شجرة التين .. زراعتها وفوائدها وتسويقها
شجرة التين ..
زراعتها وفوائدها وتسويقها
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (
}( القرآن المجيد - التين ) .
يهتم سكان حوض البحر الأبيض المتوسط بزراعة شجرة التين منذ القدم بهذه الشجرة التي تعطي ثمارا حلوة مباركة يستعملها الإنسان للأكل سواء عند نضوجها أو عند تجفيفها فيما يعرف باسم ( القطين ) . وقد ورد ذكر هذه الشجرة في القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل ( والتين والزيتون وطور سنين ) .
وقد عرف الفلسطينيون زراعة هذه الشجرة المباركة منذ عهد الكنعانيين والفينيقيين في لبنان والفراعنة في مصر .
شجرة التين
المزارعون الفلسطينيون يزرعون شجرة التين في إحدى الفترتين ، إما في بداية شهر كانون الثاني حيث يؤخذ غصن من أغصان شجرة تين معمرة ويزرع في بداية فصل الشتاء من كل عام ويسمى هذا النوع ( التين الشريبي ) لأنه يشرب أو يسقى الماء حيث تشكل مياه الأمطار العامل الأساسي لنمو هذه النوع أو الغصن .
ويزرع التين في نهاية شهر شباط وبداية شهر آذار قبل حسوم التين أي قبل نمو الورق والفروع والأغصان الجديدة التي تتجدد سنويا .
وتعتبر شجرة التين من الأشجار المثمرة التي تنمو بسرعة كبيرة جدا حيث تحتاج من 3 – 6 سنوات لتعطي أكلها ، وهي مدة قصيرة جدا إذا ما قورنت بالفترة التي تحتاجها شجرة الزيتون لتعطي ثمارها . وتدل الدراسات النظرية والعملية أن نوع ( السوادي ) هو الأكثر إعمارا .
كيفية الزراعة
يقطع عرف أو غصن لها حسوم قبل إخضرار الشجرة ونمو الورق وللمزارع أن يختار أي نوع من أنواع التين كأن يأخذ المزارع نوع : شحيمي وحلاوي أو عجلوني وموازي . بالتشكيل يتبع إرادة المزارع ، وهناك أنواع من التين تنمو بدون الحاجة للمياه مثل السوادي ، البياضي ، الحلاوي ، وهناك أنواع بحاجة للماء ولا يمكن أن تنمو بدون ماء مثل نوعي العجلوني والموازي .
أما بالنسبة للتربة المناسبة للزراعة فهي التربة الرملية الطينية والتي هي فرع من الجبال الحمراء .
أنواع التين
هناك عدة أنواع من التين ، تزرع في ريفنا الفلسطيني ، وأهم هذه الأنواع ما يلي :
العناقي – وهو أفضل الأنواع .
الشحيمي – حبته تشبه شكل الإصبع .
الحلاوي – حبته مدورة مثل حبة البصل .
السوادي – مدور ولونه اسود .
العجلوني – حبه صغير مدور .
الموازي – كبير الحجم ويسمى أيضا أبو زكم .
الصفاري – حبته مقرعة مربعة .
البياضي حبته مدورة .
الخضاري – حبته مليئة مدورة ومربعة .
الحاري – حبته طويله .
الخرطماني – وثماره أكبر من ثمار الأنواع الأخرى .
