إِنَّ هَذَا لَهُوَ الفَوزُ العَظِيمُ●لِمِثلِ هَذَا فَليَعمَل العَامِلُونَ
أشجار كثيرة .. وأنهارٌ جارية ..وقطوفٌ دانية ..
وجنةٌ لا يُسمع فيها لاغية
عجائب الخيرات
مالا عين رأت
ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
إنها دار رب الأرباب وملك الملوكـ والعباد ..
إنها دار خلود وبقاء.. لا فيها بأس ولا شقاء ولا أحزان ولا بكاء ..
لا تنقضي لذاتها ولا تنتهي مسراتها..
إنهـا الجنـة التي قال عنها رب العبـاد عز وجلّ
"إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [60] لِمِثْل هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ [61]"
فما الجنة ؟ولماذا ؟وما صفة أهلها ؟وما صفتها ؟
وما أسباب دخولها ؟
سنتعرف إلى ذلكـ كله بإذن الله من خلال وقفتنا مع هذه الآية الكريمة ..
الجنـة هو الاسم العام المتناول لتلك الدار
و ما اشتملت عليه من أنواع النعيم واللذة
والبهجة والسرور وقرة الأعين .
دار رب الأرباب وملك الملوك التي أعدها لعباده
المؤمنين من الأنبياء والصديقين والشهداء
والصالحين وأهل التوحيد من أمة محمد -
عليه الصلاة و السلام - بعد أن يطهرهم رب العزة
سبحانه من ذنوبهم .
وقد سميت الجنة جنة لأن الداخل إليها تستره بأشجارها وتغطيه .
أما أسباب خلقها ..
فقد خلق الله عز وجل الجنة حتى لا يستوي الصالح بالطالح،
ولا المحسن بالمسيءولا المؤمن بالكافر
ولا المظلوم بالظالم، وصدق الله العظيم
( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ )
( سورة القلم – الآية 35 )
فالموزاين عند الله سبحانه وتعالى محكمة
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه
( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )
( سورة الأنبياء – الآية 47 )
خُلِقت حتى يعوّض رب العزة -
سبحانه - المحسن عن إحسانه والمجاهد عن جهاده
والصابر عن صبره والمحتسب وجه الله - عز وجل -
في كل بلية جرت عليه .
هيَ وَرَبِّ الكعبةِ نورٌ يَتَلأْلأُ وريحانةٌ تَهْتزُّ وقصرٌ
مشِيدٌ ونهرٌ مطَّردٌ وثَمَرةٌ نضِيْجَة وزوجةٌ
حسناءُ جميلةٌ وحُلَلٌ كثيرةٌ ...
فتعالوا أخوة الأيمان نتعرف على شىء قليل
من كثير غزير من ما فى الجنة عل ذلك يدفعنا
للعمل فى نيلها والجد فى طلبها .
قال الله _جل وعلا_ والذين أمنوا وعملوا
الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها
الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيهاأزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا
(سورة النساء)
وقال أيضاجنات عدن مفتحة لهم الأبواب
(سورة ص)
وقال تعالى"حتى أذا جاءوها وفتحت أبوابها
وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين"
(سورة الزمر)
أبوابها : فهي ثمانية أبواب وكل باب قد خصه رب العزة بطاعة
لقول النبي عليه الصلاة و السلام
( فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة
ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد
ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة
ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان )
فقال أبو بكر الصديق : بأبي أنت وأمي يا رسول الله،
وما على أحد من ضرورة أن يدعى من الأبواب كلها ؟
قال - عليه الصلاة والسلام -
( لا ، وأرجو أن تكون منهم) ( متفق عليه )
أي وأرجو يا أبا بكر أن تكون ممن يدعى من الأبواب الثمانية .
