حين يأتي الأرق
زمان ..حين كان يستبد بك السهر ..كنتَ تستلقي على ظهرك وأنت في حوش الدار و تضع عينيك في السماء ..تسرح الى أكثر ما تريد ..و كنت تختمها بعدّ النجوم أو مراقبة تقاربها و تباعدها ..
اليوم ..يصيبك الأرق ..ولا تملك حوشاً ولا حتى داراً كي تتمدد و تضع عينيك في السماء ..لأنك تسكن شقّة طابق رابع وحيث وجهك بصرك الى فتحة أو كوّة رأيت عمارة تمنع عنك الأفق و الأجواء ..لذا أنت تستلقي على ظهرك في شقتك ..تحاول أن تسرح باللمبة ..بالابريز ..بساعة الحائط ..تحاول ..مجرد تحاول ..لكن اللمبة تقطع عليك سرحانك ليذهب بصرك سريعاً الى الطاولة لتتأكد أن فاتورة اللمبة وأخواتها مستلقيات على ظهورهن بأمان ..
زمان ..كنت اذا أردت أن تطفش من أبيك أو أمك أو أخيك الأكبر ..كنت فقط تضمن لنفسك أن تقف على ساقيك لكي تطلقهما للريح ..تركض في أي تجاهٍ تريد ..والى أي مدى تحب .. بل تذهب بلا شيء و تعود محمّلا بكل شيء ..
اليوم ..ينتابك شعور جارف أن تهرب منك ..من أولادك ..من التلفزيون ..من تفاصيل شقتك ..من مراياك ..من كتبك ..من أوراقك ..من فيس بوكك .. من واتس أبك ..من حلم حلمته في زاويةٍ ما ..تهرب ..بل تحاول أن تهرب ..مجرد تحاول ..تفتح باب شقتك ..تكتشف أن المصعد معطل ..وأنت ما عدت قادراً على الركض في كل تجاه ..والاتجاهات كلّها ليس فيها مدى ..وليس فيها رحابة ..وان خرجتَ بكل شيء فستعود بلا شيء ..
لذا .. فانك تتقن كيف تمارس الأرق و العودة سريعاً لتفاصيلك التي لا تفارقها الوحدة و عذاب انتظار النهار ..