منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الموسوعة العقديه - التوراة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الموسوعة العقديه - التوراة Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة العقديه - التوراة   الموسوعة العقديه - التوراة Emptyالخميس 06 نوفمبر 2014, 10:11 am

المبحث الأول تعريف التوراة
[rtl]
التوراة: كلمة عبرانية تعني الشريعة أو الناموس، ويراد بها في اصطلاح اليهود: خمسة أسفار يعتقدون أن موسى عليه السلام كتبها بيده، ويسمونها "بنتاتوك" نسبة إلى (بنتا) وهي كلمة يونانية تعني خمسة، أي: الأسفار الخمسة، وهذه الأسفار هي:
1- سفر التكوين: ويتحدث عن خلق السموات والأرض، وآدم، والأنبياء بعده إلى موت يوسف عليه السلام 
2- سفر الخـروج: ويتحدث عن قصة بني إسرائيل من بعد موت يوسف عليه السلام إلى خروجهم من مصر، وما حدث لهم بعد الخروج مع موسى عليه السلام
3- سفر اللاويين: وهو نسبة إلى لاوى بن يعقوب، الذي من نسله موسى وهارون عليهما السلام، وأولاد هارون هم الذين فيهم الكهانة، أي: القيام بالأمور الدينية، وهم المكلفون بالمحافظة على الشريعة وتعليمها الناس، ويتضمن هذا السفر أموراً تتعلق بهم وبعض الشعائر الدينية الأخرى.
4- سفر العدد: وهو معنيٌّ بعدِّ بني إسرائيل، ويتضمن توجيهات، وحوادث حدثت من بني إسرائيل بعد الخروج.
5- سفر التثنية: ويعني تكرير الشريعة، وإعادة الأوامر والنواهي عليهم مرة أخرى، وينتهي هذا السفر بذكر موت موسى عليه السلام وقبره، وقد يطلق النصارى اسم التوراة على جميع أسفار العهد القديم.
أما في اصطلاح المسلمين فهي: الكتاب الذي أنزله الله على موسى عليه السلام نوراً وهدى لبني إسرائيل.
أما الكتب الملحقة بالتوراة فهي: أربعة وثلاثون سفراً، حسب النسخة البروتستانتية، فيكون مجموعها مع التوراة تسعة وثلاثين سفراً، وهي التي تسمى العهد القديم لدى النصارى، ويمكن تقسيمها إلى خمسة أقسام: 
أولاً: الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام
ثانياً: الأسفار التاريخية، وهي ثلاثة عشر سفرا:
1- يشوع 2- القضاة 3- راعوث 4- صموئيل الأول 5- صموئيل الثاني 6- الملوك الأول 7- الملوك الثاني 8- أخبار الأيام الأول 9- أخبار الأيام الثاني 10- عزرا 11- نحميا 12- إستير 13- يونان (يونس عليه السلام).
وهذه الأسفار تحكي قصة بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام إلى ما بعد العودة من السبي البابلي إلى فلسطين، وإقامتهم للهيكل مرة أخرى بعد تدميره، ماعدا سفري أخبار الأيام الأول والثاني، فإنها تعيد قصة بني إسرائيل، وتبتدئ بذكر مواليد آدم على سبيل الاختصار إلى السنة الأولى لملك الفرس قورش، وكذلك سفر يونان (يونس عليه السلام) يحكي قصته مع أهل نينوى الذين أرسل إليهم. ثالثاً: أسفار الأنبياء وهي خمسة عشر سفراً:
1- أشعيا 2- إرميا 3- حزقيال 4- دانيال 5- هوشع 6- يوثيل 7- عاموس 8- عوبديا 9- ميخا 10- ناحوم 11- حبقوق 12- صفنيا 13- حجى 14- زكريا 15- ملاخى.
وهذه الأسفار يغلب عليها طابع الرؤى، والتنبؤات بما سيكون من حال بني إسرائيل، وحال الناس معهم، وفيها تهديدات لبني إسرائيل، ووعود بالعودة والنصر. والذين نسبت إليهم هذه الأسفار هم ممن كانوا زمن السبي إلى بابل وبعده.
رابعاً: أسفار الحكمة والشعر (الأسفار الأدبية).
وهي خمسة أسفار:
1- أيوب 2- الأمثال 3- الجامعة 4- نشيد الإنشاد 5- مراثي إرميا.
خامساً: سفر الابتهالات والأدعية سفر واحد، وهو سفر المزامير المنسوب إلى داود عليه السلام.
هذه أسفار النسخة العبرانية المعتمدة لدى اليهود والبروتستانت من النصارى. 
أما النصارى الكاثوليك، والأرثوذكس فيعتمدون النسخة اليونانية، وهي تزيد على العبرانية بسبعة أسفار هي: سفر طوبيا، ويهوديت، والحكمة، ويشوع بن سيراخ، وباروخ، والمكابيين الأول والمكابيين الثاني.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الموسوعة العقديه - التوراة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة العقديه - التوراة   الموسوعة العقديه - التوراة Emptyالخميس 06 نوفمبر 2014, 10:11 am

