 






الــزائـر


يا للحبيبِ المفدَّى
غداةَ زار وسلَّمْ
مستَحيياً والهوى في
ركابه يتضرَّمْ
وصامتاً وهو أيكٌ
بألفِ شدوٍ ترنَّمْ
ناداه قلبي! وناجاه
خاطري! وهو يعلَمْ
يا مطلعَ السحر والنور
والجمال! تكَلَّمْ!
أبِنْ! وإلا أعنْ قلبي
الممزَّقَ وارحَمْ!
يا غازياً القلب
وهو حصنٌ مُحَطَّمْ
لمَّا طلعت عليه
وهَى وأَنَّ وسلَّمْ
يا فتنة تتهادى
ورحمة تتبسَّمْ
إن لم يكن لي رجاءٌ
ولا لحظيَ مغنمْ
أو لَمْ يعُدْ لي نصيبٌ
دعني بحسنك أحلمْ!






النسيان


حان الشفاءُ فودع الألما
واستقبل الأيامَ مبتسما
ضيفٌ من السلوان حل بنا
حدبُ اليدين مباركٌ قدما
أو ما ترى الضيفَ الذي قدما
يطوي الغيوبَ ويذرعُ الظلما
في كفِهِ كأسٌ يقدمها
تمحو العذابَ وتغسلُ الندما
فاشربْ ولا ترحمْ ثمالتَها
لهفي عليك شربتَ أي ظما
فيض من النسيان يغمرني
اني لأحمد سيله العرما
مستسلماً للموج يغمرني
فرحان حين أعانقُ العدما
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:07 am

الـوداع


حان حرماني وناداني النذيرْ
ما الذي أعدّدْتُ لي قبل المسيرْ
زمني ضاع وما أنصفتني
زاديَ الأولُ كالزاد الأخيرْ
ريّ عمري من أكاذيبِ المنى
وطعامي من عفافٍ وضميرْ
وعلى كفِك قلبٌ ودمٌ
وعلى بابِك قيدٌ وأسيرْ!
حانَ حرماني فدعني يا حبيبي
هذه الجنةُ ليستْ من نصيبي
آه من دارِ نعيمٍ كلما
جئتها أجتازُ جسراً من لهيبِ
وأنا إلفك في ظل الصِّبا
والشباب الغضِّ والعمرِ القشيبِ
أنزلُ الربوةَ ضيفاً عابراً
ثم أمضي عنك كالطيرِ الغريبِ
لِمَ يا هاجرُ أصبحتَ رحيما
والحنانُ الجمُّ والرقةُ فيما؟!
لِم تسقينيَ من شهدِ الرضا
وتلاقيني عطوفاً وكريما
كلُّ شيء صار مرّاً في فمي
بعدما أصبحتُ بالدنيا عليما
آه من يأخذُ عمري كلَّه
ويعيدْ الطفلَ والجهلَ القديما!
هل رأى الحبُّ سكارى مثلنا؟!
كم بنينا من خيالٍ حولنا!
ومشينا في طريق مقمرٍ
تثبُ الفرحةُ فيه قبلنا!
وتطلعنا إلى أنجمه
فتهاوين وأصبحنَ لنا!
وضحكنا ضحك طفلينِ معاً
وعدونا فسبقنا ظلنا!
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق
وأفقنا. ليتَ أنا لا نفيقْ!
يقظةٌ طاحت بأحلامِ الكَرَى
وتولّى الليلُ، واللَّيْلُ صَدِيقْ
وإذا النُّورُ نَذِيرٌ طَالعٌ
وإِذا الفجرُ مُطِلٌّ كالحَرِيقْ
وإذا الدُّنيا كما نعرفُها
وإذَا الأحْبَابُ كلٌّ في طَريق
هاتِ أسعدْني وَدَعْني أسْعدُكْ
قَدْ دَنا بعدَ التَّنائي موردُكْ
فأذقنيه فإِني ذاهِبٌ
لا غدي يُرجَى ولا يُرجَى غدُكْ
وا بلائي من لياليَّ التي
قرَّبَتْ حَيْني وراحَتْ تبعِدُكْ!
لا تَدَعْني للَّيالي فغداً
تجْرَحُ الفُرْقةُ ما تأسو يَدُكْ!
أزف البينُ وقد حان الذّهابْ
هذه اللَّحظةُ قُدَّت مِن عَذَابْ
أزف البينُ، وهل كان النَّوى
يا حبيبي غير أن أغْلق بابْ ؟!
مَضتِ الشّمْشُ فأمسيتُ وقد
أغلقت دونيَ أبوابُ السَّحابْ
وتلفَّتُّ على آثارِهَا
أسْألُ اللَّيْلَ! ومَنْ لي بالجوابْ؟!




النـاي المحــترق


كم مرَّة يا حبيبي
والليل يغشي البرايا
أهيم وحدي وما في
الظلامِ شاكٍ سوايا
أصيِّرُ الدمعَ لحناً
وأجعَلُ الشعرَ نايا
وهل يلبّي حطام
أشعلته بجوايا
النارَ توغل فيه
والريحُ تذرو البقايا
ما أتعسَ الناي بين المنى
وبين المنايا
يشدو ويشدو حزيناً
مرجعاً شكوايا
مستعطفاً مَنْ طوينا
على هواه الطوايا
حتى يلوح خيالٌ
عرفته في صبايا
يدنو إلى وتدنو
من ثغره شفتايا
إذا بحملي تلاشى
واستيقظت عينايا
ورحت أصغي. وأصغي
لَم أُلْفِ إلاَّ صدايا!








القافلة الصغيرة


تعالَ سلِ القبيلةَ والجمالا
لأيةِ غايةٍ شدوا الرحالا
وكيف تبدلوا أرضاً بأرضٍ
وكيف تغيروا حالا وحالا..
تطلعتِ العيونُ لعل ماءً
يتاحُ على الهواجرِ أو ظلالا
ومدّ الشيخُ في الصحراء لحظاً
كلحظ الصقرِ في الآفاق جالا
كأن بنيه سقما أو هزالا
خيال جر هيكلهُ خيالا
أقافلة الحياة أريتنينها
فلم ترَ مثلها عيني مثالا
أجل هي نحن في الدنيا حيارى
وما ندري لقافلةٍ مآلا
رأيتُ حياتَنا. كم من غريب
على جنبيه بالإعياء مالا
وكم من سائلٍ لم يلقَ ردا
وقد سأل الهواجرَ والرمالا
فإن تجب القفار عليه يوماً
تردّ له سوافيها السؤالا
أقافلة الحياة أريتنيها
خيالا أو ضلالا، أو محالا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:08 am

القرية


حبذا الريف والخلائق فيه
ضاحكات الوجوه تفترّ سحرا
من يراه وقد تبيّن فيه
زمراً في الزّحام تحشر حشرا
يحسب الضيق آخذاً في حماه
بخناق، ويحسب القوم أسرى
وهم النور والمحبة والقلب
طليقاً مع النسائم حُرا
منظر تلمح البساطة فيه
وترى طيبةً وبشراً وطهرا
منظرٌ تلمح السعادة فيه
لا تقل لي أرى شقاء وفقرا
انظر الجرة التي خلفوها
وانظر النيل ضاحكاً مفترا
عبدوا النيل مذ قديم وألقوا
كل عام له عروساً بكرا
مصر سحر ورقة وصفاء
لِمَ لا يعبد المحبون مصرا؟




اذكري


اذكري ذاك المساءَ
كيف كنا سعداءَ
لم يدعْ عنديَ همّاً
ومحا عنك الشقاءَ
ملأ الدنيا صفاءَ
عندما شئتِ وشاءَ
أحسن الدهرُ إليْنا
بعدما كان أساءَ
كلما أقبلت السحب
فظلَّلن السماءَ
قاتمات غائمات
يتهادينَ بطاءَ
لاح نجمٌ من بعيد
فتجلى وأضاءَ
وتصدّى قمرٌ راح
على الأرضِ وجاءَ






اثنان في سيارة


العمرُ أكثرهُ سدى وأقلُّهُ
صفوٌ يتاحُ كأنه عمران
كم لحظةٍ قصرت ومدت ظلَّها
بعد الذهاب كدوحة البستانِ
ويمر في الذكرى خيالُ شباَبها
فكأن يقظَتها شبابٌ ثاني
مَنْ ذلك الطيف الرقيق بجانبي
كفّاه في كفَّيَّ هاجعتانِ
لكأننا والأرضُ تُطوى تحتَنا
نجمان في الظلماءِ منفردانِ
لكأننا والريحُ دونَ مسارنا
خطان في الأقدارِ منطلقان
إني التفت إلى مكانك بعدما
خليتهِ فبكيتُ سوء مكاني
هل كان ذاك القربُ إلاَّ لوعةً
ونداء مسغبةٍ إلى حرمان
حمى مقدرة على الإنسان
تبقى بقاء الأرض في الدورانِ
وكأنما هذي الحياة بناسها
وضجيجها ضرب من الهذيانِ


استقبال القمر


أَقبِلْ بموكبك الأغَرْ
ما أظمأَ الأبصارَ لكْ!
تضمي وراءَ سحابةٍ
تحنو عليك وتلثمُكْ
كن حيث شئتَ فما أنا
إلاَّ معنَّى بالمحال
وأقول صبراً كَّلما
عزً الفكاك على الأسيرْ
مهما تسامى موضعُكْ
وعلا مكانُك في الوجودْ
قمرَ الأماني يا قمر
إني بهمٍّ مسقمِ
أفرِغ خلودَكَ في الشبابْ
واخلعْ على قلبي الصفاءْ
خذني اليك ونجّني
مما أعاني في الثرى
مهما تسامى موضعُكْ
وعلا مكانُك في الوجودْ
فأنا خيالُك أتبعُكْ
ظمآن أرشفُ ما تجودْ!
قمرَ الأماني يا قمر
إني بهمٍّ مسقمِ
أنت الشفاءُ المدَّخرْ
فاسكب ضياءك في دمي
أفرِغ خلودَكَ في الشبابْ
واخلعْ على قلبي الصفاءْ
أسفاً لعمرٍ كالحبابْ
والكأسُ فائضة شقاءْ
خذني اليك ونجّني
مما أعاني في الثرى
قدحي ترنَّق فاسقني
قدح الشعاع مطهّرا!




