ثقافة الزواج.. غيابها يزيد حالات الطلاق

ثقافة الزواج.. غيابها يزيد حالات الطلاق


ادراك وجود مشكلة هو نصف الحل، ولعل العلم بالشيء افضل من ادراكه لاحقا، والاستعداد هو سيد الموقف، هذا كله واكثر ينطوي تحت بند اعداد الشباب والفتيات لمرحلة هامة في حياتهم، الزواج وتأسيس اسرة.
غالبا ما تكون النصائح والتوعية عن مكان شراء فستان الزفاف وبدلة العرس، وافضل محل مفروشات واكثرها جودة، صالون التجميل الامهر والمصور الاشطر، هي نصائح يبادر الجميع الى تقديمها الى كل من ينوي الزواج والارتباط، ولكن لا تجد من يهمس في اذني العروسين بأمور تثقيفية تدور في فلك علاقتهما الاجتماعية والنفسية وحتى الجسدية.
دور كان فيما مضى مناط بالجدات والامهات وحتى الاباء، «الهمس في اذن المقبل على الزواج، بأمور ستسهل ايامه لاحقا»، واليوم وفي ظل انفتاح وتكنولوجيا جعلت من الانترنت خادم المعرفة الامين في متناول يد الجميع، ساد جهل وتراجعت قيمة ثقافة ما قبل الزواج، لتضعنا امام ارقام متنامية للطلاق وفشل الزواج.

اعمدة الاسرة.. متينة
تقول العشرينية «نسرين ابراهيم» سبب طلاقي هو عدم قدرتي على التعامل مع نفسية ومزاج زوجي السابق. وللامانه» تتابع نسرين، «لم أجد من يوجهني قبل الزواج او بعده بأمور كانت ضرورية انذاك للتغلب على مشكلات حدثت وساهمت في حدوث النزاع ومن ثم الطلاق». ويرى الشاب الثلاثيني «مؤيد ناصر» ان الجهل بأمور عديدة دفع به الى طلاق زوجته بعد عامين من الارتباط».
واضاف»طلب الحلول لاحقا امر ذا مشقة، ويسوق الانسان الى اراء وتصرفات بحسب اهواء الاخرين، لذا اجد نفسي اميل ، بعد التجربة السابقة الى طلب مشورة اهل الدين والعلم والاختصاص، حتى لا اكتوي بنار الفشل مرة اخرى».
وبناء على تجارب نسرين ومؤيد، والعديد من افراد ساهموا من خلال تجاربهم الفاشلة في موضوع الزواج والارتباط ، الى رفع نسبة الطلاق في مجتمعنا بحسب الدراسات والأبحاث، يقول اخصائي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، ان الاهتمام بالاسرة يبدأ قبل تأسيسها من خلال اعداد اعمدة هذه الاسرة، الشاب والفتاة في اسرتهما الكبيرة بداية.
ويضيف ان نجاح الامر يتطلب وعيا وتعاونا من الزوجين ، للحد من المشكلات التي قد تواجههما، اذا عرفنا ان الأسرة هي اللبنة الأساسية في البناء الاجتماعي ، والمعقل الأول للتنشئة الاجتماعية وهي العنصر الفعّال في التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسكاني.
ويؤكد الدكتور الخزاعي انه من الخطأ اغفال جوانب عديدة في اعداد الزوجين ومنها التوعية الجنسية ضمن اطار شرعي وعلمي، وكذلك
نوه الى اهمية إيجاد برامج توعوية وتدريبية للمقبلين على الزواج من الجنسين: لما لهذه البرامج من أثر إيجابي في تقليل نسب الطلاق والحد من المشكلات الأسرية وآثارها السلبية على الأسرة والأبناء والمجتمع.

طلاق قبل الدخول
تؤكد التقارير ان الغالبية العظمى من حالات الطلاق في الأردن تتم قبل الدخول «أي قبل إتمام مراسم الزواج» وهي تشكل ما نسبته (44%) من إجمالي حالات الطلاق.
وذات التقارير تشير الى ان حالات الطلاق بعد الدخول تتم غالبا في السنوات الثلاث الأولى من عمر الزواج.
في سعي للبحث عن الاسباب ، يرى مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان ان الدورات التي تغطي النواحي الشرعية والقانونية والاجتماعية والصحية في حياة الفرد وشريكه أمر ايجابي يجب ان يعيه المجتمع ويسعى الى ادراجه ضمن ثقافة تقدم من ذوي الاختصاص واهل العلم والدراية وحتى الاسرة، لكل شاب وفتاة مقبل على الزواج والارتباط.
كما بين أن فهم الأزواج لنفسية كل منهما للآخر ، والقدرة على الحوار والتدرب على طرق التعامل مع المشكلات الاجتماعية، تسهم أيضاً في زيادة التواصل بين الأزواج وداخل الأسرة.

اسباب الطلاق في مجتمعنا

تعددت الاسباب والنتيجة واحدة، طلاق وانفصال،  وبالبحث تبين بحسب الدكتور الخزاعي ان دراسات ميدانية أكدت ان (54%) من حالات الطلاق قبل الدخول تقع بسبب سوء الاختيار. فيما تبين ان %32 من حالات الطلاق في السنة الأولى من الزواج تعود الى عدم القدرة على التواصل الفكري واللفظي.
ولم تغفل الدراسة بحسب الدكتور الخزاعي عن دور الجانب الصحي لما له من اهمية كبرى في الحياة الزوجية. يقول» هناك تغيرات تطرأ بعد الزواج، وتؤثر في سلوكيات وتصرفات الافراد، ويبقى موضع الخلاف تعامل كل فرد مع هذه التغييرات. وزاد ان الثقافة الجنسية لها أهميتها في الحياة الزوجية ولا بد من وعي الزوجين واعدادهما لها ضمن اطار شرعي وعلمي. وتطرق سرحان من جهة أخرى الى جزئية نغفل عنها في خطوة الزواج وتأسيس اسرة وهي العلاقة مع الأهل في مجتمعنا، مؤكدا ان لها علاقة قوية في نجاح الحياة الأسرية واستقرارها ويعم خيرها وفائدتها بالتالي على المجتمع وافرادها.
وزاد «ثقافة ما قبل الزواج ضرورة التفت اليها مجتمعات عديدة وعملت على وضع دورات وبرامج تقدم للمقبلين على الزواج ، ونحن كمجتمع عربي واسلامي لابد من لابد من الالتفات الى اساسيات من ثقافتنا تدرس للاجيال القادة ومنها الإبقاء على صلة الرحم والتواصل مع الآخرين والمجتمع دون الإضرار بالحقوق الزوجية.
ولفت سرحان الى العوامل التي لابد من تدريب المقبلين على الزواج عليها ومنها فن إدارة الأسرة والتعامل مع الميزانية نظراً لأهمية العامل الاقتصادي في ظل اوضاع معيشية صعبة، مؤكدا ان المناهج المدرسية يجب ان تتضمن موضوعات عن الزواج وبناء الأسرة وكذلك استمرار التوعية بعد الزواج وخصوصاً في السنوات الأولى من الزواج، التي هي الاخطر في عمر الزواج فيما بعد.