المبحث الثاني: تاريخ التوراة
[rtl]
إن كل كتاب يستمد قيمته من قيمة صاحبه، ولابد أن يثبت صحة نسبته إلى صاحبه، وإلا فإنه يفقد قيمته، والكتب المنزلة المقدسة تستمد قدسيتها من نسبتها إلى من جاءت من عنده، وهو الله عز وجل، ولابد لثبوت قدسيتها أن تثبت صحة نسبتها وسندها إلى الله عز وجل، وما لم يثبت ذلك فإنها لا تكون مقدسة، وغير واجبة القبول؛ إذ تكون عرضة للتحريف، والتبديل، والخطأ.
فلهذا لابد لنا أن نتعرف على حال التوراة المنسوبة إلى موسى عليه السلام، وهي أهم جزء في العهد القديم الذي بين يدي اليهود والنصارى من ناحية إسنادها فنقول:
إن من نظر في التوراة والأسفار الملحقة بها يجد ذكراً محدوداً لأسفار موسى التي يسمونها الشريعة، أو سفر الرب، أو التوراة. 
ومن خلال هذه المعلومات نجد أن اليهود ذكروا:
1- أن موسى عليه السلام دوَّن جميع الأحكام وكتبها، وهي أحكام أعطيها شفهيًّا وفي هذا قالوا في (سفر الخروج) (24/3): (فجاء موسى وحدث الشعب بجميع أقوال الرب وجميع الأحكام، فأجاب جميع الشعب بصوت واحد، وقالوا: كل الأقوال التي تكلم بها الرب نفعل. فكتب موسى جميع أقوال الرب...) ثم قالوا: (وأخذ كتاب العهد، وقرأ في مسامع الشعب فقالوا: كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له).
2- أن موسى أُعطي شريعة مكتوبة بيد الله تعالى، وفي هذا قالوا في (سفر الخروج) (24/12) (وقال الرب لموسى: اصعد إلى الجبل، وكن هناك فأعطيك لوحي الحجارة، والشريعة، والوصية التي كتبتها لتعليمهم).
ثم ذكروا بعد هذا أن موسى عليه السلام مكث أربعين يوماً في الجبل، وذكروا شرائع كثيرة أعطيها، وتكلم الله بها معه، ثم في نهاية ذلك ذكروا إعطاءه الألواح، وفي هذا قالوا في (سفر الخروج) (31/18): (ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة، لوحي حجر مكتوبين بإصبع الله). وفي أثناء غياب موسى عليه السلام عبد بنو إسرائيل العجل، فلما عاد موسى عليه السلام ورأى قومه يرقصون حول العجل ألقى الألواح فتكسرت، ثم إن الله سبحانه وتعالى فيما يذكر اليهود كتب له لوحين آخرين بدلاً عنها.
3- ذكر اليهود أن موسى عليه السلام قبيل وفاته كتب التوراة، وأعطاها لحاملي التابوت، وفي هذا قالوا في (سفر التثنية) (31/9): (وكتب موسى هذه التوراة، وسلمها للكهنة من بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب، ولجميع شيوخ إسرائيل، وأمرهم موسى قائلاً: في نهاية السبع السنين في ميعاد سنة البراء في عيد المظال حينما يجيء جميع إسرائيل؛ لكي يظهروا أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره، تقرأ هذه التوراة، أمام كل إسرائيل في مسامعهم).
ثم ذكر اليهود في خاتمة هذا السفر السبب الذي لأجله دوَّن موسى عليه السلام التوراة فقالوا في (سفر التثنية) (31/24): (فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب إلى تمامها، أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلاً: خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم؛ ليكون هناك شاهداً عليكم؛ لأني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة. هو ذا وأنا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب فكم بالحري بعد موتي).
4- ذكر اليهود في سفر يشوع أن يشوع (يوشع) كتب التوراة مرة أخرى على أحجار المذبح حسب وصية موسى عليه السلام، وفي هذا قالوا: (حينئذ بنى يشوع مذبحاً للرب إله إسرائيل في جبل عيبال... وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التي كتبها أمام بني إسرائيل... وبعد ذلك قرأ جميع كلام التوراة البركة واللعنة، حسب كل ما كتب في سفر التوراة).
5- انقطع بعد هذا ذكر التوراة وخبرها، فلا يذكر اليهود في كتابهم التوراة التي كتبها موسى، ولا ما كتبه يشوع على حجارة المذبح، وإنما ذكروا التابوت الذي وضع موسى عليه السلام فيه التوراة، وأن هذا التابوت استولى عليه الأعداء في زمن النبي صموئيل في قولهم، ثم أعيد إليهم بعد سبعة أشهر، فجعلوه في قرية يسمونها يعاريم. وبقى هناك فيما ذكروا عشرين عاماً إلى أن جاء داود عليه السلام فأصعده من هناك إلى أورشليم، وجعله في خيمة، ثم نقله سليمان عليه السلام إلى الهيكل الذي بناه، وجعله في قدس الأقداس فيما يقولون، وكانوا يستقبلونه في الصلاة.
وقد ذكروا أن سليمان عليه السلام حين فتح التابوت لم يكن فيه سوى لوحي الحجر اللذين وضعهما موسى عليه السلام، فأين ذهبت نسخة التوراة التي نسخها موسى عليه السلام ووضعها في التابوت؟ هذا مالا يجد اليهود ولا النصارى جواباً له.
6- بعد سليمان عليه السلام انقسمت دولة بني إسرائيل إلى قسمين: دولة إسرائيل في الشمال: وهي تحت حكم يربعام بن نباط، وعاصمتها نابلس. ودولة يهوذا في الجنوب، وهي تحت حكم رحبعام بن سليمان، وعاصمتها أورشليم.
وذكر اليهود حادثة في زمن رحبعام، لها دلالتها المهمة: وهي أن رحبعام ترك شريعة الرب هو وكل إسرائيل، وذلك يعني انحرافهم عن الدين فهاجمهم فرعون مصر في ذلك الزمن، واستباح ديارهم، وفي هذا قالوا في (سفر الملوك الأول) (14/22): (وعمل يهوذا الشر في عيني الرب، وأغاروه أكثر من جميع ما عمل آباؤهم بخطاياهم التي أخطأوا بها، وبنوا لأنفسهم مرتفعات، وأنصاباً، وسواري على كل تل مرتفع، وتحت كل شجرة خضراء، وكان أيضاً مأبونون في الأرض فعلوا حسب كل أرجاس الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل. وفي السنة الخامسة للملك رحبعام صعد شيشق ملك مصر إلى أورشليم، وأخذ جميع خزائن بيت الرب، وخزائن بيت الملك، وأخذ كل شيء، وأخذ جميع أتراس الذهب التي عملها سليمان).
وفي (سفر أخبار الأيام الثاني) (12/1) وصفوا شيشق، وما معه من قوة بما يلي: (وفي السنة الخامسة للملك رحبعام صعد شيشق ملك مصر على أورشليم- لأنهم خانوا الرب- بألف ومائتي مركبة، وستين ألف فارس، ولم يكن عدد للشعب الذين جاؤوا معه من مصر، لوبيين وسكيين وكوشيين، وأخذ المدن الحصينة التي ليهوذا، وأتى إلى أورشليم...).
فهذا النص فيه دلالة واضحة على أن عاصمة اليهود الدينية استباحها فرعون مصر، واستولى على ما فيها، وهذا يدل على أن اليهود فقدوا التوراة في هذه الحادثة حيث لم يشر كتابهم المقدس إليها بعد هذا إلا في زمن الملك يوشيا، أي: بعد ما يقارب ثلاثة قرون وزيادة، كما سيأتي بيانه في الفقرة التالية، كما أن التابوت ينتهي خبره بعد هذه الحادثة إلى زمن الملك يوشيا أيضاً، حيث طلب من اللاويين أن يجعلوا التابوت في البيت الذي بناه النبي سليمان عليه السلام، ثم ينقطع بعد هذا خبره إلى يومنا هذا، ولعله كان مما دمره بختنصر في غزوه لبيت المقدس.
7- يزعم اليهود أن الملك يوشيا الذي تولى الملك في يهوذا بعد سليمان عليه السلام بما يقارب (340) عاماً، وقبيل غزو بختنصر لدولة يهوذا وتدميرها مرة أخرى وجد سفر الشريعة, وهذا نص كلامهم: (وفي السنة الثامنة عشرة للملك يوشيا، أرسل الملك شافان بن أصليا بن مشلام الكاتب إلى بيت الرب قائلاً:
اصعد إلى حلقيا الكاهن فيحسب الفضة المدخلة إلى بيت الرب التي جمعها حارسو الباب من الشعب فيدفعوها ليد عاملي الشغل الموكلين ببيت الرب... فقال حلقيا الكاهن العظيم لشافان الكاتب: قد وجدت سفر الشريعة في بيت الرب، وسلم حلقيا السفر لشافان فقرأه، وجاء شافان الكاتب إلى الملك ورد على الملك جواباً.... وأخبر شافان الملك قائلاً: قد أعطاني حلقيا الكاهن سفراً، وقرأه شافان أمام الملك، فلما سمع الملك كلام سفر الشريعة مزق ثيابه، وأمر الملك حلقيا الكاهن، وأخيقام بن شافان.... قائلاً: اذهبوا اسألوا الرب لأجلي، ولأجل الشعب، ولأجل كل يهوذا من جهة كلام هذا السفر الذي وجد؛ لأنه عظيم، هو غضب الرب الذي اشتعل علينا من أجل أن آباءنا لم يسمعوا لكلام هذا السفر ليعملوا حسب كل ما هو مكتوب علينا . .. وأرسل الملك فجمعوا إليه كل شيوخ يهوذا وأورشليم وصعد الملك إلى بيت الرب، وجمع رجال يهوذا، وكل سكان أورشليم معه والكهنة والأنبياء، وكل الشعب من الصغير إلى الكبير، وقرأ في آذانهم كل كلام سفر الشريعة الذي وجد في بيت الرب).
 فهذا الخبر الذي ذكره اليهود فيه دلالة واضحة على أنهم كانوا قد فقدوا التوراة، وأنهم أيضاً ضيعوا أحكامها، ونسوا الشيء الكثير منها، وما وجدوه في الواقع ليس فيه أي دليل على أنه التوراة؛ إذ من المستبعد جدًّا أن يكون اليهود قد فقدوا التوراة كل هذه المدة الطويلة- أكثر من ثلاثة قرون- وهي موجودة في الهيكل مع أنه معبد عام، وقد تعاقب على رئاسته خلال تلك المدة الكثيرة من الكهنة، وهم يبحثون عنها كل تلك المدة ولا يجدونها مع ما لها من القداسة في نفوسهم ثم يجدها الكاهن حلقيا؟
هذا في الواقع مستبعد جدًّا، وليس بعيداً أن يكون الكاهن حلقيا كتبها من محفوظاته ومعلوماته، وزعم أنها سفر الشريعة؛ ليرضي بذلك الملك يوشيا، الذي كان له تدين ورغبة في استقامة الشعب. والله أعلم.
8- بعد الملك يوشيا بخمس وعشرين سنة تقريباً- وذلك سنة (586) ق.م- هجم بختنصر الكلداني على دولة يهوذا ودمرها، ودمر الهيكل، وسبى بني إسرائيل، وفي هذا قالوا في كتابهم بعد ذكر مبررات التدمير من فساد بني إسرائيل وكفرهم: "فأصعد عليهم ملك الكلدانيين فقتل مختاريهم بالسيف في بيت مقدسهم، ولم يشفق على فتى، أو عذراء، ولا على شيخ أو أشيب بل دفع الجميع ليده، وجميع آنية بيت الله الكبيرة والصغيرة، وخزائن بيت الرب وخزائن الملك ورؤسائه أتى بها جميعا إلى بابل، وأحرقوا بيت الله، وهدموا سور أورشليم، وأحرقوا جميع قصورها بالنار، وأهلكوا جميع آنيتها الثمينة، وسبى الذين بقوا من السيف إلى بابل فكانوا له ولبنيه عبيداً إلى أن ملكت مملكة فارس". فيجمع الكُتَّاب هنا على أن التوراة فقدت من بني إسرائيل مرة أخرى بسبب هذا التدمير الشامل.
9- يزعم اليهود أن عزرا الكاتب قد هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها، وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء.
وعزرا هذا كان زمن السبي البابلي، ولما عاد بنو إسرائيل إلى أورشليم في زمن ملك الفرس جمعهم لقراءة ما كتب من شريعة موسى، وفي هذا قالوا: (اجتمع كل الشعب كرجل واحد إلى الساحة التي أمام باب الماء، وقالوا لعزرا الكاتب أن يأتي بسفر شريعة موسى التي أمر بها الرب إسرائيل، فأتى عزرا الكاتب بالشريعة أمام الجماعة من الرجال والنساء، وكل فاهم ما يسمع في اليوم الأول من الشهر السابع، وقرأ منها أمام الساحة التي أمام باب الماء من الصباح إلى نصف النهار أمام الرجال والنساء والفاهمين، وكانت آذان كل الشعب نحو سفر الشريعة).
فيظهر من هذا واضحاً أن عزرا قد كتب لهم التوراة، ولم يذكر اليهود من أين وصلت التوراة إليه، وبينه وبين موسى عليه السلام أكثر من ثمانية قرون؟ وقد فقدت التوراة قبل زمن عزرا قطعاً كما مرَّ ذكره.
فعلى هذا يتبين أن التوراة التي كان عزرا يقرأها على الناس إما أن تكون مفتراة مكذوبة، دوَّنها عزرا من محفوظاته وما وصل إليه من مدونات ومعلومات، وليست توراة موسى، وبالتأكيد لا يوثق بحفظه ولا ما وصل إليه من أوراق وكتب؛ إذ إن ذلك يحتاج إلى إثبات السند المتصل منه إلى موسى عليه السلام، وهذا أبعد عليهم من السماء. وإما أن تكون معلومات متوارثة في الأحكام الواجب على بني إسرائيل التزامها، دوَّنها عزرا على أنها الفرائض التي أوجبها الله على بني إسرائيل، وزعم هو أو زعم كُتَّاب الكلام السابق أنها سفر شريعة موسى، وبين الأمرين كما بين السماء والأرض؛ إذ إن توراة موسى منزلة من عند الله، وما جمعه عزرا ودوَّنه لا يعدو أن يكون فهوماً واستنباطات بشرية يعتريها ما يعتري البشر من النقص والخلل، وهذا الاحتمال الأخير في رأيي أرجح من سابقه، وذلك لأن اليهود ذكروا في كتابهم عن عزرا قولهم: "لأن عزرا هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها، وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء". فهذا يدل على أنه أخذ يجدُّ في الجمع والتتبع والعمل والتعليم.
وهناك نص آخر يدل على أن بني إسرائيل قد أهملوا العمل بكثير من التعاليم من أيام يوشع بن نون، وفي هذا قالوا عن أحد أعيادهم التي عملوها بدعوة من عزرا: (وعمل كل الجماعة الراجعين من السبي مظال وسكنوا في المظال؛ لأنه لم يعمل بنو إسرائيل هكذا من أيام يشوع بن نون إلى ذلك اليوم، وكان فرح عظيما جدًّا).
فهذا ينص صراحة على الإهمال للتعاليم، وعدم أدائها من زمن بعيد، فلا يمكن لرجل مهما أوتي من العلم جمع كل التعاليم الواجبة مع البعد الزمني، وكثرة التقلبات والانحرافات التي وقع فيها بنو إسرائيل، ومع ذلك فجمعه لا يعدو أن يكون عملاً بشريًّا لا يصح بأي حال نسبته إلى الله عز وجل.
10- ذكر المؤرخون أن الحاكم اليوناني (بطليموس الثاني) الذي كان في الفترة من (282-247-ق.م) طلب من اليعازار رئيس الكهان أن يرسل إليه اثنين وسبعين عالماً من علماء التوراة؛ لترجمة أسفار موسى الخمسة إلى اليونانية فنفذ الطلب، وكان اليعازار على رأس أولئك، وتمت المهمة خلال اثنين وسبعين يوماً، فكانت الترجمة المعروفة بـ (السبعينية) في اللغة اليونانية للأسفار الخمسة. وعن اليونانية ترجم العهد القديم إلى اللاتينية.
فهذه الترجمة للأسفار تمت بعد فترة طويلة جدًّا من وفاة موسى عليه السلام، إذ تقارب العشرة قرون، وكذلك بعد فترة طويلة من نسخة عزرا التي سبق ذكرها؛ إذ بين هذه الترجمة وتلك النسخة قرابة قرنين من الزمان، مما يجعل الكتاب الذي ترجم عنه إلى اليونانية لا سند له، فيكون المترجَم بالتالي لا قيمة له. كما أن هذه المعلومة لم يذكرها إلا رجل يوناني يسمى (أرستاي) في رسالة له لهذا ردها كثيرٌ من متأخري اليهود والنصارى، وإن كان المتقدمون قد قبلوها. كما ذكر ذلك الدبس في (تاريخ سورية). فهي معلومة لم يتوفر لها الإثباتات اللازمة، إضافة إلى غرابتها حيث زعم قائلها أن اليعازار أرسل اثنين وسبعين رجلاً من علماء اليهود، ستة من كل سبط من أسباطهم الاثني عشر، وأنهم جعلوا في أماكن منفرد بعضهم عن بعض، فكانت ترجماتهم متطابقة تماماً. فهذا الخبر لا يمكن قبوله وتصديقه، وذلك لأن مما هو متفق عليه عند اليهود أن عشرة أسباط من بني إسرائيل وهم الذين كانوا شعب دولة إسرائيل شمال دولة يهوذا قد سبوا من أيام الأشوريين في سنة (722) ق.م وانقرضوا حيث يوصفون بالأسباط العشرة الضائعة، وحسب الخبر المذكور هنا فإن اليعازار قد أحضر ستين عالماً منهم، وهذا مستبعد جدًّا.
11- أن اليهود فقدوا المقدرة على فهم اللغة العبرية المدونة القديمة بعد اختلاطهم بالأمم، وذلك أن اللغة العبرية في أصلها بدون نقط ولا حركات، وهذا يسبب أخطاءً كثيرة في القراءة، فاهتدوا إلى وسيلة لإزالة هذا اللبس بإدخال النقط والحركات، والفواصل، واستمر هذا العمل من القرن السابع الميلادي إلى القرن العاشر الميلادي، فأخرجوا نسخة من التوراة باللغة العبرية على هذا النمط تسمى النسخة الماسورية، انتهوا منها في القرن العاشر الميلادي، وعن هذه النسخة- أي: العبرية- المعدلة نسخت جميع النسخ العبرية والمترجمة عنها.
والسؤال المطروح هنا: أين النسخ الأصلية التي نقلت عنها النسخة الماسورية؟
الجواب عن ذلك: أنه لا يوجد بأيدي اليهود أو النصارى شيء من النسخ الأصلية سوى مخطوطات وادي قمران عند البحر الميت، والتي عثر عليها في الفترة من عام (1947) - (1956م) وهي مجموعات متكاملة للعهد القديم كتبت قبل الميلاد بثلاثة قرون، وأقربها عهداً ما كتب قبل الميلاد بقرن واحد، إلا أن هذه المخطوطات التي استولى على الجزء الأكبر منها كل من أمريكا، وبريطانيا، واليهود في فلسطين لم تكشف ولم تعلن حتى الآن، مما يجعل في الأذهان استفهامات عديدة حولها، وأنها تتضمن أمورا خطيرة، جعلت اليهود والنصارى يتفقون على عدم كشفها على غير عادتهم في الآثار التاريخية.
ومن خلال هذا العرض التاريخي الموثق للتوراة يتبين ما يلي:
1- أن التوراة التي أعطيها موسى عليه السلام مكتوبة، والتي دوَّنها، وكذلك التي دوَّنها يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام فقدت، إما قبل عهد سليمان عليه السلام، أو بعده مباشرة.
2- أن اليهود زعموا أنهم عثروا على التوراة زمن الملك يوشيا، وهو ادعاء يحتاج إلى العديد من الإثباتات لاعتقاد صحته.
3- أن اليهود فقدوا ما ادعوا أنهم وجدوه زمن الملك يوشيا، وذلك بسبب تدمير بيت المقدس وما أعقب ذلك من سبي اليهود وتهجيرهم.
4- أن عزرا أعاد لهم التوراة وكتبها فيما زعم اليهود، وإذا قبلنا كلام اليهود هذا فإن ذلك لا يعدو أن يكون عملاً بشريًّا، وإذا كان عزرا نسبه إلى الله عز وجل فهو كاذب في ذلك؛ لأن التوراة لم يدَّعِ أحد لا من اليهود، ولا من النصارى، ولا من المسلمين أنها أنزلت مرتين مرة على موسى، ومرة على عزرا.
وقد يكون الذي ادَّعى أن تلك هي التوراة ألهمها عزرا هم الكتبة فيما بعد، فهم في هذا كاذبون؛ لأن عزرا لم يقل ذلك فيما نقلوا عنه.
وأدلة بطلان ذلك ظاهرة من ناحية بُعد الزمان، وانقطاع السند، وفساد بني إسرائيل.
5- أن نسخة عزرا وما دوَّنه عزرا لا يعلم على التحقيق مصيرها، وإنما بعد ذلك بما يقارب قرنين من الزمان كتبت النسخة السبعينية، ولم يذكر من أي نسخة ترجمت، وادعاء أنها من حفظ الكهنة بعيد جدًّا؛ إذ إن اليهود لا يحفظون كتابهم عن ظهر قلب، وليس فيهم من يدَّعي ذلك.
6- أن النسخة العبرية، والتي تنتمي إلى النص الماسوري، لا تختلف عن الكتاب المترجم من ناحية أنها أخذت طريقة في الكتابة مغايرة للغة الأصلية التي كتب بها العهد القديم، مما يجعل ثبوت صحتها منوطاً بوجود النصوص الأصلية التي تتفق مع اللغة القديمة، حتى يمكن المقابلة عليها، وإلا تعتبر لا أصل لها يشهد لصحتها، فتكون بذلك مثلها مثل النسخة اليونانية.
7- أن النص اليوناني والنص العبري للتوراة والعهد القديم لم يؤخذا من مصدر واحد، بل من مصدرين مختلفين يدل على هذا اختلافهما في عدد الأسفار، حيث إن اليونانية ستة وأربعون سفراً، وأما العبرية الماسورية فهي تسعة وثلاثون سفراً، كما أن بينهما اختلافات كثيرة وعديدة مما يدل على أنهما من مصدرين مختلفين.
ومن خلال هذا يتبين بما لا يدع مجالاً للشك أن العهد القديم كتاب ليس له أي سند تاريخي يثبت تسلسل نقله، وأنه تعرض لفترات عديدة من الضياع، وأن أصله العبري لا وجود له بأيدي اليهود، مما يجعل المجال واسعاً للتحريف والتبديل.الموسوعة العقديه - التوراة Book [/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الموسوعة العقديه - التوراة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة العقديه - التوراة   الموسوعة العقديه - التوراة Emptyالخميس 06 نوفمبر 2014, 10:12 am