بعد الفراق


(1)
أجل! أهواكِ أنتِ مُنى حياتي
وأنت أحب من بصري وسمعي
وهل أنساكِ كلا لست أنسى
هوى قد كان إلهامي ونبعى
لبست من التصبرِ عنكِ درعا
فها أنا تنزعُ الأيامُ درعى
وها أنا لست أدري عنك سرا
عرفتِ محبتي ورأيتِ دمعي
تلاشت قوتي وغدا فؤادي
كأن خفوقَه خلجاتُ نزعِ
ابشره فيرقص في ضلوعي
وأنظرُ سودَ أيامي فأنعي
وقد نضبَ الخيالُ وغاض طبعي
ومات على حياض اليأسِ زرعي
أجرجرُ وحدتي في كل حشدٍ
وأحمل غربتي في كل جمع
(2)
مزَّقَته فصار والله لا يقدر
حتى أن يسأل اللهَ رفقا
لجةٌ بعد لجةٍ كلما صارع
ردت له أمانيهِ غرقى
فيلقٌ بعد فيلقٍ حجب الشمس
ولم يبقِ للنواظر أفقَا
وسنانُ الغروب تغزوه حمرا
وسنانُ العذاب تطعن زرقا
وجيوشُ الظلامِ تزحفُ زحفاَ
وثقالُ الأقدامِ تسحقُ سحقا...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:09 am

بطل الأبطال


بطل الأبطال من أرض الهرمْ 
لبس الغار وجلّى وغنمْ
كيف تذرون عليه دمعكم
وهو وضاحُ المحيا يبتسمْ
كيف يبكي منكم الباكي على
عَلَمٍ لف شهيداً في عَلَمْ
يا شباب النيل فتيان الحمى
وحماة الدار أشبال الأجمْ
زعموكم أمة هازلة
كذب الزاعمُ فيما قد زعمْ
تتحداهم على طول المدى
ثورة نكراء شبت تلتهمْ
ومقال الدهر عنا في غد
وحديث المجد عن عبدالحكمْ
كم أغر في بواكير الصبا
ناضر يسحب أذيال النعمْ
طبعه الجود فلما هتفت
مصر تدعوه تناهى في الكرمْ
قدم الورحَ اليها ومشى
ثابت الخطوةِ جبارَ القدمْ
كلفتهُ اليقظةُ الكبرى بها
همة ترعى وعيناً لم تنمْ
جشمته خطة دامية
وعرة المسالك حفت بالألمْ
يجد الموتُ بها لدته
ويرى العار إذا المرء سلمْ
يا لهذي الجنة الفيحاء كم
فتحت قبراً لباغٍ قد ظلم
يصبح الصبحُ على هذي الربى
فإذا الورد ضحوك في الأكمْ
فإذا أمسى المساء انقلبت
فوهة شعواء ترمي بالحممْ
لست تدري إذ تراها ظمئت
فروى الأحرار واديها بدمْ...
ذاك لون الورد أم لون الردى
الجاثم أم لون الحميم المضطرم!
يا شباب النيل فتيان الحمى
وحماة الدار أشبال الأجم
حطموا القيد الذي حطمكم
واجعلوا أمتكم فوق الأمم
وإذا استشهد منكم بطل
جاده الغيث وحيته الديم
ولقد أدى لمصر دينه
ذلك الفادي، ووفى بالقسم..
















بقايا حلم 


آهِ من وجْدك بالهاجر آه 
تتمنى أن تراه؟ لن تراه!
خدعَتْنا مقلتاهُ خدعتْنا
وجنتاه خدعتنا شفتاهْ
والذي من صوته في مسمعي
وخيالي غادرٌ حتى صداهْ
حلم مرَّ كما مر سواه
وكذا الأحلام تمضي والحياهْ
*** ***
أين يا ليلاي عهد الهرم
أين يا ليلاي حلو الكلِم؟
هامسات بين أذني وفمي
سارياتٍ غرداتٍ في دمي
كلمات عذبة معسولة
ضيَّعت وارحمتا للقسمِ
ذهبت مثل ذهاب الحلم
إنني أعلم ما لم تعلمي
كيف صدَّقنا أضاليلَ الهوى
بنُهى طفل وإحساس صبي؟
حسبُنا منه سماء لمعتْ
فوق رأسينا وكوخ خشبي
حلم ولّى ووهم لم يدُم
ما تبقّى غير خيط ذهبي!
*** ***
ذات يوم في أصيل فاتن
ذابت الشمسُ فسالت ذهبا
كست النيلَ نُضاراً وانثنَتْ
تغمر الصحراء نخلاً وربى
ما على الجيزة أن قدم أبصرتْ
شفقي معتنقاً فجر الصبا
قد رأتنا مثل طيفَيْ حلمٍ
ما عليها أقبلا أم ذهبا!
*** ***
قلتُ هيا! قلتِ نمشي سرْ فما
من طريق طال لا نذرعهُ
قلتُ والعمر بعيني كالكرى
وأنا في حلم أقطعهُ
جمع الدهرُ حبيباً وامقاً
بحبيب وغداً ينزعهُ
أطريقان: طريق دونه
في حياتي وطريق معهُ؟
*** ***
كلما خلَّى حبيبي يده
لحظة قلت وحبّي أبقِها!
أبقها أنفض بها خوف غدٍ
وأحسَّ الأمن منها وبها
أبقها أشددْ بها أزري إذا
ضعُف الأزرُ أو العزمُ وهي
أبقها أُومنْ إذا لامستها
أن حبي ليس حلماً وانتهى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:10 am

الطائر الجريح


أيُّ جوادٍ قد كبا
وأيُّ سيفٍ قد نبا
تعجبتْ زازا وقد
حقَّ لها أن تعجبا
لما رأتْ فيَّ شحوب
الشمسِ مالت مغربا
وهي التي زانت مشيبي
بأكاليل الصِّبا
وهي التي قد علّمتْني
حين ألقى النُّوبا
كيف أُداري النابَ إن
عضَّ وأخفي المخلبا
لاقيتُها أرقصُ بشراً
وأُغني طربا
وهي التي تهتك سِتْرَ
القلبِ مهما انتقبا
لا مغلقاً تجهله
يوماً ولا مُغَيّبا
في فطنةٍ تومضُ حتّى
تستشفَّ ما خبا
رأتْ وراء الصدرِ طيراً
قلِقاً مضطربا
في قفصٍ يحلمُ بالأفقِ
فيلقى القُضُبا
إنَّ زماناً قد عفا
وإنَّ عمراً ذهبا
وصيّرتْهُ طارقاتُ
السقمِ وَقراً متعبا
ورنَّقتْ موردَهُ
أنّى له أن يَعُذبا؟
إني امرؤٌ عشت زماني
حائراً معذَّبا
عشت زماني لا أرى
لخافقي منقلبا
مسافراً لا قوم لي
مبتعداً مغتربا
مشاهداً عَلِّيَ في
مسرحِهِ أن ارقبا
رواية مُلَّت كما
مُلَّ الزمانُ معلبا
وظامئاً مهما تُتَحْ
موادٌ أن أشربا
وجائعاً لا زادَ في
دناي يشفي السغبا
فراشة حائمة
على الجمال والصبا
تعرَّضت فاحترقت
أُغنية على الربى
تناثرت وبعثرت
رمادها ريح الصّبا
أمشي بمصباحي وحيداً
في الرياح متعبا
أمشي به وزيتُه
كاد به أن ينضبا
وشد ما طال الصراع
بيننا واحربا
ريحُ المنايا تقتضيني
نسماتي الخُلّبا
وليس بالأحداث فيما
قيل أو ما كتبا
كالعمر والسقم إذا
تحالفا واصطحبا
لولاك ما قلت لشيء
في الوجود مرحبا
ولم أَجد ركناً غنّياً
بالحنانِ طيِّبا
أنتِ التي أقمت مر
فوعَ البناءِ من هَبا
وإنني الصخرُ الذي
أردتِ أن لا يُغلبا
ويضرب البحرُ عليه
موجَه منتحبا
علمتِ يأسي وجنوني
وجهلتِ السببا
يا أملي إنك يأسُ
القلبِ مهما اقتربا
يا كوكباً مهما أكن
من بُرجه مقرَّبا
فإنه يظل في السَّمْتِ
البعيدِ كوكبا
وأين مني فلك
قد عزّني مطَّلبا
ليس إلى خياله
إلا السهاد مركبا
أستبطئُ الريحَ له
وأستحثُّ الكتبا
ولو طريق حبّه
على القتاد والظُّبا
وقيل للقلب هنا الموتُ
فعُدْ تسلم أبى
إني امرؤٌ عشتُ زماني
حائراً معذّبا
لا أحسِب الأيام فيه
أو أعُدُّ الحِقبا
ضقتُ بها كيف بمن
ضاق بها أن يَحسبا
تغيّرتْ واختلفتْ
وسائلاً ومطلبا
وارتفعتْ وانخفضتْ
طرائقاً ومأربا
سلوت على الحالين حُمْلاناً
بها وأذؤُبا
وشاكلتْ لناظري
سهولَها والهُضُبا
دخلتها غِرّاً وعدت
فانياً مجرِّبا
لا أسأل الأيام عن
أعمالها معَقِّبا
إن كان هذا الدهر فيما
جرَّه قد أذنبا
فإنه تاب وأدَّى
وعدَهُ المرتقبا
لقاكِ ماحٍ للذنوب
كيف لي أن أعتبا
ضممتُ عطْفيْكِ غداة
الروع أبغي مهربا
كم خفتُ من أن تذهبي
وخفتِ من أن أذهبا
كأن طفلاً خائفاً
في أضلعي حلَّ الحُبى
يضرب ما اسْتطاع على
جدرانها أن يضربا
يكافحُ الأمواجَ أو
يصرعُ جيشاً لجبا
إن بَعُد الشطُّ فقد
آن له أن يقرُبا
أنتِ الحياةُ والنجاةُ
والأمانُ المجتبى




