أبو عبد الله بن زكريا بن محمد بن محمود القزوينى , ولد في قزوين عام 605 وتوفى عام 682 هجرياً , ينتهي نسبه إلى الامام انس بن مالك عالم المدينة
رحل في شبابه إلى دمشق ثم ذهب إلى العراق واستقر بها وتولى القضاء وكان ذلك في خلافة المستعصم العباسي واستمر في منصبه حتى سقطت بغداد في يد المغول، الف الكثير من الكتب في مجالات الجغرافيا والتاريخ الطبيعي وله نظريات في علم الرصد الجوي، كما شغف بالنبات والحيوان والطبيعة والفلك والجيولوجيا.
وهو قاضي ومؤرخ وجغرافي وفلكي من مشاهير أعلام العلوم الطبيعية المسلمين وأعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم الرصد الجوي وهو ابن عم الإمام ابو حاتم محمد بن الحسن القزويني.
مدرسته
كان كثير التأمل في خلق الله، موصياٌ بذلك مسترشدًا بالقرآن الذي حثنا على النظر في مصنوعات وبدائع خلقه وليس التحديق والنظر فقط بل التفكير في حكمتها وتصاريفها، ليزداد الإنسان يقيناً، ويقر بإن التأمل أساسهُ خبرة بالعلوم والرياضيات بعد تهذيب الاخلاق والنفس، لتنفتح البصيرة ويري الإنسان العجائب التي لا يستطيع تفسيرها.
- عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
يتناول هذا الكتاب وصف السماء وما فيها من كواكب وأبراج وحركاتها وما ينتج عن ذلك من فصول السنة، وتكلم عن الأرض وتضاريسها, الهواء وما فيه من رياح وأنواعها, والماء والبحار، والجزر ،وأحيائها وتكلم عن النبات والحيوان التي تسكن اليابس ورتبهم أبجدياً. و يلاحظ القارئ البراعة في العرض، ودقة الملاحظة، والأستنتاج السليم، والكتاب به أربع مقدمات، ثم قسمه إلى مقالات كل مقالة بها عدة فصول. وخالف القزوينى من تقدمه من علماء العرب في عدم ذكر الأشعار التي تصف النبات أو الحيوان بكثرة فكانت دراساته علمية بحتة وليست أدبية.
2. آثار البلاد وأخبارالعباد. و هو كتاب في التـاريخ به ثلاث مقدمات
و به أخبار الأمم الماضية وتراجم الأولياء والعلماء والسلاطين والادباء وغيرهم.
3. خطط مصر. ( ولايزال مخطوطًا)
4. الإرشاد في أخبار قزوين.
إنجازاته
قسم القزويني الكون إلي علوي وسفلي وقد عني بالعلوي ما فوق سطح الأرض إلي السماء ثم إلي الكون.
قدم أبحاثا وأفكارا – لم تعرف بعد – عن كوكب الزهرة والمريخ والمشتري وعطارد وزحل.
بحث في كسوف الشمس وخسوف القمر والخسوف الكلي والجزئي.
ربط بين حركتي المد والجزر.
ربط بين زيادة القمر ونقصانه
ربط بين الكثير من الظواهر والخصائص عن الإنسان والحيوان والأسماك والأشجار والفواكه، وغيرها.
كما تحدث عن الحركة اليومية للأزهار والأوراق، وعن الكواكب الثوابت.
تحدث عن كوكبات الدب الأكبر والأصغر.
قدم أوصافا للرعد والبرق والهالة وقوس قزح والبحار والمحيطات والأنهار والآبار والزلازل.
قدم أوصاف لمئات من أنواع النباتات والحيوان والمعادن، وخاصة ما يتخذ منها عقاقير تستعمل في الطب.
نظرات في إسهاماته
من كتاب عجائب المخلوقاتكان القزويني شغوفا بالفلك والطبيعة والنبات والحيوان والمعادن وغير ذلك مما حواه كتاب عجائب المخلوقات : أوصي القزويني بالنظر في عجائب صنائع الله نظرا دقيقا هادفا وليس مجرد النظر بالعينين قائلا : (وليس المراد بالنظر تقليب الحدقة نحوها فإن البهائم تشارك الإنسان فيه، ومن لم ير من السماء إلا زرقتها، ومن الأرض إلا غبرتها، فهو مشارك للبهائم في ذلك وأدني حالا منها وأشد غفلة كما قال تعالي – في القرآن – لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين.. إلي أن قال أولئك كالأنعام بل هم أضل).