تمهيد: وقوع التحريف في الكتب المتقدمة على القرآن
[rtl]
التحريف لغة: التغيير والتبديل، وتحريف الكلام عن مواضعه: تغييره الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: (التحريف: الإمالة، وتحريف الكلام: أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وقد بين ابن القيم رحمه الله كيفية التحريف في الكتب السابقة كما بينها الله عز وجل في القرآن الكريم بقوله: (وأما التحريف فقد أخبر سبحانه عنهم في مواضع متعددة، وكذلك لي اللسان بالكتاب ليحسبه السامع منه وما هو منه. فهذه خمسة أمور: أحدها: لبس الحق بالباطل، وهو خلطه به بحيث لا يتميز الحق من الباطل.
الثاني: كتمان الحق.
الثالث: إخفاؤه، وهو قريب من كتمانه.
الرابع: تحريف الكلم عن مواضعه، وهو نوعان: تحريف لفظه، وتحريف معناه.
الخامس: لي اللسان به، ليلبس على السامع اللفظ المنزل بغيره) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وقد اختلفت أقوال الناس في وقوع التحريف في الكتب السابقة على ثلاثة أقوال الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
القول الأول: زعمت طائفة أنها بدلت كلها بجميع لغاتها، ومن هؤلاء من أسرف حتى قال: (إنه لا حرمة لها، وجوز الاستجمار بها من البول).
وهذا القول باطل لا يقوله أحد من المسلمين، قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وهذا مما لا يقوله المسلمون، ولكن قد يقول بعضهم: إنه حرف بعد مبعث محمد صل الله عليه وسلم ألفاظ بعض النسخ، فإن الجمهور الذين يقولون: إن بعض ألفاظها حرفت، منهم من يقول: كان من قبل المبعث، ومنهم من يقول: كان بعده، ومنهم من يثبت الأمرين أو يجوزهما، ولكن لا يقول: إنه حرفت ألفاظ جميع النسخ الموجودة في مشارق الأرض ومغاربها) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
القول الثاني: أن التبديل والتغيير وقع في المعاني لا في الألفاظ.
وإلى هذا القول ذهب الإمام البخاري الموسوعة العقديه - التوراة Tip رحمه الله، واختاره الرازي في تفسيره الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وهذا القول لا يسلم له بإطلاق، بل لابد من التفصيل في ذلك.
فأما القول: بأن التحريف قد وقع في معاني تلك الكتب؛ فهذا أمر مسلم به، وهو ما حكى عليه شيخ الإسلام رحمه الله الإجماع ... بل إن هذا القول يقر به عامة اليهود والنصارى الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وأما القول بعدم التحريف في ألفاظها فلا يسلم بذلك؛ لأنه قد وجد فيها من الألفاظ ما لا يجوز أن يكون من كلام الله عز وجل، إضافة إلى ما فيها من التناقض والتضارب في نصوصها، فلو كان وحياً من عند الله لما وجد فيها هذا التناقض والتضارب، وقد ذكر ابن حزم رحمه الله في (كتاب الفصل) كثيراً من هذه التناقضات الظاهرة، والتي تؤكد وقوع التحريف في ألفاظها.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (تحريفهم المعاني لا ينكر؛ بل هو موجود عندهم بكثرة...) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
القول الثالث: أن التحريف قد وقع في اليسير منها، ولكن أكثرها باق على ما أنزل عليه.
وقد رجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وقد تكفل الله عز وجل بحفظ كتابه العزيز، أما ما سبقه من الكتب فقد استحفظها جل جلاله الربانيين والأحبار؛ فأحدثوا فيها كثيراً من التحريف والتغيير والتبديل، كما أخبرنا الله عنهم في أكثر من موضع من القرآن الكريم.
نص الإجماع الذي حكاه شيخ الإسلام، مما سبق يتضح أن التحريف في الكتب السابقة على قسمين:
الأول: التحريف في ألفاظها، وهذا قد وقع فيه الخلاف ...
الثاني: التحريف في معانيها وترجمتها، وهذا أمر مجمع عليه، وهو ما نقله شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المسألة بقوله:
(وأهل الكتاب اليهود والنصارى مع المسلمين متفقون على أن الكتب المتقدمة وقع التحريف بها؛ إما عمداً وإما خطأ: في ترجمتها، وفي تفسيرها، وشرحها، وتأويلها؛ وإنما تنازع الناس هل وقع التحريف في بعض ألفاظها) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وقال أيضاً: (والمسلمون وأهل الكتاب متفقون على وقوع الغلط في تفسير بعض الألفاظ وبيان مراد الأنبياء بها، وفي ترجمة بعضها، فإنك تجد بالتوراة عدة نسخ مترجمة وبينها فروق يختلف بها المعنى المفهوم، وكذلك في الإنجيل وغيره).
وقال أيضا: (ولكن علماء المسلمين وعلماء أهل الكتاب متفقون على وقوع التحريف في المعاني والتفسير) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
ذكر من نقل الإجماع أو نص على المسألة ممن سبق شيخ الإسلام: إن المتأمل لأحوال اليهود والنصارى ومواقفهم مع كتب الله عز وجل يجد أنهم قد حرفوا كثيراً مما أنزل الله.
قال الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: 75]... قال: (يحرفونه أي يميلونه عن وجهه ومعناه الذي هو معناه إلى غيره، فأخبر الله جل ثناؤه أنهم فعلوا ما فعلوا من ذلك على علم منهم بتأويل ما حرفوا وأنه بخلاف ما حرفوه إليه فقال: يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ[البقرة: 75] يعني: من بعد ما عقلوا تأويله؛ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أي يعلمون أنهم في تحريفهم ما حرفوا من ذلك مبطلون كاذبون) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وقال أيضا: (قال ابن زيد في قوله: يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ قال: التوراة التي أنزلها عليهم يحرفونها؛ يجعلون الحلال فيها حراماً، والحرام فيها حلالاً، والحق فيها باطلاً، والباطل فيها حقاً، إذا جاءهم المحق برشوة أخرجوا له كتاب الله، وإذا جاءهم المبطل برشوة أخرجوا له ذلك الكتاب؛ فهو فيه محق، وإن جاء أحد يسألهم شيئاً ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء؛ أمروه بالحق، فقال لهم: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [البقرة: 44]) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وقال البخاري رحمه الله: (يحرفون: يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله عز وجل، ولكنهم يحرفونه يتأولونه على غير تأويله) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (مراد البخاري بقوله: (يتأولونه) أنهم يحرفون المراد؛ بضرب من التأويل، كما لو كانت الكلمة بالعبرانية تحتمل معنيين قريب وبعيد، وكان المراد القريب؛ فإنهم يحملونها على البعيد، ونحو ذلك) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وقال شهاب الدين القرافي رحمه الله: (ومن طالع كتبهم وأناجيلهم وجد فيها من العجائب ما يقضي له بأن القوم تفرقت شرائعهم وأحكامهم، وأن القوم لا يلتزمون مذهباً.
والعجب أن أناجيلهم حكايات وتواريخ، وكلام كفرة وكهنة وتلامذة وغيرهم، حتى أني أحلف بالله الذي لا إله إلا هو أن تاريخ الطبري عند المسلمين أصح نقلاً من الإنجيل، ويعتمد عليه العاقل أكثر، مع أن التاريخ لا يجوز – عند المسلمين – أن يبنى عليه شيء من أمر الدين، وإنما هو حكايات في المجالس، ويقولون مع ذلك: الإنجيل كتاب الله أنزله إلينا، وأمر السيد المسيح باتباعه، فليت شعري أين هذا الإنجيل المنزل من عند الله تعالى؟! وأين كلماته من بين هذه الكلمات؟!) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
بل إن اليهود أنفسهم قد اتفقوا على وقوع التحريف في كتابهم؛ كما ذكر ذلك عنهم شهاب الدين القرافي رحمه الله حيث قال: (طائفة من اليهود يقال لهم السامرية، اتفق اليهود على أنهم حرفوا التوراة تحريفاً شديداً، والسامرية يدعون عليهم مثل ذلك التحريف، ولعل الفريقين صادقان، فأين حينئذ في التوراة شيء يوثق به مع تقابل هذه الدعاوى من فرق اليهود؟، فكفونا بأنفسهم عن أنفسهم) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
ومن ذلك أيضاً أنهم يعترفون أن سبعين كاهناً منهم اجتمعوا على تبديل ثلاثة عشر حرفاً من التوراة، وقد نقل ذلك ابن القيم رحمه الله بقوله: (واليهود تقر أن السبعين كاهناً اجتمعوا على اتفاق من جميعهم على تبديل ثلاثة عشر حرفاً من التوراة، وذلك بعد المسيح في عهد القياصرة الذي كانوا تحت قهرهم؛ حيث زال الملك عنهم ولم يبق لهم ملك يخافونه ويأخذ على أيديهم، ومن رضي بتبديل موضوع واحد من كتاب الله فلا يؤمن منه تحريف غيره، واليهود تقر أيضاً أن السامرة حرفوا مواضع من التوراة وبدلوها تبديلاً ظاهراً وزادوا ونقصوا، والسامرة تدعي ذلك عليهم) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
أما النصارى فقد ذكر ابن حزم رحمه الله أنهم متفقون على أن هذه الأناجيل التي بين أيديهم عبارة عن تواريخ ألفها أصحابها في أزمان مختلفة حيث يقول:
(النصارى لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله تعالى على المسيح، ولا أن المسيح عليه السلام أتاهم بها، بل كلهم أولهم عن آخرهم لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال معروفون في أزمان مختلفة) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
أما ما يتعلق بالترجمة فإن التوراة قد ترجمت من العبرية إلى اليونانية والعربية، كما أن الأناجيل الأربعة قد كتبت بلغات متعددة، فإنجيل متى كتب بالعبرية، وأما مرقص ولوقا ويوحنا فقد كتبت أناجيلهم باليونانية الموسوعة العقديه - التوراة Tip ، ومعلوم أن التوراة والإنجيل إنما نزلت بلغة موسى وعيسى عليهما السلام وهي العبرية، ثم ترجمت بعد ذلك إلى غيرها من اللغات الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
(وإذا أخذنا في الحسبان الاعتبارات التي من الممكن أن تحول مسار واتجاه الترجمة؛ نخرج بنتيجة أن هذه الترجمة لا يمكن أن تكون مماثلة ومطابقة للأصل الذي نقلت منه، ومن هذه الاعتبارات ما يلي:
1- إذا فقد الإيمان، وفقد الضمير الحي الذي يؤرق صاحبه عند المخالفة؛ عندئذ لا يستبعد حصول التجاوزات في الترجمة.
2- تأثر الترجمة قوة وضعفاً بسبب قوة وضعف المترجم في معرفة وفهم اللغة المنقول منها والمنقول إليها.
3- أن الترجمة تصبغ بصبغة المترجم؛ لأنه من غير المعقول أن يتخلى المترجم – حال الترجمة – عن عقيدته وماضيه وثقافته وتطلعاته، وهذه كلها أمور تدفع المترجم لأن يصوغ الترجمة بالصيغة التي تميل إليها نفسه.
4- يكفي في عدم التماثل أنه ترجمة وليس أصلاً) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
5- ومن المهم في ذلك أننا لا علم لنا بالأصل الذي ترجم.
6- وكذلك فإنا لا نعرف المترجم، ومدى معرفته باللغة المترجم عنها، وكذلك باللغة المترجم إليها؛ لأن الضعف في واحدة منهما يفسد اللفظ والمعنى جميعاً.
فإذا كان هذا صنيعهم في ألفاظ التوراة التي يزعمون أنها كلام الله، فكيف يؤمنون بعد ذلك في تفسيرهم لها وبيان معانيها، أو عند ترجمتها، لا شك أن العقل السليم يجزم بوقوع التغيير والتبديل في ذلك.
مستند الإجماع في المسألة: لقد شهد الله جل جلاله في مواضع عديدة من القرآن الكريم على تحريف اليهود والنصارى لكتبهم التي أنزلها الله سبحانه وتعالى لأنبيائهم؛ فمن ذلك قول الحق سبحانه وتعالى: أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: 75].
وقوله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ[المائدة: 13].
ومعنى يحرفونه: أي يبدلون معناه، ويتأولونه على غير تأويله الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
قال القرطبي رحمه الله في قوله تعالى: ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ قال: (قال مجاهد والسدي: هم علماء اليهود الذين يحرفون التوراة، فيجعلون الحرام حلالاً والحلال حراماً اتباعاً لأهوائهم مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ أي عرفوه وعلموه وهذا توبيخ لهم) الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
ومن الأدلة أيضاً قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران: 78].
ومن الأدلة المحسوسة على وقوع التحريف في كتبهم؛ إضافة إلى ما ذكره الله عز وجل عنهم في القرآن الكريم ما يلي:
1- انقطاع السند، وعدم حصول التواتر في نقلها، فليس في أسفار اليهود وأناجيل النصارى ما تصح نسبته إلى أنبيائهم عليهم السلام.
فالتوراة لم يتم تدوينها إلا بعد موسى عليه السلام، ثم إن نسخة التوراة الأصلية قد ضاعت أيام الغزو البابلي لليهود، كما شهد بذلك أهل العلم منهم، ثم أعادوا كتابتها مرة أخرى الموسوعة العقديه - التوراة Tip ، حتى جاء أحد ملوك الرومان وفتح فلسطين عام (161 ق.م) فأمر بإحراق كافة النسخ التي عثر عليها من التوراة، وكل من احتفظ بنسخة منها يقتل، وكان يجري البحث عنها شهرياً، واستمر الحال على ذلك مدة زادت على ثلاث سنوات ونصف الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وأما الإنجيل فإن الذي بأيدي النصارى منه أربع كتب مختلفة؛ وهم جميعاً متفقون على أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال وهم: يوحنا ومتى ومرقس ولوقا الموسوعة العقديه - التوراة Tip ، ثم إن مرقس ولوقا لم يكونا من حواريي المسيح عليه السلام الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
2- التناقض الواضح والتعارض الفاضح بين نصوص التوراة، وكذلك الحال في نصوص الأناجيل الموسوعة العقديه - التوراة Tip ، ولو كانت كلام الله حقيقة لاستحال أن يلحق بها تناقض أو اختلاف، يقول المولى تبارك وتعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا [النساء: 82].
3- شهادة بعض علماء اليهود والنصارى على وقوع التحريف في كتبهم؛ وخاصة من رجع منهم إلى الحق، واتبع شريعة محمد صل الله عليه وسلم الموسوعة العقديه - التوراة Tip .
وفي هذه الأدلة أوضح دلالة على أن الكتب التي سبقت القرآن الكريم قد وقع فيها التغيير والتبديل، وأن أهل الكتاب قد غيروا وبدلوا عن علم وإصرار.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الموسوعة العقديه - التوراة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة العقديه - التوراة   الموسوعة العقديه - التوراة Emptyالخميس 06 نوفمبر 2014, 10:13 am