القمة


يا أيُّها العالي الغفورُ الصفوحْ
هل ترحم القمَّةُ ضعْف السُّفوحْ
تاجُك في النور غريقٌ وفي
عرشك غبَّى كل نجمٍ صَدُوحْ
وأين هامات الربى نُكِّسَتْ
من هامةٍ فوق مُنيفِ الصُّروحْ؟
وأين أوراقٌ خريفيّةٌ
أرْجَحَها الشكُّ فما تستريحْ
من باسقٍ راسٍ به خضرَةٌ
ثابتةُ الرأي على كل ريحْ
بَرئتَ من هذي الوهادِ التي
نَغْدُو على أنّاتِها أو نروحْ
وأين في مبتسمات الذرى
برق الأماني من وميض الجروحْ؟
أصغِ لهذي الأرضِ واسمعْ لما
تشكو، لمن غيرك يوماً تبوحْ؟
تطفو على طوفان آلامها
وأين في آلامها فُلْكُ نوح
أروع شيء صامت في العُلى
أفصح مفْضٍ بالبيانِ الصريحْ
يعيِّر الأرضَ إذا أظلمتْ
بما على مفرقِه من وضوح
هل تسخرُ الحكمةُ مما بنا
من نزواتٍ وعنانٍ جَموحْ
حمقى، قُصارى كل غاياتنا
عزمٌ مَهيضٌ وجناحٌ كسيحْ
أُعيذ عدل الحقِّ من ظلمنا
فكم على القِيعان نسْر جريحْ
أنت له كل الحِمى المرتجى
وكلُّ مبغاه إليك النزوحْ
ما النسر إلا راهبٌ في العُلى
محرابُه وجهُ السماءِ الصبيحْ
وقلبها السَّمْح فما حطَّه
على الثرى الجهم الدميمِ الشحيحْ
على الثرى حيث تسابيحُه
نوح الحزانى ونداء القروحْ
مبتهلٌ باك بدمع الأسى
على الليالي وسقيم طريحْ
ما أتعس الأرضَ بعُبَّادها
تبْهِجُ من أخلاطِهم ما تُبيحْ
قد أنكرَ الهيكلُ زوَّارَه
وأصبح الديرُ غريبَ المُسوحْ
لم يعرف الجسمُ خلاصاً به
من كدرةِ الطين ولم تنجُ روحْ
يا سيِّد القمّةِ أنصِتْ لنا
لا يعرفُ الأشفاقَ قلبٌ مُشيحْ
وانظرْ إلى اسِّكين في ساحةٍ
قد زمجرتْ فيها دماء الذَّبيحْ
واسكبْ نَدَى الحبِّ بأفواهِنا
كم من بَكِيٍّ وظَمِيٍّ طليحْ
فربما يُشرقُ بعد الضّنى
وجهٌ مليح وزمانُ مليحْ!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:11 am

بقية القصة


كلاّ ولا لغة له إلا الذي
قد جال في عينيك أو عينيّا
*** ***
أنتِ التي علمتِني معنى الحياة
حبيبةً ونجيَّةً وصديقا
لا تسأليني عن غدٍ لا تسألي
فغداً أعود كما بدأتُ غريبا
*** ***
بَكياكِ بالحبَب الحزين وربما
بكت الكؤوسُ على النديم السالي!
وكأن راهبة هناك سجينةٌ
مغمورة بدموعها وعذابها
حتى إذا عفتِ الصبابةُ وانقضى
ما بيننا أقبلت أسألهنَّ
يا زهرة عذراء تنشرُ عطرَها
وتذيعُ في جفن الضُّحى أحلامها
وحبيس شجوٍ في دمي أطلقته
متدفقاً ودعَوتُه أشعارا
يا حِصنيَ الغالي فقدتُكِ وانطوى
ركني وأقفر موئلي وملاذي
هل كان عهدَكِ قبل تشتيت النوى
إلا مخالسة الخيال الطارق؟
شفتاكِ في لجِّ الخواطرِ لاحَتا
كالشاطئين وراءَ لُجٍّ ثائر
*** ***
*** ***
نسق الخيالُ زهورَها وورودَها
فقطفتُها وشممتُ عطرَكِ فيها!
إن كان داءً فالسقامُ دواؤَه
أو كان ذنباً فالمآب قصاص!
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً
وإلى الفناء مشينَ جِدَّ سِراعِ
يا ربِّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا
وهناك تشرقُ في الحمى والدُّورِ
يا ربِّ أودعتَ الضحى في مهجتي
وأنا الذي أشقى بهذا النورِ!
قد كان قلباً فاستحال على المدى
لحناً تناقله الرواةُ فسارا!
يا حِصنيَ الغالي فقدتُكِ وانطوى
ركني وأقفر موئلي وملاذي
*** ***
والدهر يغريني فأُعرض لاهياً
فيظل يفتنُني بتلك وهذي
يا حِصنيَ الغالي فقدتُكِ وانطوى
ركني وأقفر موئلي وملاذي
نعطي نأخذ في الحديث ومقلتي
مسحورةٌ بجمالك الأخَّاذِ
والدهر يغريني فأُعرض لاهياً
فيظل يفتنُني بتلك وهذي
والدهر يَهزل والغرام يجدُّ بي
ما كنتِ ساخرة. ولا أنا هاذي
هل كان عهدَكِ قبل تشتيت النوى
إلا مخالسة الخيال الطارق؟
*** ***
أو لمعةٌ لم تتئدْ ذهبتْ بها
دكناء مدَّتْ كفها من حالقِ
هل كان عهدَكِ قبل تشتيت النوى
إلا مخالسة الخيال الطارق؟
إشراقة وطغى عليها مَغرب
غيران يخطفها كخطف السارقِ
أو لمعةٌ لم تتئدْ ذهبتْ بها
دكناء مدَّتْ كفها من حالقِ
شفتاكِ في لجِّ الخواطرِ لاحَتا
كالشاطئين وراءَ لُجٍّ ثائر
وكأن ثغرَك والنوى تعدو بنا
شفقٌ يلوحُ على نضيد زنابقِ
إسعادُ ملهوفٍ ونجدةُ غارقٍ
وعناقُ أحبابٍ وعَودُ مسافرِ
شفتاكِ في لجِّ الخواطرِ لاحَتا
كالشاطئين وراءَ لُجٍّ ثائر
لهما إذا التقتا على أغرُودةٍ
خرساء في ظلِّ الجمالِ الساحرِ
إسعادُ ملهوفٍ ونجدةُ غارقٍ
وعناقُ أحبابٍ وعَودُ مسافرِ
*** ***
وبراءةُ الملكِ المتوجِ حُسنه
بجمالِ رحمنٍ وطيبةِ غافرِ
*** ***
صحب الحياة فآده استصحابُها
ركبٌ على طرقِ الحياةِ كليلُ
فتلفَّتَ الساري لعل لعينه
يبدو صباحٌ أو يلوحُ دليل
خدعت ضلالاتُ الحياةِ تبيعَها
والدربُ وعرٌ والطريقُ طويل
فتلفَّتَ الساري لعل لعينه
يبدو صباحٌ أو يلوحُ دليل
*** ***
فبدا له نورٌ وأشرق منزلٌ
أَلِقٌ ورفت جنةٌ وخميل
*** ***
يحمي مغارسَها ويرعى نبتها
راعٍ يجنِّبُها البلى ويقيها
لكِ في خيالي روضةٌ فينانةٌ
غنّى على أغصانِها شاديها
يحمي مغارسَها ويرعى نبتها
راعٍ يجنِّبُها البلى ويقيها
نسق الخيالُ زهورَها وورودَها
فقطفتُها وشممتُ عطرَكِ فيها!
فإذا النوى طالت عليَّ وشفَّني
جرحي وعاد لمهجتي يدميها
نسق الخيالُ زهورَها وورودَها
فقطفتُها وشممتُ عطرَكِ فيها!
فيكون فيه القيد وهو تحرّرَ
ويكون فيه الموت وهو خلاصُ
*** ***
بعض الهوى فيه الدمارُ وإنما
بعض النفوس على الدمار حراصُ
إن كان داءً فالسقامُ دواؤَه
أو كان ذنباً فالمآب قصاص!
فيكون فيه القيد وهو تحرّرَ
ويكون فيه الموت وهو خلاصُ
آمنت بالحب القوي وحتمه
ما من هوايَ ولا هواكِ مناص
فسخرْتُ من صرخاتِهم وبكائهم
لا دمع إلا الدمع في أحداقي
إن كان داءً فالسقامُ دواؤَه
أو كان ذنباً فالمآب قصاص!
أصبحتُ والدنيا وداع أحبَّةٍ
ودموع خلاّن وحزن رفاقِ
متدفقاً مثل العُباب ومزبداً
متفجراً كالسيل في أعماقي!
فسخرْتُ من صرخاتِهم وبكائهم
لا دمع إلا الدمع في أحداقي
لا صوت إلا صوت حبك في دمي
أُصغي له وأراه في أطواقي
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً
وإلى الفناء مشينَ جِدَّ سِراعِ
متدفقاً مثل العُباب ومزبداً
متفجراً كالسيل في أعماقي!
ساهراتُ أحلامَ الظلامِ وكلها
أشاح هجر أو طيوف وادعِ
أبصرتُ في المرآة آخرَ قصتي
ونَعى بها نفسي إليَّ الناعي!
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً
وإلى الفناء مشينَ جِدَّ سِراعِ
حتى إذا سَفكَ الصباحُ دماءَهُ
وهوى قتيلُ الليلِ بعد صِراعِ
يا ربِّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا
وهناك تشرقُ في الحمى والدُّورِ
أبصرتُ في المرآة آخرَ قصتي
ونَعى بها نفسي إليَّ الناعي!
*** ***
وأُحِسُّ في نفسي نقاءَ سمائِها
أَصفى برونقِها من البَلُّورِ
يا ربِّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا
وهناك تشرقُ في الحمى والدُّورِ
ومن الشموس دفينةٌ في خاطري
مخبوءةُ الأضواء طيَّ شعوري
يا ربِّ أودعتَ الضحى في مهجتي
وأنا الذي أشقى بهذا النورِ!
وأُحِسُّ في نفسي نقاءَ سمائِها
أَصفى برونقِها من البَلُّورِ
يا ربِّ أودعتَ الضحى في مهجتي وأنا الذي أشقى بهذا النورِ!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:12 am

