غض بصر.. إنجليزي ومظاهرات
في سهرة سمر مع ثلة من الفتيات من العالم العربي والاسلامي بعد وجبة من المحاضرات العلمية الدسمة، سألنني عن قصة زواجي ولقائي بالشهيد طارق أيوب رحمه الله فشرحت القصة ببساطة واختصار وهي: كنت أشارك في مظاهرة احتجاجا على طرد النائب التركية المحجبة مروة قاوقجي من البرلمان حينها بسبب حجابها وقمت بعمل لقاء باللغة الانجليزية مع الصحافة الاجنبية التي كان المرحوم طارق يعمل مع إحداها وأعجبه ما أخبرني به بعد ذلك من أني أتحدث بطلاقة وثقة ولا أنظر في وجوه الرجال!
فقفزت إحدى الفتيات وقالت «خلص عرفنا معادلة الزواج الناجح والعريس اللقطة: غض بصر، انجليزي ومظاهرات» كانت الملاحظات مضحكة جدا في وقتها حتى ان الفتيات ظللن يرددنها كلما رأينني، غير انها كانت ثاقبة وواعية فهي تجمع مؤهلات الدين والعلم والعمل للفتاة، ومن يعجب ويبحث عن مثل هذا الصفات من الشباب لهو حري أن يفتح له المجال من أوسع أبوابه.
غير أن هذه تكاد تكون مثاليات في هذه الايام وبالذات في الاوساط الملتزمة التي لا تكاد خياراتها تختلف عن خيارات عامة الناس التي تبحث عن الجمال أولا، وليس أي جمال، فالأم تريد لابنها السيدة سارة في جمالها وطبعا مع هذا الاخلاق والدين والعائلة وكل الزيادات والاضافات ووو... ولكن الجمال والجمال أولا عندما يكون الخيار بيد الأم وهي التي تعاين وتقرر ثم يأتي دور العريس ليختم بالقبول او الرفض، مع أن دوره اساسي لا فرعي وسابق لا لاحق، فالرسول صل الله عليه وسلم قال للخاطب «اذهب فانظر اليها» اذهب انت وليست أمك ولا الوفد النسائي ولا الجاهة؛ لذا أجد ما تذهب اليه بعض العائلات الان من طلب وجود الخاطب في اللقاء الاول مستحبا لتجنيب الجميع كثرة الاخذ والرد والخيبات اذا كان الامر منتهيا من أوله وليساهم الشاب والفتاة بأخذ القرار من اول خطوة انهاء او استمرارا دون وساطات ولا وسطاء فقد يعجب الشاب في الفتاة عقلها ومنطقها فتغلب أحكام أمه في طولها وعرضها وبياضها وسمارها.
ولا يعني هذا إهمال رأي الاهل والعائلة بالطبع ولكن بشرط ان تكون هذه العائلة واعية وتتماثل مع فكر وتربية الشاب الخاطب، اما اذا كان الشاب ملتزما وعائلته بالكاد تقيم الفروض او العكس فلا يمكن ان يوكل الامر اليهم في اختيار نصف الدين وكل الحياة المستقبلية.
ما أراه من كثير من الفتيات يبشر بخير ووعي وتحمل للمسؤولية ولكن ما أسمعه من طلبات الشباب انفسهم او عن طريق امهاتهم، على الاغلب، يصيب بخيبة أمل ثقيلة!
البنات يبحثن عن أخلاق يوسف لا شكله وكثير من الشباب يبحثون عن الشكل اولا ثم يرقعونه بالمضمون!
يقولون الجمال في عين الرائي والعين قد تكون حسية بصرية ولكن أعظمها وأكملها ما كان عين البصيرة التي ترى الجمال في عقل يشاركه الفكرة، وقلب يشاركه الهم، وصبر على الحلوة والمرة، ومشروع تتوحد فيه الجهود، وعون على الخير وإعمار لبيت الجنة.
اختر زوجتك بعين بصيرتك ليوم يخف فيه بصرك فإن الذكي الالمعي من تاجر بالباقي وترك ما يتغير ويتبدل، فكل امرأة مسلمة صالحة لها يوم تطلع بإصبعها لتضيء ما بين السماء والأرض في وقت تكون الجميلات بمعايير الدنيا والعين القاصرة من أكثر أهل النار.
ولكننا لا نراهن على الاخرة فقط، ففي الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الاخرة، فاحرص على من تصحب فيها، فمحمد اختار خديجة في الدنيا فكان بيته وإياها في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
فاختاروا نساء الدنيا بمعايير نساء الجنة هذا هو الجمال.. كل الجمال.
(السبيل)