المطلب الأول: أدلة التحريف من القرآن الكريم والتوراة
[rtl]
قد شهد الله عزَّ وجلَّ بتحريف اليهود لكتابهم، وأبان عن هذا في القرآن الكريم في مواضع عديدة، فمن ذلك قوله عز وجل: أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[البقرة: 75]. فهذا فيه دلالة على أنهم غيَّروا وبدَّلوا عن إصرار وعلم. وقوله عزَّ وجلَّ: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة: 79]. وقوله عزَّ وجلَّ: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران: 78]. فهذا فيه دلالة على أنهم أدخلوا في كلام الله ما ليس منه، وافتروا على الله الكذب بأن نسبوا إليه سبحانه ما لم يقله وهم يعلمون ذلك؛ فجوراً منهم، وجرأة على الله تعالى وتقدس. وقوله عزَّ وجلَّ: قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام: 91]. فهذا فيه دلالة على أنهم قد أَخفَوا وكتموا ما عندهم من علم، وما أنزل الله عليهم من كتاب حسب أهوائهم. وقوله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ [المائدة: 13]. وفي هذه الآية دلالة واضحة على التحريف وعلى أنهم نسوا حظًّا، أي: نصيباً وجزءاً مما أنزل عليهم.
وهذا جزاء من الله عزَّ وجلَّ لهم بسبب كفرهم وفسادهم وسابق تحريفهم ونقضهم للميثاق. 
كما ورد في كتابهم ما يتفق مع ما ذكره الله عز وجل عنهم، فمن ذلك ما ورد في (سفر إرميا) (8/Cool مما ينسب إلى الله عزَّ وجلَّ القول: (كيف تقولون نحن حكماء، وشريعة الرب معنا، حقًّا إنه إلى الكذب حوَّلها قلم الكتبة الكاذب، خَزِىَ الحكماء ارتاعو وأُخِذُوا ها قد رفضوا كلمة الرب). فهذا النص من نبي من أنبيائهم الكبار على ما ذكروا وكان في عصر متأخر، قد عاصر انحرافاتهم، وذلك قبيل الغزو البابلي وسبي اليهود، وهو نص على تركهم لدين الله وتحريفهم لشريعته، وأن الكتبة الموكلون بالكتب المنزلة قد حوَّلوها إلى الكذب والزور.[/rtl]
تمهيد:
[rtl]