تكريم


يا صفوة الأحباب والخلاّن
عفواً إذا استعصى عليّ بياني
الشعرُ ليس بمسعفٍ في ساعةٍ
هي فوق آي الحمد والشكرانِ
وأنا الذي قضّى الحياةَ معبراً
ومرجعاً لخوالج الوجدانِ
أقفُ العشيةَ بالرِّفاقِ مقصراً
حيران قد عقد الجميلُ لساني
يا أيها الشعر الذي نطقتْ به
روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي
ما لي أراكِ حبيسة الألحان؟
أين البيان وأين ما علمتني
أيام تنطلقين دون عنانِ؟
نجواك في الزمن العصيب مخدَّرٌ
نامت عليه يواقظ الأشجانِ
والناسُ تسأل والهواجسُ جمةٌ
طبٌّ وشعرٌ كيف يتفقان؟
الشعرُ مرحمة النفوسِ وسِرُّه
هِبةُ السماءِ ومِنحةُ الدَّيانِ
والطبُّ مرمحه الجسومِ ونبعُهُ
من ذلك الفيضِ العليِّ الشانِ
ومن الغمام ومن معينٍ خلفَهُ
يجدان إلهاماً ويستْقيان
يا أيها الحبُّ المطهرُ للقلوب
وغاسل الأرجاس والأدران
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما
يشدو بها روحان يحترقان
أنفا من الدنيا وفي جسديهما
ذُلُّ السجين وقسوة السجانِ
فتطلعا نحو السماءِ وحلّقا
صُعُداً إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلفَ الغمامِ وأترعا
كأسيهما من نشوةٍ وحنانِ
اكتبْ لوجه الفَنِّ لا تعدلْ بهِ
عَرَض الحياةِ ولا الحطامِ الفاني
واستلهم الأمَّ الطبيعةَ وحدَها
كم في الطبيعةِ من سَرِي مَعانِ
الشعرُ مملكةٌ وأنتَ أميرُها
ما حاجة الشعراءِ للتيجانِ
"هومير" أمّرهُ الزمانُ لنفسه
وقضت له الأجيالُ بالسلطان
اهبطْ على الأزهار وأمسح جفنَها
واسكب نداك لظامىءٍ صَدْيانِ
في كلِّ أيكٍ نفحةٌ وبكل روضٍ
طاقةٌ من عاطر الريحانِ




حب على الصحراء


أحبكَ ما حييتُ وأنتَ حسبي
فجربْ أنت قلباً بعد قلبي
ويا أسفاً على صحراءِ عمرٍ
جفاها بعدك المطرُ الملبي
نهاري في لوافحِها سرابٌ
وليلي من أباطيلٍ وكذبِ
وفي أذنيَّ من شفتيكَ عتبٌ
إذا أنا ساعةً اضجعتُ جنبي
وتلك قوافلُ الأيامِ تترى
تمر علي سراباً بعد سربِ
عوابِسُ لا يطل سناك منها
ولم ألمحْ مطالعُه بركب
فإن غفلتْ عيونُ الحظِّ عنا
وصرت -ولم أكن أدري- بقربي
تبينِّي فتلك خيامُ حبي
واني موقدُ لك نار قلبي 








خمر الرضا


يا حبيبي اسقني الأمانيَ واشربْ
بوركتْ خمرةُ الرضا وهي تسكبْ
بورك الكأسُ والحبابُ الذي يرقصُ
في الكأس والشعاعِ المذهبْ
نضبت رحمةُ الوجودِ جميعاً
وبكَ الرحمة التي ليس تنضبْ
وإذا ضاقت السماءُ بشجوي
فالسماءُ التي بعينيكَ أرحبْ
كم تمنيتُ والصدور تجافيني
وتزورُ الوجوه تقطبْ
كم تمنيت صدرك البر يرتاحُ
على خفقهِ الطريدِ المعذبْ
هات وسّدني الحنان عليه
جسدي متعب وروحي متعب






خاطرة


نارٌ من الشوقِ إثرَ نارْ
فلا هدوءٌ ولا قرارْ
إنك لي مبدأ وَعَوْدٌ
منك إلى صدرك الفِرارْ
يا مرفأ الروحِ لا تدعْني
بلا دليلٍ ولا منارْ
موجٌ وريحٌ وزحفُ ليلٍ
فمن دمارٍ إلى دمارْ
إن أنت أخلفت وعد حبي
لم تؤوني في الديارِ دارْ
وليسَ لي في الهوى اصطبار
وليس لي دونك اختيار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:13 am

ختام الليالي


الليالي! يا ما أمرّ الليالي
غيبتْ وجهك الجميل الحبيبا
أنت قاسٍ معذبٌ ليت اني
أستطيع الهجران والتعذيبا
ان حبي إليك بالصفح سبّاقُ
وقلبي إليك مهما أصيبا
يا حبيبي كان اللقاءُ غريبا
وافترقنا فبات كل غريبا
غير أني أستنجد الدمعَ لا ألقى
مكان الدموعِ إلا لهيبا
آه لو ترجع الدموعُ لعيني
جف دمعي فلست أبكي حبيبا





خواطر الغروب


قلتُ للبحر إِذ وقفتُ مساءَ
كمٍ أطلتَ الوقوفَ والإصغاءَ
لكأنّ الأضواءَ مختلفاتٍ
جَعَلَتْ منكَ رَوْضَةً غَنّاءَ
إِنما يفهم الشبيهُ شبيهاً
أيها البحر، نحن لسنا سواءَ
وعجيبُ إليك يممتُ وَجهي
إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
ما تقول الأمواجُ! ما اَلَم الشمسَ
فولّت حزينةً صفراءَ
وعجيبُ إليك يممتُ وَجهي
إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي
لَم تدع لي أحداثهُ كبرياءَ!
كل يومٍ تساؤلٌ .. ليت شعري
من ينبِّي فيحسن الإِنباءَ؟!
ما تقول الأمواجُ! ما اَلَم الشمسَ
فولّت حزينةً صفراءَ
تركتنا وخلفتْ ليلَ شكٍّ
أبديٍّ والظلمةَ الخرساءَ
وكأنَّ القضاءَ يسخر مني
حين أبكي وما عرفتُ البكاءَ
أبتغي عندك التأسّي وما تملك
رَدّاً ولا تجيب نداءَ!
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي
لَم تدع لي أحداثهُ كبرياءَ!
كل يومٍ تساؤلٌ .. ليت شعري
من ينبِّي فيحسن الإِنباءَ؟!
ما تقول الأمواجُ! ما اَلَم الشمسَ
فولّت حزينةً صفراءَ
تركتنا وخلفتْ ليلَ شكٍّ
أبديٍّ والظلمةَ الخرساءَ
وكأنَّ القضاءَ يسخر مني
حين أبكي وما عرفتُ البكاءَ
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي
لَم تدع لي أحداثهُ كبرياءَ!