أرضها
ثبت عنه صل الله عليه وسلم أنه قال
( خلق الله تبارك وتعالى الجنة
لبنة من ذهب ولبنة من فضة
وملاطها المسك، فقال لها
تكلمي فقالت
( قد أفلح المؤمنون)
فقالت الملائكة : طوبى لكِ منزلُ الملوك )
( صحيح صحيح – الألباني ) أنهارها وعيونها :
الحور العين
عن مادة خلقهن : فيقول
( خلق الله - تعالى - الحور العين من الزعفران )
( أخرجه الطبراني مرفوعاً)
يقول ابن القيم – رحمه الله -
( فإذا كانت الصورة الآدمية في حسنها وتناسقها مادة
خلقها التراب فكيف يكون حال الحور العين
وقد خلقن من الزعفران هناك ؟
و في عفتهن : فيقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه
( وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ )
( سورة الصافات – الآية 48)
أي عفيفات قد قصرن أبصارهن إلا عن أزواجهن
ذهب الحياء بخير الدنيا والآخرة
وفي حسنهن : فقد ثبت عنه صل الله عليه وسلم أنه قال
( لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون
حلة يبدو مخ ساقها من ورائها ) ( صحيح بشواهده )
وفي رواية زاد كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء
درجات الجنة وغرفها
والجنة درجات أعلاها الفردوس الأعلى وهو تحت عرش الرحمن
جل وعلا ومنه تخرج أنهار الجنة الأربعة الرئيسية .
وأعلى مقام في الفردوس الأعلى هو مقام الوسيلة
وهو مقام سيدنا رسول الله - صل الله عليه و سلم
ومن سأل الله له الوسيلة حلت له شفاعته -
صل الله عليه وسلم - يوم القيامة .
وأعظم عطاء الجنة هو النظر إلى وجه الله الكريم
لقول النبي صل الله عليه وسلم
( إذا دخل أهل الجنة الجنة
ودخل أهل النار النار نادى مناد
يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه.
فيقول أهل الجنة: ألم يبيّض وجوهنا؟! ألم يجرنا من النار؟!
ألم يثقل موازيننا؟! فيكشف الحجاب،
فينظرون إلى وجه الله الكريم، فما اعطوا عطاء
أحب إليهم من النظر إلى وجه الله الكريم )
( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه )
وصدق الله العظيم : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )
( سورة القيامة – الآية 22 – 23 )أي وربي أعظم من الجنة هو النظر إلى وجه الله الكريم كما قال الإمام مالك .
وأخيراً هنالك في الجنة أمنيات تتحقق :
جاء رجل إلى النبي - عليه الصلاة والسلام – يقول
( يا رسول الله: هل في الجنة خيل؛ فإنها تعجبني ؟
فقال عليه الصلاة والسلام :
( إن أحببت أتيت بفرس من ياقوته حمراء تطير بك في الجنة حيث شئت)
( حديث صحيح لغير – صحيح الترغيب والترهيب برقم 3757 )
.
.
فيها العباد المنعمون الذين يأكلون ولا يتغوطون ويشربون
ولا يبولون ويتطيبون ولا يمتخطون فيها الوجوه
مسفرة ضاحكة مستبشرة ريحها من أطيب الريح.
قال عليه الصلاةوالسلام
وإن ريحها ليوجد من مسيرة مائة عام
(وسيق اللذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى
إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام
عليكم طبتم فدخلوها خالدين)
أبوابها ثمانية واسعة باقية بين مصراعي كل باب
مسيرة أربعين عاما وليزدحمن عليه المؤمنون وليلتقين
عنده المحبون
وكان العمل أكثر كان الثواب أعظم والوجه أنضر والجزاء أكبر
أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر
واللذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء
إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون
ولا يتفلون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم
الألوة و أزواجهم الحور العين َأخلاقهم - يعني أشكالهم
على خلْق رجل واحد على صورة أبيهم آدم
ستون ذراعا في السماء يدخلوها جردا مردا بيضا
جعدا مكحلين أبنا ثلاثة وثلاثين
فإذا دخلوها فإذا الأشجار تفوح بالأطياب والملائكة
ترحب عند الأبواب وقد رضي عنهم الملك
الوهاب رقت منهم القلوب وأكرمهم علام الغيوب .
هيا بنا نشمر عن سواعد الجد لنيل تلكـ السلعة الغالية
ألا إن سلعة الله غالية ،ألا إن سلعة الله الجنة
ولنتعرف على أعمال تؤدي بنا للفوز بجنة عرضها
السماوات والأرض ومغفرةٍ من الله سبحانه وتعالى ..
أخي في الله
يا من تطلب من الله الجنة ..
ويا من تسأل الله الجنة اعلم أن الإيمان ليس بالتمني
ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل فلن تفوز
بالجنة إلا إن عملت بعمل أهل الجنة .
واعلم أن الإيمان قول وعمل ..
قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان
اسأل الله الذي جمعنا وإياكم في هذه الدنيا الفانية
أن يجمعنا ثانية في جنة قطوفها دانية إنه ولي ذلكـ والقادر عليه ..