جاءت بعض آيات القرآن الكريم الصريحة في أن اليهود قد حرَّفوا التوراة وغيرها من كتب الله المنزلة على أنبيائه من بني إسرائيل، ولقد انطلق علماؤنا المسلمون من تلك الآيات وغيرها من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في نقدهم للتوراة وما يتبعها من الأسفار المقدسة عند اليهود، واستخرجوا منها الأدلة والشواهد على تحقيق ما ذكره الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم من وقوع التحريف والتبديل والكذب في كتبهم، ونستطيع أن نقرر بكل ثقة أن الأسبقية في نقد التوراة والأناجيل والكتب الأخرى المحرفة كان لعلمائنا المسلمين بهدي من القرآن الكريم الذي وضع أصول ذلك النقد الهادف إلى إظهار الحق وإزهاق الباطل، وقد تأثر أحبار اليهود والنصارى ومفكريهم بالمسلمين في دراساتهم النقدية للتوراة والأناجيل، ومن ثم تجرؤوا على المشاركة في تلك الدراسات النقدية لكتبهم المقدسة بعد أن تخلصوا من طغيان الكنيسة وسيطرتها، واستطاعوا إعلان نتائج دراساتهم التي سبقهم إلى كثير منها علماؤنا المسلمون بقرون عديدة.
وفي هذه الدراسة الموجزة جدًّا سنحاول أن نبين الخطوط العريضة والعناوين الرئيسة في نقد أسفار العهد القديم وخاصة التوراة، وستتركز على ناحيتين: الأولى: نقد سند كتبهم المقدسة، وعدم صحة نسبتها إلى أنبيائهم، الثانية: نقد المتن، وبيان ما فيه من مواطن التحريف والتبديل والخطأ.

[/rtl]
الفرع الأول: نقد السند
[size][rtl]

لقد أرشدنا القرآن الكريم إلى طريقة المجادلة، والرد على دعاوى اليهود والنصارى، وبيان بطلانها، وهي مطالبتهم بالحجة والدليل على مزاعمهم، قال تعالى: وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين [ البقرة: 111].
وبما أن اليهود وكذلك النصارى يزعمون أن التوراة الحالية كتبها موسى بيده وأن أسفارهم الأخرى كتبها أنبياؤهم أو أشخاص أوحي إليهم بها، فإنا نطالبهم بالأدلة والبراهين التي تثبت صحة نسبة التوراة المحرفة إلى موسى عليه الصلاة والسلام، وكذلك سائر أسفارهم المنسوبة إلى أنبيائهم قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ![ البقرة:111].
ومن الأدلة التي نطالبهم بها:-
النسخة الأصلية للتوراة التي كتبها موسى عليه الصلاة والسلام، أو أملاها على غيره، وكذلك النسخ الأصلية لأسفارهم الأخرى.
السند المتصل المتواتر بنقل الثقات العدول الذي يثبت سلامة النص الحالي لأسفارهم من التحريف والتبديل. وتأتي الإجابة لطلبنا من أحبار اليهود والنصارى وباحثيهم بأنهم لا يملكون النسخ الأصلية للتوراة أو غيرها من الأسفار، وأن أقدم مخطوطة لديهم لأسفارهم تعود إلى القرن الرابع الميلادي، علما بأن موسى عليه الصلاة والسلام قد عاش في القرن الرابع عشر قبل الميلاد على الأرجح، وآخر نبي من أنبيائهم في العهد القديم عاش في القرن الرابع قبل الميلاد.
يقول مؤلفو (قاموس الكتاب المقدس): ولكن لا توجد لدينا الآن هذه المخطوطات الأصلية (للعهد القديم والجديد) التي دوَّنها كتبة الأسفار المقدسة.  
ويعلل اليهود والنصارى فقدان النسخ والسند لكتبهم المقدسة بكثرة حوادث الاضطهاد والنكبات التي نزلت بهم خلال تاريخهم الطويل. ومن تلك الحوادث: الغزو الآشوري عليهم في سنة (722)ق.م، ثم الغزو البابلي الشهير سنة (586)ق.م ونتج عنه تدمير الهيكل وأخذ بني إسرائيل سبياً إلى بابل، ثم الاضطهاد اليوناني ومن بعده الاضطهاد الروماني الذي استمر لعدة قرون، وقد نتج عن هذه الاضطهادات إحراق أسفارهم وإتلافها ومنع قراءتها وقتل أحبارهم وعلمائهم.
ونضيف سبباً آخر مهمًّا لضياع أسفارهم، وانقطاع أسانيدهم، هو كثرة حوادث الردة والشرك في بني إسرائيل، وكفرهم بالله عزَّ وجلَّ، وإهمالهم للتوراة وغيرها، وهي مذكورة في أسفارهم المقدسة لديهم، ومنها ما ورد في (سفر القضاة) (2/11-15): (وفعل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعليم، وتركوا الرب إله آبائهم الذي أخرجهم من أرض مصر، وساروا وراء آلهة أخرى من آلهة الشعوب الذين حولهم، وسجدوا لها وأغاظوا الرب، تركوا الرب وعبدوا البعل وعشتاروت، فحمي الرب على إسرائيل فدفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم وباعهم بيد أعدائهم، ولم يقدروا بعد على الوقوف أمام أعدائهم، حيثما خرجوا كانت يد الرب عليهم للشر، كما تكلم الرب وكما أقسم الرب لهم).
وقد تكررت الردة والشرك بالله من بني إسرائيل مرات عديدة في عهد القضاة.
ثم تكرر ذلك منهم في عهد الملوك، فقد ورد في (سفر الملوك) (12/28-33): (أن يربعام استشار الملك وعمل عجلي ذهب، وقال لهم: كثير عليكم أن تصعدوا إلى أورشليم، هو ذا آلهتكم يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر. ووضع واحداً في بيت إيل، وجعل الآخر في دان، وكان هذا الأمر خطية، وكان الشعب يذهبون إلى أمام أحدهما حتى إلى دان...).
وما ذكرناه مما يجعل كل عاقل منصف منهم يرتاب ويشك في صحة نسبة التوراة الحالية إلى موسى وسلامتها من التحريف والتبديل!!!
وكانت تلك الأسباب وغيرها قد دفعت بالكثيرين من محققي اليهود والنصارى إلى الاعتراف بأن أسفار العهد القديم مشكوك في أمر مؤلفيها، وإليك مختصرا لما يقوله محررو طبعة سنة (1971م) الإنجليزية من كتابهم المقدس لديهم، وهي آخر طبعة معدَّلة من كتابهم وآخر طبعة حتى الآن، يقول المحررون:
- سفر التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية: مؤلفه موسى على الأغلب.
- سفر يشوع: معظمه منسوب إلى يشوع.
 وتكرر منهم الشرك والردَّة عن دين الله الحق مرات عديدة في عهد الملوك.
- انظر: (سفر الملوك الأول)، (الإصحاحات: 19،22)، و(سفر الملوك الثاني)، (الإصحاحات: 1/13،14،15،16،17،21،22،23،24).
بل وصل بهم الكفر إلى حد وصف نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام بالكفر وعبادة غير الله، والعياذ بالله.
- انظر: (سفر الملوك الأول)، (الإصحاح: 11).
 نقلاً من كتاب (التحريف في التوراة)، (ص: 3) د. محمد الخولي، ووجدت أيضاً تلك الاعترافات بجهالة مؤلفي أسفارهم في مقدمة الكتاب المقدس (المدخل) طبع المطبعة الكاثوليكية سنة (1988م) بلبنان، وفي كتاب (رسالة في اللاهوت والسياسة)- تأليف الفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا، وكتاب (السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم)، و(قاموس الكتاب المقدس) في التعليق على تلك الأسفار.
- سفر القضاة: مؤلفه صموئيل على الاحتمال.
- سفر راعوث: مؤلفه غير محدد، ولكن ربما يكون صموئيل.
- سفر صموئيل الأول: المؤلف مجهول.
- سفر صموئيل الثاني: المؤلف مجهول.
- سفر الملوك الأول: المؤلف مجهول.
- سفر الملوك الثاني: المؤلف مجهول
- سفر أخبار الأيام الأول: المؤلف مجهول، ولكن ربما جمعه وحرره عزرا.
- سفر أخبار الأيام الثاني، المؤلف مجهول، ولكن ربما جمعه وحرره عزرا.
- سفر عزرا: من المحتمل أن عزرا كتبه أو حرره.
- سفر أستير: المؤلف مجهول.
- سفر المزامير: المؤلف الرئيسي داود، لكن معه آخرون وبعضهم مجهولون.
- سفر الأمثال والجامعة ونشيد الأناشيد: المؤلف مجهول، ولكنها عادة تنسب إلى سليمان.
- سفر إشعياء: ينسب معظمه إلى أشعيا، ولكن بعضه من المحتمل كتبه آخرون.
- سفر يونان: المؤلف مجهول.
- سفر حبقون: لا يعرف شيء عن مكان أو زمان ولادته.
وبعد هذا الاعتراف منهم فإن الأمر لا يحتاج إلى زيادة تعليق منا.
ومن الأدلة أيضاً على عدم الوثوق بالتوراة الحالية ما ورد في (سفر الملوك الثاني) (22/8-13) في عهد الملك يوشيا من ملوك مملكة يهوذا، أن التوراة قد فقدت وضاعت من بني إسرائيل سنوات عديدة، ثم ادعاء العثور عليها على يد الكاهن في الهيكل، ولا نسلم لهم بأن التوراة التي عثر عليها هي توراة موسى؛ إذ إن اتهام الكاهن بالتزوير قائم في مسايرته لرغبة الملك في العودة إلى التوحيد بعد ارتداد وكفر من سبقه من آبائه، إضافة إلى أن هذه النسخة من التوراة قد فقدت أيضاً في الغزو البابلي وحوادث الحروب الأخرى.
ومن الأدلة القاطعة على عدم صحة نسبة التوراة الحالية إلى موسى عليه الصلاة والسلام نصوص التوراة نفسها، وإليك بعض الشواهد:
- خاتمة التوراة في (سفر التثنية) (34/1-12) وفيه: "فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب حسب قول الرب ودفنه في الجواء... ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم، وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته، فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات موآب ثلاثين يوماً، فكملت أيام بكاء مناحة موسى، ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة، إذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو إسرائيل وعملوا كما أوصى الرب موسى، ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه..." وبذلك ينتهي كتاب التوراة.
ولا أعتقد أن عاقلاً يجرؤ على القول أن كاتب هذا الكـلام هو موسى عليه الصلاة والسلام!!!
- إن بعض نصوص التوراة تتحدث عن موسى بضمير الغائب، وبصيغة لا يمكن التصديق بأن كاتبها هو موسى، ومن تلك النصوص: (تحدث الله مع موسى) (وكان الله مع موسى وجهاً لوجه) (وكان موسى رجلاً حليماً جدًّا أكثر من جميع الناس) (فسخط موسى على وكلاء الجيش) (موسى رجل الله) ونحو ذلك، فلو كان موسى كاتب تلك النصوص لقال مثلاً: كلمني الرب، تحدثت مع الله. ونحوه. - إن ملاحظة اللغات والأساليب التي كتبت بها التوراة وما تشتمل عليها من موضوعات وتشريعات وبيئات اجتماعية وسياسية وجغرافية تنعكس فيها، تظهر أنها قد ألفت في عصور لاحقة لعصر موسى، مما يثبت أن هذه الأسفار قد كتبت بأقلام اليهود التي تعكس أفكارهم ونظمهم المتعددة في مختلف أدوار تاريخهم الطويل، مثال ذلك:
ورد في التوراة في (سفر التكوين) (14/14) أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام تتبع أعداءه إلى (دان). وهي اسم مدينة لم تُسَمَّ بهذا الاسم إلا بعد موت يوشع بعد دخول بني إسرائيل فلسطين واستقرارهم بها، فقد ورد في (سفر القضاة) (18/29) (وسمّوا المدينة دان) باسم أبيهم الذي ولد لإسرائيل، وكان اسم المدينة قبل ذلك (لاييش) فكيف يذكر موسى - وهو يقص قصة إبراهيم- اسم مدينة لم تسمَّ بهذا الاسم إلا من بعده بزمن طويل جدًّا ؟!!
تلك بعض الملاحظات التي جعلت الفيلسوف اليهودي باروخ سبنوزا (ت1677م) يعلن صراحة قوله: (من هذه الملاحظات كلها يظهر واضحاً وضوح النهار أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة، بل كتبها شخص آخر عاش بعد موسى بقرون عديدة). اهـ
أضف إلى ذلك أيضاً اختلاف فرق اليهود في قبول ورفض بعض أسفار العهد القديم، فطائفة السامرة من اليهود لا تعترف إلا بالتوراة الخمسة الأسفار، وتنكر ما عداها من الأسفار، وتقبل منها سفري يوشع والقضاة باعتبارهما أسفارا تاريخية فقط. ويخالفها جمهور اليهود الذين يقبلون أسفار العهد القديم المذكورة. ويختلف مع اليهود أيضاً طائفة الكاثوليك من النصارى في قبول ورفض بعض أسفار العهد القديم.[/rtl][/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الموسوعة العقديه - التوراة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة العقديه - التوراة   الموسوعة العقديه - التوراة Emptyالخميس 06 نوفمبر 2014, 10:16 am