دَين الأحياء


دَينٌ . . . وهذا اليومُ يومُ وفاءِ
كم منَّةٍ للميْتِ في الاحياءِ!
إن لَم يكن يُجزَى الجزاءَ جميعَه
فلعلَّ في التذكار بعضَ جزاءِ
يا ساكنَ الصحراء منفرداً بها
مستوحشاً في غربةٍ وتنائي
هل كنتَ قبلاً تستشفّ سكونَها
وترى مقامَك في العراء النائي
فأتيتَ - والدنيا سرابٌ كلها-
تروي حديثَ الحبِّ في الصحراءِ
ووصفتَ قيساً في شديدِ بلائه
ظمآن يطلب قطرةً من ماءِ
ظمآن حين الماء ليلى وحدُها
عزَّت عليه ولَم تُتح لظماءِ!
هيمان يضرب في الهواجر حالماً
بظلال تلك الجنة الفيحاءِ
فاذا غفا فلطيفها، وإذا هفا
فلوجهها المستعذبِ الوضّاءِ
يا للقلوب لقصةٍ بقيت على
قِدم الدهور جديدةَ الأنباءِ
هي قصةُ الطيف الحزين، وصورةُ
القلب الطعين، مجللاً بدماءِ
هي قصةُ الدنيا، وكم من آدم
منا له دمعٌ على حوّاءِ
كل به قيسٌ إذا جنَّ الدجى
نزع الإباءَ وباح بالبرحاءِ
فاذا تداركه النهارُ طوى المدا
معَ في الفؤاد وظُنَّ في السعداء
لا تعلم الدنيا بما في قلبه
من لوعةٍ ومرارةٍ وشقاء
كلٌّ له "ليلى" ومن لَم يَلقها
فحياته عبثٌ ومحضُ هباءِ
كلٌّ له "ليلى" يرى في حبها
سرّ الدُّنى وحقيقة الأشياءِ
ويرى الأماني في سعير غرامها
ويرى السعادةَ في أتمِّ شقاءِ
الكونُ في احسانها والعمرُ عند
حنانها، والخلدُ يومُ لقاءِ
يا للقلوب لقصةٍ محزونةٍ
لم تُروَ إلاَّ روِّحَتْ ببكاءِ
خلُدت على الدنيا وزادت روعةً
ممّا كساها سيدُ الشعراءِ
خلدتْ على الدنيا وزادت روعةً
من جودة التمثيل والإلقاءِ
من فنّ (زينبها) ومن (علاّمها)
زين الشباب وقدوةِ النبغاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:14 am

دعاء الراعي


يا أيها الحملُ الوديعُ أنا الذي
يحنو عليك. أنا الحبيبُ الراعي
كم ليلة والرعبُ يمشي في الدجى
والهولُ منتشرٌ على الأصقاع
أغفيت في كنفي وفي ظلِّ الكرى
كالطفلِ في أمنٍ مِنَ الأوجاعِ
ياربِّ! قد وهت العصا واستأثرتْ
غيرُ الليالي بالقويِّ الباعِ
يا ربِّ إِن تك قد حكمتَ بفرْقةٍ
وإذنتَ للراعي بوشك زماعِ
فانظر إِلى الحملِ الوديع ووقِّه
شرَّ النفوسِ وفتنةَ الأطماعِ
نضِّره له الدنيا ومد ربيعَها
وانشرهُ مؤتلقاً بكل شعاع
واجعلْ له الأيامَ ظلاًّ وارِفاً
وخريرَ أنهارِ وخصبَ مراعي!






دعابات


دعوتَ فلبينا ودارُك كعبةٌ
بها انعقد الإخلاصُ والحبُّ طُوَّفا
خميلتُنا تهفو إليها قلوبُنا
وأي فؤادٍ للخميلةِ ما هفا
بنوك الألى تحنو عليهم تعطفا
وترعاهم براً بهم متلطفا
إذا خلعوا بعض الوقاء فسعهم
فمثلك عن مثل الذي صنعوا عفا
هنا اطرح الأعباء مثقل كاهل
وخفف من وقريه من تخففا
فما على الفضل الأباظي طامعا
وأغرق في الجود الأباظي مسرفا
فيا ندوة السمار هل من مسجل
يدوّن إعجاز القرائح منصفا
ليشهد أن الشعر شيء مشى بنا
مع الطبع جل الطبع أن يتكلفا
وفي دمنا يجري به متواصلا
مع النفس الجاري وينساب مرهفا
فهل ناقل عني الغداة وناشر
مقالة صدق قد أبت أن تحرّفا
حديث غنيم والردنجوت والذي
جرى بيننا ما كنت بالحق مرجفا
*** ***
بصرت به والصحن بالصحن يلتقي
فلم أر أبهى من غنيم وأظرفا
تراءى له لحم فلم يدر عنده
تديك من بعد الطوى أم تخرفا
وأومأ لي؛ باللحظ يسألني به
أتعرفه أومأت باللحظ مسعفا
وقدمته للديك وهو كأنما
يطير إليه واثبا متلهفا
غنيم! أخونا الديك! قدمت ذا لذا
فهذا لهذا بعد لأي تعرفا
وما هي إلا لحظة وتغازلا
وقد رفعا بعد السلام التكلفا
فمال على الورك الشهي ممزقا
ومال على الصدر النظيف منظفا
*** ***
جزى الله أسنانا هناك عتيقة
ظللن على الصحن الأباظي عكفا
تعير ناجي بالرد نجوت جاءه
معاراً فغامرْ واستعرْ أنت معطفا
وأقسم لو أن الرد نجوت نلته
وجاد به من جاد كرها وسلّفا
لقلّبته ظهرا لبطن محيرا
به تحسبن الوجه من عبط قفا
رأيتك والعدس الأباظي قادم
كما انتفض المحموم بشر بالشفا
وناهيك بالعدس الأباظي منظر
عظيم كما هيأت للعين متحفا
على أنه ما جاء حتى رأيته
توارى كطيف لاح في الحلم واختفى
*** ***
فلله من لفظ ببطنك راسب
قرير ومعناه برأسك قد طفا
قِفا نبك أونضحك على أي حالة
قفَا صاحبي اليوم من عجب قفا
كأن صحاف الدار في عين صاحبي
غوان كستهن المحاسن مطرفا
أشار لاحداهن إذ برزتَ له
وناجته عن بعد وأبدت تعطفا
"يسائلني من أنت وهي عليمة"
وهل بفتي مثلي علىِ حاله خفا؟
سأخبرها من أنت! انك شاعر
قنوع إذا ما الخير جاء تفلسفا
ومن أنت حتى ترفض النعمة التي
اتيحت وتأبى مثلها متقشفا
فتى حاله غلبٌ وآخره الطوى
وخطته عريٌ ومشروعه الحفا


ذات ليلة


بين سهدٍ وعذابٍ وضنى
مرَّ ليلي، ذاك حالي وأنا
أسالُ الأنجمَ عن حالِ المنى
يا حبيبي كيف صارت بيننا
كيف أمسى يا حبيبي عهدُنا
بعدما طاب هوانا، ودنا
كلُّ ما كان عبيداً، ورنا
كلُّ نجمٍ من سماوات السنا!
آه لو ينظر حالي الآن آه
حينما ضاقت بآلامي الحياه
ندم النجمُ على غالي سناه
ورأى كيف انطوينا فطواه




ذات مساء


وانتحينا معا مكاناً قصياً
نتهادى الحديث أخذاً وردّا
سألتني مللتنا أم تبدلتَ
سوانا هوىً عنفياً ووجدا
قلت هيهات! كم لعينيكِ عندي
من جميلٍ كم بات يهدى ويسدى
انا ما عشت أدفع الدين شوقا
وحنينا إلى حماكِ وسهدا
وقصيداً مجلجلاً كل بيتٍ
خلفَه ألفُ عاصفٍ ليس يهدا
ذاك عهدي لكل قلبك لم يقض
ديونَ الهوى ولم يرعَ عهدا
والوعودُ التي وعدتِ فؤادي
لا أراني أعيش حتى تؤدَّى




ذهب العمر


قضيتَ العمر تذكر لي
وأذكر في الهوى جرحكْ
فقم نسخرْ من الأمَلِ
ومن أعماقنا نضحكْ!
وقم نسخرْ من الدنيا
وقم نَلهُ مع اللاهي
طويتُ صحيفة الأمسِ
فَدَعْها في يد اللهِ
*** ***
هي الدنيا كما كانت
وماذا ينفع الوعظُ
وما عتبت ولا خانت
ولكن خانك الحظُّ
أردنا الجاهَ والذهبا
فلم يتلطّفِ المولى
وهذا العمرُ قد ذهبا
وأحسن ما به ولّى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:15 am

ذنبي


أيكون ذنبي أن رفعتُك
وارتفعت إلى السماءْ؟
وعلى جناحك أو جناحي
قد رقيتُ إلى الصفاءْ
إن كان حقّاً أو خيالاً
فهو وَثْبٌ للضياءْ
وتحرُّرٌ مما جناه
طينُ آدم في الدماءْ
أيكون ذنبي أن جعلتُكِ
فوق عرش من سناءْ
وجثوت في محراب قُدْ
سكِ عابداً هذا الرُّواءْ
أيكون ذنبي أنني
بك أحتمي من كل داءْ
وأراك عافيتي فأضْرعُ
طالباً منكِ الشفاءْ
أيكون ذنبي أن أراك
لخاطري قَبَساً أضاءْ
وأُحسنُّ وحيَكِ من علٍ
لي دون أهل الأرض جاءْ
أيكون ذنبي أن يُناط
بك التعلُّل والرجاءْ
وإليك شكوى القلبِ نجوى
الروحِ أجمع النداء
أيكون ذنبي أن أحبّكِ
لي من الدنيا وقِاءْ
فإذا رضيتِ فإن نعمَتَها
ونقمتَها سواءْ؟
أيكون ذنبي .. أي ذنب
صار لي إلا الوفاءْ
إني عشقتكِ ما طلبتُ
على محبّتيَ الجزاءْ
مَن همُّه هَمّي سيحمل
من حبيبٍ ما يشاءْ
ولقد يُساءُ فما يرى
من حُبِّه أحداً أساءْ
قد كان عندي عزَّه
بصبابتي ولي احتماءْ
إن لانَ عودي للخطوبِ
شدَدتِ أزري باللقاءْ
أنسيتِ كيف نسيتِ يادنيا
على الدنيا العفاءْ!
يا للهوى لا صَبح لي
ألإِ هواكِ ولا مساءْ
أشوامخُ الأحلامِ والمثلُ
الرفيعةُ كالهباءْ؟




راقصة


عجباً لعارية كساها
الفنُّ حسناً رائعا
سمراء وشتها بنانتُه
بياضاً ناصعا
شبه الفرائد قد كسين
في الغمام براقعا
خبأن نصفا هي الدجى
وجلون نصفا لا معا
من أي وديان الظباء
ملاعبا ومراتعا؟
من عبقرٍ، ومن الالمب،
ومن فنونهما معا
تبدين ريان الثدي
لنا وخصراً جائعا
وترين كونا يشبه الكونَ
الرحيبَ الواسعا
متغاير الإبداع مختلف
المحاسن جامعا
لك خفة البطل المحلق
طائراً أو واقعا
لك خفة البطل المجلي
مقبلاً أو راجعا
متمهلاً للخصم حينا
للقاءِ مسارعا




