ان فزعة الاقارب والناس اجمل ما في العرس وهي تظهر فزعة الاحباء في المناسبات الاجتماعية وخصوصا الأفراح ، حيث يقوم الجميع بدعم العريس ليهونوا عليه عبء مصاريف الزواج حيث اعتاد الناس أن يردوا العداء بالتكاتف.يقول هايل عبد.
ويشير رائد احمد ان تكاتف الناس مع اهل العرس يعد امرا من مظاهر التكاتف الاجتماعي وهي نوع من الاتفاق الانساني الضمني الذي يقوم على قيم الجماعة كونها مصدر إلزام جمعيا ودرع حماية لا يستطيع الفرد التخلي عنه، فالانتماء شيء أساسي في حياة الانسان، وقديما كانت القوانين الاجتماعية أكثر سطوة على الناس كونهم مرتبطون بالجماعة وبالبيئة .
يقول: لقد تغير هذا الواقع بشكل كبير في الوقت الحالي ولكن الأخلاق لم تتغير برأيي، فهي عائدة لحضور الضمير الإنساني والتربية، المعايير قد تتغير، لكن الأساس الذي تقوم عليه التربية ثابت إضافة إلى أن هذه المظاهر مرتبطة أساسا بطبيعة الانسان الخيرة، وهي أحد أشكال التعبير عنها .
الأفراط بالأشياء الجميلة
وأكد مروان خالد بقوله للأسف أننا نفرط بأشياء جميلة ومفيدة في نفس الوقت من منطلق التطور والعولمة ومن هذه الأشياء الجميلة مساندة الناس لأهل العرسين والعروسين فقديما كان يقدم لهما مما يخفف العبء بشكل كبير على العريس مبينا ان والده عندما تزوج والدته لم يشعر بتكاليف زفافه لأن كلا العائلتين اجتمعت وقسمت أثاث المنزل وكل جلب شيئا فاستلم والده منزلا مؤثثا ولم يغرم او يدان.
يقول :» نحن من نفرط في كل جميل ومفيد تحت شعار التطور وكأن تراثنا شيء يعاب عليه فنتنكر له فأتمنى أن تعاد كثيرا من العادات منها تلك المساعدة التي تخفف على الناس وتجعلهم يشعرون بفرحتهم بدلا من التفكير بالديون .
يصف نادر ليث مظاهر الفزعة، وجمالية حضورها في العادات الاجتماعية ويقول: جرت العادة على أن يقوم الناس بتقديم (النقطة ) للعريس وهي مبلغ من المال حسب القدرة المالية لكل شخص، ليساعدوه في سد مصاريف الزواج، أو يتفق المقربون منه فيما بينهم ليفرشوا له المنزل، فيقوم كل منهم بشراء القطع التي يقدر على شرائها، وتختلف هذه الظاهرة مابين منطقة وأخرى ولكنها ما تزال سارية في كثير من الأماكن .
موضحا ان ابن خالته اقترب حفل زفافه حيث قبل الموعد بإسبوع يتوجهون عنده ويتعللون بالأغاني والأهازيج والضحك والسهر
وتختلف مظاهر الفزعة بين منطقة فهو يرى أن المناطق الشعبية أكثر احتفاظا بهذه المظاهر، التي تختفي تماما في الأحياء السكنية الحديثة والراقية .
فروق واضحة
وتفسر رؤى عامر وجود هذه الفروق الواضحة بين عادات الأحياء الشعبية والمناطق الحديثة بإختلاف معايير الحرية الشخصية التي تدفع بهم إلى العزلة عن الآخر غالبا، بينما يفكر أبناء الأحياء الشعبية بحاجتهم للمساندة كونهم لا يشعرون بالقوة المادية، لذا يعوضون عنها بدعم الجماعة .
سهام حسين ترى أن هذا التكاتف وفزعة الناس مرتبطة بالعادات التي اعتادوا عليها وكله « دين وسداد « وتقول: تربينا على أنها جزء من عاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها عن أجدادنا، وهناك الكثير من القصص المحكية في هذا الصدد، وهي تعني لنا جملة من المفاهيم الجميلة والرائعة عن المساندة الاجتماعية .
وتجد أن الخصوصية قتلت الكثير من العادات الجميلة ومنها المساندة والوقوف الى جانب اهل المناسبة، فهناك الكثير من الناس الذين يحتاجون إليها من دون أن يدري عنهم أحد، وهذا بسبب الخصوصية والانغلاق على الذات عكس ما كان سائدا في الماضي.
مظاهر الفزعه اختفت إلى درجة كبيرة، وربما اقتصرت على ايام المناسبة نفسها ولم تعد تظهر قبل بوقت حيث لا احد يعلم بوجود زفاف الا بيومه من سماع الاغاني على العكس عما كان قبل حيث قبل مدة طويلة نجد الجميع متوجه الى ذلك المنزل ليقدموا الدعم والتعبير عن سعادتهم حسب قول :» سمية علي فهي ترى أن الفزعة لم تعد موجودة كما كانت في السابق بسبب تأثير أخلاق العولمة التي دفعت الناس إلى الانغلاق على الذات، والانفتاح على التكنولوجيا.
وقع اجتماعي
يذكر عيسى معاذ 65 عاما انه على الرغم من أن العرس ما زال محافظا على وقعه الاجتماعي المفرح والمؤثر إلا أنه تغير بين الأمس واليوم، فأفرز مهنا متخصصة فيه، لم تكن قديما كذلك.
قائلا :» كان العرس قديما مناسبة حقيقية للفرح، ليس للعروسين والمقربين منهما فقط، بل كان فرحا يخص كل أهالي القرية أو الحي، حيث يفرض نفسه في منطقة إقامته، بينما عرس الصالات اليوم لا أحد يشعر به، فتجده محصورا بين جدران الصالة، حيث كان سابقا يقام في ساحة من الساحات الواسعة أو في بيت الشَعر.
ويضيف أن مشاركة الناس في العرس فيما قبل كانت أوسع، فالشباب ينشغلون بتجهيز العريس، وحمامه، ولباسه، والصبابا ينشغلن بتزيين العروس، ويقيمون حفلة قبل العرس، بينما تسلمت هذه المهام اليوم صالونات التجميل، فتضاءلت الحالة الجماعية التي كانت جزءا من فرح العرس، على حساب بروز مهن باتت متخصصة في التحضير للعرس، ورغم اللمسة الحديثة التي أضافتها إلا أن تكلفتها باتت تشكل عائقا أمام العروسين قبل أن يقدما على الزواج.
رأي العلم
توضح الدكتورة فاطمة الرقاد اختصاص علم الأجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية ان المساندة، نوع من التكاتف الاجتماعي تفرضه ظروف معينة، موضحة أنها تعني الإسراع إلى نجدة الناس وتلبية حاجتهم، وهي موجودة منذ زمن الجاهلية.
وأما عن دوافع الناس للفزعة، فهي توضع في ثلاثة محاور رئيسة تتمثل في شح الموارد لذلك يتقاسمها الناس، والتنافس والنزاعات على الموارد الشحيحة أو المحدودة .