أولاً: الاختلاف في عدد الأسفار
[rtl]
مما هو معلوم أن بين يدي اليهود والنصارى ثلاث نسخ مشهورة من التوراة والعهد القديم. ومن هذه النسخ تتفرع سائر الترجمات تقريباً، وهي:
1- النسخة العبرية
وهي المقبولة والمعتبرة لدى اليهود وجمهور علماء البروتستانت النصارى، وهي مأخوذة من الماسورية وما ترجم عنها.
2- النسخة اليونانية
وهي المعتبرة لدى النصارى الكاثوليك والأرثوذكس، وهي التي تسمى السبعينية وما ترجم عنها.
3- النسخة السامرية
وهي المعتبرة والمقبولة لدى اليهود السامريين. 
وإذا عقدنا مقارنة بين النسخ الثلاث من ناحية عدد الأسفار نجد أن النسخة العبرية تسعة وثلاثون سفراً فقط.
أما النسخة اليونانية فهي ستة وأربعون سفراً، حيث تزيد سبعة أسفار عن النسخة العبرية، ويعتبرها النصارى الكاثوليك والأرثوذكس مقدسة.
أما النسخة السامريه فلا تضم إلا أسفار موسى الخمسة فقط، وقد يضمون إليها سفر يوشع فقط، وما عداه فلا يعترفون به ولا يعدونه مقدساً.
فهذا الاختلاف الهائل بين النسخ لكتاب واحد، والكل يزعم أنه موحى به من قبل الله عزَّ وجلَّ، ويدَّعي أن كتابه هو الكتاب الحق وما عداه باطل، مع عدم القدرة على تقديم الدليل القاطع على صحة ما يدعيه، فذلك دليل على التحريف من قبل المتقدمين، وأن المتأخرين استلموا ما وصل إليهم بدون نظر في ثبوته أو عدم ثبوته، أو أن المتأخرين وصلتهم كتب عديدة ومتنوعة، فأدخلوا ما رأوا أنه مناسب وذو دلالات مهمة، وحذفوا ما رأوا عدم تناسبه مع ما يعتقدون أو يرون، بدون أن يكون لهم دليل صحيح على إضافة ما أضافوا من الأسفار، أو حذف ما حذفوا منها.[/rtl]

أولاً: الاختلاف في عدد الأسفار
[rtl]

مما هو معلوم أن بين يدي اليهود والنصارى ثلاث نسخ مشهورة من التوراة والعهد القديم. ومن هذه النسخ تتفرع سائر الترجمات تقريباً، وهي:
1- النسخة العبرية
وهي المقبولة والمعتبرة لدى اليهود وجمهور علماء البروتستانت النصارى، وهي مأخوذة من الماسورية وما ترجم عنها.
2- النسخة اليونانية
وهي المعتبرة لدى النصارى الكاثوليك والأرثوذكس، وهي التي تسمى السبعينية وما ترجم عنها.
3- النسخة السامرية
وهي المعتبرة والمقبولة لدى اليهود السامريين. 
وإذا عقدنا مقارنة بين النسخ الثلاث من ناحية عدد الأسفار نجد أن النسخة العبرية تسعة وثلاثون سفراً فقط.
أما النسخة اليونانية فهي ستة وأربعون سفراً، حيث تزيد سبعة أسفار عن النسخة العبرية، ويعتبرها النصارى الكاثوليك والأرثوذكس مقدسة.
أما النسخة السامريه فلا تضم إلا أسفار موسى الخمسة فقط، وقد يضمون إليها سفر يوشع فقط، وما عداه فلا يعترفون به ولا يعدونه مقدساً.
فهذا الاختلاف الهائل بين النسخ لكتاب واحد، والكل يزعم أنه موحى به من قبل الله عزَّ وجلَّ، ويدَّعي أن كتابه هو الكتاب الحق وما عداه باطل، مع عدم القدرة على تقديم الدليل القاطع على صحة ما يدعيه، فذلك دليل على التحريف من قبل المتقدمين، وأن المتأخرين استلموا ما وصل إليهم بدون نظر في ثبوته أو عدم ثبوته، أو أن المتأخرين وصلتهم كتب عديدة ومتنوعة، فأدخلوا ما رأوا أنه مناسب وذو دلالات مهمة، وحذفوا ما رأوا عدم تناسبه مع ما يعتقدون أو يرون، بدون أن يكون لهم دليل صحيح على إضافة ما أضافوا من الأسفار، أو حذف ما حذفوا منها.

[/rtl]
ثالثاً: الاختلاف بالمقارنة مع ما ذكروه في مواضع أخرى من كتابهم
[size][rtl]

1- ذكروا في سفر التكوين أن سفينة نوح استقرت بعد الطوفان على جبال أراراط بعد سبعة أشهر وسبعة عشر يوماً، ثم ذكروا أن رؤوس الجبال بعد الطوفان لم تظهر إلا في أول الشهر العاشر.
وهذا نص كلامهم في (سفر التكوين) (8/4): (واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال أراراط، وكانت المياه تنقص نقصاً متوالياً إلى الشهر العاشر، وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال).
ففي هذا تناقض ظاهر، فكيف رست السفينة على الجبال بعد سبعة أشهر مع أن رؤوس الجبال لم تظهر إلا في أول الشهر العاشر؟!
2- ذكروا أن الله أمر نوحاً أن يحمل في الفلك من كل جنس اثنين، فقالوا في (سفر التكوين) (6/19): (ومن كل حي من كل ذي جسد اثنين من كلٍّ تدخل إلى الفلك؛ لاستبقائها معك، تكون ذكراً وأنثى من الطيور كأجناسها، ومن البهائم كأجناسها، ومن كل دبابات الأرض كأجناسها).
وبعده مباشرة ذكروا أن الله أمره أن يأخذ من كل جنس سبعة سبعة ذكراً وأنثى، ماعدا البهائم غير الطاهرة فيأخذ اثنين. ففي (سفر التكوين) (7/2) قالوا: (من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكراً وأنثى، ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكراً وأنثى، ومن طيور السماء أيضاً سبعة سبعة ذكراً وأنثى؛ لاستبقاء نسل على وجه كل الأرض).
3- ذكروا في (سفر الخروج) (24/9) أن موسى وهارون وشيوخ إسرائيل رأوا الله، فقالوا: (ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل. ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف، وكذات السماء في النقاوة، ولكنه لم يمد يده إلى أشراف إسرائيل، فرأوا الله وأكلوا وشربوا). هكذا زعموا في هذا الموضع وفي (سفر التثنية) (44/12) زعموا أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام ممتنًا عليه وعلى بني إسرائيل: (فكلَّمكم الرب من وسط النار وأنتم سامعون صوت كلام، ولكن لم تروا صورة بل صوتاً... فاحتفظوا جدًّا لأنفسكم، فإنكم لم تروا صورة ما...). فهذا فيه أنهم لم يروا الله عزَّ وجلَّ، وهذا الحق، فهم لم يروا الله عزَّ وجلَّ إلا أن فيه بيان تناقض كلامهم.
4- قالوا في (سفر الخروج) (33/11) في كلام الله لموسى: (ويكلم الرب موسى وجهاً لوجه، كما يكلم الرجل صاحبه).
ففي هذا يزعمون أن الكلام يتم مقابلة مما يوحي بأن موسى عليه السلام يرى وجه الله تعالى حين يكلمه.
وفي نص آخر بعد هذا يقولون: إن الله قال لموسى لما طلب أن يراه (سفر الخروج) (33/20) (لا تقدر أن ترى وجهي؛ لأن الإنسان لا يراني ويعيش). فهنا ذكروا أن الله تعالى نفى أن يستطيع موسى أو أي إنسان رؤية وجهه عزَّ وجلَّ. وفي هذا تناقض واضح مع ما قبله، ودليل على التحريف. والحق أن موسى عليه السلام لم يرَ الله عزَّ وجلَّ، كما ذكر ذلك ربنا جلَّ وعلا في القرآن الكريم حيث قال: وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف: 143].
5- أنهم ذكروا أن الله تعالى قال لإبراهيم عليه السلام كما في (سفر التكوين) (22/2): (خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق، واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال).
فلا شك أن هذا خطأ؛ لأن إسحاق عليه السلام لم يكن وحيد إبراهيم عليه السلام، بل الذي كان وحيده هو بكره إسماعيل عليه السلام، حيث نص اليهود في كتابهم على أن إسماعيل عليه السلام ولد قبل إسحاق عليه السلام، حيث ختن وعمره ثلاث عشرة سنة، ولم يكن إسحاق ولد بعد، وفي هذا قالوا في (سفر التكوين) (17/25): (وكان إسماعيل ابن ثلاث عشرة سنة حين ختن في لحم غرلته، في ذلك اليوم عينه ختن إبراهيم وإسماعيل ابنه). 
ثم ذكروا بعد ذلك بشارة الملائكة بإسحاق حين ضافوا إبراهيم عليه السلام، وهم في طريقهم إلى قوم لوط، والذي يبدو أن اليهود حسدوا أبا العرب إسماعيل عليه السلام على هذه المنقبة العظيمة فغيَّروا وحرَّفوا لأجل ذلك.

