ولاية عمرو بن العاص الثانية
عاد عمرو بن العاص لولاية مصر سنة 34 هج بعد أن تولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة، و أعطاه معاوية ولاية مصر مكافأة له علي وقوفه بجانبه في قتاله ضد علي بن أبي طالب.
و أصبح لعمرو بن العاص ولاية مطلقة في مصر، و سمح له معاوية أن يبقي علي خراج مصر بعد المصروفات و لا يرسل منه شيئاً إلي دمشق.
و في عام 40 هج، اتفق ثلاثة من الخوارج علي قتل علي بن أبي طالب و عمرو بن العاص و معاوية بن أبي سفيان. فنجح عبد الرحمن بن ملجم في قتل علي بن أبي طالب و هو خارج إلي مسجد الكوفة لصلاة الفجر.
أما يزيد الذي قصد عمرو بن العاص ليقتله، فقد قتل خارجة بن حذافة ظناً منه انه عمرو ، لأن عمرو بن العاص اصابته وعكة فلم يخرج في تلك الليلة. فنجا عمرو من الموت، كما نجا معاوية بن أبي سفيان.
مكث عمرو بن العاص في ولايته الثانية لمصر حوالي 4 سنوات و توفي سنة 43 هج / 663 م.
و قيل أنه عندما شارف علي الموت جعل يذكر تحالفه مع معاوية بن أبي سفيان ضد علي بن أبي طالب و يبكي. فقال له ابنه عبد الله: أتبكي جزعاً من الموت ؟ فقال : لا و الله و لكن مما بعده.
و جعل ابنه يذكره بصحبته رسول الله صلي الله عليه و سلم و فتوحه الشام، فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك: شهادة أن لا إله إلا الله، إني كنت علي ثلاثة أطباق ليس منها طبقة إلا عرفت نفسي فيها: كنت أول شئ كافراً و كنت أشد الناس علي رسول الله صلي الله عليه و سلم، فلو مت حينئذ لوجبت لي النار، فلما بايعت رسول الله صلي الله عليه و سلم، كنت أشد الناس منه حياءً ما ملأت عيني منه، فلو مت حينئذ لقال الناس : هنيئاً لعمرو، أسلم علي خير و مات علي خير أحواله، ثم تلبست بعد ذلك بأشياء فلا أدري أعليٌ أم لي. فإذا مت فلا يُبكي عليٌ و لا تُتبعوني ناراً، و شدوا عليٌ إزاري فإني مخاصَم، فإذا أوليتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جذور و تقطيعها استأنس بكم حتي أعلم ما اراجع به رسل ربي. “
توفي داهية العرب عمرو بن العاص في شوال من عام 43 هج في مصر ، و لا يعرف حتي الآن أين دُفن.
أما الضريح الموجود في الجهة الشرقية من مسجده، فإن المدفون فيه هو ابنه عبد الله بن عمرو وفقاً لبعض أقوال المؤرخين.