رثاء شوقي


قلْ للذين بكَوْا على (شوقي)
النادبين مصارعَ الشُّهبِ
وا لهفَتاه لمصر والشَّرْقِ
ولدولة الأشعار والأدبِ!
دنيا تَفرُّ اليومَ في لحدٍ
وصحيفةٌ طُويتْ من المجدِ
ومُسافرٌ ماضٍ إلى الخلد
سبَقتهُ آلاءٌ بلا عَدِّ
هذا ثَرى مصْرَ الكريمُ، وكمْ
أكرمتَهُ وأشدْتَ بالذكرِ
يلقاك في عطفِ الحبيبِ فنمْ
في النور لا في ظُلمةِ القبْر!
كم من دفينٍ رحتَ تحييهِ
وبَعثْتَهُ وكَففْتَ غُرْبَتَهُ
فاحللْ عليهِ مُكرّماً فيهِ
يا طالما قَدَّست تُربتَهُ
يا نازلَ الصحراء موحشةً
ريَّانةً بالصمت والعدمِ
سالتْ بها العبراتُ مجهشةً
وجَرت بها الأحزانُ من قدمِ!
هذا طريق قد ألفناهُ
نمشي وراءَ مُشَيَّعٍ غالِ
كم من حبيبٍ قد بكَيْنَاهُ
لم يُمْحَ من خَلدٍ ولا بالِ
وكأنَّ يومَك في فجيعتِهِ
هو أولُ الأيامِ في الشَّجنِ
وكأنَّما الباكي بدمعتِهِ
ما ذاق قبلك لوعةَ الحَزنِ!
فاذهبْ كما ذهب النهارُ مضى
قد شيَّعَتْه مدامعُ الشفقِ
ما كنتَ إلاَّ أمةً ذهَبتْ
والعبقريَّةُ أمَّةُ الأُمَم
أو شُعلةً أبصارَنا خلبتْ
ومنارةً نُصبَتْ على عَلَمِ
يا راقداً قد بات في مَثوىً
بَعُدَتْ به الدُّنْيا وما بَعُدَا
أيْن النجوم أصوغ ما أهْوى
شعراً كشعْرك خالداً أبدَا؟!
لكنَّ حزني لو علمْت به
لم يُبْقِ لي صبْراً ولا جُهْدَا
فاعذر إلى يوم نفيك به
حقَّ النبوغِ ونذكرُ المجْدَا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:16 am

رثاء كلب صغير


قالت "لميكي" سِرْ بنا
نمشي لحاجتنا الهُوَيْنى
فأطاع مسروراً كعادته
ولم يسأل لأيْنا
فيم السؤال وكل شيءٍ
طيِّبٌ من أجلها
وبنفسه حبٌّ قُصاراه
الحياةُ بظلها
ماذا تغيّر عزّة
أو ذلّة في حبها
سارت وكلُّ متاعِهِ
في أن يسير بقربها
*** ***
يستاف نعلَيْها ويأبي
في الوجودِ مُنافسا
فإذا تخيّل دانياً
من ترْبِها أو لامسا
يختال مِلْءَ نُباحِهِ
زَهْواً ويخطرُ حارسا!
*** ***
عجباً له ولزهوه
ما يصنع الواهي الصغيرْ؟
ما يصنع النابُ الضعيفُ
وما يُخيفُ ولا يُجيرْ؟
لكنّ "ميكي" لا يبالي
أن يموت فداءها
في وثبه هيهات يسأل
ما يكون وراءها
الأمرُ كلُّ الأمر أن
يغدو يدافع دونها
والنفس تُنكر في الضحيَّة
عقلها وجنونها
*** ***
من ذلك الظلُّ الملازم
في الحياة وفي الطريقْ؟
المخلصُ الوافي إذا
عَزَّ المنادمُ والرفيقْ
من قلبُه صافٍ وديدنُه
الولاءُ المطلقُ
فكأنما فيه الولاء
سجيَّةٌ تتدفقُ
*** ***
وإذا أُسِيءَ فإن أسمى
الحبّ أن يُبدي رضاءَهْ
والصفح عند ذوي القلوبِ
البيضِ من قبل الإساءَهْ
مهما نظرت له نظرت
إلى مَعِينٍ من حنان
يُفضي إليك بسره
الذَنَبُ الصغير ومقلتان!
*** ***
لا بأس إنْ هند جفت
وقست أليست ربَّتَه؟
أَقْصَتْهُ ثم تلفَّت
ترجو إلَيها أوْبته
زَجَرتْه أو نهرته أو
كفَّتْ على جُرْمٍ يده
فهي التي لم تَنْسَهُ
والأكل ملءُ المائده
وهو الذي في بعدها
لم يألُها طولَ ارتقاب
يقظان ينتظر المآب
وَثَوى يُرَاقبَ خَلْف بَاب
*** ***
هند التي اتَّخذته من
دون الخلائق إلْفَها
بحثت عن الإلْف الصغير
فلم تجدْه خلفها
ميكي! وما ميكي ومصرعُه
على الدنيا جديد
نفسٌ يذوب وصرخةٌ
تدوي هنالك من بعيد
وتلفَّتَت هندٌ لموضعه
تغالب وَجْدَها
لا شيءَ. قد سارت
برفقته وترجعُ وحدها
*** ***
خرجت به جذلانَ يضحك
مثلما ضحك الصباح
فكأنما خرجت به
ليُلاقيَ القَدَر المُتاح
سارتْ به صبحاً وعادت
بالمواجع والدموع
يغدو الحزينُ على الأسى
وأشقُّ شَطْريْه الرجوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:17 am