[/rtl][/size]

رابعاً: الزيادة والإضافات:
[size][rtl]

توجد في التوراة العديد من الجمل التي لا يمكن أن يصح نسبتها إلى موسى عليه السلام، ومن ذلك:
1- أن الكتاب من أوله إلى آخره مليء بقولهم: (وقال الرب لموسى), (وقال موسى للرب) (وحدَّث موسى الشعب). ونحو ذلك من العبارات التي تدل على الحكاية والرواية مما يقطع بأنها ليست من كلام موسى عليه السلام ولا من كلام الله عزَّ وجلَّ.
2- جاء في (سفر التكوين) (36/31): (وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبل ما مَلَك ملكٌ لبني اسرائيل)، فهذه العبارة لا يمكن أيضا أن تكون من كلام موسى عليه السلام؛ إذ إن ملوك بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام بزمن طويل.
3- جاء في (سفر التثنية) في آخره (34/5) حكاية وفاة موسى ودفنه فقالوا: (فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب حسب قول الرب ودفنه في الجواء في أرض مؤاب، مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم).
فهذا النص لا شك أنه أُدخل في الكتاب وليس منه؛ إذ ليس من المعقول أن يكتب موسى عليه السلام موته ودفنه، وأن إنساناً لا يعرف قبره إلى يوم كتابة ذلك الكلام.
وببعض ما ذكرنا يستدل اللبيب والعاقل على أن اليهود لم يحافظوا على كلام الله وكتبه، بل ضيَّعوها وحرَّفوها، وغيَّروا فيها وبدَّلوا، وأضافوا وحذفوا حسب أهوائهم وشهواتهم وأغراضهم.

[/rtl][/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الموسوعة العقديه - التوراة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة العقديه - التوراة   الموسوعة العقديه - التوراة Emptyالخميس 06 نوفمبر 2014, 10:17 am


1- صفات الله عزَّ وجلَّ في التوراة المحرفة
[rtl]
الله عز وجل له صفات الكمال المطلق التي لا تشوبها شائبة نقص، ولا شك أن موسى عليه السلام قد علَّم بني إسرائيل ذلك، كما أن التوراة المنزلة قد تضمنت ذلك، إلا أن بني إسرائيل قد كفروا وضلوا وانحرفوا عن دين الله عزَّ وجلَّ، فتكونت لديهم عقيدة منحرفة جعلتهم يقولون في الله قولاً عظيماً، ومن ذلك ما ذكره الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم من قوله عزَّ وجلَّ: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء [المائدة: 64]. وقال عزَّ وجلَّ: لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ [آل عمران: 181]. فهذا الكفر والوقاحة من اليهود أثر من آثار تحريفهم لكتابهم، حيث تضمن كتابهم المسمى التوراة، وكذلك الكتب الملحقة به كثيراً من الصفات التي لا يصح ولا يليق وصف الله عزَّ وجلَّ بها، وهي من أدل الأدلة على التحريف، فمن ذلك:
وصفهم الله عزَّ وجلَّ بالتعب
يزعم اليهود في كتابهم أن الله عز وجل تعب من خلق السموات والأرض، فاستراح في اليوم السابع، فقد ورد في (سفر التكوين) (2/2) ما نصه: (وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل). وفي (سفر الخروج) (31/17) قالوا: (لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح وتنفس). وقد ردَّ الله عزَّ وجلَّ عليهم وبيَّن بطلان قولهم هذا في قوله عزَّ وجلَّ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ [ق: 38].
وصفهم الله عزَّ وجلَّ بالجهل 
وصف اليهود الله عزَّ وجلَّ بالجهل في عدة مواطن من كتابهم، منها: قولهم في قصة آدم وحواء بعد أن أكلا من الشجرة كما في (سفر التكوين) (3/Cool: (وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت؛ لأني عريان فاختبأت. فقال: من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني فأكلت). فيتضح من كلامهم هذا أن الله عزَّ وجلَّ لم يعلم بآدم حين أكل من الشجرة، ولم يره حين أكل، بل لم يعلم بمكانه بعد أن اختبأ في الجنة. فهل يصحُّ أن يقول أحد: إن الله العليم بكل شيء، والذي لا يغيب عن سمعه وبصره شيء مهما خفي ودقَّ، يخفى عليه أمر آدم على هذه الحال التي ذكر اليهود؟ فلاشك أن ذلك من تحريفهم. ولو نظرنا في كلام الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم عن هذه الحادثة لوجدنا الفرق الشاسع بين التعبيرين ودلالتهما. ففي القرآن يقول الله عزَّ وجلَّ: وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 19-23] ففي هذا النص الكريم ما يتناسب مع كمال علم الله وكمال سمعه وبصره، وأنه محيط بكل شيء، فحالما أكل آدم وزوجته من الشجرة ناداهما ربهما قائلاً: أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ [الأعراف: 22] فلم يسأل آدم أين هو؟ ولا من أعلمه أنه عريان؟ وهل أكل من الشجرة؟ كما يزعم اليهود. كما أن جواب آدم في القرآن الكريم هو الجواب اللائق بالنبي الكريم، حيث اعتذر مباشرة بأنه معتدٍ في هذا الأكل، وسأل الله المغفرة والرحمة، وهذا هو اللائق بآدم العبد الصالح والنبي الكريم، لا ما ذكره اليهود من أنه ألقى باللائمة على زوجته، وحمَّلها وحدها المسئولية. 
ومن وصفهم الله عزَّ وجلَّ بالجهل أيضاً زعمهم أن الله عزَّ وجلَّ يجب أن توضع له علامة؛ ليستدل بها عليهم حيث قالوا: إن الله أمرهم قبل خروجهم من مصر أن يلطخوا أبوابهم: العتبة العليا والقائمتين بالدم، ويعللون ذلك بقولهم: (فان الربَّ يجتاز ليضرب المصريين فحين يرى الدم على العتبة العليا والقائمتين يعبر الرب عن الباب، ولا يدع المهلك يدخل بيوتكم ليضرب). (سفر الخروج) (12/23). وهذا باطل؛ فإن الله جلَّ وعلا عالم الغيب والشهادة يقول سبحانه عن نفسه: عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ[سبأ: 3].
وصفهم الله عز وجل بالندم
يزعم اليهود أن الله عز وجل ندم على فعله، فمن ذلك قولهم في (سفر الخروج) (32/14): "فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه". وقد كذَّبهم الله في ذلك فقال جلَّ وعلا: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] وقال: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا [الفرقان: 77] وهل يندم إلا الغرُّ الجاهل بالعواقب؟ والله عزَّ وجلَّ منزه عن ذلك. 
وقد ورد في كتابهم أيضا ما يبين بطلان هذا الوصف وأن الله جلَّ وعلا لا يوصف به. جاء في (سفر العدد) (23/19): "ليس الله إنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم".
وصفهم الله عزَّ وجلَّ وتعالى وتقدس بالبكاء وذرف الدموع 
وفي هذا يقولون في كتابهم أن الله قال لهم: (وإن لم تسمعوا- أي: كلامه وتطيعوه- فإن نفسي تبكي في أماكن مستترة من أجل الكبرياء، وتبكي عيني بكاءً وتذرف الدموع؛ لأنه قد سبي قطيع الرب). (سفر إرميا) (13/17). وأيضاً قالوا بعد ذلك مثله في (سفر إرميا) (14/17): إن الله قال لهم: "لتذرف عيناي دموعاً ليلاً ونهاراً ولا تكفا؛ لأن العذراء بنت شعبي سحقت سحقاً عظيماً بضربة موجعة جدًّا". فهذا كله لاشك أنه من افتراءات اليهود على الله عزَّ وجلَّ ووقاحتهم في كلامهم عن الله سبحانه. وهو دليل واضح على التحريف والتلاعب بكلام الله وكتب الأنبياء وفق أهوائهم، لا يراعون في ذلك لله وقاراً، ولا لكلامه تعظيماً وإكباراً، سوى ما يتفق مع أمزجتهم وأهوائهم، فعليهم من الله ما يستحقون.[/rtl]

2- وصف اليهود للأنبياء عليهم السلام في التوراة المحرفة
[rtl]