كيفية قطف الثمار
حول كيفية قطف ثمار شجرة التين ( التقت الفجر ) المزارع مصطفى سليم عصيدة من قرية تل قضاء نابلس ، وهو أيضا طالب في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ، حيث قال : " حتى تكون عملية القطف اقتصادية من ناحية تكاليف الأيدي العاملة والوقت الذي يستغرقه القطف وحتى نستطيع جمع أكبر قدر ممكن من الثمار ذات النوعية الواحدة في فترة محددة فإن المزارعين يتبعون أسلوب ( دهان التين ) حيث يقوم المزارعون بوضع نقطة من زيت الزيتون أو الايثلين على رأس حبة التين قبل نضجها ( العجرة ) . وهذا يشمل طبعا عدة أشجار في يوم واحد بحيث يعمل هذا الزيت على استثارة عوامل النضج إذ نجد أن عدة أشجار يتم إنضاج ثمارها خلال يوم واحد . وهذا طبعا لا يشمل كل ثمار الشجرة لأن ذلك يتم على مراحل متعددة وبهذه الطريقة نحصل على كمية ضخمة من التين في فترة بسيطة . أما الفترة الزمنية بين وضع الزيت وبين النضج فهي عادة أربعة أو خمسة أيام . ويتم قطف الثمار منذ الصباح الباكر حيث أن الثمار تبقى في وضع أفضل بسب تبللها بالندى معظم أيام الموسم " .
تجفيف التين
عند نضوج ثمرة التين على الشجرة الأم ، وفي حالة قطفها تذبل الثمرة ثم تتساقط عن أمها وبعد ذلك يجمعها المزارع ويضعها في مكان جاف لتصبح تينا مجففا أو ما يعرف أو يطلق عليه اسم ( قطين ) الذي يباع في الأسواق على شكلين :
الشكل الأول : يضع حب التين على شكل مشكاك كل حبة على حدة يجمعها خيط .
أما الشكل الثاني : فتفتح فيه الحبة وتلصق مع الحبة الأخرى ثم يضاف إليها كمية من الحب فنحصل في النهاية على كيلو غرام تين مجفف ملتصق مع بعضه البعض ومضغوط بشكل متماسك فيستعمل كأكلة ممتازة .
وهناك ملاحظة هامة وهي أن ثمرة التين التي يجمعها المزارع عن الشجرة الأم تقل جودتها وصلاحيتها عن جودة ثمرة التين التي تجمع بعد تساقطها دون تدخل المزارع تحت الشجرة الأم .
إنتاج التين السنوي
يعتمد إنتاج شجرة التين مثلها مثل إنتاج بقية الأشجار المثمرة والمحاصيل الشتوية التي يزرعها المزارع الفلسطيني على مياه الأمطار فكلما كانت كمية الأمطار الهاطلة سنويا كبيرة فإن الإنتاج يزيد ويكثر أي أن كمية الإنتاج ترتبط مع كمية الأمطار بعلاقة طردية .
المزارع إبراهيم محمد شحادة : الأرض بقدر ما بتكرمها بتطعمك
كما التقت ( الفجر ) المزارع إبراهيم محمد شحادة من عزموط شمال شرق نابلس بفلسطين وسألته عن الإنتاج هذا العام ( 1986 ) فأجاب قائلا :
" تحتاج شجرة التين مثلها مثل الأشجار المثمرة كالزيتون واللوز إلى كميات من المياه لتتمكن من النمو وإنتاج الثمرة المباركة ، فكلما كانت كميات الأمطار في فصل الشتاء كبيرة ، فإن هذا يؤثر على إنتاج التين وبما أن كميات الأمطار في العام الماضي كانت كبيرة إلى حد ما فإن إنتاج التين هذا العام كان أكثر من العام الذي سبقه ، وكذلك فإن شجرة التين تحتاج إلى الرعاية والحراثة والاهتمام الكافي لتعطينا محصولا وإنتاجا كبيرين والعمل في الأرض هو واجب يجب أن يقوم به المزارع من أجل خدمة الأرض والمحافظة عليها لتعطي إنتاجا كبيرا . فزراعة الأرض أفضل من العمل في قطاعات العمل المختلفة ، فأنا مزارع أعمل في الزراعة أكثر من 40 عاما منذ أن كان عمري حوالي 18 عاما ( فالأرض بقدر ما بتكرمها بتطعمك ) . وفي الأزمان الغابرة كان الآباء والأجداد يزرعون شجرة التين بعدد أيام السنة فكل عائلة كانت تزرع في موسم الزراعة 365 شجرة تين ، أي أن شجرة التين كانت في السابق من الأشجار المهمة التي يعتمد عليها المزارع في دخله " .
