قراءة عقول الآخرين
م. فواز الحموري
نتحدث جميعا ونعاني كثيرا من سلوكنا في الشارع العام وخصوصا عند قيادة السيارة ومصادفة سائق أو سائقة وسط الطريق دون تحديد وجهة المسير وإجبار الآخرين على توقع ما يفكر فيه للانعطاف نحو اليمين، الاتجاه إلى أقصى اليسار أو حتى الاستمرار في مسرب الوسط.
والأدهى من ذلك وضع عبارة على بعض السيارات: « كيف ترى قيادتي « والتي غالبا ما تكون سيئة وخطرة ومربكة للعموم في الشارع سواء من السائقين أو المشاة.
ترى كيف يمكن قراءة عقول الآخرين سواء من السائقين لمركباتهم الصغيرة والمتوسطة والكبيرة أو الآخرين في مختلف المواقع والمستويات لندرك وجهتهم في مشوار الحياة ونحدد كيفية التعامل معهم وخصوصا عند الأزمات وفي المواقف الصعبة وعند المحكات والمنعطفات في تاريخ زمننا المعاصر.
نحتار فعلا في الكثير من الآراء والتعليقات حول الأحداث الراهنة ونعجز عن قراءة عقول الآخرين وما يدور في خلدهم وخلاصة ما يفكرون به حتى يتسنى لنا جميعا السير معا في طريق واضح ويوصل إلى الهدف المنشود ؛ ولنتحدث عن الكم الهائل من الآراء والتعليقات والتحليلات المنتشرة في جميع المواقع حول ابرز التطورات الراهنة ومنها: تكليف رئيس الوزراء العراقي الجديد لتشكيل الحكومة ، تطورات أحداث قصف غزة ، المشاهد المتاحة لأنشطة حركة «داعش».
دون عناء يمكن قراءة الكثير من الطروحات حول التطورات المذكورة ولكن لننتبه جميعا على المضمون وليس الشكل في إخراج تلك الطروحات إلى حيز الوجود وفق المصالح والمنافع والأبعاد والجهات المستفيدة من جراء ما يحدث وسوف يحدث لاحقا بعد تكشف العديد من الخفايا والأسرار السياسية وإفشائها للعموم من خلال مؤلفات قادة السياسة العالمية وتناول تاريخ الأحداث وكيف تم التعامل معها بل وكيف تغيرت السيناريوهات وتم حسم الأمور واتخاذ القرارات بخصوصها وتقرير المصير للعديد من البنود ذات الصلة ، ولعل من يقرأ مذكرات هيلاري كلينتون –وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة–يستطيع الوصول إلى نتائج كثيرة غيرت معالم الشعوب ونمط حياتهم وفقا لحسابات السياسة ومعادلاتها وموازينها البحتة.
ليس من الحصول قراءة عقول الآخرين السائرين أمامنا والقاصدين تغيير العالم كما يحلو لهم، تماما مثل من يغلق الشارع لإقامة حفل نجاح خاص أو بيت عزاء والاعتداء على حرية الناس وتنقلهم من مكان إلى أخر وهذا ينطبق على عالم السياسة والعبور إلى محطات تقرير الشعوب وتجاوز أصناف وأشكال الشدائد والمحن على مر السنوات وما يحاك في مطابخ السياسة على نار هادئة تارة وبغليان بتارات أخرى.
يبدو تماما أننا لا نقرأ كثيرا وطويلا ولكن نتفاعل بفعل ورد فعل لمجمل ما يحدث ونكتشف حقيقة ما كان بعد فترات طويلة من تناول الوجبات الجاهزة والسريعة وطلبات التوصيل لتلك الوجبات على مدار الساعة ومن خلال من تبثه وكالات الأنباء والمواقع الالكترونية لحظة بلحظة.
ويبدو كذلك أننا لا نقرا ما يدور في عقول الشباب والأجيال الفتية و لا نحاورهم ونتبادل المعرفة والخبرة معهم ونحترم أرائهم ووجهات نظرهم وحمايتهم من غسيل «المخ» والانسياق وراء الحيل والأحداث المفبركة والتلاعب بالمشاعر والأحاسيس والاغتيال الشخصي مع سبق الإصرار والترصد.
نحن والأخر فسحة حضارية تعنى بتنوير العقول وإتاحة المجال لقراءة سليمة وصحيحة لمجمل ما يدور حولنا من محطات تاريخية إما أن تكون مضيئة بالعطاء والرخاء أو معتمة بالجهل والتخلف فقط لا غير.
قراءة عقول الآخرين مهارة يجب إتقانها لمعرفة الاتجاهات -والتي على ما يبدو أصبحت أكثر من أربعة وهي للتذكير
يمين ، شمال ، أمام ، خلف )–ولتحديد بوصلة المسير والمصير بتبصر وقرار مكين ، فهل نقرأ ونتقن تلك المهارة لمتابعة المسير ؟