من يقرأ التوراة والكتب الملحقة بها يجد أن أنبياء الله والموكلين بهداية الناس وتعليمهم الهدى والخير لا يتمتعون بصفات الصالحين والأتقياء، بل يجد أن العهد القديم ينسب إليهم كثيراً من المخازي والقبائح التي يتنزه عنها كثير من الناس العاديين، فكيف يليق أن يُنسب شيء من ذلك إلى الأنبياء الذين قد اصطفاهم الله وخصَّهم بهذه المهمة العظيمة، وهي تبليغ دينه، والذين هم قدوة للصالحين، وأئمة في البرِّ والتُّقَى.
ومما لاشك فيه أن الأنبياء عليهم السلام أكمل الناس ديناً وورعاً وتقوى، وأن الله اصطفاهم ورعاهم، وكمَّلهم وحفظهم، وعصمهم من القبائح والرذائل، هذه حقيقتهم بلا مراء ولا تردد، وما أضافه اليهود إليهم مما لا يليق نسبته إليهم هو محض افتراء وكذب، ودليل واضح على تحريفهم لكتبهم لأغراض في نفوسهم، غير مراعين حرمة لمقام النبوة، ولا لما جبل الله عليه أولئك الأنبياء عليهم السلام من الكمال البشري في خلْقهم وخُلقهِم.
وإليك الأمثلة الدالة على تحريف اليهود لكتابهم بطعنهم في أنبياء الله عزَّ وجلَّ، ووصفهم بالصفات التي لا يجوز بحال نسبتها إليهم، فمن ذلك قولهم في:
نوح عليه السلام
زعم اليهود في كتابهم أن نوحاً عليه السلام، شرب الخمر وتعرَّى داخل خبائه، وفي هذا قالوا في (سفر التكوين) (9/20): (وابتدأ نوح يكون فلاحاً، وغرس كرماً وشرب من الخمر وتعرَّى داخل خبائه). هكذا وصفوا نبي الله نوحاً عليه السلام، وهو أول أنبياء الله إلى المشركين، والذي دعا قومه إلى دين الله ألف سنة إلا خمسين عاماً، كما ذكر الله عزَّ وجلَّ حيث قال: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ [العنكبوت: 14]وامتنَّ الله على بني إسرائيل أنهم ذرية ذلك العبد الصالح نوح عليه السلام، فقال جلَّ وعلا: وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [الإسراء:2-3] فامتنَّ الله على بني إسرائيل بنسبتهم إلى ذلك العبد الصالح، واليهود يصفونه بتلك النقيصة، وما ذلك منهم إلَّا خدمة لأهوائهم وأغراضهم التي تتضح من بقية كلامهم في القصة نفسها، حيث يقولون بعد الكلام السابق في (سفر التكوين) (9/22): (فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجاً، فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء فلم يبصرا عورة أبيهما، فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال: ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته). فيتضح من هذا النص أن مقصد اليهود منه لعن الكنعانيين الذين كانوا أعداءً لبني إسرائيل، كما أن فيه خطأً ظاهراً من ناحية أن حام هو الذي أبصر عورة أبيه حسب النص السابق، فلماذا يلعن ابنه كنعان، مع أن لحام أبناءً آخرين غير كنعان، فإن اليهود قالوا في (سفر التكوين) (10/6): (وبنو حام كوش ومصرايم ونوط وكنعان). فلماذا خص كنعان من بين إخوته؟ ما ذلك إلا لهدف خاص في نفوسهم، وهو لعن الكنعانيين أعدائهم، ولو كان بالافتراء على الله عزَّ وجلَّ وعلى نبيه نوح عليه السلام.
لوط عليه السلام
ومن الأنبياء الذين افترى عليهم اليهود لوط عليه السلام، فقد افتروا عليه فرية عظمى، ورموه بشنيعة كبرى يترفع عنها أعظم الناس فساداً، حيث زعم اليهود أن لوطاً عليه السلام قد زنى بابنتيه الكبرى والصغرى بعد أن أنجاه الله من القرية التي كانت تعمل الخبائث، وأن البنتين أنجبتا من ذلك الزنى، وهذا محض افتراء وبهتان لنبي كريم ولبناته وأهل بيته الصالحين، وقد ذكر الله عز وجل لنا صلاح لوط عليه السلام وأهل بيته وطهارتهم على لسان أعدائه، فقال جلَّ وعلا: فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ [النمل: 56] ولو بحثنا عن سبب افتراء اليهود لهذه الفرية في كتابهم لوجدنا أنهم إنما قصدوا الطعن في أعدائهم المؤابيين والعمونيين من خلال هذه الفرية؛ لأنهم زعموا أن البنت الكبرى حملت من ذلك الزنى فأنجبت مؤاب، وهو أبو المؤابيين، وأن الصغرى حملت أيضاً من ذلك الزنى وأنجبت بني عمي، وهو أبو بني عمون، فلهذا السبب والهوى كذب اليهود على نبي الله ووصموه بهذه الفعلة الشنيعة، وفي ذلك أوضح دليل على التحريف.
يعقوب عليه السلام 
زعموا أن يعقوب عليه السلام احتال لأخذ النبوة والبركة من أبيه إسحاق عليه السلام لنفسه، فذكروا أن إسحاق عليه السلام لما كبر وكف بصره دعا ابنه عيسو، وهو الأكبر، وحسب التقليد لديهم فإن البركة تكون للأكبر، وطلب منه أن يصطاد له جدياً ويطبخه حتى يباركه، فذهب عيسو للصيد كما أمره أبوه، إلا أن أمهما كانت تحب يعقوب- وهو الأصغر- أكثر من أخيه عيسو، وأرادت أن تكون البركة له، فدعته وأمرته أن يحضر جدياً فيطبخه، وأن يلبس ملابس أخيه، ويضع فوق يديه جلد جدي حتى يبدو جسمه بشعر مثل جسم أخيه عيسو، فيظن إسحاق عليه السلام أنه هو فيباركه، ففعل يعقوب عليه السلام ذلك ثم دخل على أبيه، ففي ذلك قالوا: (فدخل إلى أبيه وقال: يا أبي. فقال: ها أنذا، من أنت؟ فقال يعقوب لأبيه: أنا عيسو بكرك قد فعلت كما كلمتني، قم اجلس وكلْ من صيدي؛ لكي تباركني نفسك. فقال إسحاق لابنه: ما هذا الذي أسرعت لتجد يا بني؟ فقال: إن الرب إلهك قد يسر لي. فقال إسحاق ليعقوب: تقدم لأجسك يا ابني أأنت هو ابني عيسو أم لا؟ فتقدم يعقوب إلى إسحاق أبيه فجسه، وقال: الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو. ولم يعرفه؛ لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه، فباركه وقال: هل أنت هو ابني عيسو؟ فقال: أنا هو. فقال: قدِّم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي. فقدم له فأكل وأحضر له خمراً فشرب، فقال له إسحاق أبوه: تقدَّم وقبِّلني يا ابني. فتقدم وقبله، فشم رائحة ثيابه وباركه، وقال: انظر رائحة ابني كرائحة حقل، قد باركه الرب، فليعطك الله من ندى السماء، ومن دسم الأرض، وكثرة حنطة وخمر، ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل، كن سيداً لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك، ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين) (سفر التكوين)(27/18-29). وفاز يعقوب بالبركة بهذه الحيلة، وبعد أن جاء أخوه عيسو لم يكن أمامه إلا الصراخ والعويل لفوات البركة. وبهذا الكلام يصمون أباهم يعقوب عليه السلام بالكذب مراراً، وانتحال شخصية أخيه كيداً، وأخذ ما ليس له فيه حق احتيالاً، كما يصمون أباهم إسحاق عليه السلام بالجهل الشديد إلى حد التغفيل والغباء حيث لم يستطع أن يميز بين ولديه، وهو أمر مستبعد جدًّا أن يقع لأقل الناس إدراكاً وأشدهم تغفيلاً، فضلاً عن نبي الله إسحاق عليه السلام.
وهذا كله مما لا يليق وصف الأنبياء عليهم السلام به، كما أن النبوة ليست بيد إسحاق ولا بيد غيره من الأنبياء، بل هي محض تفضل من الله عز وجل. قال تعالى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ. [الزخرف:32] وقال تعالى: وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام: 124].
ويتجلى في هذه القصة طرفاً من مكر اليهود وكيدهم، فإذا نظرنا إلى قصة إسماعيل وإسحاق عليهما السلام نجد أنهم أغفلوا مسألة البكورية في استحقاق البركة، والتي يقصدون بها النبوة، وجعلوا البركة لإسحاق دون إسماعيل عليه السلام؛ لأن إسماعيل عندهم ابن جارية، ولما صار الأمر متعلقاً بعيسو ويعقوب، وعيسو هو الأكبر حسب كلامهم اخترعوا هذه القصة، حتى يبينوا أن يعقوب قد أخذ البركة دون أخيه عيسو. 
وأيضاً تلك البركة التي يزعمون أنها للأكبر لا نراها بَعْدُ في نبي آخر من أنبيائهم، حتى أن يعقوب عليه السلام لما بارك أبناءه عند موته جعل البركة العظمى ليوسف عليه السلام، وهو أصغر أبناء يعقوب، ما عدا شقيقه بنيامين فقد كان أصغر منه، وهكذا أيضاً بارك يعقوب أفرايم ومنسي ابني يوسف عليه السلام، فقد كان منسي هو البكر، فجعل يعقوب عليه السلام البركة الأهم لأفرايم- وهو الصغير- حيث وضع عليه يده اليمنى، فهذه قصة مخترعة مفتراة على نبي الله إسحاق ويعقوب عليهما السلام، لاشك في ذلك.

هارون عليه السلام
زعموا أن هارون عليه السلام هو الذي صنع لهم العجل ودعاهم إلى عبادته فقالوا في (سفر الخروج) (32/1): (ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون، وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا... فقال لهم هارون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها.... فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً، فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل). فهل يعقل أن نبيًّا أرسله الله لدعوة قومه إلى عبادة الله وحده يصنع لقومه عجلاً، ويدعوهم إلى عبادته؟! حاشا أنبياء الله من ذلك. وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ في القرآن أن الذي صنع لهم العجل هو السامري، فقال عزَّ وجلَّ: قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ [طه: 85]. أما هارون عليه السلام فقد قام بواجبه من ناحية نهيهم عن عبادة العجل، قال جلَّ وعلا: وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي [طه: 90].
داود عليه السلام
زعموا أنه زنى بامرأة أحد جنوده، وحبلت من ذلك الزنى، ثم إنه تسبب في مقتل زوجها حيث أمر أن يُجعل في مقدمة الجيش حتى يعرِّضه للقتل، ثم بعد مقتل زوجها تزوَّجها ومات ذلك المولود الأول، ثم حبلت مرة أخرى، فأنجبت النبي سليمان عليه السلام.
سليمان عليه السلام
زعموا أن سليمان عليه السلام تزوَّج بنساء مشركات يعبدن الأصنام، ثم هو عبد الأصنام معهن وبنى للأصنام أيضاً معابد لعبادتها.
ذلك كله محض افتراء وكذب، وهو من افتراءات اليهود على أنبياء الله تعالى وكذبهم عليهم، وأن هذا من أظهر أدلة تحريف الكتب الإلهية، والعبث فيها وفق أهوائهم ورغباتهم. 
ولسائل أن يسأل لماذا طعن اليهود في أنبيائهم, وقد كان لأنبيائهم الدور الأكبر والفضل العظيم عليهم بعد فضل الله فيما نالوا من خير الدنيا وعزِّها في سابق حياتهم ؟
إن هذا لسؤال محير!! إلا أنَّا إذا تصورنا أن هذه الكتب قد طالتها يد التحريف، ولا نعرف على التحقيق من الذي تولَّى تحريفها، ولا الزمان الذي حرِّفت فيه، إلا أننا نقطع حسب ما أوردوا في كتبهم أن بني إسرائيل انحرفوا عن دينهم انحرافات خطيرة وكثيرة، بل تركوا دينهم وعبدوا الأصنام والأوثان خاصة فيما قبل السبي، ولا نشك أن جزءاً كبيراً من التحريف كان في تلك الفترات، وهي التي لا يتورع أصحابها عن الافتراء على الله عزَّ وجلَّ وعلى أنبيائه عليهم السلام فتمَّت في ذلك الزمان التحريفات الكثيرة، أو كتابة كتب كاملة ونسبتها إلى نبي من الأنبياء، ثم إن المتأخرين منهم لم يكن لديهم الجرأة على تمحيص تلك النصوص، أو أنهم أيضاً اختلَّت موازينهم بسبب ذلك التحريف.
ولكن السؤال لازال قائماً: لماذا حرَّف أولئك اليهود كلام الله، وطعنوا في أنبيائهم وأصحاب الفضل عليهم بهذه المطاعن؟
الذي يبدو لي أن أولئك المحرفين أرادوا أن يبرروا ما هم فيه من فساد وانحراف وفسق، فألصقوا أنواعاً من التُّهم بأنبيائهم حتى لو احتجَّ عليهم محتجٌّ بأمر من الأمور المتعلقة بانحرافهم احتجوا له بأن النبي الفلاني فعل كذا وفعل كذا، كذباً وزوراً.
وأيضاً ليخدموا غرضاً في نفوسهم، كما سبق أن قلنا عن طعنهم في نبي الله نوح ولوط عليهما السلام.
وهذا كله يكفي في التعبير عنه قول الله عز وجل: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُون [البقرة: 79].

[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الموسوعة العقديه - التوراة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة :: المكتبة الاسلاميه-
انتقل الى: