الغاز الفلسطيني!
<< الأثنين، 10 نوفمبر/تشرين الثاني، 2014
حلمي الأسمر
سرقت إسرائيل الأرض والأحلام، وحاولت إبادة شعب فلسطين، بالمعنى الحقيقي والمجازي، لكنه بقي حيا يناجزها وحده تقريبا، مسنودا بالأدعية والصلاة من لدن ملايين المسلمين، الذين لم يستجب لهم ربنا، ولم تشبع شهية إسرائيل حتى الآن، ولن تشبع، فاستمرت في نهبها لفلسطين، وثرواتها، واخطر هذه الثروات، بعد الماء والأرض والمقدسات، هو الغاز الفلسطيني، الذي يشكل ثروة هائلة ستمد إسرائيل بسنوات طويلة من الحياة والرفاه!
حسب المعطيات المتوفرة، تمكنت إسرائيل، خلال السنوات الماضية، من السطو على حقول للغاز الطبيعي قبالة سواحل البحر المتوسط، وهي: تمار 1 وتمار 2 غرب حيفا، ولقياثيان 1 ولقياثيان 2 غرب يافا، وسارة وميرا غرب نتانيا، وماري قرب غزة، وشمن قرب أسدود، وكاريش غرب حيفا، وهي حقول مملوكة للفلسطينيين، حسب خبراء نفط وقانون دوليين.
ويعمل الاحتلال على استخراج الغاز من ثلاثة حقول، بينما تم استنزاف الاحتياطي في حقلين آخرين، ويحتفظ بباقي الحقول مغلقة لاستخدامها في المستقبل، وفق تقارير إسرائيلية صادرة منتصف العام الجاري.
ويقدّر وزير المالية في حكومة الاحتلال، يائير لابيد، إيرادات الغاز الطبيعي الصافية، والذي ستنتجه الشركات الحاصلة على امتياز التنقيب والاستخراج، خلال السنوات العشرين القادمة، بنحو 220 مليار شيكل (60 مليار دولار) وهي ثروة هائلة، كفيلة بمد إسرائيل بنسغ الحياة لسنوات طويلة، إيرادات الغاز التي تدخل للخزينة الإسرائيلية شهرياً، ساهمت في تقليل نسب التباطؤ الاقتصادي خلال العامين الأخيرين، وجنبتها مخاطر الركود، بل إن حقول الغاز المكتشفة حتى الآن، والتي هي في الأصل فلسطينية، جعلت من الاحتلال الإسرائيلي أحد مصدري الغاز الرئيسيين في المنطقة، بل والعالم، حسب آراء الخبراء، وهو يملك احتياطياً يكفيه 40 عاماً قادمة، ما يعني أنه سيشكل لنفسه أهمية استراتيجية لعدد من الدول العربية، ودول ساحل البحر المتوسط في آسيا وأفريقيا وأوروبا!
الكارثة ليست هنا فحسب، بل بالاتفاقيات التجارية الموقعة بين الاحتلال وكل من السلطة الفلسطينية والأردن ومصر لاستيراد الغاز الفلسطيني، لأنها ستجعل من الاحتلال دولة ذات أهمية استراتيجية لاقتصادات دول ما كان يسمى «الطوق» باستثناء لبنان وسورية، وهو ما يعني أن المواطن العربي في هذه المناطق سيدفع من جيبه لتمويل آلة القتل والاغتصاب الصهيونية!
السلطة «الوطنية» الفلسطينية وعبر رئيس سلطة الطاقة الوزير، عمر كتانة، اعلنت مطلع العام الجاري عن توقيع اتفاقية في مدينة القدس، لاستيراد 4.75 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي «الفلسطيني» إلى الأراضي الفلسطينية، لمدة 20 عاماً، وبقيمة تتجاوز 1.2 مليار دولار، علما بأن الاحتلال بدأ، منذ نهاية العام الماضي، تنفيذ خطة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الغاز الطبيعي، بدلاً من الفحم، والذي سيوفر أمولاً طائلة لحكومة نتنياهو، وسيخفض من أسعار الطاقة بنسبة 10%، منذ مطلع العام القادم، بحسب صحيفة هآرتس الأسبوع الماضي!
ليس هذا فحسب، فالاحتلال الإسرائيلي يستولي أيضا على النفط الفلسطيني، ولو كان بكميات قليلة، والمكتشف قرب بلدة رنتيس وسط الضفة الغربية، والذي يستخرج منه يومياً حوالي 800 برميل!