[rtl]البلاء العظيم وعقدة الأردنيين[/rtl] حسن الشوبكي
[rtl]12/12/2014 10:52:00 PM[/rtl] في منتصف العقد العاشر لعمر دولته، يقف الأردني حائرا أمام تراكمات مشاكله وأزماته، وعلى رأسها عقدة غياب إمدادات الطاقة، والتي سماها رئيس الوزراء
د. عبدالله النسور، ذات مرة، "البلاء العظيم". وقد اجتهد رؤساء وزراء سابقون في تسمية إشكالية الطاقة، لكنهم جميعا لم يفعلوا شيئا لإحداث فرق، وانتهينا إلى جلسة مجلس النواب، يوم الثلاثاء الماضي، لمناقشة استيراد الغاز من إسرائيل، وما انطوت عليه من سياق تبريري بدا واضحا في كلمات وزير الطاقة تحت قبة البرلمان.
لا يكفي أن يصف رئيس الوزراء الأمر بالبلاء، وليس مقنعا أن يسرد وزير الطاقة كل المعلومات التي قدمها. فقد ملّ الأردنيون البكائيات المتكررة على مديونية شركة الكهرباء الوطنية التي اقتربت من 6.5 مليار دولار. كما أن الحديث عن "الجهود" الحكومية لإيجاد البدائل بعد تفجير خط الغاز العربي عشرات المرات في السنوات الثلاث الماضية، ليس إلا ذرا للرماد في العيون. ولست مقتنعا أن الحكومات فاوضت بشكل جدي طلبا للغاز القبرصي أو القطري أو الجزائري. ومن يسعى لتأمين إمدادات الطاقة من دول عربية أو أجنبية، يجب أن يمتلك استراتيجية بهذا الشأن، وهو ما لم نلمسه في سنوات خلت.
تقول الحكومة إن المصريين والفلسطينيين سبقونا إلى الغاز الإسرائيلي. وتتلعثم الحروف في زاوية أخرى وتذهب الحكومة إلى القول إن العلاقة مع تحالف "نوبل إنيرجي"، وهو تحالف أميركي، بينما تتناسى أن الحقول المسروقة من حقوق الشعب الفلسطيني، والموجودة في شرق البحر الأبيض المتوسط، تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وأن "نوبل إنيرجي" ليست إلا واجهة أميركية، فيما الحصة الأكبر للشركات الإسرائيلية داخلها، وتفوق 61 %. أما الصفقة المرتقبة بين الحكومة و"نوبل إنيرجي"، فتشير إلى 15 مليار دولار لمدة 15 عاما، بدءا من العام 2017، لكن الفجيعة، وفقا للائتلاف الشعبي لمواجهة صفقة الغاز الإسرائيلي، أن ما مقداره 8.4 مليار دولار من أموالنا ستتجه إلى خزينة الاحتلال، على نحو مباشر وغير مباشر.
لن أتحدث عن عدم استخراج الثروة من صحارى الجنوب المهمش، وعلى رأسها الصخر الزيتي واحتياطاته العالمية في ارضنا عبرعقود مريرة؛ ولن أعرج على الحقيقة الغائبة في حقل الريشة شرقا، والانسحاب غير المفهوم لشركة "بريتش بتروليوم"؛ وليس لديّ إجابة عن أسئلة المصلحة الاقتصادية والسياسية، وحتى الأمنية، مع دول عربية نفطية "ندافع عن مصالحها واستقرارها" لكن العلاقة معها لم تتجاوز أقل القليل من دون إحداث فرق في "البلاء العظيم"!
علينا أن نتعلم من دروس السياسة. فبعد عقدين على علاقة رسمية مع أطول احتلال في التاريخ المعاصر، لم نحصد إلا الخيبات، وليس من الحصافة أن نرتمي اليوم في أحضانه، وأن نجبر كل بيت أردني على التطبيع القسري مع هذا الاحتلال، بمبررات اقتصادية ليست مقنعة، وتنطوي على إدانة لكل الحكومات التي تصدرت المشهد من دون أن تفعل شيئا.
(الغد)