هل سمعت إسـرائيل ما قاله عباس في الأمم المتحدة ؟
بصوت عالٍ وقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقول للعالم من على منبر الامم المتحدة في دورتها التاسعة والستين في نيويورك :
“ دقت ساعة استقلال دولة فلسطين “ .
سمع العالم الخطاب القوي والايجابي فهل سمعت اسرائيل هذا بينما تواصل سياستها الاستعمارية؟
وكأن التاريخ يعيد نفسه لافراغ فلسطين من أهلها الاصليين ..
كانت خططها، منذ المؤتر الصهيوني الاول العام 1897 في بازل .
يهدف لللاستلاء على الأرض ثم الأرض، وبأية وسيلة وثمن .
بدأت بتطبيق ذلك تحت الانتداب البريطاني المتحيز للصهيونية لتمكينها من الاستيلاء على الارض بوضع قوانين تسهل ذلك
وقامت اسرائيل على الارض المسروقة.
في حرب 1948 كانت حملة الهاجاناة مبنية على اجلاء العرب عن احيائهم في القدس الغربية واسكان اليهود فيها تمهيدا لدخولها واحتلالها،
بالاضافة لمذبحة دير ياسين لترويع الناس ودفعهم إلى الخروج
. علق على ذلك الصحافي اليهودي يوري أفنيري الذي اشترك في الحرب ، بقوله
: “إن إجلاء العرب أصبح هدفا للحرب في المحطة الثالثة والاخيرة “ .
نعود اليوم لنذكر العالم، بعد حوالي السبعين عاما من قيام دولة استعمارية، لا تأبه بالانسان وحقوقه ولا بالارض ومن عليها
. فغزة المدمرة اليوم وشعبها البطل بتضحياته المتواصلة لم يخف هذه المرة كما العام 1948 وكما شاهد العالم،
وسكان غزة منهم الكثيرون ممن رحلوا عن بيوتهم بعد التخويف والقتل، والاستيلاء على البيوت والدور والاراضي المزروعة أو غير المزروعة
في يافا واللد والرملة والقرى المجاورة
. وتغير الزمن ليسكن الناس في غزة في “ ناطحات سحاب “ تطل على بحر غزة الأسود الغاضب دوما لأنه محتل .
ففي الحرب على غزة صب الجلاد جام غضبه على ناطحات السحاب، وهدمها على رؤوس أهلها، ولكن من بقي لم يرحل بل نام وصلى على الحطام،
في انتظار إعمار المدينة من جديد وبناء ناطحات السحاب أو الدور الاقل انخفاضا .
وهذه العملية ستأخذ الوقت الطويل بتعقيداتها السياسية والاقتصادية .
فيما اسرائيل تواصل الهدم والبناء لصالحها .
وكأن ذلك يأتي في دورات ويذهب ليعود، كما هي امثلة حروب اسرائيل وعمليات تهويد الارض المتواصلة .
في هذا السياق، ومن المضحك المبكي، أن اسرائيل في عمليات التهويد في كل مكان مثل مدينة القدس صادقت مؤخرا للجهات المختصة بالسكن
على تحويل 211 دونما على مدخل القدس المحتلة في الجهة الغربية الى منطقة سكنية وتجارية تشمل بناء 12 ناطحة سحاب للاستخدام التجاري، بالاضافة الى بناء مجمع جديد للدوائر الحكومية وأيضا بناء الفي غرفة فندقية جديدة بهدف استيعاب السياح القادمين للقدس المحتلة
. ما يُبكي، هو استمرار اسرائيل بذلك لتحول المدينة ومدخلها كما يقولون بشكل لائق لتظل وتكون عاصمة اسرائيل الابدية
. يبنون ناطحات سحاب ليهود العالم ويهدمون ناطحات سحاب في غزة لقلع أهلها من الارض بغير رجعة .
تعيث بالارض تدميرا في كل مكان من فلسطين بالاضافة الى مواصلتها سياستها العنصرية ببناء الجدران،
وهي تقوم اليوم بمواصلة بناء جدار عازل في الاغوار . هذا ما نعرفه ويعرفه العالم -أيضا- وتعرفه أمريكا
التي نصبت نفسها الوصية على العالم وصديقة لاسرائيل، بل حليفتها المفضلة
. فهل سمعت اسرائيل وأمريكا قبل أيام مطالب الرئيس الفلسطيني ؟
قال الرئيس عباس في الأمم المتحدة في دورتها التاسعة والستين:
“ هناك احتلال يجب أن ينتهي الان، وهناك شعب يجب أن يتحرر على الفور
“. وأقول بدوري، هذا كلام صحيح أثلج صدور الفلسطينيين، ولعل التصفيق لمدة دقيقتين ليدل على مدى ترحيب العالم بالطلب لانهاء هذه المأساة الانسانية التي لا مثيل لها بالتاريخ والتي يشجبها الضمير الانساني رغم خوفه من اسرائيل اخر معاقل الاستعمار في العالم .
اسرائيل -إذن- سمعت هذا الكلام والتصفيق، كما سمعت من قبل أنها ستلاحق كمجرمة حرب لما تقوم به من انتهاكات واضحة،
ولن نسمح أن لا تعاقب على جرائمها، ومنها حرب غزة وهدم ناطحات السحاب بينما تقوم بالتخطيط لبناء ناطحات سحاب في القدس العربية الفلسطينية .
نرجو أن يظل الوفاق والمصالحة بين الفلسطينيين كما الحال اليوم، نريد أن يظل الاصرار على أن الوقت قد أزف ولا وقت للمفاوضات كما السابق
اليوم وقبل الغد يجب العمل على حل القضية الفلسطينية حلا عادلا، ونريد أن نعمل مع المجتمع الدولي لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة،
التي لا تزال شعارا مرفوعا كقول دون عمل وتطبيق . لقد اصبح الوقت مناسبا لذلك،
ونرجو عدم التوقف عند هذا الخطاب الايجابي والقوي فقط، بل متابعة الاتصالات مع الامم المتحدة
لتقديم مشروع القرار المقترح من الرئيس عباس لمجلس الامن لحل القضية التي تستعملها اسرائيل لمواصلة تهويدها
وجعلها اعتى دولة عنصرية في العالم
. فهل دقت فعلا ساعة استقلال فلسطين، كما قال عباس ؟
نرجو ذلك، ونتشوق له .!!