ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: من البسطة إلى السوق الشعبي الثلاثاء 19 أغسطس 2014, 3:59 am | |
| [rtl]من البسطة إلى السوق الشعبي[/rtl] [rtl] [/rtl][rtl]
الأسواق الشعبية هي مصدر رزق آلاف من الأردنيين، والمتنفس الممكن لفئات واسعة من المتسوقين، ويجب ألا تبقى هذه الأسواق على وضعية (البسطة) العشوائية القائمة حاليا، بحيث تتغول هذه البسطات على الرصيف الذي هو من الحقوق العامة للمشاة، وكذلك بحيث لا يصبحوا منافسا ثقيل الوطأة على أصحاب المحلات التجارية الذين وضعوا استثمارات كبيرة في افتتاح محلاتهم وتشغيلها، والقضية يمكن أن تحل بتنظيم السوق الشعبي، ووضعه في إطار صحي لكل من البائعين والمتسوقين. السوق الشعبي، سوق الجمعة، البسطات، كلها ليست بدعة أردنية، فحتى في المدن الأوروبية المتقدمة يحضر سوق الأحد الذي يكون كرنفالا واسعا يمتد أحيانا على معظم شوارع المدينة التجارية والحيوية، وتكون جميع المحلات التجارية مغلقة، والمرور ممنوعا، بمعنى أن السوق هو جزء من الثقافة العامة للمدينة وتراثها، وفي مدن أخرى، فإن بعضا من الشوارع مغلقة أمام السير لتمكين الأسواق الشعبية من الانتشار بصورة صحية وسليمة، ودون عرقلة أي من الأنشطة في المدينة، فمدينة لوكسمبورغ التي يمكن أن تعتبر من أثرى وأرقى مدن العالم بها سوق شعبي حيوي ولكنه لا يمثل أدنى مشكلة مرورية للمدينة، كما أنه يمتد في مجموعة من الشوارع القديمة في المدينة التي تحولت أصلا إلى مقصد سياحي. البسطات تشوه منظر المدينة وتعرقل المرور، وتتسبب في مشكلات واسعة مع أصحاب المحلات التجارية الذين تتوارى محلاتهم خلفها، والمطلوب ليس إلقاء هذه البسطات إلى الهاوية، ولكن تنظيمها، بتجميعها في مناطق مخدومة جيدا، تحترم البائع والمشتري والمتجول في السوق، وتوفر له المجال الحيوي الذي يحتاجه من أجل التسوق وحتى الاستمتاع بوقته. سوق جارا الذي ينعقد كل يوم جمعة في شارع الرينبو يمكن أن يعتبر نموذجا، مع أن بعض الملاحظات يتوجب معالجتها في السوق، وفي جميع المناطق يجب أن تتوفر أسواق منظمة بشروط معينة، كما يجب على من يرغب بالتواجد في السوق أن يقوم بالدفع للأمانة التي تقوم بإدارة الأسواق الشعبية، فالمسألة ليست في احتلال مساحة من الرصيف في أي مكان، وممارسة العنف أحيانا من أجل المحافظة عليها، ومن ثم التوسع فيها، لدرجة أن بعض أصحاب البسطات يمكن أن يطالبوا ببدل مالي من أجل التخلي عن مواقعهم، وذلك يحدث فعلا، عدا الحديث عن بعض المستفيدين من تواجدهم والذين يوفرون لهم الحماية بطريقة أو بأخرى. تستوعب عمان والمدن الأخرى العديد من الأسواق الشعبية، وتوجد مساحات خلاء من الأرض يمكن تجهيزها وتحضيرها بصورة لائقة، والمطلوب هو رؤية شاملة لهذه المسألة والاعتراف بوجود قطاع من الاقتصاد غير الرسمي يجب أن يعيش وأن يجد الفرصة أيضا للنمو والازدهار، وذلك سيكون الباب أصلا لتنظيم هذا القطاع، ودمجه في القطاعات الاقتصادية الخاضعة للتنظيم والرقابة. الجميع يعيش حالة قلق، فتفكيك البسطات والتجارة الواسعة التي تقوم عليها سيلقي بأصحابها إلى حلول أخرى ربما تكون مزيدا من التوتر والعنف في الشارع، كما أن تأهيل هذا القطاع أفضل من ذبحه لأنه أصبح شئنا أم أبينا حلقة في الاقتصاد الأردني، وتوجد الكثير والكثير من المهن وفرص العمل المرتبطة به. عمان مدينة جميلة، بين المدن الأروع التي يمكن أن يراها الإنسان، أهل عمان والأردن لا يقدرون ذلك لأنهم يعايشون لأنهم يعايشون حالة من التعود والمعايشة المستمرة، ولكن الزائر لأول مرة، وهو يتجول في المدينة، يدرك كم هي جميلة واستثنائية، والبسطات وغيرها من مظاهر العشوائية أصبحت تؤثر على طابع المدينة وجماليتهاوفرص الحركة التنقل بصورة صحية، ولذلك يجب أن يعاد العمل على مدينة منظمة متأهبة بإظهار أفضل ما فيها من جماليات، وهذه المهمة التي أصبحت تؤجل وتؤجل المرة بعد الأخرى، مع أنها ليست بالمهمة الصعبة، فهي لا تتطلب بناء شيء جديد من الفراغ، ولكنها تتطلب فقط تنظيم ما هو قائم ومن ثم إعادة عرضه بصورة مناسبة، والأسواق الشعبية التي تراعي روح المدينة وطابعها يمكن أن تمثل إضافة لها، شريطة أن تكون مشتملة على الطابع الآمن والمنضبط، وهو ما يمكن توفيره بالتفاهم مع العارضين في هذه الأسواق والذين لن يكونوا منشغلين بالصراع من أجل الأمتار المربعة التي احتلوها من الرصيف، معتبرين المحافظة عليها مسألة حياة أو موت، ولكنهم سيكونون جزء من لوحة فنية تضاف للمدينة وبالتالي سيتفاعلون بإيجابية مع شروط واضحة ومتفق عليها.[/rtl] |
|