رباعيات


صيرَك الحسن أميرَ الوجودِ
والشعر من درّاته كلّلكْ
مستلهماً منك معاني الخلود
فكل تاجٍ في العلى منك لكْ
فَنَاهِبٌ برقَ الثنايا العذابْ
وسارقٌ ياقوتهً من فمكْ
وكل تغريد الهوى والشبابْ
أغْنيةٌ حامت على مبسمكْ
*** ***
وذلك الماس الرفيع السنا
والجوهر الغالي الذي صِدْتُهُ
أرفع من فكر الورى مَعْدِنا
وكل فضلي أنني ضُغْتُهُ!
لا فكر لي، عشتُ على فكرتكْ
أقبس ما آقبس من غُرَّتكْ
ودمعتي تقتات من عبرتكْ
فانظر بمرآتي إلى صورتكْ
أشقاني الحبُّ وقلبي سعيدْ
يَعُدُّ هذا الدمع من أنعمكْ
أجزل ما كافأ هذا الشهيدْ
بلوغُه المجد على سُلَّمكْ
*** ***
لا شيء من يوم النَّوى منقذي
إني امرؤٌ عنك وشيك المسيرْ
وأنت باقٍ والجمال الذي
غنّى به شعري ليومي الأخيرْ
انظر إلى آيات هذا الجمالْ
ترتدُّ عنها عاديات البلى
عاجزةَ الباع ويأبى الزوالْ
لوردةٍ مت عَدْن أن تذبلا
للأنفس الظمأى إليك التفاتْ
ولهفةٌ ملءَ اللّحاظ الجياعْ
ولي التفاتٌ لسريّ الصّفات
واللؤلؤِ اللمّاح خلف القناعْ
قلبي مع الناس وفكري شَرودْ
في عالَمٍ رَحْبٍ بعيد الشِّعابْ
عيني على سرٍّ وراء الوجود
وبغيتي عرشٌ وراء السحابْ!
*** ***
كم طرت بي واجتزت سور الضبابْ
والضوء ملءُ القلب ملءُ الرحابْ
وعدت بي للأرض أرض السَّرابْ
والليلُ جهمٌ كجناح الغرابْ
أريْتُني الغيبَ الذي لا يُرى
كشفتَ لي ما لا يراء البصرْ
ثم انحدرنا نستشفُّ الثرى
علّ وراءَ التُّرب سرَّ السفرْ
صدري وسادٌ زاخرٌ بالحنانْ
تصوُّري أعجب ما في الزمانْ
موج على لُجَّته خافقان
قَرَّا على أرجوجةٍ من أمانْ
كمركب في البحر يومَ اغتربْ
ما أبعد المحنة بعد اقترابْ
هيهات يُنْجِي من شطوط العذابْ
إلاّ عبابٌ دافقٌ في عبابْ
*** ***
ملأتُ كأسي وانتظرتُ النديم
فما لساقي الرُّوح لا يُقبلُ
شوقي جحيمٌ وانتظاري جحيم
أقلُّ ما في لفْحِهِ يتقلُ
أنت كريمُ الودِّ حُلوُ الوفاءْ
فما الذي عَاقَكَ هذا المساءْ؟
وما الذي أخَّر هذا اللقاءْ
وحرَّم النبع وصدَّ الظِماءْ؟
*** ***
أذمّ هذا الوقت في بُطْئِهِ
آخرهُ يعثرُ في بَدْئِهِ
تدقُّ فيه ساعةٌ لا تدورْ
وإن تَدُرْ فهو صراعُ اللغوبْ
رنينها يقلق صمَّ الصدورْ
وطَرْقُها يقرع بابَ القلوبْ
يا ذاهباً لم يشْف مني الغليل
ما أسرع العقربَ عند الرحيلْ
هتفتُ قف لم يبق إلاّ القليلْ
وكلُّ حيٍّ سائرٌ في سبيلْ!
*** ***
يومٌ تولّى أو ظلامٌ سجا
كلاهما بالقرب منك انتصارْ
أأحمد اليوم تلاه الدُّجى
أم أحمد الليل تلاه النهارْ؟
إنْ نَوَّر النجمُ به مرَّةً
فإن إشراقَكَ لي مرّتانْ
وكيف يُبقي الشكُّ لي حيرةً
ولي على برج المنى نجمتانْ؟
فهذه تلمع في خاطري
مِلءُ دمي إشراقُها والبهاءْ
وهذه تُومِئُ للساهرِ
والليل صافٍ وأديم السماءْ
*** ***
وهذه تجلو كثيف الغيومْ
وهذه تَدْرَأُ عني الهمومْ
وتَمحق الحزنَ وتَأسُو الكلومْ
فما الذي أَجْرى دموعَ النجومْ؟
هيهات أنسى دُرَّة الأنجمِ
إليَّ من آفاقها ترتمي
وفي جريحٍ أعزلٍ تحتمي
من أي هولٍ؟ هي لم تعلمِ!
إنَّ ضلوعاً تحتمي في ضلوعْ
مقادرٌ ليس بها من رجوعْ
أخلدُ أصفاد الجوى والنزوعْ
هوى الحزاني وعناق الدموعْ
رضيت بالدهر على ما جَنَى
وأُبْتُ بالحكمة بعد الجنونْ
ومرَّ يومي هادئاً ساكنا
وأَيُّ شيءٍ خادع كالسكونْ
*** ***
أرنو إلى الصحراءِ حيث الرمالْ
نامت كأنَّ اللفحَ فيها ظلالْ
يا ليت لي والدهر حالٌ وحالْ
من وقدةِ الإحساسِ بعض الكلالْ
فأقبلِ الدنيا على حالها
مسلِّماً بالغدرِ في آلها
وراضياً عنها بأغلالها
محتملاً وطأة أثقالها
الرُّعْبُ سيّان بها والأمانْ
والحسنُ زادٌ سائغٌ للزمانْ
والوهمُ في حالاتها كالعِيان
والحبُّ والكرهُ بها توأمانْ
وَدِدْتُ لو قلبي كهذي القفارْ
أصمُّ لا يسمع ما في الديارْ
أعمى عن الليل بها والنهارْ
وددتُ لو قلبي كهذي القفارْ
وددتُ لو عنديَ جهلُ الثرى
تَعْمُر أو تقفر هذي البيوتْ
غفلان لا يعنيه أمرٌ جرى
أيُولدَ الحيُّ بها أم يموتْ
*** ***
وليلةٍ تمضي وأخرى وما
جئتَ فهل ألهاك عني أحدْ؟
ما ضاء من ليلاتنا أظلما
والسبت خَدَّاعٌ بها كالأحدْ
يمتلئُ السطحُ على ضيقهِ
أنا الذي لم أدْرِ طعمَ الحسدْ
وذلك (الجاز) وهذا النغمْ
منتقلاً بين الرضا والألمْ
يحمل لي طيفَ خيالٍ قَدِم
تراه عيني في ثنايا حُلُمْ
*** ***
في واحةٍ يرسو عليها الغريبْ
فكلُّ ما فيها لديه غريبْ
وهكذا الدنيا خداعٌ عجيبْ
إذا خلت أيامُها من حبيبْ
وهكذا يومٌ ويومٌ سواه
ينكرها القلبُ الصَّبورُ الحمولْ
وهكذا يذهب طِيبُ الحياهُ
بين التمني واعتذار الرسولْ
*** ***
هنا مِهادُ الحبِّ هل تذكرينْ
وها هنا بالأمس طاب السمرْ
وتلك الأحلامُ الهوى والسنينْ
يحملها التيَّارُ فوق النهرْ
والقمرُ الفضيُّ بين الغيومْ
يخفق كالمنديل عند الوداعْ
يا حسرتا! هل صوّرتهُ الهمومْ
كالزورقِ الغارقِ إلاّ شراعْ
قد جللته غيمةٌ عابرهْ
تسحبُ أذيالَ الأسى والندمْ
وأغرقتهُ موجةٌ غامرهْ
فأطبق الصمتُ وَرَانَ العدمْ
*** ***
ضممت أضلاعي على نعشِهِ
فلم يزلْ فيها لهاوٍ شعاعْ
لأيّ غورٍ زالَ عن عرشِهِ
وغاص في اللجِّ إلى أيِّ قاعْ
أرثي لحظِّ الأفق وهو الذي
يرمقُني بالنظرة الساخرهْ
وتهرب الأنجمُ هذي وَذي
ويجثم الليلُ على القاهرهْ
ويزحف الكونُ على خاطري
كأنه في مقلة الساهر
سَدٌّ من الرُّعبِ بلا آخرِ
يعبُّ عَبُّ الأبدِ الزاخرِ
*** ***
وفي ظلالِ الموت موتِ الوجودْ
وخلفَ أطلال البلىِ والهمو
وبين أنفاس الرّدى والخمودْ
وتحت سُحْبٍ عابساتٍ وسودْ
تدفعني عاصفةٌ عاتيهْ
تقصف من خلفي وقُدّامِيَةْ
قد مزّقت روحي وآماليَهْ
وقرّبتْ لي طرَفَ الهاويةْ!
تلمع في الظلمة أحداقُها
قد رحّبَتْ باليأس أعماقُها
شافية النفس وترياقُها
مشتاقةٌ أقبل مشتاقُها
*** ***
قد كان لي عندك عزُّ الذليلْ
وكان للآمال ومضٌ ضئيلْ
يلمع في ظَنِّي قبل الرحيلْ
فانطفأ النورُ ومات القليلْ
فداك يا جاهلةً ما بيَهْ
قلبي وأنفاسي الظمّاء الحِرارْ
وكيف أنسى ليلتي الداميَهْ
ولهفتي أَلْهَثُ خلف القطارْ؟
وعودتي أجرع كأسَ الحياه
مُعاقِراً سُمَّ الفناءِ البطيءْ
أُنْكِرُ أو أفزعُ ممن أراه
سيان من يذهب أو من يجيءْ
*** ***
وليلةٍ فاضت بوسواسها
تعجبُ من إلْفَين بين البَشَرْ
ذلك يعدو خلف أنفاسها
وهذه تتبع سير القمرْ
تتبعه بين الرُّبى والشِّعابْ
تتبعه يسري خلال الحسابْ
كم هَلَّلَتْ وهو يضيء الرِّحابْ
والتفتَتْ محسورةً حين عابْ
*** ***
وذلك الطفل اللهيف الغيورْ
في فَلَكِ من ضوء ليلى يدورْ
يقفو خطاها وهي بين الطيورْ
لها جناحان مراحٌ ونورْ
كزورق يعبرُ بحرَ الوجودْ
له شراعان ولحظٌ شَرُودْ
كم شرّقا أو غرّبا في صعودْ
وارتفعا حتى كأن لن يعودْ
*** ***
ليلى ارجعي إني شقيٌّ كئيبْ
أهتف مفقودَ الهُدى والقرارْ
يا هاته الأوطان إني غريبْ
وعالمي ليس هنا يا ديارْ!
تركتني وحدي وخلفتني
أرزح تحت المبْكيات الثقالْ
أنكرتِ ميثاقي وأنكرتني
أكُلُّ ماضينا وليد الخيالْ؟
*** ***
فرغت من أحلامه وانطوى
بِمُرّهِ وارتحتُ من عذبهِ
الأمرُ ما شئتِ فذنب الهوى
على الذي يكفر يوماً بهِ
كان إلى الله سبيلي وما
كان إلى الإيمان دَرْبٌ سواهْ
وكان في جُرح الهوى بلسما
وكان عندي منحة من إلهْ
مهما تكن ناري فإنّ الجحيم
أرأفُ بي من ظلم هذا البعادْ
وربّ همّ مُقْعِدٍ أو مقيمْ
قد لطّفَتْهُ نسماتُ الودادْ
*** ***
فخفَّتِ النارُ وقرَّ الهشيمْ
وعاودتني الذِّكَرُ الغابرهْ
والنيلُ يجري هادئاً والنَّسيمْ
معربدٌ في الخُصَل الثائرهْ
كم تهتف الأيامُ: خانت فَخُنْ
ويح حياتي إنْ تَخُنْ أمسها
إن هنتُ هذا عهدُها لم يَهُنْ
ولا لياليها وإن تنسها
تُهيب بي الفرصةُ قبل الفواتْ
ويعرض الصَّيدُ فلا أقنصُ
إني امرؤ زادي على الذكرياتْ
وما غلا عنديَ لا يرخصُ
ومطلبٍ في العمر ولَّى وفات
وكان همِّي أنه لا يفوتْ
كأن فجراً ضاحكاً فيّ ماتْ
وملءُ نفسي مغربٌ لا يموتْ
*** ***
في السّام الحيِّ الذي لا يَبيدْ
والأملِ الطاغي بأن ترجعي
أجدِّدْ العيش وما من جديدْ
وأدّعي السلْوان ما أدّعي!
كم خانني الحظُّ ولا انثني
أقضي زماني كلَّهُ في لعلْ
وتقسم المرآة لي أنني
رَقَعْتُ بالآمالِ ثوبَ الأجلْ
قد فاتني الصيفُ وخان الربيعْ
وكان همّي كلُّه في الخريفْ
وما شَكاتي حين شملي جميعْ
وانت لي أيكٌ وظلٌّ وريفْ
*** ***
والآن قد مزّق عندي القناعْ
موتُ الأباطيل وزحف الشتاءْ
وبدَّد الوهمَ وفضَّ الخداعْ
بَرْدُ المنايا وشحوبُ الفناءْ
وأَسِفَ القلبُ لكنزي الذي
غَصّتْ به أفئدة الحُسَّدِ
صحوت من وهمي ولا كنز لي
قد صَفِرَتْ منها ومنه يدي
أين زمانٌ مُكتسٍ يومُهُ
بالحبِّ مَوْشِي بحُلْم الغدِ؟
وربما رقَّ زمانٌ قسا
فانعطف الجافي ولان الحديدْ
محقق الآمال أو واعدٌ
بفرحةٍ يوم لقاء وعيدْ
فإن يَعِدْني ثار شكّي به
كأنما وعد الليالي وعيدْ!
*** ***
وا آسفا هذا سجلٌّ كُتِبْ
خَطَّتْهٌ كفُّ القدَرِ المحتجبْ
ففيم عَوْدِي لقديم الحِقَبْ
وفيم تَسْآليَ عمّا ذهبْ؟
ضاقت بنا مصرُ وضقنا بها
وكلُّ سهلٍ فوقها اليوم ضاقْ
وضاقتِ الدنيا على رحبِها
أين نداماي وأين الرفاقْ؟
كفٌّ تَلُمُّ العمرَ والعُمرُ راحْ
وقبضةٌ تجمع شملَ الرياحْ
لا حَبَبٌ باقٍ ولا ظل راح
ليلٌ تولَّى وتولَّى صباحْ
هذا نهارٌ مات يا للنَّهارْ
كل مساءٍ مصرعٌ وانهيارْ
مال جدارُ النورِ بعد انحدارْ
وغابتِ الشمسُ وراءَ الجدارْ
*** ***
وذا مساءٌ صبغتْهُ الهمومْ
بلونها القاني وهذي غيومْ
تحوم والظلمةُ فيها تحومْ
تبسط مهداً ليّناً للنجومْ
كأن ثوباً في السماء احتراقْ
فلم يزل حتى استحال الأفقْ
ظلُّ دخانٍ أو بقايا رمقْ
ولمَ يعُد إلاَّ ذيولُ الشفقْ
وتزحف الظلماءُ زحفَ المُغيرْ
حاجبةً ما دونها كالسِّتارْ
وكل حيٍّ وادعٌ أو قريرْ
ما اختلف الشأن ولا الحظّ دارْ
العيشُ أمرٌ تافهٌ والمنونْ
والحكمةُ الكبرى بها كالجنونْ
وهكذا نمضي وتمضي السنونْ
وهكذا دارتْ رحاها الطحونْ
في شَجِّهَا حيناً وفي طَعْنِها
سينقضي العمرُ وأين الفرار؟
وثورةُ الشاكين من طحنِها
نوحُ الشظايا وعتابُ الغُبارْ!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي   ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي Emptyالجمعة 27 يونيو 2014, 11:19 am