فوائد التين
لقد استعمل ثمر التين منذ عهد الفينيقيين في لبنان والفراعنة في مصر والكنعانيين في فلسطين ، كغذاء ودواء . وجاء العلم الحديث ليكرس أهمية التين في البرامج الغذائية وليكشف له منافع عديدة واستعمالات واسعة .
ويعتبر التين من أغنى مصادر الفيتامينات ( أ ب ث ) ، كما يحتوي على نسبة عالية من المواد المعدنية كالحديد والكلس والنحاس وهي المواد البانية لخلايا الجسم والمولدة لخضاب الدم .
ويستخدم التين كغذاء وعلاج للحالات التالية :
التين مفيد جدا للحوامل والرضع .
يقلل الحوامض في الجسم ويدفع أثرها السيئ حيث يستعمل التين لمعالجة ( التقرن ) والعصير الأبيض الذي يؤخذ من ثمرة التين غير الناضجة ذو مفعول قابض .
معالجة الإمساك المستعصي . فتناول بعض حبات التين على الريق يعالج الإمساك .
تناول التين المجفف ( القطين ) يعطي مقدارا عاليا من الحرارة لمقاومة برد الشتاء .
يفيد منقوع التين في علاج إلتهابات الجهاز التنفسي كالتهاب القصاب والحنجرة وتخفيف حدة السعال الديكي . ويصنع منقوع التين كالتالي : تؤخذ عشرين حبة تين وتقسم ك لمها إلى شرحتين ، ثم ترمى في مقدار نصف لتر من الماء الساخن وتترك في الماء مدة 12 ساعة ثم تستعمل .
يفيد التين كعلاج لخراجات اللثة والقروح حيث تقسم ثمرة التين إلى شريحتين ثم توضعان على الخراج أو القروح .
تسويق إنتاج التين
يستمر موسم التين حوالي شهرين أو أكثر قليلا حيث تبدأ الثمار بالنضوج من منتصف شهر آب ولغاية منتصف الشهر العاشر شهر تشرين الأول من ك لعام . وتستعمل كمية بسيطة للاستهلاك الداخلي في القرية أما القسم الأكبر فيسوق في المدن ، مثل مدينة نابلس ، وبقية المدن في فلسطين المحتلة ويسوق جزء لا بأس به في الأسواق اليهودية وخاصة في سوق الكرمل قرب حيفا .
وتعتبر شجرة التين من الأشجار المثمرة التي تعتمد عليها عائلات فلسطينية في مختلف المناطق الريفية ، وهناك بعض قرانا الفلسطينية اشتهرت بزراعة هذه الشجرة مثل قرية تل في لواء نابلس ويطلق عليها ( أم التين ) حيث تصدر من 3 – 5 طن يوميا إلا أن سعر كيلو غرام التين يخضع للعرض والطلب .
أما مشاكل التسويق فتتمثل بعدم وجود جمعية زراعية متخصصة بتسويق إنتاج هذه الشجرة المباركة تقوم بتنظيم العرض والطلب والسعي فيجاد أسواق جديدة لتعريف الإنتاج . أما بالنسبة لأمراض شجرة التين فهناك مرض ( المن ) واسمه العلمي مرض ( الفنجان البني ) الذي يؤثر على المحصول إلا أن المزارعين يعمدون إلى رش الشجرة المريضة بالأدوية والمبيدات الخاصة .
----------------------------------------------------------
هذه المادة الإعلامية عن شجرة التين المباركة نشرت باسم : كمال شحادة
صحيفة الفجر المقدسية – 3 / 11 / 1986 ، ص 8 .