ثم يزيد توضيحا ببيان وجهة نظره من النظر والاستدلال قائلا : (والمراد من النظر التفكير في المعقولات، والنظر في المحسوسات والبحث عن حكمتها وتصاريفها، لتظهر له حقائقها، فإنها سبب اللذات الدنيوية والسعادات الأخروية، وكلما أمعن النظر فيها، ازداد من الله هداية ويقينا، ونورا وتحقيقا، والفكر في المعقولات لا يأتي إلا لمن له خبرة بالعلوم والرياضيات، بعد تحسين الأخلاق وتهذيب النفس، فعند ذلك تنفتح له عين البصيرة، ويري في كل شيء من العجب، ما يعجز عن إدراك ذلك).
ثم يتحدث عن نفسه وما أفاده النظر قائلا : (لقد حصل لي من السمع والبصر والفكر والنظر، حكم عجيبة، وخواص غريبة أحببت أن أقيدها لتثبت، وكرهت الذهول عنها مخافة أن تفلت).
وإنه ليوصي للقارئ بأنه إذا أراد أن يكون علي ثقة مما في كتابه فليشمر للتجربة (وإياك أن تفتر أو تعتل، إذا لم تصب في مرة أو مرتين، فإن ذلك قد يكون لفقد شروط أو حدوث مانع، فإذا رأيت مغناطيسا لا يجذب الحديد فلا تنكر خاصيته واصرف عنايتك إلي البحث عن أحواله حتى يتضح لك أمره.
ثم يدلل بصور من الكون المحيط لبيان فائدة النظر فيقول : (ولننظر إلي الكواكب وكثرتها، واختلاف ألوانها، فإن بعضها يميل إلي الحمرة وبعضه يميل إلي البياض، وبعضها إلي لون الرصاص، ثم إلي سير الشمس في فلكها لمدة سنة، وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار ومعرفة الأوقات، وتمييز وقت المعاش عن وقت الاستراحة، ثم إلي جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس، لينوب عنها في الليل ثم امتلائه وانمحاقه، ثم إلي كسوف الشمس وخسوف القمر، ثم إلي ما بين السماء والأرض من الشهب والغيوم والرعود والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب، ولنتأمل السحاب الكثيف كيف اجتمع في جو صاف لا كدورة فيه، وكيف حمل الماء وكيف تتلاعب به الرياح وتسوقه وترسله قطرات متفاصلة، لا تدرك منها قطرة قطرة ليصيب وجه الأرض، إذ لو صب صبا لفسد الزرع، ثم إلي اختلاف الرياح فإن منها ما يسوق السحب، ومنها ما يعصرها، ومنها ما يقتلع الأشجار، ومنها ما يروي الزرع والثمار ومنها ما يجففها).
وفي حديثه عن المعادن والجبال يقول : (ولننظر إلي أنواع المعادن المودعة تحت الجبال، منها ما ينطبع كالذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص، ومنها ما لا ينطبع كالفيروز، والياقوت، والزبرجد، وكيفية استخراجها وتنقيتها، واتخاذ الحلي والآلات والأدوات منها، ثم إلي معادن الأرض كالنفط والكبريت، وأنواع النبات وأصناف الفواكه ثم لننظر إلي أصناف الحيوان، وانقسامها إلي ما يطير، و– ما – يقوم، و– ما – يمشي، وانقسام الماشي إلي ما يمشي علي بطنها وما يمشي علي رجليه وما يمشي علي أربع، وإلي أشكالها وأنواعها وتجميع غذائها، وادخارها القوت لوقت الشتاء، وحذقها في هندستها، وكيف صنعت هذه المسدسات المتساوية الأضلاع التي عجز عن مثلها المهندس الحاذق مع الفرجار والمسطرة).
وعموما يتميز كتابه هذا بالدقة في الأسلوب، وبراعة في جمع المعلومات تدل علي بعد نظر.
المصادر
- (تاريخ العلم ودور العرب في تقدمه) د / عبد الحليم منتصر، دار المعارف بالقاهرة، ص 135 - 137.
الأعلام للزركلي ج 3 ص 46 وكشف الظنون 1 : 9 والخطط التوفيقية 10 : 83.
كتاب المعرفة: شخصيات عربية.
عجائب المخلوقات للقزوينى د. عبد الحليم منتصر