رحلة


نقلتُ حياتي والحياة بنا تجري
من الحلمِ المعسولِ للواقعِ المرِّ
فيا منتهى فنّي إلى منتهى الهوى
على ذروةٍ بيضاءَ في النور والطهرِ
عرفتك عرفان السماء ولم تكنْ
سوى همسات النجم ما جال في صدري
وغامت خطوطُ السفحِ حتى نسيتها
وحتى توارى السفح من عالم الذكر
وفي القممِ الشّمّاءِ حلّقتُ حائماً
وأنبتَ في أعلى شواهقها وكري
ولم يبقَ إلا أنت والجنَّةُ التي
زرعنا وكلّلّنا بيانعة الزهرِ
ولم يبقَ إلا أنت والنسمةُ التي
تهبُّ من الفردوسِ مسكيَّةَ النشرِ
ولم يبقَ إلا أنت والزورقُ الذي
ترنَّحَ منساباً على صفحة النهرِ
فيا منتهى مجدي إلى منتهى الغنى
غنىَ الروحِ بعد الضّنكِ والذلِّ والفقرِ
أعيذك أن أغدو على صخرة لَقىً
وكنتِ مِجَنّي في مقارعةِ الصخرِ
أعيذك بعد التاجِ والعرشِ والذي
تألَّقَ من ماسٍ وشعشع من تبرِ
أعيذك من ردّي إلى سَفهِ الثرى
وحِطَّتِه بين الأكاذيبِ والغدرِ
أعيذكِ أن تنسي ومن بات ناسياً
هواه فأحرى بالنهى عقم الفكرِ
فيا لك من حلمٍٍ عجيب ورحلةٍ
تعدَّتْ نطاقُ الحلمِ للأنجمِ الزُّهرِ
ويا لك من يومٍ غريب وليلةٍ
عَفَتْ وغفتْ عن ظلمِ روحين في أسر
ويا لك من ركن خَفِيٍّ وعالمٍ
خَفِيٍّ غنيٍّ بالمفاتنِ والسحرِ
ويا لك من أفقٍ مديد ومولد
جديد لقلبينا ويا لك من فجرِ
عرفتك عرفان النهار لمقلةٍ
مخضّبةِ الأحلام حالكةِ الذعرِ
رأت بك روحَ الفجرِ حين تبيّنتْ
بياض الأماني في أشعّتِهِ الحُمرِ
بيَ الجرحُ جرحُ الكونِ من قبل آدمٍ
تغلغلَ في الأرواحِ يَدْمي ويستشري
تولّتهُ بالإحسانِ كفٌّ كريمةٌ
مقدّسةُ الحسنى مباركةُ السرِّ
فإن عدتُ وحدي بعد رحلتِنا معاً
شريداً على الدنيا ذليلاً على الدهرِ
رجعت بجرحي فاغرَ الفمِ دامياً
أداريه في صمتٍ وما أحد يدري
هو العيشُ فيه الصبرُ كاليأس تارةً
إذا انهارت الآمالُ واليأسُ كالصبرِ
عرفتكِ كالمحرابِ قدساً وروعةً
وكنتِ صلاةَ القلبِ في السرِّ والجهرِ
وقد كان قيدي قيدَ حبِّكِ وحدَةُ
أنا المرءُ لم أخضعْ لنهيٍ ولا أمرِ
وأعجبُ شيء في الهوى قيدُكِ الذي
رضيتُ به صِنْواً لإيماني الحرِّ
بَرمْتُ بأوضاعِ الورى كل أمرهمْ
وسيلةُ محتاجٍ ومسعاةُ مضطرِّ
برمتُ بأوضاعِ الورى ليس بينهمْ
وشائج لم توصَلْ لغايٍ ولا أمرِ
إذا كان ما استنُّوا وما شرعوا القِلى
فذلك شرعُ الطينِ والحمَإِ المَزرى
تمردتُ لا أُلوي على ما تعوّدوا
ونفسي بهذا الشرعِ عارمةُ الكفرِ
وهبْ ملَكي الغالي الكريمَ وحارسي
تخلى فما عذرُ الوفاءِ وما عذري؟
عشقتُكِ لا أدري لحبيَ مبدءاً
ولا منتهى حسْبي بحبِّكِ أن أدري
إذا شئتِ هجراناً فما أتعس المدى
من النورِ للّيل المخيِّمِ للحشرِ!




رجوع الغريب


عادتْ لطائرها الذي غَنّاهَا
وشَدَا فهاج حَنينَها وشَجاهَا
أيُّ الحظوظ أعادها لوَ فيِّها
ونجيِّ وحدتها وإلفِ صباهَا
مشبوبة التحنان تكتم نارَها
عبثاً وتأبَى أن يبين لظاهَا
يا إِلفيَ المعبود! سِرّك ذائع
نار الحنين دفينها أفشاهَا
ماذا لقينا من لقاءٍ خاطفٍ
وعشية كالبرق حان ضحاهَا؟!
يا ويح هاتيك الثواني لَم تقف
حتى نسيغ هناءةً ذقناهَا!
حتى يمتع باليقين مكذب
عينيه في رؤيا يضلُّ سناهَا
تمضي لها الأبصارُ مُشعلة الهوى
وتحول عنها ما تَطيق لقاهَا!
تخبو العواطفُ في الصدور وتنتَهي
ويَجف في زهرِ القلوبِ نذاهَا!
وأنا أحسُّ اليومَ بدءَ علاقةٍ
وعنيف ثورتها وحزّ مدَاهَا!
لم تُرو منكِ نواظري وخواطري
ورجعت أزكى مهجةً وشفاهَا!
مدَّ الخريفُ على الرياض رواقَةُ
ومضى الربيعُ الطلقُ ما يغشاها
ما بالرياض؟! كآبةٌ في أرضِها
وسحابةٌ تغشى أديمَ سماهَا!
جمدت حمائمُ إيكِها وأنا الذي
شاكيتُها فاغرورقت عيناهَا!
كيف السبيلُ إلى شفاء صبابه
الدهر أجمع ما يبلُّ صداهَا!!
وإلى نسائم جنة سحرية
قرّحتُ أجفاني على مغناهَا!
قضيتُ أيامي أضمُّ خيالَها
وأضعت أيامي أقول عساهَا! 






رسائل محترقة


ذوت الصبابةُ وانطوتْ
وفرغتُ من آلامها
لكنني ألقى المنايا
من بقايا جامها
عادت إليَّ الذكرياتُ
بحشدها وزحامها
في ليلة ليلاء أرّ
قني عصيب ظلامها
هدأت رسائل حبها
كالطفل, في أحلامها
فحلفت لا رقدت ولا
ذاقت شهيَّ منامِها
أشعلت فيها النار ترعى
في غزيز حطامها
تغتال قصة حبنا
من بدائها لختامها
أحرقتُها ورميت قلبي
في صميم ضرامها
وبكى الرماد الآدمي
على رماد غرامها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  ديوان الشاعر ... ابراهيم ناجي
»  ابراهيم الغزي الشاعر
»  0 ديوان الشاعر ابو العتاهيه
» ديوان الشاعر ( أحمد مطر )
» ديوان الشاعر ... عمر الفرا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: دواوين شعر-
انتقل الى: